تنقيح المقال

الشيخ محمّد رضا المامقاني

تنقيح المقال

المؤلف:

الشيخ محمّد رضا المامقاني


الموضوع : رجال الحديث
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-543-4
الصفحات: ٣٩٢

ثالثاً :

بعض خصائص هذه الموسوعة

لا يمكن درج ما لهذا الكتاب من مزايا جمّة ، ومميّزات مهمّة ، مع دقّة وتحقيق .. كما لا يسعنا إحصاء فوائده ، وجمع خصائصه .. فهو فضلاً عمّا له من إتقان في ما نقله وضبط لما ذكره .. فقد سعى لاستقصاء ما وسعه من رجال الحديث والرواة من الصحابة والتابعين وأصحاب الأئمة الميامين صلوات الله عليهم أجمعين .. وغيرهم ، ونقل عين عبارات أصحاب الجرح والتعديل ، ثم ذكر ما له وعليه من نظر وتحقيق ، وحذف ما تداوله الرجاليون من رموز وإشارات ـ التي كانت متداولة زمن ابن داود صاحب الرجال ومن تابعه ـ حيث أبطلها بعد أن أثبت ما فيها من مفاسد ، وحقّق ما وسعه وبما لا مزيد عليه في الرجال في توضيح ما ينفع في مقام الجرح والتعديل على أن يكون واضحاً في حكمه بمثل (حاله عندي مجهول) أو (لم يتبين لي حاله) أو (لم أستثبت حاله) .. وأمثال ذلك. ولذا فإنّ مصطلحه قدّس سرّه في كون الرجل مجهولاً هو أنّه مجهول عنده ، لا أنّه مجهول باصطلاح الرجاليين ، أو أنّه قد حكم الرجاليون بجهالته .. وقد

٢٢١

صرّح بذلك في أوّل كتابه ، ومع هذا فقد نقده بعضهم وحمل عليه آخرون في ذلك .. وكأ نّه جاهل بمصطلح الجهالة عند الرجاليين!! .. وسنرجع للحديث عن هذا ..

أقول : نجمل بعض ما لهذا الكتاب من مميّزاته مما هو في ذكرنا فعلاً ، فنقول :

أوّلاً : جمع أكبر عدد ممكن من الرواة ومن جاء اسمه في الأسانيد ، ونقل كل ما قيل فيه كل ذلك من أمّهات المصادر ، ومحاولة ذكر الأدلّة على كلا الوجهين قدحاً أو مدحاً ، واختيار الحق في المقام بعد ذكر وجوه الترجيح والطرح.

ثانياً : بدأ الكتاب بثلاثين فائدة مهمّة جدّاً ، وختم الكتاب بفوائد عشرة تعدّ أصول مباني الرجال وقواعده.

ثالثاً : ترتيب التراجم على حروف الألف باء ، مع محاولة استقصاء جميع الرواة حتّى بعض من لم ترد في حقّه ترجمة مستقلّة.

رابعاً : حكمه في كل ترجمة بعد درجه لكل الأقوال والأدلّة ومناقشته لها.

خامساً : توضيح بعض المصطلحات ، وبيان معاني بعض المفردات ، والتعليق على بعض المفردات ، بل الدقة في تعيين الكلمات.

سادساً : محاولة ضبط كل اسم ورد فيه وأسماء الآباء والأجداد والألقاب ، ونقل الأقوال المختلفة في ذلك الباب ، واختيار ما يراه حقّاً مع ذكر مصادر

٢٢٢

الضبط واختلافاتهم فيه.

وهو القائل رحمه الله ـ كما سلف منّا في المقدّمة ـ : .. إنّي عند تحرير الكتاب كنت ملتزماً بضبط كلّ ما يحتاج إلى الضبط ، ثم الإشارة إلى مواضع الضبط فيما سبق ضبطه ، لكنّي في إعادة النظر وإلحاق أسماء أُخر رأيت أنّ الإشارة إلى مواضع الضبط ـ لكثرتها ـ توجب ملأ الأوراق وكبر حجم الكتاب ، فتركت الإشارة إلى مواضع الضبط ، وأبدلت ذلك بوضع الفائدة الأخيرة من فوائد الخاتمة في الإشارة إلى محالّ ضبط الأسماء والألقاب والكنى الواقعة في الكتاب على ترتيب حروف الهجاء ليسهل ذلك لمن رام العثور على الضبط (١).

سابعاً : الدقّة في تعيين المصدر الناقل ، وما نقله منه وعنه ، عدا ما تعرّض له من اختلاف النسخ والطبعات .. نظير ما جاء في ترجمة محمّد بن علي بن بلال(٢) حيث قال : أقول : ما أبعد ما بينه وبين ما في غيبة الشيخ رحمه الله من قوله ..

وكتب عليه في الحاشية : هذا إلى آخره منقول من حاشية الوسيط المؤلّفة! [كذا] لا من نفس كتاب الغيبة ..!

__________________

(١) سنرجع للحديث عن هذا الموضوع فيما سنصدره ـ بإذن الله ـ من معجم لكل الألفاظ التي قام بضبطها رحمه الله ، مع الإشارة إلى محلّها وما هناك من الاختلافات الواردة فيها.

(٢) تنقيح المقال ٣/١٥٣ [الطبعة الحجرية].

٢٢٣

ثامناً : درج ما حكم به المصنّف رحمه الله مجملاً على كل من ترجمه ، وذلك ضمن ما وضعه من فهرست لكل الأسماء تحت عنوان (نتائج التنقيح) التي أدرجها في أوّل الكتاب.

تاسعاً : ما أشار له في أوّل كتابه من أنه حاول فيه إغناء هذه الموسوعة عن جملة وافرة من كتب الخاصة ومهم الكتب الرجالية من العامّة ـ فيما يرتبط برجال الشيعة ـ بنقل كلماتهم بدقّة ، وذكر اختلاف النسخ فيها من سقط وغيره ..

ويشهد على اعتماده طاب ثراه على أكثر من نسخة ، وعدم اكتفائه بالمطبوع أو بنسخه الخطّية ، قوله في ترجمة إسماعيل أبي أحمد الكاتب الكوفي (١) : .. وإبدال (أحمد) في النسخة المطبوعة من المنهج بـ : حامد غلط ; فإنّ الموجود في نسختين خطّيتين مصححتين منه ـ كسائر الكتب ـ على ما سطرنا ، وكذا ما في جميع نسخ المنهج ..

ومثله في ترجمة أحمد بن عبدالله بن أحمد الرفّاء (٢) .. وغيرهما.

وقال في ترجمة عبدالله بن ميمون الأسود القدّاح(٣) : كأنّ نسخة الكشي

__________________

(١) تنقيح المقال ١/١٢٧ [الطبعة الحجرية ، وفي المحقّقة ٩/٣٧٣ ـ ٣٧٤ برقم (٢١٧٦)].

(٢) تنقيح المقال ١/٦٥ [الطبعة الحجرية ، وفي المحقّقة ٦/٢٤٧ برقم (١٠٩٤)].

(٣) تنقيح المقال ٢/٢٢٠ من الطبعة الحجرية ، تحت عنوان (تذييل).

٢٢٤

التي كانت عند ابن طاوس كانت خالية ... وأنت خبير بأنّ نسختين معتبرتين من الكشي عندنا ، ونسخ عديدة عند جمع من المصنّفين قد تضمّنت وصف .. إلى آخره.

وقال في ترجمة محمّد بن سلامة العابضي الهمداني (١) : .. وقد اختلفت النسخ في لقبه ; ففي نسختين مصحّحتين معتمدتين من منهج الميرزا ـ نقلاً عن رجال الشيخ ـ : القاضي الهمداني .. وفي نسختين لا تخلوان عن اعتبار من رجال الشيخ .. وفي نسخة معتمدة من المنهج نقلاً عن رجال الشيخ رحمه الله .. وفي بعض النسخ : القابضي ، ويحتمل .. إلى آخره.

وقال ذيل ترجمة يحيى بن عبّاس الورّاق (٢) : وأقول : عندي نسخ متعددة من رجال ابن داود خالية عمّا عزاه الميرزا إليه.

وذكر في ترجمة إسماعيل أبو أحمد الكاتب الكوفي(٣) : .. فإن الموجود في نسختين مصحّحتين منه] أي من منهج المقال[كسائر الكتب على ما سطرنا ، وكذا ما في جميع نسخ المنهج ..

__________________

(١) تنقيح المقال ٣/١٢١[الطبعة الحجرية].

(٢) تنقيح المقال ٣/٣١٧ ـ ٣١٨ [الطبعة الحجرية].

(٣) تنقيح المقال ١/١٢٧ من الطبعة الحجرية [وفي الطبعة المحقّقة ٩/٣٧٣ ـ ٣٧٤ برقم (٢١٧٦)].

٢٢٥

وقال في ترجمة مصقلة بن هبيرة (١) : .. في إحدى النسختين المطبوعتين من منتهى المقال (ترحمة الله) وهو غلط قطعاً .. وفي النسخة الأُخرى المطبوعة (ترحة الله) .. وفي نسخة ثالثة خطية غير مطبوعة (نزحه الله) .. ثم قال : فالصواب إحدى هاتين النسختين دون المتضمّنة للترحّم.

وقال في ترجمة يزيد بن حمّاد الأنباري (٢) : .. ولكنّ الذي نقلوه وإن كان موجوداً في رجال الشيخ رحمه الله إلاّ أن الموجود في نسخة اُخرى هكذا : يعقوب بن يزيد الكاتب يزيد بن نقبان ، وقد كتب يزيد ـ الذي قبل ابن نقبان ـ بالحمرة من غير عاطف ، فيكونان اسمين لا ربط لأحدهما بالآخر ، وفي ثالثة مكتوب على ظهرها أنّها مقابلة مع نسخة مصحّحة على نسخة بخطّ الشيخ محمّد بن إدريس مكتوبة على نسخة بخطّ المصنّف رحمه الله هكذا .. إلى آخره.

 .. إلى غير ذلك ممّا يعسر عدّه وحصره ، وقد ذكرنا جملة منها في أوّل الكتاب عند عدّ المصنّف طاب ثراه لمصادر موسوعته وما اعتمده من كل مصدر منها من نسخ عديدة ، وما كان عنده وأخذه من غيره ، فراجع.

__________________

(١) تنقيح المقال ٣/٢١٩ [الطبعة الحجرية].

(٢) تنقيح المقال ٣/٣٢٥ [الطبعة الحجرية].

٢٢٦

عاشراً (١) : إنّه باشر مقابلته بنفسه عند الطبع مرّتين بل ثلاثاً .. حيث صرّح طاب رمسه ـ قبل ذلك ـ به ، ونبّه عليه في ديباجته وهذا يُعدّ غاية المجهود من مثله ، هذا عدا ما مارسه قبل الطبع من نقل وتأكّد ..

وهو القائل طاب ثراه (٢) : فلا يخفى أنّه حيث كانت غاية همّنا وهمّتنا صحّة هذه النسخة الشريفة .. ولذا التزمنا بمقابلتها قراءةً مرّتين ، وملاحظة مرّة ثالثة قبل الطبع حتى لا يحتاج إلى صفحة (الصحيح والغلط) ، وكان التقدير غالباً على التدبير .. أدّت كثرة الطلعات(٣) في نسخة الأصل وغفلتنا في الأوائل عن علاج ذلك إلى وقوع إسقاط وأغلاط ، وسقوط حواش منّا ـ سيما في الكراريس الثلاث الأوائل ـ حيث طبعناها قبل إعادة النظر فيها ، فلمّا أعدنا النظر فيها وقع فيها التغيير ، فالتجأنا إلى وضع صفحة لتمييز الصحيح من الغلط وبيان الساقط من القلم ، ولسهولة الأمر نوصل صفحة التمييز الراجعة إلى الكراريس الأوّلية إليها ، ونلحق البقية بآخر الكتاب ، ونذكر في خاتمة خاتمة الكتاب ما استدركته بعد طبع الكتاب من المطالب إن شاء الله تعالى .. ثم أدرج جداول الخطأ والصواب.

__________________

(١) كما صرّح بذلك في ديباجة تنقيح المقال ١/٢[الطبعة الحجرية] تحت رقم (الخامس) ، وقد سلف.

(٢) تنقيح المقال ١/٢١٩ ـ ٢٢٤ (من الطبعة الحجرية) قاله بعد الفوائد الرجالية ، وقد حذف من طبعة اُوفست! وقد سلف أن أدرجناه في المقدّمة.

(٣) كذا ، ويراد منها الحواشي والتعليقات ، وهو مصطلح عامي متعارف عند أهل العلم.

٢٢٧

ولنختم ذلك بما نص به هو رحمه الله كما سلف منّا في المقدّمة ـ إذ قال (١) ـ : إني ـ اهتماماً بشأن الكتاب ـ باشرت مقابلته عند الطبع مرّتين بل ثلاثاً بنفسي ; حذراً من وقوع غلط فيه ; فإنّ كل كتاب ـ سيّما كتب الحديث والرجال ـ إذا ازدادت فيها كلمة أو حرف أو نقصت أو تحرّفت أفسد الأمر ، ولكن في ثلاث كراريس الأُول آخرها صفحة (٤٨) من فصل الأسماء وقعت أغلاط نشأ بعضها من طبعها قبل إعادة النظر وبعضها من عدم المبالغة ، و[سوف] أطبع أغلاطها في ورقة بين المقدّمة والفصل الأوّل ليسهل تناولها ، وأضع في آخر الكتاب صفحة الصحيح والغلط من صفحة (٤٩) .. إلى آخر الكتاب.

__________________

(١) تنقيح المقال ١/٢ [من الطبعة الحجرية].

٢٢٨

رابعاً :

بعض الملاحظات التي أوردوها على الكتاب

مع ما ولع به شيخنا المترجم منذ ريعان شبابه في التأليف والتصنيف ـ وكان ابن بجدتها ، وفارس حلبتها ـ وهو الذي قد كتب كتباً ورسائل في مختلف العلوم الدينية ـ وقد أجاد وأبدع في غالبها ـ ممّا يظهر منها جامعيته وإحاطته بأطراف العلوم ، وبراعته وسعة إطلاعه .. ومع أنّه طاب رمسه لم يفارق القلم والقرطاس طوال حياته حتى نقل(١) أنّه سافر إلى الحج واستصحب معه في سفره هذا مقداراً وافراً من كتب المصادر لئلاّ ينقطع اشتغاله عن التأليف والتصنيف ..

بل صرّح هو رحمه الله خلال بعض التراجم بأ نّه يكتب الآن في سفر كربلاء مثلاً ولم يستصحب الكتاب الفلاني ، وقد سلفت منّا نماذج لذلك .. فكان من نوادر الطائفة في كثرة التأليف ، وسعة التصنيف في شتّى العلوم ..

ولعلّ العجلة في التأليف ، وقلّة المصادر ، أو عدم وفور بعضها ، وتشتّت الحال ـ كما صرّح بذلك ـ مع سعة دائرة المواضيع التي طرحت من قبله

__________________

(١) كما جاء في كتاب المسلسلات ٢/٣٥٧.

٢٢٩

طاب ثراه ، ومداومته للفحص والتصنيف وطرقها أوقعه في هفوات طفيفة لا ينجو منها إلاّ من عصمه الله ، مع العلم بأنّ هذا التأليف خاصّة له حالة خاصّة لم يأخذ منه إلاّ ثمانية عشر شهراً فقط! ولم يسعه أن يشرف على طبعه كلّه ، كما يظهر من حواشيه الأخيرة عليه بختمها بلفظة (قدّس سرّه) ، وتصريح الشيخ الطهراني وغيره بذلك ..

نعم ; قد تدارك القليل منه جدّاً بما جاء في آخر الجزء الثالث من المطبوع بعنوان : خاتمة الخاتمة عبّر عنها بقوله : فيما استدركته بعد طبع الكتاب من أسماء لم يمض ذكرها ، أو مضى وفات في ترجمتها ما عثرت عليه بعد الطبع .. ووضعها في مقامين :

الأوّل : في المطالب المستدركة الراجعة إلى الضبط.

والثاني : في الأسماء التي فاتته في هذا الكتاب.

وقد وصل بها إلى حرف (الزاي) وكأ نّها قصاقيص جمعها طابع الكتاب جزاه الله خيراً.

كما نجده طاب رمسه قد استدرك في تراجمه اللاحقة كثيراً ممّا فاته في التراجم السابقة ، نظير قوله طاب رمسه في ترجمة أبي بصير يحيى بن

أبي القاسم الأسدي (١) : .. ونحن إنّما ذكرنا الرواية في ترجمة عبدالله بن محمّد الأسدي تبعاً للكشي ، ولكنّا بعد حين التفتنا إلى كون الخبر أجنبياً عن ذلك

__________________

(١) تنقيح المقال ٣/٣١١ [الطبعة الحجرية].

٢٣٠

راجعاً إلى يحيى بن أبي القاسم الأسدي ; المكنّى بـ : أبي بصير ، أمّا أوّلاً .. ثمّ ذكر استدلاله على ذلك.

ومثله بعينه في الترجمة المزبورة حيث قال : وهذه الرواية ـ أيضاً ـ أوردناها في ترجمة ليث البختري غفلة عن انحصار المكفوف في المكنّين بـ : أبي بصير في يحيى بن أبي القاسم الأسدي ، فلمّا عثرنا على تصريحهم بالانحصار المذكور ظهر لنا كون الخبر أجنبياً عن ذلك .. إلى آخره.

أقول : مع كل هذا وغيره فلا محيص من أن يقع من كان في مثله وظروفه في بعض الأخطاء والزلاّت والكبوات ـ وهو الجواد ـ والتي لا يخلو منها مصنِّف ولا مصنَّف ، ولم يعصم منها إلاّ المعصوم عليه السلام ، مع أنّا لم نجد ما هو مهمّ منها لسفر كبير مثل موسوعتنا ، ولعلّ أهمّ ما أوجب هذا الاستعجال إحساسه قدّس سرّه ـ كما حدّثني غير واحد من الأرحام عنه أو عن خواصّه ، وألمح به هو طاب ثراه ـ بدنوّ أجله ، وقرب لقائه ببارئه ، وأنّ هذا آخر تأليفه .. ولذا عاجل بتصحيح ما كتبه قبل أن يبادره الأجل ، وبادر بطبع ما قد أمكن ترتيبه وإعطاؤه للطبع سريعاً ..

فهو قدّس سرّه قد شرع في التنقيح في أواخر شهر صفر من سنة ١٣٤٨ هـ وأ نّه فرغ منه في السابع من شهر رجب (١) سنة ١٣٤٩ هـ ، وأعاد النظر فيه من ذلك اليوم إلى آواخر جمادى الأولى سنة ١٣٥٠هـ ، وبعد ذلك أخذ بإعادة النظر في الفهرست والمراجعات الجامعة للمستدركات ـ على حدّ تعبيره

__________________

(١) أو شهر ذي القعدة مردّداً بين يوم (١٥) و(١٦) و(١٩) ، فراجع.

٢٣١

هو رحمه الله ـ وعليه فقد كمل كتابةً ومسودةً في (١٨) شهراً ، وأتمّ مراجعته وتصحيحه وطبعه في أقلّ من سنتين ، وخرج تمام المجلّدين من الطبع في حياته (١) وقسم من المجلّد الثالث ، والباقي بعد وفاته التي وافته في ١٦ شوّال من سنة ١٣٥١ ، وكان قد أكمل طباعة الجزء الأوّل منه وجزء من الثاني ، ويلحظ كون حواشيه تختم بلفظة منه (قدّس سرّه) بدلاً من منه (دام ظلّه) ، وتمّ طباعته سنة ١٣٥٢ .. كما أسلفنا.

وكان آخر ما رشح من قلمه وأفاضه من بحره قدّس سرّه ما جاء في ذيل خاتمة الخاتمة من تنقيح المقال (٢) ممّا استدركه على الكتاب من قوله :

هذا ; قد ضايقنا الطبع وانحراف المزاج جدّاً من إتمام المستدرك ، فختمنا الكلام هنا حامداً مصلّياً مسلّماً .. إلى آخره وقد نقلنا نصّه.

وعليه ; فمن الطبيعي في موسوعة مثل هذه أن تكون فيها اشتباهات أو ملاحظات .. إذ إنّ سفراً بمثل هذه السعة والإحاطة ، وكون كتابته وطباعته بمثل هذه السرعة مع عدم وفاء عمره الشريف لإكماله طباعةً أو تصحيحاً ، وشروعه باستدراكه ونقده خلال طبع مجلّده الأوّل .. وغير ذلك ، فلا غرابة أن يكون مثل هذا ، بل العجب كيف جاء بهذه الكيفية ، إذ هو أمر غير طبيعي جدّاً.

وقد بادر بعض معاصريه ـ سامحهم الله ، لأغراض لا تخفى ـ إلى التحامل

__________________

(١) ظهر لي فيما بعد ان ما طبع منه هو اوائل الجزء الثاني ، وخلاله وفي حرف العين بالذات إلتحق بباريه ووفد على ربّه ، لما وجدته في هامش الحجريّة من التعاليق المختومة بـ (قدّس سرّه) ، وسبق أن أشرنا لذلك.

(٢) تنقيح المقال ٢ / ١٢٤ [الحجرية] بعد فصل الكني والألقاب والنساء .. وقد سلف.

٢٣٢

عليه ، ثمّ لحق به بعض معاصرينا بتصحيح الكتاب وما خاله خطأ ، وتحقيق ما حسبه زللاً ، وسمّاه أوّلاً بـ : (تعليقات تنقيح المقال) نقداً عليه ، كما قاله شيخنا الطهراني في الذريعة ، ثم عرف اليوم بـ : قاموس الرجال للشيخ التستري (١) ، وكانت هذه طوال سنوات مورد استدراك وتكميل .. إلى أن في سنة ١٣٧٩ هـ شرع بطباعته في طهران ، وخرج خلال عدّة سنوات في أربعة عشر مجلّداً ، ثم جدّد طبعه منقّحاً ومزيداً في قم.

فها نجد شيخنا الطهراني طاب ثراه في موسوعته الرائعة ـ بعد أن بالغ في مدح الكتاب والتعريف به ـ ثم قال (٢) :

 .. ولكن استعجاله بهذا النحو في هذا التأليف المنيف الذي يحتاج إلى تكرار المراجعات والبحث والفحص في الكتب والمكتبات ، وإلى إكثار المذاكرات مع مشايخ الفنّ خلال السنوات ، ثم إسراعه في طبع ما رتّبه وأ لّفه عاجلاً مخافة فوت الوقت .. وغير ذلك من الأمور ، كل ذلك قد سبّب له وقوع جملة من زلاّت القلم في مواضع كثيرة تحتاج إلى التنقيح لدفع ما يتوجه إليه فيها من الاعتراض والنقد.

ثم قال : وقد جمع الشيخ محمّد تقي بن الشيخ محمّد كاظم حفيد

__________________

(١) وهو الشيخ محمّد تقي بن الشيخ محمّد كاظم بن الشيخ محمّد علي حفيد الشيخ جعفر الشوشتري فقيه متتّبع ، ولد سنة ١٣٢١هـ في النجف الأشرف ، كما قاله في نقباء البشر ، وقيل : سنة ١٣٢٠ هـ ، وتوفّي في بلدته شوشتر يوم الجمعة ١٩ ذي الحجة الحرام ١٤١٥ هـ.

(٢) الذريعة ٤/٤٦٦ ـ ٤٦٧ برقم ٢٠٧٠.

٢٣٣

العلاّمة الشيخ جعفر التستري جملة من الانتقادات عليه في مجلّد كبير سمّاه : تعليقات تنقيح المقال.

وقد سمعت أنّ بعض كُتّاب مصر بدأ يتهجّم على الطائفة بأ نّها تؤ لّف كتاباً بواسطة جمع من علمائها وتنسبه إلى واحد منهم كي تتفاخر بما عندها ..! ولأجل ذلك شكّلت لجنة من أعلامهم لدراسة الكتاب وما فيه ، وعندما وجدوا بعض الهفوات البسيطة التي لا يغفل عنها غالباً ما لو تعدّد المؤلف أدركوا أنّه عمل شخص واحد ، وحمل قام به رجل ينوء عن حمله الكثيرون ..

وعلى كل حال ; ليس غرضنا محاكمة العلمين ـ ونحن أقلّ من ذلك ـ ولا مؤاخذتهما على خروجهما عن حدود النقاش وإسلوب النقد أحياناً ـ سامحهم الله ـ ولا تتبّع موارد سقطاتهم واشتباهاتهم الواضحة .. وأ نّى لنا ذلك .. إلاّ أنّ العجب العجاب أنّ مع كون الأوّل قد تغافل عن التنقيح ونظر إليه نظر استحقار ، والثاني عدّ نفسه مستدركاً ومنقّحاً للمتن ، إلاّ أنّا نجدهما رحمهما الله قد وقعا في موارد كثيرة جدّاً ممّا أورداه عليه ، وبإشكالات غالبها ليست بواردة عليه ، وجلّها ترجع إمّا إلى وجود نسخ عند الجدّ قدّس سرّه من المتون الرجالية الأصلية تغاير ما هو مطبوع منها اليوم ، وهذا ما تحقّقنا منه في موارد عديدة بل كثيرة .. أو اعتمادهما على كتاب لم يكن عند الجدّ قدّس سرّه ، أو عدم تأمّل في كلام الجدّ ، أو غفلة عن مبناه توجيهاً لما بناه فهي إشكالات مبنائية لا بنائية .. أو غير ذلك.

والمؤلم جدّاً أنّ الأخير ـ غفر الله له ـ مع ما له من مقام علمي واجتماعي ، وسعة اطّلاع وتتبّع .. لا نجده بعفيف القلم ، ولا نزيه المنطق ، كأ نّه لم يتأدّب بأدب العلماء ، ولا تخلّق بسيرة الصلحاء .. فيلقي القول على عواهنه ، ويقذف

٢٣٤

بالكلمة مهما كانت مشينة .. ولم يقتصر في كلامه ـ مع الأسف ـ على الشيخ الجدّ خاصّة ; بل ها هو يتهجّم على العلاّمة الذي لا علم له! والوحيد الذي لا فقه له! و ..

وقد تنبّه البعض لذلك (١) ، وصارحني الكثير من الأعلام وطالبني بالتعرّض له طاب رمسه ، فرفضت ذا ، كما تركت الرد على السيد الأمين رحمهما الله ، خوفاً من الاتهام بالتعصب أو الخروج عن جادة الأدب ، أو ..

ومع هذا تجده في خلال كلمات البعض مسطوراً ، نذكر مثلاً ما نصّ عليه السيّد القاضي الطباطبائي(٢) بقوله ـ ما ترجمته ـ : نسب صاحب قاموس الرجال الخبط لصاحب تنقيح المقال هنا في نقله الواقعة .. إلاّ أنّه لم يلتفت إلى دقّة كلامه وضبطه .. ثم ناقش القاموس مفصّلاً.

وقال في آخر ما قال : .. حيث كان بناء صاحب قاموس الرجال ومبناه هو مؤاخذة صاحب تنقيح المقال ونقده ، والإشكال عليه! وتتبّع سقطاته وزلاّته! .. لذا تراه لا يلتفت إلى ما يقع فيه من الأخطاء الجسيمة والخبط .. ولذا تجد موارد عديدة جدّاً ممّا أورده على صاحب التنقيح لا ترد عليه ولا .. إلى آخره.

__________________

(١) كما قاله السيّد الشبيري ـ دام ظلّه ـ في أكثر من كتاب ، منها في : جرعه اي از دريا ١ / ١٠٠ ـ ١٠٩ ، وكذا مثله فيه ٢ / ٧١٣ بقوله : انه في نقده حاد جداً .. وغيره في غير كثير.

(٢) تحقيق درباره روز أربعين سيد الشهدا عليه السلام : ١٧٦ ـ ١٧٧ (فارسي).

٢٣٥

ثم قال : إنّه يمكن هنا نسبة التحريف العمدي لصاحب القاموس ; حيث كان في مقام تحقيق جزئيّات الخبر ، ودراسة سنده ومتنه! ..

إلى أن قال : وعليه ; فليس من الإنصاف نسبة التحريف للمرحوم المامقاني طاب ثراه مع أنّه لم يمهله الأجل كي يقوم بتصحيح ذلك الكتاب الكبير الرائع .. ثم زاد : ولا شكّ أنّ ناسخ التنقيح قد وقع في اشتباهات هو يتحمّلها دون مؤ لّف الكتاب.

ثم قال : ولو دقّقنا في قاموس الرجال ونقدناه وحقّقناه وتتبّعناه من أوّله إلى آخره لحصلنا على اشتباهات وسقطات كثيرة جدّاً ، ولزمنا تأليف مستقل مثل القاموس عليه! (١)

وقال ـ أيضاً (٢) ـ ما حاصل ترجمته ; بعد أن أورد كلام صاحب قاموس الرجال (٣) ونقده ، وما اتّهم به العلاّمة المامقاني طاب ثراه من نسبة التحريف!

__________________

(١) ثم اقترح رحمه الله ـ بعد ذلك ـ لزوم تحقيق كتاب تنقيح المقال ورفع نواقصه والإشارة إلى غالب ما أورده صاحب قاموس الرجال من إشكالات غير وجيهة عليه ، وما تحامل به على المصنّف قدّس سرّه ـ وغيره ـ بألفاظ بذيئة وكلمات مرّة ، من دون أن يراعي الإنصاف والأدب ، أو يسلك جادّة الصواب .. وعند ذلك يكون كتاباً رجالياً جامعاً لا نظير له .. إلى آخره.

وهذا ما بادر له شيخنا الوالد دام ظلّه ، ووفّقني ربّي سبحانه إلى مساعدته ; تنظيماً واستدراكاً ، وتخريجاً وتصحيحاً ، وطبعاً وإخراجاً .. وصدر منه في حياته إلى المجلد السابع والعشرين.

(٢) تحقيق درباره روز أربعين سيد الشهداء عليه السلام : ٤٣٣ ـ ٤٣٥ (فارسي).

(٣) لاحظ : قاموس الرجال ٤/٣٥٣.

٢٣٦

قال : .. إلاّ أنّ صاحب قاموس الرجال لم يحتمل أقلاً أنّ نسخة رجال الكشي رحمه الله الموجودة عند المرحوم المامقاني كانت مغلوطة لا أنّه رحمه الله حرّف السند متعمّداً! ..

ثم أورد عليه أنّه لو كان مثل ذلك يعدّ تحريفاً ، فقد وقع صاحب القاموس نفسه في نفس المورد بالتحريف ، مع ما في كلامه من حدس وتخمين وإيراد وجوه استحسانية بدون دليل.

وعلى كل ; كان بودّنا الحديث عن السيّد والشيخ رحمهما الله ونقودهما مجملاً ، إلاّ أنّا تركنا ذلك خوفاً من خروجنا عن جادّة الصواب والأدب ، وأن تأخذنا محبّة الآباء وعصبية الأجداد .. ونقع فيما وقعوا فيه لاسمح الله ... فرحمة الله عليهم ورضوانه ، وأسكنهم الله فسيح جنّاته مع مواليهم الطاهرين عليهم صلوات ربّ العالمين.

وكنت قد كتبت رسالة مفصّلة تعرّضت لجزئيّات ذلك عدلت عن نشرها حسبة لله سبحانه وطلباً لمرضاة أوليائه عليهم السلام .. وحفظاً لقدسية أعلامنا وعلمائنا ـ وإن كان قد أصرّ عليّ أكثر من واحد من الأعلام ممّن شاهد الرسالة أو سمع بها وإعجب بها للمبادرة لنشرها (١) و .. إذ الحقّ أحقّ أن يتّبع .. إلاّ أنّي من منطلق : (إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ..) (٢) ، واعتماداً على إنصاف المحقّقين ، وحفظاً لمقام العلماء الأعلام تركتها وأهملتها ..

__________________

(١) قد أخذها مني بعض الأفاضل ممّا كنت قد جمعته عن سيّد الأعيان من ملاحظات ونقاط ومناقشات بنحو رؤوس أقلام ، حيث كان يريد الكتابة عنه ولا اعلم فعلاً مصيرها ومالها ..

(٢) سورة الحج (٢٢) : ٣٨.

٢٣٧

وسنشير إلى المهمّ ممّا اُوخذ على الكتاب ممّا ليس فيه نفحة تعصّب أو فيه نوع منطق .. وإلاّ فلا ننكر ـ كما أقررنا مراراً ـ ما في الكتاب من زلاّت وغفلات لا يخلو منها مصنّف بلغ ما بلغ .. وشهد الله ما وجدته في من نقده أكثر ممّا أخذه عليه ..!! مع تغاير ظروفهما وإمكانيّتهما ..

فمنها : ما حكاه شيخنا المعظّم آغا بزرك الطهراني رحمه الله في ذريعته (١)حيث قال : وممّا انتقده عليه جمع من المعاصرين إكثاره في تراجم الرجال من قوله (مجهول) لا سيما في فهرس تنقيح المقال الذي طبع مستقلاًّ ، وسمّاه : نتيجة التنقيح (٢) ; فإنّ الناظر فيه لا يرى إلاّ المجاهيل ، مع أنّ المحقّق الداماد رحمه الله في رواشحه (٣) أثبت أنّه لا يجوز إطلاق المجهول الاصطلاحي إلاّ على من حكم بجهالته أئمة علماء الرجال.

ثم قال(٤) : والذي يذبّ عنه هذا الاعتراض هو أنّه لم يكن جاهلاً بكلام المحقّق الداماد ، ولذا صرّح(٥) بأ نّه : لو راجع المتتبّع جميع مظانّ استعلام حال رجل ومع ذلك لم يظفر بشيء من ترجمة أحواله أبداً ، فلا يجوز التسارع عليه

__________________

(١) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٤/٤٦٧.

(٢) كذا ; والصحيح : نتائج التنقيح.

(٣) الرواشح السماوية : ٦٠ ـ الراشحة الثالثة عشر ـ [وفي الطبعة المحقّقة : ١٠٤ ـ ١٠٧] في المجهول الاصطلاحي واللغوي.

(٤) الذريعة إلى تصانيف الشيعة ٤/٤٦٧.

(٥) الفوائد الرجالية المطبوعة في أوّل تنقيح المقال ـ المجلّد الأوّل ـ أواخر صفحة : ١٨٤] الطبعة الحجرية [، وهو نقل بالمعنى وحاصل كلامه علا مقامهما].

٢٣٨

بالحكم بالجهالة ; لسعة دائرة هذا العلم ، وكثرة مدارك معرفة الرجال.

ثم قال : فمن علمه بذلك وتصريحه كذلك يحصل الجزم بأنّ مراده من قوله (مجهول) ليس أنّه محكوم عليه بالجهالة عند علماء الفن حتى يصير هو السبب في صيرورة الحديث من جهته ضعيفاً ، بل مراده أنّه مجهول عندي ولم أظفر بترجمة مبيّنة لأحواله ، نعم كان عليه أن يصرّح بهذا المراد في مقدّمات الكتاب لكنّه غفل عنه (١).

__________________

(١) لقد صرّح رحمه الله بذلك في مقدّمات التنقيح ، وقد أبان عن مراده في ذيل نتائج التنقيح ١ / ١٦٩ [من الطبعة الحجرية] من هذه اللفظة ، وصرح أنّ مراده من كلمة : ثقة ، موثق ، حسن ، ضعيف ، مجهول ، مهمل .. هو كما ويظهر ذلك كثيراً خلال بعض تراجم الرجال من خلال صفحات الكتاب.

قال طاب رمسه : .. والمجهول ; من لم يتبيّن حاله مع تعرّضهم له في كتب الرجال ، وممّا يؤيد ذلك مايظهر من ترجمة شتير بن نهار [تنقيح المقال ٢/٨١ من الطبعة الحجرية] من قوله طاب ثراه : فهو مهمل عندنا مجهول ..

أقول : يمكن أن يكون الجهل بواسطة الإهمال ، وإلاّ فيدخل المجهول فيمن اختلف الأصحاب في توثيقه وضعفه ، لكون المقصود من توقف في حاله مع اختلاف الجماعة فيه ، ولا يتناول من جرى عليه الترجيح لشهادة مقابلته بالضعيف ..

وهذا نظير ما ذكره الشيخ ابن داود في القسم الثاني من رجاله : ٢٢٥ من مقارنته المهملين بـ : الموثقين ، واختلفوا في مراده من الإهمال ، هل هو من ذكر في الرجال لكن لم يذكر بمدح ولا قدح .. أي مجهول الحال ، فهو يدخل في المجهول بناءً على عمومه لمجهول الحال ، ومتروك الذكر في الرجال ، أو مع العموم لمجهول العين .. أي من لم يذكر في الأسانيد وفي الرجال .. وهو بعيد ..

٢٣٩

أقول : رحمك الله شيخنا وتغمّدك برضوانه ، ما أنزهك مادحاً ومعرّفاً ، وناقداً ومدافعاً ..

وممّا يؤخذ به الشيخ الجدّ طاب ثراه ـ بل هو عمدتها ـ هو ذكره للضعفاء والمجاهيل ، بل تذييل بعض الأسماء بتراجم عدّة من الصحابة مشتركين في الجهالة ، وقد طبّل لهذا بعض وتحامل .. بل هو عمدة ما يرد عليه .. ومن الواضح أنّ الإشكال الثاني من صغريات الأوّل ، وقد مال جمع من الرجاليين من أصحابنا رضوان الله عليهم ـ وهم قلّة ـ إلى ترك ذلك كما أسقط المرحوم الشيخ أبو علي محمّد بن إسماعيل الحائري المتوفّى سنة ١١١٥ هـ (وقيل ١١١٦) من رجاله منتهى المقال ذكر جماعة بزعم أنّهم مجاهيل (١) ، وسبقه في ذلك الشيخ المولى عبدالنبي بن سعد الدين الجزائري

__________________

وعليه فلا وجه لذكره على حده .. وفيه وجوه اُخر ذكرناها في الفائدة الثلاثون من الفوائد الرجالية للشيخ الجد قدّس سرّه ، فراجع.

(١) ونعم ما فعل تلميذه المولى درويش علي الحائري حيث أفرد رسالة في ذكر من أسقطه الشيخ أبو علي من رجاله ، وللشيخ محمّد آل كشكول كتاب إكمال منتهى المقال ، ذكر في أوّله وجه ذكر من عدّوهم مجاهيل ردّاً على التاركين لذكرهم ، كما أنّ كتاب غاية الآمال في استعلام أحوال الرجال للشيخ علي بن شريعتمدار الحاج محمّد جعفر الأسترآبادي الطهراني المتوفّى سنة ١٣١٥ يُعدّ شرحاً لمنتهى المقال واستدراكاً ، كما قاله شيخنا الطهراني في الذريعة ١٦/٥.

ولعلّ ما كان يتمنّاه الشيخ الجدّ طاب ثراه من استدراك منتهى المقال ـ كما سترد عبارته ـ كان لهذا السبب.

٢٤٠