النذير الأخير

خالد إسماعيل إبراهيم

النذير الأخير

المؤلف:

خالد إسماعيل إبراهيم


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتاب المصري
الطبعة: ٠
ISBN: 977-17-0597-9
الصفحات: ٢٥٢

تراه العين ، ولكن كانت أهدافه قريبة نسبيا ، ثم حملت برءوس نووية ، ثم طورت إلى صواريخ عند اندفاعها تكون مرئية أى تجرى يسرا ، وأهدافها بعيده المدى ومنها الصواريخ عابرات القارات.

إذا حاولنا تطبيق الآيات الكريمة (" الذَّارِياتِ ذَرْواً فَالْحامِلاتِ وِقْراً فَالْجارِياتِ يُسْراً ") على الطائرات ، ما انطبقت عليها لأن الطيران بدء للطائرة بسرعة محدودة حتى وصل إلى سرعات تقترب من سرعة الصوت ، ولا نقول أن الحاملات وقرا أى التى تحمل المسافرين لأن وقرا تفيد أن الأحمال لجمادات وليست للإنسان ، وعبر عن وقرا بأنه حمل تحمله البغال والإبل وغيرهما ، كما أن الذاريات ذروا لا تنطبق على الطائرات الحربية ، وذلك لأن منتهاها أنها تجرى يسرا ، وهذا لا ينطبق على الطائرات الحربية لأنها تحاول أن تجرى بسرعة للآفلات من الصواريخ المضادة لها ، ولكن الجاريات يسرا تنطبق على الصواريخ العابرات للقارات حيث أنها تنطلق من قواعدها بيسر حتى ترتقى إلى طبقات عليا فى السماء" أعلى من مستوى طيران الطائرات" وحتى تصل إلى أهدافها البعيدة ، وسبحان الله العظيم عالم الغيب والشهادة.

(فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤)) : هى موجهات هذه الصواريخ البعيدة المدى وتوجيه أمر سقوطها وتحديده بدقة من قواعد انطلاقها إلى أهدافها المعينة بالكمبيوتر ، وكذلك تقسيم أوقات انطلاقها وتتابعها ، وذلك كما فعلت إسرائيل بتوجيه صواريخها بعيدة المدى بطريقة مقسمة على البلاد العربية ، وغالبا ما يوجد فى هذه الصواريخ عقل الكترونى محدد به المسافات التى يسيرها الصاروخ ومكان سقوطه ، وبالطبع تكون الأقمار الصناعية لها دخل كبير فى قياس المسافات وتحديدها.

٤١

(إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٦)) : أن الذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات أمرا هو وعد من الله عزوجل وقت التنزيل وهو وعد صادق (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) (١٢٣) ـ النساء ، وان الحساب يوم الدين سوف يتم ويقع

(وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧)) : الحبك تأتى بمعنى المحكمة والإحكام هو الصنع بدقة ، فمعنى حبك الثوب حبكا أى أجاد صنعه ، وقد أثبت العلم الحديث أن السماء الدنيا عبارة عن طبقات فوق بعض ومستويات حتى نصل إلى طبقة الأوزون وطبقة انعدام الجاذبية الأرضية ، والسماء ذات الحبك هو قسم الله عزوجل بالسماء الذى خلقها بالحق (" وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ") (١٧) ـ سورة الأنبياء ـ ، وذلك يفيد أن الذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا مجال عملهن فى السماء ، واندفاع آخرها وهو الجاريات يسرا يجرى بيسر فى مستوى عال من السماء ، وذلك لعلم صناعة أن هذا المستوى هو الذى يمكن أن يجرى فيه الصاروخ بيسر دون تعثر ، وان الذى أحبك هذه السماء هو الله عزوجل.

إن الذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات أمرا آيات من آيات الله عزوجل الله اللاتى أنزلت على الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام فى سورة الذاريات ، وصدق ظهور هن منذ اكثر من سبعين سنة ، وآخر هن ظهر منذ حوالى عشرين سنة تقريبا ، وصدق الله العظيم حيث قال :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)) صدق الله العظيم فصلت

٤٢

الفصل الرابع

ذكر الراديو والتلفزيون

فى القرآن الكريم

فى قول الله عزوجل

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً)

صدق الله العظيم (الصافات)

ورد فى التفسير وهى التفسيرات الشائعة (١) : المراد" ب" الصافات وما بعدها إلى قوله (" فَالتَّالِياتِ ذِكْراً ") الملائكة فى قول بن عباس وابن مسعود وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة. تصف فى السماء كصفوف الخلق فى الدنيا للصلاة. وقيل تصف فى السماء كصفوف الخلق فى الدنيا للصلاة. وقيل تصف أجنحتها فى الهواء واقفة فيه حتى يامرها الله عزوجل بما يريد ، وقيل : هى الطير ، دليله قوله تعالى (" أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ ") ، وقيل الصافات جماعة الناس المؤمنين إذا قاموا صفا فى الصلاة أو فى الجهاد ، فالزاجرات قيل انها الملائكة تزجر السحاب وتسوقه ، والتاليات ذكر قيل الملائكة تتلوا آيات الله عزوجل :

إن القول فى تأويل الصافات والزاجرات والتاليات أنهن الملائكة ، فهذا هو التانيث لاسم الفاعل ، واسم الفاعل هنا الملائكة ، ولا تؤنث أسماء الفاعل إلا إذا كانت الفاعلات إناثا ، وهذه حرمانية وقع فيها التفسير ، لأن الله عزوجل وضع حرمانية بائنة فى كتابه لمن يسمى الملائكة تسمية الأنثى ، وذلك لقوله عزوجل :

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن الكريم ـ تفسير القرطبى ـ شرح الصافات والزاجرات والتاليات

٤٣

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧)) النجم

صدق الله العظيم

وجاء ذكر الله عزوجل للملائكة فى القرآن كله بجمع المذكر السالم وهذا علم مؤكد بالقرآن الكريم ، وهذان مثلان :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) (النساء)

((٨) إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ)

صدق الله العظيم (الأنفال)

ولهذا فإنى أضع الحرج على هذا التأويل ، وهو أن تكون الملائكة إناثا والعياذ بالله أو تكون الأفعال والأحوال الناشئة عنها" اسم فاعل أو اسم مفعول" بالتأنيث والعياذ بالله ، كما اضع الحرج أن يكون القائلين من الصحابة رضوان الله عليهم.

وأشير عن عظيم قول الله عزوجل فى الصافات ، وأن الله عزوجل أعلم بأن هناك تأويلات ستؤولها إلى الملائكة ، فجاء فصل آخر من المولى عزوجل فى أواخر سورة الصافات نفسها ، ليضع المولى عزوجل حكم التانيث للملائكة هو احدى حرمات ثلاثة يجب الابتعاد عنها حتى يستقيم الأمر ، وفيه جاء رد الملائكة عليهم‌السلام بقولهم ، أن لكل منهم مقام معلوم وأنهم الصافون وأنهم هم المسبحون ، وسبحان الله العظيم فى كتابه المجيد

٤٤

الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلقه ، وسيأتى ذكر ذلك فى آخر هذا الفصل بإذن الله تعالى وفضله.

أما ما جاء فى تفسير الصافات بأنها صفوف المسلمين فى الصلاة ، فإنه لا تسمى صفوف المسلمين فى الصلاة بالصافات بل تسمى بالصافون.

أما ما جاء فى تفسير الصافات بأنها الطيور ، فإنها حقا تكون صافات ، ولكننا لم نعهدها زاجرات فتاليات.

ولكن جاءت سورة النازعات بها برهانين يفيدان أنها صناعة سوف يصنعها الإنسان ، وجاء تحديد زمن الصناعة أنها تكون من ذكرى الساعة وأشراطها ، أنظر شرح سورة النازعات بالفصل الأول.

وأنه جاءت سورة الصافات صفا على شاكلة النازعات غرقا ، وذلك مما يجعلنا نتجه إلى تفسيرها على أنها شرط من أشراط الساعة ، وإنها ستكون صناعة سوف يصنعها الإنسان أيضا. فزاد المولى عزوجل على هذا برهان آخر ، وهو التاكيد بأن الصافات صفا سوف تكون صناعه يصنعها الإنسان وذلك من قوله عزوجل فى سورة الصافات نفسها.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ(١٠) فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١)) صدق الله العظيم (الصافات) وذلك حتى يقارنوا ما نتج عن صناعة الصافات بخلق الله لهم.

ومن ثم فإن تأويل" والصافات صفا" يرجع إلى قول الله عزوجل (" فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها") ، وأنه سوف تظهر صناعة ناتجة عن الصافات صفا

٤٥

كشرط من أشراط الساعة لتزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم بفضل الله عزوجل :

(وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) : والصافات جمع مؤنث سالم ومفردها الصفة الواحدة ، والواو واو والقسم ، والصافات تفيد بأن أشياء ما وضعت وصفت فى صفوف ، وصفا تفيد كثرتها ، ولقد توصل العلم الحديث منذ أكثر من ستين سنة إلى أن جو السماء تنتشر فيه أشياء صغيرة متناهية فى الصغر لا تراها العين المجردة ، وانتشارها يأتى بطريقة الصفوف المنتظمة وبسرعة فائقة ، وإنها ليست على شكل واحد ، بل أن منها الطويل ومنها القصير ، وأن النوعية الواحدة المتماثلة فى الطول منها تنتشر فى صفوف منظمة بسرعات تقترب من سرعة الضوء ، وأطلق عليها العلماء اسم الموجات ، وميزوها وصنفوها حسب أطوالها وحسب قدرتها ، ووجدوا أنه يمكن بث فيها أصوات بواسطة أجهزة معينة ، ثم استقبالها مرة أخرى بواسطة أجهزة استقبال بها سماعات عن طريق هوائى بالجهاز نفسه أو معلق باعلى المبنى ، وذلك بعد توفيق جهاز الاستقبال لكى يستقبل نفس النوع والطول من الموجات" كما سماها العلماء" المبثوثة بجهاز الإرسال ، فيسمع بجهاز الاستقبال نفس الأصوات التى أرسلت على الفور لشدة سرعتها ، وهذه هى الفكرة التى بنى عليها أجهزة الراديو ، واختلاف أطول الموجات يولد إختلاف محطات الاستقبال ، وكذلك يكون لكل نوع موحد فى الطول والقدرة من الموجات محطة إرسال خاصه بها ، وبعدها بقليل اكتشف العلماء نوع آخر من الموجات قادرة على حمل الصوت والصورة معا بعد بثها بأجهزة البث المباشر ، ثم استقبالها بجهاز أشعة الكاثود عن طريق هوائى بالجهاز نفسه أو معلق أعلى المبنى ليتحول هذا الاستقبال إلى صوت وصورة معا ، وهذه هى الفكرة التى بنى عليها أجهزة التلفزيون ،

٤٦

فالأجسام المتناهية فى الصغر المنتشرة فى جو السماء بطريقة الصفوف المنتظمة ولكل مجموعة منها متحدة فى النوع والطول والقدرة صفوف خاصة بها تنطبق مع قول الله عزوجل (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا) ، والواو واو القسم.

وجاء برهان الله عزوجل على انها صناعة سوف يصنعها الإنسان وتكون الصافات صفا اساسا فيها أولا : من قوله عزوجل فى سورة الصافات نفسها :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** (١٠) فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمْ مَنْ خَلَقْنا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ (١١) بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (١٢) وَإِذا ذُكِّرُوا لا يَذْكُرُونَ (١٣))

صدق الله العظيم (الصافات)

وهو أن الله عزوجل يستفتى هؤلاء القوم على لسان النبى الحبيب ومنذ أكثر من الف وثلاثمائة عام ، هل ما وصلوا إليه من أجهزة البث والاستقبال للصافات صفا أشد خلقا أم من خلق الله فقد خلقهم اللهم من طين لازب ، وقول الله عزوجل" بل عجبت" تفيد أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام كان يعلم بهذه الصافات صفا.

ثانيا : قول الله عزوجل فى سورة الصافات نفسها (" وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ") (١٧٦) يفيد بأن النبى الحبيب رأى هذه الصافات صفا وبصر بها وأن الناس بعد ذلك سوف يبصرونها ، وجاء هذا الحديث النبوى الشريف :

عن أسامة بن زيد قال أشرف النبى عليه أفضل الصلاة والسلام على أطم من إطام المدينة فقال :

٤٧

" هل ترون ما أرى قالوا لا قال فإنى لارى الفتن تقع خلال بيوتكم كوقع المطر."

صدق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم رواه البخارى ومسلم

وهذا المطر هو الصافات صفا يستقبلها الهوائى من فوق بيوتنا ، ويترجمها إلى صوت وصورة" التليفزيون" ، وهى لا تحمل إلا أكثر الفتن.

وهكذا جاء حديث الرسول عليه افضل الصلاة والسلام مبينا لذكر الله عزوجل ، وذلك بشرط ان نتفكر فى الذكر ، وصدق الله العظيم حيث قال :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)) صدق الله العظيم ـ النحل ـ

وهذا منهاج الله عزوجل للتفكر به ، وهو التفكر بعلم والتفكر بهدى والمطابقة بكتاب منير" القرآن الكريم" فبالتفكر فى ذكر الله عزوجل وجدنا أحاديث النبى الحبيب مبينة له.

ثالثا : قول الله عزوجل فى أواخر آيات سورة الصافات نفسها :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٦٨) لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠) وَلَقَدْ سَبَقَتْ)

صدق الله العظيم (الصافات)

إن الذين اكتشفوا هذا السبق العلمى الخطير هم فى آخر الزمان وعلى أشراط الساعة فهم يعتبرون الآخرين ، بدليل أنهم يقولون لو أن عندنا

٤٨

ذكرا من الأولين ، والذكر هو كتاب الله يذكر فيه أن هذه الأشياء التى اكتشفوها هى من علم الكتاب ، وهذا هو كفرهم بكتاب الله عزوجل ، فإنها حقا مذكورة فى كتاب الله عزوجل ، ولكنهم كفروا بكتاب الله الذى أنزله على النبى الخاتم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، فسوف يعلمون فى يوم الفصل أن هذا الكتاب لم يغادر صغير ولا كبيرة إلا أحصاها ، لقوله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٤٨) وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً (٤٩)) صدق الله العظيم (الكهف) والذين اتبعوا خطواتهم وظنوا أنها الطبيعة فقد كفروا ، ولهم نفس مصير مكتشفيها ، وليعلموا أن الله عزوجل له ملك السموات والأرض ولم يتخذا ولدا وخلق كل شىء فقدره تقديرا ، وسبحان الله العظيم عالم الغيب والشهادة.

(فَالزَّاجِراتِ زَجْراً) : مفهوم الزجرة فى القرآن الكريم أنها الصيحة ، وذلك من آيتين تتفقان فى الحدث وتختلفان فى لفظ سبب القيام أو الخروج وهما :

(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ يَنْظُرُونَ (١٩)) سورة الصافات

(يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ (٤٢)) سورة ق

٤٩

فإذا هم قيام ينظرون هو يوم الخروج ، والسبب فى ذلك زجرة أو صيحة ، ومن ثم فإن الزجرة هى الصيحة ، والصيحة هى صوت عال أو مرتفع أو حاد ، والزاجرات هى الأشياء التى يصدر عنها الزجرات أو الأصوات المرتفعة أو الحادة ، وزجرا يفيد كثرتها وهذه الزجرات المتعددة أشبه بأصوات الصفارات الحادة والشوشرة التى كانت تصدر من الراديو ذو الحجم الكبير فى بداية تصنيعه وبداية اكتشاف هذه الموجات ، وذلك عند محاولة ضبط محطاته ، وذلك لأنهم لم يحسنوا استقبال هذه الموجات فى بدء اكتشافها ، وظل حالهم على ذلك سنين عديدة ، وهذه الأصوات الحادة ينطبق عليها لفظ" الزاجرات زجرا" والفاء تفيد الترتيب والتعقيب ، أى يلزم أولا اكتشاف الصافات صفا ثم تكون زاجرات زجرا لأنهم لم يحسنوا استقبالها فى بدء التعرف عليها.

(فالتاليات ذكرا) : التاليات من التلاوة والقراءة ، وذكرا هو القول ، وتنكير الله عزوجل لكلمة ذكرا يفيد أنه ذكر غير ذكر الله عزوجل ، وذلك لأن ذكر الله عزوجل عند ما يأتى فى القرآن الكريم يأتى بطريقتين ، إما أن يكون معرف بأل" الذكر" ، أو يكون الذكر مرتبط بالله مثل" ذكر من ربهم" ـ الأنبياء ـ أو" ذكر من الرحمن" ـ الشعراء.

التاليات ذكرا هو التطور النهائى لاستقبال الصافات صفا ، وذلك لأن العلماء أحسنوا استقبالها فيما بعد ، فأصبحت التاليات ذكرا واضحة دون أن يكون بها زاجرات زجرا ، ومن سياق الآيات يتضح أن الزاجرات هى الصافات صفا نفسها ، وذلك باعتبار أن العلماء لم يحسنوا استقبالها ، ثم أصبحت تاليات ذكرا باعتبار أن العلماء بعد ذلك أحسنوا استقبالها.

٥٠

ذكر الملائكة إناث احدى حرمات ثلاثة فى أواخر سورة الصافات :

جمع الله عزوجل ذكر حرمات ثلاثة فى أواخر سورة الصافات وذلك للتحذير منهم ، وذلك لأنه سبحانه وتعالى هو الأعلم أن الصافات ستؤول إلى الملائكة عليهم‌السلام فجاءت الحرمات الثلاثة فى الذكر العظيم على ما هو ات :

١ ـ التحريم من ذكر الملائكة عليهم‌السلام إناث أو بنات والعياذ بالله.

وذلك فى قوله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيم (١٤٨) فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (١٥٠) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣) ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (١٥٤) أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٥٥) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (١٥٦) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٥٧))

صدق الله العظيم الصافات

ثم جاء العلم للملائكة عليهم‌السلام بأنهم سوف يوصفون بالصافات فجاءت ملحمة قولهم بهذا التنزيل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦))

صدق الله العظيم الصافات

٥١

٢ ـ التحريم ان يقال لله ولدا (والعياذ بالله)

فى قول الله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٥٢))

صدق الله العظيم الصافات

٣ ـ التحريم من القول أن النبى الحبيب بينه وبين الجنة نسبا (والعياذ بالله) : فى قول الله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١٥٧) وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٥٨) سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٥٩) إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٠) فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ (١٦١) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (١٦٢) إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (١٦٣))

صدق الله العظيم الصافات

هذه الآيات للمحرمات الثلاثة جاءت فى قول متواصل من الآية ١٤٩ : الآية ١٦٦ بسورة الصافات ، وسبحان الله عالم الغيب والشهادة.

إن الصافات فالزاجرات فالتاليات آيات من آيات الله عزوجل اللاتى أنزلت على النبى الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام فى سورة الصافات ، وصدق ظهور هن منذ اكثر من ستين سنة تقريبا وصدق الله العظيم حيث قال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)) فصلت

٥٢

الفصل الخامس

ذكر التنظيم فى إدارة المواصلات

البرية والجوية وانتشارها فى الارض والسماء

فى القرآن الكريم

فى قول الله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (٣) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (٤) فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧)) صدق الله العظيم سورة المرسلات

ورد فى التفسير ، وهى التفسيرات الشائعة (١) أن المرسلات هى الرياح ، واستدلوا على ذلك بقول الله عزوجل (" وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ") وقوله عزوجل (" وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ") ، وقيل أنها الملائكة ، وعرفا : أى يتتبع بعضها البعض كعرف الفرس ، وقيل هى الرياح تتبع بعضها البعض ، وقيل يحتمل ان يكون السحاب ، (فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً) : قيل الرياح العاصفة تأتى بالعصف وهو ورق الزروع وحطامه واستدلوا بقول الله عزوجل (" جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ") لأن العصف من صفة الرياح ، وقيل العاصفات الملائكة الموكلون بالسحاب والرياح يعصفون بها ، (وَالنَّاشِراتِ نَشْراً) : قيل الملائكة الموكلون بالسحاب ينشرونها ، (فَالْفارِقاتِ فَرْقاً) : قيل انها الملائكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل.

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن الكريم ـ تفسير القرطبى.

٥٣

التمسك بآيات القرآن الكريم نعمه كبرى لا يدركها إلا المؤمنين ، فكل حرف فى القرآن الكريم له دلالة.

وقوله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١٧) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (١٨)) صدق الله العظيم سورة محمد

هذه الآية إشارة كبرى أن القرآن الكريم تحمل آياته أشراط الساعة التى سوف تكون فى آخر الزمان (" فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها") ، ومن قال أن الله عزوجل جاء بأشراط الساعة فى الاحاديث النبوية فقط ، فهذا مخالف لشرع الله عزوجل فى التنزيل حيث قال تعالى :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)) صدق الله العظيم سورة النحل

فلا بد أن يكون الذكر موجود فى القرآن الكريم أولا حتى تكون الاحاديث النبوية مبينة له ، وذلك بشرط التعقل والتدبير فى الذكر" القرآن الكريم" ، ولقد ثبت ذلك فى سورة الصافات ، فجاء حديث النبى الحبيب مبينا للذكر وذلك بشرط التعقل فى الذكر ، وسوف يأتي إثبات ذلك فى فصول هذا الكتيب.

٥٤

ولكن لم أجد فى التفسيرات أنهم تركوا آيات وقالوا عنها أنها ستكون من أشراط الساعة ، بل شغلت الآيات الحاملة لأشراط الساعة بتفسيرات أخرى ، وسبحانه الله العظيم فى كتابه الذى لآياته الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، حيث أن تفسيراتهم جاءت مخالفة لشرع الله عزوجل وجاءت بها حرمانية ، حيث جعلوا الافعال والاحوال الناشئة (اسم فاعل أو اسم مفعول) عن الملائكة بالتأنيث ، ولا تؤنث أسماء الفاعل إلا إذا كانت الفاعلات إناث ، والعجب كل العجب أن الذى يكشف هذه التفسيرات هو القرآن الكريم نفسه وصدق الله العظيم حيث قال (" وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ. لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ") ٤٢ فصلت فهل ننتظر حتى نموت ثم نسأل فى قبورنا ما هى الصافات صفا؟

فنقول الملائكة فترد علينا الملائكة وتقول :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦)) فنقول نحن اتبعنا تفسيرات دون تدبر عن فلان وفلان فترد علينا الملائكة.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٢٩)) سورة ص

٥٥

(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢)) محمد (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها (٢٤))

صدق الله العظيم النساء

فينكشف لنا عدم تدبرنا للقرآن فنجد الذين تبعناهم في تفسيراتهم وهم بالطبع ليسوا الصحابة والاتقياء بل وضعت أسمائهم علي هذه التفسيرات دون أن يقولوها نجدهم تبرءوا منا فيحق علينا.

قول الله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** (١٦٥) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦) وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧))

صدق الله العظيم البقرة وعند ذلك نقول ليتنا ما تعلمنا القراءة والكتابة وكنا أميين حتى يرفع عنا هذا التدبر وندخل الجنة بصلاتنا وزكاتنا وشهادتنا أنه لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وبصومنا رمضان وبالحج.

اللهم إني أعوذ بك من هذا وأسألك الاخذ بأسباب علمك وهداك وكتابك المنير وأن تزيدنا بهم علما.

٥٦

ولكن جاء بسورة النازعات برهانين يفيدان أنها صناعة سوف يصنعها الإنسان وجاء تحديد زمن هذه الصناعة أنها تكون من ذكري الساعة وأشراطها أنظر شرح النازعات بالفصل الاول وجاءت سورة الصافات بها برهانين يفيدان أنها صناعة سوف يصنعها الإنسان وتكون الصافات صفا هي أساس هذه الصناعة وجاء التحديد بأن الذين يقومون بهذه الصناعة هم الآخرين أنظر شرح سورة الصافات بالفصل الرابع.

وأنه جاءت سورة المرسلات عرفا علي شاكلة النازعات غرقا والصافات صفا وذلك مما يجعلنا نتجه الى تفسيرها علي أنها شرط من أشراط الساعة وأنها ستكون صناعة سوف يصنعها الإنسان أيضا.

ومن ثم فإن تأويل (" وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً ") يرجع الي قول عزوجل (" فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها") ، وأنه سوف تظهر المرسلات وأخواتها كشرط من أشراط الساعة لتزيد المؤمنين إيمانا علي إيمانهم بفضل الله عزوجل.

إن الله عزوجل أخبرنا في ذكره الحكيم بسورة المرسلات أنه يتزامن مع قوله العزيز :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (٢) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (٣) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (٤) فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (٥) عُذْراً أَوْ نُذْراً (٦) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (٧))

صدق الله العظيم المرسلات

أمور أخرى مصحوبة معها وربط بينهم بقوله عزوجل (" فَإِذَا") وهى :

٥٧

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٧) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٨) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (١٠) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (١١) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣))

صدق الله العظيم المرسلات

وآيات الله عزوجل من المرسلات عرفا (١) حتى عذرا أو نذرا هي آيات تفصيلية لشيء واحد متكامل من أشراط الساعة وصدق الله عزوجل عليه بقوله : (" إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ").

وكانت الآيات الستة التالية لهن بهن اشراط اخرى من أشراط الساعة مختلفة في الموضوع (١) ولكنها مرتبطة في وقت حدوثها وهي :

٢ ـ ظهور الانارة في المدن والقرى :

وذلك من قوله عزوجل : (فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (٩)) ومعني طمس في القرآن الكريم أي تغيير معالم الشيء فلا يؤدي وظيفته كما كان وذلك من قوله عزوجل :

(وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦))

سورة يس

__________________

(١) كان د / فاروق الدسوقي أول مطابق لهذه الآيات ، وجاءت بكتابة ـ القيامة الصغرى على الابواب الجزء الثالث من ص ١٤٩ الى ١٦٧ وذلك على سبيل التطابق ولم يعلل سبب تطبيقها على أنها صناعة يصنعها الإنسان ولعله يتبع طريق الشيخ الغمارى فى تطبيق الآيات على صناعات يصنعها الإنسان دون إيجاد البرهان على ذلك من القرآن الكريم نفسه ولما توافرت البراهين الالزامية لذلك فكتبت بطريقة هذا الكتيب واختلفت معه في بعض الآيات ، وكان المدخل للمعني من القرآن الكريم هو سبب هذا الاختلاف.

٥٨

وهو الطمس علي أعينهم حتى لا يبصرون بها أي تغيير وظيفة أعينهم فلا يستطيعون أن يبصروا بها.

وأن الله عزوجل حدد لنا وظيفة النجوم وهي مسخرات لنهتدي بها في ظلمات البر والبحر لقوله عزوجل :

(وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ (٥٣))

سورة الاعراف

(وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ (٩٧))

سورة الانعام

ومن ثم فإن طمس النجوم تكون بمعني أننا لا نهتدي بنورها في ظلمات البر والبحر وهذا الذي حدث بالفعل فقد ظهرت إنارة الطرق البرية بالمصابيح الكهربية فلم نعد نهتدي بالنجوم في البر وكذلك في البحر فقد ظهرت الانارة البحرية من فنارات وإنارة كهربائية داخل السفن نفسها فلم نعد نهتدي بالنجوم في البحر أيضا وبذلك يكون طمس النجوم وقع بعد اكتشاف الإنسان للإنارة.

طمس النجوم" اكتشاف الإنسان للإنارة للاهتداء بها في البر والبحر بدلا من النجوم" يتزامن مع ظهور المرسلات عرفا وأخواتها.

٣ ـ ظهور ثقب الاوزون في السماء :

وذلك من قول الله عزوجل :

(وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (٩)) سورة المرسلات

٥٩

والفرجة هو الفتق أو الشق بين الشيئيين فإذا كانت الفرجة في شيء وأحد فتكون ثقب والفرجة معني أدق من الثقب حيث أن الله عزوجل خلق السماء ولم يجعل لها ثقوب أو فروج لقوله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦)) صدق الله العظيم سورة ق

فيكون ظهور فروج في السماء متزامن مع طمس النجوم" اكتشاف الإنسان للإنارة" وهذا الذى حدث بالفعل فعند اكتشاف الانارة وبناء المصانع وصعود أدخنتها الى السماء حدثت فرجة في السماء تسمي بثقب الاوزون.

٤ ـ نسف الإنسان للجبال لاغراض مختلفة :

تواجد في كتاب الله عزوجل نسفان للجبال ؛ نسف يقع كشرط في أشراط الساعة ، ونسف كلي للجبال يوم القيامة.

٦٠