النذير الأخير

خالد إسماعيل إبراهيم

النذير الأخير

المؤلف:

خالد إسماعيل إبراهيم


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتاب المصري
الطبعة: ٠
ISBN: 977-17-0597-9
الصفحات: ٢٥٢

((١١١) وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ (١١٢))

الانعام

((١٢٧) وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها)

الانعام

((٣٠) سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١))

الرحمن

((٣٢) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ (٣٣))

صدق الله العظيم الرحمن

هذا ذكر الله عزوجل للجن والإنس في آياته الحكيمة بالجمع وليس بالمثنى وهي جميع الآيات اللاتي ذكر فيها الجن والإنس مجتمعين في القرآن الكريم وذلك إلا في حالة آية واحدة في القرآن كله ولها حكمها وهي :

١٢١

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢٨) وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩))

صدق الله العظيم فصلت

لقد اخبرنا المولى عزوجل في كتابه المجيد أن هناك غاويين يغويين الكافر الذي رضى بالضلالة غاوي من الجن وهو قرين الكافر وذلك نتيجة لأن الكافر أعرض عن ذكر الرحمن ، وبيانه كالآتي.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٥) وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ (٣٦) وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (٣٧) حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨))

صدق الله العظيم الزخرف

وغاوي من الانس وهو الذي يتخذه الكافر خليل في الدنيا فهو كافر مثله يضله عن ذكر الله عزوجل وبيانه كالآتي :

١٢٢

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢٦) وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً (٢٧) يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً (٢٨) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً (٢٩))

صدق الله العظيم الفرقان

ومن ثم فإن الكافر يأتي يوم القيامة فيطلب من الله عزوجل أن يريه الذين أضلاه من الجن" قرينه" والأنس" خليل الكافر" فياتي قول الكفار جميعا يوم القيامة" ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والأنس نجعلهما تحت أقدامنا ليكونا من الأسفلين".

خطاب الله عزوجل للجن والأنس في سورة الرحمن جاء في ثلاثة آيات فقط الآية الأولى في قوله عزوجل ("سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ") وهي مذكورة بالجمع في قوله" لكم" وآيتان غيبيتان هما :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٢) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ (٣٣) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥))

صدق الله العظيم سورة الرحمن

١٢٣

آية يا معشر الجن والأنس جاءت بالجمع في" أن تنفذوا ، فانفذوا ولا تنفذون" وهو العلم المؤكد بمخاطبتهم في القرآن كله والمعني أن الله عزوجل قال للجن والأنس انفذوا من اقطار السموات والارض بسلطان ثم حدث الاثنين ذواتا الآلاء علي أن لا يكذبان ثم قال المولي عزوجل ("يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ") وهذا تخصيص أن يكون الخطاب للجن والانس بالجمع ثم يحدد علي مثنى وكأن القول أن الذين سوف تكون لهما هذه الاستطاعة هما طائفتين من الجن والانس وهذا الذي حدث بالفعل كشرط من أشراط الساعة ، فكانت الاستطاعة لدولتين هما أمريكا وروسيا لا غيرهما ، فهما الدولتان اللتان تملكان سفن فضاء ولم يظهر ثالث لهما ، والمعلوم أن الله عزوجل عند ما يذكر طائفتين من الناس في القرآن الكريم يذكرهما بالمثنى لقوله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١٢١) إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٢٢))

سورة آل عمران

((٨) وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما)

صدق الله العظيم سورة الحجرات

١٢٤

ومن هذا فإنه إذا كان المخاطبون بالآية الجن والأنس لكان القول" فبأي آلاء ربكم تكذبون" وهذا أول الأسباب اللاتي تنفي أن يكون الحديث للانس والجان.

١ ـ الإلزام بان المخاطبان بالآيات مصطفين من الله عزوجل :

أوجد الله عزوجل بسورة الرحمن آيات بها عذاب ، والعذاب لا يوافق الآلاء مثل قوله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣٤) يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ (٣٥) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٣٦))

صدق الله العظيم الرحمن

(يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ (٤١) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٢))

صدق الله العظيم الرحمن

من ثم فإن المخاطبان ذاوتاءالاء خاصة وبعيدين عن هذا العذاب ، ويكون الخطاب لهما به علم تجلية أحوال الكافرين الذين يحاولون أن ينفذوا من اقطار السموات والارض أكثر مما حدد لهم الله عزوجل ، واحوال المجرمون يوم القيامة.

٢ ـ المخاطبان بالآيات هما الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام والمهدي عليه‌السلام : وذلك لسببان :

أولهما : جاء خطاب الله عزوجل لأثنين من خلقه وأفرادهما بهذا الخطاب في آيات سورة الرحمن حيث أن أكثر هذه الآيات تقع في

١٢٥

علم الغيب فمنها ما يقع كشرط من أشراط الساعة ومنها ما يقع في الدار الآخرة وما يقع منها في الدنيا كشرط من أشراط الساعة لا يتصوره عقل بشر ولذلك حمل الله عزوجل هذان الشخصان أن لا يكذبان حتى يقع ويظهر ما في الآيات وهو عزوجل أعلم انهما لا يكذبان فهما خيرة خلقه والدليل علي ذلك انه عزوجل يريهما جهنم كبرهان وكرامة لهما في الدنيا وقبل أن يدخل فيها المجرمين لقوله عزوجل في نفس سورة الرحمن.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٤٢) هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ (٤٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٥))

صدق الله العظيم سورة الرحمن

والمعني بهذه الآية أن بشرين يريان جهنم في حياتهما الدنياوية وبفضل الله عزوجل وقبل أن يدخل فيها المجرمين يوم القيامة ، وان هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون ، ووقعت رؤية جهنم التي يكذب بها المجرمون للنبي عليه أفضل الصلاة والسلام بل وبصره المولى عزوجل بالمجرمين بها كما جاء بأحاديث المعراج ، والنبي الحبيب هو أول المخاطبين والثاني سوف تحدث له رؤيا جهنم التي يكذب بها المجرمون في آخر الزمان وبعد تجلي أشراط الساعة للعالمين وهو خليفة الله المهدي عليه‌السلام وذكر آيات سور التكوير تأكيد لهذا المعني ، وبها عشرة أشراط للساعة تحدث قبل الرؤيا والآيات.

١٢٦

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (١٤))

صدق الله العظيم التكوير

ثانيهما : فاتحة سورة الرحمن حددت المخاطبين بآياتها وذلك من قوله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الرَّحْمنُ (١) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (٢) خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤))

صدق الله العظيم الرحمن

قوله عزوجل الرحمن هو اسم من أسماء الله الحسنى وذكر الله عزوجل اكبر رحمة للعالمين هو بعث نبيه الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام بالرسالة الخاتمة لقوله عزوجل.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧))

صدق الله العظيم الأنبياء

فالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام هو رحمة الله عزوجل للعالمين فهو أول المخاطبين بالآيات وقوله عزوجل بعد الرحمن" علم

١٢٧

القرآن" إشارة الي من سوف يكون عنده علم الكتاب وعلم الكتاب هو علم القرآن ، والذي سوف يكون عنده علم الكتاب هو الذي يشهد مع الله عزوجل يوم القيامة علي صدق إرسال النبي الحبيب بعلم الكتاب ليبهت الكفار ، وعلم الكتاب هو علم ستة آلاف ومائتين وستة وثلاثون آية بالأحرف الاعجازية التي تبدأ بها بعض السور وكثير الكثير في القرآن لا نعلمه ، وذكر من عنده علم الكتاب في القرآن الكريم.

(بسم الله الرّحمن الرّحيم (٤٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (٤٣))

صدق الله العظيم الرعد

وما زالت الأمهات تنجب من يقول علي الرسول الحبيب إنه ليس مرسلا ، وإلا آمن اليهود والنصارى في زمننا بالرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وقبل زمننا هذا ولكن سيحضر المولى عزوجل من عنده علم الكتاب يوم القيامة ليشهد بعلم الكتاب عليهم مع الله عزوجل إنهم كانوا كافرين.

الأحاديث النبوية الشريفة والقرآن الكريم بهما الإشارة والتحديد بأن المهدي عليه‌السلام هو الذي سوف يكون بإذن الله عنده علم الكتاب.

والإشارة من قول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام عن زمان المهدي بأن الأمة تنعم في عهده بنعمه لم تنعمها من قط وهل ترون نعمة في الدنيا أنعم من علم الكتاب ، وجاء في الأحاديث النبوية الشريفة

١٢٨

أن الدجال وأعوانه يحاصرون المسلمين بقيادة المهدي السلام في مدينة بيت المقدس فلا يجد المسلمين الطعام والشراب فيسبحون الله عزوجل فيسري عليهم التسبيح مسري الطعام والشراب إلا قليلا ووصفهم الرسول الحبيب بأنهم كالملائكة في التسبيح وعدم الآكل ، وجاء وصفهم في القرآن الكريم كذلك مع وصف المهدي عليه‌السلام انه علم للساعة ويجب اتباعه ولم يوصف بأنه شرط للساعة او ذكرى للساعة بل وصف انه علم وهذه إشارة وقول كافي لكي نعلم أن المهدي عليه‌السلام هو الذي سوف يهب له الله عزوجل علم الكتاب فيحكم به دون خطا او عيب والآيتان.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٥٩) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ (٦٠) وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١))

صدق الله العظيم سورة الزخرف

وقوله عزوجل ("إِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ") يفيد قسم المولى بعلمه للكتاب علي أبواب الساعة وعند تواجد من عنده علم القرآن الكريم هل يبخل بعلم القرآن علي المسلمين ولذلك جاء في سورة الطور ذكر (" كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ") بين حرمين لله وهما الطور والبيت المعمور وبتتبع الكيفية التي ذكر الله عزوجل بها القرآن الكريم" الكتاب" او الكتب المنزلة علي المرسلين من قبل تبين أن (" كِتابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ") ليس رسالة من الله عزوجل وذلك كما جاء

١٢٩

في تدبر سورة الطور في الفصل السادس من هذا الكتيب ، ومن ثم جاء التأويل بأنه كتاب المهدي ـ عليه‌السلام ـ به علم الكتاب وذلك عند توليه الخلافة وتكون له صفة الانتشار وذلك وخاصة بان الله عزوجل حدد انتشار العلم بأنه يكون بالقلم ("الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ") ولن يكون انتشار علم الكتاب عن طريق السمع علي الرغم من تواجد الإذاعات والتلفزيون وهما مذكورتين في القرآن الكريم والأحاديث النبوية ، وعلم الكتاب هو علم القرآن هو علم الله عزوجل فلا يحيط أحد بهذا العلم إلا بما شاء ("وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ") وقوله عزوجل بما شاء يفيد انه شيء غير عاقل ولذلك فإن (ما) تشير إلى كتاب مسطور في رق منشور ولو جاء القول إلا بمن شاء لكان المعنى من عنده علم الكتاب يقص علم الكتاب علي الناس ليسمعوه وينقلوه سماعي وقوله عزوجل في سورة الرحمن" علم القرآن" يفيد أن علم القرآن الكريم كله بصراطه المستقيمة الواحدة دون تداخل أي تأويلات أخرى معه سوف يصل للناس في الدنيا ولو في أخر الزمان ، ويدعم ذلك التأويل ما جاء بسورة النباء في قول الله عزوجل ("عَمَّ يَتَساءَلُونَ. عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ. الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ. كَلَّا سَيَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ"). سورة النبا وقول الله عزوجل النباء العظيم اجمع العلماء على انه هو نباء القرآن الكريم ، وذكر المولى عزوجل ("كَلَّا سَيَعْلَمُونَ. ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ"). يفيد أن النباء العظيم يأتي العلم به مرتين ، وهذا ما يدعم هذا التأويل ، انه يأتى تأويله على يد المهدى علية السلام فى أخر الزمان عند توليه الخلافة ، ثم يوضع مرة أخرى للمجرمين يوم القيامة ، والله سبحانه وتعالى هو العليم الخبير.

١٣٠

وجاء ذكر بعث المولى عزوجل للمهدي عليه‌السلام في آيتين بالقرآن الكريم ليدين بهما الخلق وجاءت أحاديث النبي عليه أفضل الصلاة والسلام مبينة لهذا البعث والآيات :

بسم الله الرّحمن الرّحيم (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٩) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٠) كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (١٥١) فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ (١٥٢))

صدق الله العظيم البقرة

وورد في كتب التفسير وهي التفسيرات الشائعة أن قول الله عزوجل ("وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ") عرفتكم قبلتي قاله الزجاج واتمام النعمة بالهداية بالقبلة ، وقيل دخول الجنة وقيل التشبيه واقع علي النعمة في القبلة كالنعمة في الرسالة.

بيد أن العلم القرآنى الذي أحاط بالكعبة أنها وجهه يتوجهه إليها المسلمين في صلاتهم وهي البيت الحرام والبيت المعمور بالأرض جعلها الله عزوجل مثابة للناس وأمنا وان يتخذ المسلمين من مقام إبراهيم مصلي وفرضا لمن يستطيع أن يحج البيت او يعتمر ، فهو مكان مقدس وحرمة من حرمات الله عزوجل وجعل الصلاة فيه بخشوع وقلب سليم بمقام عشرة آلاف صلاة أو أكثر فيما دونه عدا المسجد النبوي الشريف

١٣١

وبيت المقدس ولكن ليس للكعبة البيت الحرام أن تهدي الناس وتعلمهم الكتاب والحكمة وتزكيهم وتعلمهم ما لم يكونوا يعلمون ولا تشهد علي الأمم يوم القيامة ولكن نعمة الهدي إلى دين الله من خلال علم القرآن الكريم يتم ببعث الرسل لهداية الناس ودفعهم الي الحق بالكتب السماوية المنزلة عليهم وبأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر وامتداد الهدى للمرسلين عليهم الصلاة والسلام يكون في أولياء الله من بعدهم وأمثلة ذلك الهدى في أولياء الله من القرآن الكريم في عزير عليه‌السلام الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه فلم تثبت آيات الله عزوجل أنه نبي ودل الأثر انه علم بني إسرائيل في زمن عصيب لهم التوراة ، ثم كفروا بعد ذلك وادعوا انه ابن الله والعياذ بالله ، ومن الهدى الذي جعله الله بواسطة أولياؤه الصالحين ما كان للخضر وذي القرنين عليهما‌السلام والأمثلة على جعل الله عزوجل الهدى في المرسلين وأصفياؤه من بعدهم سواء كانوا أنبياء أو أولياء لله من آيات الله عزوجل :

(بسم الله الرّحمن الرّحيم (٧١) وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ (٧٢) وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ وَكانُوا لَنا عابِدِينَ (٧٣))

الأنبياء

١٣٢

((٢٢) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٢٣) وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَكانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ (٢٤))

السجدة

(قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٥٨))

صدق الله العظيم الأعراف

وقول الله عزوجل في آيات بعث المهدى ("وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ") ، هو وعد الله عزوجل بإتمام نعمه الهدى علي المسلمين كما أتمها من قبل بإرسال الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويعلمهم ما لم يكونوا يعلمون ، وهو ختام الدين الذي تحدث عنه الرسول الحبيب ببعث الله عزوجل للمهدي عليه‌السلام في آخر الزمان ، وهو من عنده علم الكتاب بدلائل أحاديث النبي الحبيب والقرآن الكريم ، والذي يحكم بما أنزل علي النبي الخاتم الحبيب ولا يخطئ في حكمه بعلم الكتاب وتأيد المولي عزوجل له.

وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال" قلت يا رسول الله آمنا المهدي أو غيرنا؟

فقال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام :

١٣٣

" بل منا (١) ، يختم الله به الدين ، كما فتحه بنا"

صدق رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام

أخرجه جماعة من الحفاظ في كتبهم ، منهم أبو القاسم الطبراني ، وأبو نعيم الاصبهاني ، وعبد الرحمن بن أبى حاتم ، وأبو عبد الله نعيم بن حماد ، وغيرهم.

* مبعوث الله عزوجل في آخر الزمان المهدي عليه‌السلام ـ يؤتيه الله عزوجل ملك عظيم :

ومن قوله عزوجل :

(بسم الله الرّحمن الرّحيم أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (٥١) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (٥٢) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (٥٣) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (٥٤) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (٥٥))

صدق الله العظيم سورة النساء

وهو قول الله عزوجل ألم تعلم بالذين أوتوا نصيبا من الكتاب وهم من بني إسرائيل يؤمنون بالسحر والشيطان والعياذ بالله ، وهذا ما اخبرنا

__________________

(١) عقد الدار في اخبار المنتظر ـ ليوسف الشافعي ـ من علماء القرن السابع الهجري

١٣٤

به المولى عزوجل في كتابه بأنهم اتبعوا ما تتلوا الشياطين علي ملك سليمان عليه‌السلام وما كفر سليمان عليه‌السلام ولكن الشياطين كفروا ، وبالتالي فإن هم كفروا لأنهم اتبعوا ما تتلوا الشياطين على هذا الملك فإن حرفوا عن الصراط والأيمان ، ويقولون لكفار مكة وقت تنزيل الوحى على الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام إنهم أهدى من الذين اتبعوا النبى الحبيب ، فالذين قالوا ذلك هم الذين لعنهم الله ولا ينصرون ، فكشف الله عزوجل عن مرادهم وهو الملك الذي لو أصبح عندهم فلا يؤتون أحدا شيئا ، وهذا من أعجاز قول الله عزوجل ولاح ظاهره بالأفق بعد ظهور بنى إسرائيل فى آخر الزمان ووعد الآخرة ، وما وجدناهم إلا يريدون الملك فبحثوا عن هيكل سليمان عليه‌السلام عن طريق نفق فعلوه تحت بيت المقدس فى تسعينات القرن العشرين ، وذلك تحسبا لظهور ملكهم الدجال لينصبوه ملكا على العالم ، ولانهم اصلا كفروا بالأيمان من بعد سليمان عليه‌السلام وقتلوا الأنبياء ورغبوا فى الفساد وأعرضوا عن الحق وكرهوا ما نزل على سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، فهم الابعد عن فهم ملك سليمان عليه‌السلام ، وما كان ملك سليمان إلا وهبه من الله عزوجل لهذا الرجل الصالح ومن معه بالإيمان ، ولا يصلح الهيكل الا لسليمان عليه‌السلام كما لا تكون الجنة إلا لأهلها ، والدليل على ذلك بعد موت سليمان عليه‌السلام انقض هذا الملك ولم يصلح الهيكل لاحد بعده ولذلك جاء دعاء سليمان ("رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ") ، فلا ينبغى هذا الصرح او الهيكل لاحد بعد سليمان عليه‌السلام ، ولو احضروا كنوز الدنيا لعمل هيكل ما اتاهم الله عزوجل الملك ، لانهم على ركيزة كفر ولعنه من الله عزوجل ، ثم جاءت الآية التالية تخبرنا أم

١٣٥

يحسدون الناس على ما اتهم الله عزوجل من فضله فإن الله عزوجل اتى آل إبراهيم الكتاب والحكمة واتاهم ملكا عظيما ، والذى اتاه الله عزوجل الكتاب والحكمة هو الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام لقوله عزوجل :

(بسم الله الرّحمن الرّحيم (١١٢) وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (١١٣))

صدق الله العظيم النساء

وبتتبع لفظ الكتاب والحكمة فى آيات القرآن الكريم وجد إنها ذكرت فيه مجتمعة تسعه مرات منها الآية السابقة التى تفيد إيتاء الله عزوجل لنبيه الخاتم الحبيب الكتاب والحكمة ، وأربعة مرات ذكرت أن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام يعلمنا الكتاب والحكمة وذلك فى سورة البقرة آية (١٢٩) ، (١٥١) وسورة آل عمران آية (١٦٤) وسورة الجمعة آية (٢) ، ومرة ذكرت أن نذكر نعمة الله عزوجل علينا وما أنزله علينا من الكتاب والحكمة بسورة البقرة (٢٣١) ، ومرتان وعد الله عزوجل لمريم عليها‌السلام أن الله عزوجل سوف يعلم عيسى عليه‌السلام الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل وذلك على سبيل العلم بسورة آل عمران آية (٤٨) وآية أن الله عزوجل علم عيسى عليه‌السلام الكتاب

١٣٦

والحكمة والتوراة والإنجيل بسورة المائدة آية (١١٠) وذلك على سبيل العلم أيضا ، أما الكتاب والحكمة" القرآن الكريم" الذى تعلمه عيسى عليه‌السلام فهما منسوبان للنبي الخاتم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، والتوراة منسوبة لموسى عليه‌السلام ، أما الإنجيل فهو منسوب لعيسى عليه‌السلام لقوله عزوجل :

(بسم الله الرّحمن الرّحيم (٤٥) وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (٤٦))

المائدة

((٢٦) ثُمَّ قَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِرُسُلِنا وَقَفَّيْنا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (٢٧))

صدق الله العظيم الحديد

ومن ثم فإن اليهود فى زمن الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام يريدون الملك وهو ليس لهم ، لأن الله عزوجل آتي الرسول الخاتم الحبيب الكتاب والحكمة واتى خليفة الله المهدى فى آخر الزمان ومن معه ملكا عظيما وهو حفيد النبي عليه أفضل الصلاة والسلام ، والدلائل التى

١٣٧

تدل على أن الملك العظيم سوف يأتيه الله عزوجل للمسلمين بقيادة خليفة الله المهدى فى آخر الزمان عديدة ، ومنها أن الله عزوجل عطف الملك العظيم على الكتاب والحكمة بحرف الواو ، وهذه دلالة أن الذين سوف يأتون الملك العظيم هم الذين أوتوا الكتاب والحكمة" القرآن الكريم" فلا يكون لليهود فى زمن النبى وما بعده نصبا من الملك ، والدلالة الثانية أن الله عزوجل لم يذكر الملك العظيم انه اتاه لاحد قبل بعث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ، وان الذين أتوا الملك قبل النبى الحبيب من الأنبياء او الأولياء عليهم‌السلام ذكروا بانهم اوتوا ملك او أوتوا الملك ، أما لفظ ملكا عظيما لم يأتي فى القرآن كله الا فى هذه الآية مقرونا بالكتاب والحكمة" القرآن الكريم".

ولقد وجاء ذكر هذا الملك فى الأحاديث النبوية كثيرا منها.

(١) عن عبد الله بن عباس ، رضى الله عنهما ، قال : قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام :

" ملك الأرض أربعة : مؤمنان وكافران ، فالمؤمنان ذو القرنين وسليمان ، والكافران نمرود وبخت نصر ، وسيملكها خامس من أهل بيتى".

صدق رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام اخرجه ابو الفرج ابن الجوزى فى تاريخه عن ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام :

__________________

(١) عقد الدرر فى اخبار المنتظر ـ ليوسف الشافعى ـ من علماء القرن السابع الهجرى.

١٣٨

" (١) المهدى منى ، اجلى الجبهة ، أقنى الأنف يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت ظلما وجورا ، يملك سبع سنين"

صدق رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام أخرجه الإمام أبو داود فى" سننه"

(٢) عن حذيفة بن اليمان رض الله عنه ، قل رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام" المهدى رجل من ولدى ، وجهه كالكوكب الدرى ، اللون عربي ، والجسم اسرائيلى ، يملأ الأرض عدلا ، كما ملئت جورا ، يرضى فى خلافته أهل الأرض وأهل السماء ، والطير فى الجو ، يملك عشرين سنة"

صدق رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام اخرجه الحافظ بن نعيم فى" مناقب المهدى"

(٣) عن فاطمة بنت زيد بن الحارثة عن ابيها عن جدها ، عن النبى عليه أفضل الصلاة والسلام انه قال" انا محمد سيد ولد آدم ولا فخر ، أنا محمد خير البشر ولا فخر يولد لى حفيد هو خير البشر فى أيام الكرب الأكبر للمسلمين ، يفتح الله له كل الدنيا ، ويؤتى من كل شيئا سببا".

صدق رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام

__________________

(١) عقد الدرر فى اخبار المنتظر ـ ليوسف الشافعى

(٢) عقد الدرر فى اخبار المنتظر ـ ليوسف الشافعى

(٣) المهدى المنتظر على الابواب ـ للاستاذ محمد عيسى داود

١٣٩

الأقمار الصناعية بأنواعها وأصنافها

(فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ. الْجَوارِ الْكُنَّسِ. وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ. وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ).

(١) جاء فى التفسير أن الخنس هى الكواكب ، وقالوا انها النجوم تخنس بالنهار وتظهر بالليل ، وتكنس اى تستتر ، وقالوا الخنس البقر والكنس الظباء ، وقيل الخنس من الخنس فى الانف اى تاخير أرنبة الانف وقصر القصبة ، وانوف البقر والظباء خنس ، ثم قالوا : والاصح الحمل على النجوم لذكر الليل والصبح.

وحيث أن الخنس تأتى بمعنى المختفيات ، ولا تفيد الآيات انها تختفى وتظهر بل انها تختفى فقط عند ما تكون جوار كنس ، واختفائها أما لكونها مغيبة عن الأنظار او لانها بعيدة جدا فلا يمكن رؤيتها ، وجاءت الآيات مع آيات سورة التكوير التى تحمل أشراط الساعة العظام ، ومن ثم فإن تأويلها يرجع إلى قول الله عزوجل" فقد جاء أشراطها".

الخنس جمع ومفردها خناس : والخناس بمعنى المختفي لقول الله عزوجل :

("الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ") : اى الذي يوسوس فى صدور الناس دون أن يراه الناس فهو خناس اى مختفي ، والكنس كمعنى كنس القمامة التى فى المكان ، فلا يوجد شىء بالمكان إلا كنس بالمكنسة ، وربط الله عزوجل بين الخنس الجوار الكنس والليل اذا عسعس والصبح اذا تنفس بحرف عطف واو يفيد أن الخنس تكون جوار كنس اى تكنس المكان الواحد حتى اذا عسعس الليل" اى وقت

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن الكريم ـ تفسير القرطبى ـ شرح الخنس الجوار الكنس

١٤٠