النذير الأخير

خالد إسماعيل إبراهيم

النذير الأخير

المؤلف:

خالد إسماعيل إبراهيم


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتاب المصري
الطبعة: ٠
ISBN: 977-17-0597-9
الصفحات: ٢٥٢

صنعوا النازعات واخوتها هم دول الغرب وأمريكا وغيرهم من البلاد الغير مسلمة ، وذلك بقوله الكريم :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها (٢٧) رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها (٢٨) وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها (٢٩) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها (٣٠) أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها (٣١) وَالْجِبالَ أَرْساها (٣٢) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٣)) النازعات

صدق الله العظيم

وذلك ليروا عظمة خلق الله عزوجل بجانب ما صنعوه ، وأنه سوف تأتى الطامة الكبرى وهى يوم القيامة ، وسوف يتذكرون ما فعلوه وسعوا إليه ، فيكون الجحيم هى مأواهم ، ولكن الذى خاف مقام الله عزوجل ونهى نفسه عن الهوى فسوف تكون الجنة هى مأواه ، وإنهم يسألونك عن الساعة والذى سوف ترسى عليه من أحداث ، فإن الذى أنت فيه من التنزيل من ذكر مرساها ، أى أن ظهور النازعات غرقا وأخواتها من أشراطها ، وسوف تنتهى هذه المحدثات بإذن ربك بالساعة ، ولكنك أنت منذر الذى يخشى هذا الوقت ، لقوله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها (٤٢) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (٤٣) إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها (٤٤) إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها (٤٥)) النازعات

صدق الله العظيم

٢١

ملحوظة : من شدة البراهين فى هذه السورة" النازعات" على إنها من ذكرى الساعة ، وذلك مما يلفت انتباهنا الى السور التى على شاكلتها فى الاسلوب مثل والعاديات والذاريات والصافات والمرسلات.

إن النازعات والناشطات والسابحات فالسابقات فالمدبرات آيات من آيات الله عزوجل اللاتى أنزلت على الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام فى سورة النازعات ، وصدق ظهور هن منذ أكثر من ستين سنة ، وصدق الله العظيم حيث قال :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)) فصلت

صدق الله العظيم

** ذكر السفن العملاقة للمسافرين والبضائع

فى قوله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** (٢٣) وَلَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٢٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٢٥)) الرحمن

((٣١) وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٣٢) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣)) الشورى

صدق الله العظيم

٢٢

والمنشآت تفيد شدة علوها والأعلام تؤكد علوها حيث أن الأعلام توضع فوق قمم الجبال العالية ، " إن فى ذلك لآيات لكل صبار شكور" تفيد الصبر لظهورها حيث أنها غير موجودة وقت التنزيل ولا قبله ، وهى السفن العملاقة الموجودة الآن.

٢٣

الفصل الثانى

ذكر الطائرات الحربية والمدنية

فى القرآن الكريم

الطائرات الحربية

فى قول الله عزوجل

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥)) صدق الله العظيم

ورد فى كتب التفسير وهى التفسيرات الشائعة (١) ، (وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) :

أى الأفراس تعدو. كذا قال عامة المفسرين وأهل اللغة ، أى تعدو فى سبيل الله ، قال قتادة : تضج اذا عدت ، اى تحمحم وقال الفراء : الضبح صوت انفاس الخيل اذا عدون (فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) : قال عكرمة وعطاء الضحاك : هى الخيل حين تورى النار بحوافرها ، وهى سنابكها ، وروى عن ابن عباس. وعنه أيضا : أورت بحوافرها غبارا. وهذا يخالف سائر ما روى عنه فى قدح النار ، (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) : الخيل تغير على العدو عند الصبح ، عن ابن عباس وأكثر المفسرين (فأثرنا به نقعا) : أى غبار ، يعنى الخيل تثير الغبار بشدة العدو فى المكان أغارت به ، وفى الصحاح : النقع الغبار ، والجمع نقاع. والنقع محبس الماء. وكذلك ما اجتمع فى البئر منه. وفى الحديث أنه نهى أن يمنع نقع البئر. والنقع الأرض الحرة الطين يستنفع فيها الماء ، والجمع نقاع وأنقع ، مثل بحر وبحار وأبحر (فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) : " جمعا" مفعول ب" وسطن" أى فوسطن بركبانهن العدو.

ولكن على الرغم من التزام المفسرين بمعانى الكلمات اللفظي ، إلا أن

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن الكريم ـ تفسير القرطبى.

٢٤

هناك سياق فى الآيات لم أجد مفسرا علق عليه ، وهو حرف الفاء الذى يفيد ترتيب الحدث بعد الحدث ولكن على حسب إتباع المعنى اللفظى فقط ، يتضح أنه يمكن أن تكون العاديات ضبحا مغيرات صبحا دون أن تكون موريات قدحا ، وذلك لأن غارتها قد تكون على رمال فلا تطأ الحصى حتى يخرج النار فى حوافرها ، ولكن الآية (" فَالْمُورِياتِ قَدْحاً") إلزامية أى لا يمكن أن تكون المغيرات صبحا حتى تكون عاديات ضبحا ثم موريات قدحا.

وذلك على سبيل المثال فى قول :

وصلت الطائرة فنزل المسافرين فركبوا السيارات إلى بيوتهم فلا يمكن أن ينزل المسافرين قبل وصول الطائرة ، وكذلك لا يمكن أن يركبوا السيارات قبل وصول الطائرة ونزولهم منها.

ولكن جاءت سورة النازعات بها برهانين يفيدان انها صناعة سوف يصنعها الإنسان ، وجاء تحديد زمن هذه الصناعة أنها تكون من ذكرى الساعة وأشراطها ، انظر شرح سورة النازعات بالفصل الأول.

وأنه جاءت سورة العاديات ضبحا على شاكلة سورة النازعات غرقا ، وذلك مما يجعلنا نتجه إلى تفسيرها على أنها شرط من أشراط الساعة ، وأنها ستكون صناعة يصنعها الإنسان أيضا.

ومن ثم فإن تأويل (" الْعادِياتِ ضَبْحاً") يرجع إلى قول الله عزوجل :

(" فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها") ، وانه سوف تظهر هذه العاديات كشرط من أشراط الساعة لتزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم بفضل الله عزوجل.

(وَالْعادِياتِ ضَبْحاً) : العاديات جمع ومفردها عادية ، والعادية هى صفة الشيء الذى يسرع فى العدو ، وضبحا هو الصوت الذى يخرج من العاديات أثناء عدوها وإسراعها ، ومن ثم فان المعنى لل" عاديات ضبحا" : أى الأشياء

٢٥

التى يخرج منها صوت ضابح أثناء إسراعها فى العدو ، وهذا ينطبق على الطائرات المروحية فى بدء تصنيعها ، فهى أثناء طيرانها يخرج منها أصوات كالضج ، وينطبق أيضا هذا الوصف على الدراجات البخارية ، ولكن المعنى هنا بالآيات هو الطائرات الحربية ، وذلك لتوافق آياتها بشدة لاستخراج هذا المعنى المطابق تماما على الطائرات الحربية ولا غيرها.

(فَالْمُورِياتِ قَدْحاً) : الموريات جمع ومفردها مورى ومصدرها ورى ، و (ورى) (١) الزند ـ (يرى) وريا ، ووريا : خرجت ناره فهو وار ، وعلى هذا فإن الوريات هى الخارجات نارها ، فتكون الموريات هى المخرجات نارها.

وقدح بالزند (٢) ـ قدحا : ضرب به حجره لتخرج النار منه ، وعن ابن مسعود (٣) : الإبل تطأ الحصى فتخرج منها النار ، واصل القدح الاستخراج ، ومنه قدحت العين إذا اخرجت منها الماء الفاسد.

ومن ثم فإن الموريات هى المخرجات نارها ، وقدحا هى عملية استخراج الأشياء التى تخرج نارها.

فيكون المعنى" للموريات قدحا" هو قدح الموريات أى استخراج الأشياء التى يخرج نارها.

وهذه صفة الطائرات الحربية أثناء طيرانها ، فهى تقدحا" تستخرج" بالموريات" القنابل والصواريخ" اللاتى عند ما تصلن إلى اهدافها بالأرض تخرج منها النار نتيجة لعملية الارتطام بالأرض.

(فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً) : وهو بعد تزويد العاديات ضبحا" الطائرات الحربية" بالموريات قدحا" الأشياء التى تخرج منها حتى إذا وصلت إلى أهدافها

__________________

(١) مجمع اللغة العربية ـ المعجم الوجيز

(٢) مجمع اللغة العربية ـ المعجم الوجيز

(٣) الجامع لاحكام القرآن الكريم ـ تفسير القرطبى ـ شرح الموريات قدحا وسورة العاديات

٢٦

بالأرض خرجت نارها" ، فتصبح لها صفة أحداث غارات على الأعداء فى الصباح ، فى الصباح لأنها تتمكن من أهدافها صباحا أكثر منه ليلا. وهذا وصف للغارات الجوية.

(فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً) : وهو نتيجه للغارات الجوية والتطوير فى الموريات قدحا" الأشياء التى تخرج من العاديات حتى إذا ما وصلت أهدافها بالأرض خرجت نارها" ، يحدث عملية اختراق للصوارخ الحديثة للقشرة الأرضية فينتج عن هذا الاختراق خروج المياه الجوفية من باطن الأرض تاركة نفع مياه ظاهرة ، وهذا ما شاهدناه فى حرب الناتو على الصرب.

(فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) : وهو توسط الموريات" الأشياء التى يخرج نارها مثل القنابل والصواريخ" جمع الناس سواء مدن أو قرى أو مواقع تجمع الجيش ، وغيرهم من الجموع.

(إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ) : وقال أبو بكر الواسطى (١) : الكنود الذى ينفق نعم الله فى معاص الله ، وهذا إنفاق الدول على الطائرات الحربية.

والعاديات آيات من آيات الله عزوجل اللاتى أنزلت على الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ، وصدق الله العظيم وعده حيث قال :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٥٣)) صدق الله العظيم فصلت

__________________

(١) الجامع لاحكام القرآن الكريم ـ تفسير القرطبي ـ شرح كنود في سورة العاديات.

٢٧

الطائرات المدنية

فى قول الله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** (٣٦) وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٣٧) وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩)) صدق الله العظيم الأنعام

ورد فى كتب التفسير وهى التفسيرات الشائعة (١) : قال الحسن : " لو لا" هاهنا بمعنى هلا وكان هذا منهم تعنتا بعد ظهور البراهين ، وإقامة الحجة بالقرآن الذى عجزوا أن يأتوا بسورة مثله ، لما فيه من الوصف وعلم الغيوب. (" وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ") أى لا يعلمون أن الله عزوجل إنما ينزل من الآيات ما فيه مصلحه لعباده ، وكان فى علم الله عزوجل أن يخرج من أصلابهم أقواما يؤمنون به ولم يرد استئصالهم.

وقرأ الحسن وعبد الله بن إلى إسحاق (" وَلا طائِرٍ") بالرفع عطفا على الموضع ، و" من" زائدة ، التقدير : وما دابة (" بِجَناحَيْهِ") تأكيد وإزالة للإبهام ، فإن العرب تستعمل الطيران لغير الطائر ، تقول للرجل : طرفى حاجتى ، أى أسرع ، فذكر (" بِجَناحَيْهِ") ليتمحض القول فى الطائر.

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن الكريم ـ تفسير القرطبى.

٢٨

(" إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ") قال أبو هريرة : هى أمثالنا على معنى أنه يحشر البهائم غدا ويقتص للجماء من القرناء ثم يقول الله لها : كونى ترابا.

(" ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ") أى القرآن أى ما تركنا شيئا من أمر الدين إلا وقد دللنا علية فى القرآن ، أما دلالة مبينة مشروحة ، وأما مجملة يتلقى بيانها من الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.

(" وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ") ابتداء وخبر ، أى عدموا الانتفاع بأسماعهم وأبصارهم" فى الظلمات" أى ظلمات الكفر ، وقال القرطبى : كل أمة من الدواب وغيرها تهتدى لمصالحها والكفار لا يهتدون.

فى التفسير جاء التكذيب بآيات الله على الكفار وليس على الدواب والطيور لأنهم يعلمون أن الطيور والدواب لا يكذبون بآيات الله عزوجل ، ولكن الآية توضح الحشر للدابة والطائر الذى يطير بجناحيه ، ويكون المترتب على حشرهم أن الذين كذبوا بآيات الله صم وبكم فى الظلمات ، وذلك الواو كحرف عطف بينهما :

(" ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا")

من ثم فان الآية فيها مخالفة لعلمهم الراسخ بالطيور والدواب وهو انهم لا يكذبون بآيات الله عزوجل.

ولكن فى زمننا هذا ظهر الحق فى الآيتين ، ولما ذا المولى عزوجل ربط بين حشرهم وتكذبيهم بآيات الله بحرف العطف وأو ، وذلك مما يجعل التكذيب بآياته يقع عليهم.

ولكن قبل البدء فى شرح الآيات يجب البرهان على أن الطيور ليس بينهم مكذب بآيات الله وكذلك الدواب من غير الإنسان ، وذلك من آيات الله عزوجل.

١ ـ بالنسبة للطيور ، وذلك فى قول الله عزوجل :

٢٩

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ)

صدق الله العظيم النور

ولفظ الطير يفيد الجمع بين الطيور بلا استثناء وذلك لأنها معرفة بأل.

٢ ـ وبالنسبة للدواب وذلك فى قول الله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ)

صدق الله العظيم الحج ١٨

وهنا أتى ذكر الدواب من غير الإنسان معرفة بأل تفيد أن جميعهم يسجدون لله وعند التدبر فى هذه الآيات بالمعنى والحرف وجد أنها ترجع إلى قول الله عزوجل : " فقد جاء اشراطها" ، وأن الدابة التى فى الأرض والطائر الذى يطير بجناحيه الذين هم أمم أمثالنا فى الحشر والتكذيب بآيات الله لم يتواجدوا فى عصر النبى الحبيب صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وظهورهم هو شرط من أشراط الساعة ليزيدوا المؤمنين إيمانا على إيمانهم بفضل الله عزوجل ، وذلك كالآتى :

(وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) : وهو سؤال الكافرين النبى عليه أفضل الصلاة والسلام أن ينزل عليهم آية ، والقصد كما أرسل الأولون كنار إبراهيم عليه‌السلام أو عصى موسى عليه‌السلام ....... إلخ مما أرسل به الرسل من قبل ، أو ينزل عليهم الملائكة ، أو ينزل إليه ملكا فيكون معه نذيرا ، أو يلقى إليه كنزا

٣٠

أو تكون له جنة يأكل منها ، فأنزل الله عزوجل عالم الغيب والشهادة الآيتين (" وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ ") ... إلى قوله عزوجل (" عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ") ولانهم كفروا بتنزيل الله عزوجل فهم الابعد عن تفهم إعجاز القرآن الكريم ، ولكن المؤمنين يعلمون إعجاز القرآن ، وهو الأخبار بغيوب لم تتم ، ووقوعها يكون برهان على أنه لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، وذلك من قول الله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الم (١) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) صدق الله العظيم البقرة

أى هذا القرآن الكريم تحمل آياته أمور غيبية سوف تحدث تكون هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب.

(وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ) : دابة مفرد وجمعها دواب ، وهى الدواب التى تمشى على الأرض.

(وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) : طائر هو الشيء الذى له صفة الطيران ، وبجناحيه تحديد أن يكون هذا الطائر له جناحين فقط.

(إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) : لا ترتقى الطيور والدواب إلى أن تكون مثل الإنسان فى صفاته وأفعاله وخلقه وتفكيره ، وذلك لأن الله عزوجل فضل خلق الإنسان عنهم فخلقة فى أحسن تقويم لقوله عزوجل (" لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ") ـ التين ـ ، ولذلك فإن أمم أمثالكم لا تأتى إلا بمعنى ناس مثلكم ، وأمثالكم المقصود به المنزل عليهم القرآن وهم يعتبروا الأولين.

وعند مطابقة هذه الدابة التى هى أمم أمثالنا نجدها تنطبق تماما على وسائل المواصلات الحديثة التى تدب فى الأرض ، مثل القطار والأتوبيس

٣١

وغيرهما من المواصلات الحديثة ، فالقطار يعتبر دابة تحمل أمم أمثالنا ، وفى القطار الواحد مجموعة من المسلمين ومجموعة اخرى من المسيحيين ومجموعة ثالثة من اليهود ومجموعات اخرى مختلفة.

وعند مطابقة الطائر الذى يطير بجناحيه الذى هو أمم أمثالنا نجده ينطبق تماما على الطائرة المدنية التى تحمل المسافرين ، وأن من بين المسافرين مسلمين ومسيحيين ويهود وغيرهم من الأمم ، وهى الطائرة المدينة.

(ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ) : وهو أن الله عزوجل لم يفرط فى القرآن الكريم من شىء والآية غيبية إعجازية جاءت من ذكرى الساعة وأشراطها ، فذكرها المولى عزوجل كما ذكر غيرها من الآيات التى تحمل أشراط الساعة ، حتى لا يكون للناس على الله حجه فى الكتاب وعلمه.

(ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) : أن جميع من ركب من بنى آدم فى وسائل المواصلات الحديثة التى تدب فى الأرض" من دابه" ، والذين ركبوا الطائرة" طائر يطير بجناحيه" سوف يموتون ويحشرون يوم القيامة عند ربهم.

(وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ) : والذين كذبوا منهم بآيات الله صم بكم ، لقول الله عزوجل (" هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ") ـ سورة المرسلات ـ ، وفى الظلمات لقول الله عزوجل (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) (سورة طه : ١٢٤).

أن الدابة التى فى الأرض والطائر الذى يطير بجناحيه اللذين هما أمم أمثالنا آيات من آيات الله عزوجل اللاتى أنزلت على الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام فى سورة الانعام ، وصدق ظهورها منذ اكثر من سبعين عاما ، وصدق الله العظيم حيث قال :

٣٢

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(٥٣))

صدق الله العظيم الذاريات

٣٣

الفصل الثالث

ذكر الصواريخ العادية والحاملة

لرءوس نووية وعابرات القارات

فى القرآن الكريم

فى قول الله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١) فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢) فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣) فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (٤) إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٦) وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧))صدق الله العظيم الذاريات ورد فى كتب التفسير وهى التفسيرات الشائعة : عن السائب بن يزيد أن رجلا قال لعمر رضى الله عنه : إنى مررت برجل يسأل عن تفسير مشكل القرآن ، فقال عمر : اللهم أمكنى منه ، فدخل الرجل على عمر يوما وهو لابس ثيابا وعمامه وعمر يقرأ القرآن ، فلما فرغ قام إليه الرجل فقال : يا أمير المؤمنين ما (" الذَّارِياتِ ذَرْواً") فقام عمر فحسر عن ذراعيه وجعل يجلده ، ثم قال : البسوه ثيابه واحملوه على قتب ، وابلغوا به حيه ، ثم ليقم خطيبا فليقل ان صبيغا طلب العلم فاخطأه ، فلم يزل وضيعا فى قومه بعد ان كان سيدا فيهم.

وعن عامر بن واثلة أن ابن الكواء سأل عليا رضى الله عنه ، فقال يا امير المؤمنين ما (" الذَّارِياتِ ذَرْواً") (قال) : ويلك سل تفقها ولا تسأل تعنتا (" وَالذَّارِياتِ ذَرْواً") الرياح (" فَالْحامِلاتِ وِقْراً") السحاب (" فَالْجارِياتِ يُسْراً") السفن (" فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً") الملائكة.

الحمد لله الذى جعل كتابه كتابا مفصلا آياته على علم هدى ورحمة للمؤمنين.

٣٤

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٥١) وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢))

صدق الله العظيم

الأعراف

وهو الكتاب الذى لا يستطيع الباطل أن يأتيه من بين يديه ولا من خلفه ، فهو الكتاب الذى يكشف صدق التفسيرات وصدق الأسانيد من بطلانها ، وهو الكتاب الذى تكون أحاديث النبى الحبيب مبينة لآياته ، وذلك لقوم يتفكرون بعلم وهدى وكتاب منير.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٨))

صدق الله العظيم

الحج

فبالتفكير بعلم قرآني راسخ وبهدى القرآن ، واتخاذ آيات القرآن" الكتاب المنير" برهان عليهما يكشف صدق أقوال الأولين من بطلانها حتى لو اتخذوا الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وامراء المؤمنين وسيلة لبث باطل أو تأويلات ذات هوي ، فيجعلونا بأسمائهم لعلمهم أننا لا نستطيع أن نجادل فى أقوالهم ، ولكن آية الله عزوجل فاصلة فى اتخاذ أحاديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام مبينة للذكر وهو بشرط أساسى وهو التفكر فى الذكر ، وهكذا جاء قول الله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)) صدق الله العظيم النحل

٣٥

ثم وضع الله عزوجل منهاج هذا التفكير حتى لا يدخل فيه هوى ، وهو التفكر بعلم قرآني راسخ والتفكر بهدى القرآن وهو صراط مستقيم ، ثم البرهان عليهما بكتاب منير وهو آيات القرآن الكريم نفسه ، وهكذا نعيد ذكر الآيات :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ)

الحج : ٨

((٥١) وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢))

الأعراف

(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠)) صدق الله العظيم لقمان

وعند تطبيق منهاج الله عزوجل فى التفكر يتضح أن أحاديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام مبينة بيانا للذكر ، وهذا ما تم إثباته فى معظم هذا الكتيب ، والعكس صحيح عند تطبيق القاعدة الإلهية العظيم ، اتضح أن هناك بعض أقوال بأسماء الصحابة وأمراء المؤمنين بل وباسم الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام متعارضة تماما مع علوم القرآن الراسخة وهدى القرآن الذى هو الصراط المستقيم وذلك بعد الإثبات لها من

٣٦

القرآن الكريم نفسه ، فلا أجد مفر من القول عليهم" من كذب على النبى الحبيب متعمدا فليتبوّأ مقعده من النار" ولا حرج ، وكذلك من أتخذ الصحابة وأمراء المؤمنين وسيلة إلى ذلك.

أما فى تفسير آيات سورة الذاريات (" الذَّارِياتِ ذَرْواً") الرياح (" فَالْحامِلاتِ وِقْراً ") السحاب (" فَالْجارِياتِ يُسْراً") السفن (" فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً") الملائكة وذلك عن على رضى الله عنه وأرضاه ، فعلى هذا يكون التفسير ، أنه تكون الرياح فالسحاب فالسفن فالملائكة ، وقد يكون السحاب قبل أن تهب رياح ، أو تكون السفن جارية فى البحر والسماء ليس بها سحاب ولا رياح ، وهذا يفيد عدم الالتزام بحرف العطف وهو الفاء الذى يفيد ترتيب الحدث بعد الحدث ، أما ما جاء فى قول المقسمات أمرا هى الملائكة ، وهذا هو التانيث لاسماء الفاعل ، ولا تؤنث أسماء الفاعل إلا إذا كانت الفاعلات إناثا (١) ، وهذه حرمانية وقع فيها التفسير ، لأن الله عزوجل وضع حرمانية بائنة فى كتابة لمن يسمى الملائكة تسمية الأنثى ، وذلك لقوله عزوجل :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧)) صدق الله العظيم النجم

وجاء ذكر الله عزوجل للملائكة فى القرآن كله بجمع المذكر السالم ، وهذان مثلان.

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ)

صدق الله العظيم النساء

__________________

(١) وذلك كقول الله عزوجل : " وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ" ، فالذاكرين هم الذكور والذاكرات هن الاناث.

٣٧

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ** (٨) إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ) صدق الله العظيم الانفال

ولهذا فإنى أضع الحرج على هذا التأويل ، وهو أن تكون الملائكة إناثا والعياذ بالله أو تكون الأفعال أو الأحوال" اسم فاعل أو اسم مفعول" الناشئة عنها بالتانيث والعياذ بالله ، كما أضع الحرج ان يكون القائل هو على بن أبى طالب كرم الله وجهه.

ولكن جاءت سورة النازعات بها برهانين يفيدان أنها صناعة سوف يصنعها الإنسان ، وجاء تحديد زمن هذه الصناعة أنها تكون من ذكرى الساعة وأشراطها ، أنظر شرح سورة النازعات بالفصل الأول.

وأنه جاءت سورة الذاريات ذروا على شاكلة النازعات غرقا ، وذلك مما يجعلنا نتجه إلى تفسيرها على أنها شرط من أشراط الساعة ، وأنها صناعة سوف يصنعها الإنسان أيضا.

ومن ثم فإن تأويل (" الذَّارِياتِ ذَرْواً ") يرجع إلى قول الله عزوجل : (" فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها") ، وأنه سوف تظهر هذه الذاريات ذروا كشرط من أشراط الساعة لتزيد المؤمنين إيمانا على إيمانهم بفضل الله عزوجل.

(وَالذَّارِياتِ ذَرْواً (١)) : الذاريات ذروا تأتى بمعنى الطائرات بسرعة وشدة فى السماء أو المندفعات بسرعة وشدة فى السماء وذلك من قول الله عزوجل :

(فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ (٤٥)) ـ الكهف

٣٨

وتذروه الرياح أي تطيره الرياح ، فيكون حال الهشيمة الواحدة أنها ذارية أي طائرة ، فيكون حال الهشيم كجمع أنهن ذاريات أي طائرات في السماء أو مندفعات في السماء ، وذروا تفيد شدة اندفاعها في السماء.

من ثم فإن (" الذَّارِياتِ ذَرْوا ً") هي المندفعات في السماء بشدة وسرعة ، والواو تفيد قسم الله عزوجل بها ، وتنطبق هذه الأشياء التي تندفع بسرعة وشدة في السماء على الصواريخ التى تم صنعها منذ أكثر من ثمانين سنة وما زالت تطور ، فهي تندفع في السماء بسرعة قد لا تراها العين المجردة ، وهو الصاروخ في بدء تصنيعه ، وفعل الصاروخ الواحد البدائي أنه يدمر في حدود عشرة مترا مربعا تقريبا من مكان سقوطه ومدى اندفاعه في السماء ما بين ١٠ أو ٢٠ كيلومترا مربعا.

(فَالْحامِلاتِ وِقْراً (٢)) : ووقرا بفتح الواو بمعنى الذى يحجب السمع عن الاذن لقول الله عزوجل :

(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٨)) صدق الله العظيم ـ سورة ـ لقمان ـ وأما وقرا بكسر الواو بمعنى ثقل الحمل ، فيكون المعنى فى الآية فالحاملات حملا ثقيلا ، والحاملات وقرا هى التى تحمل ما هو اكثر من حمل الذاريات ذروا ، وحمل الذاريات ذروا يدمر فى حدود ١٠ أو ٢٠ مترا مربعا من مكان سقوطها ، ومن ثم فإن الحاملات وقرا بحملها الثقيل تدمر ما هو اكثر بكثير من الذاريات ذروا ، وهذا ينطبق على الصواريخ التى تحمل الرءوس النووية ، وهى من أسلحة الدمار الشامل ، وتدل الفاء فى كلمة فالحاملات أن الحاملات وقرا ظهرت بعد الذاريات ذروا ، وهذا الذى حدث بالفعل ، وهو صناعه الصواريخ العادية ذات البارود ، وبعد اكتشاف قوة الانشطار النووى والقنبلة الذرية أصبحت الصواريخ تحمل

٣٩

برءوس نووية ، وتلاحظ أن كلمة الصاروخ الذى أطلقه العلماء على هذا الشيء لا يفيد صفته ، ولكن المعنى الأدق لكلمة الصاروخ هو الذاريات ذروا ، والمعنى الادق للصواريخ حاملة الرءوس النووية هو الذاريات ذروا فالحاملات وقرا ، وسبحان الله العظيم عالم الغيب والشهادة حيث قال :

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢)) صدق الله العظيم يوسف

(فَالْجارِياتِ يُسْراً (٣)) : وهى الذاريات بعد تطويرها لتحمل وقرا ، طورت كثر ليكون مرماها بعيد المدى جدا كالصواريخ التى مرماها ٤٠٠٠ كيلوا مترا والصواريخ عابرات القارات ، وصفة هذه الصواريخ أنها تندفع فى السماء بيسر ، وأنها تندفع راسى فى السماء بشكل ملحوظ للعين المجردة ويخرج من مؤخرتها بعض النيران ، حتى ترتقى إلى طبقة معيّنة فى السماء فتغير جريانها واندفاعها الراسى إلى الجريان والاندفاع الذى يوازى سطح الأرض ذاهبة إلى أهدافها التى قد تكون فى قارة اخرى ، وهى مزودة بعقل اليكترونى مبرمج به عدد الكيلومترات التى يجب أن يسيرها هذا الصاروخ حتى يسقط على الهدف المحدد ، وغالبا ما تحمل برءوس نووية ، فالجاريات يسرا هى التطور النهائى لهذه الصواريخ فى القرآن الكريم ، وهذا الذى وصل إليه مخترعى الصواريخ ، فإن بدء تصنيع هذه الصواريخ كان صفة الصاروخ إنه يندفع بسرعة شديدة جدا بشكل قد لا

٤٠