غريب القرآن وتفسيره

أبي عبدالرحمن عبدالله بن يحيى بن المبارك اليزيدي

غريب القرآن وتفسيره

المؤلف:

أبي عبدالرحمن عبدالله بن يحيى بن المبارك اليزيدي


المحقق: محمّد سليم الحاج
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: عالم الكتب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٠٤

المفردات للراغب». وقد جمع فيه مؤلفه مختلف الكلمات الغريبة وأفاض في الشرح والتفصيل وتتبع مختلف اشتقاقات الكلمة واستعمالاتها في القرآن الكريم مستشهدا على ذلك بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية والأشعار والأمثال وأقوال أهل اللغة. أما كتاب اليزيدي فأقل اسهابا وتفصيلا. ولنعقد مقارنة بين كلمة من سورة البقرة عند كل من المؤلفين.

ـ (يُخادِعُونَ) [البقرة آية ٩].

ـ المعنى عند اليزيدي : يظهرون خلاف ما في نفوسهم.

ـ المعنى عند الأصفهاني : الخداع إنزال الغير عمّا هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه ، قال تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ) أي يخادعون رسوله وأولياءه ، ونسب ذلك إلى الله تعالى من حيث أن معاملة الرسول كمعاملته ولذلك قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) وجعل ذلك خداعا تفظيعا لفعلهم وتنبيها على عظم الرسول وعظم أوليائه ، وقول أهل اللغة : إن هذا على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه ، فيجب أن يعلم أن المقصود بمثله في الحذف لا يحصل لو أتي بالمضاف المحذوف لما ذكرنا من التنبيه على أمرين : أحدهما : فظاعة فعلهم فيما تحروه من الخديعة وأنهم بمخادعتهم إياه يخادعون الله ، والثاني التنبيه على عظم المقصود بالخداع ، وأن معاملته كمعاملة الله كما نبّه عليه بقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ ...) وقوله تعالى : (وَهُوَ خادِعُهُمْ) قيل معناه : مجازيهم بالخداع ، وقيل على وجه آخر مذكور في قوله تعالى : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) وقيل خدع الضبّ أي استتر في جحره ، واستعمال ذلك في الضب انه يعدّ عقربا تلدغ من يدخل يديه في جحره ، حتى قيل : العقرب بوّاب الضبّ

٤١

وحاجبه ، ولاعتقاد الخديعة فيه قيل : أخدع من ضبّ. وطريق خادع وخيدع كأنه يخدع سالكه. والمخدع بيت في بيت كأن بانيه جعله خادعا لمن رام تناول ما فيه ، والأخدعان تصور منهما الخداع لاستتارهما تارة وظهورهما تارة يقال خدعته : قطعت أخدعه ، وفي الحديث «بين يدي الساعة سنون خداعة» أي محتالة ، لتلونها بالجدب مرّة وبالخصب مرة.

٤ ـ بين «تحفة الأريب» لأبي حيّان الأندلسي و «غريب القرآن وتفسيره» لليزيدي.

سلك اليزيدي في كتابه مسلكا مغايرا للذي سلكه أبو حيان ، فلم يقدم الأول لكتابه بل بدأه مباشرة بشرح غريب سورة الفاتحة كما ذكرنا وانتهى بشرح غريب سورة الناس وحسب ترتيب سور المصحف الشريف ، بينما قدم الثاني لكتابه بمقدمة بيّن فيها أنه سيعمد إلى شرح الغريب الذي لا يعرفه إلا «من له اطلاع وتبحر في العربية» (١) ثم ابتدأ بشرح الكلمات التي أولها همزة وانتهى بشرح الكلمات التي أولها «الياء» معتمدا في ذلك الحروف الأصلية لا الزائدة.

ونرى أن كتاب اليزيدي أكثر تفصيلا من كتاب أبي حيان ، فاليزيدي يأتي بالأمثلة الموضّحة ويستشهد أحيانا بالآيات الكريمة والأحاديث الشريفة والشعر وأقوال أهل اللغة ، بينما نرى صاحب التحفة يشرح الكلمة الغريبة بكلمة أو اثنتين غير ناسب الأقوال إلى قائليها ، وهو يتفق واليزيدي في هذه النقطة لأن هذا الأخير قلّما نسب الرأي إلى صاحبه. ولنعقد مقارنة بين عدد من الكلمات لندلل على صحة ما ذكرنا.

__________________

(١) أبو حيان الأندلسي ـ مقدمة تحفة الأريب ٤٠.

٤٢

السورة

الآية

رقمها

رأي أبي حيان

رأي اليزيدي

الأعراف

 كأنك حفي عنها

 ١٨٧

 معتن

 عالم بها ، والمعنى يسألونك عنها كأنك حفي وجاء عن ابن عباس أنه قال : كأنك حفي بهم أي فرح بهم حين يسألونك. ويقال للقاضي والحاكم الحافي ، وقد تحافينا إلى فلان إذا تحاكمنا.

الأعراف

 أيان مرساها

 ١٨٧

 قرارها

 متى وقوعها. ويقال أرساها القوم إذا حبسوها ، ورست فهي ترسو.

البقرة

 الفوم

 ٦١

 الحنطة وقيل الثوم

 قال المفسرون هو الخبز والحنطة ، ويجلّى عن أهل اللغة أنهم يقولون «فوّموا لنا» اخبزوا وقالوا الفوم الحبوب. وقال آخرون هو الثوم بعينه إلا أن العرب تبدل مكان الثاء كما قالوا جدف وجدث.

البقرة

 الفلك

 ١٦٤

 السفينة

 ـ السفن وهو جميع واحده فلكة ويذكر ويؤنث. قال (في الفلك المشحون) وفي موضع آخر (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم) ويقال : الفلك واحد وجميع

الدخان

 الدخان

 ١٠

 كناية عن الجدب ويعبر به عن الشر

 قال بعض الناس : الدخان الجدب والسنون التي دعا فيها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم على مضر فقال اللهم اشدد وطأتك على مضر ، وقال آخرون لم تكن بعد.

آل عمران

 بكة

 ٩٦

 اسم لبطن مكة وقيل اسم لمكان البيت

 قال بعض المفسرين : إنّ موضع الطواف بكة لأنه يبك بعض الناس بعضا وهو الإزدحام. واسم القرية مكة. ويقال بكة مأخوذ من بككت الرجل أي وضعت منه ورددت نخوته ، وكأنها تضع من نخوة المتجبرين. وأنشد الشاهد عن أبي عبد الله :

٤٣

خلاصة :

تبين لنا بعد هذه المقارنة أن الكتب التي ألفت في هذا الموضوع سلكت في شرحها للفظ الغريب أحد سبيلين ، فقد اعتمدت ترتيب سور المصحف الشريف أو ترتيب الحروف الأبجدية ، وبعض هذه الكتب موجز وبعضها الآخر مفصل وبعضها الثالث كثير التفصيل.

وتتجلى أهمية كتاب اليزيدي في كونه نهج منهجا وسطا ، فلم يأت الشرح موجزا بحيث يبقى القارىء متعطشا إلى معرفة المزيد ولم يأت كثير الإسهاب بحيث يضيع بين التفاصيل ، فكتابه حلقة في سلسلة لا يستغنى عنها ، فصاحبا التحفة والعمدة أكثرا من الإيجاز وابن قتيبة فصّل والأصفهاني بالغ في التفاصيل.

وكما أفاد اليزيدي من كتب السابقين أفاد كتابه اللاحقين ، فعلى سبيل المثال «نرى أن مكيا بن أبي طالب أفاد من كتابه فائدة عظيمة إذ نقل ألفاظه نقلا حرفيا في كثير من المواضع.

إذا فقد أضاف اليزيدي كتابا عظيم الفائدة ، لذا كان لا بدّ من تحقيقه ونشره وخصوصا أن مؤلفه كان أحد الأعلام وأحد تلاميذ كبار أئمة اللغة والقرآن : أبي عمرو بن العلاء ، يحيى اليزيدي والفرّاء.

٤٤

مواصفات المخطوط

اعتمدت في تحقيق كتاب «غريب القرآن وتفسيره» للإمام اليزيدي على النسخة الوحيدة الموجودة في مكتبة كوبريلي في تركيا ، رقم المخطوط فيها (٢٠٥) (١) ولهذا المخطوط صورتان ميكروفيلميتان مأخوذتان عن الأصل ، الأولى في معهد المخطوطات العربية في القاهرة تحت رقم (١٥٧ تفسير) والثانية في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة الملك عبد العزيز في مكة المكرمة ، تحت رقم (٢٩٠ تفسير وعلوم القرآن) (٢).

ولا يقدح في صحة هذه المخطوطة كونها فريدة ، لأنها قورنت على نسخة المؤلف الأصلية ، وإنك لواجد في أماكن عديدة من المخطوط ألفاظا

__________________

(١) قال بروكلمان في كتابه تاريخ الأدب العربي ٢ / ١٧٠ «ويوجد كتاب : غريب القرآن وتفسيره ، رواية أبي عبد الله محمد بن العباس عن عمه الفضل ، في كوبريلي ٢٠٥ وكتب سنة ٥٣٩ ه‍.

(٢) ورد في فهرس المخطوطات العربية في كلية الشريعة في جامعة عبد العزيز ، صفحة ١٠٣ ما يلي : غريب القرآن وتفسيره لعبد الله بن يحيى بن المبارك اليزيدي البغدادي (ت ٢٣٧ ه‍) خط معتاد غير معروف ناسخه ، سنة ٥٣٩ ه‍ [٥٠ ورقة ١٥ سطرا] نسخة ميكروفيلمية مصورة عن النسخة المحفوظة بمعهد المخطوطات العربية تحت رقم ١٥٧ ، رقم الفن ٢٩٠ تفسير وعلوم القرآن.

٤٥

مثل : بلغت المقابلة ، بلغ السماع ، بلغ العرض ، بلغ السماع والعرض ، قوبلت ، وفي ختام المخطوط نجد «تم الكتاب والحمد لله رب العالمين ، وصلّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه الطاهرين وسلم. بلغت المقابلة إلى الأصل وصحت بحسب الإستطاعة ولله المنّة».

وقد ورد في أول ورقة من المخطوط اسم الكتاب ولقب المؤلف وأسماء الرواة ، والكتاب خال من المقدمة ، فقد ابتدأه المؤلف مباشرة بشرح غريب سورة الفاتحة التي قال عنها «سورة أم الكتاب»

حالة المخطوط جيدة لا ينقص منه شيء.

عدد أوراقه خمسون ، القياس ٥ ، ١٣* ١٧.

في كل ورقة ثلاثون سطرا ، (١٥) عن يمين و (١٥) عن شمال ، ويرتفع هذا الرقم أحيانا إلى (١٦) أو (١٧) في كل جهة.

يختلف عدد الكلمات الغريبة في كل سطر حسب طول الشرح أو الإختصار.

طول السطر ١٠ سنتم.

تظهر أحيانا على الهامش بعض التعليقات والشروح ، منها الواضح ومنها المبهم.

النسخة كتبت سنة ٥٣٩ ه‍ بخط النسخ الجيد ، مشكولة وعليها سماعات ، وهي سهلة القراءة.

هناك عدد من الكلمات غير الواضحة وقد أشرنا إليها في مواضعها. النقط في الكلمات واضحة ، ولكن هناك كلمات سقطت فيها النقط منها :

شأنهم ـ سأنهم.

٤٦

ربيبة ـ ربه.

بينك ـ سك.

النسيكة والذبيحة ـ النسكه والذبحة

كما أن هناك كلمات غير مهموزة وكلمات سهلت همزتها :

سواء : سوا. فداء : فدا. الحنفاء : الحنفا. علماء رحماء : علما رحما. جاء : جا. قرئت : قريت. شيئا : شيا. قائمة : قايمة. البئر : البير. الجائر : الجاير. دعائه : دعايه.

أغفل الناسخ لفظ (ظهيرا) ولكنه ذكر معناه ، في قوله تعالى : (فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً) [القصص ٢٨ / آية ١٧].

سها الناسخ عن ذكر سورة القدر ، لأن عادته أن يذكر اسم السورة ويقول «ليس فيها شيء» إن لم يكن فيها لفظ غريب. تظهر في أماكن متعددة من المخطوط أختام مختلفة.

بعد ختام المخطوط هناك ورقة تحمل السماعات ، وعن شمال السماعات هناك آيات كريمات تختلف خطا وموضوعا عن خط الكتاب وموضوعه ، وهي مفصولة عن سياقها العام إذ يبدو أن هناك كلاما سبقها وكلاما تبعها ، وأغلب الكلمات فيها غير منقوطة. وها هو نصها :

«مطلق الغنائم إلى يوم القيامة ، وقوله تعالى : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ)(١) لجواز أن يكون المقسم به نفس مكة والحل بها وبجميع الحرم ، أو أن يكون الثاني بعض الأول ، كقوله تعالى : (إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها)(٢). لشمول الزلزال جميع

__________________

(١) البلد ٩٠ / الآيتان الأولى والثانية.

(٢) الزلزلة ٩٩ / الآيتان الأولى والثانية.

٤٧

أجزاء الأرض ، والإخراج إنما يكون لبعضها ، لجواز خلوّ بعض أجزاء الأرض عن الأثقال فلا يتأتى منها الإخراج ، وقوله تعالى : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ، فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ...)(١) لجواز أن يكون من هذا القبيل ، لجواز موت بعض المبدلين قبل إنزال الرجز عليهم ، أو أن يكون الثاني غير الأول من غير زيادة ولا نقصان إذا أريد تقرير وتمكين وفضل تمييز وتعيين كقوله تعالى : (عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ، وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ)(٢) وقوله تعالى : (بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ)(٣) وقوله تعالى : (بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ)(٤) وقوله تعالى : (وَكَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ ، وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(٥) وقوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ)(٦) وقوله تعالى : (وَقالُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ ، قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً)(٧) وقوله تعالى ؛ (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ)(٨) وقوله تعالى : (ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ)(٩) أو أريد تعظيمه والمقام مقام ذلك ، كقوله تعالى : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ، قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي)(١٠) وقوله تعالى : (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ)(١١) أو في إضمار وهم الإلتباس فيما يرجع إليه الضمير في الجملة ، كقوله تعالى : (وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ ...) إلى قوله : (وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا)(١٢) وقوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ)(١٣).

__________________

(١) البقرة ٢ / آية ٥٩.

(٢) البقرة ٢ / آية ١٠٢.

(٣) المؤمنون ٢٣ / آية ٧٠.

(٤) المؤمنون ٢٣ / آية ٧١.

(٥) الزخرف ٤٣ / الآيتان ٦ و ٧.

(٦) الزخرف ٤٣ / ٤٦ ـ ٤٧.

(٧) الأنعام ٦ / آية ٣٧.

(٨) الأنعام ٦ / آية ١٠٣.

(٩) المائدة ٥ / آية ٨٩.

(١٠) الإسراء ١٧ / آية ٨٥.

(١١) الحاقة ٦٩ / ١ و ٢.

(١٢) البقرة ٢ / آية ١٠٢.

(١٣) الحج ٢٢ / آية ٥٢.

٤٨

٤٩
٥٠

٥١
٥٢

٥٣
٥٤

٥٥
٥٦

٥٧
٥٨

٥٩
٦٠