وليس لدينا أوضح ، ولا أدق من هذا لدعم رأينا ، الّذي هو أيضا رأي الجمهور.
وهكذا تستأثر الإرادة المخلصة بكلّ القيمة الإيجابية ، أمّا الإرادة الذاتية فهي جديرة بالتقديرين الآخرين. ولسوف يوصف البحث عن هذه المنفعة الشّخصية ، أو تلك ، بوساطة هذا العمل ، أو ذاك بأنّه : إمّا «مقبول» أو «مباح» ، وإمّا «مرذول» أو «مؤثم» ، تبعا للشروط المقعدة الّتي سوف نعرضها متتابعة في الفقرتين التّاليتين :
جـ ـ براءة النّيّة.
وأقصد (ببراءة) النّيّة في عمل ما ، أيّا كان ، الصّفة الّتي تكتسبها الإرادة عند ما تتحاشى أن تسعى بهذا العمل إلى غايات دنيئة ، ثمّ هي في الوقت نفسه لا ترقى إلى مستوى شرف الإخلاص ، المنزه عن الغرض ، وإنّما تقنع بموقف وسط ، يتمثل في انقيادها «المنفعة مشروعة» ، يقرّ لها القانون بحقّها فيها. وجميع الحالات الّتي يمكن أن تندرج تحت هذا العنوان هي من النّاحية الشّرعية صحيحة ، لا غبار عليها ، ولكن قيمتها من النّاحية الأخلاقية (صفر) ، تبعا لأكثر النّظريات الإسلاميّة تسامحا. ومعنى كونها صفرا : أنّها لا تستحق مدحا ، أو ذما ، ولا تستتبع لصاحبها ثوابا ، ولا عقابا. وهو موقف يعد بلا شك (نقصا) أو عدم كمال ، فمن المؤسف أن يقنع امرؤ بأن يبرىء ذمته ، على حين كان يستطيع أن يزيد من قيمته ، ولكن هذا يتيح له أن يكون (ناجيا). ولدخول الأعمال في هذه المجموعة شرطان : أحدهما يتوخى الغاية ، والآخر الوسيلة.
فأمّا الّذي يتوخى الغاية فغني عن البيان أنّه ينبغي أوّلا أن يكون عملا جائزا