دراسة في سند زيارة عاشوراء

جعفر التبريزي

دراسة في سند زيارة عاشوراء

المؤلف:

جعفر التبريزي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-6226-18-7
الصفحات: ٢٩٣

فقال صفوان : وردت مع سيّدي الصّادق صلوات الله وسلامه عليه الى هذا المكان ففعل مثل الَّذي فعلناه في زيارتنا ، ودعا بهذا الدّعاء عند الوداع بعد أن صلّى كما صلّينا وودّع كما ودّعنا.

ان هذه المناقشة شاهد على أن كلا من سيف بن عميرة وصفوان بن مهران كانا معتقدين بوثاقة علقمة ، ولهذا احتج سيف بن عميرة بعمل علقمة ولم ينكر صفوان ذلك على سيف بن عميرة.

٥ ـ إن ما نقله الكشي (١) من مناقشة علقمة وأخيه مع زيد بن علي عليهما‌السلام يحكي عن ثباتا هذين الأخوين على الإمامة وطاعتهما للإمام المفترض الطاعة.

٦ ـ قال المحدث النوري رحمه‌الله في حق علقمة بن محمد : « يظهر من الكشي في ترجمة أخيه مدحه » (٢).

__________________

(١) رجال الكشي ، ص ٤١٦ و ٤١٧.

(٢) خاتمة المستدرك (البحث المتعلق بعلقمة الحضرمي).

١٦١

ويشير المحدث النوري رحمه‌الله هنا إلى رواية الكشي رحمه‌الله التي تقدم ذكرها.

٧ ـ لو أخذنا بنظر الاعتبار الرواية المتقدمة ، ورواية بكار بن أبي بكر الحضرمي التي يقول فيها : « دخل (أبي) أبو بكر وعلقمة على زيد بن علي ... » وثلاث روايات أخرى هي :

أ ـ « حدثنى محمد بن مسعود ، قال : حدثنى عبدالله بن محمد بن خالد الطيالسى ، قال : حدثنى الوشاء ، عمن يثق به ـ يعنى امّه عن خاله ـ ، قال : فقال له عمرو بن الياس ، قال : دخلت انا وابى الياس بن عمرو على ابى بكر الحضرمى وهو يجود بنفسه قال : يا عمرو ليست هذه بساعة الكذب ، اشهَدُ على جعفر بن محمّد ، انّى سمعته يقول : لا تَمُسّ النار من مات وهو يقول بهذا الامر » (١).

ب ـ « أبو جعفر محمد بن على بن القاسم بن ابى حمزة القمى ، قال : حدثنى محمد بن الحسن الصفار المعروف بممولة ، قال : حدثنى عبدالله بن محمد بن خالد ، قال : حدثنى

__________________

(١) رجال الكشي ، ص ٢٩٨ ، رقم ٢٩٠؛ بحار الأنوار ج ٦٥ ص ١١٤.

١٦٢

الحسن ابن بنت الياس ، قال : حدثنى خالى عمرو بن الياس ، قال : دخلت على ابى بكر الحضرمى وهو يجود بنفسه ، فقال لى : اشهَدُ على جعفر بن محمّد ، انه قال : لا تدخل النار منكم احد » (١).

ج ـ « (روي محمد بن يعقوب بسند صحيح) عن أبي بكر الحضرمي ، قال : مرض رجل من أهل بيتي فأتيته عائداً ... فقلت : قل : أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له ، فشهد بذلك ... فقلت : قل : أشهد أنّ محمداً عبده ورسوله ، فشهد بذلك ، فقلت : قل : أشهد أنّ عليّاً وصيّه وهو الخليفة من بعده والامام المفترض الطاعة من بعده ، فشهد بذلك ... ثمّ سمّيت الائمة عليهم‌السلام رجلاً رجلاً فأقرّ بذلك ... فلم يلبث الرجل أن توفّي فجزع أهله عليه جزعاً شديداً ... قالت : رأيت فلاناً ـ تعني الميّت ـ حيّاً سليماً ، فقلت : فلان؟ قال : نعم ، فقلت له : أما

__________________

(١) رجال الكشي ، ص ٢٩٩ ، رقم ٢٩٠؛ بحار الأنوار ، ج ٦٥ ص ١١٤؛ رجال الطوسي ص ٧١٦.

١٦٣

كنت متّ؟ فقال : بلى ولكن نجوت بكلمات لقّنيها أبو بكر ولو لا ذلك لكدت أهلك » (١)

فلو ضممنا هذه الروايات الثلاث إلى الرواية الأولى يجدر بنا أن نتأمل فإن هذه الروايات مجموعة يمكن أن تُشّكل قرائن لمعرفة شخصية علقمة بن محمد الحضرمي.

فإذا كانت هذه الروايات تشير إلى وثاقة عبد الله بن محمد الحضرمي فلابد أن نتأمل في حال أخيه علقمة ، لأن الرواية الأولى تدل على ثبوته على الإمامة وكان أخوه علقمة قد رافقه إلى مناقشة زيد بن علي عليهما‌السلام وكان معه وهو يناقش زيد عليه‌السلام وعلقمة يتابع المناقشة على طولها ، وهذا يدل على سلامة عقيدة كلا الأخوين ووحدة اتجاههما (٢).

__________________

(١) الكافي ج ٣ كتاب الجنائز٣ ، باب تلقين الميت٩ ، حديث ٤؛ التهذيب ج ١ ، باب تلقين المحتضرين ، ح ٨٣٧.

(٢) وان كان هذا الكلام لا يكفي في الوثاقة ، إلا أنه لو ضم إليه بعض القرائن الأخرى يمكن أن يساعد في توثيق علقمة.

١٦٤

قال أستاذ الفقهاء السيد الخوئي (قدس سره الشريف) بعد أن ذكر الروايات الثلاث المتقدمة ، قال في حق عبد الله بن محمد الحضرمي : « هذه الصحيحة المؤيدة بالروايات المتقدمة تدل على تشيّعه وكمال ايمانه » (١).

٨ ـ نقل العلامة المجلسي رحمه‌الله في كتاب الإمامة من بحار الأنوار نقل رواية في حق علقمة بن محمد الحضرمي والرواية عن الإمام الباقر عليه‌السلام جاء فيها : « عن ميسر (٢)

__________________

(١) معجم رجال الحديث ، ج ١١ ص ٣١٨ ، رقم ٧١٠٣.

(٢) « عدّه الشيخ (تارةً) في أصحاب الباقر عليه‌السلام ، قائلاً : « ميسر بن عبدالعزيز النخعي المدائني » (رقم ١٥٨١) و (أخرى) في أصحاب الصادق عليه‌السلام ، قائلاً : « ميسر بن عبدالعزيز بيّاع الزطّي ، مات في حياة أبي عبدالله عليه‌السلام ، وقيل ميسر بفتح الميم ». (رجال الطوسي ، ص ٣٠٩ ، رقم ٤٥٧٢)

وتقدّم عن النجاشي في ترجمة ابنه محمد ، أنّ ميسراً روى عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهما‌السلام. (رجال النجاشي ، ص ٣٦٨ ، رقم ٩٩٧)

وعدّه البرقي في أصحاب الباقر عليه‌السلام ، قائلاً : « ميسر بن عبدالعزيز المدائني النخعي ».

وقال الكشي : « جعفر بن محمد ، قال : حدّثني علي بن الحسن بن فضّال ، عن أخويه ، محمد ، وأحمد ، عن أبيهم ، عن ابن بكير ، عن ميسر بن عبدالعزيز ، قال : قال لي أبو عبدالله عليه‌السلام : رأيت كأني على جبل ، فيجيء الناس فيركبونه ، فإذا ركبوا عليه ، تصاعد بهم الجبل فينتثرون عنه ويسقطون ، فلم يبق معي

١٦٥

__________________

إلاّ عصابة يسيرة أنت منهم وصاحبك الأحمر ـ يعني عبدالله بن عجلان ـ. (رجال الكشى ، ص ١٧٧ ، رقم ١١٩).

حمدويه بن نصير ، قال : حدّثنا محمد بن عيسى ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبي ، عن ابن مسكان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : رأيت كأني على رأس جبل والناس يصعدون عليه من كلّ جانب ، حتى إذا كثروا عليه تطاول بهم في السماء ، وجعل الناس يتساقطون عنه من كلّ جانب ، حتى لم يبق عليه إلاّ عصابة يسيرة ، يفعل ذلك خمس مرّات ، فكلّ ذلك يتساقط الناس عنه وتبقى تلك العصابة عليه ، أما أنّ ميسر بن عبدالعزيز وعبدالله بن عجلان في تلك العصابة ، فما مكث بعد ذلك إلاّ نحواً من سنتين حتى مات عليه‌السلام ». (رجال الكشى ، ص ١١٧ ، رقم ١٢٠).

« وقال علي بن الحسن : إنّ ميسر بن عبدالعزيز كان كوفياً ، وكان ثقة ». (رجال الكشى ، ص ١٧٧ ، رقم ١٢٠ ؛ اختيار معرفة الرجال ، ج ٢ ، ص ٥١٣ ، ح ٤٤٦).

« ابن مسعود ، قال : حدّثنا عبدالله بن محمد بن خالد ، قال : حدّثني الوشّا ، عن بعض أصحابنا ، عن ميسر ، عن أحدهما ، قال : قال لي يا ميسر ، إني لأظنك وصولاً لقرابتك ، قلت : نعم جعلت فداك ، لقد كنت في السوق وأنا غلام ، وأجرتي درهمان وكنت أعطي واحداً عمّتي ، وواحداً خالتي ، فقال : أما والله لقد حضر أجلك مرّتين كلّ ذلك يؤخّر ». (اختيار معرفة الرجال ، ج ٢ ، ص ٥١٣ ، ح ٤٤٧ ؛ رجال الكشى ، ص ١٧٨ ، رقم ١٢٠).

« إبراهيم بن علي الكوفي ، قال : حدّثنا اسحاق بن ابراهيم الموصلي ، عن يونس ، عن حنان ، وابن مسكان ، عن ميسر ، قال : دخلنا على أبي جعفر عليه‌السلام ونحن جماعة ، فذكروا صلة الرحم والقرابة ، فقال أبو جعفر عليه‌السلام : يا ميسر أما أنه قد حضر أجلك غير مرّة ولا مرّتين ، كلّ ذلك يؤخّر بصلتك قرابتك ». (رجال الكشى ، ص ١٧٨ ، رقم ١٢٠)

١٦٦

__________________

« روى محمد بن يعقوب بسنده الصحيح ، عن ميسر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : قال لي : أتخلفون وتتحدّثون وتقولون ما شئتم؟ فقلت : إي والله إنا لنخلو ونتحدّث ونقول ما شئنا ، فقال : أما والله لوددت أني معكم في بعض تلك المواطن ، أما والله إني لأحبّ ريحكم وأرواحكم ، وإنكم على دين الله ودين ملائكته ، فأعينوا بورع واجتهاد. الكافي : الجزء ٢ ، كتاب الايمان والكفر ١ ، باب تذاكر الاخوان ٨١ ، الحديث ٥ ».

« وروى بسنده الصحيح أيضاً عنه ، قال : دخلت على أبي عبدالله عليه‌السلام ، فقال كيف أصحابك؟ (إلى أن قال) قلت : والله لنحن عندهم أشرّ من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا ، فقال : أما والله لا يدخل النار منكم اثنان ، لا والله ولا واحد ، (الحديث). الروضة : الحديث ٣٢ ». (معجم رجال الحديث ، ج ٢٠ ، ص ١١٧).

روى عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، وروى عنه الحسين بن خارجة ، الكافي : الجزء ٥ ، كتاب المعيشة ٢ ، باب من تكره معاملته ومخالطته ٥٩ ، الحديث ٣.

ورواها في حديث ٩ ، من الباب باختلاف في صدر السند.

ورواهما الشيخ في التهذيب : الجزء ٧ ، باب فضل التجارة وآدابها ... ، الحديث ٣٥ و ٤٠.

وروى عنه صفوان ، الكافى : الجزء ٢ ، كتاب الدعاء ٢ ، باب فضل الدعاء والحثّ عليه ١ ، الحديث ٣.

وروى عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وروى عنه عقبة. الكافي : الجزء ٥ ، كتاب النكاح ٣ ، باب ما يستحبّ من التزويج بالليل ٤١ ، الحديث ٣.

ثمّ إنه روى الصدوق بسنده ، عن محمد بن أبي عمير ، عن ميسر بن عبدالعزيز ، عن الصادق عليه‌السلام. الفقيه : الجزء ٣ ، باب وجوب ردّ المبيع بخيار الرؤية ، الحديث ٧٦٧.

١٦٧

عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كنت وأنا وعلقمة الحضرمي وأبو حسان العجلي وعبدالله بن عجلان ننتظر أبا جعفر عليه‌السلام ، فخرج علينا فقال : مرحباً وأهلاً ، والله إنّي لاَُحبّ ريحَكم واَرْواحَكُم ، إنّكم لَعلى دينِ اللهِ.

__________________

ورواها الشيخ في التهذيب : الجزء ٧ ، باب العيوب الموجبة للردّ ، الحديث ٢٨٣ ، وباب الغرر والمجازفة ... الحديث ٥٦٠ من الجزء ، وفيهما : ابن أبي عمير ، عن جميل (بن درّاج) ، عن ميسر ، وهو الصحيح الموافق للكافي : الجزء ٥ ، كتاب المعيشة ٢ ، باب من اشترى شيئاً فتغيّر عما رآه ، ١٠٦ ، الحديث ١ ، فإنه لا يمكن أن يروي محمد بن أبي عمير ، عن ميسر ، على ما تقدّم ، وفي الوافي والوسائل عن كلّ مثله.

« ميسر بياع الزطى ». (معجم رجال الحديث ، ج ٢٠ ، ص ١١٨).

ولو أخذنا بنظر الاعتبار كون ميسر بن عبد العزيز كان كثير الرواية وقد نقل عنه أجلاء المحدثين كأبي إسحاق وأبي سليمان وابن مسكان وابان الأحمر وأبان بن عثمان وابراهيم بن عقبة وثعلبة بن ميمون وجميل بن دراج وحذيفة ابن منصور وعبد الله بن بكير وعثمان بن عيسى وعقبة بن خالد الأسدي وعلي بن عقبة وفضالة وولده محمد ومحمد بن هشام ومحمد بن يوسف ومعاوية بن عمار ومحمد بن أبي عمير وصفوان بن يحيى والحسين بن خارجة و ... ، وكذلك عدم ورود قدح في حقه فهو ثقة على مبنى الرجالي الخبير الميزرا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف).

١٦٨

فقال له علقمة : فَمَن كانَ عَلى دينِ اللهِ تَشهَدُ اَنَّه مِن اَهلِ الجنّةِ؟ قال : فَمَكَثَ هنيئةً ثُمّ قال : بَوِّرُوا [ نَوِّرُوا ] أنْفُسَكُمْ ، فَاِنْ لَمْ تَكُونُوا قارَفْتُم الكبائرَ فأنا أشهد.

قُلنا : وَمَا الكبائر؟

قال : الشركُ بِاللهِ العظيمِ وأكلُ مالِ اليتيمِ وَقَذْفُ المُحْصِنة وعُقوقُ الوالِدَين وَقتلُ النفسِ والرّبا والفرارُ مِنَ الزَّحْفِ.

قال : ما مِنّا اَحَدُ اَصابَ مِنْ هذا شيئاً ، فقال : فَأنتُم إذا ناجُونَ ، فَاجْعَلُوا اَمرَكم هذا لِلّهِ ولا تَجْعَلُوه لِلنّاسِ ، فَاِنّه ما كانَ للنّاسِ فَهُوَ للنّاسِ وَما كانَ للهِ فَهُوَ لَهُ ، فَلا تُخاصِمُوا النّاسَ بدينِكُم ، فاِنّ الخُصومَةَ مُمرضةٌ لِلقَلبِ ، اِنّ اللهَ قالَ لِنبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ( إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ) (١) وقال : ( أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) (٢). (٣)

__________________

(١) سورة القصص ، الآية ٨.

(٢) سورة يونس ، الآية ٩٩.

(٣) بحار الانوار ، كتاب الامامة ، ج ٢٧ ، ص ١٢٥ ، ح ١١٣ وقريب منه عبارة ج ٧٦ ، كتاب النواهي ، ص ١٣ و ج ٨٥ ، ص ٢٨ نقلا عن تفسير العياشي ؛ تفسير العياشي ، ج ١ ، ص ٢٣٧ ؛ المستدرك ، ج ١١ ، ص ٣٥٤ ، ح ١٣٢٤٠ ؛ جامع احاديث الشيعة ، ج ١٣ ، ص ٣٥٦ ، ح ٩٤٠.

١٦٩

وهذه الرواية التي ذُكرت في حق علقمة بن محمد الحضرمي وإن كانت لا تدل لوحدها على وثاقته ، إلا أنه يمكن اعتبارها مؤيدا ـ ولو ضعيفا ـ على الوثاقة.

٩ ـ ومن المؤيدات الأخرى لوثاقة علقمة بن محمد الحضرمي هو تنوع رواياته واختلافها من إمامة الأئمة الإثني عشر عليهم‌السلام ورواية حجة الوداع وخطبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الغدير وهذه كلها تدل على جلالة هذا الراوي ومكانته الممتازة (١).

وخلاصة الكلام : ان قول سيف بن عميرة لصفوان بن مهران : إن علقمة لم يروِ بهذا الشكل ، دليل على عظمة علقمة

__________________

(١) بحار الأنوار ، ج ٣٦ ، ص ٢٠٩ ، ش ١٨ و ج ٣٧ ، ص ٢٠١ ، ش ٨٦ ، وقد روى عن علقمة أجلاء المحدثين منهم : الشيخ الطوسي في المصباح ، وابن قولويه في كامل الزيارات ، والشيخ الصدوق في الأمالي والفقيه ، والخزاز القمي في كفاية الأثر ، والمحدث النوري في المستدرك وخاتمة المستدرك ، واليخ الطبرسي في الاحتجاج ، والسيد ابن طاووس في كتاب اليقين ، والحر العاملي في الجواهر السنية و ... ، وإن كان هذا النقل لوحده لا يتعبر كافيا في وثاقة علقمة بن محمد الحضرمي بل غاية ما ينتجه هو تشيع الرجل ، ولكننا ذكرناه ليكون ضميمة إلى أمور أخرى لتوثيق علقمة بن محمد الحضرمي.

١٧٠

ومنزلته العالية ، حتى أن سيف بن عميرة استدل بفعله في مقابل صفوان بن مهران. هذا من جهة ، ومن جهة أخرى المناظرة المنقولة في بعض الروايات المتقدمة بين علقمة وأخيه عبد الله وبين زيد بن علي عليهما‌السلام تدل على وحدة الاتجاه بين هذين الأخوين ، وكذلك نقله لروايات متنوعة في الإمامة وحجة الوداع وخطبة الغدير و ... ، تدل على جلالته وعظمته ، ولذا فإننا نرى أن هذه القرائن كافية لوثاقة علقمة بن محمد الحضرمي.

١٧١

دراسة الطريق الثاني لأول أسناد زيارة عاشوراء

كان السند الأول المنقول في كتاب «مصباح المتهجد» للشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) بهذا الشكل : « صالح بن عقبة وسيف بن عميرة قال : علقمة بن محمّد الحضرمي » (١) وقد درسنا في البحث السابق سند صالح بن عقبة عن علقمة بن محمد الحضرمي ، وأما في هذا البحث فسندرس السند «سيف بن عميرة عن علقمة بن محمد الحضرمي».

سيف بن عميرة

قال النجاشي رحمه‌الله : « سيف بن عميرة النخعي ، عربي ، كوفي ، ثقة ، روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام وأبي الحسن عليه‌السلام ، له كتاب يرويه جماعات من أصحابنا » (٢). ويواصل الشيخ النجاشي كلامه حتى يذكر سنده إلى كتاب سيف بن عميرة فيقول : « ... أخبرني الحسين بن

__________________

(١) مصباح المتهجد ، ص ٥٣٦.

(٢) رجال النجاشي ، ص ١٨٩ ، باب سين ، رقم ٥٠٤.

١٧٢

عبيدالله عن أبي غالب الزُراريّ ، عن جدّه وخال أبيه محمّد بن جعفر ، عن محمّد بن خالد الطيالسيّ ، عن سيف بكتابه » (١).

ويقول الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في حق سيف بن عميرة : « سيف بن عميرة ، ثقة ، كوفي نخعي عربي ». ثم يكر سنده إلى كتاب سيف بن عميرة : « له كتاب ، أخبرنا به عدّة من أصحابنا ، عن محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه ، عن أبيه ومحمّد بن الحسن ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد ، عن علي بن الحكم ، عن سيف بن عميرة » (٢).

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ١٨٩ ، رقم ٥٠٤.

(٢) الفهرست ، للشيخ الطوسي ، ص ١٤٠ ، رقم ٣٣٣. وأما اليخ الصدوق رحمه‌الله فقد ذكر طريقه إلى سيف بن عميرة بهذه الصورة : « محمّد بن الحسن عن محمّد بن الحسن الصفّار عن أحمد بن محمّد بن عيسى عن علي بن سيف عن أخيه الحسين بن سيف عن أبيه سيف بن عميرة النخعي » وعند دراسة كلا الطريقين (طريق الطوسي والصدوق) يتضح لنا صحة هذين الطريقين.

١٧٣

وقد عدّ الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في كتاب الرجال ـ عدّ سيف بن عميرة من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام وقال : « سيف بن عميرة النخعى الكوفى » (١).

وعدّه في موضع آخر من كتابه الرجالي من أصحاب الإمام الكاظم عليه‌السلام وقال : « سيف بن عميرة ، له كتاب ، روى عن أبي عبد الله عليه‌السلام » (٢).

ولم يُذكر ذم في حق سيف بن عميرة في الكتب الرجالية المعتمدة وخصوصا الأصول الرجالية الثمانية (٣) ، بل ورد في بعضها تصريح بوثاقته.

__________________

(١) رجال الطوسي ، ص ٢٢٢ ، رقم ٢٩٧١. والنخعى (النخع بالتحريك) : قبيلة من اليمن من مذحج وهم رهط إبراهيم النخعى. (طرائف المقال ، ج ٢ ، ص ٢٠٠)

(٢) رجال الطوسي ، ص ٣٣٧ ، رقم ٥٠٢٠.

(٣) التي هي : رجال البرقى رحمه‌الله (طبقات الرجال) ، رجال الكشى رحمه‌الله (اختيار معرفة الرجال) ، رجال النجاشي رحمه‌الله (فهرست اسماء مصنفي الشيعة) ، رجال الشيخ الطوسي رحمه‌الله (الابواب) ، فهرست الشيخ الطوسي رحمه‌الله (الفهرست) ، ابن الغضائرى (كتاب الضعفاء) ، رجال العلامه الحلى رحمه‌الله (خلاصه الاقوال) ، الحسن بن على بن داود (رجال ابن داود).

١٧٤

وقد صرّح الشهيد الثاني (قدس سره الشريف) بصحة ما يرويه سيف بن عميرة (١).

وقال السيد بحر العلوم (قدس سره الشريف) في حق سيف بن عميرة : « أدرك الطبقة الثالثة والرابعة ، وروى عن الصادق والكاظم عليهما‌السلام ، وهو أحد الثقات المكثرين والعلماء المصنّفين ، له كتاب روى عنه مشاهير الثقات ، وجماهير الرواة » (٢).

وقد نقل كثير من كبار الرواة عن سيف بن عميرة ، نذكر منهم : إبراهيم بن هاشم ، إسماعيل بن مهران ، أيوب بن نوح ، الحسن بن محبوب ، والحسن بن على بن أبي حمزة ، والحسن بن على بن يوسف بن البقّاح ، وولده حسين بن سيف ، وحماد بن عثمان ، وعلى بن النعمان ، وفضالة بن ايوب ، ومحمد بن أبي عمير ، ومحمد بن خالد الطيالسي ، ومحمد بن

__________________

(١) الروضة البهية ، ص ٦٥.

(٢) الفوائد الرجالية ، ج ٣ ، ص ٣٦.

١٧٥

عبد الجبار ومحمد بن عبد الحميد ، وموسى بن قاسم ، ويونس بن عبدالرحمن وغيرهم (١).

وللرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) قاعدة كلية يرى فيها (قدس سره الشريف) أن أجلاء الرواة إذا نقلوا عن شخص ما ، ثم لم يرد قدح في حق ذلك الشخص دلّ ذلك على جلالة هذا الشخص وعظم منزلته ، وكان الميرزا (قدس سره الشريف) يعتمد على الرواة الذين هم من هذا النوع (٢).

قال السيد محسن الأمين (قدس سره الشريف) في حق سيف بن عميرة : « وَثَّقَهُ الشيخ رحمه‌الله والعلامة رحمه‌الله ، بل والنجاشي » (٣).

__________________

(١) الفوائد الرجالية ، ج ٣ ، ص ٣٧.

(٢) ذكر الميرزا رحمه‌الله هذه المسألة مرارا وتكرارا في درسه الخارج ، وكذلك (النكات الرجالية) مخطوط.

(٣) أعيان الشيعة ، ج ٧ ، ص ٣٢٦ ، رقم ١١١٧.

١٧٦

ويقول المحقق البهبهاني رحمه‌الله : « قال جدّي : لم تر من أصحاب الرجال وغيرهم ما يدلّ على وقفه وكأنّه وقع عنه سهواً » (١).

وأما القول بأنه كان واقفيا فهو قول عارٍ عن الصحة ، إذ لم يذكر أحد أنه أدرك الإمام الرضا عليه‌السلام (٢).

وحتى لو فرضنا كون سيف بن عميرة واقفيا فإن ذلك لا يضر بوثاقته؛ لأن بطلان مذهب الراوي لا يقتضي عدم الأخذ برواياته إذا كان أميناً وثقة في نقله للأحاديث (٣).

__________________

(١) تعليقة الوحيد البهبهاني على منهج الرجال ، ص ٢٠٠ ، أعيان الشيعة ، ج ٧ ، ص ٣٢٦.

(٢) معجم رجال الحديث ، ج ٩ ، ص ٣٨٣ ، رقم ٥٦٦٨ : « لم يذكر احد انه أدرك الرضا عليه‌السلام فضلاً عن التعرض لكونه واقفياً ، فما في المعالم من انه واقفى ، من سهو القلم او من غلط النساخ ».

(٣) وهناك مجموعة من الرواة ممن اعتنقوا مذاهب باطلة ولكنهم ثقات في النقل ، وهم :

الف ـ علماء الواقفية :

١ ـ ابراهيم بن صالح الانماطي « يكنى بابي اسحاق ، كوفى ، ثقه ، لابأس به » (رجال النجاشي ، ص ١٥ ، رقم ١٣).

١٧٧

__________________

٢ ـ الحسن بن محمد بن سماعة « من الشيوخ الواقفة كثير الحديث فقيه ثقة » (رجال النجاشي ، ص ٤٠ ، رقم ٨٤).

٣ ـ الحسين بن ابى سعيد هاشم بن حيان (حنان) المكارى « ثقة فى حديثه » (رجال النجاشي ، ص ٣٨ ، رقم ٧٨).

٤ ـ حميد بن زياد « ثقه واقفاً » (رجال النجاشي ، ص ١٣٢ ، رقم ٣٣٩).

٥ ـ زرعه بن محمد (ابو محمد الحضرمى) « ثقة ... واكثر عنه ووقف » (رجال النجاشي ، ص ١٧٦ ، رقم ٤٦٦).

٦ ـ عبد الكريم بن عمرو (بن صالح الخثعمي) « ثقة ثقة عيناً » (رجال النجاشي ، ص ٢٤٥ ، رقم ٦٤٥).

٧ ـ وهيب بن حفص (ابو على الجريرى) « كان ثقة » (رجال نجاشى ، ص ٤٣١ ، رقم ١١٥٩).

٨ ـ على بن محمد بن رباح النحوى (على بن محمد بن على بن عمر بن رياح بن قيس ابن سالم) « كان ثقة في الحديث » (رجال النجاشي ، ص ٢٥٩ ، رقم ٦٧٩).

٩ ـ على بن الحسن بن محمّد الطائي (الطاطرى) « كان فقيهاً ، ثقة في حديثه » (رجال النجاشي ، ص ٢٥٥ ، رقم ٦٦٧).

ب ـ علماء الفطحية :

١ ـ احمد بن الحسن بن على بن فضال : انه كان فطحياً ، وكان ثقة في الحديث. (رجال النجاشي ، ص ٨٠ ، رقم ١٩٤)

٢ ـ على بن اسباط بن سالم ابوالحسن : ثقه وكان فطحياً. (رجال النجاشي ، ص ٢٥٢ ، رقم ٦٦٣).

٣ ـ على بن الحسن بن على بن فضال : وجههم ، وثقتهم و ... (رجال النجاشي ، ص ٢٥٧ ، رقم ٦٧٦).

٤ ـ عمرو بن سعيد المدائنى : ثقة. (رجال النجاشي ، ص ٢٨٧ ، رقم ٧٦٧)

١٧٨

__________________

٥ ـ معاويه بن حُكيم بن معاويه بن عمار الدهنى : ثقة. (رجال النجاشي ، ص ٤١٢ ، رقم ١٠٩٨)

٦ ـ عمار بن موسى الساباطى واخواه قيس وصباح : كانوا ثقات في الرواية. (رجال النجاشي ، ص ٢٩٠ ، رقم ٧٧٩).

٧ ـ قيس بن موسى الساباطى ، ثقه. (رجال النجاشي ، ص ٢٩٠ ، رقم ٧٧٩)

٨ ـ صباح بن موسى الساباطى ، ثقه. (رجال النجاشي ، ص ٢٩٠ ، رقم ٧٧٩)

٩ ـ احمد بن الحسن بن على بن محمد بن فضال : المفيد : ثقه (٤٩٤).

ج ـ علماء الزيديه :

١ ـ احمد بن محمد بن سعيد : وثقته وامانته. (رجال النجاشي ، ص ٩٤ ، رقم ٢٣٣).

٢ ـ عبادة بن زياد الاسدى : ثقة زيدى. (رجال النجاشي ، ص ٣٠٤ ، رقم ٨٣٠).

٣ ـ غياث بن ابراهيم الاسيدى : ثقة. (رجال النجاشي ، ص ٣٠٤ ، رقم ٨٣٣).

٤ ـ يحيى بن سالم الفراء : ثقة. (رجال النجاشي ، ص ٤٤٤ ، رقم ١٢٠١).

د ـ علماء عامه :

١ ـ اسحاق بن بشر ابو حذيفه الكاهلى الخراسانى : ثقة من العامة. (رجال النجاشي ، ص ٧٢ ، رقم ١٧١).

٢ ـ اصرم بن حوشب البجلى : ثقة (رجال النجاشي ، ص ١٠٦ ، رقم ٢٧١)

٣ ـ عمار بن ابى معاويه دهنى : (أبو معاويه بن عمار) عمار بن جناب : كان ثقه فى العامه (المفيد ، ٨٦٣٤) العلل احمد بن حنبل ، ج ٣ ، ص ١٣٢ : ثقه. الجرح والتعديل الرازى ، ج ٦ ، ص ٣٩٠ : هو ثقه. تهذيب التهذيب ، ج ١٠ ، ص ١٩٣ : قال ابن معين والنسائى : ليس به بأس وذكروه ابن حبان فى الثقات.

٤ ـ الفضيل بن عياض بصرى : ثقة عامى (رجال النجاشي ، ص ٣١٠ ، رقم ٨٤٧) ؛ الطبقات ، ج ٥ ، ص ٥٠٠ : ثقة ثبتاً.

١٧٩

وقد نظم سيف بن عميرة قصيدة في الإمام الحسين عليه‌السلام جاء في بدايتها :

جل المصاب بمن أصبنا فاعذري

ياهذه وعن الملامة فاقصري

أفما علمت بأنّ ما قد نالنا

رزء عظيم مثله لم يذكر

رزء عظيم لا يقاس بمثله

رزء فلم تسمع به أو تبصر

رزء به عرش الإله مصابه

والشمس كاسفة ولمّا تزهر

رزء النبي المصطفى ومصيبة

جلت لدى الملك الجليل الأكبر

رزء الحسين الطهر أكرم من برا

باري الورى من سوقة ومؤمر

من جده الهادي النبي المصطفى

وأبوه حيدرة عظيم المفخر

والبضعة الزهراء فاطم أمّه

حوراء طاهرة وبنت الأطهر

__________________

٥ ـ يحيى بن سعيد القطان : عامى ثقة (رجال النجاشي ، ص ٤٤٣ ، رقم ١١٩٦). تاريخ ابن معين ، ج ٢ ، ص ٦٦ ، رقم ٣٢٥٤ : ثقه. العلل احمد بن حنبل ، ج ٢ ، ص ٥٤٠ : عالماً بالفرايض ، حسن الفقه.

٦ ـ سليمان بن داود المنقرى : ثقه (رجال النجاشي ، ص ١٨٤ ، رقم ٤٨٨).

٧ ـ عبد الرحمن بن بدر أبو ادريس كوفى : ثقه (رجال النجاشي ، ص ٢٣٨ ، رقم ٦٣١).

٨ ـ عبدالملك بن هارون بن غسرة الشيبانى : ثقه (رجال النجاشي ، ص ٢٤٠ ، رقم ٦٣٧).

٩ ـ الحسين بن احمد بن المغيرة ابو عبدالله البوشنجى : مضطرب المذهب ثقه. (رجال النجاشي ، ص ٦٨ ، رقم ١٦٥).

١٨٠