دراسة في سند زيارة عاشوراء

جعفر التبريزي

دراسة في سند زيارة عاشوراء

المؤلف:

جعفر التبريزي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-6226-18-7
الصفحات: ٢٩٣

أن الكتاب لابد أن يكون أوسع بكثير من الكتاب الموجود بين أيدينا حاليا والمنسوب إلى ابن الغضائري.

وأما كتابه الآخر فهو (تاريخ ابن الغضائري) الذي اشتمل على رواة الأحاديث وسيَرهم.

وله كتاب آخر هو (كتاب الضعفاء) المعروف بـ (رجال ابن الغضائري) ، ولم يذكره الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في كتاب (الفهرست) ، وإنما ذكره السيد جمال الدين طاووس رحمه‌الله في كتابه (حل الإشكال في معرفة الرجال) باسم (كتاب الضعفاء).

١٤١

بحث حول كتاب (الضعفاء) ونسبته إلى ابن الغضائري

١ ـ نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري

اختلف العلماء في نسبة الكتاب ، فبعضهم رأى أنه للحسين بن عبيد الله بينما رأى البعض الآخر أنه لأحمد بن الحسين ، وهناك من يرى أن الكتاب ليس لهما ، وهنا أربع نظريات في هذا الموضوع :

أ ـ أنه للحسين بن عبيد الله.

ب ـ أنه لأحمد بن الحسين.

ج ـ إنكار نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري أساسا.

د ـ أنه كتابه وضعه أعداء الشيعة.

وكل نظرية من هذه النظريات لها أتباع وموافقون ، ونحن هنا سنُفّصل الكلام في هذه النظريات الأربع :

١٤٢

النظرية الأولى :

كان الشهيد الثاني (قدس سره الشريف) يرى أن الكتاب للحسين بن عبيد الله الغضائري (١) مستدلا على ذلك بكلام العلامة (قدس سره الشريف) في (خلاصة الأقوال) عند ترجمة سهل بن زياد الآدمي (٢) ، وتابع الشهيد الثاني في نظريته بعض الأكابر من العلماء ومنهم نظام الدين محمد بن الحسين القرشي الساوجي (٣) في كتابه (نظام الأقوال في معرفة الرجال) فقد رأى فيه أن مؤلف الكتاب هو الحسين بن عبيد الله وقال : « ولقد صنّف أسلافنا ومشايخنا ... وكتاب الحسين بن عبيدالله الغضائري » (٤).

وتابعهم على هذه النظرية أيضاً المحقق الأردبيلي (٥) والمحقق النراقي (٦) (رحمهما الله).

__________________

(١) قاموس الرجال ، ج ١ ص ٢٢.

(٢) قاموس الرجال ، ج ١ ص ٢٢.

(٣) قاموس الرجال ، ج ١ ص ٢٢.

(٤) سماء المقال في علم الرجال ، ج ١ ص ١٧.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان ، ج ٨ ص ٤٥٥.

(٦) عوائد الأيام ، ص ٢٨٧.

١٤٣

وللجواب على هذه النظرية نقول : لا يمكن أن يكون صاحب الكتاب هو الحسين بن عبيد الله ، لأن النجاشي رحمه‌الله والشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) اللذين دوّنا أسماء المصنفين من الشيعة لم يذكرا أن كتاب الضعفاء هو للحسين بن عبيد الله ، فكيف يُعقل ذلك مع أنهما (رحمهما الله) من تلاميذه؟! وقد ذكر النجاشي رحمه‌الله ١٤ كتابا لأستاذه ولكنه لم يُشر إلى (كتاب الضعفاء) (١) وكذلك الأمر بالنسبة إلى الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) فهو لم يُشر كذلك إلى الكتاب.

ويبعد جدا أن يكون عدم ذكر الكتاب في ترجمة الحسين بن عبيد الله ناشئا من الغفلة والإهمال من قِبل تلامذته. وقد ردّ المحقق التستري رحمه‌الله في (قاموس الرجال) على الشهيد الثاني (قدس سره الشريف) ورأى أن صاحب الكتاب هو ابن الغضائري ، قال : « ولنذكر أحوال تلك الكتب ، فنقول : أمّا فهرست الشيخ وفهرست النجاشى وكتاب ابن الغضائرى ... » (٢)

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٦٩ ، رقم ١٦٦ ، سماء المقال في علم الرجال ، ج ١ ص ١٧.

(٢) قاموس الرجال ، ج ١ ص ٢٥.

١٤٤

ويتضح من هذه الفقرة أن المحقق التستري رحمه‌الله كان يرى نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري.

ويقول النجاشي رحمه‌الله في كتابه الرجالي : « الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري أو عبد الله ، شيخنا رحمه‌الله له كتب منها : كتاب كشف التمويه والغمة ... وأجازنا جميعها وجميع رواياته عن شيوخه ومات رحمه‌الله في نصف شهر صفر سنة إحدى عشرة وأربع مائة » (١)

ويقول السيد الخوئي (قدس سره الشريف) : « فإنّ النجاشي لم يتعرّض له ، مع أنّه بصدد بيان الكتب التي صنّفها الإماميّة ، حتّى أنّه يذكر ما لم يره من الكتب وإنّما سمعه من غير ، أو رآه في كتابه ، فكيف لا يذكر كتاب شيخه الحسين بن عبيدالله ... وقد تعرّض لترجمة الحسين بن عبيدالله وذكر كتبه ولم يذكر فيها كتاب الرجال » (٢).

__________________

(١) رجال النجاشي ، رقم ١٦٦ ، ص ٦٩.

(٢) معجم رجال الحديث ، ج ١ ص ٩٥.

١٤٥

وقد وافق الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) أستاذه الخوئي (قدس سره الشريف) في هذا الرأي ، وكان الميرزا (قدس سره الشريف) يكرر ذلك دائماً في دروس البحث الخارج.

النظرية الثانية :

وهي نظرية مأخوذة من كلام السيد ابن طاووس رحمه‌الله. لأنه أول من اهتم بكتاب ابن الغضائري بعد مرور قرون من الزمن ، ينقل صاحب (سماء المقال) عن السيد ابن طاووس : « إنّي قد عزمت على أن أجمع في كتابي هذا أسماء الرجال المصنفين وغيرهم من كتب خمسة .... وكتاب أبي الحسين أحمد بن حسين الغضائري في ذكر الضعفاء خاصة » (١).

ثم تابعه تلامذته (العلامة الحلي وابن داوود «رحمهما الله» فرأوا أن الكتاب لابن الغضائري ، وقد كتب العلامة رحمه‌الله في ترجمة عمر بن ثابت : « إنّه ضعيف جدّاً ، قاله ابن غضائري »

__________________

(١) سماء المقال في علم الرجال ، أبو الهدى الكلباسي ، ج ١ ص ٥.

١٤٦

وهذا الكلام دالّ بوضوح على أنه يرى نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري.

وممن ذهب إلى هذا الرأي صاحب المعالم (قدس سره الشريف) فقد كتب في مقدمة كتابه (التحرير الطاووسي) يقول : « إنّ المهمّ منه هو تحرير كتاب الاختيار ، حيث إنّ السيد رحمه‌الله جمع في الكتاب عدّة كتب من كتب الرجال ... فيمكن الاستغناء عنها بأصل الكتاب ، لأنّ ما عدا كتاب ابن الغضائرى منها موجود في هذا الزمان بلطف الله وسبحانه ومنّه ، والحاجة إلى كتاب ابن الغضائري قليلة ، لأنّه مقصور على ذكر الضعفاء » (١).

ويرد على هذه النظرية بعض الإيرادات :

إن عدم ذكر النجاشي والطوسي (رحمهما الله) لاسم وآثار احمد بن الحسين الغضائري في كتبهم الرجالية له احتمالان :

__________________

(١) التحرير الطاووسي ، ص ٤.

١٤٧

أ ـ لأن ديدنهما (رحمهما الله) هو ذكر المؤلفين من الشيعة ، وقد ذكر ابن الغضائري دليل على أنه لم يؤلف كتابا ولم يضع تصنيفاً.

ب ـ يحتمل كذلك أن تكون هناك تأليفات لابن الغضائري ولكنها ضاعت ، ولما كتب النجاشي والطوسي (رحمهما الله) كتابيهما لم يذكرا كتب ابن الغضائري باعتبار أنها اندرست.

والأرجح هو الاحتمال (ب) وينتفي الاحتمال (أ) لأن الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) قال في مقدمة الفهرست : « جماعة من شيوخ طائفتنا من اصحاب الحديث عملوا فهرس كتب اصحابنا و ... ابوالحسين احمد بن الحسين بن عبيدالله رحمه‌الله ، فانه عمل كتابين : احدهما في المصنفات والآخر ذكر فيه الاصول ... ان هذين الكتابين لم ينسخهما احد من اصحابنا واخترم هو رحمه الله ، وعمد بعض ورثته الى اهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب على ما حكى بعضهم عنهم » (١) وكلام الشيخ الطوسي هذا صريح في تلف الكتب

__________________

(١) الفهرست ، للشيخ الطوسي ، المقدمة ، ص ٢.

١٤٨

الرجالية لابن الغضائري ، ومؤيد كذلك لأن يكون هو السبب الذي دعى النجاشي رحمه‌الله إلى عدم ذكر ابن الغضائري في كتابه مع أنه من مشايخه (١).

النظرية الثالثة :

وهذه النظرية قال بها إثنان من محققي العصر الحاضر هما : أستاذ الفقهاء السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره الشريف) والرجالي المدقق الميرزا جواد التبريزي (قدس سره الشريف) ، وتنص نظريتهما على عدم ثبوت نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري وبالتالي سقوط جميع التضعيفات الموجودة في هذا الكتاب عن الاعتبار.

__________________

(١) الذريعة ، ج ٤ ، ص ٢٨٥. ويجدر عند ذكر النجاشي ذكر هذه النقطة وهي أن النجاشي رحمه‌الله من تلاميذ احمد بن الحسين الغضائري ، وكان قد قرأ عليه هو وعلي بن محمد بن شيروان ، وفي نفس الوقت فإن احمد بن الحسين الغضائري تتلمذا على الحسين بن عبيد الله الغضائري (الأب) ، وقرأوا عليه. وعليه فإن النجاشي قد كان زميلا لأحمد بن الحسين الغضائري في فترة من الزمن وتلميذا له في الفترة الأخرى.

١٤٩

قال السيد الخوئي (قدس سره الشريف) : « إنّ كتابه لم يثبت استناده إليه ، وإن كان هو ثقة في نفسه ، فلا يعوّل على جرحه ولا تعديله » (١).

ويرى الرجالي الشهير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) عدم نسبة كتاب الضعفاء إلى ابن الغضائري وكان (قدس سره الشريف) يكرر ذلك في دروس البحث الخارج ويشير إلى هذه المسألة (٢) ويستند (قدس سره الشريف) في إثبات مدعاه إلى كلام الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) الذي ذكر فيه تلف كتب ابن الغضائري وعدم ذكر النجاشي رحمه‌الله لـكتاب الضعفاء عند ترجمة ابن الغضائري.

النظرية الرابعة :

وهذه النظرية للمرحوم آقا بزرك الطهراني رحمه‌الله فقد أجرى بعض البحث والتحقيق للوصول إلى مؤلف كتاب

__________________

(١) كتاب التنقيح (الصلاة) ، ج ٢ ، ص ٣٥٨.

(٢) النكات الرجالية ، مخطوط.

١٥٠

الضعفاء الحقيقي فوصل إلى هذه النتيجة وهي أن مؤلف الكتاب هو من معاندي الشيعة ، وهدفهم من تأليف الكتاب هو تشويه الأجلاء من رواة الشيعة والمشهورين من محدثي الطائفة ، فكثير من هؤلاء هم من المعروفين والمعتمدين الثقات الذين لهم مؤلفات عديدة وروايات كثيرة.

وبهذا الصدد يقول الشيخ آقا بزرك الطهراني (قدس سره الشريف) : « ... على أنّ هذا الكتاب ليس من تأليفاته ، وإنّما ألّفه بعض المعاندين للاثنى عشريّة المحبّين لإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا ، وأدرج فيه بعض أقوال نسبه الشيخ والنجاشي في كتابيهما إلى ابن الغضائرى ، ليتمكن من النسبة اليه وليروّج منه ما أدرجه فيه و ... » (١).

٢ ـ الطريق إلى كتاب الضعفاء

وهنا يرد هذا السؤال : هل يوجد طريق صحيح ومضبوط للوصول إلى كتاب الضعفاء؟

__________________

(١) الذريعة ، ج ٤ ، في هامش ص ٢٨٥.

١٥١

وللجواب على هذا السؤال نقول : نفى جميع العلماء وجود طريق صحيح إلى هذا الكتاب :

١ ـ يقول آقا بزرك الطهراني رحمه‌الله بعد أن قام بتحقيق واسع في هذا الموضوع : « إنّ أوّل من وجده هو السيّد جمال الدين أبوالفضائل أحمد بن طاووس الحسيني الحلي (م ٦٧٣) ، فأدرجه السيد موزعاً له في كتابه « حل الإشكال في معرفة الرجال » ، ألّفه (٦٤٤ هـ. ق) وجمع فيه عبارات الكتب الخمسة الرجالية وهي : رجال الطوسى وفهرسه ، واختيار الكشي والنجاشي وكتاب الضعفاء المنسوب إلى ابن الغضائري ».

ثم يضيف : « ولم يبق من الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري إلاّ ما وزّعه السيّد بن طاووس » (١).

٢ ـ وعندما بيّن السيد ان طاووس رحمه‌الله طريق الوصول إلى الكتب الرجالية لم يذكر طريقا إلى (كتاب الضعفاء) وهذا حاكٍ عند عدم وجود هذا الطريق الصحيح لكتاب ابن الغضائري (٢).

__________________

(١) الذريعة ، ج ٤ ، هامش ص ٢٨٥.

(٢) خلاصة الأقوال ، المقدمة ، ص ٢٥.

١٥٢

٣ ـ ومع أن العلامة الحلي (قدس سره الشريف) والقهبائي رحمه‌الله نقلا كثيرا عن كتاب ابن الغضائري إلا أنهما لم يذكرا طريقا إلى هذا الكتاب ، والعلامة الحلي (قدس سره الشريف) ذكر في إجازته الكبيرة جميع الكتب وطرقها إلا أنه لم يُشر إلى الكتاب الرجال لابن الغضائري ، « ... ما ذكره من كتب أصحابنا المتقدّمين على الشيخ والمتأخّرين عنه ، ذكر شيئاً كثيراً من كتب العامة في الحديث والفقه والأدب وغير ذلك ، مع ذلك فلم يذكر رجال ابن الغضائري فيما ذكر من الكتب » (١)

٣ ـ بحث في القيمة العلمية لكتاب الضعفاء

عند التتبع لكلمات العلماء نجد أن أكثرهم يرى عدم نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري ، وليتضح هذا المطلب ننقل هنا بعض العبارات التي صدرت من أجلاء العلماء في هذا المجال :

__________________

(١) خلاصة الأقوال ، المقدمة ، ص ٢٦.

١٥٣

١ ـ النجاشي رحمه‌الله فإنه لم يذكر اسم أحمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري في باب (أحمد) ، فكيف بكتاب الضعفاء ونسبته إليه؟.

٢ ـ الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) فإنه وإن ذكر أن لأحمد بن الحسين كتابين إلا أنه صرّح بأنهما قد تلفا واندرسا ، يقول : « ... فإنّه عمل كتابين ، أحدهما في المصنفات والآخر ذكر فيه الاُصول و ... عمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين » (١).

٣ ـ العلامة آقا بزرك الطهراني رحمه‌الله فإنه لم يلتزم بجرح ابن الغضائري وقدحه ، ويقول : « ... عدم الاعتناء بما تفرّد به ابن غضائرى من الجرح ، فإنّ ذلك لعدم ثبوت الجرح منه » (٢).

__________________

(١) الفهرست ، المقدمة ، ص ٣٢.

(٢) الذريعة ، ج ٤ ، هامش ص ٢٨٥.

١٥٤

٤ ـ أستاذ الفقهاء السيد الخوئي (قدس سره الشريف) فإنه قال : « إنّ كتابه لم يثبت استناده إليه وإن كان هو ثقة في نفسه ، فلا يعوّل على جرحه ولا تعديله » (١).

٥ ـ الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) فقد كان موافقاً لأستاذه الخوئي (قدس سره الشريف) وكان يرى سقوط كتاب الضعفاء عن الحجية وكرر ذلك مرارا في دروسه البحث الخارج ، ولم يكن له رأي أساسا في جرح ابن الغضائري وتعديله (٢). ولم يكن (قدس سره الشريف) يرى نسبة الكتاب إلى ابن الغضائري مستندا في ذلك إلى أن النجاشي رحمه‌الله لم يذكر الكتاب مع إن أحمد بن الحسين من مشايخه ، وإلى كلام الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) الذي نقل فيه تلف كتب ابن الغضائري وإهلاكها من قبل الورثة ، وعدم نسخها.

__________________

(١) كتاب الصلاة ، ج ٢ ، هامش ص ٣٥٨.

(٢) النكات الرجالية ، مخطوط.

١٥٥

خلاصة الكلام : إن صالح بن عقبة من الثقات؛ لكثرة رواياته ونقل الأجلاء عنه ، وسقوط قدح ابن الغضائري عن الاعتبار وعدم إحراز وجود الغلو فيما روى ونقل.

وحتى لو لم يقبل البعض وثاقة صالح بن عقبة فإن ذلك لا يضر باعتبار زيارة عاشوراء ، لأن لها طريق آخر وهو ما نقله الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) عن سيف بن عميرة عن محمد بن إسماعيل بن بزيع. وهما من أجلاء الرواة ومن الثقات الذي اعتمد عليهم علماء الشيعة. فتكون النتيجة أننا لو فرضنا جدلا عدم وثاقة صالح بن عقبة فإن ذلك سوف لن يضر باعتبار زيارة عاشوراء الشريفة.

١٥٦

علقمة بن محمد الحضرمي (١)

علقمة بن محمد الحضرمي هو ناقل زيارة عاشوراء.

قال الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في باب أصحاب الإمام الباقر عليه‌السلام : « علقمة بن محمّد الحضرمي أخو أبي بكر الحضرمي » (٢).

وقال في باب أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام : « علقمة بن محمّد الحضرمي الكوفي أسند عنه » (٣).

وثاقة علقمة بن محمد الحضرمي

يمكن إحراز وثاقة علقمة بن محمد الحضرمي من عدة طرق :

١ ـ روى الكشي رحمه‌الله هذه الرواية في أواخر ترجمة علقمة بن محمد الحضرمي : « حدّثني علي بن محمّد بن

__________________

(١) الحضرمي ، بفتح الحاء ، منسوب إلى حضر موت بن قيس. (طرائف المقال ، ج ٢ ، ص ١٧٠)

(٢) رجال الطوسي ، ص ١٤٠ ، رقم ١٥٠١.

(٣) رجال الطوسي ، ص ٢٦٢ ، رقم ٣٧٣٢.

١٥٧

قتيبة القتيبي ، قال : حدّثنا الفضل بن شاذان ، قال : حدّثني أبي ، عن محمّد بن جمهور ، عن بكار بن أبي بكر الحضرمي ، قال : دخل أبو بكر (١) وعلقمة على زيد بن علي ، وكان علقمة أكبر من أبي ، فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره ، وكان بلغهما أنه قال : ليس الإمام منّا من أرخى عليه ستره ، إنّما الإمام من شهر سيفه! فقال له أبو بكر ـ وكان أجرأهما ـ : يا أبا الحسين أخبرني عن علي بن ابى طالب عليه‌السلام ، أكان اماماً وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماماً حتّى خرج وشهر سيفه؟ قال : وكان زيد يبصر الكلام ، قال : فسكت فلم يجبه ، فردّ عليه الكلام ثلاث مرات ، كلّ ذلك لا يجيبه بشيء ، فقال له أبوبكر : إن كان علي بن أبي طالب إماماً فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخى عليه ستره ، وان كان على عليه‌السلام لم

__________________

(١) المقصود هو عبد الله بن محمد الحضرمي. قال ابن شهر آشوب في مناقبه ج ٤ في باب إمامة أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليه‌السلام ، فصل في تواريخه وأحواله ، قال إن أبا بكر الحضرمي هو من خوّاص الإمام الصادق عليه‌السلام ، ويقول السيد الخوئي (قدس سره الشريف) : « إنّ أبابكر الحضرمي وإن كان جليلاً ثقة ، على ما عرفت إلاّ أنّه لم يرد فيه توثيق لا في الكشّي ولا من النجاشي » معجم رجال الحديث ، ج ١١ ص ٣١٩.

١٥٨

يكن إماماً وهو مرخى عليه ستره فأنت ما جاء بك ها هنا قال : فطلب من أبى علقمة ان يكف عنه! فكف » (١).

فهذه الرواية تدل بوضوح على أن هذين الأخوين جاءا إلى زيد بن علي عليهما‌السلام للاطلاع ، وخصوصا هذه العبارة : « يا أبا الحسين أخبرني عن على بن أبي طالب عليه‌السلام أكان إماماً وهو مرخ عليه ستره أو لم يكن إماماً حتّى خرج وشهر سيفه؟ » وتشير هذه الرواية أيضاً إلى اهتمامهما بأمر الدين ولذا ذهبا إلى زيد بن علي عليهما‌السلام.

٢ ـ تدل هذه العبارة التي قالها أبو بكر (عبد الله بن محمد) : « إن كان علي بن أبي طالب إماماً ، فقد يجوز أن يكون بعده إمام مرخىً عليه ستره » تدل على أن عبد الله بن محمد أبو بكر وعلقمة بن محمد كانا معتقدين بإمامة الإمام الباقر عليه‌السلام ولذا احتجا بهذا الأسلوب أمام زيد بن علي عليهما‌السلام لأن هذه العبارة المذكورة تشير إلى الإمام الباقر عليه‌السلام.

__________________

(١) رجال الكشي ، ص ٤٧٨ ، رقم ٧٨٨؛ اختيار معرفة الرجال ، ج ٢ ص ٧١٦ و ٧٨٨.

١٥٩

٣ ـ إن نقل الكشي رحمه‌الله لهذه الرواية في أواخر ترجمة علقمة بن محمد الحضرمي دليل على الكشي رحمه‌الله كان مهتما بأمر علقمة ومعتمدا عنده.

٤ ـ لو لاحظنا رواية صفوان التي يقول فيها ان الإمام الصادق عليه‌السلام خرج من الحيرة إلى المدينة ومعه صفوان بن مهران وجماعة من أصحابنا إلى الغري ولما فرغنا من زيارة أمير المؤمنين عليه‌السلام صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبد الله الحسين عليه‌السلام « تزورون الحُسين عليه‌السلام من هذا المكان من عند رأس امير المؤمنين عليه‌السلام من هاهُنا أومأ اليه الصّادق عليه‌السلام وأنا معه » ثم دعا صفوان بالزّيارة الّتي رواها علقمة بن محمّد الحضرمي عن الباقر عليه‌السلام في يوم عاشوراء ثمّ صلّى ركعتين عند رأس امير المؤمنين عليه‌السلام وودّع في دبرهما امير المؤمنين عليه‌السلام وأومأ الى الحسين صلوات الله عليه بالسّلام منصرفاً وجهه نحوه وودّع بالدعاء المعروف بحديث صفوان ولما فرغ قال له سيف بن عميرة : انّ علقمة بن محمّد لم يأتنا بهذا عن الباقر عليه‌السلام انّما أتانا بدعاء الزّيارة ،

١٦٠