دراسة في سند زيارة عاشوراء

جعفر التبريزي

دراسة في سند زيارة عاشوراء

المؤلف:

جعفر التبريزي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-6226-18-7
الصفحات: ٢٩٣

وأخوه سبط المصطفى وحبيبه

هذا الشبير وصنو ذاك الشبر

فاحق أن يرثى وأن يبكى له

بتفجع وتوجع وتحسر

وأحق من إلف نأى أو دمنة

درست معالمها بسطح المحجر

هذا الحسين ملقى بشاطي كربلا

ظمآن دامي الخدّ ثمّ المنحر

عار بلا كفن ولا غسل سوى

مور الرياح ثلاثة لم يقبر

مقطوع رأس هشمت أضلاعه

وكسير ظهر كسره لم يجبر

ومباعد عن داره وحماته

ومنازل بحجونها والمشعر

ويضام مضطهداً غريباً نازحاً

نائي المزار بذلة لم ينصر (١)

ومعاني هذه القصيدة تشير إلى أن الرجل كان محبا لأهل البيت عليهم‌السلام ومعتقدا بولايتهم.

يقول ابن النديم في فهرسته : « سيف بن عميرة من فقهاء الشيعة نقل الفقه عن الإمام عليه‌السلام » (٢).

__________________

(١) المنتخب لفخر الدين الطريحى ، ص ٤٤٤ ؛ ونقل مطلعها أدب الطف ، ج ١ ، ص ١٩٦.

(٢) فهرست ابن النديم ، ص ٣٢٢. وابن نديم عالم سنيّ جمع أقوال العلماء بعد الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) ، وكتابه غير معتبر عندنا وإنما ذكرناه للتنبيه فقط.

١٨١

وتجدر الإشارة إلى أن كلمة «ثقة» وردت في حق سيف بن عميرة في بعض النسخ الخطية لكتاب النجاشي منها نسخة ابن داود (١) والسيد التفرشي وعناية الله القهباني ، ولكن بعض النسخ الأخرى لم يرد فيها لفظ التوثيق ، والظاهر أنه سقط من النسّاخ.

والخلاصة أن سيف بن عميرة شخص صرّح بوثاقته أجلاء الرجاليين وهم : الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في (الفهرست) والنجاشي رحمه‌الله في رجاله ، والعلامة الحلي (قدس سره الشريف) في (الخلاصة) ، وابن شهر آشوب في (معالم العلماء).

علقمة بن محمد الحضرمي

تقدم الكلام حوله في الصفحة ١٥٧ فراجع.

__________________

(١) رجال ابن داوود ، ص ١٠٨ ، رقم ٧٥١.

١٨٢

السند الثاني لزيارة عاشوراء

في كتاب مصباح المتهجد للشيخ الطوسي قدس‌سره

ونقل الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) سندا آخر لزيارة عاشوراء ، وهو بهذا الشكل : « وروى محمّد بن خالد الطيالسي عن سيف بن عميرة قال : خرجت مع صفوان بن مهران الجمّال وعندنا جماعة من أصحابنا إلى الغري بعد ما خرج أبو عبدالله عليه‌السلام ، فسرنا من الحيرة إلى المدينة ، فلمّا فرغنا من الزيارة صرف صفوان وجهه إلى ناحية أبي عبدالله الحسين عليه‌السلام فقال لنا : تزورون الحسين عليه‌السلام من هذا المكان من عند رأس أمير المؤمنين عليه‌السلام ، من ههنا أومأ إليه أبو عبدالله الصادق عليه‌السلام وأنا معه ، قال : فدعا صفوان بالزيارة التي رواها علقمة بن محمد الحضرمي عن أبي جعفر عليه‌السلام في يوم عاشوراء ... » (١).

__________________

(١) مصباح المتهجد ، ص ٥٤٠ ، محمد بن المشهدي ، ص ١٨٥.

١٨٣

وقبل أن ندرس محمد بن خالد الطيالسي لابد لنا أن في البداية أن ندرس طريق الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) إلى الكتاب.

دراسة طريق الشيخ الطوسي قدس‌سره إلى كتاب الطيالسي

أوضح الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) طريقه إلى كتاب محمد بن خالد الطيالسي قائلاً : « ... له كتاب ، رويناه عن الحسين بن عبيدالله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمّد بن علي بن محبوب ، عنه» (١)

١ ـ الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري (٢)

قال النجاشي رحمه‌الله : « الحسين بن عبيدالله بن ابراهيم الغضائرى ابوعبدالله ، شيخنا رحمه‌الله له كتب ... » (٣).

__________________

(١) الفهرست ، للشيخ الطوسي ، ص ٢٢٨ ، رقم ٦٤٨.

(٢) الغضائرى : « الغضائرى نسبة الى الغضار ، وهو الإناء الذي يؤكل فيه ، نسب جماعة إلى عملها أو واحد من آبائهم. (قاموس الرجال ، ج ٣ ، ص ٤٧٧) او نسبة الى الغضائر بن السماك ، او الى الغضائر جمع الغضارة ، بمعنى الطين الحر ، او بمعنى : النعمة والخير والسعة ». (تنقيح المقال ، ج ٢٢ ، ص ٢١٤).

(٣) رجال النجاشي ، ص ٥٩ ، رقم ١٦٦.

١٨٤

فالحسين بن عبيد الله بن إبراهيم أستاذ النجاشي رحمه‌الله وبما إن جميع أساتذة النجاشي ثقات فإن الحسين بن عبيد الله ثقة بسبب هذا التوثيق العام.

وقال الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في كتابه الرجالي في قسم (فيمن لم يروَ عنهم) (١) : « الحسين بن عبيد الله الغضائري ، يكنّى أبا عبد الله ، كثير السماع ، عارف بالرجال ، وله تصانيف ذكرناها في الفهرست (٢) سمعنا منه وأجاز لنا بجميع رواياته مات سنة احدى عشره واربعمائة ٤١١ » (٣).

وكما لاحظنا فإن الشيخ النجاشي رحمه‌الله والشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) لم يصرحا بوثاقته ، ولكن البعض أراد أن يوثقه من هذه الجهات :

__________________

(١) المقصود بهذه العبارة في كتب الرجال هو الراوي الذي لم يروِ عن الإمام عليه‌السلام مباشرة وإنما روى عنه بواسطة.

(٢) لم نعثر عليها في (الفهرست) ويحتمل سقوطها عند النسخ. وممن ادعى ذلك ابن داود في رجاله ، ص ٨٠ ، رقم ٤٨٢ ، وبهذا يثبت سقوط العبارة من نسخة الفهرست الأصلية.

(٣) رجال الشيخ الطوسي ، ص ٤٢٥ ، رقم ٦١١٧.

١٨٥

١ ـ توثيق ابن طاووس رحمه‌الله وبعض المتأخرين.

٢ ـ لكثرة رواياته.

٣ ـ لكونه من مشايخ الإجازة (١).

__________________

(١) الشيخ في اللغة هو الرجل العجوز ومن ظهرت عليه علامات الهرم. ولكن «الشيخ» في اصطلاح الرجال هو من روي عنه. ولذا فإن كلمة «شيخ» إذا وردت مطلقة في علم الدراية والرجال يكون معناها : شيخ الرواية.

وأما الإجازة : فإن أصل مصدرها : أجاز ، وأصله : إجواز. وفي اصطلاح علم الحديث الإجازة : هي الكلام الصادر من المُجيز المشتمل على الإذن برواية الحديث عنه ، بعد اطلاعه على المرويات بصورة إجمالية. والمستعمل هو اطلاق لفظ الإجازة على المكتوب وتشتمل عادة على :

أ ـ ذكر الكتب والمؤلفات التي استجازها المجيز على نحو الإجمال أو التفصيل.

ب ـ ذكر أسماء المشايخ الذي أخذ المجيز اجازته منهم (ويجدر بالذكر أنه لابد أن تذكر في الإجازة طبقات المشايخ ومشايخهم حتى تصل إلى المعصومين عليهم‌السلام وإلا فلا يمكن أن يطلق على كل مكتوب «إجازة» (معجم مصطلحات ، ص ١٥ ، نقلا عن الذريعة ، ج ١ ، ص ١٣١.

وقد ذكروا أقوالا مختلفة في تعريف «شيخ الإجازة» وهذه الأقوال تختلف من جهات :

يرى بعضهم أن شيخ الإجازة هو من لم يكن من أصحاب الأئمة عليهم‌السلام وليس من أصحاب الكتب ولكنه مشهور بالشيخوخة أو بالوساطة في ايصال الكتب من المتقدمين إلى المتأخرين.

بينما يرى البعض الآخر أن شيخ الإجازة هو من تمت استجازته في الكتب المعروفة والجوامع الحديثية.

١٨٦

ولكن تثبت وثاقة الحسين بن عبيد الله بناءا على المبنى القائل بوثاقة جميع مشايخ النجاشي رحمه‌الله.

قال السيد الخوئي (قدس سره الشريف) تأييدا لما تقدم : « وكيف كان ، فلا ينبغي التردّد في وثاقة الرجل ، لا من جهة توثيق ابن طاووس وبعض من تأخّر عنه إيّاه ، ولا من جهة أنّه كثير الرواية ، أو أنّه شيخ الإجازة ، فإنّه لا عبرة بشىء من ذلك على ما عرفت ، بل من جهة أنّه شيخ النجاشي وجميع مشايخه ثقات على ما تقدّم » (١).

٢ ـ احمد بن محمد بن يحيى (العطار ـ القمي)

هو أحد الرواة المعروفين ، وقد ذُكر اسمه في الأصول الثمانية بشكل لا يمكن استظهار الوثاقة منه. وقد ذكره الشيخ

__________________

ويرى بعض آخر أن الإجازة لا تختص بالكتب المعروفة أو الجوامع الحديثية بل تشمل جميع الكتب الحديثية.

والخلاصة إن شيخ الإجازة هو من تمت استجازته في الكتب المشهورة والجوامع الحديثية وسائر الكتب الحديثية الأخرى.

(١) معجم رجال الحديث ، ج ٧ ص ٢٣. ويرى الرجالي الخبير الميزرا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) وثاقة جميع مشايخ النجاشي رحمه‌الله.

١٨٧

الطوسي (قدس سره الشريف) في كتابه الرجالي بموضعين من الكتاب ، ولكن لم يوّثقه بشكل واضح. يقول الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في قسم « من لم يروِ عن واحد من الأئمة عليهم‌السلام » : « أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار القمي ، روى عنه التلعكبري (١) وأخبرنا عنه الحسين بن عبيدالله وأبوالحسين بن أبي جيد القمي وسمع منه سنة ستّ وخمسين وثلاثمائة وله منه إجازة » (٢).

ويقول في موضع آخر : « أحمد بن محمد بن يحيى ، روى عنهما أبو جعفر بن بابويه » (٣).

وقال فيه ابن دواود أيضاً : « أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار القمي مهمل » (٤).

__________________

(١) « هارون بن موسى بن احمد بن سعيد بن سعيد ، ابومحمد ، التلعكبرى من بنى شيبان ، كان وجهاً في أصحابنا ، ثقة ، معتمداً لا يطعن عليه ». (رجال النجاشي ، ص ٤٣٩)

(٢) رجال الطوسي ، ص ٤١٠ ، رقم ٥٩٥٥.

(٣) رجال الطوسي ، ص ٤١٣ ، رقم ٥٩٧٩.

(٤) رجال ابن داود ، ص ٤٤ ، رقم ١٣٣.

١٨٨

والذي يظهر من أقوال علماء الرجال ، أنه لم وثقه احد صراحة ، بل ولم يمدحه أحد أصلاً ، وإن كان البعض قد تمسك بوجوه مختلفة لتوثيقه.

تحقيق ما استُدل به لتوثيق احمد بن محمد بن يحيى

١ ـ صرح الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في رجاله وفي مقدمته لكتاب الهداية التي عدد فيها ٢٠٦ اسما من مشايخ الصدوق رحمه‌الله وورد من بينهم اسم محمد بن يحيى ، ومن هنا يتضح أنه كان من مشايخ الصدوق رحمه‌الله ، وبالإضافة إلى ذلك فقد اعتقد البعض أنه من مشايخ النجاشي أيضاً (١) وبهذا تشمله القاعدة العامة التي تنص على توثيق جميع مشايخ النجاشي رحمه‌الله.

__________________

(١) وممن تعرض لذلك السيد الخوئي (قدس سره الشريف) في كتاب الطهارة ج ١٠ ص ٤٥ وردّ هذا القول قائلاً : « ... الا انه ظهر ان النجاشي رحمه‌الله لم يدرك زمن « احمد بن محمد بن يحيى » وانه ينقل عنه مع الواسطة ».

١٨٩

٢ ـ ويرى العلامة الحلي (قدس سره الشريف) في (خلاصة الأقوال) وفي الفائدة الثامنة تحديدا ـ يرى صحة طريق الشيخ الصدوق رحمه‌الله إلى عبد الرحمن بن الحجاج وعبد الله بن يعفور وقد وقع احمد بن محمد في هذا الطريق كما في (من لا يحضره الفقيه).

٣ ـ وللشيخ بهاء الدين العاملي (قدس سره الشريف) في كتابه (مشرق الشمسين) رأيٌ فيمن هو كثير الرواية ومن عمل العلماء برواياته ، ومن جهة أخرى لم يرد في حقه قدح ولا مدح في الكتب الرجالية ، يقول الشيخ بهاء الدين العاملي (قدس سره الشريف) في مثل هؤلاء : « قد يدخل في اسانيد بعض الاحاديث من ليس له ذكر في كتب الجرح والتعديل ... هذا المقدار كاف في حصول الظن بعدالته ... ومثل احمد بن محمد بن يحيى العطار ، فان الصدوق يروى عنه كثيراً وهو من مشايخه » (١).

__________________

(١) مشرق الشمسين ، ص ٢٧٦.

١٩٠

٤ ـ ويقول المحقق السبزواري رحمه‌الله : « أحمد بن محمّد بن يحيى الذي يروي الصدوق عنه وهو غير موثوق ... فلا يضرّ ضعف مشايخ الإجازة » (١).

٥ ـ وممن وثق أحمد بن يحيى مرارا وتكرارا الشهيد الثاني (قدس سره الشريف) في (الدراية) وكذلك السماهيجي رحمه‌الله (٢) والمقدس الاردبيلي رحمه‌الله (٣).

٦ ـ احمد بن محمد بن يحيى شخص كثير الرواية ، ولم يرد في حقه قدح ، وروى عنه الأجلاء كأبي الحسن ابن أبي الجيد والحسين بن عبيد الله والتلعكبري وابو جعفر بن بابويه والصدوق وسعد بن عبد الله ، ومن توفرت فيه هكذا أمور يعتبر ثقة على مبنى الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف).

__________________

(١) ذخيرة المعاد ، ج ١ ، ص ٣٠٥.

(٢) معجم رجال الحديث ، ج ٢ ص ٣٢٨.

(٣) أعيان الشيعة ، ج ٣ ، ص ١٥٨.

١٩١

رد السيد الخوئي قدس‌سره لتوثيقات أحمد بن محمد بن يحيى

يرى أستاذ الفقهاء السيد أبو القائم الخوئي (قدس سره الشريف) في ما يخص احمد بن محمد ما يلي :

١ ـ لا شك في أنه من مشايخ الصدوق رحمه‌الله كما صرّح بذلك الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) ، أما كونه من مشايخ النجاشي رحمه‌الله فغير مسلّم ، لأن النجاشي رحمه‌الله لم يدرك زمانه ، وقد نقل عنه بالواسطة في ١٥٠ موردا ، يقول السيد الخوئي (قدس سره الشريف) : « ... إلاّ أنّه بالتدقيق ظهر أنّ النجاشي لم يدرك زمن (أحمد بن محمّد بن يحيى) وأنّه ينقل عنه مع الواسطة في مأة وخمسين مورداً » (١).

٢ ـ « إنّ تصحيح العلاّمة ، مبني على بنائه على أصالة العدالة ، وعلى أنّ أحمد من مشايخ الإجازة ، وكلا الأمرين لا يمكن الاعتماد إليه » (٢).

__________________

(١) كتاب الطهارة ، السيد الخوئي ، ج ١٠ ، هامش ص ٤٥.

(٢) معجم رجال الحديث ، ج ٢ ص ٣٢٨.

١٩٢

٣ ـ يقول السيد الخوئي (قدس سره الشريف) عن توثيقات الشيخ بهاء الدين العاملي (قدس سره الشريف) والشهيد الثاني (قدس سره الشريف) والعلامة السماهيجي رحمه‌الله بأنها اجتهادية وليست حسية ، قال (قدس سره الشريف) : « إنّ توثيق هؤلاء لا يحتمل أن يكون منشأه الحس ، وإنّما هو الاجتهاد ، والاستنباط ، من كون الرجل من مشايخ الإجازة كما صرح بذلك الشيخ البهائى ، في مشرقه ... » (١).

وقد صدرت عبارات مختلفة من السيد الخوئي (قدس سره الشريف) وفي أماكن مختلفة من كتبه رأى فيها ضعف احمد بن محمد بن يحيى ، ومنها قوله (قدس سره الشريف) : « ..لأنّ الصدوق يرويها عن شيخه أحمد بن محمّد بن يحيى ولم يوثق ، وقد مر غير مرة أن مجرّد الكون من مشايخ الإجازة لا يكفي في التوثيق » (٢).

__________________

(١) معجم رجال الحديث ، ج ٢ ص ١٢١ ، رقم ٩٣٢.

(٢) كتاب الصلاة ، السيد الخوئي ، ج ٣ ، هامش ص ٣٥١.

١٩٣

ومنها : « ... وأحمد بن محمّد بن يحيى الواقع في سندها ، لأنّه لم يوثق وقد نبّهنا عليه مراراً فلا يمكن الاعتماد على روايته وإن كان كثير الرواية جدّاً » (١).

ويقول السيد الخوئي (قدس سره الشريف) في أواخر ترجمة احمد بن محمد بن يحيى : « فالمتحصّل ممّا ذكرناه : أنّ الرجل مجهول ، كما صرّح به جمع : منهم صاحب المدارك » (٢).

مناقشة رأي السيد الخوئي قدس‌سره في احمد بن محمد بن يحيى

تمسك السيد الخوئي (قدس سره الشريف) في تضعيف احمد لن محمد بن يحيى بعدم توثيق مشايخ الإجازة ثم رأى أن توثيق المتأخرين مبتنٍ على الحدس لا الحس ، ولا يمكن الاعتماد على الاجتهادات الناشئة عن الحدس.

وحتى لو وافقنا السيد الخوئي فيما استدل به فإن ذلك لا يوجب خروج احمد بن محمد عن كونه ثقة ، لأن وثاقته يمكن

__________________

(١) كتاب الطهارة ، السيد الخوئي ، ج ١٠ ، هامش ص ٤٥.

(٢) معجم رجال الحديث ، ج ٣ ص ١٢٢ ، رقم ٩٣٢.

١٩٤

إثباتها من طريق آخر ، إذ أن الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) ذكر احمد بن محمد بن يحيى في موضعين من كتابه الرجالي (١) هذا من جهة ،

ومن جهة أخرى فإن احمد بن محمد بن يحيى شخص كثير الرواية (٢) وقد روى عنه الأجلاء كالشيخ الصدوق وابن أبي الجيد (رحمهما الله) ولم يرد ذم في حقه ولذا فهو شخص ثقة. ولو أخذنا بنظر الاعتبار تدقيق الرواة في نقل الروايات واهتمام الكتب بكشف الحقائق ومع ذلم لم يرد قدح أو ذم في حق احمد بن محمد بن يحيى ولو كان فيه ما يوجب التضعيف لما سكت عنه الرواة. ففي ذلك الزمان إذا تصدى شخص لنقل مسألة ما ، وخصوصا إذا كانت مسألة علمية ، ثم لم يكن هو من أهل الاختصاص والمعرفة ، انبرى له مجموعة من المتبحرين بالعلم وفضحوا أمره وردّوا ما ذكر ، وهذه السيرة كانت متداولة بين الرجاليين القدامى. فقد ورد في ترجمة بعض الأشخاص

__________________

(١) رجال الطوسي ، ص ٤١١ ، رقم ٥٩٥٥ و ص ٤١٣ رقم ٥٩٧٩.

(٢) لقد روى احمد بن محمد بن يحيى ١٩٤ رواية ، نقل منها الحسين بن عبيد الله الغضائري ٨٨ رواية ، ونقل منها الشيخ الصدوق رحمه‌الله ١٠٣ رواية.

١٩٥

كأحمد بن محمد بن خالد البرقي (١) ، وسهل بن زياد الآدمي (٢) وأبي سمينة محمد بن علي بن إبراهيم القرشي المعروف بالصيرفي (٣) والحسين بن عبيد الله المحرر القمي (٤) ـ ورد أنهم اُخرجوا من قم لأنهم ينقلون الروايات الضعيفة.

والخلاصة إن أحمد بن محمد بن يحيى شخص كثير الرواية ونقل عنه الأجلاء ولم يرد في حقه قدح ولذا فهو ثقة على مبنى الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف).

٣ ـ محمد بن يحيى (العطار ، القمي)

قال فيه النجاشي رحمه‌الله : « محمّد بن يحيى أبو جعفر العطّار القمّي ، شيخ أصحابنا في زمانه ، ثقة ، عين ، كثير الحديث ، له كتب ، منها : كتاب مقتل الحسين عليه‌السلام ،

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٧٦ ، رقم ١٨٢؛ جامع الرواة ، ج ١ ، ص ٦٣.

(٢) جامع الرواة ، ج ١ ، ص ٣٩٣.

(٣) رجال النجاشي ، ص ٣٣٢ ، رقم ٨٩٤.

(٤) رجال الكشي ، ص ٧٩٩.

١٩٦

وكتاب النوادر ، أخبرنى عدّة من أصحابنا ، عن ابنه أحمد ، عن أبيه بكتبه » (١).

وقال فيه الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) : « محمّد بن يحيى العطّار ، روى عنه الكليني ، قمي ، كثير الرواية » (٢).

فكثرة رواياته وتوثيق النجاشي رحمه‌الله له دليل لا يقبل الشك على وثاقة محمد بن يحيى.

٤ ـ محمد بن علي بن محبوب الأشعري القمي

قال النجاشي رحمه‌الله في رجاله : « محمّد بن على بن محبوب الأشعرى (٣) ، القمي ، أبو جعفر ، شيخ القميّين في زمانه ، ثقة ، عين ، فقيه ، صحيح المذهب ، له كُتب منها كتاب النوادر ... » (٤).

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٣٥٣ ، رقم ٩٤٦.

(٢) رجال الطوسي ، ص ٤٣٩ ، رقم ٦٢٧٤.

(٣) « الأشعرى ، الأشعر ابو قبيلة من اليمن ، إليه ينسب الأشعريون ، وهو غير الأشاعرة الملعونين بلا شبهة والغالب في الأشعريين الوثاقة ». (طرائف المقال ، ج ٢ ، ص ١٥٥)

(٤) رجال النجاشي ، ص ٣٤٩ ، رقم ٩٤٠.

١٩٧

ويقول الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في الفهرست : « محمّد بن على بن محبوب الأشعرى ، القمى ، له كتب وروايات ، منها : كتاب الجامع وهو ... » (١).

وما قاله الشيخ النجاشي رحمه‌الله في محمد بن علي بن محبوب كافٍ في وثاقته.

__________________

(١) الفهرست ، للشيخ الطوسي ، ص ٢٢٢ ، رقم ٦٢٣. قال السيد الخوئي (قدس سره الشريف) : « بقى هنا شيء ، وهو ان الشيخ قال في التهذيب الجزء ٩ ، فى باب الوصية لاهل الضلال ، الحديث ٨١٢ : فأمّا مارواه محمد بن على بن محبوب ، عن أبي محمد الحسن بن علي الهمداني ، عن إبراهيم بن محمد ، قال : كتب أحمد بن هلال إلى أبي الحسن عليه‌السلام ... (الحديث) ، قال الشيخ : « فأوّل ما في هذا الخبر أنه ضعيف الإسناد جداً ، لأنّ رواته كلّهم مطعون عليهم ، وخاصّة صاحب التوقيع أحمد بن هلال ، فإنه مشهور بالغلوّ واللعنة ، وما يختصّ بروايته لا نعمل عليه » ـ إنتهى ـ.

أقول : قد يتوهّم أنّ الشيخ حكم بضعف محمد بن علي بن محبوب أيضاً ، ولكن الأمر ليس كذلك ، فإنه ناقش فيما رواه محمد بن علي بن محبوب ... لا في روايته نفسه ، فالمناقشة إنما هي فيمن روى عنه محمد بن على بن محبوب ».

١٩٨

٥ ـ محمد بن خالد الطيالسي

(محمد بن خالد التميمى ، محمد بن خالد بن عمر)

قال فيه النجاشي رحمه‌الله : « محمّد بن خالد بن عمر الطيالسي (١) التميميّ ، أبو عبدالله ، كان يسكن بالكوفة في صحراء جَرم » (٢).

ثم ذكر طريقه إلى كتابه قائلا : « له كتاب نوادر أخبرنا ابن نوح ، عن ابن سفيان ، عن حُميد بن زياد قال : مات محمّد بن خالد الطيالسي ليلة الأربعاء لثلاث بقين من جمادى الآخرة سنة تسع وخمسين ومائتين ، وهو ابن سبع وتسعين سنة » (٣).

وقال فيه الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) : « محمّد بن خالد الطيالسي ، له كتاب ، رويناه عن الحسين بن عبيد الله ، عن

__________________

(١) الطيالسى ، بفتح الطاء ، منسوب الى الطيالسة : اما الى بيعها ، او الى عملها والطيالسة

معروفة ومنه جاء البرد والطيالسة ». (طرائف المقال ، ج ٢ ، ص ١٨٣).

(٢) رجال النجاشي ، ص ٣٤٠ ، رقم ٩١٠.

(٣) رجال النجاشي ، ص ٣٤٠ ، رقم ٩١٠.

١٩٩

أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه ، عن محمّد بن على بن محبوب عنه ... » (١).

وذكره في كتابه الرجالي في أصحاب الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه‌السلام وذكر اسمه قائلا : « محمّد بن خالد الطيالسي » (٢).

وقال في قسم ( من لم يروِ عن واحد من الأئمة عليهم‌السلام ) : « محمّد بن خالد الطيالسي ، روى عنه علي بن الحسن بن فضّال وسعد بن عبد الله » (٣).

ويضيف قائلا : « محمّد بن خالد الطيالسي يكنّى أبا عبدالله ، روى عنه حميد اُصولاً كثيرة ، ومات سنة تسع وخمسين و ، مائتين وله سبع وتسعون سنة ... » (٤).

__________________

(١) الفهرست ، للشيخ الطوسي رحمه‌الله ، ص ٢٢٨ ، رقم ٦٤٨.

(٢) رجال الشيخ الطوسي قدس‌سره ، ص ٣٤٣ ، رقم ٥١٢٥.

(٣) رجال الشيخ الطوسي ، ص ٤٣٨ ، رقم ٦٢٦١.

(٤) رجال الشيخ الطوسي رحمه‌الله ، رقم ٦٣٠٤.

٢٠٠