دراسة في سند زيارة عاشوراء

جعفر التبريزي

دراسة في سند زيارة عاشوراء

المؤلف:

جعفر التبريزي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-6226-18-7
الصفحات: ٢٩٣

__________________

ثالثا : اشتراط أن تنتهي الروايات إلى المشايخ الثقات ، لأنه رحمه‌الله قال في المقدمة : «ورواه مشايخنا» ومعنى هذا انه رحمه‌الله لا ينقل رواية مقطوعة أو مرسلة بل ينقل الروايات المتصلة بالمشايخ الثقات.

إذا التزمنا بهذه النقاط أمكننا القول بأن جميع هذه الروايات صحيحة ومعتبرة.

وقد ذكر الأستاذ المحقق الشيخ مسلم الداوري في كتابه (أصول علم الرجال ، ج ٢ ، ص ٢٧٢) أن أستاذ الفقهاء السيد الخوئي (قدس سره الشريف) قد اعتمد على ما قاله صاحب الوسائل بخصوص تفسير القمي ، قال الداوري : « يدل كلام علي بن إبراهيم على وثاقة جميع رواته بشرط اتصال السند بالمعصوم عليه‌السلام وذكروا أيضاً أن جميع الكتاب هو لعلي بن إبراهيم. » (أصول علم الرجال ، ج ٢ ص ٢٧٣).

النظرية الثانية : ما جعل البعض يشكك في نسبة الكتاب إلى القمي هو هذه الإشكالات :

أ ـ أول من تكلم في صحة الكتاب ونسبته إلى علي بن إبراهيم هو الشيخ آقا بزرك الطهراني رحمه‌الله فقد كان يعتقد إن أبا الفضل العباس بن محمد بن قاسم الذي هو تلميذ القمي وأسمه وارد في بداية التفسير ، يرى الطهراني أن هذا الشخص قد تصرف في التفسير وأدخل روايات أبي الجارود وآخرين في أواسط المجلد الأول من التفسير. (الذريعة ، ج ٤ ، ص ٣٠٣).

ب ـ ذُكرت في الكتاب روايات كثيرة عن بعض المتأخرين على القمي ، كابن عقدة (٢٤٩ ـ ٣٣٢) ومحمد بن عبد الله بن جعفر الحميري ، وابن همام الاسكافي (م ٣٣٦) وليس للقمي سند إلى هؤلاء.

١٢١

__________________

ج ـ نُقلت بعض الرواية عن مشايخ آخرين وفي بعض الأحيان كان هناك واسطتان إلى أبيه (إبراهيم بن هاشم) (ج ٢ ، ص ٣٣٩).

د ـ نُقلت بعض الروايات في كتاب (تأويل الآيات) عن تفسير القمي ، وهي غير موجودة في التفسير الذي بين أيدينا ، وهذا يدل على نقص هذه النسخة الحالية من التفسير ، بمعنى أن شخصا آخر غير القمي قد ألّف الكتاب الفعلي فاعتمد كثيرا على تفسير القمي الأصلي وجمع أكثر من ٢٠ طريق إلى معاصريه (تأويل الآيات).

هـ ـ يعتقد آية الله السيد الشبيري الزنجاني (حفظه الله) أن صاحب هذا الكتاب هو علي بن حاتم؛ مستدلا على ذلك بأن أكثر رواة المجلد الثاني ومنهم احمد بن إدريس وغيره ـ هم من أساتذته ، ويحتمل أن يكون منشأ الخلط هو تشابه الاسمين فتم تبديل اسم علي بن أبي سهل الذي هو علي بن أبي حاتم ، تم تبديله إلى علي بن إبراهيم للتشابه. فوجود النقل عن هذا التفسير في (تأويل الآيات) مع خلوّ التفسير عما نُقل ، بل أن ما في التفسير يختلف كثيرا عن المنقول وهذا يمنعنا من الاعتماد على هذا التفسير الموجود وإن كان أكثره من التفسير الأصلي (الاسترآبادي ، ص ٣٢ ، ابن طاووس ، ص ١٦٨).

و ـ وللرجالي الخبير الميرزا جواد التبيريز (أعلى الله مقامه الشريف) نظرية أخرى بخصوص هذا التفسير فهو (قدس سره الشريف) يرى أن هذا التفسير لايمكن الاعتماد عليه وكذلك يتردد في نسبة كل الكتاب إلى علي بن إبراهيم ، ولمنه يرى أيضاً : أن جميع الموارد التي ذُكرت في الكتاب لا تحتاج إلى دراسة وتحقيق في أسنادها لإحراز صحة الروايات الواردة فيه.

١٢٢

الله) في تعليقته على (منهاج المقال) (١) ، وأستاذ الفقهاء السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره الشريف) في (مباني تكملة المنهاج) و (ومعجم رجال الحديث).

٦ ـ إن نقل الأجلاء عن صالح بن عقبة دال على وثاقته ، وإلا كيف يُعقل أن ينقل يونس بن عبد الرحمن ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن إسماعيل بن بزيع وزيد الشحام وأمثالهم ـ كيف ينقل هؤلاء رواياتهم عن شخص ضعيف؟ بل لابد أنهم رأوا فيه الوثاقة فوجدوه أهلا لأن يُنقل عنه فنقولا عنه.

٧ ـ ومن أهم المؤيدات التي يمكن أن تحل كثير من المشاكل بخصوص توثيق صالح بن عقبة هو التوثيقات التي ذكرها الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (قدس سره الشريف) فهو يرى أنه إذا كان الراوي كثير الرواية ولم يرد في حقه قدح ، وبالإضافة إلى ذلك نقل عنه الأجلاء فهكذا شخص يعتبر من الثقات ، لأنه لو لم يكن ثقة لورد الذم في حقه لكثرة

__________________

(١) تعليقة منهاج المقال ، ص ٢٠٤ ، (وكلام الوحيد البهبهاني مجرد شاهد على وثاقة صالح بن عقبة).

١٢٣

رواياته (١) ، كما أن عدم ورود القدح فيه وكثرة روايته ونقل الأجلاء عنه دال كذلك على عظمة هذا الراوي.

كما إن الأكابر الذين رووا عن صالح بن عقبة كانوا من أجلاء الرواة ومنهم إبراهيم بن هاشم القمي ، وعبد الله بن المغيرة البجلي ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، ومحمد بن إسماعيل بن بزيع ويونس بن عبد الرحمن والحسن بن علي

__________________

(١) كثرة الروايات المنقولة عن صالح بن عقبة في الكتب الأربعة ظاهرة مشاهدة بوضوح ، فقد نقل المحمدون الأربعة عن صالح بن عقبة ١١٩ رواية بهذا التفصيل : الكافي ٦٥ رواية ، من لا يحضره الفقيه ١٢ رواية ، تهذيب الأحكام ، ٣٥ رواية ، الاستبصار ٧ روايات. كما نقل عنه مؤلفون آخرون في كتبهم ومن هذه الكتب : مصباح المتهجد ٣ روايات ، كامل الزيارات ، ٣٢ رواية ، محاسن البرقي ٨ روايات ، البصائر : روايتين ، أمالي الصدوق رحمه‌الله ٣ روايات ، الخصال ، ٣ روايات ، ثواب الأعمال ١١ رواية ، علل الشرايع ٦ روايات ، العيون : روايتين ، كمال الدين ٣ روايات ، معاني الأخبار روايتين ، المزار للشيخ المفيد ٧ روايات ، المزار للمشهدي ٩ روايات ، الاحتجاج للطبرسي ٣ روايات ، وغيرها من الكتب. وهذه الكتب التي ذكرنا تعتبر من المصادر القديمة التي ذكرت روايات المعصومين عليهم‌السلام وهي كتب خالدة عىل مدى الدهور والأيام.

١٢٤

بن بقاح و ... ، وقد بلغت روايات ابن عقبة ١٢٢ رواية ، ولم يرد في حقه قدح (١) ولذا فإنه من الثقات.

وربما يستشكل البعض في وثاقة صالح بن عقبة لأن الغضائري قال في حقه : « غال ، كذّاب ، لا يلتفت إليه » (٢) أو ما قاله ابن داوود فيه : « ليس حديثه بشيء ، كذّاب ، غال ، كثير المناكير » (٣).

وقد ذكرنا إشكال ابن الغضائري والجواب في ص ٩٨.

٨ ـ وقع صالح بن عقبة في سند رواية رواها علي بن إبراهيم في تفسيره ، وذلك في تفسير الآية ٦٤ من سورة الفرقان والرواية هي : « قال على بن ابراهيم في قوله ( هُوَ الَّذي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَار خِلْفَة ... ) فانه حدثنى ابى ، عن صالح بن عقبة ، عن جميل ، عن ابى عبدالله عليه‌السلام قال له رجل : جعلت فداك يابن رسول الله ربما فاتتنى صلاة الليل الشهر والشهرين والثلاثة فاقضيها بالنهار ايجوز

__________________

(١) تقدم قدح ابن الغضائري وعدم الاعتناء به.

(٢) رجال ابن الغضائري ، ص ٦٩ ، رقم ٧٠.

(٣) رجال ابن داوود ، ص ٢٣٠ ، رقم ٢٥٠ ، من القسم الثاني ، معجم رجال الحديث ، ج ١٠ ص ٥٧.

١٢٥

ذلك؟ قال : قرة عين لك والله قرة عين لك ثلاثا ، ان الله يقول : (هُوَ الَّذي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَار خِلْفَة ... ) ، فهو قضاء صلاة النهار بالليل وقضاء صلاة الليل بالنهار وهو من سر آل محمد المكنون ... » (١)

ولهذا فالتوثيقات العامة التي ذكرها علي بن إبراهيم تشمل صالح بن عقبة ، لأن علي بن إبراهيم قال في مقدمة تفسيره : « ... ونحن ذاكرون ومخبرون بما ينتهى الينا ورواه مشايخنا وثقاتنا عن الذين فرض الله طاعتهم وأوجب ولايتهم ولا يقبل إلاّ بهم ... » (٢).

وقد اعتقد بهذا حتى علماء العامة ، فقد ورد في كتاب (تهذيب الكمال) عند الحديث عن سيرة موسى بن عبيد الله نقلا عن بشار ـ ورد هذا الهامش : « قد أخرج له الشيعة في كتبهم المعتمدة وعدّه من أصحاب الصادق عليه‌السلام ، فله رواية في « التهذيب » ج ٩ ، ح ١٢٥١ و ح ١١٩٣ وله رواية في « الاستبصار » ج ٤ ، ص ٦٥٥ وفي كامل الزيارات الباب ١٤ ، ح ٤ ، وفي تفسير القمي ، وغيرها وكلّ هذا يدلّ على تشيّعه فينظر في أمر توثيقه مطلقاً » (٣).

__________________

(١) تفسير القمي ، ج ٢ ص ١١٦.

(٢) تفسير القمي ، ج ١ ، ص ٣٠.

(٣) تهذيب الكمال ، ج ١٩ ، ص ١٦٩.

١٢٦

رأي أستاذ الفقهاء السيد الخوئي قدس‌سره في صالح بن عقبة

يرى السيد الخوئي (قدس سره الشريف) أن كل من وقع في طريق سند في تفسير القمي فهو ثقة. وقد تمسك (قدس سره الشريف) بكلام العلامة المجلسي رحمه‌الله لإثبات هذا المدعى ، قال السيد الخوئي (قدس سره الشريف) في حق إبراهيم بن محمد الثقفي : « إنّ له مدائح كثيرة ، هذا ، ويكفى في توثيقه وقوعه في اسناد تفسير القمى » (١) وكان العلامة المجلسي رحمه‌الله يرى أيضاً أن وقوع الراوي في سلسلة سند في تفسير القمي دليل على وثاقة ذلك الراوي ، وهذا الكلام يشمل صالح بن عقبة لأنه واقع في أسناد بعض الروايات الواردة في تفسير القمي.

وقد عقد السيد الخوئي (قدس سره الشريف) بحثا مستقلا لمناقشة تضعيف ابن الغضائري لصالح بن عقبة ، وكذا بالنسبة إلى معلى بن محمد البصري الذي قال النجاشي رحمه‌الله في

__________________

(١) معجم رجال الحديث ، ج ١ ص ٢٥٨.

١٢٧

حقه : « مضطرب الحديث والمذهب وكتبه قريبة » (١) قال السيد الخوئي (قدس سره الشريف) معلقا على ذلك : « هذا التعبير لا ينافي التوثيق كما مرّ غير مرّة إذا فلم يثبت حرج للرجل ليكون معارضاً مع التوثيق المستفاد من وقوعه في اسناد تفسير القمي » (٢).

ويقول (قدس سره الشريف) أيضاً : « لا يعارض التضعيف المنسوب الى ابن الغضائرى ، توثيق على بن ابراهيم (صالح بن عقبه) ، لما عرفت غير مرة من ان نسبة الكتاب الى ابن الغضائرى لم تثبت ، فالرجل من الثقات » (٣).

ولذا يمكننا الخروج بهذه النتيجة وهي وثاقة صالح بن عقبة.

وقال السيد الخوئي (قدس سره الشريف) أيضاً : « صالح بن عقبة لعدم توثيقه في كتب الرجال ولكن الرجل ثقة عندنا ، لأنّه

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٤١٨ ، رقم ١١١٧ ، وعبارة «كتبه قريبة» تعني : قريبة إلى المذهب. (الفوائد الرجالية ، للسيد بحر العلوم ، ج ٣ ، ص ٣٣٩.

(٢) كتاب الصلاة ، ج ٢ ، ص ٢٧٥. وقد وقع المعلى بن محمد مرتين في أسناد القمي. (ج ٢ ، ص ٢٥٦ و ٤١٧).

(٣) معجم رجال الحديث ، ج ١٠ ص ٨٥.

١٢٨

من رجال كامل الزيارات (١) وتفسير علي بن ابراهيم. فلا ريب في جواز الأخذ به » (٢).

ويقول في كتاب الحج : « ولكنّه عندنا ثقة ، إذ لا عبرة بالكتاب المنسوب إلى الغضائري ، فيكفينا في الحكم بوثاقته أنّه من رجال كامل الزيارات وتفسير القمي » (٣).

٩ ـ لقد تمسك المحدث النوري رحمه‌الله (٤) بعدة أمور لإثبات وثاقة صالح بن عقبة ، منها :

أ ـ إن يونس بن عبد الرحمن الذي هو من أصحاب

__________________

(١) تراجع السيد الخوئي (قدس سره الشريف) عن توثيقه المطلق لرجال كامل الزيارات واكتفى بتوثيق مشايخ ابن قولويه بلا واسطة. وقد وقع صالح بن عقبة في أسناد ٣٢ رواية في كامل الزيارات ، وروايتين في تفسير القمي.

(٢) كتاب الحج ، ج ٣ ، ص ٢٥٦.

(٣) كتاب الحج ، ج ٤ ص ٣٧.

(٤) خاتمة المستدرك ، أواخر البحث في وثاقة صالح بن عقبة.

١٢٩

الإجماع (١) قد روى عن صالح بن عقبة (٢).

ب ـ اعتماد المشايخ الثقات عليه وروايتهم عنه ومن هؤلاء : محمد بن إسماعيل بن بزيع (٣) ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، والحسن بن علي بن البقاح (٤) و ...

١٠ ـ إذا التزمنا بنسبة كتاب ابن الغضائري إلى احمد بن الحسين لم يثبت غلو بن الغضائري في حق صالح بن عقبة ، وما رواه صالح بن عقبة من الروايات التي تتحدث عن مكانة

__________________

(١) قال الكشى : « أجمع أصحابنا على تصحيح ما يصحّ عن هؤلاء وتصديقهم واقرّوا لهم بالفقه والعلم ... منهم يونس بن عبدالرحمن و ... ». (رجال الكشي ، ص ٥٥٦ ؛ اختيار معرفة الرجال ، ج ٢ ، ص ٨٣٠).

(٢) نقل يونس بن عبد الرحمن عن صالح بن عقبة أربع روايات : الكافي ، ج ٧ ص ٣١٢ ، التهذيب ، ج ١٠ ، ص ٢٤٨ ، الوسائل ، ج ٢٩ ، ص ٣٣٧ ، ح ١ و ٢.

(٣) روى محمد بن إسماعيل عن صالح بن عقبة ٢٢٣ رواية ، الكافي ، ج ١ ص ٤٣٦ ، ح ١ و ٢ ، ٢ ٤٦٠ ، ح ١ و ٢ و ...

(٤) قال النجاشي رحمه‌الله في حق الحسن بن علي بن البقاح : « الحسن بن على بن بقّاح كوفي ثقة ، مشهور ، صحيح الحديث ، روى عن أصحاب أبي عبدالله عليه‌السلام » رجال النجاشي ، ص ٤٠ رقم ٨٢. وقد روى عن ٢٣ شخص وأربعة روايات عن صالح بن عقبة : الكافي ج ٦ ص ٣٥٤ والباقي في وسائل الشيعة.

١٣٠

الأئمة عليهم‌السلام ومنزلتهم (١) مما ظاهره الغلو هو ليس غلوا في رأينا. وهذا بحد ذاته قرينة على عدم صحة الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري (٢).

١١ ـ لقد نقل العلامة الحلي (قدس سره الشريف) في (خلاصة الأقوال) (٣) قدح ابن الغضائري في حق صالح بن عقبة ، واكتفى بالنقل فقط ولم يورد هو قدحا على ابن عقبة ، ولو كان هناك قدح جدي لبيّنه العلامة ولم يكتفِ فقط بنقل كلام ابن الغضائري فقط.

__________________

(١) كرواياته في فضل زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام والثواب المترتب على تسبيح فاطمة عليها‌السلام. فبالإضافة إلى كون هذه الروايات ليست غلوا فهي أيضاً شاهد على حب هذا الرجل لأهل البيت عليهم‌السلام وإخلاصه لهم.

(٢) تعليقة على منهج المقال ، الوحيد البهبهاني ، ص ٢٠٤. « ... في صالح بن عقبة بن قيس كذاب : الظاهر انه من (غضائرى) ومع أنّ الظاهر من (نجاشى) عدم صحّة ما نسبه إليه سيّما من قوله (له كتاب يرويه جماعة). ويؤيد عدم الغلو ما في ( نجاشى رحمه‌الله ) و ( فهرست ، شيخ طوسى رحمه‌الله ) وروايته في كتب الأخبار صريحة في خلاف الغلو. قال جدّى : والظاهر أنّ الغلو الذي نسبه إليه غضائرى للأخبار التي تدلّ على جلالة قدر الأئمة عليهم‌السلام. وليس فيها غلو ويظهر من الصدوق : أنّه كتابه معتمد الأصحاب وعملوا عليها ».

(٣) خلاصة الأقوال ، ص ٣٦٠ ، الباب الأول.

١٣١

١٢ ـ ومن الشواهد على وثاقة هذا الرجل ووجاهته هو كثرة ما روى من الروايات التي تذكر مناقب أهل البيت عليهم‌السلام مما ذكر في كتب الشيعة ، كرواياته في فضيلة زيارة الإمام الحسين عليه‌السلام وثوابها (١) ، ورواياته في الثواب المترتب على تسبيح فاطمة الزهراء عليها‌السلام (٢) وثواب الاستغفار وغيرها من الروايات.

__________________

(١) « عن صالح بن عقبه ، عن زيد الشحام قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام ما لمن زار قبر الحسين عليه‌السلام؟ قال : كان كمن زار الله في عرشه. قال قلت : ما لمن زار أحداً منكم؟ قال : كمن زار رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ». (كامل الزيارات ، ص ٢٧٨ ، ح ٤٣٧ و ص ٤٨ ، ح ٢٦ ؛ ص ٢٨٣ ، ح ٤٥٤)

« صالح عن بشير الدهان قال : قال أبو عبد الله : أيّما مؤمن زار الحسين بن على عليه‌السلام عارفاً بحقّه في غير يوم عيد ، كتبت له عشرون حجة وعشرون عمرة مبرورات متقبلات وعشرون غزوة مع نبى مرسل وامام عادل ». (ثواب الاعمال ، ص ٨٩). (الكافي ، ج ٤ ، ص ٥٨٠ ؛ كامل الزيارات ، ص ٣١٦ و ٣٤٢)

« من زار قبر الحسين يوم عرفة ، عارفاً بحقّه ، كتب الله له ثواب ألف حجة وألف عمرة وألف غزوة مع نبى مرسل ومن زاره أوّل يوم من رجب غفر الله له البتة ». (كامل الزيارات ، ص ٣٢٢ ، ح ٥٤٦ و ٣٣٩ ؛ وسائل الشيعه ، ج ١٤ ، ص ٤٦٧ ، ح ١٩١٦٤)

(٢) « صالح بن عقبه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : ما عبدالله بشيء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليها‌السلام ولو كان شيء أفضل منه لنحله

١٣٢

تحقيق فيمن روى عن صالح بن عقبة

١ ـ يونس بن عبد الرحمن

يونس بن عبد الرحمن بن عبد الله أحد أصحاب الإجماع (١) ، قال فيه النجاشي رحمه‌الله : « كان وجهاً في أصحابنا متقدّماً عظيم المنزلة و ... » (٢).

وقال فيه الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) : « وهو عندي ثقة » (٣).

__________________

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فاطمة عليها‌السلام ». (الكافى ، ج ٣ ، ص ٣٤٣ ، ح ١٤ ؛ تهذيب الاحكام ، ج ٢ ، ص ١٠٥ ، ح ٣٩٨)

« صالح بن عقبة عن أبي خالد القماط قال : سمعت أبا عبدالله عليه‌السلام يقول : تسبيح فاطمة عليها‌السلام في كل يوم في دبر كل الصلاة أحب الى من صلاة ألف ركعة في كل يوم ». (وسائل الشيعه ، ج ٦ ، ص ٤٤٣ ، باب ٩ ، ح ٨٣٩٧).

(١) رجال الكشي ، ص ٥٩٩.

(٢) رجال النجاشي ، ص ٤٤٦ ، رقم ١٢٠٨.

(٣) رجال الطوسي ، ص ٣٦٨ ، رقم ٥٤٧٨.

١٣٣

٢ ـ محمد بن الحسين بن أبي الخطاب

قال فيه النجاشي رحمه‌الله : « جليل من أصحابنا ، عظيم القدر ، كثير الرواية ، ثقة ، عين ، حسن التصانيف ، مسكون إلى روايته » (١).

وقد ذكره الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في كتابه في ثلاثة مواضع :

١ ـ في القسم المخصص لأصحاب الإمام محمد بن علي الثاني عليه‌السلام ، قال : « محمد بن الحسين بن أبي الخطاب كوفي ثقة » (٢)

٢ ـ في القسم المخصص لأصحاب الإمام علي بن محمد الهادي عليه‌السلام ، قال : « محمد بن الحسين بن ابى الخطاب الزيات الكوفى ثقة من اصحاب ابى جعفر الثانى عليه‌السلام » (٣).

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٣٣٤ ، رقم ٨٩٧.

(٢) رجال الطوسي ، ص ٣٧٩ ، رقم ٥٦١٥.

(٣) رجال الطوسي ، ص ٣٩١ ، رقم ٥٧٧١.

١٣٤

٣ ـ في القسم المخصص لأصحاب الإمام الحسن العسكري عليه‌السلام ، قال : « محمد بن الحسين بن ابى الخطاب كوفى ، زيات » (١).

٣ ـ محمد بن إسماعيل بن بزيع (٢)

وقد قال فيه النجاشي رحمه‌الله : « كان من صالحى هـذه

__________________

(١) رجال الطوسي ، ص ٤٠٢ ، رقم ٥٨٩٠.

(٢) محمد بن إسماعيل بن بزيع هو من جملة الرواة الذي رووا عن صالح بن عقبة ، وابن بزيع هو راوٍ اعترف جميع الرجاليون بعلوّ منزلته وعظمة مكانته عند الإمام الرضا عليه‌السلام وقد قال فيه الإمام عليه‌السلام : «وددت أن فيكم مثله» (رجال النجاشي ، ص ٣٣٢ ، رقم ٨٩٣ ، معجم رجال الحديث ، ج ٦ ص ٢٤٩ ، وج ١٦ ، ص ١٠٤. « ... أخبرنا والدي رحمه‌الله قال : أخبرنا محمد بن علي بن الحسين قال : حدّثنا محمد بن على ما جيلويه ، عن على بن ابراهيم ، عن أبيه ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد الصيرفي ، قال : كنا عند الرضا عليه‌السلام ، ونحن جماعة ، فذكر محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، فقال : (وددّت أنّ فيكم مثله) » (رجال النجاشي ، ص ٣٣٠ ـ ٣٣٢) ، ومن البعيد جدا أن ينقل ابن بزيع عن شخص مجهول أو ضعيف ، بل إن روايته عن صالح بن عقبة دليل على وثاقته ، فقد نقل ابن بزيع عن صالح بن عقبة ١٢٢ رواية ، اشتمل الكافي على ٥٧ رواية منها. وممن روى عن ابن عقبة أيضاً رواة أجلاء آخرون منهم : إبراهيم بن هاشم القمي ، والحسن بن علي بن البقاح ، وعبد الله بن المغيرة البجلي ، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ، وزيد الشحام ... وغيرهم.

١٣٥

الطائفة ، وثقاتهم ، كثير العمل » (١).

وقال في حقه الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) : « محمد بن اسماعيل بن بزيع له كتاب في الحج » (٢).

وقد ذكره الشيخ (قدس سره الشريف) في كتابه الرجالي في ثلاثة مواضع :

١ ـ في القسم المخصص لأصحاب الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام ، قال : « محمد بن إسماعيل بن بزيع » (٣).

٢ ـ في القسم المخصص لأصحاب الإمام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ، قال : « محمد بن اسماعيل بن بزيع ثقة صحيح كوفي مولى المنصور » (٤).

__________________

(١) رجال النجاشي ، ص ٣٣٠ ، رقم ٨٩٣.

(٢) فهرست الشيخ الطوسي ، ص ٢٧٧ ، رقم ٦٠٤ ، ص ٢١٥ ، رقم ٦٠٥ ، مؤسسة نشر الفقاهة.

(٣) رجال الطوسي ، ص ٣٤٤ ، رقم ٥١٣٠.

(٤) رجال الطوسي ، ص ٣٦٤ ، رقم ٥٣٩٣.

١٣٦

٣ ـ في القسم المخصص لأصحاب الإمام محمد بن علي الثاني عليه‌السلام ، قال : « محمّد بن إسماعيل بن بزيع من أصحاب الرضا عليه‌السلام » (١).

٤ ـ زيد الشحام

قال فيه النجاشي رحمه‌الله : « ... كوفي روى عن أبي عبدالله وأبي الحسن عليه‌السلام » (٢).

وقال فيه الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) : « يكنى أبا أسامة ثقة » (٣).

وعدّه في رجاله من أصحاب الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام وقال : « زيد بن يونس ، أبو اُسامة الأزدي ، مولاهم الشحام الكوفي » (٤).

__________________

(١) رجال الشيخ الطوسي ، ص ٣٧٧ ، رقم ٥٥٩٠.

(٢) رجال النجاشي ، ص ١٧٥ ، رقم ٤٦٢.

(٣) الفهرست ، ص ١٢٩ ، رقم ٢٩٨.

(٤) رجال الطوسي ، ص ٢٠٦ ، رقم ٢٦٥٦.

١٣٧

ومن خلال تتبعنا لسيرة يونس بن عبد الرحمن ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن إسماعيل بن بزيع وزيد الشحام ـ بالإضافة إلى قرائن أخرى ـ يمكننا الإلمام بشخصية صالح بن عقبة ومكانته.

١٣٨

بحث حول ابن الغضائري

وكتاب (الضعفاء)

أ ـ من هو ابن الغضائري؟

أحمد بن الحسين بن عبيد الله بن إبراهيم الغضائري ، رجالي ومحدث الإمامية في بغداد ، ضبطت كنيته بـ (أبي الحسن) أو (أبي الحسين) واُحيطت حياته بغشاء سميك من الإبهام. وهو من أجلاء الشيعة في القرن الخامس الهجري ، ولم يثبت بدقة تاريخ ولادته ولا تاريخ وفاته.

ولكن المقطوع به هو أنه من علماء القرن الخامس الهجري وأنه معاصر للشيخ الطوسي والنجاشي (رحمهما الله). والذي يتضح من كلام الشيخ الطوسي في (الفهرست) أن ابن الغضائري توفي شابا قبل أن يبلغ الأربعين. وأما بالنسبة إلى أساتذته فلم يُذكر منهم إلا إثنان :

الأول : أبوه المحدث الفقيه الحسين بن عبيد الله الغضائري ، وهو من الشخصيات المهمة في عائلة الغضائري ومن الرجاليين

١٣٩

الأجلاء وكان معروفا بقوة عارضته في علم الأنساب ومن الفقهاء الكبار في زمانه.

الثاني : احمد بن عبد الواحد ن البزاز ، (وهو أيضاً من مشايخ النجاشي).

وأما تلامذة ابن الغضائري فيمكننا أن نعد منهم : شيخ الطائفة الطوسي (قدس سره الشريف) والشيخ أبو العباس احمد بن علي النجاشي رحمه‌الله فقد قرأ عليه النجاشي كما قرأ على أبيه الحسين بن الغضائري ، وهذا معناه أن النجاشي كان تلميذا للغضائري الأب فترة من الزمن ثم للإبن في الفترة الأخرى.

وقد وضع ابن الغضائري بعض المؤلفات كذلك ، أشار إليها الشيخ الطوسي في (الفهرست) وهما «المصنفات» و «الأصول». وقال في المقدمة أنه لم يرَ أكمل وأوسع من كتاب ابن الغضائري كتابا جامعا لمؤلفات الشيعة ومصنفاتهم ، ولو لاحظنا كلام الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) لاتضح لنا

١٤٠