جعفر التبريزي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: منشورات دار الصديقة الشهيدة عليها السلام
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-6226-18-7
الصفحات: ٢٩٣
وقال الشيخ الطوسي في الفهرست : « عبدالله بن جعفر الحميري القمي ، يكنّى أبوالعباس ، ثقة » (١).
وقال في كتابه الرجالي : « عبدالله بن جعفر الحميري قمي ثقة » (٢).
٥ ـ أحمد بن إدريس
قال فيه النجاشي رحمهالله : « أحمد بن إدريس بن أحمد أبو علي الأشعري القمي ، كان ثقة في أصحابنا فقيهاً ، كثير الحديث ، صحيح الرواية » (٣).
وقال في كتابه الرجالي : « أحمد بن إدريس القمي المعلّم ، لحقه عليهالسلام ولم يرو عنه » (٤).
__________________
(١) فهرست الشيخ الطوسي رحمهالله ، ص ١٨٩ ، رقم ٤٠٧.
(٢) رجال الشيخ الطوسي رحمهالله ، ص ٤٠٠ ، رقم ٥٨٥٧.
(٣) رجال النجاشي رحمهالله ، ص ٩٢ ، رقم ٢٢٨.
(٤) رجال الشيخ الطوسي رحمهالله ، ص ٣٩٧ ، رقم ٥٨٣١.
٦ ـ محمد بن يحيى العطار
تقدم الكلام حوله في الصفحة ١٨٩ فراجع.
٧ ـ أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي
قال فيه النجاشي رحمهالله : « أبا جعفر ، شيخ القمّيين ووجههم وفقيههم ، غير مدافع » (١).
وقال الشيخ الطوسي في كتاب الفهرست : « شيخ قم ووجهها وفقيهها ، غير مدافع » (٢).
وقال في كتابه الرجالي : « أحمد بن إدريس بن عيسى الأشعري القمي ثقة ، له كتب » (٣).
__________________
(١) رجال النجاشي رحمهالله ، ص ٨٢ ، رقم ١٩٨.
(٢) فهرست الشيخ الطوسى رحمهالله ، ص ٤٧ ، رقم ٨٢.
(٣) رجال الشيخ الطوسي رحمهالله ، ص ٣٥١ ، رقم ٥١٩٧.
٨ ـ محمد بن الحسين بن أبي الخطاب
قال فيه النجاشي رحمهالله : « محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ، أبو جعفر الزيّات الهَمْداني (١) ، واسم أبي الخطّاب زيد ، جليل من أصحابنا ، عظيم القدر ، كثير الرواية ، ثقة ، عين ، حسن التصانيف ، مسكون إلى روايته ... » (٢).
وقد ذكره الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في ثلاثة مواضع من كتابه الرجالي :
أ ـ في أصحاب الإمام محمد بن علي الثاني ، وقال : « محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب كوفي ثقة » (٣).
ب ـ في أصحاب الإمام علي بن محمد الهادي عليهالسلام ، قال : « محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب الزيّات ، كوفي ثقة ، من أصحاب أبي جعفر الثّاني عليهالسلام » (٤).
__________________
(١) « هَمْدان قبيلة من اليمن نزلت الكوفة ». (اضبط المقال ، ص ١٩٢).
(٢) رجال النجاشي رحمهالله ، ص ٣٣٤ ، رقم ٨٩٧.
(٣) رجال الشيخ الطوسى رحمهالله ، ص ٣٧٩ ، رقم ٥٦١٥.
(٤) رجال الطوسي ، ص ٣١٩ ، رقم ٥٧٧١.
ج ـ في أصحاب الإمام الحسن بن علي العسكري عليهالسلام ، قال : « محمد بن الحسين بن ابى الخطاب كوفى ، الزيات » (١).
وقال الكشي رحمهالله في رجاله : « قال ابوعمرو : قد روى عنه الفضل وابوه ويونس ومحمد بن عيسى العبيدى ومحمد بن الحسين بن ابى الخطاب والحسن والحسين ابنا سعيد الاهوازيان ابنا دندان وايوب بن نوح وغيرهم من العدول والثقات من اهل العلم وكان محمد بن سنان مكفوف البصر أعمى فيما بلغنى » (٢).
ومن خلال تتبعنا للطرق الثلاثة للشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) إلى كتاب الحج لابن بزيع اتضح لنا أن هذه الطرق معتبرة جميعاً.
__________________
(١) رجال الطوسي ، ص ٤٠٢ ، رقم ٥٨٩٠. والزيات : نسبة إلى بيع الزيت. (اضبط المقال ، ص ٩٧).
(٢) رجال الكشي ، ص ٥٠٨.
دراسة الطريق الثالث إلى زيارة عاشوراء
بعد أن درسنا طريق الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) إلى كتاب الحج لابن بزيع ، نحاول الآن أن ندرس السند الثالث لزيارة عاشوراء. وهذه هي صورة السند : « محمّد بن إسماعيل بن بزيع ، عن صالح بن عقبة ، عن أبيه (عقبة بن قيس بن سمعان) ».
١ ـ محمد بن إسماعيل (بن بزيع ، أبو جعفر)
قال فيه النجاشي رحمهالله : « أبوجعفر مولى المنصور أبي جعفر ، وولد بزيع بيت منهم حمزة بن بزيع ، كان من صالحي هذه الطائفة وثقاتهم كثير العمل ... » (١).
وقد ذكره الشيخ الطوسي في موضعين من كتاب الفهرست :
__________________
(١) رجال النجاشي رحمهالله ، ص ٣٣٠ ، رقم ٨٩٣.
١ ـ ص ٤٠٠ ، رقم ٦٠٦ : « محمد بن اسماعيل بن بزيع له كتاب في الحج و ... ».
٢ ـ ص ٤٤٠ ، رقم ٧٠٦ : « محمد بن إسماعيل بن بزيع له كتاب منها كتاب الحج ... ».
كما ذكره في ثلاثة مواضع من كتابه الرجالي :
١ ـ في أصحاب الإمام موسى الكاظم عليهالسلام : « محمّد بن إسماعيل بن بزيع » (١).
٢ ـ في أصحاب الإمام الرضا عليهالسلام : « ثقة ، صحيح ، كوفي ، مولى المنصور » (٢).
٣ ـ في أصحاب الإمام الجواد عليهالسلام : « محمّد بن إسماعيل بن بزيع من أصحاب الرضا عليهالسلام » (٣).
__________________
(١) رجال الطوسى رحمهالله ، ص ٣٤٤ ، رقم ٥١٣٠.
(٢) رجال الطوسى رحمهالله ، ص ٣٦٤ ، رقم ٥٣٩٣.
(٣) رجال الطوسى رحمهالله ، ص ٣٧٧ ، رقم ٥٥٩٠.
وبناءا على هذا فإن كلا من الشيخ الطوسي والنجاشي (رحمهما الله) قد وثّق محمد بن إسماعيل بن بزيع.
٢ ـ صالح بن عقبة
تقدم البحث فيه مفصلا في صفحة ١٠٧ فراجع.
٣ ـ عقبة بن قيس بن سمعان
ذكره الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في أصحاب الإمام الباقر عليهالسلام (١).
وحتى لو فرضنا كون عقبة بن قيس بن سمعان مجهول الحال ، مع ذلك يمكننا الاستغناء عن دراسته لأن هذه الرواية (رواية زيارة عاشوراء) قد رواها أيضاً صالح بن عقبة عن مالك الجهني ، ولذا نستغني عن دراسة عقبة بن قيس بن سمعان.
* * *
__________________
(١) رجال الشيخ الطوسي ، ص ١٤٢ ، رقم ٧٤.
السند الرابع لزيارة عاشوراء
المنقول في (كامل الزيارات)
وهذا السند ذكره جعفر بن محمد بن جعفر بن موسى بن قولويه القمي رحمهالله في كتاب (كامل الزيارات) بهذه الصورة : « حدّثني حكيم بن داود بن حكيم وغيره ، عن محمّد بن موسى الهمداني ، عن محمّد بن خالد الطيالسي ، عن سيف بن عَميرة وصالح بن عقبة جميعاً ، عن علقمة بن محمّد الحضرمي عن ابي جعفر عليهالسلام » (١).
١ ـ حكيم بن داود بن حكيم
وهو أحد مشايخ جعفر بن قولويه القمي رحمهالله (٢) وقد صرّح ابن قولويه رحمهالله في مقدمة (كامل الزيارات) أنه لا ينقل إلا عن الثقات ، وقد استنبط علماء الرجال الكبار من هذا
__________________
(١) كامل الزيارات ، ص ١٩٣.
(٢) قاموس الرجال ، التستري ، ج ٣ ، ص ٦٣٢ ، رقم ٢٣٨٥.
الكلام أن جميع مشايخ ابن قولويه هم من الثقات ، ومنهم حكيم بن داود بن حكيم (١).
وهذا هو نص تصريح بن قولويه رحمهالله الدالّ على توثيق رواة (كامل الزيارات) ومنهم مشايخه : « ... قد علمنا أنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره ، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته ، ولا أخرجت فيه حديثاً روي عن الشذاذ من الرجال يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية ، المشهورين بالحديث والعلم » (٢).
يقول العلامة المامقاني (قدس سره الشريف) في (تنقيح المقال) : « حكيم بن داود بن حكيم من مشايخ ابن قولويه ، وقد صرح قدسسره في أوّل كامل الزيارات بوثاقه مشايخه ،
__________________
(١) وقد نقل ابن قولويه عن حكيم بن داود بن حكيم في كتاب كامل الزيارات ، الباب الثاني ، الحديث ١١؛ وباب ٥٤ ، الحديث ٣؛ وباب ٧١ ، الحديث ٩.
(٢) كامل الزيارات ، مقدمة الكتاب ، ص ١٥. والمقصود من عبارة : « لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا ... » أن جميع ما نقله في كامل الزيارات نقله عن كتب معتبرة أو أشخاص موثوقين ، وليس المراد أن جميع من وقع في سلسلة السند فهو ثقة.
وحيث إنّه من العدالة والوثاقه مسلم الكل ، ولذلك يجب عدّ المعنون ثقة جليلاً » (١).
وكذلك الشيخ الحر العاملي (قدس سره الشريف) فإنه بعد أن شهد بوثاقة جميع رواة تفسير علي بن إبراهيم ، تكلم حول (كامل الزيارات) وقال : « وكذلك جعفر بن محمّد بن قولويه ، فإنّه صرح بما هو أبلغُ من ذلك في أوّل مزاره ... » (٢).
واستفاد السيد الخوئي (٣) (قدس سره الشريف) من عبارة ابن قولويه التي يقول فيها «لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا» أنه يريد توثيق جميع مشايخه (٤) وإن كان البعض
__________________
(١) تنقيح المقال ، ج ٢٣ ، ص ٤٣٧ ، رقم ١٢٩٠.
(٢) وسائل الشيعة (آل البيت) ، ج ٣٠ ، ص ٢٠٢.
(٣) كان السيد الخوئي (قدس سره الشريف) يعتقد سابقا بوثاقة جميع الرواة الواقعين في أسانيد كامل الزيارات ، وهذه عبارته : (لا يروى فى كتابه رواية عن المعصوم الا وقد رجعت اليه من جهة الثقات من اصحابنا). معجم رجال الحديث ، ج ١ ، ص ٥٠.
(٤) قال الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) في خصوص كتاب كامل الزيارات : لا يمكن الاستناد إلى التوثيق الوارد في مقدمة كامل الزيارات وذلك لوجود بعض الضعفاء في سلسلة السند ، ويجب في بعض الروايات دراسة جميع السند لمعرفة حال الرواية. ولذا فإن الميرزا التبريزي (قدس سره الشريف) كان مخالفا لأستاذه الخوئي (قدس سره الشريف) في هذا
يرى أن هذه العبارة تدل علة توثيق أغلب رواة (كامل الزيارات).
وعلى أيّة حال فقد تمسك بعضهم لتوثيق حكيم بن داود بن حكيم بما ذكرناه آنفا ورأوا أن ذلك كافٍ في وثاقته ، ولذا عملوا برواياته.
٢ ـ محمد بن موسى بن عيسى الهمداني
قال فيه النجاشي رحمهالله : « محمّد بن موسى بن عيسى أبو جعفر الهمداني السمّان (٩) ، ضعّفه القميّون بالغلو ، وكان ابن الوليد يقول : إنّه كان يضع الحديث ، والله أعلم » (١٠).
__________________
الخصوص. وكلام ابن قولويه رحمهالله ناظر إلى أن الروايات مأخوذة من كتب معتبرة لأشخاص معتبرين ، وليس كلامه عن السند ، إذ من الممكن أن يكون الكتاب لأحد الثقات ولكن ورد في بعض أسناده بعض الضعفاء.
(٩) السمّان : نسبة إلى بيع السمن. (اضبط المقال ، ص ١٠٦)
(١٠) رجال النجاشى رحمهالله ، ص ٣٣٨ ، رقم ٩٠٤.
ويضيف النجاشي رحمهالله قائلا : « له كتاب ما روى عن ايام الاسبوع وكتاب الرد على الغلاة ، اخبرنا ابن شاذان ، عن احمد بن محمد بن يحيى ، عن ابيه ، عنه بكتبه ».
وقد نقل عن محمد بن موسى بن عيسى الهمداني الأجلاء من الرواة ، منهم محمد بن يحيى العطار القمي (١) ومحمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري (٢). ويرى الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) أن نقل الأجلاء عن راوٍ ما ، مع عدم ورود قدح في حقه ، دليل على وثاقته وجلالته ، مع أنه (قدس سره الشريف) كان لا يعتمد على تضعيف القميين.
وكما لاحظنا فإن كلام النجاشي رحمهالله حول محمد بن موسى بن عيسى الهمداني جاء مختلفا عن كلامه حول بقية الرواة. كما أنه أضاف عبارة (والله أعلم) إلى تضعيف القميين.
__________________
(١) « شيخ اصحابنا في زمانه ثقة عين كثير الحديث ، له كتاب منها كتاب مقتل الحسين عليهالسلام وكتاب النوادر أخبرنى عدة من اصحابنا عن ابنه احمد عن أبيه بكتبه ». (رجال النجاشى ، ص ٣٥٣ ، رقم ٩٤٦)
(٢) « كان ثقة في الحديث». (رجال النجاشي ، ص ٣٤٨ ، رقم ٩٣٩)
دفاع عن محمد بن موسى بن عيسى الهمداني
١ ـ محمد بن يحيي العطار القمي هو أحد مشايخ النجاشي رحمهالله وقد قال في حقه : « شيخ اصحابنا في زمانه ، ثقه ، عين ، كثير الحديث » (١).
وقال فيه الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) : « روى عنه الكلينى ، قمى ، كثير الرواية » (٢).
٢ ـ محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الأشعري القمي ، قال النجاشي رحمهالله في حقه : « محمد بن احمد ... الاشعرى القمى ابوجعفر كان ثقة في الحديث » (٣).
وقال الشيخ الطوسي (قدس سره الشريف) في الفهرست : « جليل القدر ، كثير الرواية ، له كتاب نوادر الحكمة » (٤).
__________________
(١) رجال النجاشي رحمهالله ، ص ٣٥٣ ، رقم ٩٤٦.
(٢) رجال الشيخ الطوسي رحمهالله ، ص ٤٣٩ ، رقم ٦٢٧٤.
(٣) رجال النجاشي رحمهالله ، ص ٣٤٨ ، رقم ٩٣٩.
(٤) فهرست الشيخ الطوسي رحمهالله ، ص ٤٠٨ ، رقم ٦٢٣.
وكيف يمكن أن يقال عن شخص كمحمد بن موسى بن عيسى الهمداني أنه مجهول الحال ، وقد روى عنه أجلاء الفن كمحمد بن يحيى العطار القمي ومحمد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمي والكشي (رحمهم الله تعالى)؟!(١).
يقول السيد الخوئي (قدس سره الشريف) في هذا الخصوص : « قد روى عنه (محمد بن موسى بن عيسى) محمد بن يحيى كتابه على ما عرفت من النجاشى ، ويروى عنه محمد بن احمد بن يحيى الذى هو شيخ مشايخ الكلينى ، ومع ذلك فقد روى عنه الكشى في ترجمة ابى حمزة الثمالى .... » (٢).
٣ ـ نقل الكشي رحمهالله عن محمد بن موسى بن عيسى الهمداني وذلك عند ترجمة أبي حمزة الثمالي رحمهالله.
٤ ـ وبعد تتبع ةبحث لم نجد شاهدا على غلوّ الرجل الذي يدّعيه البعض. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن
__________________
(١) معجم رجال الحديث ، ج ١٨ ص ٢٩٨ ـ ٢٩٩.
(٢) معجم رجال الحديث ، ج ١٨ ، ص ٢٩٨ ، رقم ١١٨٧٥.
التضعيف الوارد في حقه لم يرد من قِبل ابن الغضائري وإنما من قِبل القميين وابن الوليد وقد تابعهم ابن الغضائري على ذلك ، وتضعيف القميين ليس له أسس علمية معتبرة ولذا فليس له قيمة كما يرى السيد الخوئي (قدس سره الشريف) والرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف).
٤ ـ يظهر من كلام النجاشي رحمهالله أنه موقف في تضعيف محمد بن موسى بن عيسى الهمداني ، لأن عبارة النجاشي رحمهالله هي : « ضعّفه القميون بالغلو ... » (١).
إذ لو كان قاطعا بتضعيف الرجل لقال ذلك صراحة كما فعل مع بعض الضعاف من الرواة ، منهم ـ على سبيل المثال ـ محمد بن جمهور العمي إذا قال النجاشي رحمهالله فيه : « ضعيف في الحديث ، فاسد المذهب » (٢) وكذلك محمد بن الحسين بن سعيد الصائغ الكوفي إذ يقول فيه : « ضعيف جداً » (٣) ومحمد بن الحسن بن شمون حيث قال عنه : « واقف ، ثمّ غلا
__________________
(١) رجال النجاشي ، ص ٣٣٨ ، رقم ٩٠٤.
(٢) رجال النجاشي ، ص ٣٣٧ ، رقم ٩٠١.
(٣) رجال النجاشي ، ص ٣٣٦ ، رقم ٩٠٠.
وكان ضعيف جدّاً ، فاسد المذهب » (١). فنلاحظ أنه يصرّح بتضعيف هؤلاء وغيرهم ، لكن عندما وصل الأمر إلى محمد بن موسى بن عيسى نسب التضعيف إلى القميين والى ابن الوليد. ومن هنا يتضح لنا أن النجاشي رحمهالله لا يعتقد بتضعيف محمد بن موسى بن عيسى ، والا لضعّفه صراحة ولما احتاج إلى نسبة التضعيف إلى آخرين.
ومما يؤيد هذا الكلام ما قاله أستاذ الفقهاء السيد أبو القاسم الخوئي (قدس سره الشريف) : « إنّ ظاهر كلام النجاشي التوقّف في ضعف أبو جعفر ووضعه الحديث ، حيث نسب ذلك إلى القمّيين وابن وليد ، ثم عقّبه بقوله : والله اعلم » (٢).
٣ ـ قال النجاشي رحمهالله في ترجمة محمد بن موسى بن عيسى الهمداني : «ضعّفه القميون» حيث نسب التضعيف إلى القميين ، وتضعيف القميين كانت له أسبابه الخاصة في ذلك
__________________
(١) رجال النجاشي ، ص ٣٣٥ ، رقم ٨٨٩.
(٢) معجم رجال الحديث ، ج ١٨ ، ص ٢٩٨.
الزمان (١) وكثير من العلماء لم يقبل موازين القميين في التضعيف ، ولذا نسب النجاشي رحمهالله التضعيف إلى القميين ، ولو كان التضعيف مُسّلماً لما احتاج إلى ذكر القميين.
٤ ـ ينقل النجاشي رحمهالله أن لمحمد بن موسى بن عيسى كتابا للرد على أهل الغلو اسمه : «الرد على الغلاة» (٢) فكيف يُعقل أن يكتب الرجل كتابا للرد على الغلاة وهو نفسه منهم؟! ، هذا والغلو له مراتب ودرجات.
٥ ـ ذكر النجاشي رحمهالله طريقه إلى كتاب «الرد على الغلاة» قائلاً : « اخبرنا ابن شاذان (٣) عن أحمد بن محمد بن
__________________
(١) المعروف أن القميين كانوا إذا حكموا على شخص بالغلو حكموا عليه بالتضعيف ، وبعد التتبع وجد العلماء أن كثيرا من تضعيفاتهم لا أساس لها ، فقد اتهموا بعض الأشخاص بالغلو ولكن لم يثبت أنهم كذلك ، ولم يُعثر على ما يدل على غلوّهم ، ولذا فإن بعض علماء الرجال الكبار كانوا لا يعتمدون على تضعيف القميين ، وكان هذا رأي الرجالي الخبير الميرزا جواد التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف).
(٢) رجال النجاشي ، ص ٣٣٨ ، رقم ٩٠٤.
(٣) « الفضل بن شاذان بن الخليل أبو محمد الأزدى النيسابوري ... وكان ثقة ، أحد أصحابنا الفقهاء والمتكلّمين. وله جلالة في هذه الطائفة ، وهو في قدره أشهر من أن نصفه ». (رجال النجاشى رحمهالله ، ص ٣٠٦ ، رقم ٨٤٠)
يحيى (١) ، عن ابيه (٢) ، عنه بكتابه » (٣). وذكر النجاشي رحمهالله لطريقه إلى كتاب محمد بن موسى بن عيسى دالّ على أهمية الرجل عند النجاشي رحمهالله.
٦ ـ يمكننا أن نجيب من اتهم محمد بن موسى بالغلو بهذا الجواب : كيف يمكن أن يكون المغالي جاعلا للحديث؟! هذا احتمال بعيد جدا. لأن هدف الوضاعين من وضع الأحاديث هو دس معتقداتهم لأسباب مختلفة أحدها الشهرة. والحال إن أصحاب الغلو تلبسوا ببعض الأقوال نتيجة لحبهم الزائد للائمة عليهمالسلام فعبّر الآخرون عنهم بأنهم غلاة ، وأما ما نحن فيه ، فبالإضافة إلى أن الغلو غير ثابت ، لم يثبت أيضاً عن محمد
__________________
(١) « أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار القمي ، روى عنه التلعكبري ». وفي رجال الشيخ الطوسي رحمهالله ، ص ٤١٠ ، رقم ٥٩٥٥ ودر رقم ٥٩٧٩ قال : « احمد بن محمد بن يحيى روى عنهما ابو جعفر ابن بابويه ». وقال السيد الخوئي رحمهالله : « إنه من مشايخ الصدوق» المفيد من معجم رجال الحديث ، ص ٤٦ ، رقم ٩٢٩.
(٢) « محمّد بن يحيى أبو جعفر العطّار القمي : شيخ أصحابنا في زمانه ، ثقة ، عين ، كثير الحديث ». (رجال النجاشى رحمهالله ، ص ٣٥٣ ، رقم ٩٤٦) وقال الشيخ رحمهالله في حقه : « روى عنه الكليني ، قمي ، كثير الرواية ». (رجال الطوسي ، ص ٤٣٩ ، رقم ٦٢٧٤).
(٣) رجال النجاشى ، ص ٣٣٨ ، رقم ٩٠٤.
بن موسى أنه وضَع الأحاديث المخالفة لأسس الشيعة ومعتقداتهم.
٧ ـ إن من اتهم محمد بن موسى بن عيسى بالغلو هو ابن الوليد الذي هو أستاذ الشيخ الصدوق رحمهالله ، وقد قال الشيخ المفيد في حق ابن الوليد : وقد سمعنا حكاية ظاهرة عن أبي جعفر محمد بن الحسن بن الوليد لم نجد لها دافعاً في التفسير ، وهي ما حكي عنه أنـّه قال : أوّل درجة في الغلو نفي السهو عن النبي والإمام عليهالسلام ، فإن صحّت هذه الحكاية عنه فهو مقصّر مع أنّه من علماء القمّيّين ومشيختهم ، وقد وجدنا جماعة وردوا إلينا من قم يقصرون تقصيراً ظاهراً في الدين وينزلون الائمة عليهمالسلام عن مراتبهم ويزعمون أنّهم كانوا لا يعرفون كثيراً من الأحكام الدينية حتى ينكت في قلوبهم ، ورأينا في اولئك من يقول أنّهم ملتجئون في حكم الشريعة إلى الرأي والظنون ، ويدّعون مع ذلك أنّهم من العلماء ، وهذا هو التقصير الذي لا شبهة فيه » (١).
__________________
(١) تصحيح الاعتقاد ، ص ٦٦.
فهل يمكن لأشخاص كابن الوليد أن يتهموا شخصا كمحمد بن موسى بن عيسى بالغلو؟! ثم بالتضعيف؟!.
وللاطلاع أكثر على حال محمد بن موسى بن عيسى الهمداني ننقل هنا كلام السيد الخوئي (قدس سره الشريف) ، حيث يقول :
« بقى هنا اُمور :
الأوّل : أنّ ظاهر كلام النجاشي التوقّف في ضعف محمّد بن موسى بن عيسى ، ووضعه الحديث ، حيث نسب ذلك إلى القمّيين وابن الوليد ، ثمّ عقّبه بقوله : والله أعلم ، ولكنّه قد مرّ في ترجمة محمّد بن أحمد بن يحيى حكايته عن ابن الوليد استثناؤه ما يرويه عن محمّد بن موسى الهمداني ، وظاهر كلامه أنّه ارتضاه ، ولا يخلو الكلامان من تهافت.
الأمر الثاني : الذي يظهر من مجموع الكلمات ، أنّ الأساس في تضعيف الرجل هو ابن الوليد ، وقد تبعه على ذلك الصدوق رحمهالله ، وابن نوح وغيرهما ، وهذا يكفي في الحكم بضعفه.