إظهار الحق - ج ١ ـ ٢

رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي

إظهار الحق - ج ١ ـ ٢

المؤلف:

رحمة الله بن خليل الرحمن الهندي


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٨

وابنيه الذين كانوا في مصر قبل الاستدعاء ليسوا بداخلين في عدد خمسة وسبعين ، بل مقدار هذا العدد سوى يوسف وابنيه من عشيرة يعقوب. وفي الآية السابعة والعشرين من الباب السادس والأربعين من سفر التكوين هكذا : «فجميع نفوس آل يعقوب التي دخلت إلى مصر كانت سبعين نفسا». ويوسف وابنه داخلون في سبعين في تفسير دوالي ورجرد مينت في شرح عبارة التكوين هكذا : «أولاد ليا اثنان وثلاثون شخصا ، أولاد زلفا ستة عشر شخصا ، أولاد راحيل أحد عشر شخصا ، أولاد بلها سبعة أشخاص. فهؤلاء ستّة وستّون شخصا. فإذا ضمّ معهم يعقوب ويوسف وابناه صاروا سبعين». انتهى. فعلم أن عبارة الإنجيل غلط.

٩٩ ـ في الآية التاسعة من الباب الخامس من إنجيل متّى هكذا : «طوبى لصانعي السلام لأنهم يدعون أبناء الله». وفي الباب العاشر من إنجيل متّى هكذا : «ولا تظنوا أني جئت لألقي سلاما على الأرض ما جئت لألقي سلاما بل سيفا». فبين الكلامين اختلاف ، ويلزم أن لا يكون عيسى عليه‌السلام من الذين قيل في حقهم طوبى ولا يدعى ابن الله.

١٠٠ ـ نقل متّى قصة موت يهوذا الأسخريوطي يوطي في الباب السابع والعشرين من إنجيله. ونقل لوقا هذه القصة من قول بطرس في الباب الأول من كتاب أعمال الحواريين. والبيانان مختلفان بوجهين : أما أولا : فلأن الأول مصرّح (بأن يهوذا خنق نفسه ومات) ، والثاني مصرّح (بأنه خرّ على وجهه وانشقّ بطنه فانكبّت أحشاؤه كلها ومات). وأما ثانيا : فلأنه يعلم من الأول أن رؤساء الكهنة اشتروا الحقل بالثلاثين من الفضة التي ردّها يهوذا ، ويعلم من الثاني أن يهوذا كان اشترى لنفسه الحقل بها لكنه وقع في قول بطرس (وهذا معلوم لجميع سكان أورشليم). فالظاهر أن الصحيح قوله ، وما كتب متّى غلط. ويدلّ على كونه غلّط وجوه خمسة أخرى أيضا : ١ ـ صرّح فيها أنه حكم على عيسى ، وأنه قد دين. وهذا غلط أيضا. لأنه ما كان حكم عليه إلى هذا الحين ، بل كان رؤساء الكهنة وشيوخ الشعب دفعوه إلى بيلاطس البنطي. ٢ ـ صرّح فيها أن يهوذا ردّ الثلاثين من الفضة إلى رؤساء الكهنة والشيوخ في الهيكل. وهو غلط أيضا ، لأن الكهنة والشيوخ كانوا في هذا الوقت عند بيلاطس ، وكانوا يشتكون إليه في أمر عيسى عليه‌السلام ، وما كانوا في الهيكل. ٣ ـ سياق العبارة دالّ على أنها أجنبية محضة بين الآية الثانية والآية الحادية عشرة. ٤ ـ موت يهوذا في صباح الليل الذي أسر فيه عيسى عليه‌السلام وبعيد جدا ، أنه يندم على فعله في هذه المدة القليلة ويخنق نفسه ، لأنه كان عالما قبل التسليم أن اليهود يقتلونه. ٥ ـ وقع فيها في الآية التاسعة الغلط الصريح كما ستعرف مفصّلا في الباب الثاني.

١٠١ ـ يعلم من الآية الثانية من الباب الثاني من الرسالة الأولى ليوحنّا أن كفّارة خطايا

٨١

كل العالم المسيح الذي هو معصوم من الذنوب. ومن الآية الثامنة عشر من الباب الحادي والعشرين من سفر الأمثال أن الأشرار يكونون كفّارة لخطايا الأبرار.

١٠٢ ـ يعلم من الآية الثامنة عشرة من الباب السابع من الرسالة العبرانية والآية السابعة من الباب الثامن من الرسالة المذكورة أن الشريعة الموسوية ضعيفة معيبة غير نافعة. ومن الآية السابعة من الزبور الثامن عشر أنها بلا عيب وصادقة.

١٠٣ ـ يعلم من الباب السادس عشر من إنجيل مرقس أن النساء أتين إلى القبر إذ طلعت الشمس ومن الباب العشرين من إنجيل يوحنّا أن الظلام كان باقيا وكانت الامرأة واحدة.

١٠٤ ـ العنوان الذي كتبه بيلاطس ووضعه على الصليب في الأناجيل الأربعة مختلف. في الأول : «هذا هو يسوع ملك اليهود». وفي الثاني : «ملك اليهود». وفي الثالث : «هذا هو ملك اليهود» ، وفي الرابع : «يسوع الناصري ملك اليهود». والعجب أن هذا الأمر القليل ما بقي محفوظا لهؤلاء الإنجيليين ، فكيف يعتمد على حفظهم في الأخبار الطويلة ، ولو رآه أحد من طلبة المدرسة مرة واحدة لما نسيه؟؟.

١٠٥ ـ يعلم من الباب السادس من إنجيل مرقس أن هيرودس كان يعتقد في حق يحيى الصلاح ، وكان راضيا عنه ، ويسمع وعظه ، وما ظلم عليه إلّا لأجل رضا هيروديا. ويعلم من الباب الثالث من إنجيل لوقا أنه ما ظلم على يحيى لأجل رضا هيروديا بل لأجل رضا نفسه أيضا ، لأنه ما كان راضيا عن يحيى لأجل الشرور التي كان يفعلها.

١٠٦ ـ إن متّى ومرقس ولوقا اتفقوا في أسماء أحد عشر من الحواريين ، أعني : بطرس وأندراوس ويعقوب بن زبدى ويوحنّا وفيلبس وبرتول ماوس وتوما ومتّى ويعقوب بن حلفى وسمعان ويهوذا الإسخريوطي ، واختلفوا في اسم الثاني عشر. قال متّى : لباوس الملقّب بتداوس ، وقال مرقس : تداوس ، وقال لوقا : يهوذا أخا يعقوب.

١٠٧ ـ نقل الإنجيليون الثلاثة الأوّلون حال الرجل الذي كان جالسا مكان الجباية فدعاه عيسى عليه‌السلام إلى أتباعه فأجاب وتبعه. لكنهم اختلفوا. فقال الأول في الباب التاسع : إن اسمه متّى ، وقال الثاني في الباب الثاني : إن اسمه لاوي بن حلفى ، وقال الثالث في الباب الخامس : إن اسمه لاوي ولم يذكر اسم أبيه. واتفقوا في الأبواب اللّاحقة للأبواب المذكورة التي كتبوا فيها أسماء الحواريين في اسم متّى وكتبوا اسم ابن حلفى يعقوب.

١٠٨ ـ نقل متّى في الباب السادس عشر من إنجيله قول عيسى عليه‌السلام في حق

٨٢

بطرس أعظم الحواريين هكذا : «وأنا أقول لك أيضا أنت بطرس وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي وأبواب الجحيم لن تقوى عليها ، وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات. فكلّ ما تربطه الأرض يكون مربوطا في السموات ، وكلّ ما تحلّه على الأرض يكون محلولا في السموات». ثم نقل في الباب المذكور قول عيسى عليه‌السلام في حقه هكذا : «اذهب عنّي يا شيطان أنت معثرة لي لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس». ونقل علماء بروتستنت في رسائلهم أقوال القدماء المسيحيين في ذمّ بطرس ، فمنها أن يوحنّا فم الذهب صرّح في تفسيره على متّى أن بطرس كان به داء التجبّر والمخالفة شديدا ، وكان ضعيف العقل. ومنها أن أكستاين يقول : إنه «كان غير ثابت لأنه كان يؤمن أحيانا ويشكّ أحيانا». فأقول : من كان متّصفا بهذه الصفات أيكون مالكا لمفاتيح السموات ، وأ يكون الشيطان بحيث لن تقوى عليه أبواب النيران؟

١٠٩ ـ نقل لوقا في الباب التاسع من إنجيله قول عيسى عليه‌السلام في خطاب يعقوب ويوحنّا وقد استأذناه في أن يأمرا فتنزل نار من السماء فتفنى أهل قرية في السامرة : «لستما تعلمان من أيّ روح أنتما لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلّص». ثم نقل في الباب الثاني عشر من إنجيله : «جئت لألقي نارا على الأرض وما ذا أريد لو اضطرمت».

١١٠ ـ نقل متّى ومرقس ولوقا الصوت الذي سمع من السموات وقت نزول روح القدس على عيسى عليه‌السلام ، واختلفوا فيه فقال الأول : «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت». وقال الثاني : «أنت ابني الحبيب الذي به سررت». وقال الثالث : «أنت ابني الحبيب بك سررت».

١١١ ـ نقل متّى في الباب العشرين أن أم ابني زبدى طلبت أن يجلس ابناي هذان واحد عن يمينك والآخر عن يسارك في ملكوتك. ونقل مرقس في الباب العاشر أن ابني زبدى طلبا هذا الأمر.

١١٢ ـ نقل متّى في الباب الحادي والعشرين أن عيسى نظر شجرة على الطريق فجاء إليها فلم يجد فيها شيئا إلّا ورقا فقط ، فقال لها : تخرج منك ثمرة إلى الأبد. فيبست تلك الشجرة للوقت. فنظر التلاميذ وتعجبوا ، وقالوا : كيف يبست التينة للوقت؟ فأجابهم يسوع. وفي الباب الحادي عشر من إنجيل مرقس هكذا : «ونظر إلى تينة من بعد عليها ورق ، وجاء لعلّه يجد فيها شيئا. فلما جاء إليها لم يجد شيئا إلّا ورقا ، لأنه لم يكن وقت التين. فقال لها : لا يأكل منك أحد ثمرا بعد إلى الأبد. وكان تلاميذه يسمعون. وجاء إلى أورشليم ، ولمّا صار المساء خرج إلى خارج المدينة. وفي الصباح ، إذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبست من

٨٣

الأصول. فتذكّر بطرس ، وقال له : يا سيّدي انظر التينة التي لعنتها قد يبست ، فأجاب يسوع». إلخ ... ففي العبارتين اختلاف. وما عدا الاختلاف فيه شيء أيضا ، وهو أن عيسى عليه‌السلام لم يكن له حق في أن يأكل من شجرة التين من غير إذن مالكها ، ولم يكن من المعقول أن يدعو عليها ، فيوجب الضرر على مالكها ، وأن يغضب عليها لعدم الثمرة في غير أوانها ، بل كان اللائق لشأن الإعجاز أن يدعو لها فتخرج الثمرة فيأكل منها بإذن المالك ، ويحصل له النفع أيضا. وعلم من هذا أنه ما كان إلها وإلّا لعلم أن الثمرة ليست فيها ، وأن هذا الحين ليس حين الثمرة وما غضب عليها.

١١٣ ـ في الباب الحادي والعشرين من إنجيل متّى بعد بيان مثل غارس الكرم هكذا : «فمتى جاء صاحب الكرم ما ذا يفعل بأولئك الكرّامين؟ قالوا : أولئك الأردياء يهلكهم إهلاكا رديئا ، ويسلّم الكرم إلى كرّامين آخرين يعطونه الأثمار في أوقاتها». وفي الباب العشرين من إنجيل لوقا بعد بيان المثل هكذا : «فما ذا يفعل بهم صاحب الكرم؟ يأتي ويهلك هؤلاء الكرّامين ويعطي الكرم للآخرين. فلما سمعوا قالوا : «حاشا». ففي العبارتين اختلاف لأن الأولى مصرّحة أنهم قالوا إنه يهلكهم شرّ إهلاك ، والثانية مصرّحة أنهم أنكروا ذلك.

١١٤ ـ من طالع قصة امرأة أفرغت قارورة طيب على عيسى عليه‌السلام في الباب السادس والعشرين من إنجيل متّى والباب الرابع عشر من إنجيل مرقس والباب الثاني عشر من إنجيل يوحنّا ، وجد فيها اختلافا من ستّة أوجه : الأول : أن مرقس صرّح بأن هذا الأمر كان قبل الفصح بيومين ، ويوحنّا صرّح بأنه كان قبل الفصح بستّة أيام ، ومتى سكت عن بيان القبلية. الثاني أن مرقس ومتّى جعلا هذه الواقعة في بيت سمعان الأبرص ، ويوحنّا جعلها في بيت مريم. الثالث : أن متّى ومرقس جعلا إفاضة الطيب على الرأس ، ويوحنّا جعلها على القدمين. والرابع : أن مرقس يفيد أن المعترضين كانوا أناسا من الحاضرين ، ومتّى يفيد أنهم كانوا التلاميذ ، ويوحنّا يفيد أن المعترض كان يهوذا. الخامس : أن يوحنّا بيّن ثمن الطيب ثلاثمائة دينار ، ومرقس بالغ فقال أكثر من ثلاثمائة دينار ، ومتّى أبهم الثمن وقال بثمن كثير. السادس ، أنهم اختلفوا في نقل قول عيسى عليه‌السلام والحمل على تعدّد القصة بعيد ، إذ يبعد كل البعد أن تكون مفيضة الطيب امرأة في كل مرة ، وأن يكون الوقت الطعام ، وأن يكون الطعام طعام الضيافة ، وأن يعترض المعترضون سيما التلاميذ في المرة الثانية ، مع أنهم كانوا سمعوا تصويب عيسى عليه‌السلام فعلها قبل هذه الحادثة عن قريب في المرة الأولى ، وأن يكون ثمن الطيب في كل مرة ثلاثمائة دينار أو أكثر ، على أنه يكون تصويب عيسى عليه‌السلام لإسرافها مرتين في إضاعة أكثر من ستمائة دينار عين السّرف. فالحق أن الحادثة واحدة والاختلاف على عادة الإنجيليين.

٨٤

١١٥ ـ من قابل الباب الثاني والعشرين من إنجيل لوقا بالباب السادس والعشرين من إنجيل متّى والباب الرابع عشر من إنجيل مرقس في بيان حال العشاء الربّاني ، وجد اختلافين : الأول ، أن لوقا قد ذكر كأسين واحدة على العشاء وأخرى بعده ، ومتّى ومرقس ذكرا واحدة. لعلّ الصحيح ما ذكر ، إلّا أنهما اثنان. وما ذكره لوقا غلط. وإلّا فيشكل على كاتلك خصوصا إشكالا عظيما لأنهم يعترفون أن كلّا من الخبز والخمر يتحوّل إلى المسيح الكامل بناسوته ولاهوته. فلو صحّ ما ذكره لوقا ، لزم تحوّل كلّ من القدحين إلى المسيح الكامل. فيلزم وجود ثلاثة مسحاء كملاء من الخبز والخمر ، على وفق عدد التثليث ، ويصيرون أربعة بالمسيح الموجود قبلهم ، ويلزم على الجمهور عموما أنهم لم يتركوا هذا الرسم ، واكتفوا على الواحدة. والثاني : أن رواية لوقا تفيد أن جسد عيسى مبذول عن التلاميذ ، ورواية مرقس تفيد أن دمه يراق عن كثيرين ، ومقتضى رواية متّى أن جسد عيسى غير مبذول عن أحد ، بل الذي يراق هو العهد الجديد ، وإن كان العهد لا يريق ولا يراق. والعجب أن يوحنّا لم يذكر هذا الأمر الذي هو عندهم من أعظم أركان الدين ، وذكر قصة إفاضة الطيب وركوب الحمار وأمور أخرى ذكرها الإنجيليّون الثلاثة أيضا.

١١٦ ـ في الآية الرابعة عشر من الباب السابع من إنجيل متّى هكذا : «ما أضيق الباب وأقرب الطريق الذي يؤدّي إلى الحياة». وفي الباب الحادي عشر من هذا الإنجيل هكذا : «احملوا نيري عليكم وتعلّموا منّي لأن نيري هيّن وحملي خفيف». فيحصل من ضمّ المقولتين أن اقتداء عيسى عليه‌السلام ليس طريقا يؤدّي إلى الحياة.

١١٧ ـ في الباب الرابع من إنجيل متّى : «ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدّسة وأوقفه على جناح الهيكل ، ثم أخذه أيضا إلى جبل عال جدّا. وانصرف عيسى إلى الجليل وترك الناصرة وأتى فسكن في كفر ناعوم التي عند البحر». وفي الباب الرابع من إنجيل لوقا : «ثم أصعده إبليس إلى جبل عال ، ثم جاء به إلى أورشليم وأقامه على جناح الهيكل. ورجع يسوع إلى الجليل وكان يعلّم في مجامعهم وجاء إلى الناصرة حيث تربّى».

١١٨ ـ يعلم من الباب الثامن من إنجيل متّى ، أن قائد المائة جاء إلى عيسى بنفسه وسأله لشفاء غلامه قائلا : يا سيدي لست بمستحق أن تدخل تحت سقف بيتي ، لكن قل كلمة فقط فيبرأ غلامي. فمدحه عيسى عليه‌السلام وقال له : اذهب وليكن لك كما آمنت. فبرئ غلامه في تلك الساعة. ويعلم من الباب السابع من إنجيل لوقا ، أنه ما أتى بنفسه قطّ ، بل أرسل إليه شيوخ اليهود ، فمضى يسوع معهم ، ولمّا قرب من البيت أرسل إليه قائد المائة أصدقاءه يقول له : يا سيدي لا تتعب لأني لست مستحقّا أن تدخل تحت سقفي ، ولذلك لم

٨٥

أحسب نفسي أهلا أن آتي إليك ، لكن قل كلمة فيبرأ. فمدحه يسوع ورجع المرسلون إلى البيت فوجدوا العبد المريض قد صحّ.

١١٩ ـ كتب متّى في الباب الثامن سؤال الكاتب بأني أتبعك ، واستئذان رجل آخر لدفن أبيه ، ثم ذكر حالات وقصصا كثيرة ، ثم ذكر قصة التجلّي في الباب السابع عشر من إنجيله ، وذكر لوقا السؤال والاستئذان في الباب التاسع من إنجيله بعد قصّة التجلّي. فأحد البيانين غلط لما عرفت في بيان الاختلاف الرابع والخمسين.

١٢٠ ـ كتب متّى في الباب التاسع قصة المجنون الأخرس ، ثم في الباب العاشر قصة إعطاء المسيح الحواريين قدرة الشياطين وشفاء المرضى وإرسالهم ، ثم ذكر قصصا كثيرة في الأبواب ، ثم ذكر قصة التجلّي في الباب السابع عشر. وكتب لوقا أولا في الباب التاسع قصة إعطاء القدرة ، ثم قصة التجلّي ، ثم في هذا الباب الباب العاشر وأول الباب الحادي عشر قصصا أخرى ، ثم ذكر قصة المجنون الأخرس.

١٢١ ـ كتب مرقس في الآية الخامسة والعشرين من الباب الخامس عشر أنهم صلبوه في الساعة الثالثة ، وصرّح يوحنّا في الآية الرابعة عشر من الباب التاسع عشر من إنجيله أنه كان إلى الساعة السادسة عند بيلاطس.

١٢٢ ـ كتب متّى في الباب السابع والعشرين : «ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا : إيلي إيلي لما شبقتني؟ أي إلهي إلهي لما ذا تركتني». وفي الباب الخامس عشر من إنجيل مرقس : «ألوي ألوي لما شبقتني الذي تفسيره إلهي إلهي لما ذا تركتني». وفي الباب الثالث والعشرين من إنجيل لوقا : «ونادى يسوع بصوت عظيم وقال : يا أبتاه في يديك أستودع روحي».

١٢٣ ـ يفهم من كلام متّى ومرقس أن الذين استهزءوا بعيسى عليه‌السلام وألبسوه اللباس ، كانوا جند بيلاطس لا هيرودس. ويعلم من كلام لوقا خلافه.

١٢٤ ـ يعلم من كلام مرقس أنهم أعطوا عيسى خمرا ممزوجا بمرّ فلم يذقه. ويعلم من كلام الثلاثة أنهم أعطوه خلًّا. ويعلم من متّى ويوحنّا أنه سقي هذا الخلّ.

القسم الثاني : في بيان الأغلاط

هي غير الأغلاط التي مرّ ذكرها في القسم الأول

١ ـ وقع في الآية الأربعين من الباب الثاني عشر من سفر الخروج أن مدّة إقامة بني إسرائيل في مصر كانت أربعمائة وثلاثين سنة. وهذا غلط لأن هذه المدة مائتان وخمس عشرة

٨٦

سنة. وقد أقرّ مفسّروهم ومؤرّخوهم أيضا أنه غلط ، كما ستعرف في الشاهد الأول من المقصد الثالث من الباب الثاني.

٢ ـ وقع في الباب الأول من سفر العدد ، أن عدد الرجال الذين بلغوا عشرين سنة من غير اللّاويين من بني إسرائيل كانوا أزيد من ستمائة ، وأن اللّاويين مطلقا ، ذكورا كانوا أو إناثا ، وكذلك إناث جميع الأسباط الباقية ، وكذا ذكورهم الذين لم يبلغوا عشرين سنة ، خارجون عن هذا العدد. وهذا غلط ، كما عرفت في الأمر العاشر من حال التوراة في الفصل الثاني.

٣ ـ الآية الثانية من الباب الثالث والعشرين من كتاب الاستثناء غلط.

٤ ـ وقع في الآية الخامسة عشر من الباب السادس والأربعين من سفر التكوين لفظ ثلاثة وثلاثين نفسا. وهو غلط. والصحيح أربعة وثلاثون نفسا. وقد عرفت الثالث والرابع أيضا في الأمر العاشر المذكور.

٥ ـ وقع في الآية التاسعة عشر من الباب السادس من سفر صموئيل الأول لفظ خمسين ألف رجل. وهو غلط محض. وستعرف في المقصد الثاني من الباب الثاني.

٦ و ٧ ـ في الباب الخامس عشر من سفر صموئيل الثاني وقع في الآية السابعة لفظ الأربعين ، وفي الآية الثامنة لفظ أرام. وكلاهما غلط ، والصحيح لفظ الأربع بدل الأربعين ، ولفظ أدوم بدل أرام ، كما ستعرف في المقصد الأول من الباب الثاني ، وحرّف مترجمو العربية فكتبوا لفظ الأربع.

٨ ـ في الآية الرابعة من الباب الثالث من السفر الثاني من أخبار الأيام هكذا : «والرّواق الذي أمام البيت طوله كقدر عرض البيت عشرون ذراعا وارتفاعه مائة وعشرون ذراعا». فقوله مائة وعشرون ذراعا غلط محض ، لأن ارتفاع البيت كان ثلاثين ذراعا ، كما هو مصرّح في الآية الثانية من الباب السادس من سفر الملوك الأول. فكيف يكون ارتفاع الرّواق مائة وعشرين ذراعا؟ واعترف آدم كلارك في المجلد الثاني من تفسيره بأنه غلط ، وحرّف مترجمو السريانية والعربية فأسقطوا لفظ المائة وقالوا : «ارتفاعه عشرون ذراعا».

٩ ـ وقع في الآية الرابعة عشر من الباب الثامن عشر من كتاب يوشع في بيان حدّ بنيامين هكذا : «وينحدر ويدور من قبال البحر». إلخ ... فقوله : (من قبال البحر) غلط ، لأنه ما كان في حدّهم ساحل البحر ولا قربه. واعترف المفسّر دوالي ورجرد مينت بكونه غلطا وقالا : «اللفظ العبري الذي ترجموه بالبحر معناه المغرب». انتهى. وهذا المعنى ما رأيناه في

٨٧

ترجمة من التراجم ، فلعلّه من اختراعهما لأجل الإصلاح.

١٠ ـ وقع في الآية الرابعة والثلاثين من الباب التاسع عشر من كتاب يوشع في بيان حدّ نفتالي هكذا : «وإلى حدّ يهودا عند الأردن في مشارق الشمس». وهذا غلط أيضا ، لأن حدّ يهودا كان بعيدا في جانب الجنوب ، واعترف آدم كلارك بكونه غلطا ، كما ستعرف في الباب الثاني.

١١ ـ قال المفسّر هارسلي : إن الآية السابعة والثامنة من الباب الثالث عشر من كتاب يوشع غلطان.

١٢ ـ الآية السابعة من الباب السابع عشر من كتاب القضاة هكذا : «وكان فتى آخر من بيت لحم يهوذا من قبيلته وهو كان لاويّا وكان ساكنا هناك». فقوله : (وهو كان لاويّا) غلط ، لأن الذي يكون من قبيلة يهوذا كيف يكون لاويّا؟ فأقرّ مفسّر هارسلي بأنه غلط ، وأخرجه هيوبي كينت عن متنه.

١٣ ـ في الباب الثالث عشر من السفر الثاني من أخبار الأيام هكذا : «وشدّ أبيا الحرب بجيش من أقوياء جبابرة الحرب أربعمائة ألف رجل مختار ويوربعام أقام المصف ضدّه بثمانمائة ألف رجل مختار جبار ١٧ وقتل فيهم أبياهوا وقومه مقتلة كبيرة وقتل من إسرائيل خمسمائة ألف رجل جبّار». فالأعداد الواقعة في الآيتين غلط. وأقرّ مفسّروهم بذلك ، وأصلح مترجم اللّاطينية ، فبدّل لفظ أربعمائة ألف بأربعين ألفا ولفظ ثمانمائة ألف بثمانين ألفا وخمسمائة ألف بخمسين ألفا ، كما ستعرف في الباب الثاني.

١٤ ـ في الآية التاسعة عشر من الباب الثامن والعشرين من السفر الثاني من أخبار الأيام هكذا : «قد أذلّ الربّ يهوذا بسبب أحاز ملك إسرائيل». ولفظ (إسرائيل) غلط يقينا ، لأنه كان ملك يهوذا لا ملك إسرائيل. ولذلك بدّل مترجمو الترجمة اليونانية واللاطينية لفظ إسرائيل بيهوذا ، لكنه إصلاح وتحريف.

١٥ ـ في الآية العاشرة من الباب السادس والثلاثين من السفر الثاني من أخبار الأيام هكذا : «وملك صديقا أخاه على يهودا». ولفظ (أخاه) غلط. والصحيح عمّه. ولذلك بدّل مترجمو اليونانية والعربية لفظ الأخ بالعمّ. لكن هذا تحريف وإصلاح. قال وارد كاتلك في كتابه : «لمّا كان هذا غلطا بدّل في الترجمة اليونانية والتراجم الأخر بالعمّ». انتهى.

١٦ ـ وقع في الآية ١٦ و ١٩ من الباب العاشر من سفر صموئيل الثاني في ثلاثة مواضع ، في الآية ٣ و ٥ و ٧ و ٨ و ٩ و ١٠ من الباب الثامن عشر من السفر الأول من أخبار الأيام

٨٨

في سبعة مواضع ، لفظ (هدر عزر) والصحيح (لفظ هدد عزر) بالدال.

١٧ ـ وقع في الآية الثامنة عشر من الباب السابع من كتاب يوشع لفظ (عكن) بالنون. والصحيح (عكر) بالراء المهملة.

١٨ ـ وقع في الآية الخامسة من الباب الثالث من السفر الأول من أخبار الأيام هكذا : «بيت شوع بنت عمّي إيل». والصحيح بت شباع بنت أليعام.

١٩ ـ في الآية الحادية والعشرين من الباب الرابع عشر من سفر الملوك الثاني لفظ (عزريا). الصحيح لفظ (عزيا) بدون الراء.

٢٠ ـ في الآية السابعة عشر من الباب الحادي والعشرين من السفر الثاني من أخبار الأيام لفظ (يهوحاز) والصحيح (اخريا). وهورن في المجلد الأول من تفسيره أقرّ أولا بأن الأسماء المذكورة في الغلط السادس عشر إلى الغلط العشرين غلط. ثم قال : «وكذا وقع الغلط في الأسماء في مواضع أخر أيضا. فمن أراد زيادة الاطّلاع فلينظر كتاب داكتر كني كات من الصفحة ٢٣ إلى الصفحة ٦٢». انتهى كلامه. والحق أن الأسماء القليلة تكون صحيحة في هذه الكتب وغالبها غلط.

٢١ ـ وقع في الباب السادس والثلاثين من السفر الثاني من أخبار الأيام : «أن بخت نصّر ملك بابل أسر يواقيم بسلاسل وسباه إلى بابل». وهو غلط. والصحيح أنه قتله في أورشليم ، وأمر أن تلقى جثّته خارج السور ، ومنع عن الدفن. كتب يوسيفس المؤرّخ في الباب السادس من الكتاب العاشر من تاريخه : «جاء سلطان بابل مع العسكر القوي وتسلّط على البلدة بدون المحاربة فدخلها وقتل الشباب ، وقتل يواقيم وألقى جثّته خارج سور البلد ، وأجلس يواخين ابنه على سرير السلطنة ، وأسر ثلاثة آلاف رجل ، وكان حزقيال الرسول في هؤلاء الأسارى». انتهى.

٢٢ ـ في الآية الثامنة من الباب السابع من كتاب أشعيا هكذا ترجمة عربية سنة ١٦٧١ وسنة ١٨٣١ : «وبعد خمسة وستّين تفنى أرام أن يكون شعبا». ترجمة فارسية سنة ١٨٣٨ (بعد شصت وپنج سال أفرائم كشته خواهد شد). وهذا غلط يقينا لأن سلطان أسود تسلّط على أفرائم في السنة السادسة من جلوس حزقيا ، كما هو مصرّح في الباب السابع عشر والثامن عشر من سفر الملوك الثاني ، ففنيت أرام في مرة إحدى وعشرين سنة. وقال وت رنكا ، وهو من العلماء المسيحية المعتبرين : «وقع الغلط في النقل هاهنا ، وكان الأصل ستّ عشرة وخمس ، وقسم المدة هكذا : من سلطنة أسور أخذ ستّ عشرة سنة ، ومن سلطنة حزقيا خمس سنين». انتهى. وقوله ، وإن كان تحكّما صرفا ، لكنه معترف بأن العبارة الموجودة الآن

٨٩

في كتاب أشعيا غلط. وحرّف مترجم الترجمة الهندية المطبوعة سنة ١٨٤٣ في الآية الثامنة المذكورة ، هداهم الله لا يتركون عادتهم القديمة.

٢٣ ـ الآية السابعة عشر من الباب الثاني من سفر التكوين هكذا : «فأما من شجرة معرفة الخير والشرّ فلا تأكل منها ، فإنك تموت موتا في أيّ يوم تأكل منها». وهذا غلط. لأن آدم عليه‌السلام أكل منها ، وما مات في يوم الأكل ، بل حيي بعده أزيد من تسعمائة سنة.

٢٤ ـ الآية الثالثة من الباب السادس من سفر التكوين هكذا : «فقال الله لن تكن روحي في الإنسان إلى الأبد لأنه لحم وتكون أيامه مائة وعشرين سنة». فقوله : (وتكون أيامه مائة وعشرين سنة) غلط ، لأن أعمار الذين كانوا في سالف الزمان طويلة جدا : عاش نوح عليه‌السلام إلى تسعمائة وخمسين سنة ، وعاش سام ستمائة سنة وعاش أرفخشذ ثلاثمائة وثلاثين سنة ، وهكذا وفي هذا الزمان البلوغ إلى سبعين أو ثمانين أيضا قليل.

٢٥ ـ الآية الثامنة من الباب السابع عشر من سفر التكوين هكذا : «وسأعطي لك ولنسلك أرض غربتك وجميع أرض كنعان ملكا إلى الدهر وأكون لهم إلها». وهذا غلط أيضا. لأن جميع أرض كنعان لم تعط لإبراهيم قطّ ، وكذا لم يعط لنسله ملكا إلى الدهر ، بل الانقلابات التي وقعت في هذه الأرض لم يقع مثلها في الأراضي الأخر ، ومضت مدة مديدة جدّا على أن زالت الحكومة الإسرائيلية عنها رأسا.

٢٦ و ٢٧ و ٢٨ ـ في الباب الخامس والعشرين من كتاب أرميا هكذا : «القول الذي كان لأرميا عن جميع شعب يهوذا في السنة الرابعة ليواقيم بن يوسيا ملك يهوذا ، وهي السنة الأولى لبخت نصّر ملك بابل ١١ ويكون كل هذه الأرض قفرا وتحيرا وتعبد جميع هذه الأمم لملك بابل سبعين سنة ١٢ وإذا تمّت سبعون سنة افتقد على ملك بابل وعلى تلك الأمة يقول الرب بإثمهم وعلى أرض الكلدانيين وأجعلها قفرا أبديا». وفي الباب التاسع والعشرين من الكتاب المذكور هكذا : «١ وهذه هي أقوال الكتاب الذي أرسل به أرميا النبي من أورشليم إلى بقايا مشيخة الجلاء وإلى الكهنة وإلى الأنبياء وإلى كل الشعب الذي سباه بخت نصّر من أورشليم إلى بابل ٢ من بعد خروج يوخانيا الملك والسيدة والخصصيين ورؤساء يهوذا وأورشليم والصنّاع والحاصر من أورشليم ١٠ هكذا يقول الربّ : إذا بدأت تكمل في بابل سبعون سنة أنا أفتقدكم وأقيم عليكم كلمتي الصالحة لأردّكم إلى هذا المكان» والآية العاشرة في التراجم الفارسية هكذا ترجمة فارسية سنة ١٨٣٨ : (بعد انقضاي هفتاد سال در بابل من بر شما رجوع خواهم كرد). ترجمة فارسية سنة ١٨٤٥ : (بعد از تام شدن هفتاد سال در بابل شما را بازديد خواهم نمود). وفي الباب الثاني والخمسين من الكتاب المذكور هكذا : «٢٨ هذا هو الشعب

٩٠

الذي أجلاه بخت نصّر في السنة السابعة ثلاثة آلاف وثلاثة وعشرين يهوديا ٢٩ في السنة الثامنة عشر لبخت نصّر من أورشليم ثمانمائة واثنين وثلاثين نفسا ٣٠ في السنة الثالثة والعشرين لبخت نصّر أجلى بنور زادن قائد الجيش سبعمائة وخمسة وأربعين نفسا فجميع النفوس أربعة آلاف وستمائة». فعلم من هذه العبارات ثلاثة أمور : الأول : إن بخت نصّر جلس على سرير السلطنة في السنة الرابعة من جلوس يواقيم. وهو الصحيح. وصرّح به يوسيفس اليهودي المؤرّخ أيضا في الباب السادس من الكتاب العاشر من تاريخه ، فقال : «إن بخت نصّر صار سلطان بابل في السنة الرابعة من جلوس يواقيم». انتهى. فإن ادّعى أحد غير ما ذكرنا يكون غلطا ومخالفا لكلام أرميا عليه‌السلام ، بل لا بدّ في اعتبار السنين أن تكون السنة الأولى من جلوس بخت نصّر مطابقة للسنة الرابعة من جلوس يواقيم. والثاني : إن أرمياء أرسل الكتاب إلى اليهود بعد خروج يوخانيا الملك ورؤساء يهوذا والصنّاع. والثالث : إن عدد الأسارى في الإجلاءات الثلاثة كان أربعة آلاف وستمائة ، وكان الإجلاء الثالث في السنة الثالثة والعشرين. فأقول : هنا ثلاثة أغلاط : الغلط الأول : إن إجلاء يوخانيا الملك ورؤساء يهوذا والصنّاع كان قبل ميلاد المسيح ، على ما صرّح المؤرّخون بخمسمائة وتسع وتسعين سنة. وصرّح صاحب ميزان الحق في الصفحة ٦٠ من النسخة المطبوعة سنة ١٨٤٩ بأن هذا الإجلاء كان قبل ميلاد المسيح بستمائة سنة ، وكان أرمياء أرسل كتابه إليهم بعد خروجهم فلا بدّ أن يكون إقامة اليهود في بابل سبعين سنة ، وهو غلط ، لأنهم أطلقوا بحكم قورش سلطان إيران قبل ميلاد المسيح بخمسمائة وستّ وثلاثين سنة. فكانت إقامتهم في بابل ثلاثا وستّين سنة لا سبعين. وأنقل هذه التواريخ من كتاب مرشد الطالبين إلى كتاب المقدس الثمين المطبوع سنة ١٨٥٢ في بيروت. وهذه النسخة تخالف النسخة المطبوعة سنة ١٨٤٠ في أكثر المواضع على العادة الجارية في المسيحيين. فمن شاء تصحيح النقل فعليه أن يقابل النقل بعبارة النسخة المطبوعة سنة ١٨٦٢. وهذه النسخة موجودة في كتبخانة جامع بايزيد بالآستانة. فأقول : في الفصل العشرين من الجزء الثاني في جدول تاريخي للكتاب المقدّس من هذه النسخة المطبوعة سنة ١٨٥٢ هكذا :

السنة قبل المسيح

سنة العالم

٥٩٩

٥٣٦

كتابة أرمية لليهود المأسورين هناك أي في بابل وفاة داريوس المادي خال قورش وخلافة قورش مكانه على مادي وفارس وبابل وإطلاقه اليهود وإذنه لهم بالرجوع إلى اليهودية

٣٤٠٥

٣٤٦٨

٩١

الغلط الثاني : إن عدد الأسارى في الإجلاءات الثلاثة أربعة آلاف وستمائة ، وقد صرّح في الآية الرابعة عشر من الباب الرابع والعشرين من سفر الملوك الثاني أن عشرة آلاف من الأشراف والأبطال كانوا في الإجلاء الواحد ، والصنّاعون كانوا زائدين عليهم. الغلط الثالث : إنه يعلم منه أن الإجلاء الثالث كان في السنة الثالثة والعشرين من جلوس بخت نصّر. ويعلم من الباب الخامس والعشرين من سفر الملوك أنه كان في السنة التاسعة عشر من جلوسه.

٢٩ ـ في الباب السادس والعشرين من كتاب حزقيال هكذا : «وكان في السنة الحادية عشر في أول الشهر. فكان إليّ قول الربّ هكذا يقول الربّ : ها أنا ذا أجلب عل صور بخت نصّر ملك بابل مع خيل ومراكب وفرسان وجيش وشعب عظيم. وبناتك التي في الحفل يقتلهنّ بالسيف ، ويحاصرك ويرتّب حولك مواضع للمناجق ، ويرفع عليك الترس ويضرب بالمنجنيقة أسوارك ، وبروجك يهدمها بسلاحه ويدوس جميع شوارعك ، ويقتل شعبك بالسيف ، ومناصبك الشريفة إلى الأرض وينهبون أموالك ويسلبون تجارتك ويهدمون أسوارك وبيوتك العالية ويخرّبونها ، وحجارتك وخشبك وغبارك يلقونها في وسط المياه ، وأعطيتك لصخرة صفية وتصير لبسط الشباكات ولن تبنى». ا ه ملخّصا. وهذا غلط لأن بخت نصّر حاصر صور ثلاث عشرة سنة واجتهد اجتهادا بليغا في فتحها ، لكنه ما قدر ورجع خائبا. ولمّا صار هذا الخبر غلطا احتاج حزقيال عليه‌السلام إلى العذر ، والعياذ بالله ، وقال في الباب التاسع والعشرين من كتابه هكذا : «وكان في السنة السابعة والعشرين قول الربّ إلى أن بخت نصّر استعبد جيشه عبودية شديدة في ضدّ صور بحيث صار كل رأس محلوقا وكل كتف مجرّدا وأجره لم يرد عليه ولا بجيشه من صور. فلهذا أعطيت بخت نصّر أرض مصر يأخذ جماعتها ويسلب نهبها ويخطف أسلابها ويكون أجرا لجيشه وللعمل الذي تعبّد به ضدّها فأعطيته أرض مصر من أجل أنه عمل لي». ا ه ملخّصا. ففيه تصريح بأنه لمّا لم يحصل لبخت نصّر ولعسكره أجر بمحاصرة صور ، وعد الله له مصر. وما علمنا أن هذا الوعد كان بمثل السابق ، أم حصل له الوفاء. هيهات هيهات ، أيكون وعد الله هكذا؟ أيعجز الله عن وفاء عهده؟

٣٠ ـ في الباب الثامن من كتاب دانيال هكذا ترجمة فارسية سنة ١٨٣٩ : ١٣ (پس شنيدم كه مقدسي تكلم نمود ومقدسي از آن مقدس پرسيد كه اين رويا در باب قراني دايمى وكنه كاري مهلك به پايمال كردن مقدس وفوج تا كى باشد) ١٤ (مرا كفت تا دو هزار وسه صد روز بعده مقدس پاك خواهد شد). (ترجمة عربية سنة ١٨٤٤) : «١٣ وسمعت قدّيسا من القديسين متكلّما ، وقال قدّيس للآخر المتكلّم لم أعرفه : حتى متى الرؤيا والذبيحة الدائمة

٩٢

وخطية الخراب الذي قد صار وينداس القدس والقوة؟ ١٤ فقال له حتى المساء والصباح أياما ألفين وثلاثمائة يوم ويظهر القدس». وعلماء أهل الكتاب من اليهود والمسيحيين كافّة مضطربون في بيان مصداق هذا الخبر. فاختار جمهور مفسّري البيبل من الفريقين أن مصداقه حادثة أنتيوكس ملك ملوك الروم الذي تسلّط على أورشليم قبل ميلاد المسيح بمائة وإحدى وستّين سنة. والمراد بالأيام هذه الأيام المتعارفة. واختاره يوسيفس أيضا ، لكنه يردّ عليه اعتراض قوي هو أن حادثته التي يداس فيه القدس والعسكر كانت إلى ثلاثة سنين ونصف ، كما صرّح به يوسيفس في الباب التاسع من الكتاب الخامس من تاريخه. وتكون مدة ستّ سنين وثلاثة أشهر وتسعة عشر يوما تخمينا بالسنة الشمسية بحساب الأيام المذكورة. وذلك قال إسحاق نيوتن : إن مصداق هذه الحادثة ليس حادثة أنتيوكس. ولطامس نيوتن تفسير على أخبار بالحوادث الآتية المندرجة في البيبل ، وطبع هذا التفسير سنة ١٨٠٣ في بلدة لندن ، فنقل في المجلد الأول من هذا التفسير أوّلا قول جمهور المفسّرين ، ثم ردّ كما ردّ إسحاق نيوتن ، ثم قال : إن مصداق هذا الخبر ليس حادثة أنيتوكس ، كما يعلم بالتأمّل ، ثم ظن ان مصداقه سلاطين الروم والباباؤون. وسنل جانسي كتب تفسيرا على الأخبار بالحوادث الآتية أيضا ، وادّعى أنه لخّص هذا التفسير من خمسة وثمانين تفسيرا ، وطبع هذا التفسير سنة ١٨٣٨ من الميلاد. فكتب في شرح هذا الخبر هكذا : «تعيين زمان مبدأ هذا الخبر في غاية الإشكال عند العلماء من قديم الأيام ، ومختار الأكثر أن زمان مبدئه واحد من الأزمنة الأربعة التي صدر فيها أربعة فرامين سلاطين إيران : الأول : سنة ٦٣٦ قبل ميلاد المسيح التي صدر فيها فرمان قورش ، والثاني : سنة ٥١٨ قبل الميلاد التي صدر فيها فرمان دارا ، والثالث : سنة ٤٥٨ قبل الميلاد التي حصل فيها فرمان أردشير لعزرا في السنة السابعة من جلوسه ، والرابع : سنة ٤٤٤ قبل الميلاد التي حصل فيها لنحميا فرمان أردشير في السنة العشرين من جلوسه ، والمراد بالأيام السنون. ويكون منتهى هذا الخبر باعتبار المبادي المذكورة على هذا التفصيل :

من الملاد

بالاعتبار الأول

بالاعتبار الثاني

بالاعتبار الثالث

بالاعتبار الرابع

سنة ١٧٦٤

سنة ١٧٨٢

سنة ١٨٤٣

سنة ١٨٥٦

ومضت المدة الأولى والثانية ، وبقيت الثالثة والرابع. والثالثة أقوى وعندي هي بالجزم ، وعند البعض مبدؤه خروج إسكندر الرومي على ملك إيشيا. وعلى هذا منتهى هذا

٩٣

الخبر سنة ١٩٦٦». انتهى كلامه ملخّصا. وقوله مردود بوجوه : الأول : إن ما قال إن تعيين مبدأ هذا الخبر في غاية الإشكال مردود ولا إشكال فيه غير كونه غلطا يقينا ، لأن مبدأه لا بدّ أن يكون من وقت الرؤيا لا من الأوقات التي بعده. والثاني : إن قوله (المراد بالأيام السنون) تحكم ، لأن المعنى الحقيقي لليوم ما هو المتعارف وحيثما استعمل اليوم في العهد العتيق والجديد في بيان تعداد المدة استعمل بمعناه الحقيقي ، وما استعمل بمعنى السنة في موضع من المواضع التي يكون المقصود فيها بيان تعداد المدة. ولو سلم استعماله في غير هذه المواضع على سبيل الندرة بمعنى السنة أيضا يكون على سبيل المجاز قطعا. والحمل على المعنى المجازي بدون القرينة لا يجوز. وهاهنا المقصود بيان تعداد المدة. ولا توجد القرينة أيضا فكيف يحمل على المعنى المجازي؟ ولذلك حمله الجمهور على المعنى الحقيقي ووجّهوه بالتوجيه الفاسد الذي ردّه إسحاق نيوتن وطامس نيوتن وأكثر المتأخرين ومنهم هذا المفسّر أيضا. والثالث ، لو قطعنا النظر عن الإيرادين المذكورين نقول : إن كذب المبدأ الأول والثاني كان قد ظهر في عهده ، كما اعترف هو نفسه. وقد ظهر كذب الثالث الذي كان أقوى في زعمه وكان جازما به. وكذا كذب الرابع ، وظهر أن توجيهه وتوجيه أكثر المتأخرين أفسد من توجيه الجمهور القدماء. بقي المبدأ الخامس ، لكنه لمّا كان قولا ضعيفا عند الأكثر ويرد عليه الإيرادان الأوّلان فهو ساقط عن الاعتبار. ومن يكون في ذلك الوقت يرى أنه كاذب أيضا إن شاء الله. وجاء القسيس يوسف وألّف في سنة ١٨٣٣ من الميلاد المطابقة لسنة ١٢٤٨ من الهجرة في بلد لكهنو ، وكان يتمسك بهذا الخبر وبإلهامه الكاذب. وكان يقول إن مبدأ هذا الخبر من وفاة دانيال ، والمراد بالأيام السنون ، ووفاة دانيال قبل ميلاد المسيح بأربعمائة وثلاث وخمسين سنة. فإذا طرحنا هذه المدة من ألفين وثلاثمائة يبقى ألف وثمانمائة وسبع وأربعون سنة. فعلى هذا يكون نزول المسيح في سنة ١٨٤٧ من الميلاد ، ووقعت المباحثة فيما بينه وبين بعض علماء الإسلام. وكلامه مردود بوجوه. لكنه لمّا ظهر كذبه ومضت مدة سبع عشرة سنة ، فلا حاجة إلى أن أطول ردّه ، لعلّ القسّيس الموصوف خيّل له في خمار الخمر شيء فظنه إلهاما. وفي تفسير دوالي ورجرد مينت : «إن تعيّن مبدأ هذا الخبر ومنتهاه قبل أن يكمل مشكل ، فإذا كمل يظهره الواقع». انتهى. وهذا توجيه ضعيف أحقّ أن تضحك عليه الثكلى ، وإلّا فيقدر كل فاسق أن يخبر بمثل هذا الخبر إخبارات كثيرة بلا تعيين المبدأ والمنتهى ، ويقول إذا كملت يظهرها الواقع. والإنصاف أن هؤلاء معذورون ، لكون الكلام فاسدا من أصله ، ولنعم ما قيل : «لن يصلح العطّار ما أفسد الدهر».

٣١ ـ في الباب الثاني عشر من كتاب دانيال هكذا : ١١ «ومن الزمان الذي فيه انتزع القربان الدائم ووضع الرجسة للخراب ألف ومائتان وتسعون يوما ١٢ وطوبى لمن ينتظر ويبلغ

٩٤

إلى ألف وثلاثمائة وخمسة وثلاثين يوما». وفي الترجمة الفارسية المطبوعة سنة ١٨٣٩ هكذا : ١١ (واز هنكامى كه قرباتي دائمي موقوف شود وكريه قريب ويرانى برپا شود يكهزار ودو صد ونود روز خواهد بود) ١٢ (خوشا حال أن كسي كه انتظار كندو تا يك هزار وسه صد وسى وپنج روز برسد). وهو غلط أيضا بمثل ما تقدّم ، وما ظهر على هذا الميعاد مسيح النصارى ولا مسيح اليهود.

٣٢ ـ في الباب التاسع من كتاب دانيال : «سبعون أسبوعا اقتصرت على شعبك وعلى مدينتك المقدسة ليبطل التعدّي وتفنى الخطيئة ويمحى الإثم ويجلب العدل الأبدي وتكمل الرؤيا والنبوّة ويمسح قدوس القديسين». ترجمة فارسية سنة ١٨٣٩ : (هفتاد هفته بر قوم تو وبر شهر مقدس تو مقر رشد براى إتمام خطا وبراى انقضاي گناهان وبراى تكفير شرارت وبراى رسانيدن راست بازي ابداني وبراى مسح قدس المقدس). وهذا غلط أيضا ، لأنه ما ظهر على هذا الميعاد أحد المسيحيين ، بل مسيح اليهود إلى الآن ما ظهر. وقد مضى أزيد من ألف سنة على المدة المذكورة ، والتكلّفات التي صدرت على العلماء المسيحية هاهنا غير قابلة للالتفات لوجوه :

الأول : إن حمل اليوم على المعنى المجازي في بيان تعداد المدة بدون القرينة غير مسلم. والثاني : لو سلّمنا فلا يصدق أيضا على أحد المسيحيين ، لأن المدة التي بين السنة الأولى من جلوس قورش الذي أطلق اليهود فيها على ما صرّح في الباب الأول من كتاب عزرا ، إلى خروج عيسى عليه‌السلام على ما يعلم من تاريخ يوسيفس ، بقدر ستمائة سنة تخمينا ، وعلى تحقيق سنل جانسي خمسمائة وستّ وثلاثين سنة ، كما علمت في الغلط الثلاثين. ومثله على تحقيق مؤلّف مرشد الطالبين على حسب النسخة المطبوعة سنة ١٨٥٢ ، كما عرفت في الغلط السادس والعشرين. وقد صرّح صاحب مرشد الطالبين في الفصل العشرين من الجزء الثاني أن رجوع اليهود من السّبي وتجديدهم الذبائح في الهيكل كان في سنة الإطلاق أيضا ، أعني سنة خمسمائة وستّ وثلاثين قبل ميلاد المسيح ، ولا تكون المدة باعتبار سبعين أسبوعا إلّا بقدر أربعمائة وتسعين سنة ، وعدم الصدق على المسيح اليهود ظاهر. والثالث : لو صحّ هذا ، لزم ختم النبوّة على المسيح فلا يكون الحواريون أنبياء. والأمر ليس كذلك عندهم لأن الحواريين أفضل من موسى وسائر الأنبياء الإسرائيلية في زعمهم. ويكفي شاهدا في فضلهم ملاحظة حال يهوذا الإسخريوطي الذي كان واحدا من هؤلاء الحضرات ممتلئا بروح القدس. والرابع : لو صحّ لزم منه ختم الرؤيا. وليس كذلك لأن الرؤيات الصالحة باقية إلى الآن أيضا. والخامس ، أن واتسن نقل رسالة داكتر كريب في المجلد الثالث من كتابه وصرّح في هذه الرسالة «أن اليهود حرّفوا هذا الخبر بزيادة الوقف

٩٥

تحريفا لا يمكن أن يصدّق الآن على عيسى». فثبت باعتراف عالمهم المشهور أن هذا الخبر لا يصدق على عيسى عليه‌السلام ، على وفق كتاب دانيال الأصل الموجود عند اليهود الآن بدون ادّعاء التحريف على اليهود. وهذا الادّعاء لا يتمّ عليهم من جانب علماء بروتستنت ، فإذا كان حال أصل الكتاب هكذا ، فلا يصحّ التمسّك بالتراجم التي هي من تأليفات المسيحيين. والسادس : أنه لا يلزم أن يكون المراد من المسيح أحد هذين المسيحيين ، لأن هذا اللفظ كان يطلق على كل سلطان من اليهود ، صالحا كان أو فاجرا. الآية الخمسون من الزبور السابع عشر هكذا : «يا معظم خلاص الملك وصانع الرحمة بمسيحه داود وزرعه إلى الأبد». وهكذا جاء في الزبور المائة والحادي والثلاثين إطلاق المسيح على داود عليه‌السلام الذي هو من الأنبياء والسلاطين الصالحين. وفي الباب الرابع والعشرين من سفر صموئيل الأول قول داود عليه‌السلام في حقّ شاول الذي كان من أشرار سلاطين اليهود هكذا : «٧١ وقال للرجال الذين معه حاشا لي من الله أن أصنع هذا الأمر بسيدي مسيح الربّ أو أمدّ يدي إلى قتله لأنه مسيح الربّ لا أمدّ يدي على سيدي لأنه مسيح الربّ». وهكذا في الباب السادس والعشرين من السفر المذكور والباب الأول من سفر صموئيل الثاني ، بل لا يختصّ هذا اللفظ بسلاطين اليهود أيضا ، وجاء إطلاقه على غيرهم. الآية الأولى من الباب الخامس والأربعين من كتاب أشعيا : «هذه يقولها الربّ لقورش مسيحي الذي مسكت بيمينه» إلخ. فجاء إطلاقه على سلطان إيران الذي أطلق اليهود وأجازهم لبناء الهيكل.

٣٣ ـ في الباب السابع من سفر صموئيل الثاني وعد الله لبني إسرائيل على لسان ناثان النبي هكذا : «١٠ وأنا أجعل مكانا لشعبي إسرائيل وأنصبه ، ويحلّ في مكانه بالهدوء ، ولا تعود بنو الإثم أن يستعبدوه كما كانوا من قبل ١١ منذ يوم وضعت قضاة على شعبي إسرائيل» إلخ. والآية العاشرة في التراجم هكذا ، ترجمة فارسية سنة ١٨٣٨ : (ومكاني نيز براى قوم خود إسرائيل مقرّر خواهم كرد وايشان را خواهم نشانيد تا خود جايدار باشند ومن بعد حركت نكنند وأهل شرارت من بعد ايشان را نيازارند جون در ايام سابق). ترجمة فارسية سنة ١٨٤٥ : (وبجهت قومم إسرائيل مكاني را تعيين خواهم نمود وايشان را غرس خواهم نمود تا إنكا درماقم خويش ساكن شده بار ديكر متحرّك نشوند وفرزندان شرارت بيشه ايشان را مثل ايابم سابق نرنجانند). فكان الله وعد أن بني إسرائيل يكونون في هذا المكان بالهدوء والاطمئنان ، ولا يحصل لهم الإيذاء من أيدي الأشرار. وكان هذا المكان أورشليم. وأقام بنو إسرائيل فيه ، لكنهم لم يحصل لهم وفاء وعد الله ، وأوذوا في هذا المكان إيذاء بليغا ، وآذاهم سلطان بابل ثلاث مرات إيذاء شديدا وقتلهم وأسرهم وأجلاهم. وهكذا آذى السلاطين الآخرون وآذى طيطوس الرومي إيذاء جاوز الحدّ حتى مات في حادثته ألف ألف ٠٠٠ ، ٠٠ ، ١١ ، ومائة

٩٦

ألف بالقتل والصلب والجوع ، وأسر منهم سبعة وتسعون ألفا وأولادهم إلى الآن متفرّقون في أقطار العالم في غاية الذلّ.

٣٤ ـ في الباب المذكور وعد الله لداود على لسان ناثان النبيّ عليهما‌السلام هكذا : «١٢ فإذا تمّت أيامك ونمت مع آبائك ، فإنّي أقيم زرعك من بعدك الذي يخرج من بطنك وأثبت ملكه ١٣ وهو يبني بيتا لاسمي وأصلح كرسي ملكه إلى الأبد ١٤ وأنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا ، وإن ظلم ظلما أنا أبكّته بعصاة الناس ، وبالجلد الذي كان يجلد به الناس ١٥ وأما رحمتي لا أبعد عنه كما أبعدت عن شاول الذي نفيته من بين يدي ١٦ وبيتك يكون أمينا وملكك إلى الدهر أمامك وكرسيك يكون ثابتا إلى الأبد». وهذا الوعد في الباب الثاني والعشرين من السفر الأول من أخبار الأيام هكذا : «٩ وهو ذا ولد مولود لك ، هو يكون رجلا ذا هدوّ وأريحه من كل أعدائه مستديرا ، فإن سليمان يكون اسمه ، وسلامة وقرارا أجعل على إسرائيل في كل أيامه ١٠ هو يبني بيتا لاسمي وهو يكون لي مقام الابن وأنا له مقام الأب وسوف اثبت كرسي ملكه على آل إسرائيل إلى الأبد». فكان وعد الله أن السلطنة لا تزول من بيت داود إلى الأبد. ولم يف بهذا الوعد وزالت سلطنة آل داود منذ مدّة طويلة جدا.

٣٥ ـ نقل مقدس أهل التثليث بولس قول الله في فضل عيسى عليه‌السلام على الملائكة في الآية السادسة من الباب الأول من الرسالة العبرانية هكذا : «أنا أكون له أبا وهو يكون لي ابنا». وعلماؤهم يصرّحون أنه إشارة إلى الآية الرابعة عشرة من الباب السابع من سفر صموئيل الثاني الذي مرّ نقله في الغلط السابق. وهذا الزعم غير صحيح لوجوه.

الأول : أنه صرّح في سفر أخبار الأيام أن اسمه يكون سليمان. والثاني : أنه صرّح في السفرين : «انه يبني لاسمي بيتا» فلا بدّ أن يكون هذا الابن باني البيت وهو ليس إلّا سليمان عليه‌السلام ، وولد عيسى عليه‌السلام بعد ألف وثلاث سنين من بناء البيت ، وكان يخبر بخرابه ، كما هو مصرّح في الباب الرابع والعشرين من إنجيل متّى. وستعرف في بيان الغلط التاسع والسبعين. والثالث : أنه صرّح في السفرين أنه يكون سلطانا ، وعيسى عليه‌السلام كان فقيرا حتى قال في حقه : «للثعالب أو جرة ولطيور السماء أوكار ، وأما ابن الإنسان فليس له أن يسند رأسه» ، كما هو منقول في الآية العشرين من الباب الثامن من إنجيل متّى. والرابع : أنه صرّح في سفر صموئيل في حقه «وإن ظلم ظلما فأبكّته». فلا بدّ أن يكون هذا الشخص غير معصوم يمكن صدور الظلم عنه. وسليمان عليه‌السلام في زعمهم هكذا ، لأنه ارتدّ في آخر عمره ، وعبد الأصنام ، وبنى المعابد لها ، ورجع من شرف منصب النبوّة إلى ذلّ منصب الشرك ، كما هو مصرّح في كتبهم المقدسة. وأيّ ظلم أكبر من الشرك. وعيسى عليه‌السلام

٩٧

كان معصوما لا يمكن صدور الذنب منه في زعمهم. والخامس : أنه صرّح في السفر الأول من أخبار الأيام «وهو يكون رجلا ذا هدو وأريحه من جميع أعدائه». وعيسى عليه‌السلام ما حصل له الهدو والراحة من أيام الصبا إلى أن قتل على زعمهم ، بل كان خائفا من اليهود ليلا ونهارا فارّا في أكثر الأوقات من موضع إلى موضع لخوفهم حتى أسروه وأهانوه وضربوه وصلبوه ، بخلاف سليمان عليه‌السلام. فإن هذا الوصف كان ثابتا في حقه على وجه أتم. والسادس : أنه صرّح في السفر المذكور «وسلامة وقرارا أجعل على إسرائيل لي كل أيامه». واليهود كانوا في عهد عيسى عليه‌السلام مطيعين للروم وعاجزين عن أيديهم. والسابع : أن سليمان عليه‌السلام ادّعى بنفسه أن هذا الخبر في حقه ، كما هو مصرّح في الباب السادس من السفر الثاني من أخبار الأيام. وإن قالوا هذا الخبر ، وإن كان بحسب الظاهر في حق سليمان ، لكنه في الحقيقة في حق عيسى ، لأنه من أولاد سليمان. قلت : هذا غير صحيح ، لأن الموعود له لا بدّ أن يكون موصوفا بالصفات المصرّحة ، وعيسى عليه‌السلام ليس كذلك. وإن قطع النظر عن الصفات المذكورة فلا يصحّ على زعم الجمهور من متأخّريهم ، لأنهم يقولون لرفع الاختلاف الواقع بين كلام متّى ولوقا في بيان نسب المسيح ، إن الأول بيّن نسب يوسف النجّار ، والثاني نسب مريم عليها‌السلام ، وهو مختار صاحب ميزان الحق. وظاهر أن المسيح عليه‌السلام ليس ولدا للنجّار المذكور ، ونسبته إليه من قبيل أضغاث الأحلام بل هو ولد مريم عليها‌السلام. بهذا الاعتبار ليس من أولاد سليمان عندهم بل من أولاد ناثان بن داود. فلا يكون الخبر الواقع في حق سليمان منسوبا إلى عيسى لأجل النبوّة.

٣٦ ـ في الباب السابع عشر من سفر الملوك الأوّل في حقّ إليا الرسول هكذا : «وكان عليه قول الربّ : انصرف من هاهنا واستخف في وادي كريت ، وهناك من الوادي تشرب ، وقد أمرت الغربان بقولك. فانطلق وصنع مثل قول الرب وقعد في وادي كريت الذي قبال الأردن ، كانت الغربان تجيب له الخبز واللحم بالغداء والخبز واللحم بالعشاء ومن الوادي كان يشرب». انتهى. وفسّر كلهم ، غير جيروم ، لفظ أوريم في هذا الباب بالغربان ، وجيروم فسّر بالعرب. ولمّا كان رأيه ضعيفا في هذا الباب ، حرّف معتقدوه ، على عادتهم في التراجم اللّاطينية المطبوعة ، وغيّروا لفظ العرب بالغربان. وهذا الأمر مضحك لمنكري الملّة المسيحية ويستهزءون به. واضطرب محقّق فرقة بروتستنت هورن ومال إلى رأي جيروم لرفع العار ، وقال بالظن الأغلب أن المراد بأوريم العرب لا الغربان ، وسفّه المفسّرين والمترجمين بثلاثة أوجه. وقال في الصفحة ٦٣٩ من المجلد الأولى من تفسيره : «شنّع بعض المنكرين بأنه كيف يجوز أن تعول الغربان التي هي طيور نجسة الرسول وتجيب الغداء له ، لكنهم لو رأوا أصل اللفظ لما شنّعوا ، لأنه أوريم ومعناه العرب. وجاء بهذا المعنى في الآية السادسة

٩٨

عشرة من الباب الحادي والعشرين من السفر الثاني من أخبار الأيام والآية السابعة من الباب الرابع من كتاب نحميا. ويعلم من بريشت ربا الذي هو تفسير لعلماء اليهود على سفر التكوين أن هذا الرسول كان مأمورا بالاختفاء في بلدة كانت في نواحي بت شان. وقال جيروم : إن أوريم أهل بلدة كانت في حدّ العرب ، وهم كانوا يطعمون الرسول. وهذه الشهادة من جيروم ثمينة عظيمة ، وإن كتب في التراجم اللّاطينية المطبوعة لفظ الغربان. لكن أخبار الأيام ونحميا وجيروم ترجموا أوريم بالعرب. ويعلم من الترجمة العربية أن المراد بهذا اللفظ الأناس لا الغربان. وترجم الجارچي المفسّر المشهور من اليهود هكذا أيضا. وكيف يمكن أن يحصل اللحم بوسيلة الطيور النجسة مثل الغربان ، على خلاف الشريعة للرسول الطاهر الذي كان شديدا في اتّباع الشريعة ، وحاميا لها. وكيف يمكن له العلم بأن هذه الطيور النجسة قبل أن تجيب اللحم لم تتوقف ولم تنزل على الجثث الميتة؟ على أن هذا اللحم والخبز وصلا إلى إيلياء إلى مدة سنة ، فكيف ينسب مثل هذه الخدمة إلى الغربان؟ والأغلب أن أهل أورب أو أربوا فعلوا خدمة طعام الرسول». انتهى كلامه. فالآن الخيار لعلماء بروتستنت في أن يختاروا قول محقّقهم ويسفّهوا باقي مفسّريهم ومترجميهم غير المحصورين ، وأما أن يسفّهوا هذا المسفّه ويعترفوا بأن هذا الأمر غلط وضحكة لأرباب العقول غير جائز للوجوه الثلاثة التي أوردها هذا المحقّق.

٣٧ ـ في الآية الأولى من الباب السادس من سفر الملوك الأول أن سليمان بنى بيت الربّ في سنة أربعمائة وثمانين من خروج بني إسرائيل من مصر. وهذا غلط عند المؤرّخين. قال آدم كلارك في الصفحة ١٢٩٣ من المجلد الثاني من تفسير ذيل شرح الآية المذكورة : اختلف المؤرّخون في هذا الزمان على هذا التفصيل. في المتن العبراني ٤٨٠ ، في النسخة اليونانية ٤٤٠ ، عند كليكاس ٣٣٠ ، عند ملكيور كانوس ٥٩٠ ، عند يوسيفس ٥٩٢ ، عند سلبي سيوس سويروس ٥٨٨ ، عند كليمنس إسكندريانوس ٥٧٠ ، عند سيدري نس ٦٧٢ ، عند كودومانوس ٥٩٨ ، عند أواسي بوس وكابالوس ٥٨٠ ، عند سراريوس ٦٨٠ ، عند نيكولاس إبراهيم ٥٢٧ ، عند مستلي نوس ٥٩٢ ، پتياويوس ووالتهي روس ٥٢٠ ، فلو كان ما في العبراني صحيحا إلهاميّا ، لما خالفه مترجمو الترجمة اليونانية ولا المؤرّخون من أهل الكتاب. ويوسيفس وكليمنس إسكندريانوس خالفا اليونانية أيضا مع أنهما من المتعصبين في المذهب فعلم أن هذه الكتب عندهم كانت في رتبة كتب التواريخ الأخر ، وما كانوا يعتقدون إلهاميتها وإلّا لما خالفوا.

٣٨ ـ الآية السابعة عشرة من الباب الأول من إنجيل متّى هكذا ترجمة عربية سنة ١٨٦٠ : «فجميع الأجيال من إبراهيم إلى دوار أربعة عشر جيلا ، ومن داود إلى سبي بابل

٩٩

أربعة عشر جيلا ، ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلا». ويعلم منها أن بيان نسب المسيح يشتمل على ثلاثة أقسام ، وكل قسم منها مشتمل على أربعة عشر جيلا. وهو غلط صريح. لأن القسم الأول يتم على داود ، وإذا كان داود عليه‌السلام داخلا في هذا القسم ، يكون خارجا من القسم الثاني لا محالة. ويبتدئ القسم الثاني لا محالة من سليمان ويتمّ على يوخانيا ، وإذا دخل يوخانيا في هذا القسم كان خارجا من القسم الثالث. ويبتدئ القسم الثالث من شلتائيل لا محالة ويتمّ على المسيح ، وفي هذا القسم لا يوجد إلّا ثلاثة عشر جيلا ، واعترض عليه سلفا وخلفا ، وكان يورفري اعترض عليه في القرن الثالث من القرون المسيحية. وللعلماء المسيحية اعتذارات باردة غير قابلة للالتفات.

الغلط التاسع والثلاثون إلى الثاني والأربعين : الآية الحادية عشرة من الباب الأول من إنجيل متّى هكذا ترجمة عربية سنة ١٨٤٤ : «ويوشيا ولد يوخانيا وإخوته في جلاء بابل».

ويعلم منه أن ولادة يوخانيا وإخوته من يوشيا في جلاء بابل. فيكون يوشيا حيّا في هذا الجلاء. وهو غلط بأربعة أوجه :

الأول : إن يوشيا مات قبل هذا الجلاء باثني عشر عاما ، لأنه جلس بعد موته ياهوحاز ابنه على سرير السلطنة ثلاثة أشهر ، ثم جلس يواقيم ابنه الآخر إحدى عشرة سنة ، ثم جلس يوخانيا بن يواقيم ثلاثة أشهر ، فأسره بخت نصّر وأجلاه مع بني إسرائيل الآخرين إلى بابل.

الثاني : إن يوخانيا ابن ابن يوشيا لا ابنه كما عرفت. الثالث : إن يوخانيا كان في الجلاء ابن ثمان عشرة سنة. فما معنى ولادته في جلاء بابل. الرابع : إن يوخانيا ما كان له إخوة. نعم كان لأبيه ثلاثة إخوة. ونظرا إلى هذه المشكلات التي مرّ ذكرها في هذا الغلط والغلط السابق عليه ، قال آدم كلارك المفسّر في تفسيره هكذا : «إن كامت يقول تقرأ الآية الحادية عشرة هكذا : ويوشيا ولد يواقيم وإخوته ، ويواقيم ولد يوخانيا عند جلاء بابل». انتهى. فأمر بالتحريف ، وزيادة يواقيم لرفع الاعتراضات. وعلى هذا التحريف أيضا لا يرتفع الاعتراض الثالث المذكور في هذا الغلط. وظنّي أن بعض القسّيسين المسيحية من أهل الدين والديانة أسقط لفظ يواقيم قصدا لئلا يرد أن المسيح إذا كان من أولاد يواقيم لا يكون قابلا لأن يجلس على كرسي داود ، فلا يكون مسيحا ، كما عرفت في الاختلاف السابع والخمسين. لكنه ما درى أن إسقاطه يستلزم أغلاطا شتّى. ولعلّه درى وظن أن لزوم الأغلاط على متّى أهون من هذه القباحة.

٤٣ ـ الزمان من يهود إلى سلمون قريب من ثلاثمائة سنة ، ومن سلمون إلى داود أربعمائة سنة. وكتب متّى في الزمان الأول سبعة أجيال ، وفي الزمان الثاني خمسة أجيال.

١٠٠