أساس البلاغة

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٧

أي أمَرْتُه بما ينبغي له من الخير. قال بِشْرُ بنُ سَلْوَةَ :

ولقد أمَرْتُ أخاكِ عَمْراً أمْرَهُ

فعَصَى وضَيّعَهُ بذاتِ العُجْرُمِ

وقال دُرَيْدٌ :

أمَرْتُهُمُوا أمْرِي بمُنْعَرَجِ اللِّوَى

أي ما ينبغي لي أن أقوله. وأمْرٌ إمْرٌ أي عَجَبٌ. وأتَمَرْتُ ما أمرتَني به : امتثلتُ. وفلانٌ مُؤْتَمِر : مستَبِدّ. يقال : فلان لا يأتَمِرُ رَشَداً أي لا يأتي برَشَدٍ من ذاتِ نَفسِه ؛ قال :

ويَعْدُو على المَرْء ما يأتَمِرْ

وتقول : أمَرْتُهُ فأتَمَرَ. وأبَى أن يأتَمِرَ أي استَبَدّ ولم يَمْتَثِلْ. وتآمَرَ القومُ وأتَمَرُوا مثل تشاوَرُوا واشْتَورُوا. ومُرْني بمعنى أشِرْ عليّ ؛ قال بعضُ فُتّاكِهم :

ألم تَرَ أنّي لا أقُولُ لصَاحِبٍ

إذا قالَ مُرْني أنتَ ما شِئتَ فافعَلِ

ولكنِنّي أفْرِي لَهُ فَأُرِيحُهُ

ببَزْلاءَ تُنْجِيهِ مِنَ الشّكّ فَيْصَلِ

وتقول : فلان بعيد من المِئْمَر قريب من المِئْبَر ؛ وهو المَشُورَة : مِفْعَلٌ من المُؤامرة. والمِئْبَر النّميمة. وهو أميري أي مُؤامِري. وفلانةُ مُطيعةٌ لأمِيرها أي لزوجِها. ورجل إمَّرَةٌ : يقول لكلّ أحد مُرْني بأمْرِك. وأُمِّرَ علينا فلان فنِعْمَ المؤمَّر. وتأمّرَ علينا فحسُنَتْ إمْرَتُه. ولك عليّ أَمْرَةٌ مُطاعَةٌ أي تأمُرُني مرّةً واحدةً فأُطيعُك. واجعَلْه في تأمُورِكَ ، ولقد علم تأمُورُك ذاك ، وهو تفعول من الأمر وهو القلبُ والنّفسُ ، لأنّها الأمّارةُ. وما في الدّارِ تأمُورٌ أي أحد. وقَلّ بنو فلان بَعدَ ما أَمِرُوا أي كَثُرُوا ، وأمَرَهم اللهُ تعالى. وتقول العرب : الشّرّ أَمِرٌ. وفي مثل «مَنْ قَلّ ذَلّ ومَنْ أَمِرَ فَلّ». وتقول : إنّ مالَه لأَمِر وعهدي به وهو زَمِر. ويقولون : ألقى اللهُ في مالِكَ الأَمَرَةَ وهي البركة والزيادة. وأَمَّرَ فلان أَمَارَةً إذا نَصَبَ عَلَماً ؛ قال :

إذا طَلَعَتْ شَمسُ النّهارِ فإنّها

أَمَارَةُ تَسلِيمي عَلَيكِ فسَلّمي

ومن المجاز : مُهْرَةٌ مأمُورَةٌ : كثيرةُ النَّتَاج ، كأنّها أُمِرَتْ بذلك. وقيل لها : كوني نَثُوراً فكانت. وما في الرّكِيّةِ تأمُورٌ أي ماء ، وهذا كما قيل له النفسُ ؛ قال :

أتجعَلُ النّفسَ التي تُدِيرُ

في جِلْدِ شاةٍ ثمّ لا تَسِيرُ

أمس ـ تقول أصْبِحْ سالماً وأمْس (كَأَنْ لَمْ تَغْنَ) بِالْأَمْسِ.

أمع ـ لا يكونَنّ أحدُكم إمَّعَةً.

أمل ـ فلانٌ بَحْرُ المُؤمِّل بَدْرُ المتأمِّل.

أمم ـ ما لَكَ إلّا أُمّكَ وإن كانت أَمَة. وفَدَاه بأُمّيْه : بأُمّهِ وخالَتِه أو جَدّتِه. وهو أُمّيّ ، وفيه أُمّيّةٌ. وأُمّة محمّد خيرُ الأُمم. وخرجوا يَؤُمّون البلد. وذهبوا آمّةَ مكّةَ : تِلْقاءها ؛ وهو إمامُهم ، وهم أئمّتُهم ؛ وهو أحقّ بإمامة المسجد ، وبإمّة المسجد ؛ وهو يَؤُمّ قومَه ، وهو يأتَمّون به. وما طلبتُ إلّا شيئاً أَمَماً. وما الذي ركبتَه بأَمَمٍ : بشيء هَيّنٍ قريب. وأخذتُه من أَمَمٍ : من كَثَبٍ.

ومن المجاز : مَنْ أُمُ مَثْواك؟ وبلغت الشَّجّةُ أُمَ الدّماغِ وهي الجِلدة التي تَجمَعُه. وشَجّةٌ آمّةٌ ومأمُومَةٌ (١). ورجلٌ أَمِيمٌ ، وقد أَمَمْتُه بالعَصا. وما أشبَه مجلسَك بأُمّ النّجوم وهي المَجَرّة لكثرة كواكبها. وهو من أمّهات الخير : من أُصُولِه ومَعادِنِه. وقَوّمَ البِناءَ على الإمامِ وهو الزِّيقُ. وأنشد التَّوَّزِيّ :

وخَلّقْتُهُ حتى إذا تَمّ وَاسْتَوَى

كَمُخّةِ ساقٍ أوْ كَمَتنِ إمَامِ

قَرَنْتُ بحَقْوَيْهِ ثلاثاً فلم يَزِغْ

عن القصْدِ حتى بُصِّرَتْ بدِمامِ

أي دُمّيَتْ من البَصِيرة بما دَمَّهُ أي لَطّخَه ، يعني أنّه نَفَذ في الرّمِيّةِ فتلَطّخَ بالدّم. وحفِظَ الصّبيُ إمَامَه. وأَمَ فلان أمْراً حسناً : قَصَدَه وأرَادَه. وهو أُمّةٌ وحْدَه.

أمن ـ أمِنْتُه وآمَنَنيِه غيري ، وهو في أَمْنٍ منه وأَمَنَةٍ ،

__________________

(١) أنكر ذلك علي بن حمزة وقال انما الآمة الشجة والمأمومة أم الدماغ المشجوجة : (لسان العرب).

٢١

وهو مُؤتَمَنٌ على كذا. وقد ائْتَمَنْتُهُ عليه. (فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ). وبَلّغْهُ مأمَنَه. واستأمَنَ الحَرْبيّ : استَجارَ ودخلَ دارَ الإسلام مُسْتَأمِناً. وهؤلاء قومٌ مستَأمِنَةٌ. ويقول الأميرُ للخائف : لكَ الأمانُ أي قد آمَنتُكَ. (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا) أيْ بمُصدِّقٍ. وما أومِنُ بشيء ممّا يقول أي ما أُصَدّقُ وما أثِقُ. وما أومِنُ أن أجدَ صَحَابَةً ، يقولُه ناوي السّفَرِ أي ما أثِقُ أن أظفَرَ بمن أُرافِقُهُ. وفلان أُمَنَةٌ أي يأمَنُ كلَّ أحَدٍ ويَثِقُ به ، ويأمَنُهُ النّاس ولا يخافون غائِلَتَه. وأمّن على دعائِه. وتقول : رأيتُ جَماعةً مؤمِنِين داعِينَ لَكَ مُؤمِّنِين.

ومن المجاز : فرسٌ أمِينُ القُوَى ، وناقَةٌ أَمُونٌ : قويّةٌ مأمونٌ فُتُورُها ، جُعِلَ الأمْنُ لها وهو لصاحبها ، كقولهم : ضَبُوثٌ وحَلُوبٌ. وأعطيتُ فلاناً من آمَنِ مالي أي من أعَزّه عليّ وأنْفَسِه لأنّه إذا عَزّ عليه لم يَعْقِرْه فهو في أمْنٍ منه. (أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً) ذا أمْنٍ.

أمي ـ يا أَمَةَ اللهِ كما تقول : يا عبدَ اللهِ ، والنّساء إماء الله. وتقولُ المرأةُ : أنا أُمَيّةُ الله ، ويا رَبّ اغفِرْ لأُمَيّتِك الضعيفَةِ ولأُمَيّاتِك الضّعاف. وكانت حُرّةً فَتَأمّتْ.

أنب ـ لا يَنفَعُ فيه تَأنِيبٌ ولا تأدِيبٌ. وكم أنّبُوه وأدّبُوه وعُوتِبَ فيه أُمّه وأبوه. وتقول : بَلَدٌ عَبِقُ الجَنَابِ كأنّما ضُمّخَ بالأَنَابِ وهو المِسْكُ. وأنشد الفَرّاء :

يَعْبَقُ دَارِيُ الأَنَابِ الأدْكَنِ

منهُ بجِلْدٍ طَيّبٍ لم يَدْرَنِ

أنث ـ امرأةٌ مِئْنَاثٌ ، وقد آنَثَتْ. وهذه امرأةٌ أُنْثى للكاملة من النساء ، كما يقال : رجلٌ ذكَرٌ للكامل.

ومن المجاز : رجُلٌ مُخَنَّثٌ مؤنَّث. وسَيفٌ أَنِيثٌ ومِئْنَاثٌ ومِئْنَاثَةٌ. ونزع أُنْثَيَيْهِ ثمّ ضربَه تحتَ أُنْثَيَيْه وهما أُذُناه ، والأُنُوثَة فيهما من جهة تأنيثِ الاسْم. ويقال : أَنّثْتَ في أمْرِكَ تأنيثاً : لِنْتَ ولم تَشَدّدْ. وأرْضٌ أَنيثَةٌ : بَيّنَةُ الأَنَاثَةِ ، دَمِيثَةٌ : بَيّنَةُ الدّمَاثَةِ.

أنح ـ البخيلُ أَنوح على مالِه يَنُوح ؛ وهو الذي يأنِحُ إذا سُئِلَ أي يَزْفِر. وفي الحديث : «رأى رجُلاً يأنِحُ ببَطْنِه» ؛ وأنشد النَّضْرُ :

يَهُمّونَ لا يَسْطيعُ أحْمالَ ثِقْلِهِم

أَنُوحٌ ولا جَاذٍ قَصِيرُ القَوَائِمِ

أنس ـ لقيتُ الأَناسِيّ فلا مِثْلَ له ولا سِيّ. وأَنِسْتُ به واستَأنَسْتُ به وأنِسْتُ إليه واستأنَستُ إليه. قال الطرِّمّاح :

كلّ مُستَأنِسٍ إلى الموْتِ قد خَا

ضَ إلَيهِ بالسّيف كلَّ مَخَاضِ

وقال آخر :

إذا غابَ عَنها بَعْلُها لم أكُنْ لهَا

زَؤوراً وَلم تَأنَسْ إليّ كِلابُها

ولي به أُنْسٌ وأَنَسَةٌ. وإذا جاء الليل استأنَسَ كلُّ وَحشِيّ واستَوْحشَ كلُ إنْسِيّ. وهذه جارية آنِسَةٌ من جَوارٍ أوَانِسَ وهيَ الطيّبةُ النفس المحبوبُ قُرْبُها وحديثها. وفلانٌ جليسي وأنيسِي. وما بالدّار أنِيسٌ ، وهو مَنْ يُؤنَسُ به. وأين الأَنَسُ المقيمُ؟ وعَهِدْتُ بها مأنَساً ، ومكان مأنُوسٌ : فيه أُنْسٌ كقولك مأهُولٌ : فيه أهْلٌ ؛ قال جرير :

حَيِّ الهِدَمْلَةَ من ذاتِ المَوَاعِيسِ

فالحِنْوُ أصْبَحَ قَفْراً غيرَ مأنُوسِ

وكلبٌ أَنُوسٌ : نَقِيضُ عَقُورٍ ، وكلابٌ أُنُسٌ : غيرُ عُقر. وآنَسْتُ ناراً ، وآنَسْتُ فَزَعاً ، وآنَستُ منه رُشْداً. واستأنَسَ له وتأنّسَ : تَسَمّع. والبازي يتأنّس إذا جلّى ونظرَ رافعا رأسه طامِحاً بطَرْفه.

ومن المجاز : هو ابن إنْسِ فلانٍ لخليله الخاصّ به. ويقال : كيف ترى ابنَ إنْسِكَ وإنْسَكَ أي نفسَكَ. وباتَتِ الأنيسَةُ أنيسَتَه أي النّارُ ، ويقال لها : المُؤنِسَةُ. ولَبِسَ المُؤنِساتِ أي الأسلحةَ لأنّهنّ يُؤنِسنَه ويُطأمِنّ قَلْبَه. وتَخَيّرْتُ من كتابه سُوَيْداوَاتِ القلوبِ وأناسِيَ العُيُون. وكتب بإنْسِيّ القَلَمِ. وإنسِيُ الدّابةِ ووَحْشِيّها فيهما اخْتِلافٌ.

أنض ـ لَحْمٌ أَنِيضٌ : فيه نُهُوءَةٌ. وقد أَنُضَ أَنَاضَةً.

٢٢

أنف ـ أرغَمَ أُنُوفَهُم ، وآنُفَهُم. ونَفّسْتُ عن أَنْفَيْه أي مَنْخَرَيه ؛ قال مُزاحمٌ :

يَسُوفُ بِأَنْفَيْهِ النِّقَاعَ كَأنّهُ

عنِ البَقْلِ من فَرْطِ النّشاطِ كَعِيمُ

وامرأةٌ أَنُوفٌ : طيّبةُ الأنفِ. وتزوّج أعرابيّ فقال : وجدتُها رَصُوفاً رَشُوفاً أَنُوفاً. ومن المشتقّ منه : فيهم أَنَفَةٌ وأَنَفٌ ، وقد أَنِفَ من كذا. ألا ترى أنّهم قالوا الأَنَفُ في الأَنْفِ. والمؤمِنُ كالجَمَلِ الأَنِفِ وهو الذي أوجعَتْ أَنْفَه الخِزَامَةُ.

ومن المجاز : هو أَنْفُ قومِه ، وهم أَنْفُ النّاسِ ؛ قال الحُطَيْئَةُ :

قَوْمٌ همُ الأَنْفُ والأدنابُ غيرُهُمُ

وأنفُ الجبَلِ وأنفُ اللّحيَةِ ، وَعَدا أنْفَ الشَّدّ (١) ، وهذا أنْفُ عَمَله. وسارَ في أنفِ النهار ، وكان ذلك على أنْفِ الدهر ، وخرجتُ في أنْفِ الخَيْلِ. ومن المشتقّ منه : كَلأٌ ومَنْهَلٌ وكأسٌ أُنُفٌ ؛ قال الحطيئة :

ويَحْرُمُ سِرُّ جارتهم عَلَيهِم

ويأكُلُ جَارُهم أُنُفَ القِصَاعِ

وجاريةٌ أُنُفٌ : لم تُطْمَثْ ؛ وقال طُريحٌ الثّقَفيّ :

أيّامَ سَلْمَى غَرِيرَةٌ أُنُفٌ

كأنّها خُوطُ بَانَةٍ رُؤُدُ

وأتيتُه آنِفاً. ومضَتْ آنِفَةُ الشّباب. وهو يتأنّفُ الإخوانَ أي يطلبُهم آنِفِينَ لم يُعاشِروا أحَداً. واستأنَفَ الشيءَ وائتنَفَه. ونَصْلٌ مُؤنَّفٌ : مُحَدَّدٌ. وفلانٌ يتبعُ أنْفَه أي يتشمّم ؛ قال :

وجاء كمِثْلِ الرّألِ يَتْبَعُ أنْفَهُ

لخُفّيْهِ من وَقْعِ الصّخورِ قَعاقِعُ

أنق ـ هو شِبْهُ الأَنُوق في القَدْرِ والمُوق. وهذا شيء أنيقٌ وآنِقٌ ومُونقٌ. ورأيْتُ له حُسناً وأَنَقاً وبهاءً ورَوْنَقاً. وقد آنَقَني بحُسْنِه. وقد أَنِقْتُ به أي أُعْجِبتُ ، ولي به أَنَقٌ. وتأنّقَ في الرّوْضَة : وقع فيها متتبّعاً لما يُونِقُه. وعن ابن مسعود رضي‌الله‌عنه : إذا وقعتُ في آل حم وقعتُ في رَوْضاتٍ دَمِثَاتٍ أتأنّقُ فيهنّ. وعن محمّد بن عُمَير : ما من عاشِيَةٍ أشَدّ أَنَقاً ولا أَبْعَدَ شِبَعاً من طالبِ العِلْمِ. أراد بالأَنَقِ التأنُّقَ.

ومن المجاز : تأنّقَ في عَمَله وفي كلامه : إذا فَعَل فِعْلَ المُتَأنّق في الرّياض ، من تتبُّع الآنَقِ والأحْسَنِ.

أنم ـ لو رزقَنا اللهُ عدلَ سلطانِه لأنامَ أنَامَه في ظلّ أمانِه.

أنن ـ أنّ المريضُ إلى عُوّادِه. وما له حانّةٌ ولا آنّةٌ وهما النّاقةُ والشّاةُ. وفلان مَئِنّةٌ للخير ومَعْسَاةٌ : من إنّ وعَسَى أي هو موضِعٌ لأن يُقال فيه. إنّه لخَيِّرٌ وعسَى أن يفعَلَ خيراً. وتقول : فلانٌ للخَيرِ مئِنّه وللفضْلِ مَظِنّه. وقال ابن الزَّبير لابن الزُّبَير : لعنَ اللهُ ناقةً حَمَلَتني إليك ، فقال :

إنّ وراكِبَها ؛ وقال :

فقلتُ سَلامٌ قُلْنَ إنّ ومِثْلَهُ

عَليكَ فقد غابَ اللّذُونَ تُرَاقِبُ

يعني الوُشاةَ. ولا أفعلُ ذلك ما أنَ في السماء نجمٌ وما أنّ في الفُراتِ قَطْرَةٌ أي ما ثَبَتَ أنّه في السماء نجمٌ ، وإنّما جاز ذلك في هذا الكلام لأنّ حُكْمَ الأمثال حُكْمُ الشعر.

أني ـ انتظرْنا إنَى الطعام أي إدْراكَه. وبلغتِ البُرْمَةُ إنَاهَا. (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ). يقال أنَى الطّعامُ أَنًى وإنًى ، وحَمِيمٍ آنٍ ، وعَيْنٍ آنِيَةٍ : قد انتهَى حَرّهما. وهو يقوم آناء الليل أي ساعاته. وأمَا أنَى لك وأ لمْ يأنِ لك أن تفعلَ. وإنّه لَذُو أنَاة ورِفْقٍ ؛ قال النابغة :

الرّفْقُ يُمْنٌ والأَنَاةُ سَعَادَةٌ

فَتَأنَ في رِفْقٍ تُلاقِ نَجَاحَا

وامرأةٌ أَنَاةٌ : فَتُورٌ ، ونساء أَنَواتٌ. وتأنّى في الأمرِ واستأنَى. يقال : تأنَ في أمرك واتّئِدْ. قال حارِثَةُ بنُ بَدْر (١) :

اسْتَأنِ تَظْفَرْ في أُمُورِكَ كلّها

وإذا عَزَمْتَ على الهَوَى فَتَوَكّلِ

__________________

(١) الشد : العدو ، يريد عدا أشد العدو.

(١) هذا البيت من قصيدة مشهورة لعبد القيس بن خفاف البرجمي مطلعها :

سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً

وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ

فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى

برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ)

٢٣

واستأنَى في الطعام : انتظَرَ إدراكَه. واسْتَأنَيْتُ فلاناً : لم أُعْجِلْهُ. واستأنَى به : رَفَقَ به. ويَستأني بالجِراحة : ينتظرُ مآلَ أمرِها ؛ قال ابن مُقْبِل :

وقوْم بأيْديهِمْ رِمَاحُ رُدَيْنَة

شَوَارِعُ تَسْتَأني دَماً أوْ تَسَلَّفُ

تَنتَظِرُه أو تتعجّلُه. وآنَيتُ الأمرَ : أخّرتُه عن وقتِه. يقال : لا تُؤنِ فُرْصَتَك ؛ وقال الحُطَيئَةُ :

وآنَيْتُ العِشاء إلى سُهَيْلٍ

أوِ الشِّعْرَى فطَالَ بيَ الأنَاءُ

أوب ـ تَهْنِئُكَ أوْبَةُ الغائب. وفلانٌ أوّاهٌ أوّابٌ تَوّابٌ أي رَجّاعٌ إلى التوبة. وآبتِ الشمسُ : غابت. وفي الحديث : «شَغَلونا عن الصلاةِ الوُسْطَى حتى آبَتِ الشمسُ ملأ اللهُ قلوبَهم نَاراً». وغابَتِ الشمسُ في مآبِها أي في مغربِها. وآبَ بيده إلى سيفه ليَسْتَلّه ، وإلى سَهمِه ليرْميَ به ، وإلى قَوْسِه ليَنْزِعَ فيها. وأوّبوا تأويباً : ساروا النهارَ كلّه. ولهم إسْآدٌ وتأويبٌ. وما أعْجَبَ أَوْبَ يَدَيْها أي رَجْعهما في السّير. ويقال للمُسرع في سَيرِه : الأَوْبُ أَوْبُ نَعامَةٍ ؛ وقال كَعْب :

كأنّ أَوْبَ ذِرَاعَيْها إذا عَرِقَتْ

وقد تَلَفّعَ بالقُورِ العَسَاقِيلُ

أَوْبُ يدَيْ فاقِدٍ شَمطاءَ مُعوِلَةٍ

ناحَتْ وجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ

وهذا كَلامٌ ليسَ له آيِبَةٌ ولا رائحةٌ أي مرْجُوعٌ وفائدةٌ. وأُبْتُ بني فلان ، وتأوّبْتُهم : جئتُهم ليلاً. قال امرؤ القيس :

تَأوّبَني الدّاءُ القَديمُ فَغَلّسَا

أُحاذِرُ أنْ يَرْتَدّ دائي فأُنْكَسَا

وآبَكَ ما رَابَكَ دُعاء سُوء. وتقول لمنْ أمرْتَه بخُطّةٍ فعَصَاك ثمّ وقع فيما يَكْرَه آبَكَ أي آبَكَ ما تكرَه. قال رجل من بني عُقَيل :

أخَبّرْتني يا قلبُ أنّكَ ذو غَرًى

بلَيْلى فَذُقْ ما كنتَ قَبلُ تَقُولُ

فآبَكَ هَلّا واللّيالي بِغِرّةٍ

تُلِمّ وفي الأيّامِ عَنْكَ غُفُولُ

وجاؤوا من كلّ أوْبٍ أي من كلّ وجْهٍ ومَرْجع. ورَمَينا أَوْباً أو أَوْبَين وهو الرِّشْقُ ، وهما شاطئا الوادي وأَوباه. وكنتُ على صَوْبِ فلانٍ وأَوْبِه أي على طريقته ووجهِه. وما يُدْرَى في أيّ أَوْبٍ هو. وما زالَ هذا أَوْبَه أي طريقتَه وعادتَه.

أود ـ آدَهُ الحِمْلُ أي أثقَلَه. وآدَتِ الخيلُ الأرضَ بكثرتها. وآدَ العُودَ : اعتَمَدَ عليه فثَنَاه ، وانآدَ : انْغَطَفَ. وتقول : رجعتُ منه بالداهية النّآد وبالصُّلب المُنْآد. وأَوِدَ الشيءُ وتأوّد وفيه أَوَدٌ أي عِوَجٌ.

ومن المجاز : آدَني هذا الأمرُ : بلَغَ مني المجهُودَ والمشَقّة. وآد الفَيْءُ انثنى ورجَع ، وآدَ العَشِيُ ؛ قال المُرَقِّشُ :

والعَدْوَ بَينَ المَجْلِسَينِ إذا

آدَ العَشِيُّ وتَنادَى العَمّ (١)

أور ـ لَفَحني أُوارُ النارِ ، وأُوَارُ الشمس ، ومررتُ بتَنّورٍ فَلَفَحني بأُوَارِه.

ومن المجاز : كادَ يُغْشَى عليه من الأُوَارِ وهو العَطَش ، كما قيل له الحَرّةُ ؛ قال :

ظَلِلنْا نَخْبِطُ الظَّلْماء ظُهْراً

لَدَيْهِ والمَطيُّ بهِ أُوَارُ

جَوّعَهم حتى أظلَمَتْ أبصارُهم ، فكأنّهم ظُهراً في لَيلٍ مُظْلِم. ورَجُلٌ أُوَارِيّ : شديدُ العطش.

أوس ـ آسَهُ أوْساً وإياساً ، كقولك عاضَهُ عَوْضاً وعِياضاً. تقول : بِئسَ الإيَاس بِلالٌ من إياس ؛ أراد بِلالَ بنَ أبي بُرْدَةَ وإياسَ بنَ مُعاوية بنِ قُرّةَ. واسْتآسَني فأُسْتُه. قال الجَعْديّ :

ثَلاثَةُ أهْلِينَ أفْنَيْتُهُمْ

وكانَ الإلَهُ هوَ المُسْتَآسَا

أوق ـ ألقى عليه أَوْقَه وركب فوْقَه أي ثِقْلَه.

__________________

(١) العم : جماعة الناس. وتنادوا : تجالسوا في النادي.

٢٤

أول ـ آلَ الرّعِيّةَ يَؤولُها إيالَةً حسَنَةً ، وهو حسنُ الإيالَةِ ، وأتالَها وهو مُؤتَالٌ لقومه مِقْتَالٌ عليهم أي سائِسٌ مُحْتَكِم. قال زِيادٌ في خطبته : قد أُلْنَا وإيلَ علينا أي سُسْنَا وسِسْنَا ، وهو مثَلٌ في التجارب ؛ قال الكُمَيتُ :

وقد طالَمَا يا آلَ مَرْوَانَ أُلْتُمُ

بلا دَمَسٍ أمْرَ العُرَيْبِ ولا غَمْلِ (١)

وهو آيلُ مالٍ. وأوّلَ القرآنَ وتأوّلَه. وهذا مُتَأوَّلٌ حسنٌ : لطيفُ التأويلِ جِدّاً. قال عبدُ الله بنُ رَوَاحَةَ رضي الله تعالى عنه :

نحنُ ضَرَبناكم على تَنْزِيلِهِ

فاليَوْمَ نَضرِبكمْ على تأْويلِهِ

ضَرْباً يُزِيلُ الهَامَ عَن مَقِيلِهِ

ويُذْهِلُ الخَليلَ عن خَليلِهِ.

وتقول جملٌ أوّلٌ وناقَةٌ أوّلَةٌ إذا تَقَدّما الإبلَ. ويقال أوّلَ الحُكْمَ إلى أهلِه : ردّه إليهم. وفي الدّعاء للمُضِلّ : أوّلَ اللهُ عليك أي ردّ عليك ضَالّتَك. وخرج في أوائل الليل وأُولَيَاتِه.

ومن المجاز : فلان يَؤولُ إلى كَرَم ، وما لَكَ تَؤولُ إلى كَتِفَيك إذا انضمّ إليهما واجتَمَع. وطَبَخْتُ الدواء حتى آلَ المَنّانِ منه إلى مَنّ واحد. وتقول : لا تُعَوِّلْ على الحسب تعويلاً فتقوى الله أحسنُ تأويلاً أي عاقبةً. وتأمّلْتُه فتأوّلْتُ فيه الخيرَ أي تَوَسّمْتُه وتَحَرّيْتُه. وحُمِلَ على الآلةِ الحَدْباء وهي النعشُ.

أوم ـ في جَوْفه أُوَامٌ وأُوَارٌ وهو حرارَةُ العطش. ودعا جَريرٌ إلى مُهاجاتِه رجلاً من كُلَيب ، فقال الكليبيّ : إنّ نسائي بآمَتِهنّ ولم تدَعِ الشعراءُ في نِسائِك مُتَرَقَّعاً. يعني أنّ نساءه سَليماتٌ من الهجاء فلا أُعَرّضُهُنّ له ونساؤك مَهْجُوّاتٌ. يقال : فلانَةُ بآمَتِها أي بعُذْرَتِها.

أون ـ هو يفعل ذلك آوِنَةً بَعْدَ آوِنَةٍ ، وأنا آتيه آوِنَةً بَعْدَ آوِنَةٍ. وعن النّضْرِ : الآنُ آنُكَ إن فعلْتَ. وامشِ على الأَوْنِ وهو الرُّوَيْدُ من المشي ، عن الأصمَعيّ. وأُنْ على نفسِك أي ارفُقْ. وعن بعض العرب : أُونوا في سَيركم شيئاً. ويقال : على رِسْلِكَ وأَوْنِكَ وهَوْنِكَ ؛ قال :

غَيّرَ يا بِنْتَ الجُنَيْدِ لَوْني

مَرُّ اللّيالي واختِلافُ الجَوْنِ

وسَفَرٌ كانَ قَليلَ الأَوْنِ

وبيننا وبين مكّة ثلاثُ لَيالٍ أوَائِنَ وآئِنَاتٍ. وكان في إيَوانِ كِسَرى ، والإيوانُ والإوَانُ بيتٌ مُؤزَّجٌ (١) غيرُ مَسدود الوجه ، وكلّ سِنادٍ لشيء فهو إوَانٌ له.

أوه ـ تَأوّهَ من خشيةِ الله تعالى. وفلانٌ مُتَألِّهٌ مُتَأوِّهٌ.

أوي ـ اللهمّ آوِني إلى ظِلّ كَرَمِك وعفوِك. وتقول : أنا أهْوِي إلى مَعاقِلِك هُوِيّا وآوِي إلى ظِلالِكَ أُوِيّا. وما لفلان امرأةٌ تُؤوِيه. وقال ابن عبّاس للأنصار رضي‌الله‌عنهم : بالإيوَاء والنّصْرِ ألّا جَلَسْتمْ. وأنتم مأوَى المَحاويج. وتألّبُوا عليّ وتآوَوْا ثمّ شَنّعوا عليّ وتَعاوَوْا. وأوَيْتُ عن كذا إذا تركتَه ، وأوَيْتُ لفلان : رَثَيْتُ له أيّةً ومأوِيَةً ؛ قال :

ولو أنّني اسْتَأوَيْتُهُ ما أوَى لِيَا

وتقول : وَجَدَني يَتيماً فآوَى وشهّرَني وأنا أخْمَلُ من ابنِ آوَى.

أهب ـ أخَذَ للسّفَرِ أُهْبَتَه وتأهّبَ له. وبنو فلانٍ جاعوا حتى أكلوا الأُهُبَ. وكاد يخرجُ من إهابِه في عَدْوِه ؛ قال أبو نُوَاسٍ في طَرَدِيّاتِه :

تَرَاهُ في الحُضْرِ إذا هَاهَا بِهِ

كأنّما يَخْرُجُ مِن إهَابِهِ

أهل ـ رجعوا إلى أهاليهم. وفلانٌ أهْلٌ لكذا وقد اسْتَأهَلَ لذلك وهو مُستأهِلٌ له ، سمعتُ أهلَ الحجاز يستعملونه استعمالاً واسعاً. ومكانٌ آهلٌ ومأهولٌ. وأهَلَ فلانٌ أُهُولاً ، وتأهّلَ : تزوّجَ ، ورجُلٌ آهِلٌ. وفي الحديث : «أنّه أعطى العَزَبَ حَظّاً وأعطَى الآهِلَ حَظّين». وآهَلَكَ اللهُ في الجنّة إيهالاً : زوّجك. «ووُشْكَانَ (٢) ذا إهالَةً»

__________________

(١) دمس : اسم لما غطي. والعريب مصغر عرب. والغمل مصدر غمل الأمر يغمله : ستره وواراه.

(١) مؤزج : مرتفع بناؤه.

(٢) وشكان : اسم فعل كسرعان ، وهو مثل يضرب للشيء يأتي قبل حينه.

٢٥

وهي الوَدَكُ ، وكلٌ (١) من الأدْهانِ يؤتَدَمُ به كالخَلّ والزّيتِ ونحوِهما ، واستَأهَلَها : أكَلَها ؛ قال حاتم :

قلتُ كُلي يا مَيّ وَاسْتَأهِلي

فإنّ ما أنْفَقْتِ مِنْ مالِيَهْ

وثريدةٌ مأهولَةٌ. تقول : حَبّذَا دارٌ مأهُولَةٌ وثريدةٌ مأهُولَةٌ.

أيي ـ (٢) ما هي بدارِ تَئِيّةٍ أي تَمَكُّث. يقال : أَيّيْتُ بالمكان وتأيّيْتُ به ؛ قال زُهَير :

وعلِمْتُ أنْ لَيسَتْ بدارِ تَئِيّةٍ

فكَصَفْقَةٍ بالكَفّ كانَ رُقادي

وكأنّما ألقت عليه الشّمسُ أَيَاتَها أي شُعَاعَها.

أيد ـ رجلٌ أيِّدٌ وذو أيْدٍ ، ورفع الله السماء بأيْدِه ، وكان ابنُ الحَنَفِيّةِ أَيِّداً ؛ وقال الجَعْدِيّ :

أيِّدِ الكاهِلِ جَلْدٍ بازِلٍ

أخْلَفَ البَازِلَ عاماً أوْ بَزَلْ

وقد آدَ وتَأيّدَ ؛ قال امرؤ القيس يصفُ النّخلَ :

فأثّتْ أعَالِيهِ وآدَتْ أُصُولُهُ

ومالتْ بقِنْوَانٍ من البُسرِ أحمرَا (٣)

وأيّدَ الحائِطَ بإيَادٍ. وكَرّ على إيَادَيِ العسكَرِ وهما جَناحاه. قال العَجّاجُ :

بذي إيَادَيْنِ لُهَامٍ لَوْ دَسَرْ

برُكْنِهِ أرْكانَ دَمْخٍ لا نقَعَر (٤)

وأتَى بعَنْقَفِيرٍ مُؤيِدٍ (٥).

ومن المجاز : إنّه لأَيِّدُ الغَدَاء والعَشَاء إذا كان حاضراً كثيراً ، وقد آدت ضِيافتُه ؛ قال يصفُ امرأةً مِضْيافَةً :

رَأيْتُكِ للزُّوّارِ كالمَشْرَبِ الّذِي

إذا عَطِشُوا يَوْماً فمَنْ شاء أوْرَدَا

جُذَامِيّةٌ آدَتْ لها عَجْوَةُ القُرَى

وتَخْلِطُ بالمأقُوطِ حَيْساً مُجَعَّدَا

أيض ـ آضَ سَوادُ شعرِه بياضاً وفَعَلَ ذلك أيضاً.

أيك ـ فلان فرْعٌ من أيكة المجد. وتقول : كَذّبَ صاحبُ مُلَيْكَه كما كَذّبَ أصحابُ الأيْكَه.

أيم ـ الحربُ مأيَمَةٌ مَيْتَمَةٌ. وتركوا النّساء أيَامَى والأولاد يَتَامَى. وفي المَثَل : «كُلُّ ذاتِ بَعْلٍ سَتَئِيمُ». وقد آمَتْ أَيْمَةً وتَأيّمَتْ ، ورجلٌ أَيِّمٌ : طالَبْ عُزُوبَتُه. وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يَتَعَوّذُ من الأيْمَةِ. قال :

ما للسَّرَنْدَى أطالَ اللهُ أَيْمَتَهُ

خَلّى أبَاهُ بِغُبرِ البِيدِ وَادّلجَا

وتَأيّمَ الرجلُ ؛ قال :

فإنْ تَنْكِحي أنْكِحْ وإن تَتأيّمي

يَدَ الدّهْرِ ما لمْ تَنْكِحي أتَأيّمِ

وتقول : هي أَيِّمٌ ما لها قَيّمٌ. وأَيَّمَ امرأتَه : جعلها أيّماً ؛ وأنشد أبو عمرو :

يضرِبُ رَأس البَطَلِ المُدَجَّجِ

بصَارِمٍ مُؤيِّمٍ مُزَوِّجِ

وأنشد :

وعِرْسَكَ أَيَّمْتَها والبَني

نَ أيْتَمْتَ والغَزْوُ من بالِكَا

أين ـ آن وقتُكَ بمعنى حَانَ. وأمَا آنَ لك أن تفعل. ووجَفَتِ الإبِلُ على الأَيْنِ أي على الإعْيَاء. وتقول : أينَ منها الأَينُ؟ وقال :

أقولُ للمَرّارِ والمُهاجِرِ

إنّا ورَبِّ القُلُصِ الضّوَامِرِ

أي أعْيَيْنا من الأَيْنِ. ومن أَين لك هذا؟ وأيّانَ ترجع بمعنى متى.

أيه ـ أيّهْتُ به إذا صِحْتَ به. وإيهِ حَديثاً : اسْتِزَادَةٌ. وإيهاً لا تُحَدِّثْ : كُفّ ؛ قال ذو الرُّمّة :

وقَفْنَا فقُلْنا إيهِ عَنْ أُمّ سالِمٍ

وكَيفَ بتَكْليمِ الدّيارِ البَلاقِعِ

__________________

(١) هكذا بالأصل وعبارة اللسان وكل شيء من الأدهان الخ.

(٢) وضع المؤلف رحمه‌الله هذه المادة في أول فصل الهمزة مع الياء وحق الترتيب أن توضع آخره.

(٢) وضع المؤلف رحمه‌الله هذه المادة في أول فصل الهمزة مع الياء وحق الترتيب أن توضع آخره.

(٣) فأثت : عظمت والتفت.

(٤) دمخ : جبل.

(٥) بعنقفير مؤيد : بداهية شديدة.

٢٦

ب

بأبأ ـ هو ابنُ بَجْدَتِها ، وبُؤبُؤها ؛ قال رجلٌ من قُرَيش :

ومَنْ يَبِتْ والهمومُ قادِحَةٌ

في صَدْرِهِ بالزِّنَادِ لم يَنَمِ

جَرَّبْتَ ذا الدّهْرَ أنتَ بُؤبُؤهُ

لَسْتَ بِعَيّابَةٍ وَلا بَرَمِ

وفلانٌ في بُؤبُؤ المجدِ أي في مُصاصِه. وهو أعزُّ عليّ من بُؤبُؤ عَيني وهو إنسانُها.

بأر ـ الفاسِقُ مَنِ ابْتَأرَ والفُوَيْسِقُ مَنِ ابْتَهَرَ. يقال : ابْتَأرْتُ الجارية إذا قالَ فعلتُ بها وهو صادِقٌ ، وابتَهَرْتُها إذا قال ذلك وهو كاذبٌ ؛ وأنشد الكُمَيْتُ :

قَبيحٌ بمثليَ نَعْتُ الفَتَا

ةِ إمّا ابْتِهاراً وإمّا ابتِئَارَا

بأس ـ فلانٌ ذو بأسٍ ، وشُجاعٌ بَئِيسٌ ، وقد بَؤُسَ. وبَؤسَ بَعد غِناهُ : افتقَر فهو بَائِسٌ. ووقع في البُؤسِ والبأساء. وفي أمرٍ بَئِيسٍ : شديدٍ. وابْتأسَ بذلك إذا اكتَأبَ واسْتَكانَ من الكآبَة (فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ). قال حَسّانٌ :

ما يَقْسِمِ اللهُ أقْبَلْ غَيرَ مُبْتَئِسٍ

منهُ وأقْعُدْ كَريماً ناعِمَ البَالِ

بأل ـ هو ضَئيلٌ بَئِيلٌ ، وقد ضَؤُلَ وبَؤُلَ ، وما به تَعِبَ من الضُّؤولة والبُؤولة.

بأو ـ هو يَبْأى على أصحابه بَأواً شديداً إذا زُهيَ عليهم وافتَخَرَ. وإن فيه لَبَأواً وزَهْواً ؛ قال حاتم :

فَما زَادَنَا بأواً على ذي قَرَابَةٍ

غِنَانَا ولا أزْرَى بأحْسابِنا الفَقْرُ

وأنشد الأصمَعيّ :

متى تَبأى بقَوْمِكَ في مَعَدّ

يَقُلْ تَصْديقَكَ العلماءُ جَير

بتت ـ بَتّ عليه القضاءَ وبَتّ النّيّةَ : جَزَمَها وسَاقَ دابّتَه حتى بَتّها ، وبَتّهُ السّفَرُ. وسكران ما يَبُتُ ويَبِتّ ، وهذه صدَقَةٌ بَتّةٌ بَتْلَةٌ. وخُذْ بَتَاتَك أي زَادَك. وأنا على بَتَاتِ الأمر إذا أشْرَفَ عليه. قال أبو محمّد الفَقْعَسِي :

وحاجَةٍ كُنتُ على بَتَاتِها

وسارَ حتى انْبَتّ أي انقطع. وانْبَتّ الرّجلُ : انقطع ماؤهُ من الكِهَر ؛ قال :

لقد وَجدْتُ رَثْيَةً من الكِبَرْ

عندَ القِيام وانْبِتاتاً بالسَّحَرْ

بتر ـ ما هم إلّا كالحُمُر البُتْرِ. ولَيْتَهُ أعارَنا أبْتَرَيْه وهما عَبْدُهُ وعَيْرُهُ لقِلّةِ خَيرِهما. وطَلعَتِ البُتَيراءُ وهي الشّمْسُ في أوّل النهار. وخَطَبَ زِيادٌ خُطْبَتَه البَترَاء

٢٧

وهي التي ما حَمِدَ فيها ولا صلّى. ورجلٌ أُباتِرٌ : قاطعُ رَحِمٍ ؛ قال أبو الرُّبَيْس :

شَدِيدُ وِكاء الوَطْبِ ضَبُّ ضَغِينَةٍ

على قَطْعِ ذِي القُرْبَى أحَذُّ أُبَاتِرُ

بتك ـ بَتَكَ الحَبْلَ ، وسَيفٌ باتِكٌ وبَتُوكٌ. وخرجَ إلى تَبُوك ومعه سيفٌ بَتُوك. وانفَلَتَ منه الطائرُ وفي يده بَتْكَةٌ وبِتْكَةٌ من ريشه ؛ قال زُهَير :

حتى إذا ما هَوَتْ كَفُّ الغُلامِ لهَا

طارَتْ وَفي كَفّه من رِيشِها بِتَكُ

بتل ـ تَبَتّلَ إلى الله ، وهو مُتَنَسِّكٌ مُتَبَتِّلٌ. وبَتِّلْ عملَك لله : أخْلِصْهُ من الرّياء والسُّمْعَةِ وأفْرِدْه عن ذلك. وبَتّلَ العُمْرَةَ : أوْجَبَها وحدَها ، وعُمْرَةٌ بَتْلاء. وامرأةٌ مُبَتَّلَةٌ : لم يَتَرَاكَبْ لحمُها كأنّ اللّحمَ بُتّلَ عنها. وخَصْرٌ مُبَتَّلٌ وبَتِيلٌ. تقول : لها ثَغْرٌ مُرَتَّل وخَصرٌ مُبَتَّل ؛ وقال ابنُ الطَّثَرِيّة :

عُقَيْلِيّةٌ أمّا مَلاثُ إزَارِها

فَدِعْصٌ وَأمّا خَصرُها فبَتِيلُ

وطَلّقَها بَتّةً بَتْلَةً. وقيل لمريَمَ عليها‌السلام العَذْراء البَتولُ ، لانقِطاعِها عن الأزواج. ثمّ قيل لفاطِمةَ تَشبيهاً بها في المنزِلة عند الله : البَتُولُ.

بثث ـ بَثّوا الخَيلَ في الغارَةِ ، وبَثّ كِلابَهُ على الصّيدِ ، وخلقَ اللهُ الخَلْقَ فبَثّهُم في الأرض. وبَثّ المتاعَ في نَواحي البيتِ إذا بَسَطَه ، وبُثّتِ البُسُطُ (وَزَرابِيُ مَبْثُوثَةٌ). وتَمْرٌ بَثٌ ومُنْبَثٌ : متفرّقٌ غيرُ مَكْنُوزٍ ، وانْبَثّ الجَرَادُ في الأرض.

ومن المجاز : بَثَثْتُه ما في نَفسي أبُثُّهُ ، وأبثَثْتُه إيّاه ، وباثَثْتُه سِرّي وباطنَ أمْري إذا أطلَعْتَهُ عليه ؛ قال ذو الرُّمّة :

وأسقيه حتى كادَ ممّا أبُثُّهُ

تُكَلّمُني أحْجَارُهُ ومَلاعِبُهْ

وكانتْ بَيْنَنا مُباثّةٌ ومُنافَثَةٌ. وبَثّ الخَبَرَ في البلد وبَثّثَه وبَثْبَثَه ، وقد انبَثّ هذا الخبرُ. وسمعتُ من يقول : الرّوحُ في القلبِ على سبيلِ الرَّكْزِ وفي غيره على سبيل الانبِثَاثِ.

بثر ـ خرجتْ به بَثْرَةٌ فعَصَرَها فنَغِرَتْ عليه (١). وبجلده بَثْرٌ شَتّى وبُثُورٌ ، وبَثُرَ وبَثَرَ وبَثِرَ جِلْدُه وتَبَثّر. وله من المال كثيرٌ بثِيرٌ.

بثق ـ انْبَثَقَ عليهم الماء إذا خرق الشّطّ أو كَسَرَ السِّكْرَ فجرى من غير فَجْرٍ ، وبَثَقْتُهُ أنا أبْثُقُه بَثْقاً ، وقد سَدّوا البَثْقَ والبِثْقَ وهو المكان المكسور ، فَعْلٌ بمعنى مفعول ، أو تسمية بالمصدر كالضرب والصيد. وهؤلاء أهل الوُثُوق في سدّ البُثُوق.

ومن المجاز : انْبَثَقَ عليهم بنو فلان إذا أقْبَلُوا عليهم ولم يَظُنّوا بهم ، وانبَثَقَ علينا فلانٌ بالشّرّ وانْبَعَقَ بكلام السّوء.

بثن ـ أخْصَبَتِ الأرضُ وصارَتْ بَثَنِيّةً وعَسَلاً وهي حِنْطَةٌ موصوفةٌ. سمعتُ شامِيّاً يصفُها بالحُمرة ويقول : قَمْحُ الشّامِ أنْوَاعٌ : منه البَثَنيّ ، والكَيُّونُ ، والحُسَيِّنُ ، والهُوَيْدِيّ ، والنّاقُونَسِيّ ، والشَّيْلُونيّ ، والسَّوَادِيّ. وقيل هي الزُّبْدَة. وسُمّيَت المرأةُ بُثَيْنَةَ كما سُمّيَتْ زُبَيْدَةَ.

بجج ـ ضربه فشجّه وطعنه فبَجّه ، إذا وَسّعَ الطّعْنَة. ورجلٌ أبَجّ العين كقولهم : مَضْرُوجُ العَينِ إذا اتّسَع شَقُّها. قال ذو الرُّمّة :

ومُخْتَلَقٍ للمُلْكِ أبيَضَ فَدْغَمٍ

أشَمَ أبَجِ العَينِ كالقَمَرِ البَدْرِ (٢)

وامرأةٌ زَجّاء بَجّاء. وفلانٌ فَجْفَاجٌ بَجْبَاجٌ ، أي نَفّاجٌ (٣) مِهْذَارٌ. وتقول العرب : أقْصِرْ من بَجَابِجِك قليلاً.

ومن المجاز : قولهم للماشية : قد بَجّها الكلأ إذا فَتَق خَوَاصِرَها سِمَناً ؛ قال :

__________________

(١) فنغرت عليه : سال منها الدم.

(٢) فدغم : ممتلئ وجهه حسناً.

(٣) نفاج : هو الذي يقول ما لا يفعل ويفتخر بما ليس فيه.

٢٨

فجاءتْ كأنّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّها

عَسَالِيجُهُ والثّامِرُ المُتَنَاوِحُ

وانْبَجّتْ ماشِيتُك عن الكلإ.

بجح ـ أنا مُتَبَجِّحٌ بمكان فلان وبَجِحٌ به وقد بَجّحَني ذلك. والنّساء يَتباجَحْنَ فيما بينهن إذا تَبَاهَينَ وتَفَاخَرْنَ وعَدّتْ كُلُّ واحدةٍ حُظْوَتَها. ولَقيتُ منه المَناجِحَ والمَبَاجِحَ.

بجد ـ اشتَمَل ببِجَادِه واحْتَبَى بنِجَادِه ، وهو كساء مُخَطَّطٌ ، ومنه ذو البِجادَينِ. وهو عالمٌ ببَجْدَةِ أمرِك أي بحقيقتِه ، وما ثَبَتَ منه عند خابِرِه ، من بَجَدَ بالمكان إذا أقام وثَبَتَ فلم يَبرَحْ. يقال : أصبح فلانٌ باجِداً بأرضِه إذا كان لا بِداً بها لا يَرِيمُ. ويقال للخِرِّيتِ : هو ابنُ بَجْدَتها.

بجر ـ لقيتُ منهُ البَجَارَى والبَجَارِيَ أي الدّواهيَ ؛ قال :

تَزَبَّدَها حَذّاءَ يَعْلَمُ أنّهُ

هوَ الكاذِبُ الآتي الأمورَ البَجارِيَا (١)

وجاء فلانٌ بأمرٍ بُجْرٍ ؛ قال :

تعَجّبْتُ من أُمّ حَصَانٍ رأيتُها

لها وَلَدٌ من زَوْجِها وهيَ عاقِرُ

فقلتُ لها بُجْراً فقالَتْ مُجِيبَتي

أتعجَبُ من هذا وَلي زَوْجٌ آخَرُ

ومن المجاز : ألقيتُ إليه عُجَري وبُجَري إذا أطْلَعْتَه على مَعائِبِكَ لثِقَتِك به. وأصْلُ العُجَرِ العُرُوقُ المُتَعَقّدةُ النّاتِئَةُ ، والبُجَرُ ما تَعَقّدَ منها على البطنِ خاصّةً. وتقول : صُرَرٌ بُجْر وأكْياسٌ عُجْر ؛ أنشد سيبويه :

يَمُرّونَ بالدَّهْنا خِفافاً عِيَابُهُمْ

ويَخْرُجنَ مِن دارِينَ بُجْرَ الحقائبِ

بجس ـ انْبَجَسَ الماءُ من السّحاب والعَين : انْفَجَرَ ، وتَبَجّسَ : تَفَجّرَ ؛ قال العجّاج :

وكِيفَ غَرْبَيْ دَالِجٍ تَبَجّسَا

وَانْبَجَسَتْ عَيْنَاهُ من فَرْطِ الأسا

وسحائِبُ بُجَّسٌ ، وبَجّسَها اللهُ ؛ قال ابنُ مُقْبِل :

لهُ قائِدٌ دُهْمُ الرَّبابِ وخَلْفَهُ

رَوَايا يُبَجِّسْنَ الغَمامَ الكَنَهْورَا (١)

وأتانا بثَرِيدٍ يتَبَجّسُ ويَتَضَاغَى ، وذلك من كَثرَة الوَدَكِ. وبه قَرْحَةٌ يَبْجُسُها الظُّفْرُ.

بجل ـ بَجّلَه في أعْيُنِهم : عظّمَه ، وفلان مُبَجَّلٌ في قومه ، وجئتُ بأمرٍ بَجِيلٍ وبخَيرٍ بَجِيلٍ ؛ قال زُهَير :

هُمُ الخَيرُ البَجِيلُ لمَنْ بَغَاهُ

وَهُمْ جَمرُ الغَضَا لمَنِ اصْطَلاها

وفَصَدَ أبْجَلَ الفَرَسِ أو البعيرِ وهو كالأكْحَلِ من الإنسان. وبَجَلي بمعنى حَسْبي ؛ قال لَبِيدٌ

بَجَلي الآنَ منَ العَيشِ بَجَلْ

بحت ـ عَرَبيٌ بَحْتٌ : خالِصٌ. وبَرْدٌ بَحْتٌ مَحْتٌ : صَادِقٌ. ومِسْكٌ بَحْتٌ وظُلْمٌ بَحْتٌ. وقَدّمَ إليه قَفَاراً بَحْتاً : لا أُدْمَ معه. وباحَتَهُ الوُدَّ : خالَصَهُ إيّاه. وباحَتَ الشّرابَ : شَرِبَهُ صِرْفاً لم يَمْزُجْهُ ، وباحَتَ الماءَ : شَرِبَه على غير ثُفْلٍ (٢). وباحَتَ دابَّتَهُ بالضَّريع. قال مالكُ بنُ عَوْفٍ الغامِدِي :

ألا مَنَعَتْ ثُمالَةُ بَطنَ وَجّ

بِجُرْدٍ لم تُبَاحَتْ بالضَّريعِ

أي لم تُعْلَفِ الضَّريعَ وحدَه ، يعني أنّها مُقَرَّبة مُكْرَمة بحُسْنِ التّعَهّد. وبَاحَتَ القِتالَ : جَدّ فيه ولم يَشُبْهُ بهَوَادَةٍ.

بحح ـ في صَوْته بُحّةٌ ، ورجُلٌ أبَحُ الصوت.

__________________

(١) يصف رجلاً أقدم على يمين منكرة. وتزبدها : تمخض بها كما يتمخض البعير بشقشقته. والحذاء اليمين المنكرة الشديدة ، يقتطع بها صاحبها ما ليس له بحق.

(١) يصف سحاباً : جعل أوله بمنزلة القائد الهادي للجيش. ودهم الرباب : سودها. والرباب : السحاب. والروايا في الأصل : الإبل تحمل الماء ، يزيد بها السحائب على التشبيه. والكنهور كسفرجل : السحاب المتراكم.

(٢) الثفل عند أهل البادية ما يؤكل من لحم أو خبز أو تمر.

٢٩

ومن المجاز : وَصْفُ الجماد بذلك كالعُودِ وغيرِه إذا غَلُظَ صَوْتُه وأشْبَهَ البُحّةَ ، نحو قول خُفَافٍ في صفة القِدَاح :

قَرَوْا أضْيافَهُمْ رَبَحاً ببُحٍ

يَعيشُ بفَصْلِهنّ الحَيُّ سُمْرِ

وقول آخر في صفة العَظْم :

وعاذِلَةٍ باتَتْ بلَيْلٍ تَلُومُني

وفي كَفّها كِسْرٌ أبَحُ (١) رَذُومُ

وقوله :

وأبَحُ جُنْدِيٌّ وثاقِبَةٌ

سُبِكَتْ كَثاقِبَةٍ من الجَمْرِ

الجُنْدِيّ منسوبٌ إلى أجنادِ الشام ، والثاقبةُ السَّبِيكَةُ من الذّهَبِ. وتَبَحْبَح في الأمر : تَوَسّعَ فيه ، من بُحْبُوحة الدار وهيَ وسَطُها. وتَبَحْبَحَتِ العربُ في لُغاتِها : اتّسَعَتْ فيها.

بحر ـ هو من البَحّارة ، وهم الذين يَتَبَحّرون في البحر. وبَحَرَ أُذُنَ النّاقة : شَقّها طُولاً وهي البَحِيرَةُ.

ومن المجاز : استَبحَرَ المكانُ : اتّسَعَ وصار كالبحر في سَعَتِه. وتبَحّرَ في العلم واستَبحرَ فيه. واستَبْحَرَ الخَطيبُ : اتّسَعَ له القولُ ، وفي مَديحِكَ يستَبحرُ الشاعرُ ؛ قال الطِّرِمّاح :

بمِثْلِ ثَنَائِكَ يَحْلُو المَديحُ

وتَسْتَبحِرُ الألْسُنُ المادِحَهْ

و «إنْ وَجَدْناه لبَحْراً» وُصِفَ بالبحر لسَعَة جَرْيه ؛ قال العجاج :

بَحْرِ الأجارِيّ حَنِيكٍ مُسْهِلِ

محتَنَكٌ قَوِيّ. وماءٌ بَحْرٌ ، وُصِفَ به لمُلوحته. وقد أبحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ ؛ قال ذو الرُّمّة :

بأرْضٍ هِجَانِ التُّرْبِ وَسْمِيّةِ الثّرَى

غَدَاةَ نَأتْ عَنها المُلُوحَةُ والبَحْرُ

ودَمٌ بَحْرَانيّ : أسودُ ، نُسِبَ إلى بَحْرِ الرَّحِم وهو عُمقُه. وامرأةٌ بَحْرِيّةٌ : عظيمةُ البطن ، شُبّهَتْ بأهل البَحْرَينِ وهم مَطَاحِيلُ عِظامُ البُطونِ ؛ قال الطِّرِمّاح :

ولم تَنْتَطِقْ بَحْرِيّةٌ من مُجَاشِعٍ

عليه ولم يُدْعَمْ لهُ جانِبُ المَهْدِ

بخت ـ رجلٌ مَبْخوتٌ وبَخِيتٌ : مَجْدُودٌ.

بخخ ـ بَخٍ لك : كلمةُ مَدْحٍ وإعْجَابٍ بالشيء وقد تُشَدّدُ ؛ قال :

بخٍ لكَ بَخٍ لبَحْرٍ خِضَمّ

وتُكَرّر فيقال : بَخْ بَخْ ؛ قال أعشى هَمْدان في عبد الرحمن ابن الأشْعَث :

بينَ الأشَجّ وبينَ قيسٍ باذِخٌ

بَخْ بَخْ لوالِدِه وللمَوْلُودِ

فقال الحجّاج : والله لا تُبَخْبِخْ عليّ بعدها ، فقتله ؛ وأمّا قول العجّاج :

في حَسَبٍ بَخٍ وعِزّ أقْعَسَا

فوُصِفَ بهذا الصوت مبالغةً في كون حَسَبِه مُمَدَّحاً مُعْجَباً به ، كما يقال : رجل أُفَّةٌ لمن يتأفّفُ به.

بخر ـ ثيابٌ مُبَخَّرَةٌ : مُطَيَّبَة. وتَبَخّرَ بالبَخُور ، وفلان يتبَخّرُ ويتَبَخترُ. ويقال : بخّرْتَ لنا : طيّبْتَ ، وبخّرْتَ علينا : نتّنْتَ ، وأرَدْنا أن تُبَخّر لنا فبخّرْتَ علينا. وبه بَخَرٌ شديدٌ. وفي كلام الدّؤلي : لا يَصْلُحُ للخِلافة من لا يصبِر على سِرارِ الشّيوخِ البُخْر.

بخس ـ بَخَسَ الكيّالُ مِكْيالَه. وفي المَثَل : «تحسَبُها حَمْقاء وهي باخِسٌ». وبَخَسَ الناسَ : مكَسَهم ، وضرَبَ عليهم بَخْساً فاحِشاً ؛ قال :

وفي كلّ أسواقِ العِراقِ إتاوَةٌ

وفي كلّ ما باعَ امرُؤٌ بَخْسُ دِرْهَمِ

ولا تَبْخَسْ أخاك حَقَّهُ. وباعه (بِثَمَنٍ) بَخْسٍ أي مَبْخوس ، ومنه بَخّسَ المُخُّ وتَبَخّسَ إذا دخل في السُّلامَى والعَينِ وهو آخرُ ما يَبْقى.

__________________

(١) كسر أبح : عظم كثير المخ.

٣٠

بخص ـ عَينٌ مَبْخُوصَةٌ : عَوْراء ، وبَخِصَتْ عينُه ، وبخَصَها : عَوّرَها ، وبعينه بَخَصٌ ولَخَصٌ وهما لحمَتان : البَخَصُ بالجَفْنِ الأسْفَل ، واللَّخَصُ بالأعلى ، وبَخِصَتْ عينُه ولَخِصَتْ.

بخع ـ بَخَعَ الشّاةَ : بَلَغَ بذَبْحِها القَفَا.

ومن المجاز : بَخَعَه الوَجْدُ إذا بلغَ منهُ المَجْهُودَ ؛ قال ذو الرُّمّة أنشده سيبويه :

ألا أيّهَذا الباخعُ الوَجْدِ نَفسَهُ

لِشيءٍ نَحَتْهُ عَن يَدَيْهِ المَقَادِرُ

وبَخَعْتُ له نَفسي ونُصْحي : جَهَدْتُهُما له. وأهلُ اليمن أبْخَعُ طاعةً. وبَخَعَ أرْضَه بالزّراعَةِ : نَهَكَها ولم يُجِمّها. وبَخَعَ لي بحَقّي إذا أقَرّ إقرارَ مُذْعِنٍ بالغٍ جُهْدَه في الإذْعانِ به.

بخق ـ بخَقَ عَينَه مثلُ بخَصَها ، وبَخِقَتْ : عَوِرَتْ فهي مَبْخُوقَةٌ وباخِقَة ، وبه بَخَقٌ وهو أقبَحُ العَوَر وأكثره غَمَصاً ؛ قال رُؤبَةُ :

كَسّرَ من عَيْنَيْهِ تَقوِيمُ الفُوَقْ

وما بعَيْنَيْهِ عَوَاوِيرُ البَخَقْ

وفي الحديث : «في العَينِ إذا بُخِقَتْ مائةُ دينارٍ».

بخل ـ فلان لم يَبْخَل ولم يُبَخَّلْ ، وما كانت منه بَخْلَةٌ قَطُّ ؛ قال عَدِيّ :

ولَلْبَخْلَةُ الأولى لمَنْ كانَ باخِلاً

أعَفُّ ومَنْ يَبْخَلْ يُلَمْ ويُزَهَّدِ

وفلان أصيلٌ في اللُّؤم بَخّال ما له عمّ كريمٌ ولا خال. ويقال : لا يكادُ يُفْلِحُ النّخِيل إذا أبَّرَها البَخيل. وقيل لرجل : بفلان خَبَلٌ وبأخيه بَخَلٌ. فقال : الخبَلُ أهْوَنُ من البَخَل والمُبَخَّلُ فِداء للمُخَبَّل.

ومن المجاز : قول أبي النّجم :

والضّامِنِينَ عَثرَاتِ الدّهرِ

إذا السّماء بخِلَتْ بالقَطْرِ

بخنق ـ بَرَزْنَ على وجوههن البَخانِق وفي أعناقهِنّ المَخانِق. وتَبَخْنَقَتِ المرأةُ : تَبَرْقَعَتْ. وأمْلَتْ عليّ أُمُّ هِبَةَ أُمُّ مَثْوَايَ بالطائف في كتابٍ اسْتَكْتَبَتْنِيهِ إلى ابنتِها (١) بمكّةَ خَفِرَةً تقول : لَكَمْ يا عمّتي أشكو إليكِ حَرّ العُرْيِ في وجهي فأرْسِلي إليّ من مَخَاضِبِ حِنّائكم ما أتَبَخْنَقُ به. والمُبَخْنَق من الخيل الذي أخَذَتْ غُرّتُه لَحْيَيْهِ إلى أُصُولِ أُذُنَيْه.

بدأ ـ بَدَأ اللهُ الخلقَ وابتدأه ، وكان ذلك في بدء الإسلام ومُبْتَدإ الأمر. وافعل هذا بَدْأً وبادئَ بَدْء وبادئَ بَدِيء. وافعله بَدْأً مَّا ، تريدُ أوّل شيء. وهاتِها من ذي تُبُدِّئَتْ أي أعِد الكلمةَ أو القِصّةَ من أوّلها. وأَبْدَأَ في الأمرِ وأعَادَ ، والله المُبْدِئ المُعِيدُ. وفلانٌ ما يُبْدِئ وما يعيدُ إذا لم يكن له حِيلَةٌ ؛ قال عَبِيدٌ :

أقْفَرَ مِنْ أهلِهِ عَبِيدُ

فاليوْمَ لا يُبدي وَلا يُعيدُ

وفَعَلَهُ عَوْداً وبَدْأً وعَوْداً على بَدْء ، وفي عَوْدَته وبَدْأته. واكْتَرَيْتُ للبَدْأةِ بكذا ، وللرَّجعَةِ بكذا ، وأنت في بَدْأتِك أحسنُ حالاً منكَ في مَرْجِعِك. وأَمرٌ بَدِيء : عجيبٌ. وبَدَءُوا بفلان : قَدّمُوه. ومنه : هو بَدْءُ بني فلان لسيّدهم ومُقَدَّمِهم ، وهم بَدْأةُ قومهم لخِيارِهم ؛ قال سُوَيْدُ ابنُ أبي كاهِلٍ :

أبَتْ ليَ عَبْسٌ أنْ أُسَامَ دَنِيّةً

وسَعْدٌ وذُبْيَانُ الهِجَانُ وعَامِرُ

وحَيٌّ كِرَامٌ بَدْأةٌ مِنْ هَوَازِنٍ

لهم في المُلِمّاتِ الأُنُوفُ الفَوَاخِرُ

وخُذْ أَبداءَ الجَزُورِ وبُدُوءَها وهي خيرُ أعضائِها ؛ قال نَهْشَل بن حَرِّيّ :

تَرَكَ البُدُوءَ منَ الجَزُورِ لأهْلِها

وأحَالَ يُنْقي مُخّةَ العُرْقُوبِ

وبَدَأ يَفعَلُ كذا نحوُ أنشأ يفعَلُ. وأبْدَأتُ من أرضٍ إلى أخرى ، ومِنْ أينَ أبْدَأتَ. وبئرٌ بَدِيء : جديدة الحَفْر ليست بِعَاديّةٍ. وفَعَل هذا بادئَ الرأي.

__________________

(١) الى ابنتها : هكذا بالأصل ولعله إلى عمتها.

٣١

بدد ـ أَبِدَّ ضَبْعَيك في السّجود : جافِهِما. وأَبَدَّهُمُ العَطاءَ : أعطى كلَّ واحِدٍ بِدّتَه أي نَصِيبَه. أنشد الكِسائيّ :

لمّا التَقَيْتُ عُمَيراً في كَتِيبَتِهِ

عايَنْتُ كأسَ المَنَايَا بَيْنَنا بِدَدَا

وَلّيْتُ جَبْهَةَ خَيْلي شَطْرَ خَيلِهِمُ

وواجَهُونا بأُسْدٍ قاتَلُوا أُسُدَا

ويا جارِيَةُ أبدّيهِمْ تمرةً تمرةً ، قالته أمّ سَلَمَةَ لمّا كَثُرَ السُّؤّالُ. وعن عمرَ بنِ عبد العزيز أنّه أبَدّ بصرَه عند موته وقال : إنّي لأرى حضرَةً ما هم بإنْسٍ ولا جِنّ ، ثمّ قُبِضَ. ويُقال للفارس : ضُمّ بَادَّيْكَ وهما باطِنا الفَخِذَين. وكان الزّبَيرُ حسَنَ البَادّ على السّرْج ، أُريدَ حُسْنُ رِكْبَتِه. وقيل لأعرابيّة : عَلامَ تَمْنَعِينَ زوجَكِ القِضّةَ ، فإنّه يَعْتَلّ بك؟ قالتْ : كذَبَ والله ، إنّي لأطأطئ الوِسَادَ وأُرْخي البَادّ ، تريدُ أنّها لا تَضُمّ فَخِذَيْها. والسّبُعَانِ يَتَبَادّانِ الرّجُلَ إذا أتَيَاه من جانِبَيْه. والضّارِبانِ يَتَبادّان المضروبَ ، والتّوْءَمانِ يَتَبادّانِ أُمّهُما : يرْتَضِعانِ ثَدْيَيها. وتَبَدّدَ الحَلْيُ صَدْرَ الجارية : أخَذَ جانِبَيه. وبادَّيْتُه (١) بكذا : عارَضْتُه مُبَادّةً وبِداداً ، وبايَعْتُه مُبَادّةً ؛ وتَبَادُّوا في الحَرْب : تَبَارَزُوا وأخذوا أقرانهم. وبَدّدَ مالَه. وتَفَرّقُوا بَدَادِ. واستَبَدّ برأيِه : انفرَدَ. واستَبَدّ بأميره إذا غَلَبَ على رأيِه ، فهو لا يسمَعُ إلّا منه.

ومن المجاز : استَبَدّ الأمرُ بفلان ، إذا غلبَه فلم يَقْدِر على ضبطِه ؛ قال الأخطلُ :

ثمّ اسْتَبَدّ بسَلْمَى نِيّةٌ قَذَفٌ

وَسَيرُ مُنْقَضِبِ الأقْرَانِ مِغْيَارِ

هو واليها الذي إذا عزَم على أمرٍ أمضاه ولم يثنِه عنه شيء. واستُبِدّ بهمْ إذا ذَهَبوا ؛ قال الأخطلُ :

كأنّني شارِبٌ يَوْمَ استُبِدّ بهمْ

من قَرْقَفٍ ضَمِنَتْها حِمصُ أو جَدَرُ

ومن الكناية : سمعتُ مُرْشِدَ بنَ مِعْضَادٍ الخَفاجيّ يقول : خرجتُ أُبَدِّدُ ، كَنى بذلك عن البَوْلِ.

بدر ـ بَدَرَ إلى الخَير ، وبادَرَهُ الغايةَ وإلى الغايةِ ؛ قال :

فَبَادَرَها وَلَجَاتِ الخَمَرْ

وفلانٌ يُبادِرُ في أكلِ مالِ اليتيم بُلُوغَه بِدَاراً. وتبادروا البَاعَ وابْتَدَرُوها. وهو مَخْشِيّ البادِرَةِ ، وأنا أخافُ بادِرَتَه وهي ما تَبْدُر منه عند حِدّتِه. وتقول : فلانٌ حَارّ النّوَادِر حَادّ البَوَادِر. وأصابته بادرة السّهْمِ وهي طرَفُه من قِبَل النّصْل ، واحْمَرّتْ بَوادِرُ الخَيْلِ وهي اللّحَمَات بين المَناكبِ والأعْناق ؛ قال خِرَاشُ بنُ عَمْرو :

وجاءتِ الخَيلُ مُحمَرّاً بوَادِرُها

زُوراً وَزَلّتْ يَدُ الرّامي عَنِ الفُوقِ

وفلانٌ يَهَبُ البُدورَ ويُنْهِبُ البُدُورَ ، وهي البِدَرُ ، وأبْدَرَ القَوْمُ : طَلَعَ عليهم البَدْرُ ، كما يُقال : أقْمَرُوا وأشْرَقُوا : من الشَّرْقِ بمعنى الشمسِ.

بدع ـ أبْدَعَ الشيءَ وابتَدَعَه : اخترعَه ، وابتَدَعَ فلانٌ هذه الرّكِيّةَ ، وسِقَاءٌ بَديعٌ : جديدٌ. ويقال : أبدَعَتِ الرّكابُ إذا كَلّتْ. وحقيقتُه أنّها جاءتْ بأمرٍ حادِثٍ بديع. وأُبْدِعَ بالرّاكِبِ إذا كَلّتْ راحِلَتُه ، كما يُقال : انْقُطِعَ به ، وانْكُسِرَ إذا انكَسَرَتْ سفينَتُه.

ومن المجاز : أبْدَعَتْ حُجّتُك إذا ضَعُفَتْ ، وأبْدَعَ بي فلانٌ إذا لم يكن عند ظنّك به في أمرٍ وثِقْتَ به في كِفايَتِه وإصلاحِه.

بدل ـ أبْدَلَه بخَوفِه أمْناً وبَدّلَه مثلُه. وبَدّلَ الشيءَ : غَيّرَه. وتَبَدّلَت الدّارُ بإنْسِها وَحْشاً. واستَبْدَلْتُه وبادَلْتُه بالسّلعة إذا أعطَيتَهُ شَرْوَى ما أخَذتَه منه. وتَبادلا ثَوْبَيْهما. وهذا بَدَلٌ منه وبَدِيلٌ منه ، وهم أبدالٌ منهم وبُدَلاء. وهذا بَدِيلٌ ما لَهُ عَدِيل ، ورُبّ بَدَلٍ شَرٌّ من بَدَلٍ وهو وَجَعُ العِظامِ. أنشد أبو عَمْرو لابنِ نُعَيْم :

وتمَذّرَتْ نَفسِي لذاكَ وَلم أزَلْ

بَدِلاً نهاري كُلَّهُ حتى الأُصُلْ

وهو من الأبْدالِ أي الزُّهّاد.

بدن ـ بَدُنْتَ لما بَدّنْتَ أي سَمِنْتَ لما أسْنَنْتَ ، يقال : بَدُنَ الرجلُ وبَدَنَ بُدْناً وبَدْناً وبَدَانَةً فهو بَدِينٌ

__________________

(١) وباديته : كذا بالأصل وصوابه وباددته بكذا الخ.

٣٢

وبادِنٌ. وبادَنَني فلانٌ فَبَدَنْتُهُ أي كنتُ أبْدَنَ منه. ورجلٌ مِبْدانٌ : مِبْطَانٌ سَمِينٌ ، ضَخْمُ البَطْنِ. وتقول : أراكَ أضْعَفَ السَّدَنه وأنتَ في قَدّ البَدَنَه. وخرجتْ وعليها بَدَنَةٌ أي بَقِيرَةٌ (١).

بده ـ بَدَهَه أمرٌ : فَجِئَه. وبَدَهَني بكذا : بَدَأني به. وهو ذو بَديهَةٍ ، وأجاب على البَديهَةِ ، وله بَدائعُ وبَدائِهُ ، وهذا مَعلومٌ في بَدَائِه العقول ، وبادَهَني أمرُ كذا ، وابتَدَه الخُطْبَةَ ، وبنو فلان يَتَبادَهونَ الخُطَبَ ، ولحِقَهُ في بَدَاهَةِ جَرْيِه.

بدو ـ لقد بَدَوْتَ يا فلان أي نزَلْتَ البادِيةَ وصِرْتَ بَدَوِيّاً ، ومَا لَكَ والبَداوَةَ؟ وتَبَدّى الحَضَرِيُّ. ويقال : أين الناسُ؟ فتقول : قد بَدَوْا أي خرجوا إلى البَدْوِ. وكانت لهم غُنَيماتٌ يَبْدونَ إليها. وفعل كذا ثمّ بَدَا له ، وبدا له في هذا الأمر بَدَاءٌ وهو ذو بَدَوَاتٍ. وكَلّفْني من بَدَوَاتِك أي من حَوَائجِك التي تَبدو لك. ورَكيٌ مُبْدٍ : بارِزٌ ماؤه ، ونقيضه رَكيٌّ غامِدٌ.

بدي ـ بادَاهُ : بارَزَه ، وكاشَفْتُ الرّجُلَ وبادَيْتُه وجالَيْتُه بمعنى. وبادِ بينَ الرّجلين : قَايِسْ بينهما وبايِنْ.

ومن الكناية : أبْدَى الرجلُ قَضَى حاجَتَه.

بذأ ـ فلانٌ بَذِيء اللسان ، وقد بَذُؤ عليّ وبَذَأ بَذَاءةً وبَذَاءً. وبُذِئ فُلانٌ : عِيبَ وازْدُرِيَ. وسألْتُه عن رجُلٍ فبذأه. وقد أبْذَأتَ يا رَجُلُ أي جئتَ بالبَذَاء ، كما تقول أفْحَشتَ وأقْذَعْتَ. وباذَ أني فلانٌ فَبَذَأني. وبَينَهم مُباذَأةٌ : مُفَاحَشَةٌ ؛ قال ابن مُقْبِل :

هل كنتُ إلّا مِجَنّاً تَتّقُونَ بهِ

قد لاحَ في عِرْضِ مَنْ باذاكمُ عَلَبي (٢)

ومن المجاز : بَذَأتْ عَيني فلاناً : ازْدَرَتْهُ ولم تَقْبَله. ووُصِفَتْ لي أرْضُ بني فلان فأبصَرْتُها فما بَذَأتْها عَيني.

بذخ ـ جَبَلٌ باذِخٌ : عالٍ ، وجِبالٌ بَوَاذِخُ.

ومن المجاز : عِزٌّ باذِخ وشَرَفٌ شامخ. وتَبَذّخ فلانٌ : تَطَاوَلَ ، وهو بَذّاخٌ وفيه بَذْخٌ. وجَمَلٌ بَذّاخُ الهَديرِ ؛ قال جَرِيرٌ في مَرْثِيّةِ الفَرَزْدَقِ :

عمَادُ تَمِيمٍ كلّها ولِسانُها

وناطِقُها البَذّاخُ في كلّ مَنْطِقِ

بذذ ـ رَجُلٌ باذُّ الهَيْئَةِ وبَذُّها ، وجاء في هَيْئَةٍ بَذّةٍ وحالٍ بَذّةٍ وفيه بَذاذَةٌ. وبَذّ فلانٌ أصحابَه : غَلَبهم ، قال النّابغةُ الجَعْديّ :

يَبُذّ الجِيَادَ بتَقْرِيبِهِ

ويأوِي إلى حُضُرٍ مُلْهِبِ

بذر ـ بَذَرَ الحَبَّ في الأرضِ ، وبَذَرَ اللهُ الخَلْقَ في الأرض : فرّقَهُم ، وتَبَذّرَ من يدي كذا : تفَرّق. ورجلٌ بَذِرٌ : يُبَذّرُ مالَه ، ووصَفَتْ زوجَها فقالَتْ : لا سَمْحٌ بَذِرْ ولا بَخِيلٌ حَكِرْ ، وفلان هَيْذَارَةٌ بَيْذَارَةٌ : أي مِهْذَارٌ مُبَذِّرٌ.

ومن المجاز : إنّ هؤلاء لَبَذْرُ سُوء أي نَسْلُ سوء. ومالٌ مَبذورٌ : كثيرٌ مُبَارَكٌ فيه. وبَذَرَتِ الأرضُ : أخرَجَتْ نَباتَها مُتَفَرّقاً. وأرض أنِيثَةٌ مِبْذارُ النّباتِ : لذاتِ الرّيْعِ. ولو بَذّرْتَ فلاناً لوجَدتَه رجلاً أي لو جرّبْتَه وقسّمْتَ أحوالَه. وفلانٌ من المَذاييعِ البُذُرِ ، جمع بَذُورٍ وهو الذي يُفْشِي الأسرارَ. وقد بَذُرَ بَذَارَةً.

بذل ـ هم مَباذيل للمَعْرُوفِ. قال قُدامةُ بنُ مُوسى :

مَبَاذِيلُ للمَوْلَى مَحَاشِيدُ للقِرَى

وفي الرَّوْعِ عِندَ النّائِبَاتِ أُسُودُ

وخَرَجَ علينا في مَباذِلِه وفي ثِيابِ بِذْلَتِه. والرجُلُ يَتَبَذّل في منزِلِه ، وفلانٌ مالُه مَصُونٌ وعِرْضُه مُبْتَذَلٌ. وابتَذَلَ نفْسَه في كذا إذا امتَهَنَها ؛ قال :

وَمَنْ يَبْتَذِلْ عَيْنَيهِ في الناس لا يزَلْ

يَرَى حاجَةً مَحجوبَةً لا يَنالُها

وهذا كَلامٌ ومثَلٌ مُبتَذَلٌ أي مَلْهُوجٌ بذكْرِه مُستَعْمَلٌ. وسألتُه فأعطاني بَذْلَ يَمينِه أي ما قَدَرَ عليه.

ومن المجاز : لهذا الفَرَسِ صَوْنٌ وبَذْلٌ أي يَصُونُ

__________________

(١) بقيرة : هو ثوب يشق فتلبسه المرأة من غير جيب ولا كمين.

(٢) بتحريك اللام للوزن : يريد أثري.

٣٣

بعضَ جَرْيِه ويَبْذُلُ بعضَه لا يُخرِجُه كلّه دَفْعَةً ، وذلك محمودٌ. ومنه قولهم : صَوْنُه خيرٌ من بَذْلِه أي باطِنُه خيرٌ من ظاهره.

بذم ـ ثوب ذو بُذْمٍ إذا كان كثير الغزْلِ صَفِيقاً.

ومن المجاز : فلان ما لَهُ بُذْمٌ إذا لم يكنْ له رأيٌ وحَزْمٌ ؛ قال :

كَريمُ عُرُوقِ النّبْعَتَينِ مُظَفَّرٌ

ويَغْضَبُ ممّا منه ذو البُذمِ يَغضَبُ

برأ ـ اللهُمّ أبْرَأُ إليكَ من الحَوْلِ والقُوّة. وهو برِيء السّاحَةِ ممّا قُذِفَ به ، وأنا الخلاءُ البَرَاءُ منه. وقد بارَأتُ شَريكي : فاصَلْتُه ، وتَبَارَأنا. وتقول : أسْعَدُ النّاسِ البَراء كما أنّ أسْعَدَ اللّيالي البَرَاء ، وهي آخرُ ليلةٍ من الشّهْر ؛ قال :

إنّ سَعيداً لا يكونُ غُسّا

كما البَرَاء لا يكونُ نَحْسَا

وأبْرَأتُ الرّجُلَ : جعلتُه بريئاً من حقّ لي عليه. وبَرّأتُه : صَحّحْتُ براءتَه (فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا). واستَبرأتُ الشيء : طلبتُ آخِرَه لأقطَعَ الشُّبْهَةَ عني. واستَبرَأتُ أرضَ بني فلان فما وجَدْتُ فيها ضالّتي. واستَبرَأ من بوْله إذا استَنزَه. وفلانٌ بارئ من عِلّتِه. وتقول : حقٌّ على البارئ من اعتِلالِه أن يُؤدّيَ شكرَ الباري على إبْلالِه.

برت ـ فلانٌ يشربُ المُبَرَّد بالمُبَرَّتِ أي الماء البارِدَ بالطَّبَرْزَذِ.

برث ـ حبّذا تلك البِرَاثُ الحُمْر والدِّماثُ العُفْر ، وهي الأراضي السّهْلَةُ اللّيّنَةُ.

برج ـ امرأةٌ زَجّاء بَرْجاء. ورأيتُ بُرْجاً في بُرْجٍ أي نِسوَةً في عُيُونهِنّ بَرَجٌ (١) في قَصْرٍ. وتقول : لها وجهٌ مُسَرَّج وعليها ثَوْبٌ مُبَرَّج ، وهو الذي عليه تصاويرُ كبرُوجِ السُّورِ. وخرجْنَ متبرِّجاتٍ متفَرِّجات.

برح ـ لا يَبرَحُ يفعَلُ كذا ، وبَرِحَ مكانَه وأبْرَحْتُه أنا. وبَرّحَ بي فلانٌ : ألَحّ عليّ بالأذَى والمَشَقّة ، وأنا مُبَرَّح بي من قِبَلِه. وبه تَباريحُ الشوقِ وبُرَحاء الحُمّى ، وبَرّحَ به الهَمُّ ، وضرَبه ضرباً مُبَرِّحاً ، وأبرَحَ فلانٌ رَجُلاً! وأبرَحَ فارساً! إذا فضّلْتَه وتعجّبْتَ منه. قال العبّاسُ بنُ مِرْداسٍ :

وَقُرّةُ يَحْمِيهِمْ إذا ما تَبَدّدُوا

ويَطْعَنُهُمْ شَزْراً فأبْرَحْتَ فارِسَا

وأبْرَحْتَ كَرَماً وأبْرَحْتَ لُؤماً ؛ وهذا الأمرُ أبرَحُ من ذاك ؛ قال جِرانُ العَوْدِ :

خُذَا حَذَراً يا جَارَتيّ فإنّني

رَأيتُ جِرَانَ العَوْدِ قد كادَ يَصْلُحُ

أُلاقي الخَنَا والبَرْحَ من أُمّ جابِرٍ

وما كُنتُ ألقَى من رُزَيْنَةَ أبْرَحُ

وريحٌ بارحٌ : شديدةٌ. ولَقيتُ منه بَرْحاً بارِحاً ، ولَقيتُ منه بناتِ بَرْحٍ (١). وبَرّحَ اللهُ عنكَ أي كشفَ البَرْحَ ونَفّسَ عنك ، وجَرَى له البارحُ أي الطائرُ الأشْأمُ. ويقال للرامي : بَرْحَى أوْ مَرْحَى. وبرحى كلمة تُقال عند الخطإ ، ومَرْحَى عند الإصابَةِ. ونزلوا بالبَراحِ وهي الأرضُ الواسِعة. وجاء بالكُفرِ بَرَاحاً وبالشّرّ صُرَاحاً. ودَلَكَتْ بَرَاحِ : غابتِ الشّمسُ.

ومن المجاز : هذه فَعْلَةٌ بارحَةٌ : لم تَقَعْ على قَصْدٍ وصَوَابٍ ، وقَتْلَةٌ بارِحَةٌ : شَزْرٌ ، أُخِذَتْ من الطائرِ البارحِ. وفي المثَل : «بَرِحَ الخَفَاءُ» أي وضَحَ الأمرُ وزالتْ خَفِيّتُه.

برد ـ مَنَعَ البَرْدُ البَرَدَ وهو النّوم. وبَرّدْتُ فُؤادَك بشَرْبَةٍ ، واسقِني ما أبْرُدُ به كَبِدي ؛ قال (٢) :

وعَطّلْ قَلُوصِي في الرّكابِ فإنّها

سَتَبْرُدُ أكْبَاداً وتُبْكي بَوَاكِيَا

وبَرَدَ عَيني بالبَرُودِ وهو الدّواء الذي يَبرُدُ العَينَ. وخُبْزٌ مَبرُودٌ : مبلُولٌ بالماء الباردِ ، واسمُه البرِيدُ تُطْعَمُه المرأةُ للسِّمْنَةِ. تقول : نفَخ فيها الثّريدُ والبريد حتى

__________________

(١) البرج : سعة العين وحسنها.

(١) بنات برح : هي الشدائد والأهوال.

(٢) هو مالك بن الريب المازني.

٣٤

آضَتْ كما تُريد. وباتَتْ كِيزانُهم على البَرّادَةِ (١). وهم يتَبَرّدونَ بالماء ويَبْتَرِدون ؛ قال الرّاهبُ المَكّي :

إذا وَجَدْتُ أُوَارَ الحُبّ في كَبِدي

عَمَدْتُ نحوَ سِقاء القَوْمِ أبْتَرِدُ

هَبْني بَرَدْتُ ببَرْدِ الماء ظاهِرَهُ

فمَنْ لنِيرَانِ حُبّ حَشْوَهُ تَقِدُ

وأصلُ كلّ داء البَرْدة ، بتسكين الراءِ وفتحها ، وهي التُّخَمَةُ لأنّها تَبرُد الطبيعةَ فلا تُنْضِجُ الطّعامَ بحَرارَتِها. وأبْرِدوا بالظُّهْر ، وجاؤوا مُبْرِدين ، وسَحَابٌ بَرْدٌ ، وبُرِدَ بنو فلان ، وأرضٌ مبرودةٌ كمثْلوجة. ولا أفعلُ ذلك ما نَسَمَ البَرْدانِ والأبْرَدانِ وهما الغَداةُ والعَشِيّ. ولها ساقٌ كأنّها بَرْدِيّةٌ. وأبْرَدْتُ إليه بَريداً وهو الرسول المستعجِلُ ، وأعوذُ باللهِ من قَعْقَعَةِ البريدِ. وسارتْ بينهم البُرُدُ ، وهذا بَريدٌ مُنصِبٌ وهو ما بين المَنزِلَينِ. وفلانٌ يَسحَبُ البُرُودَ ، وكان يَشتَملُ بالبُرْدَة.

ومن المجاز : بَرَد لي على فلانٍ حَقُ ، وما بَرَد لك على فلانٍ. وإن أصحابك لا يُبالونَ ما بَرّدوا عليك أي ما أوجَبوا وأثْبَتُوا. وبرَدَ فلانٌ أسِيراً في أيديهم إذا بقيَ سَلَماً لا يُفدى. وضربْتُه حتى بَرَدَ وحتى جَمَدَ. وبَرِّدْ ظهرَ فرسك ساعةً : رَفِّهْهُ عن الرّكوبِ ؛ قال الرّاعي :

فبَرّدَ مَتْنَيْها وَغَمّضَ ساعَةً

وطافَتْ قَليلاً حَوْلَهُ وهْوَ مُطْرِقُ

وبَرَد مَضْجَعُه إذا سافَرَ. ولا تُبرِّدْ عن ظالمِك : لا تخفّف عنه بدعائك عليه ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لا تُسَبِّخي عنه». وبرَدَ مُخُّه وبَرَدَتْ عِظامُه إذا هُزِلَ وضَعُفَ. وقد جاءنا فلانٌ بارِداً مُخُّهُ ؛ قال ذو الرُّمّة :

لدَى كُلّ مِثْلِ الجَفْنِ يَهْوِي بِآلِهِ

بَقَايَا مُصَاصِ العِتْقِ والمُخُ بَارِدُ

وفلانٌ بارِدُ العِظامِ وصاحبُه حَارُّ العِظام : للهَزِيلِ والسّمين. ورُعِبَ فبرَدَ مكانَه إذا دُهِشَ. وبَرَدَ الموتُ عليه : بَانَ أثَرُه ؛ قال أبو زُبَيْدٍ يَصِفُ مَيّتاً :

بَادِياً نَاجِذاهُ قَد بَرَدَ المَوْ

تُ على مُصْطَلاهُ أيَ بُرُودِ

وعيشٌ بارِدٌ : ناعِمٌ ؛ قال :

قَليلَةُ لَحْمِ النّاظِرَيْنِ يَزِينُها

شَبابٌ ومَخفوضٌ من العيشِ بارِدُ

وسلَب الصّهباءَ بُرْدَتَها أي جِرْيالَها ؛ قال :

كأسٌ تَرَى بُرْدَتَها مِثْلَ الدّمِ

تَدِبّ بَينَ لحْمِهِ وَالأعْظُمِ

من آخِرِ اللّيلِ دَبيبَ الأرْقَمِ

وقال الأعشى :

وشَمُولٍ تَحْسِبُ العَينُ إذَا

صُفّقَتْ بُرْدَتَها نَوْرَ الذُّبَحْ

شَبّهَ ما يَعلُوها من لَوْنِها بالبُرْدة التي يُشتَمَلُ بها. وجعل لسانَه عليه مِبرَداً إذا آذاه وأخذَه بلِسانِه. قال حاتمٌ :

أعاذِلُ لا آلُوكِ إلّا خَليقَتي

فلا تجْعَلي فَوْقي لسانَكِ مِبْرَدَا

أي لا أدّخِرُ عَنكِ شيئاً إلّا خَليقَتي. واسْتَبرَدْتُ عليه لساني : أرسَلْتُه عليه كالمِبرَد. ووقَع بينهما قَدُّ بُرُودٍ يَمَنِيّةٍ إذا تخاصَمَا حتى تشاقّا ثِيابَهُما الغالِيَة ، وهو مثَلٌ في شِدّةِ الخُصُومَةِ.

برذ ـ أثْقَلُ من البِرْذَوْن وأضَرُّ من الجِرْذَوْن ، وهو من الأحْناشِ ، وقيل من السّباعِ. وبُرْذِنَ الجَوادُ إذا صُيّرَ بِرْذَوْناً ؛ قال القُلاخُ :

لِلّهِ دَرُّ جِيادٍ أنتَ سائِسُها

بَرْذَنْتها وبها التّحجيلُ والغُرَرُ

ولقيتُ فلاناً مُجِيداً وأخاه مُبَرْذِناً أي راكبَ جَوَادٍ وبِرْذَوْنٍ. وسألتُه حاجةً فبَرْذَنَ عنها أي ثَقُلَ ؛ قال :

إليكم إليكم إنّ مَرْكَضَ غايَتي

يُبَرْذِنُ فيه البَحْزَجُ المُتَجاذِعُ

أي يَعْيَا ويَثْقُل عن المشي.

__________________

(١) البرادة : إناء يبرد فيه الماء.

٣٥

برر ـ هو بَرٌّ بوالديه ، وبَارٌّ بهما. ويقال : صدقْتَ وبَرَرْتَ وبرِرْتَ «ولا يَعرِف هِرّاً مِن بِرّ» وحَجٌ مَبرُورٌ ، وبُرَّ حَجُّكَ وبَرّ ، وبَرّ اللهُ حَجَّكَ. وبَرّتْ يَمينُه ، وأبرَّها صاحِبُها : أمْضاها على الصّدْقِ. ولو أقسَمَ على اللهِ لأبَرّهُ. ونَزَلوا بالبَرّيّةِ. وجلستُ بَرّاً وخرجتُ بَرّاً إذا جلس خارجَ الدّارِ أو خرَجَ إلى ظاهر البلدِ. وافتَحِ البابَ البَرّانيَ ، و «مَنْ أصْلَحَ جَوّانِيَّه أصلَح اللهُ بَرّانِيَّه». ويقال : أريدُ جَوّاً ويريدُ بَرّاً أي أريد خُفْيَةً وهو يريد عَلانيَةً. وقد أبَرّ فلان وأبْحَرَ أي هو مِسْفَارٌ قد رَكِبَ البَرَّ والبَحرَ. وأبَرَّ على خصْمِه. وجَوَادٌ مُبِرٌّ ، وهو أقْصَرُ من بُرّةٍ. وأطعمنا ابنَ بُرّةٍ وهو الخبْزُ.

ومن المجاز : فلان يَبَرُّ رَبَّه أي يُطيعُه ؛ قال :

لا هُمّ لو لا أنّ بَكْراً دُونَكَا

يَبَرُّكَ النّاسُ وَيَفْجُرُونَكَا

وبَرّتْ بي السّلْعَةُ إذا نَفَقَتْ وربحْتَ فيها ؛ قال الأعشى :

ورَجّى بِرَّها عاماً فَعَامَا

برز ـ أبْرَزَ الكتابَ وغيرَه وبَرّزَه (وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ) كُشِفَ الغِطاء عنها. وبارَزَه في الحرب بِرازاً ومُبارَزَةً وقد تَبارَزُوا. وبَرّزَ على الغاية وعلى الأقْرَانِ. ورجلٌ بَرْزٌ : عَفِيفٌ ، وامرأةٌ بَرْزَةٌ ونساءٌ بَرْزَاتٌ وقد بَرُزَتْ بَرَازَةً ؛ قال العَجّاج :

بَرْزٌ وذُو العَفَافَةِ البَرْزِيُ

وذَهَبٌ إبْريزٌ : خالصٌ. وتقول : مَيّزِ الخَبَثَ من الإبْرِيز والنّاكِصِينَ من أُولي التَّبريز.

ومن الكناية : خَرَجَ إلى البَرَازِ ، وتَبَرّزَ.

برس ـ طارَ لَه لُغَامٌ كالبُرْسِ المَنْدُوف ، وأطْيَبُ من الزُّبْدِ بالبرسيان (١) ، وهو ضرْبٌ من التّمْر. يقال : تَمْرَةٌ برسيانة. وبُرْسِمَ فلان ، وهو مُبَرْسَمٌ ، وبه بِرْسَامٌ.

برش ـ في أُذُنِه طَرَش وفي جِلدِه بَرَش ، وهو نُقَطٌ بِيضٌ. وقيل لجَذِيمَةَ : الأبْرَشُ ، كنايةً عن الأبْرَصِ.

برص ـ كثُرَتِ الأبارِصُ في أرْضِهم ، وهو جمع سَامّ أبْرَصَ ، ويقال : سَوَامّ أبْرَصَ ؛ قال :

واللهِ لو كنتُ لهذا خالِصَا

لكُنتُ عَبداً يأكُلُ الأبارِصَا

له بَصِيصٌ وبَرِيصٌ أي بَريقٌ.

ومن المجاز : بِتُّ لا يُؤنِسُني إلّا الأبْرَصُ وهو القمر. وأرْضٌ بَرْصَاء وهي العاريَةُ من النبات. وتَبَرّصَتِ الإبلُ الأرْضَ : لم تَدَعْ فيها رِعْياً. وبَرّصَ رأسَه : حَلَقَه تَبرِيصاً.

برض ـ ما بَقيَ في الحَوْضِ إلّا بَرْضٌ أي ماء قليلٌ. وما فيه إلّا شُفافَةٌ لا تَفْضُل عن التّبَرُّضِ وهو التّرَشُّف ، وأن يُؤخَذَ قَليلاً قليلاً ؛ قال :

لَعَمْرُكَ إنّني وطِلابَ سَلْمَى

لكَالمُتَبَرِّضِ الثّمَدَ الظَّنُونَا

وأطْلَعَتِ الأرْضُ بارِضَها وهو أوّلُ نَباتِها.

ومن المجاز : تَبَرّضَ فلانٌ حاجتَه : أخذَها شيئاً بعد شيء. وفلانٌ يتبرّضُ بالقليل : يتبلّغُ به. وبَرَضَ لي من مالِه : رَضَخَ (١). وبَقِيَتْ من ماله بُرَاضَةٌ.

برطل ـ رأسٌ مُبَرْطَلٌ : طويلٌ من البِرْطِيلِ وهو الحجرُ المُستَطيلُ ؛ قال بَيْهَسٌ :

وقَدْ رَكِبْتُمْ صَمّاءَ مُعْضِلَةً

تَفْرِي البَرَاطيلَ تَفْلِقُ الحَجَرَا

ومنه ألْقَمَهُ البِرْطِيلَ وهو الرّشْوَةُ. وإنّ البَرَاطيلَ تنصرُ الأباطيل. وبُرْطِلَ فلانٌ : رُشِيَ.

برع ـ بَرَعَ الجَبَلَ وفَرَعَه : عَلاه. وكلُّ مُشرِفٍ بارِعٌ وفارِعٌ. وبرَعَ أصحابَه في عِلْمِه. وما رأيْتُ أبْرَعَ منهُ ولا أبدَعَ منه ، وكانتْ رابعَةُ امرأةً بارِعَةً ؛ وقال :

__________________

(١) هكذا في جميع النسخ بالباء الموحدة عارياً عن الضبط ، وقد ضبط عن ابن قتيبة في كتاب المخصص ج ١١ ص ١٣٤ بالنون فقال (تمرة نرسيانة وتمر نرسيان بالكسر) وشرحه في لسان العرب في مادة (نرس).

(١) رضخ : أعطاه عطاء قليلا.

٣٦

مَحَتِ الأقارِبَ والأكْفَاءُ بارِعَةٌ

منَ المَكارِمِ لا تَمْتاحُها القُلُبُ

وفعل ذلك تَبَرُّعاً من غير طلَبٍ إليه ، كأنّه يتكَلّفُ البرَاعةَ فيه والكَرَم.

برق ـ بَرَقَتِ السّماءُ ورَعَدَتْ وأبْرَقَتْ وأرْعَدَتْ. ونشأتْ بارِقَةٌ. ونزَلْنا في بُرْقَةٍ من البُرَقِ والبِرَاقِ وفي أبْرَقَ من الأبَارِقِ وفي بَرْقاء من البَرْقاوَاتِ. وجبَلٌ أبْرَقُ. وناقَةٌ بَرُوقٌ : تَلْمَعُ بذَنَبِها من غير لَقَاحٍ. ويقال للوَعد الكاذِبِ : لَمْعُ البَرُوقِ بالذّنَبِ. وأشْكَرُ من بَرْوَقَةٍ ، وأقْصَفُ من بَرْوَقَةٍ. وبرَقَ طَعامَهُ بزَيْتٍ. وما في ثَريدِه إلّا بُرْقَةٌ وبُرَقٌ وتَبارِيقُ من زَيْتٍ ؛ وبَرِقَ بَصَرُه. وكَلّمْتُه فَبَرِقَ أي تحَير. وأبرقتْ فلانة عن وَجْهِها : كشَفَتْ. وأبْرَقَ بسَيفِه : لَمَعَ به.

ومن المجاز : فلانٌ يَبْرُقُ لي ويَرْعُدُ إذا تهَدَّدَ. ورأيتُ في يده بارِقَةً وهي السّيْفُ. والجَنّة تحْتَ البارِقَة أي تحتَ السّيوف. وحدَّثْتُه فأرْسَل بَرْقاوَيْه أي عَيْنَيه لبَرْقِ لَوْنَيْهِما ؛ قال :

ومُنْحَدِرٍ مِن رَأسِ بَرْقاءَ حَطَّهُ

مَخَافَةُ بَينٍ مِنْ حَبيبٍ مُزَايِلِ

وبَرّق عَيْنَيه : فتحهما جدّاً ولمَعَهُما. وأبْرَقَتْ لي فلانَةُ وأرْعدَتْ إذا تحَسّنَتْ لك وتعرّضَتْ.

برقش ـ وهو أبو بَرَاقِشَ للمُتَلَوّن ؛ قال :

كأبي بَرَاقِشَ كلَّ لَوْ

نٍ لَوْنُهُ يَتَخَيّلُ

ونَقَشَه وبَرْقَشَه : زَيّنَه. وتَبَرْقَشَ فلانٌ : تزيّنَ. وتَبَرْقَشَتْ : تَلَوّنَتْ.

برك ـ بارَكَ اللهُ فيه وبارَكَ له وبارَكَ عليه وبارَكَه. وبَرَّكَ على الطّعام ، وبَرّكَ فيه إذا دَعا له بالبَرَكَةِ ، وطَعامٌ بَرِيكٌ ، وما أبْرَكَ هذا وأيْمَنَه. وابْتَرَكَ الصّيْقَلُ إذا مالَ على المِدْوَسِ. وابْتَرَكَ الفَرَسُ في عَدْوِه : اعتَمَد فيه واجتَهَدَ ، وفَرَسٌ مُستَقدِمُ البِرْكَةِ. وفي بُستانِه بِرْكَةٌ مُصَهْرَجَةٌ ، وفيه بِرَكٌ تَفِيضُ.

ومن المجاز : حَكّتِ الحرْبُ بَرْكَها بهم ؛ قال :

فأقْعَصَتْهُمْ وحَكّتْ بَرْكَها بهمُ

وأعْطَتِ النَّهْبَ هَيّانَ بنَ بَيّانِ

ووضعَ عليهم الدّهْرُ بَرْكَه ؛ قال الجَعْدِيّ :

وضَعَ الدّهرُ عليهم بَرْكَه

فأرَاهُ لم يُغادِرْ غيرَ فَلّ

وابْتَرَكَ في عِرْضِ فلانٍ يَقْصِبُه إذا وقَعَ فيه. ووصَفَ أعرابيّ أرضاً خِصْبَةً ، فقال : تركتُ كلأها كأنّه نَعَامَةٌ بارِكَةٌ. وابْتَرَكُوا في الحَرْبِ : جَثَوْا على الرُّكَبِ.

برم ـ أنا بَرِمٌ بهذا الأمر ، وقد بَرِمْتُ به. وخيطٌ مُبرَمٌ. وفلانٌ بَرَمٌ ما فيه كَرَم. وفي الحَديث : «أأبْرَامٌ بَنُو المُغِيرَةِ».

ومن المجاز : أبْرَمَ الأمْرَ ، وأمْرٌ مُبْرَمٌ ، وبَرِمَ فلانٌ بحُجّتِه إذا لم تَحْضُرْهُ ؛ قال :

يُخَبِّرُ طَرْفَانَا بما في قُلُوبِنَا

إذا بَرِمَتْ بالمَنْطِقِ الشّفَتَانِ

كأنّما مَلّ الحُجّةَ أو المَنطِقَ فتركَه. وهو بَرِمُ اللّسان : للعَيِيّ. وأمْرٌ سَحيلٌ ومُبرَمٌ ؛ قال زُهَير :

يَمِيناً لَنِعْمَ السّيّدانِ وُجِدتُما

على كلّ حالٍ من سَحيلٍ ومُبرَمِ

وقال رُؤبَةُ :

بَاتَ يُصَادي أمْرَهُ أَمُبْرَمُهْ

أَعْصَمُهُ أمِ السّحيلُ أُعصَمُهْ

والأصْلُ الخَيْطُ السّحيلُ ، وهو ما كان طاقاً واحداً ، والمُبَرمُ طاقانِ يُفْتَلان حتى يَصيرا واحداً.

برن ـ نزلنا به فأطعَمَنَا الخُبْزَ الفُرْنيّ والتّمْرَ البَرْنيّ. ورأيْتُ عِندَهُ بَرَانيّ العَسَلِ جمعُ بَرْنِيّةٍ.

بره ـ أقَمْتُ عنده بُرْهَةً من الدّهر ، وأقام عندَنا بُرَيْهٌ بُرَيْهَةً : يريدُ مُصَغَّرَ إبراهيمَ على التّرْخيم ، حُكيَ عن

٣٧

الفَرّاء. وأبْرَهَ فلانٌ : جاء بالبُرْهان ، وبَرْهَنَ مُوَلَّدٌ. والبُرْهَانُ بَيَانُ الحُجّةِ وإيضاحُها من البَرَهْرَهَةِ وهي البَيضاء من الجَوَاري ، كما اشتُقّ السّلطانُ منَ السّليطِ لإضاءتِهِ. وتقول : لا تُشَبِّهِ العَدَلِيّةَ بالمُشَبِّهَه وافْصِلْ بينَ إبراهيمَ وأَبْرَهَه.

بري ـ ما عندي قَلَمٌ بَرِيّ أي مَبْرِيّ ، وارْفَعْ بُرَايَةَ القَلَمِ ؛ قال المُتَنَخَّل :

وصَفْراءِ البُرَايَةِ عُودُ نَبْعٍ

كَوَقْفِ العاجِ عاتِكَةِ اللِّياطِ

وبفِيهِ البَرَى وحُمّى خَيْبَرَا وشَرُّ ما يُرَى.

ومن المجاز : بَرَيْتُ النّاقة بالسّيرِ ، وبَرَاها السّفَرُ ، وناقَةٌ ذاتُ بُرَايَةٍ : بها بَقِيّةٌ بعد بَرْيِ السّفَرِ إيّاها. وإنّكَ لَذو بُرايَةٍ : لمن فيه بَقِيّةٌ بعد السّفَر. وفلانٌ يُبَاري الرّيحَ جُوداً ، وأعْطَتْه الدّنْيا بُرَتَها إذا تمكّنَ منها وحَظِيَ بها.

بزخ ـ به بَزَخٌ وهو شِبْهُ القَعَسِ. ورَجُلٌ أبْزَخُ وامرأةٌ بَزْخاء. ومشَى بَزَخاً ومشى فلانٌ مُتبازِخاً كمِشْيَةِ العجوزِ إذا تَكَلّفتْ إقامَةَ صُلْبِها فتَقاعَسَ كاهِلُها وانحتنى ثَبَجُها.

ومن المجاز : تَبَازَخَ عن الأمْرِ : تَقَاعَسَ عنه. ورأى أعْرَابيّ عيداناً فقال : أرَاهُنّ بُزْخاً عُوجاً.

بزر ـ بَزِّرْ بُرْمَتَكَ وألْقِ فيها الأبْزَارَ والأبازِيرَ. وتقول : اللحمُ المُبَزَّرُ أشْهَى والنّفْسُ عليه أشرَه وإلّا فهو بجَزَرِ السّباعِ أشبَه.

ومن المجاز : مِثْلي لا تَخفَى عليه أبازِيرُكَ أي زِياداتُك في القَوْلِ ووِشاياتُك. وقد بَزّرَ فلانٌ كلامَه وتَوْبَلَه ، ومنه قيل للرجل المُرِيبِ : البَازُورُ ؛ قال :

أمّا بَنُو يَشكُرٍ لا دَرّ دَرُّهُمُ

ولا سُقُوا فَهُمُ قَوْمٌ بَوَازِيرُ

بزز ـ خرجوا عليهم الخُزُوزُ والبُزُوزُ وهي الثّيابُ الجِيادُ. وأشْبَهَ امرأ بَعْضُ بَزّهِ. وغَزَا في بِزّةٍ كاملةٍ وهيَ السّلاحُ ، وتقلّدَ بَزّاً حسَناً وهو السّيفُ ؛ قال :

وَلا بِكَهَامٍ بَزُّهُ عَن عَدُوّهِ

وإنّه لَذو بِزّةٍ حَسَنَةٍ وهي الهَيئَةُ واللّباس ، وبَزَّه ثَوْبَه وابْتَزّه : سَلَبَه ، وابتُزّتْ من ثِيابِها : جُرّدَتْ ؛ قال امرُؤ القيس :

إذا ما الضّجيعُ ابتَزّها من ثِيابِها

تَمِيلُ علَيهِ هَوْنَةً غيرَ مِتْفَالِ

[أُنْشِدْنا (١) لرَجُلٍ غصَبَ تأبّطَ شَرّاً سَيْفَه :

فَوَيْلُ امّ بَزّ جَرّ شَعْلٌ على الحَصَى

فَوُقّرَ بَزُّ ما هُنالِكَ ضَائِعُ]

ومَنْ عَزّ بَزّ. وجيء به عَزّاً وبَزّاً ، بمعنى لا مَحَالَةَ. ورجَعَتِ الخِلافَةُ بِزِّيزَى أي تُبَزّ بَزّاً ولا تُؤخَذُ بالاستِحقاق.

ومن المجاز : قول الجَعْدِيّ :

وتَبْتَزّ يَعْفُورَ الصّرِيمِ كِنَاسَهُ

فتُخْرِجُهُ مِنهُ وإن كان مُظْهِراً

أي بحَفيفِ سَيرِها ينفِرُ الوَحشِيّ من كنّه وقتَ الظّهر.

بزع ـ غلامٌ بَزيعٌ : ظريفٌ ذكيّ ، وجاريَة بَزِيعَةٌ. وفيه بَرَاعَةٌ وبَزَاعَةٌ وهي من صِفَةِ الأحداثِ ، وقد تَبَزّعَ الغلامُ : تظرّفَ.

بزغ ـ بَزَغَ البيطَارُ الدّابّةَ بَزْغاً ، وبَزّغَها تَبْزِيغاً إذا شَقّ أشعَرَها بمِبْزَغِه. وبَزَغَ النّابُ إذا شَقّ اللحمَ فخَرَجَ. ألا ترى إلى قولهم : شَقّ النّابُ وفَطَرَ ، ومنه بزَغَتِ الشّمسُ وبَزَغَ القمرُ ونجومٌ بَوَازِغُ.

بزل ـ بَزّلَ نابُ البَعيرِ مثلُ شَقّ وفَطَرَ. وبَزَلَ الشّرابَ من المِبْزَلِ : أسالَهُ منهُ وهو شبه طُبْيٍ في الدّنّ ونحوِه يَسيلُ منه. وقد تَبَزّلَ الشّرَابُ : سالَ من المِبْزَل. وجملٌ بازِلٌ ، وقد بَزَلَ بُزُولاً ، وإبِلٌ بُزُلٌ وبَوَازِلُ.

ومن المجاز : بَزَلَ الأمرُ والرأي : استَحْكَمَ ، وأمْرٌ بازِلٌ. وتقول : خَطْبٌ بازِلٌ لا يَكْفيه إلّا رَأيٌ قارِحٌ. وإنّه لَذو بَزْلاء أي ذو صَريمَةٍ مُحْكَمَةٍ. وهو نهّاضٌ

__________________

(١) هذه الزيادة انفردت بها نسخة الشنقيطي.

٣٨

ببَزْلاء أي بخُطّةٍ عَظِيمَةٍ ؛ قال :

إنّي إذا شَغَلَتْ قوْماً فُرُوجُهُم

رَحْبُ المَسَالِكِ نَهّاضٌ ببَزْلاء

وقال :

من أمرِ ذي بَدَوَاتٍ لا تَزالُ له

بَزْلاءُ يَعْيا بها الجَثّامَةُ اللُّبَدُ

وقال زهير :

سَعَى ساعِيَا غَيْظِ بنِ مُرّةَ بَعْدَ ما

تَبَزّلَ ما بَينَ العَشِيرَةِ بالدّم

وبَزَلَ القضاءَ كما يُقال فَصَلَه ، وفتَحَه. وتقول : نزَلَتْ بي نازِلَه وما عندي بازِلَه أي بُلْغَةٌ تَبْزُلُ حاجَتي أي تَقْضِيها وتَفْصِلُها.

بزي ـ فلان يتحَيّنُ كالحَازي ثمّ يَنقَضّ كالبَازي.

بسأ ـ بَسَأ فلانٌ بهذا الأمر إذا ألِفَه ومَرَن عليه. ولقد بُسِئَ بكَرَمِك ، وأنِسَ بحُسْنِ خُلُقِك ، فَدُمْ عليه. وناقةٌ بَسُوءٌ : لا تَمنَعُ الحالبَ لإلْفِها إيّاه.

بسر ـ هو بُسْراً أطيَبُ منهُ رُطَباً ، وقد أبْسَرَتِ النخلَةُ.

ومن المجاز : ابْتَسَرَ الحاجَةَ : طلَبَها قَبلَ وقتِها. وابْتَسَرَ الفَحْلُ النّاقةَ : ضربها من غيرِ ضَبَعَةٍ ، وابتَسَرَ الجارِيَةَ وابتَكَرَها واختَضَرَها : افتَضّها قبل الإدراك. وغلامٌ بُسْرٌ وجارِيَةٌ بُسْرَةٌ : غَضّا الشّبابِ. ويقولون صَبّحْتُه والشّمسُ حَمراءُ بُسْرَةٌ : لَمّا يَصْفُ شُعاعُها ؛ قال البَعيثُ :

فصَبّحَهُ والشّمسُ حَمرَاءُ بُسْرَةٌ

بسَائِفَةِ الأنْقاء موْتٌ مُغَلِّسُ

وإنْ خرجَتْ بك بَثْرَةٌ فلا تَبْسُرْها أي لا تَفْقَأها ، وهي بُسْرَةٌ غَضّةٌ.

بسس ـ بُسَّتِ الجِبالُ : فُتّتَتْ كالدّقيقِ والسَّوِيقِ ، ومنه قيل للسَّوِيقِ المَلْتُوتِ : البَسِيسَةُ. وأَبَسّ الحالبُ بالنّاقَةِ : مَسَحَها وسكّنَها بلِسانِه. ولا أفعَلُ ذلك ما أَبَسّ عبدٌ بنَاقَةٍ. وجيء به من حَسّكَ وبَسّكَ. وتقول : أكَلَتِ ابْنَيْ وائِلٍ البَسُوس كما يأكُلُ الحَبَّ السُّوس.

ومن المجاز : بَسّ عليه عَقارِبَه إذا أرسَلَ عليه نَمَائِمَه. وجاء بالتُّرَّهاتِ البَسَابِسِ أي بالأباطيل.

بسط ـ بَسَطَ الثوبَ والفِراشَ إذا نَشَرَه.

ومن المجاز : بَسَطَ رِجْلَه وقَبَضَها ، وإنّه ليَبسُطُني ما بَسَطَك ويَقْبِضُني ما قَبَضَك أي يَسُرّني ويُطَيّبُ نَفسي ما سَرّك ويَسُوءُني ما ساءَكَ. وبَسَطَ عليهم العَذَاب.

وزَادَهُ اللهُ بَسْطَةً في العِلْمِ والجِسْم أي فَضْلاً. وبَسَطني اللهُ عليه : فَضّلَني ، ونحنُ في بِساطٍ واسِعَةٍ ؛ قال العُدَيْلُ ابنُ الفَرْخِ :

ودُونَ يَدِ الحَجّاجِ مِنْ أنْ تَنَالَني

بِساطٌ لأيْدي النّاعِجاتِ عَرِيضُ

ومكانٌ بَسيط : واسِعٌ. وفلانٌ بَسيطُ الباعِ واللّسانِ ، وقد بَسُطَ بَساطَةً. وبَسَطَ إلينا يَدَه ولِسانَه بما نُحبّ أو بما نَكْرَهُ. وبلادٌ باسِطَةٌ ؛ قال :

وذاكَ الذي شَبّهْتَ عَسكَرَ طاهِرٍ

إذا ما بَدَا بالباسِطاتِ الجَفاجِفِ

الجَفْجَفُ الغليظُ من الأرض. وحَفَرَ قامَةً باسِطَةً وبَسْطَةً وهو أن يَمُدّ يَدَه رافعَها. وفَرَشَ لي فِراشاً لا يَبْسُطُني ، وهذا فرَاشٌ يَبْسُطُكَ إذا كان واسِعاً لا يَقْبِضُه. وفلان مَرْكَبُه المَبْسُوطَةُ وهي الرِّحالَةُ البَعيدَةُ ما بَينَ الحِنْوَينِ ، وورَدْنا بَعدَ خَمْسٍ باسِطَ ، وانْبَسطَ إليه ، وباسَطَه ، وبينهما مُباسَطَةٌ. ويَدُهُ بُسْطٌ وبِسْطٌ بالعَطَاء ؛ وفي الحديث : «يَدَا الله بُسْطَانِ» ، وما على البَسيطَةِ مِثلُه ، وذَهَبَ في بُسَيْطَةَ ، غيرَ مَصْرُوفَةٍ ، كما تقول ذَهَبَ في الأرض.

بسق : بَسَقَتِ النّخلَةُ ونَخْلَةٌ باسِقَةٌ ولفلانٍ البَوَاسِقُ.

ومن المجاز : بَسَقَ على أصحابه : طالَهُمْ وفَضَلَهُم. ويقولون : لا تُبَسِّقْ علينا أي لا تُطَوِّلْ. ولفلانٍ سَوَابق وعُلًى بَوَاسِق.

بسل ـ فيه بَسالَةٌ وما أَبْسَلَه ولقد بَسَلَ وتَبَسّلَ إذا تَشَجّعَ ، وأسَدٌ باسِلٌ. وله وجْهٌ باسِرٌ باسِلٌ : شديد العُبُوس.

٣٩

وأبْسَلَهُ للهَلَكَةِ : أسلَمَه. وأُبْسِلَ بعَمَلِه : أُفْضِحَ. واستَبْسَلَ للمَوْت إذا استَسْلَمَ. وأنشدَ الكِسائيّ :

إذا جَاء سَاعٍ لَهُمُ فاجِرٌ

تجَهّمَنَا قَبلَ أنْ يَنْزِلا

وَأوْعَدَنَا قَبْلَ عَيرٍ وَما

جَرَى كَيْ نَذِلّ ونَستبسلا

ويقولون عند الدّعاء على الرّجُلِ : آمينَ وبَسْلاً أي وأبْسَلَه اللهُ ولحَاه. وهذا بَسْلٌ : مُحَرَّمٌ.

ومن المجاز : نَبيذٌ باسِلٌ : شديدٌ ، وغَضَبٌ باسِلٌ ، ويومٌ باسِلٌ ؛ قال الأخطَلُ :

فهوَ فِداءُ أمِيرِ المُؤمنِينَ إذا

أبْدَى النّوَاجِذَ يومٌ باسِلٌ ذَكَرُ

بسم ـ هو أغَرُّ بَسّامٌ. وأوّلُ مَراتبِ الضّحِكِ التبَسّمُ ، ومتى جِئتَهُ فهو مُتَبَسِّمٌ. وكأنّ ابتِسامَتَها وَمْضَةُ بَرْقٍ. وهُنّ غُرُّ المَبَاسِمِ.

ومن المجاز : تبَسّمَ البَرْقُ وتبَسّمَ الطَّلْعُ : تفَلّقَتْ أطْرافُه. ويقال : واللهِ ما بَسَمْتُ فيه أي ما ذُقْتُه.

بشر ـ بَشَرْتُه بكذا وبَشّرْتُه وأبْشَرْتُه ، فَبَشِرَ وأبْشَرَ وبَشَّرَ واسْتَبْشَرَ وتَبَشَّرَ وتَباشَرُوا به ، وتَتَابَعَتِ البِشاراتُ والبَشائِرُ ، وجاء البُشَراءُ ، وهو حَسَنُ البِشْرِ ، واستَقْبَلني ببِشْرِه. وبَشَرَ الأدِيمَ وأبْشَرَه : قَشَرَ وجهه.

ومن المجاز : فلان مُؤدَمٌ مُبْشَرٌ. وما أحْسَنَ بَشَرَةَ الأرْضِ وهي ما يَخْرُجُ من نَباتِها فيَلبَسُها. وطَلَعَتْ تَبَاشِيرُ الصُّبحِ وهي أوائِلُه التي تُبَشِّرُ به ، كأنّها جمعُ تَبْشِيرٍ وهوَ مَصدرُ بَشَّرَ. وفيه مَخَايِلُ الرُّشْدِ وتَباشِيرُه. ورأى النّاسُ في النّخلِ التّبَاشِيرَ وهي البَوَاكِيرُ. وهَبّت المُبَشِّرَاتُ وهيَ الرّياحُ التي تُبَشِّرُ بالغَيْث. وباشَرَ الأمْرَ : حضَرَه بنَفسه. وباشَرَهُ النّعيمُ ؛ قال عُمَرُ بنُ أبي رَبِيعَةَ :

لها وَجْهٌ يُضِيءُ كَضَوْء بَدْرٍ

عَتِيقُ اللّوْنِ باشَرَهُ النّعِيمُ

والفعلُ ضربانِ : مُباشِرٌ ومُتَوَلِّدٌ.

بشش ـ لقيتُه فبَشّ بي وهَشّ لي. وما رأيتُ أبَشَ منه باللّاقي. واقْرِ ضَيفَك بوَجْهِ البَشاشَه ثمّ بالبُرْمَةِ النّشّاشَه.

ومن الكناية : بَشّ لي فلانٌ بخيرٍ إذا أعطاكَ ، لأنّ العَطاءَ تِلْوُ البَشَاشَةِ.

بشع ـ طعامٌ بَشِعٌ : فيه حُفُوفٌ ومَرَارَةٌ كطَعْمِ الإهْليلَجِ ، وقد أبشَعَني الطّعامُ واستَبْشَعْتُه. وامرَأةٌ بَشِعَةُ الفَمِ إذا تَرَكَتِ التّخَلُّلَ والاستِياكَ فتَغَيّرَتْ رِيحُه.

ومن المجاز : رجلٌ بَشِعُ الخَلْقِ وبَشِعُ المنظر إذا كان لا يَحْلَى بالعَين. وعُودٌ بَشِعٌ : ذو أُبَنٍ. ونَحَتَ مَتنَ العُودِ حتى ذَهَبَ بَشَعُه. وقد بَشِعَ الوادي بالنّاس إذا ضاقَ بهم ، فاستَبشَعوا المُقامَ فيه.

بشم ـ بَشِمَ الفَصيلُ من اللّبنِ والرجلُ من الطعام إذا اتَّخَمَ. وفي كلامِ الحَسَنِ : وأنت تَتَجَشّأُ من الشِّبَعِ بَشَماً. وَاستَاكَتْ بفَرْعِ بَشَامَةٍ. وتقول ما أهلُ الشّامِ إلّا كشَجَرِ البَشَام : دُهْنُه من أطيَبِ الأفْواه وعُودُه مَطيَبَةُ الأفْوَاه.

ومن المجاز : بَشِمَ من كذا إذا سَئِمَ منه.

بصر ـ أبْصَرَ الشيءَ وبَصُرَ به ، وقد بَصُرَ بعمله إذا صار عالماً به وهو بَصِيرٌ به وذو بَصَرٍ وبَصَارَةٍ ، وهو من البُصَرَاء بالتجارة. وبَصّرْتُه كذا وبَصّرْتُه به إذا عَلّمتَهُ إيّاه ، وتَبَصّرْ لي فلاناً ؛ قال امرؤ القيس :

تَبَصّرْ خَليلي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعَائِنٍ

وهو مُستَبْصِرٌ في دينِه وعَمَلِه. وعَمَى الأبْصارِ أهْوَنُ من عَمَى البَصائر. وبَصّرَ فلانٌ وكَوّفَ ؛ قال ابن أحْمَرَ :

أُخَبِّرُ مَنْ لاقَيْتُ أنّي مُبصِّرٌ

وكائِنْ تَرَى مِثْلي منَ النّاسِ بَصّرَا

وما في البَصْرَتَينِ مِثْلُه ، وهما البَصرَةُ والكوفة. وما أثْخَنَ بُصْرَ هذا الثّوبِ! وهذا ثَوْبٌ ما له بُصْرٌ. وبُصْرُ كُلّ سَمَاء مَسِيرَةُ خَمْسِمائةِ عامٍ وهو الثِّخَنُ والغِلَظُ.

ومن المجاز : هذه آيَةٌ مُبْصِرَةٌ. وأبصَرَ الطّريقُ : اسْتَبَانَ ووَضَحَ. ورتّبْتُ في بُستاني مُبصِراً أي ناظِراً وهو الحافظُ. وأرَيْتُه لَمْحاً باصِراً أي أمراً مُفْزِعاً ، وأرَاني

٤٠