أساس البلاغة

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٧

الزمانُ لَمْحاً باصِراً. واجْعَلْني بَصِيرَةً عليهم أي رقِيباً وشاهداً ، كقولك : عَيْناً عليهم. وأ مَا لَكَ بَصِيرَةٌ في هذا أي عِبرَةٌ ؛ قال قُسّ :

في الذّاهِبِينَ الأوّلِي

نَ من القُرُونِ لنا بَصَائرْ

وله فِرَاسَةٌ ذاتُ بَصِيرَةٍ وذاتُ بَصائرَ وهيَ الصادقَةُ. ورأيتُ عليكَ ذاتَ البَصائِرِ ؛ قال الكُمَيتُ :

ورَأوْا عليكَ ومنكَ في ال

مهدِ النُّهى ذاتَ البصَائِرْ

وأتيتُه بين سَمْعِ الأرض وبَصَرِها أي بأرْضٍ خَلاءٍ ما يُبْصِرُني ولا يَسْمَعُ بي إلّا هيَ. وبَصَّرْتُه بالسّيف : ضرَبْتُه فبَصُرَ بحالِه وعَرفَ قدرَه ؛ قال :

فلَمّا التَقَيْنَا بَصّرَ السّيفُ رأسَهُ

فأصْبَحَ مَنبُوذاً على ظهرِ صَفْصَفِ

وهو من معنى قوله :

أرْجَأتُهُ عَنّي فأبْصَرَ قَصْدَهُ

وكَوَيْتُهُ فَوْقَ النّوَاظِرِ منْ عَلِ

بصص ـ له بَصِيصٌ أي بَريقٌ. ورَماهُ بالبَصاصَةِ وهي العينُ. وتقول : طَرَقْتُهُ في السّنةِ الحَصّاصَه (١) فما رَمَقَني بذَنَبِ البَصّاصَه. وبَصّصَ الجَرْوُ وبَصّرَ : فَتَحَ عَيْنَيه.

ومن المجاز : بَصّصَ النَّوْرُ إذا تَفَتّحَ. وبَصْبَصَ عندي بذَنَبِه إذا تَمَلّقَ.

بصق ـ بَصَقَ في وجهِه إذا استَخَفّ به. وهو أبيضُ كأنّه بُصَاقَةُ القمَرِ وهي حجَرٌ أبيَضُ يَتَلألأ. وبَصْقَةٌ مني أفْضَلُ منكَ.

بصل ـ جئتَ أعْرَى من المِغْزَل ورجَعْتَ أكْسَى من البَصَل. وقد تَبَصّلَ الشيءُ إذا تَضاعَفَ تَضَاعُفَ قِشْرِ البَصَلَةِ. وبَصّلْتُ الرجُلَ من ثيابه جرّدْتُه.

ومن المجاز : خرجوا كأنّهم الأَصَل وعلى رؤوسهم البَصَل أي البَيْضُ ، والأَصَلُ جَمْعُ أَصَلَةٍ وهي حَيّةٌ خَبِيثَةٌ.

بضض ـ الأصْمَعيّ : أبيَضُ بَضٌ ولَهَقٌ بمعنى واحدٍ وهو الشّديدُ البَياضِ. وقال ابنُ دُرَيْدٍ : هو النّاصِعُ اللّوْنِ في سِمَنٍ. وقال المُبَرّدُ : هو الرّقيقُ البَشَرَةِ الذي يُؤثِّرُ فيه كلُّ شيءٍ. وامرأةٌ غَضّةٌ بَضّةٌ وبَضِيضَةٌ ، وقد بَضِضَتْ بَضَاضَةً بالكسر ؛ قال :

يَترُكُ ذا اللّوْنِ البَضِيضِ أسْوَدَا

وقال النّابغة :

مَحْطُوطَةُ المَتْنَينِ غَيرُ مُفَاضَةٍ

نُفُجُ الحَقِيبَةِ بَضّةُ المُتَجَرَّدِ

وبَضَ الحَجَرُ : رَشَحَ بقَليلٍ من الماء بَضِيضاً. وما وقع العامَ إلّا بَضِيضَةٌ وإلّا بَضَائِضُ ، والبَضَاضَةُ منه ، كأنّ البَشَرَةَ لرقّتِها تَبِضّ بما وَرَاءها.

ومن المجاز : ما يَبِضّ حَجَرُه إذا لم يَنْدَ بخَيرٍ. وما بَضّ له بشيء من المعروف ؛ قال رؤبةُ :

لوْ كانَ خَرْزاً في الكُلى ما بَضّا

وما عِندي منه إلّا بَضِيضَةٌ.

بضع ـ بَضَعَ من الشّاةِ بَضْعَةً إذا قَطَعَ قِطعَة ، وبضَعَ الخشبَةَ ؛ قال أوْسٌ في صِفَةِ القَوْس :

ومَبْضُوعَةً من رَأْسِ فَرْعٍ شَظِيّةً

بطَوْدٍ تَرَاهُ بالسّحابِ مُكَلَّلا

وفلانٌ جَيّدُ البَضْعَةِ إذا كان لَحِيماً ؛ كقولك جَيّدُ الكُدْنَةِ. وهو خاظي البَضيعِ أي سَمِينٌ. وعندي بِضْعَةَ عَشَرَ من الرّجال ، وبِضْعَ عَشْرَةَ من النّساء ، الذكورُ بالتاء ، والإناثُ بطَرْحِها ، على سَنَنِ حُكْم العَدَدِ. وأقمتُ عنده بِضْعَ سِنينَ وهو ما بينَ الثّلاثِ والعَشْرِ. وشَجّةٌ باضِعَةٌ وهي التي تَبلُغُ اللّحمَ. وسَمِعْتُ للسيوفِ بَضْعَه وللسّياطِ خَضْعَه ، أي صَوْتَ قَطْعٍ وصَوْتَ وَقْع. وهذه بِضَاعَةٌ مُزْجَاةٌ. وتقول : قد نَعّشْتَ ضائِعَنا ونَفّقْتَ بَضَائِعَنَا ؛ وقال :

إحْمِلْ عَلَيها إنّها بَضَائِعُ

وما أضَاعَ اللهُ فهوَ ضَائِعُ

__________________

(١) الحصاصة : السنة الجدباء.

٤١

وأبضَعْتُه كذا إذا جَعَلتَه بِضاعَةً له. واستَبضَعتُ كذا إذا جعلتَه بضاعَةً لك ؛ قال زُمَيْلٌ (١) :

فإنّكَ وَاسْتِبْضَاعَكَ الشِّعْرَ نَحْوَنا

كمُسْتَبْضِعٍ تَمْراً إلى أهْلِ خَيبرَا

ويقولون : هو باضِعُ الحَيّ لمن يَحْمِلُ بَضَائِعَهُم.

ومن المجاز : من رَضَعَ معك رَضْعَه فهو منك بَضْعَه ، أي هو بعضُك.

ومن الكناية : بضَعَ المرأةَ بَضْعاً وباضَعَها بِضاعاً ومَلَكَ بُضْعَها إذا عقَدَ عليها. وبَضَعْتُ من الماء : رَوِيتُ لأنّك تقطعُ الشربَ عند الرّيّ. يقال : حتى متى تَكْرَعُ ولا تَبْضَع! وبَضَعْتُ من فلان إذا سئِمتَ من تكرير النُّصْحِ عليه فقَطَعْتَه.

بطأ ـ أبْطَأ عليّ فلانٌ ، وبَطُؤ في مِشْيَتِه ، وتَباطأ في أمره ، وتَباطأ عني ، وفيه بُطْءٌ ، وما كنتُ بَطيئاً ولقد بَطُؤتُ ، وفَرَسٌ بَطيءٌ من خَيْلٍ بِطَاءٍ ، وما أبطأَ بك عنّا؟ وما بَطّأ بك ، وما بَطّأك؟ قال عُمَرُ بنُ أبي رَبِيعَةَ :

فقمتُ أمشِي وقامَتْ وَهيَ فاتِرَةٌ

كشارِبِ الرّاحِ بَطّا مَشْيَهُ السَّكَرُ

واستبطأتُه ، واستَبطأتُ عَطاءَه ، وكتبَ إليّ كتابَ استِزادَةٍ واسْتِبْطاء ، وكتَبَ إليّ يَستَزِيدُني ويَستَبطِئُني.

بطح ـ بطَحَه على وجهه فانْبَطَح. ونَظَرَ حُوَيْصٌ إلى قبر عامر بنِ الطُّفَيْلِ فقال : هو في طول بَطْحَتي. أراد في طول قدّي مُنْبَطِحاً على الأرض ، وهي من البَطحِ كما أنّ القامةَ من القِيامِ. تقول للرجل : كيف بَيتُك؟ فيقول : قامَةٌ في بَطحَةٍ ، يريد سَمْكَه وسَعتَه. وحبّذا بَطحاءُ مكّةَ! وهو من أهلِ الأبْطَح ؛ وأنشد :

لنا نَبْعَةٌ فَرْعُها في السّماء

ومَغْرِسُها سُرّةُ الأَبْطَحِ

وهم قُرَيشُ البِطاح والأباطِحِ ؛ قال :

قُرَيْشِ البِطاحِ لا قُرَيْشِ الظّوَاهرِ

وبِطَاحٌ بُطْحٌ : واسعَةٌ عريضةٌ. وتبطّحَ السيلُ : اتّسع مَجْراه ؛ قال ذو الرُّمّة :

ولا زَالَ من نَوْء السِّماكِ علَيكُما

ونَوْءِ الثّرَيّا وَابِلٌ مُتَبَطِّحُ

وتبَطّحَ فلانٌ : تَبَوّأ الأَبْطَحَ ؛ قال :

هلّا سألتَ عن الّذينَ تَبَطّحُوا

كرَمَ البِطاحِ وخَيرَ سُرّة وَادِي

بطخ ـ أَبْطَخَ القومُ وأقْثَأُوا : كثُرَا عندهم. ونظر اللّيثُ إلى قَوْمٍ يأكُلونَ بِطّيخاً ؛ فقال :

لمّا رأيْتُ المُبْطِخِينَ أبْطَخُوا

فأكَلُوا منهُ ومنهُ لَطَّخُوا

ورَأيتُه يدور بين المَطابِخ والمَبَاطِخِ. وتَبَطّخَ : أكلَ البِطّيخَ. وتقول : التّبَطّح خير من التّبَطّخ ، أي النّزولُ بمكّةَ خيرٌ منه بخُوَارَزْمَ.

بطر ـ فيه طرَبٌ وبَطَرٌ وهو مجاوزة الحدّ في المَرَحِ وخِفّةِ النّشاط والزَّعَلِ. ورجلٌ أشِرٌ بَطِرٌ ، وأبْطَرَه الغِنى. وفَقْرٌ مُخْطِر خيرٌ من غِنًى مُبْطِر. وما أمْطَرَتْ حتى أبْطَرَتْ ، يعني السّماءَ. وإن الخِصْبَ يُبْطِرُ النّاسَ ؛ كما قال :

قوْمٌ إذا اخضَرّتْ نعالُهُم

يَتَناهَقونَ تَناهُقَ الحُمُرِ

وامرأةٌ بَطِيرَةٌ : شديدةُ البَطَرِ. وبَيْطَرَ الدّابةَ بَيْطَرَةً ، و «أشْهَرُ من راية البَيْطارِ» والدّنيا قَحْبَةٌ : يوماً عند عَطّار ويوْماً عند بَيْطار. وعهدي به وهو لدوابّنا مُبَيْطِرٌ فهو اليومَ علينا مُسَيْطِر.

ومن المجاز : لا يُبْطِرَنّ جَهْلُ فلانٍ حِلْمَك أي لا يجعله بَطِراً خفيفاً. ولا تُبْطِرَنّ صاحبَك ذَرْعَه أي لا تُقلِقْ إمكانه ولا تَستَفِزّه بأن تكلّفه غير المُطَاقِ ، وذَرْعَه من بدَل الاشتمال. وبَطِرَ فلانٌ نعمةَ اللهِ : استخفّها فكَفَرَها ، ولم يَستَرْجِحها فيَشكُرَها ، ومنه (بَطِرَتْ مَعِيشَتَها). وذهَبَ دمُه بِطْراً أي مَبْطوراً مستَخَفّاً

__________________

(١) نسبه في لسان العرب إلى خارجة بن ضرار.

٤٢

حيث لم يُقْتَصّ به. وهو بهذا الأمرِ عالمٌ بَيْطارٌ ؛ قال عمر ابنُ أبي رَبِيعَةَ :

ودَعاني ما قالَ فيها عَتِيقٌ

وهو بالحُسْنِ عالمٌ بَيْطارُ

بطش ـ بطَشَ به بَطْشَةً شديدةً ، وأصابَتْهُ يَدٌ باطِشَةٌ.

ومن المجاز : فلانٌ يَبْطِشُ في العِلمِ ببَاعٍ بَسيطٍ. وبَطَشَتْ بهم أهوالُ الدّنيا. وسلكوا أرضاً بعيدةَ المَسالِك قريبَةَ المَهالِك ؛ وُقِذُوا بمباطِشِها وما أُنْقِذوا من مَعَاطِشِها. وجاءت الرّكابُ تَبْطُشُ بالأحْمالِ أي تَرْجُفُ بها. وبَطَشَ من الحُمّى : أفاقَ منها.

بطط ـ بَطَّ القَرْحَةَ بالمِبَطّ وهو المِبْضَعُ ، وعنده بَطّةٌ من السَّليطِ.

بطل ـ هو باطِلٌ بَيّنُ البُطْلانِ. وبَطّالٌ بَيّن البِطالَةِ بالكسر. وقد بَطَل بالفتح. وبَطَلٌ بَيّنُ البَطالَةِ بالفتح ، وقد بَطُلَ بالضمّ. ويقال : لبَطُلَ الرجلُ هذا في التّعَجّبِ من البَطَلِ ، ولبَطُلَ القولُ هذا في التّعَجّبِ من الباطِلِ. وقال فلانٌ قولاً بُطْلا وسَاقَ كلماتٍ خَطْلا ؛ من الخَطَلِ. وأعُوذُ باللهِ من البَطَلةِ وهم الشياطين. وأبطَلَ فلانٌ :جاء بالباطِل. وجاء بالأضاليلِ والأباطيلِ. ولقد تَبَطّلَ ولدُك ، وشرُّ الفِتْيانِ المُتَبَطِّلُ المتَعَطِّل. وبَطّلَه فلان ، وكانت فلانةُ شجاعَةً بَطَلَةً. وذهَبَ دَمُه بُطْلاً.

بطن ـ ألْقَتِ الدّجاجَةُ ذا بَطْنِها. ونثرتِ المرأةُ للزوج بَطْنَها إذا أكثرَتِ الولدَ. وبَطَنَه وظَهَرَه : ضرّبهما منه. وقد بُطِنَ فلانٌ إذا اعْتَلّ بَطْنُه. وهو مَبطونٌ وبَطِينٌ ومِبْطَانٌ ومُبَطَّنٌ أي عليلُ البَطْنِ وعَظِيمُه وأكُولٌ وخَمِيصٌ. وأبْطَنَ البَعِيرَ : شَدّ بِطَانَه. وباطَنْتُ صاحبي : شَدَدْتُه معه. وبَطّنَ ثوبَه بِطانَةً حَسَنَةً ، وبَطائِنُ ثيابهم الدّيباجُ. وهم أهلُ باطنة الكوفة ، وإخوانهم أهلُ ضاحيتِها.

ومن المجاز : رِشْ سَهْمَك بظُهْرَانٍ ولا تَرِشْه ببُطْنَانٍ ؛ وهو في بُطْنانِ الشّبابِ أي في وَسَطِه. والبُحبوحةُ بُطْنَانُ الجَنّةِ ؛ قال الرّاعي :

فإنْ يُودِ رِبْعِيُّ الشّبَابِ فقد أُرَى

بِبُطْنَانِه قُدّامَ سِرْبٍ أُوَانِقُهْ

أي يُونِقُني السّرْبُ وأُونِقُه. وطَلَعَ البُطَينُ وهو بَطْنُ الحَمَلِ ؛ قال :

وقَاء علَيْهِ اللّيْثُ أفْلاذَ كِبْدِه

وكَهّلَهُ قِلْدٌ من البَطْنِ مُرْدِمُ

ونَزَلوا بَطْنَ الوادي ، وهم في بطنِ مَكّةَ. وبَطْنُه من أكرَمِ بُطُونِ العَرَبِ. واستَبطَنَ الشيءَ : دخلَ بَطنَه ، كما يَستَبْطِنُ العِرْقُ اللّحمَ. واستَبْطَنَ أمْرَه : عرَفَ باطنَه. وتَبَطّنَ الكَلأَ : جَوّلَ فيه وتَوَسّطَه ؛ قالتِ الخَنْسَاء :

فَجَاء يُبَشّرُ أصْحَابَهُ

تَبَطّنْتُ يا قَوْمُ غَيْثاً خَصِيبَا

وتَبَطّنَ الجارِيَةَ : جعَلَهَا بِطانَةً له ؛ قال امرؤ القَيْس :

ولم أتَبَطّنْ كاعِباً ذاتَ خَلْخَالِ

وفلانٌ مُجَرِّبٌ قد بَطَنَ الأُمُورَ ، كأنّه ضَرَبَ بُطُونَها عِرْفاناً بحَقائِقِها. ويقال : أنتَ أبْطَنُ بهذا الأمرِ خِبرَه وأطوَلُ له عِشْرَه. وهو بِطانَتي وهم بِطانَتي ، وأهلُ بِطانَتي. وإذا اكْتَرَيْتَ فاشْتَرِطِ العِلاوَةَ والبِطَانَةَ وهي ما يُجْعَلُ تحتَ العِكْمِ من قِرْبَةٍ ونحوِها. ونَزَتْ به البِطْنَةُ أي أبطَرَه الغِنى.

وفلانٌ عَرِيضُ البِطَانِ أي غَنيّ. وشَأوٌ بَطِينٌ : بَعِيدٌ ؛ قال زُهَير :

فبَصْبَصَ بَينَ أداني الغَضَى

وبَينَ عُنَيزَةَ شأواً بَطِينَا

وتَبَاطَنَ المَكانُ : تَبَاعَدَ.

بظر ـ هو أبْظَرُ وبه بُظارَةٌ وهي هَنَةٌ ناتِئَةٌ في وَسَطِ الشّفَةِ العُلْيا تكونُ لبَعضِ النّاس. وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه : «ما تقول فيها أيّها العَبْدُ الأبْظَرُ». وفي شَتَائِمِهِم : عِلْجَةٌ بَظْرَاء. وأمَصَّهُ اللهُ بَظْرَ أمّه ، وبَظْرَمه إذا قال له ذلك. وهو مُبَظْرَمٌ ومُتَبَظْرِمٌ.

٤٣

ويقول الحَجّامُ للرجل : تَبَظْرَمْ ، فيرفع بطرَفِ لسانِه شفتَه العُليا حتى يَحِفّ شارِبَه. ورُدَّ خاتَمَكَ إلى بَظْرِه ، وهو موضعه من الخِنْصَرِ.

بعث ـ بَعَثَ اللهُ الرّسولَ إلى عِبادِه ، وابتَعَثه. ومحمّدٌ رسول الله خيرُ مَبعوثٍ ، ومُبْتَعَثٍ. وفي حديث المَبْعَثِ كذا. وبَعَثَه من مَنامِه ، وبَعَثَه على الأمرِ. وتَوَاصَوْا بالخَيرِ وتَباعَثُوا عليه. وبَعَثَه لكذا فانْبَعَثَ له. و (كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ). وفلانٌ كسلانٌ لا يَنْبَعِثُ. وبَعَثَ الشيءَ وبَعثرَه : أثارَه ؛ قال :

فبَعَثْتُها تَقِصُ الإكَامْ

وفلانٌ يَكْرَه الانْبِعاثَ ، كأنّما بُعثَ ليوم بُعَاث وهو يوْمٌ بينَ الأوْسِ والخزْرَج. ويَوْمُ البَعثِ : يوم يَبْعَثُنا الله تعالى من القُبورِ. ورجُلٌ بَعِثٌ لا يزال يَنْبَعِثُ من نَومِه. قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ :

يَهْوِي بأشْعَثَ قد وَهَى سِرْبالُه

بَعِثٍ تُؤرّقُهُ الهُمُومُ فَيَسْهَرُ

وضُرِبَ البَعْثُ عليهم. وخرج في البُعوثِ وهم الجُنودُ يُبْعَثُونَ إلى الثّغُور.

بعثط ـ دارِي من البَطْحاءِ في أوْسَطِها وفي سُرّتها وبُعثُطِها.

بعج ـ بَعَجَ بَطْنَه.

ومن المجاز : بَعَجَ أرْضَه : شَقّها. وبَعَجَه حبُّ فلانةَ إذا أُبْلِغَ إليه. وبَعَجْتُ له بَطْني إذا أفْشَيْتَ إليه سِرّك ؛ قال الشّمّاخ :

بعَجْتُ إليهِ البَطْنَ ثمّ انْتَصَحْتُهُ

وما كُلّ مَن يُفْشَى إليهِ بِنَاصِحِ

أي استَنْصَحْتُه. وبَعَجَتِ الأرْضَ عَذَاةٌ طَيّبَةُ التُّرْبةِ : تَوَسّطَتْها. وقال أعرابيّ : أرْضٌ بَعَجَتْها العَذَوَاتُ وحَفّتْها الفَلَوَات ؛ فلا يَمْلَوْلِحُ ماؤها ولا يُمْعِرُ جَنَابُها. وبُعِجَتِ الأرْضُ آباراً : حُفِرَتْ فيها آبارٌ كثيرةٌ. وفي الحَديث : «إذا رَأيْتَ مكّةَ بُعِجَتْ كَظائِمَ وسَاوَى بِناؤها رُؤوسَ الجِبالِ فاعْلَمْ أنّ السّاعةَ قد أظَلّتْ». وتبَعّجَ السّحَابُ : انْفَرَجَ عن الوَدْقِ ؛ قال العَجّاجُ :

حيثُ اسْتَهَلّ المُزْنُ أوْ تَبَعّجَا

وانْبَعَجَتْ دُفْعَةٌ من مَطَرٍ ، وانْبَعَجَ عليّ بالكلامِ ، ودُفِقَتْ مَبَاعِجُ الوَادي وبَوَاعِجُه وهي مُتّسَعاتُه التي يَتَبَعّجُ فيها السّيْلُ.

بعد ـ أمّا بعدُ فقد كان كذا. وأتيتُه بُعَيْداتِ بَينٍ إذا أتَيتَه بعد حينٍ ؛ وأنشَدَ أبو زيدٍ :

وأشْعَثَ مُنْقَدِّ القَمِيصِ أتَيْتُهُ

بُعَيْداتِ بَينٍ لاهِدَانٍ ولا نِكْسِ (١)

وتَنَحَّ غيرَ بَاعِدٍ وغيرَ بَعَدٍ أي غَيرَ صَاغِرٍ. ولا تَبْعُدْ ، وإن بَعُدْتَ عني فلا بَعِدْتَ. وتقول : بُعْداً وسُحْقاً وقُبْحاً ومَحْقاً. وهو مُحْسِنٌ إلى الأباعِدِ دون الأقارِبِ ؛ قال :

من النّاسِ مَن يَغشَى الأباعِدَ نَفْعُه

ويَشْقَى بهِ حتى المَمَاتِ أقَارِبُهْ

فإنْ يَكُ خَيرٌ فالبَعِيدُ يَنَالُهُ

وإنْ يَكُ شَرٌّ فابنُ عمّك صَاحبُهْ

وفلانٌ يَستَجرّ الحديثَ من أبَاعِدِ أطْرَافِه. وأبْعَدَ اللهُ الأبْعَدَ. و «مَثَلُ العَالِمِ كَمَثَلِ الحَمّةِ يأتِيها البُعَدَاء ويترُكُها القُرَبَاء». وأبْعَدَ في السّوْمِ وأبْعَطَ فيه إذا أشَطّ. وإن قلتَ كذا لم أُبْعِدْه ولم أستَبْعِدْه. وقلتُ قولاً بَعِيداً ، وما أبعَدَه من الصّوابِ. وبَاعَدَني وتَبَاعَدَ مني وابْتَعَدَ وتَبَعّدَ ؛ قال عُمَرُ بنُ أبي رَبِيعَةَ :

اذهَبْ فَدَيْتُكَ غَيرَ مُبْتَعِد

لا كانَ هذا آخِرَ العَهْدِ

وكانوا مُتَقارِبينَ فتَباعَدوا. ويقال : إذا لم تَكُنْ من قُرْبان الأميرِ فكُنْ مِنْ بُعْدَانِه لا يُصِبْك شَرُّه ، جَمْعُ قَرِيبٍ وبَعِيدٍ ، كذليلٍ وذُلّانٍ. وفلانٌ بَعيدُ الهمّةِ وذو بُعْدَةٍ ؛ قال الشَّنْفَرَى :

٤٤

وأُعْدِمُ أحْياناً وأغنى وإنّمَا

يَنَالُ الغِنى ذو البُعْدَةِ المَتَبذِّلُ

الذي يَبْتَذِلُ نَفسه في الأسفار والمَتَاعِب.

بعر ـ فلانٌ لا يَفُتّ بَعْرَه ولا يَبُتّ شَعْرَه. وهو أهْوَنُ عليّ من بَعْرَةٍ يُرْمى بها كَلْبٌ ، وأصلُه من فِعْل المُعْتَدّةِ بعد وفاةِ زَوْجِها. ويقال منه بَعَرَتِ المُعْتَدّةُ فهي باعِرَةٌ إذا انقَضَتْ عِدّتُها أي رَمَتْ بالبَعْرَةِ. يقال بَعَرْتُه إذا رَمَيْتَه بها. وصَرَعَتني بَعِيرٌ لي ، وحَلَبْتُ بَعِيري : تريدُ النّاقة ؛ قال :

لا تَشْترِي لَبنَ البَعِيرِ وعِنْدَنا

عَرَقُ الزّجاجَةِ وَاكِفُ التّهْتَانِ

ويقولون : كِلا هذين البَعِيرَينِ ناقَةٌ. وتقول : إن هذا الدّاعِر ما زالَ يَنْحَرُ الأبَاعِر ويَنْثِلُ المَبَاعِر.

بعض ـ بعضُ الشرّ أهْوَنُ من بَعضٍ. ويقال للرجُل من القوم : مَنْ فعلَ كذا؟ فيقول : أحدُنا أو بعضُنا ، يريد نفسَه ؛ ومنه قول لبيد :

تَرّاكُ أمْكِنَةٍ إذا لمْ أرْضَهَا

أوْ يَرْتَبِطْ بعضَ النّفوسِ حِمامُها

يريدُ نفسه. وهذه جاريةٌ حُسّانَةٌ يُشْبِهُ بعضُها بعضاً. وأخذوا مالَه فبعّضُوه تَبعيضاً إذا فَرّقُوه. وبَعَضَ الشّاةَ وبَعّضَها. وأبْعَضَ القومُ فهُم مُبْعِضُونَ : كَثُرَ في أرضِهِم البَعُوضُ. وقومٌ مَبْعُوضُونَ. وقد بُعِضُوا إذا أكَلَهُم البَعُوضُ. وليلَةٌ مَبعُوضَةٌ وبَعِضَةٌ. وسُمِعَ بعضُ هُذَيل يقول : باتَتْ علينا لَيلَةٌ بَعِضَةٌ كادَتْ تأكُلُنا.

ومن المجاز : كَلّفْتَني مُخَ البَعُوضِ أي الأمرَ الشّديدَ.

بعق ـ بَعَقَ البِئرَ : حَفَرَها. ومَبْعَقُ المَفازَةِ مُتّسَعُها. قال جَنْدَلٌ الطُّهَوِيّ :

للرّيحِ في مَبْعَقِها المَجْهُولِ

مَسَاحِفٌ مَيّاسَةُ الذُّيولِ

مَبْنُوقَةٌ في عَرْضِها بطُولِ

وفلانٌ يَبْعَقُ اللِّقَاحَ للأضيافِ : يَنْحَرُها.

ومن المجاز : تَبَعّقَ المَطَرُ وانْبَعَقَ وهو انْفِتاحُه بشدّة. وانْبَعَقَ فلانٌ بالجُودِ والكَرَم. وانْبَعَقَ عليهم الخَوْفُ : فاجأهُم ؛ قال أبو دُؤادٍ :

بَينَما المَرْءُ آمِنٌ رَاعَهُ رَا

ئعُ خوْفٍ لم يخْشَ منه انْبِعاقَهْ

بعل ـ النساء ما يَعُولُهُنّ إلّا بُعُولهنّ. وبَعَلَ فلانٌ بُعُولةً حَسَنَةً ؛ قال :

يا رُبّ بَعْلٍ سَاء مَا كانَ بَعَلْ

أي ساء ما قامَ بالبُعُولةِ. وامرأةٌ حسَنَةُ التَّبَعّلِ. وهو يُبَاعِلُ أهْلَه أي يُلاعِبُها. وبينهما مُباعَلَةٌ ومُلاعَبَةٌ ، وهما يَتَباعَلانِ ، وهم يَتَبَاعَلُون ، وهذه أيّامُ أكلٍ وشرْبٍ وبِعَالٍ. وبَعِلَ بالأمْرِ إذا عَيّ به. وامرأةٌ بَعِلَةٌ : لا تُحْسِنُ اللُّبْسَ.

ومن المجاز : هذا بَعْلُ النخل لفَحْلِها. ومَنْ بَعْلُ هذه الدّابّةِ؟ لرَبّها.

بغت ـ بغَتَه الأمْرُ وباغَتَه ، وجاءه بَغْتَةً ، ولا رَأيَ للمَبْغوت ، والمَبغُوتُ مَبْهُوتٌ.

بغث ـ صَقْرٌ أبْغَثُ ، والبَغَثُ الغُبرَةُ ، وهو من أباغِثِ الطير. وشاةٌ بَغْثَاءُ وغَنَمٌ بُغْثٌ : فيها سوادٌ وبَياضٌ.

ومن المجاز : خرج فلانٌ في البَغْثاء والغَثْرَاء وهم أخلاطُ الناسِ. وتقول : هم من بَغْثَاء الخَيْل وغُثَاء السّيْل. وفي مَثَل : «إنّ البُغاثَ بأرْضِنا تَستَنْسِرُ».

بغض ـ هو من أهل البُغْضِ والبِغْضَةِ والمَبْغَضَةِ والبَغْضَاء. قال ساعِدَةُ بنُ جُؤيّةَ :

ومن العَوَادي أن تَقيكَ ببِغْضَة

وتَقَاذُفٍ منها وأنّكَ تُرْقَبُ

وتقول : هو حَقِيقٌ بالبَغْضاء قَذَاةٌ يَجِلّ عن الإغْضَاء. وهو بَغِيضٌ من البُغَضَاء ، وقد بَغُضَ بَغَاضَةً ، وقد أبْغَضْتُه وباغَضْتُه ، وبينهما مُباغَضَةٌ ، وما رأيتُ أشدّ تَبَاغُضاً منهما ، ولم يَزَالا مُتَباغِضَين ، وحبّبَ الله إليّ زيداً

٤٥

وبَغّضَ إليّ عمراً ، وتحَبّبَ إليّ فلانٌ وتبغّضَ إليّ أخوه.

ومن المجاز : يقولون : أنْعَمَ اللهُ بكَ عَيْناً وأبْغَضَ بعدوّك عَيْناً. وبَغُضَ جَدُّه إذا عَثَرَ.

بغل ـ البَغْلُ نَغْل وهو لذلك أهْل. وفلانةُ أعْقَرُ من بَغْلة. وطريقٌ فيه أبوالُ البِغال إذا كان صعباً.

ومن المجاز : يقول أهلُ مِصْرَ : اشترى فلانٌ بَغْلَةً حسناء ، يريدون الجاريةَ. وفي بيت فلان بِغَالٌ كثيرٌ. واشتريتُ من بِغَالِ اليمن ولكن بِغَالي الثّمَن. ونَكَحَ فلانٌ في بني فلانٍ فبغّلَ أولادَهم أي هَجّنَهم. وبغّلْتَ في المشي : بلّدْتَ وأعْيَيْتَ. وبَغُلَ بُغُولةً إذا بَلُدَ. وهو من الثورِ أبْغَل ومن الحمار أنْغَل.

بغم ـ للظّبْيَةِ والنّاقة بُغَامٌ ، وهو أرْخَمُ صَوْتِها ، وهي تَبْغُمُ ولدَها وتَبْغَمُهُ وتَبْغِمُهُ فهي باغِمَةٌ وهو مَبْغُومٌ ، وظِبَاءٌ بَوَاغِمُ وتبَغّمَتْ. ومرَرْتُ برَوْضَةٍ يتَبَاغَمُ فيها الظّباءُ. ومرَرْتُ بغِزلان يَتَباغَمْنَ.

ومن المجاز : امرَأةٌ بَغُومٌ : رَخِيمَةُ الصّوتِ. وباغَمَها مُباغَمَةً وهو أن يُغازِلَها بكلام رقيق. وكانت بينَنا مُباغَمةٌ ومُفاغَمَةٌ ، وهي المُلاثَمَةُ.

بغي ـ بَغَيْتُه وابْتَغَيْتُه ، وطال بي البُغاء فما وجدتُه. وفلان بُغيَتي أي طَلِبَتي وظِنّتي. وعند فلانٍ بُغيَتي. وابْغِني ضالّتي : اطْلُبْها لي. وأبْغِني ضالّتي : أعِنّي على طَلَبِها. قال رؤبة :

وَاذكُرْ بخَيرٍ وابْغِني ما يُبْتَغَى

أي اصنَعْ بي ما يُحَبّ أن يُصْنَع. وخَرَجوا بُغياناً لضَوَالّهم. وبَغَتْ فلانةُ بِغَاءً وهي بَغيٌ : طَلُوبٌ للرّجال وهُنّ بَغَايا. ومنه قِيل للإماء البَغَايا لأنّهنّ كُنّ يُبَاغِينَ في الجاهليّة. يقال : قامتِ البَغَايا على رؤوسهم [قال أبو نُوَاسٍ (١) :

قال ابْغِني المِصْباحَ قلتُ له اتّئِدْ

حَسْبي وحَسبُكَ ضَوْءُها مِصْباحا]

وقال الأعشى :

والبَغَايا يَرْكُضْنَ أكْسِيَةَ الإضْ

رِيجِ والشّرْعَبيَّ ذا الأذْيالِ

وخرَجتْ أَمَةُ فلانٍ تُباغي ، وهو ابنُ بِغْيَةٍ وغَيّةٍ بمعنى. وإنّك لعالمٌ ولا تُباغَ أي لا تُصِبْكَ عَينٌ فتُباغِيكَ بسوء. ورُوِيَ ولا تُبَغْ ولا تُبَاغُ بالرّفع ، من تَبَيّغَ الدّمُ أي لا تَبَيّغَتْ بك عَينٌ فتُؤذيك ، كما يَتَبَيّغُ الدّمُ فيؤذي. وأقْبَلَتِ البَغَايا وهي الطّلائِعُ. وبَغَى علينا فلانٌ : خرَجَ علينا طالباً أذانا وظُلْمَنا. وهي الفِئَةُ الباغيَةُ وهم البُغَاةُ وأهلُ البَغيِ والفَساد. وقد تَباغَوْا : تَظالَمُوا.

ومن المجاز : بَغَى الجُرْحُ : تَرَامَى إلى الفَسادِ. وبَغَتِ السّماءُ : ألَحّ مطرُها. ودَفَعْنا بَغيَ السّماء خلفَنا. ويقال للفرَس إنّه لذو بَغْيٍ في عَدْوِه أي ذو مَرَحٍ ، وفرسٌ باغٍ.

بقر ـ بَقَرَ بَطْنَه ، وتَبَقّرَ في العِلم والمال : توسّع. وهو باقرٌ وباقِرَةٌ : بَقَرَ عن العُلُوم وفَتّشَ عنها. وتَبَقّرَ بالكلام : تفتّقَ به. وفِتْنَةٌ باقِرَةٌ.

ومن المجاز : جاء فلانٌ يَجُرّ بَقَرَةً. وعلى فلانٍ بَقَرَةٌ من عِيَالٍ وكَرِشٌ من عِيالٍ ، وفلانٌ في بَقَرَةٍ من الناس ، والمراد الكثرةُ والاجتماع. كما يقال : لفلانٍ قنطارٌ من ذهب وهو مِلْء مَسْكِ البَقَرَةِ. لما استَكْثَرُوا ما يَسَعُ جِلْدُ البَقَرَةِ ضَرَبُوها مَثَلاً في الكَثرَة.

بقع ـ نادَى اللهُ تعالى موسى عليه‌السلام (فِي الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ) ، ونزَلوا في بِقاعٍ طَيّبة. وفي الثوبِ بُقَعٌ لم يُصِبْها الصِّبْغُ. وبَقّعَ الصّبّاغُ الثوبَ إذا لم يُبْهِم الصِّبْغَ فبَقيَتْ فيه لُمَعٌ. وبَقّعَ السّاقي ثَوبَه إذا انْتَضَحَ عليه الماءُ فابْتَلّتْ منه بُقَعٌ ، وقد تَبَقّعَتْ ثِيابُه. وغُرابٌ أبْقَعُ : فيه بُقَعٌ من سَوَادٍ وبَياضٍ. وكلابٌ بُقْعٌ وهو من بُقْعِ الكلاب. ومنه ابْتُقِعَ لَوْنُه.

ومن المجاز : سَنَةٌ بَقْعَاءُ وعامٌ أبْقَعُ : لعام الجَدْبِ. وتَشَاتَمَا فتَقاذَفَا بما أبْقى ابنُ بُقَيْعٍ وهو الكلبُ ، وما أبْقاه هو بَقَايا الجِيَفِ ، أي قَذَفَ كلُّ واحدٍ صاحبَه بالقاذورَاتِ. وهو باقِعَةٌ من البَوَاقِعِ : للكَيّسِ الدّاهي من الرّجال. شُبّهَ بالطّائر الذي يَرِدُ البُقَعَ وهي المُستَنقعات

__________________

(١) هذه الزيادة انفردت بها احدى النسخ ، والأنسب ذكرها في المادة بعد قوله : وأبغني ضالتي الخ.

٤٦

دون المَشَارِعِ خوفَ القُنّاصِ. وفلانٌ حَسَنُ البُقْعَةِ عند الأمير أي المَكانِ والمنزِلَةِ.

بقل ـ أبْقَلَتِ الأرْضُ إذا اخضَرّتْ بالنّبات ، وبَلَدٌ بَاقِلٌ وبَقِلٌ. قال عمَرُو بنُ قَمِيئَة :

يَهَبُ المَخاضَ على غَوَارِبِهَا

زَبَدُ الفُحُولِ مَعَانُها بَقِلُ

وتَبَقّلَتِ الإبِلُ وابْتَقَلَتْ ؛ قال أبو النّجْمِ :

تَبَقّلَتْ في أوّلِ التّبَقُّلِ

بينَ رِماحَيْ مالِكٍ ونَهْشَلِ

وبَقّلَها راعيها. وأبْقَلَ الشّجرُ : خرَجَ وقتَ الربيعِ في أعْرَاضِه شبْهُ أعْنَاقِ الجَرَادِ ، ويقال حينئذٍ : صار الشجرُ بَقْلَةً واحدةً. وفلانٌ لا يَعرِفُ البَوَاقيلَ من الشّوَاقيل ، فالبَاقولُ الكُوبُ والشّاقُولُ عَصاً قَدْرُ ذِرَاعٍ في رأسِها زُجٌّ ، يَشُدّ إليها المَسّاحُ حَبْلَه ، ثمّ يَرُزّها في الأرض ، ويَتَضَبْطُها حتى يَمُدّ الحَبْلَ.

ومن المجاز : بَقَلَ وَجهُ الغلامِ وبَقّلَ. وبَقَلَ نابُ البعير : نجم ؛ قال أبو وَجْزَةَ :

فَسَلِّ أسبابَ شَوْقٍ مِن لُبانَتِها

بباقِلِ النّابِ كالقُرْقُورِ وَسّاجِ

بقي ـ ما بَقِيَتْ منهم باقِيَه ولا وَقَتْهُم منَ اللهِ وَاقِيَه. وما لفلانٍ مَبقًى أي بَقَاء. وأين للإنسان المبقَى؟ وأين للناس المَبَاقي؟ وعليهم بَوَاقي الخَرَاج. واستَبْقى الأميرُ الجانيَ واستَحْياه إذا عَفا عنه فلم يَقتُلْه. واستَبقى أخاه إذا عَفَا عن زَلَلِه لتَبْقى مودّتُه ؛ قال النابغة :

ولَستَ بمُسْتَبْقٍ أخاً لا تَلُمُّهُ

على شَعَثٍ ، أيُّ الرّجالِ المُهَذَّبُ؟

وتَبَقّاه بمعنى استَبْقاه. وفي مَثَل : «لا يَنْفَعُك من زادٍ تَبَقّ ولا ممّا هو واقعٌ تَوَقٍّ». وأبْقَى عليه بُقْيا وبَقِيّةً ، وهم مَبَاقٍ على قَوْمهم ؛ قال النابغة :

وأُخْبِرْتُهُم أبْقَوْا على الأصْل إذ علوْا

على أنّهم قِدْماً مَباقٍ على الأصْلِ

وما لي عليه بُقْيَا وبَقِيّةٌ ، وما لي عليه رَعْوَى ولا بَقْوَى ؛ قال لَبِيدٌ :

فَمَا بُقْيا عَليّ تَرَكْتُماني

ولكنْ خِفتُما صَرَدَ النّبالِ

وقال :

وما صَدّ عني خالِدٌ من بَقِيّةٍ

ولكن أتَتْ دوني الأسودُ الهَوَاصِر

وقال :

كَلّفَني حُبّيَ للدّرَاهِمِ

وقِلّةُ البَقَوى على المَغارِمِ

خدْمَةَ مَنْ لَستُ له بخادِمِ

ويقولون : أُنْشِدُكَ اللهَ والبُقْيا أي أسألُك بالله أن تُبقيَ عليّ. وبَقَيْنا رسولَ الله : انْتَظَرْناهُ. وابْقِ المُؤذِّنَ : انتَظِرْه.

ومن المجاز : رَكِبُوا المُبْقِيات وجَنَّبُوا المُنْقِيات ، وهي الخَيلُ التي لا يُخْرِجْنَ ما عندَهنّ من الجَرْيِ فهنّ أحْرَى أن لا يَلْغَبنَ ؛ قال بِشْرُ بنُ أبي حازِمٍ :

لَدُنْ غُدْوَةً حتى أتَى اللّيلُ دونَهُم

وأدْرَكَ جَرْيَ المُبْقِياتِ لُغُوبُها

وناقةٌ مُبْقِيَةٌ : لا تُعْطي الدَّرّ كُلّه ؛ قال النّضْر : هي التي لا تَسْتَفرِغُ غُزْراً ، تَحْلُبُ نصفَ العُلْبَةِ ، ليست بصاحبَة إتْرَاعِ المِحْلَبِ. فإذا نَضَبَتِ الإبِلُ وبكَأتْ كانت على حالِها ذاتَ بَقِيّةٍ. والمُنْقِياتُ السّمَانُ ذَوَاتُ النِّقْيِ.

بكأ ـ ناقةٌ بَكيءٌ : قليلةُ اللّبنِ ، وقد بَكُؤتْ.

ومن المجاز : بَكُؤتِ العَينُ : قَلّ ماؤها ، ورَكِيٌ بَكِيٌ ، وبَكُؤتْ عَيْني وعيُونٌ بِكاءٌ : قَلّ دَمْعُها ، وألْسِنَةٌ بِكاءٌ : قَلّ كَلامُها ، وأيْدٍ بِكَاءٌ : قَلّ عَطاؤها. تقول : عيونُهم بِكاء ما بهم بُكاء. وقد أبكَأ فلانٌ : صار ذا بَكْءٍ وقِلّةِ خَيرٍ ؛ قال رُؤبةُ :

هل لكَ في ذي شَيْبَةٍ مُجاهِدِ

٤٧

على عِيَالٍ في زَمانٍ جَاحِدِ

يَرْجُوكَ إذْ أبْكَأ كلُّ رَافِدِ

ونحن مَعَاشِرَ الأنْبِياء فينا بَكْءٌ أي قِلّةُ كلامٍ.

بكت ـ بَكَتَه بالحُجّةِ وبَكّتَه : غَلَبَه. تقول : بَكَتَه حتى أسْكَتَه. وبَكّتَه : قَرّعَه على الأمر وألزَمه ما عَيّ بالجَوابِ عنه. وبَكّتَه بالعَصَا : ضَرَبه.

بكر ـ بَكَرَ المُسافِرُ وأبْكَرَ وبَكّرَ وابْتَكَرَ وتَبَكّرَ : خرج في البُكْرَة ؛ قال ذو الرُّمّة :

خُوصٌ بَرَى أشْرَافَهَا التّبَكُّرُ

قَبلَ انْصِداعِ الفَجْرِ والتّهَجُّرُ

وباكَرَه : بَكَرَ إليه. وتقول : المُبَاكَرَةُ مُبارَكةٌ. وأتَيتُه بَاكِراً وبُكْرَةً وبَكَراً.

ومن المجاز : بَكّرَ بالصّلاة إذا صلّاها في أوّل وقتِها. وفي الحديث : «لا يزالُ الناسُ بخَيرٍ ما بكّرُوا بصلاة المغرب». وبَكّرَ إلى صلاة الجمعة : خرج إليها في أوّل وقتها. وابتكَرَ الشّيءَ : أخَذَ أوّلَه. وابْتَكَرَ الفاكِهَة : أكل باكورَتها وهي أوّلُ ما يُدْرِكُ منها. وابْتَكَرَ الجارِية : اقْتَضّها. وابتَكَرَ الخُطْبَةَ : سَمِعَ أوّلها. ونخلَةٌ باكِرٌ وبَكُورٌ : تُبَكِّرُ بحَمْلِها. وغيثٌ باكِرٌ وبَكُورٌ : وقع في أوّل الوَسْميّ. وسَحَابَةٌ مِدْلاجٌ بَكُورٌ ؛ قال :

جَرّرَ السّيلُ بها عُثْنُونَهُ

وتَهَادَتْها مَدَالِيجٌ بُكُرْ

وضَرْبَةٌ بِكْرٌ : لا تُثَنّى. وكانَتْ ضَرَباتُ عَلِيٍ أبْكَاراً. وأشَدّ الناسِ بِكْرٌ ابنُ بِكْرَيْنِ. وما هذا الأمرُ منك ببِكْرٍ ولا ثِنْيٍ أي بأوّلٍ ولا ثَانٍ. وكَرْمٌ بِكْرٌ : حَمَلَ أوّلَ حَمْلِه ، وكُرُومٌ أبْكارٌ. وحاجَةٌ بِكْرٌ وهي أوّلُ حاجَةٍ رُفِعَتْ ؛ قال ذو الرُّمّةِ :

وُقُوفٌ لَدَى الأبْوَابِ طُلّابُ حَاجَةٍ

عَوَاناً مِنَ الحاجاتِ أوْ حاجَةً بِكْرَا

ونارٌ بِكْرٌ : لم تُقْتَبَسْ من نارٍ. وعَسَلٌ أبْكَارٌ : عملته أبْكارُ النّحل ، وقيل الجواري الأبْكارُ يُلَيّنّهُ. وجاءوا على بَكْرَةِ أبِيهِم أي جميعاً. والأصل حديث الدُّهَيْم.

بكع ـ بَكَعَه بالسّيف والعَصَا : ضَرَبَه ضرباً شديداً.

ومن المجاز : كَلّمتُه فبَكَعَني بجَوَابٍ خَشِنٍ ، وخَشِيتُ أن تَبْكَعَني بما أكْرَهُ.

بكك ـ تَبَاكّتِ الإبِلُ على الحَوْض : تزاحمَتْ. وتقول : تَبَاكُّوا فتَداكُّوا. وسُمّيَتْ بَكّةَ لأنّها كانت تَبُكّ أعناقَ الجبابرَةِ إذا ألحَدُوا فيها بظُلْمٍ لم يُناظَرُوا أي لم يُنْتَظَرْ بهم. وتقول : أحْمَقُ بَاكّ مَنْ هو في الحقّ شاكّ.

بكم ـ تكلّم فلانٌ فتُبُكِّمَ عليه إذا أُرْتِجَ عليه.

بكي ـ بَكَى على المَيّتِ وبَكَاه وبَكَى له وبكّى عليه وبَكّاه. وفعلتُ به ما أبْكَاه وبَكّاه ؛ قال :

سُمَيَّةُ قُومي ولا تَعجِزِي

وبَكّي النّساءَ على حَمزَةِ

واستَبْكَيْتُه فبَكَى ، وباكَيْتُه فبَكَيْتُه : كنتُ أبكى منه ؛ قال جرير :

الشّمسُ طالعَةٌ لَيسَتْ بكَاسِفَة

تَبكي عَلَيكَ نجومَ اللّيلِ والقَمَرَا

وفي الحديث : «لكِنّ حمزَةَ لا بَوَاكيَ له». وهو من البَكّائين.

ومن المجاز : بَكَتِ السّحابَةُ في أرْضهم (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ).

بلج ـ انْبَلَجَ الفَجْرُ وتَبَلّجَ. ولَقِيتُه عند البُلْجَةِ ، وسرَيتُ الدُّلْجَةَ والبُلْجَةَ حتى وصَلْتُ ؛ قال :

أغْدُو عليها وأشُدُّ أزْرِي

ببُلجَةٍ قبل طُلوعِ الفَجرِ

ورجُلٌ أبْلَجُ : بَيّنُ البَلَجِ والبُلْجَةِ ؛ قال :

أبْلَج بَينَ حاجِبَيْهِ نُورُهُ

إذا تَغَدّى رُفِعَتْ سُتورُهُ

وما أحْسَنَ بُلْجَتَهُ!

ومن المجاز : صَبَاحٌ أبْلَجُ ؛ قال العَجّاجُ :

حتى بَدَتْ أعْنَاقُ صُبْحٍ أبْلَجَا

تَسُورُ في أعْجَازِ لَيْلٍ أدْعَجَا

٤٨

والحقُ أبْلَجُ وقد أبْلَجَ الحقُّ إبْلاجاً.

ويقال للرجل الطّلْقِ الوَجهِ ذي الكَرَم والمعرُوفِ : هو أبْلَجُ وإن كان أَقْرَنَ. وبَلِجَتْ به الصّدورُ فَرَحاً إذا انشَرَحَتْ ، تقول : ثَلِجَ به صَدْري وبَلِجَ بعدما حَرّ وحَرِج.

بلح ـ طلبْتُ منهُ حَقّي فبَلّحَ أي عَجَزَ عن الأداء. وجرَى الفرسُ حتى بَلّحَ إذا انقطَعَ. وتقول : هو آنَسُ من المُلَح وأيْمَنُ من البُلَح ، وهو طائرٌ أعظَمُ من النّسْرِ مُحْتَرِقُ الريش لا تَقع منه ريشةٌ في ريش طائرٍ إلّا أحرَقَتْه ، واسمُه بالفارسيّة «هُمَايْ» أي مَيْمُون ، وهو أقْدَرُ اللّوَاحِمِ على كَسرِ العِظامِ وابتِلاعِها. ويقال : مَرّ البُلَحُ فمسَحني تِمثالُه أي وقعَ عليّ ظِلّه. وما أحسَنَ بَلَحَ هذه النّخلةِ! وقد أبْلَحَتْ.

بلد ـ وضَعَتِ النّاقَةُ بَلْدَتَها وهي صدرُها إذا بَرَكَت ؛ قال ذو الرُّمّة :

أُنِيخَتْ فألقَتْ بَلدَةً فَوْقَ بَلدَةٍ

قليلٍ بها الأصْوَاتُ إلّا بُغَامُهَا

ويقال : تَجَلّدَ فلانٌ ثمّ تَبَلّدَ. وأبْلَدُ من ثَوْرٍ. وبَلّدَ بعد نَشاطِهِ إذا فَتَرَ ونُكِسَ ؛ قال :

جَرَى طَلَقاً حتى إذا قيلَ سَابِقٌ

تَدَارَكَهُ أعْرَاقُ سُوء فَبَلَّدَا

وهو أذَلُّ من بَيضَةِ البلَدِ وأعَزُّ من بَيضَةِ البَلَدِ.

ومن المجاز : إن لم تفعل كذا فهي بَلْدَةٌ بَيْني وبَيْنَك ، يريد القَطيعةَ أي أُباعِدُكَ حتى تَفصِلَ بَينَنا بلدةٌ من البِلاد. ويقال للمُتَلَهِّفِ : تَبَلَّدَ. وضرَبَ بَلْدَتَه على بَلْدَتِهِ أي صَفحةَ راحتِه على صَدرِه ؛ قال كُثَيّر :

وأجْمَعْنَ بَيناً عاجِلاً وترَكْنَني

بِفَيْفَا خُزَيْمٍ وَاقِفاً أتَبَلّدُ

وتَبَلّدَتِ الجِبالُ : تقاصَرَتْ في رَأيِ العَينِ من ظُلمةِ اللّيل ؛ قال :

إذا لم يُنازِعْ جاهِلُ القَوْمِ ذَا النُّهَى

وبَلّدَتِ الأعْلامُ باللّيْلِ كالأكَمْ

بلس ـ ناقةٌ مِبْلاس : لا تَرْغُو من شِدّةِ الضَّبَعَةِ ، وقد أبْلَسَتْ. ومنه : أبْلَسَ فلانٌ فهو مُبْلِسٌ إذا سَكَتَ من يَأسٍ (وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ). وتقول : حُبُ البَلَسِ أنْساني حَبَ البَلَسَانِ ، وهو التّين.

بلط ـ أحَلْتُ عليه بسَوْطي فلَزِقَ ببَلاطِ الأرض وهو ما صَلُبَ من مَتْنِها ومُسْتَوَاها. ومنه بَلّطَ دارَه إذا فرَشَها بصَخْرٍ أو آجُرّ ، وما أحسَنَ بَلاطَ صَحْنِك! ورأيتُ دارَه مُصَهْرَجَةً مُبَلَّطَةً. وأرضُ الكَعْبَةِ مُبَلَّطَةٌ بالرّخام ؛ وقال كُثَيّر :

وكنتم تَزِينونَ البَلاطَ فَفارَقَتْ

عَشِيّةَ بِنْتُمْ زَيْنَها وجَمَالَها

ونزلوا فتَبَالَطوا أي تجالَدوا ، ولا تكون المُبالَطَةُ إلّا على الأرض. ويقال : ما خالَطَهُ حتى بالَطَه. وإذا هَفَا صَبِيُّكَ فبَلِّطْ له ، والتّبْلِيطُ أن يَضرِبَ فرْعَ أذنِه بطَرَفِ سَبّابَتِه ، يقال : بَلِّطْ له وبَلِّطْ أُذُنَه.

ومن المجاز : إنّها لَحَسَنةُ البَلاطِ إذا جُرّدَتْ ، وهو مُتَجَرَّدُها. واعترضهم اللّصوص فأبْلَطوهم إذا تركوهم على ظهر الغُبَيراء لم يُبْقُوا لهم شيئاً. ومشيتُ حتى انقَطَعَ بَلّوطي.

بلع ـ وهو واسعُ المَبْلَعِ والبُلْعُومِ ، وأعوذُ بالله من قِلّة المَطاعِم وَسَعةِ البَلاعِم. وفلانٌ مِبْلَعٌ هِبْلَعٌ للأكُولِ. وبَلّعَ الشَّيبُ في رَأسِه : ظَهَرَ وارْتَفَعَ.

ومن المجاز : أبْلِعْني رِيقي أي أمْهِلْني حتى أقولَ أو أفعلَ. وقلتُ لبعضِ شُيوخي : أبْلِعني رِيقي فقال : قد أبْلَعْتُكَ الرّافِدَين. وقِدْرٌ بَلُوعٌ : كبيرَةٌ تَبلَعُ ما يُلْقَى فيها ؛ قال ابنُ هَرْمَةَ :

وقَرّبَ طَاهِينَا بَلُوعاً كأنّها

لدَى الكِسْرِ مَطْليُّ المَغابِنِ أخْشَفُ

أجْرَبُ غَطّى الجَرَبُ جِلْدَهُ وذهَبَ فيه كلّ مَذْهَبٍ ، من خَشَفَ في الأرض إذا ذهَبَ فيها.

بلغ ـ أبْلِغْهُ سَلامي وبَلِّغْه. وبَلَغْتُ بِبَلاغ اللهِ : بِتَبْلِيغِه ؛ قال الكُمَيْتُ :

٤٩

فهل تُبْلِغَنّيهِمْ على نأيِ دارِهمْ

نَعَمْ بِبَلاغِ اللهِ وَجْناءُ ذِعْلِبُ

وبَلَغَ في العِلْم المَبَالِغَ. وبَلَغَ الصّبيُّ. وبلَغَ اللهُ به فهو مبلوغ به. وبلَغَ مني ما قلتَ ، وبلَغَ منه البُلَغِينَ والبِلَغِينَ. وأبْلَغْتُ إلى فلان : فعلتُ به ما بَلَغَ به الأذى والمَكرُوهَ البَليغَ. واللهمّ سَمْعاً لا بَلْغاً. وتَبالَغَ فيه المَرضُ والهَمُّ إذا تَنَاهَى. وتَبَلّغَ بالقَليلِ : اكتَفَى به ، وما هي إلّا بُلْغَةٌ أتَبَلّغُ بها. وتَبَلّغَتْ به العِلّةُ : اشتَدّتْ. وبَلُغَ الرجلُ بَلاغَةً فهو بَليغٌ وهذا قولٌ بَليغٌ. وتَبالَغَ في كلامه : تَعَاطَى البَلاغَةَ وليس من أهْلِها ، وما هو ببَليغٍ ولكن يَتَبالَغُ. وبَلّغَ الفارِسُ : مَدّ يده بعِنانِ فرَسِه ليزيدَ في عَدْوِه. ووصلَ رِشاءَه بتَبْلِغَةٍ وهو حُبَيْلٌ يُوصَلُ به حتى يَبْلُغَ الماءَ وهو الدّرَكُ ، ولا بُدّ لأرْشِيتِكم من تَبالِغَ.

بلق ـ أشهرُ من الأبْلَقِ. وأبلَقَ البابَ ثمّ أصْفَقَه أي فتَحَه ثمّ ردّه. والناسكُ في مَلَقِه أعظمُ من المَلِكِ في بَلَقِه ، أي في فُسطاطِه ؛ قال امرؤ القيس :

فَلْيَأتِ وَسْطَ قِبَابِهِ بَلَقي

وَلْيَأتِ وَسْطَ خَمِيسِهِ رَجْلي

بلقع ـ دارٌ بَلْقَعٌ ودِيارٌ بَلاقِعُ ، ونزلنا ببَلْقَعَةٍ مَلْسَاء.

بلل ـ في صدره غُلّه وما في لسانِه بِلّه. وما في سِقائِه بِلالٌ وهو ما يُبَلّ به. ويقال : اضربوا في الأرض أميالاً تجِدوا بِلالاً ؛ وما فيه بُلالَة ولا عُلالَة. وريحٌ بَليلٌ : باردةٌ مع مَطَرٍ. وبَلّ من مَرَضِه وأبَلّ واستَبَلّ. وكثيراً ما كان يَتَمَثّل سيبَوَيْهِ بقوله :

إذا بَلّ من دَاءٍ بهِ ظَنّ أنّهُ

نَجَا وبِهِ الدّاءُ الذي هوَ قَاتِلُهْ

وبَلِلْتُ به : ظَفِرْتُ ؛ قال طَرَفَةُ :

مَنِيعاً إذا بَلّتْ بِقَائِمِهِ يَدِي

وهو حِلٌ بِلٌ. وفي صَدْرِه بَلْبَالٌ وبَلابِلُ. وتقول : متى أخطَرْتُك بالبَال وقعتُ في البَلْبَال.

ومن المجاز : بُلّوا أرحامَكم ، ونحوُه نَدِّ رَحِمَك ، ونَضَحْتُ وُدَّك ؛ قال :

نَضَحْتُ أدِيمَ الوُدّ بَيني وبَيْنَكم

وبَلّكَ اللهُ بابنٍ. وما أحسَنَ بِلّةَ لِسانِه إذا كان واقِعاً على مَخارِجِ الحروف. وفلانٌ بَزِيعُ المَنطق بَليلُ الرّيق. ولم أرَ أبَلَ منه رِيقاً. ولا تَبُلُّكَ عندي بَالّةٌ أي لا يُصِيبُك خَيرٌ. وابتَلّ فلانٌ وتَبَلّلَ : حَسُنَتْ حالُه بعد الهُزال. وطَوَيْتُهُ على بُلَّتِه إذا احتَمَلْتَه على فسادِه ، وأصله السّقاء يُطْوَى وهو مُبْتَلٌ فيَعْفَنُ ؛ قال :

ولَقَد طَوَيتُكُمُ على بُلُلاتِكُمْ

وعَلِمْتُ ما فيكم من الأَذرَابِ

بلم ـ المالُ بيني وبينك شَقّ الأُبْلُمَةِ وهي خُوصَةُ المُقْلِ ؛ قال :

أتَوْنا ثائِرِينَ فلَن يَؤوبُوا

بأُبْلُمَةٍ تُشَدّ على بَزِيمِ

أي على دَسْتَجَةِ بَقْلٍ.

بله ـ خيرُ أولادِنا الأَبْلَهُ العَقُول وخيرُ النّساء البَلْهاءُ الخَجول ؛ قال :

ولقد لهَوْتُ بطَفْلَةٍ مَيّالةٍ

بَلهاءَ تُطلِعُني على أسرَارِها

وتَبَالَهَ فلانٌ ؛ قال عُمَرُ بنُ أبي رَبيعَةَ :

تَبَالَهْنَ بالعِرْفَانِ لمّا عَرَفْنَني

وقُلْنَ امرُؤٌ باغٍ أكَلَّ وَأوْضَعَا

وتقول : هذا ما أُظْهِرُه لك بَلْهَ ما أُضْمِره أي دَعْ ما أُضمره فهو خيرٌ ممّا أُظْهِرُه.

ومن المجاز : هو في شَبابٍ أبْلَهَ وعَيشٍ أبْلَهَ ، يرادُ غفلَةُ صاحبهِما عن الطّوَارِق ؛ قال رُؤبَةُ :

بَعدَ غُدانيّ الشّبابِ الأبْلَهِ

ومنه : هو في بُلَهْنِيَةٍ من عَيْشِه. تقول : لا زِلْتَ مُلَقًّى بتَهْنِيَه مُبَقًّى في بُلَهْنِيَه. وجَمَلٌ أبْلَهُ وناقَةٌ بَلْهاءُ : لا تَنْحاشُ مِن ثِقْلٍ كأنّها حَمْقاء. وفلانٌ يَتَبَلّه في المَفَازَةِ أي يَتَعَسّفُ من غيرِ هِدايَةٍ ولا مَسألَةٍ.

٥٠

بلو ـ بَلَوْتُهُ فكان خَيرَ مَبْلُوّ. وتقول : اللهمّ لا تَبْلُنا إلّا بالذي هو أحْسن. وقد بُليَ بكذا وابتُليَ به. وبُليَ فلانٌ : أصابَتْهُ بَلِيّةٌ ؛ قال :

بُلِيتُ وفِقْدانُ الحَبِيبِ بَلِيّةٌ

وكَمْ من كَرِيمٍ يُبْتَلى ثمَّ يَصْبِرُ

وأصابَتْه بَلْوَى. ونزلتْ بَلاءِ على الكُفّار. وفي الحديث : «أعوذُ باللهِ من جَهْدِ البَلاء إلّا بَلاءً فيه عَلاء». أي عُلُوّ منزلةٍ عند الله. وهما يتنَباريانِ ويَتَبالَيانِ أي يَتَخابَرَانِ. ومنه قولهم : لا أُباليه : أي لا أُخابِرُه لقِلّة اكتِرائي له ، وهو أفْصَحُ من لا أُبالي به ؛ قال زُهَير :

لقَد بالَيْتُ مَظْعَنَ أُمّ أوْفَى

ولكِنْ أُمُّ أوْفَى لا تُبَالي

وقيل : هو قلبُ لا أُبَاوِلُه من البَالِ أي لا أخْطِرُه ببَالي ولا أُلْقي إليه بالاً. ولذلك قالوا : لا أُبَالِيه بَالَةً ، وقيل : أصلُها بالِيَةً. وناقة بِلْوُ سَفَرٍ : قد بَلاها السّفَرُ أو أبْلاها. وقولهم : أبْلَيْتُهُ عُذراً إذا بَيّنْتَهُ له بَياناً لا لَوْمَ عليك بعده ، حَقيقتُه جعلتُه بالِياً لعُذْري أي خابِراً له عالماً بكُنْهِه. وكذلك أبْلَيْتُه يَمِيناً ؛ قال جرير :

فأبْلى أمِيرَ المُؤمِنِينَ أمَانَةً

وأبْلاهُ صِدْقاً في الأمُورِ الشّدَائِدِ

ومنه أبْلى في الحربِ بَلاءً حَسَناً إذا أظْهَرَ بأسَه حتى بَلاه الناسُ وخَبَرُوه. وكان له يومَ كذا بَلاءٌ. وأبْلى اللهُ العَبْدَ بَلاءً حَسَناً أو سيّئاً. والله يُبْلي ويُولي ، كما تقول : عَرّفَك اللهُ بَرَكاته. وابْتَلَيْتُ الأمرَ : تَعَرّفْتُه ؛ قال :

تُسَائِلُ أسْمَاءُ الرّفاقَ وتَبْتَلي

ومن دون ما يَهوَينَ بابٌ وحاجِبُ

يريد أنّه محبوسٌ.

ومن المجاز : بَلَوْتُ الشيءَ : شَمَمْتُه ؛ قال يَصِفُ الماءَ الآجِنَ القديمَ :

بأصْفَرَ وَرْدٍ آلَ حتى كأنّما

يَسُوفُ به البَالي عُصَارَةَ خَرْدَلِ

بند ـ هو كثيرُ البُنُودِ أي كَثيرُ الحِيَل والدّواهي. وأقبل العدُوُّ مع الجُنُودِ والبُنُودِ وهي أعلامُ الرّومِ تحت كلّ بَنْدٍ عشرةُ آلافٍ.

بنق ـ قَمِيصٌ واسعُ البَنَائِقِ وهي الدَّخارِيصُ ، وقيل اللِّبَنُ ؛ قال ذو الرُّمّة :

على كُلّ كَهْلٍ أزْعَكِيّ ويافِعٍ

من اللّؤمِ سِرْبالٌ جَديدُ البَنَائِقِ (١)

وتقول إذا خِطْتَ البَنِيقَه فخطْها بنِيقَه. وبَنّقَ الكتاب : ذَرّهُ. وإذا فَرَغْتَ من قراءة الكتاب فبَنِّقْه ولا تَدَعْه غير مُبَنَّقٍ.

ومن المجاز : جَعْبَةٌ مُبَنَّقَةٌ : زِيدَ في أعلاها شِبْهُ بَنِيقَةٍ لتَتّسِعَ. وطريقٌ مُبَنَّقٌ : واسعٌ. ومَفَازَةٌ مَبْنُوقَةٌ بأُخرى : موصولةٌ بها.

بنن ـ شَمَمْتُ منه بَنّةً طَيّبَةً. وأجِدُ في هذا الثّوبِ بَنّةَ تُفّاحٍ أو سَفَرْجَل. وأجِدُ بَنّةَ الغَزْلِ منك أي أنت حائِكٌ. وفيها بَنّةُ مَرَابِضِ الغَنَم. ومنها قيل للرّوضَة : البُنَانَةُ لطيبِ البَنّةِ. وأبَنّتْ ديارُهم : عادتْ فيها بَنّةُ النَّعَمِ ؛ قال الجَعْدِيّ :

أقامُوا بها حَتى أبَنّتْ دِيارُهُمْ

على غَيرِ دَيْنٍ ضَارِبٍ بجِرَانِ

وما زاد عليه بَنَانَةً أي إصبَعاً واحدةً ؛ قال :

لا هُمّ كَرّمْتَ بني كِنَانَهْ

ليس لحَيّ فوْقَهم بَنَانَهْ

ومن المجاز : أبَنُّوا بالمكان : أقاموا به ، وأصلُه ما يحدُثُ فيه من بَنّةِ نَعَمِهم ، ثمّ كثُرَ حتى قيل لكلّ إقامةٍ إبْنَانٌ. وقيل : أبَنّتِ السّحابَةُ إذا دامَتْ أيّاماً.

بني ـ بَنى بَيتاً أحسَنَ بِناءٍ وبُنْيَانٍ ، وهذا بِناءٌ حَسَنٌ وبُنْيَانٌ حَسَن (كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ) سُمّيَ المَبنيّ بالمصْدر. وبناؤك من أحْسنِ الأبْنِية. وبنَيْتُ بُنْيَةً وبِنْيَةً عَجِيبَةً. ورأيتُ البُنى والبِنى فما رأيتُ أعجبَ

__________________

(١) أزعكي : هو القصير اللئيم.

٥١

منها. وبَنّى القُصُورَ ؛ قال :

ألمْ تَرَ حَوْشَباً أمْسَى يُبَنّي

قصوراً نَفعُها لبَني بُقَيْلَهْ

يُؤمِّلُ أن يُعَمِّرَ عُمْرَ نُوحٍ

وأمْرُ اللهِ يَحْدُثُ كلَّ لَيْلَهْ

وفلان يُباني فلاناً : يُباريه في البِناء. وابتَنى لسُكناه داراً وأبْنَيْتُه بَيتاً. وفي مثل : «المِعْزَى تُبهي ولا تُبْني» ؛ وقال :

لوْ وَصَلَ الغَيْثُ أبْنَينَ امْرَأ

كانَتْ لهُ قُبّةٌ سَحْقَ بِجادْ

وحلف بالبَنِيّةِ وهي الكَعْبَةُ. وتبنّاه وبَنّى زيدٌ عمراً : دُعيَ ابناً له.

ومن المجاز : بَنى على أهْلِه : دخَلَ عليها. وأصلُه أن المُعْرِسَ كان يَبْني على أهْلِه خِبَاءً ، وقالوا : بَنى بأهْله ، كقولهم : أعْرَسَ بها. واسْتَبْنى فلانٌ وابتَنى إذا أعرَسَ ؛ قال :

أرَى كُلَّ ذي أهلٍ يُقيمُ ويَبْتَني

مُقيماً وما استَبْنَيْتُ إلّا على ظَهرِ

تزوّج وهو مسافرٌ على ظهر راحلتِه. وبَنى مَكْرُمَةً وابتَناها ، وهو من بُنَاة المَكَارِم ؛ قال :

بُنَاةُ مَكارِمٍ وأُسَاةُ كَلْمٍ

دِماؤهُمُ منَ الكَلَبِ الشّفاء

وملعونٌ مَنْ هَدَمَ بُنْيَانَ الله أي ما رَكّبَه وسَوّاه. وبُنيَ فلانٌ على الحَزْم ؛ وقال زُهَير :

قَوْمٌ هُمُ وَلَدُوا أبي ولَهُمْ

لِصْبُ الحجازِ بُنُوا على الحزْمِ

وقال الراعي أنشده سيبويه :

بُنِيَتْ مَرَافِقُهُنّ فوْقَ مَزَلّةٍ

لا يَسْتَطيعُ بِها القُرَادُ مَقِيلا

المزَلّةُ الجَنْبُ. وبنى الأكلُ فلاناً وبنّاه إذا سَمّنَه ؛ قال :

بَنَى السَّوِيقُ لَحْمَهُ واللَّتُ

كما بَنى بُخْتَ العِرَاقِ القَتُ

وجَمَلٌ مَبْنيٌ : سَمِينٌ. وبَنى له المرعَى سَنَاماً تَامِكاً. وبَنى كلاماً وشِعراً ، وهذا كلام حَسَنُ المَبَاني. وبَنى على كلامه : احتَذاه. وهذا البيت مبنيّ على بيت كذا. وكلّ شيء صنَعتَه فقد بَنَيْتَه. وطرحوا له بِناءً ومَبنَاةً وهي النِّطْع ، لأنّه كان يُتّخَذ منه القِبابُ. وألقى فلانٌ بَوَانِيَه إذا أقام. والبَوَاني أضلاع الصّدر ، كما يقال : ألقى كَلْكَلَه وبَرْكَه. وبنى البيتَ على بَوَانِيه أي على قواعِده. واسْتَبنَتِ الدّارُ : تَهَدّمَتْ وطَلَبتِ البِناءَ. وطلع ابنُ ذُكاءَ وهو الصُّبْحُ. وصادوا بناتِ الماء وهي الغَرَانيقُ ، وكأنّ الثُّرَيّا ابنُ ماءٍ مُحَلِّقٌ. وهو ابنُ جَلا : للرجل المَشْهور. وأنا ابن لَيْلِها ، وابن لَيلَتِها : لصاحب الأمرِ الكبير. وإنّه لابن أقوال : للكَلاميّ. وهو ابنُ أحْذارٍ : للحَذِرِ ؛ قال :

أبْلِغْ زِياداً وخَيرُ القَوْلِ أصْدَقُه

وإنْ تَكَيّسَ أو كانَ ابنَ أحْذارِ

وهو ابنُ أدِيمٍ وأديمَينِ : للغَرْبِ المُتّخَذِ من ذلك. وكأنّه ابنُ الفَلاةِ وابنُ البَلَدِ وابنُ البُلَيْدَةِ وهو الحِرْباء. وكأنّه ابن الطَّوْدِ وهو الصّدَى ؛ قال :

دَعوْتُ خُلَيْداً دَعْوَةً فكأنّما

دَعَوْتُ بهِ ابنَ الطَّوْدِ أوْ هوَ أسرعُ

وخُذْ بابْنَيْ مِلاطَيْهِ : وهما عَضُداه ، والمِلاطانِ الجَنْبان. وهذه من بناتِ فكري. وغَلَبَتْني بناتُ الصّدْرِ وهي الهُمُوم. وبناتُ لَيلِه صَوادِقُ وهي أحْلامُه. وأصابتْه بناتُ الدّهْر وبنات المُسْنَدِ وهي النّوَائِبُ. ووقعتْ بناتُ السّحابةِ بأرضهم وهي البَرَدُ ؛ قال :

كأنّ ثَنَايَاها بَنَاتُ سَحَابَةٍ

سَقَاهُنّ شُؤبُوبٌ منَ الغَيْثِ باكرُ

هُنّ هو المفعول الثاني. وكَثُرَتْ في البِئرِ بناتُ المِعَى وهي البَعْرُ. وكأنّ أصابِعَها بناتُ النَّقا وهي اليَسارِيعُ. ونزلتْ به بناتُ بِئسَ وهي الدّواهي. وسمعتُ منه بناتِ غَيرٍ وهي الأكاذيبُ ؛ قال :

٥٢

إذا ما جِئْتَ جاء بَناتُ غَيْرٍ

وَإنْ وَلّيْتَ أسْرَعْنَ الذّهَابَا

وهو يُحِبّ بناتِ الليل وبناتِ المِثالِ أي النساء ، والمِثالُ الفِراشُ. وفلانٌ يتَوَسّدُ أذْرُعَ بَناتِ اللّيل وهي المُنى. وهي من بَناتِ طارِقٍ أي من بناتِ المُلُوك. وقد مَلَكَ بناتِ صَهّالٍ وبناتِ شَحّاجٍ أي الخَيلَ والبِغال. وهو يَصيدُ بناتِ الدَّوّ وبناتِ صَعْدَةَ وبناتِ أخْدَرَ أي حُمُرَ الوَحْشِ. وحَيّاني بابنِ المَسَرّةِ وهو الرّيحانُ. وأبصَرْتُ ابنَ المُزْنَةِ وهو الهِلالُ. وأسْهَرَني ابنُ طامِرٍ وهو البُرْغُوثُ. وذَهَبوا في بُنَيّاتِ الطّريق.

بوأ ـ بَوّأكَ اللهُ مُبَوّأَ صِدْقٍ. وتَبَوّأ فلانٌ منزِلاً طَيّباً. ونزَلوا في مَباءتهم وباءتهِم. وأناخوا إبِلَهُم في مَباءتِها وهي مَعْطِنُها. وبنو فلانٍ تَبُوءُ عليهم إبلٌ كثيرةٌ أي تَرُوحُ. وأَباءَ اللهُ عليكم نَعَماً لا يَسَعُها المُرَاحُ. وبوّأتُ الرّمْحَ نحوَه : سدّدْتُه ؛ قال :

بَوّأتُهُ الرّمْحَ شَزْراً ثمّ قلتُ لَهُ

هَذِي المُرُوءةُ لا لِعْبُ الزَّحَالِيقِ

وهم أكْفاءٌ سَوَاء ودِماؤهُم بَوَاء. وبَاءَ فلانٌ بفلانٍ : صار كفؤاً له. وأبَأتُ فُلاناً بفُلانٍ : قتلتُه به ؛ قال :

إنْ يَقْتُلُوا مِنّا الوَلِيدَ فإنّنَا

أبَأنَا بهِ قَتْلى تُذِلّ المَعَاطِسَا

وبَاء بدمِه : أقَرّ به على نفسه واحْتَمَلَه. وباء بحَقّي عليه وبذَنْبِه. (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ).

ومن المجاز : الناس في هذا الأمر بَوَاءٌ أي سَوَاءٌ. وكلّمناهم فأجابوا عن بَوَاء واحدٍ إذا لم يختلِف جوابُهم. وفلانٌ طيّبُ البَاءةِ : للعفيفِ الفَرْجِ ، جُعِلَ طِيبُ الباءةِ ، وهي المبَاءةُ والمَنزِلُ ، مَجَازاً عن ذلك. وهو رَحْبُ المَبَاءة : للسّخيّ الواسعِ المعروفِ. وقرأ فلانٌ كتابَ الباءةِ إذا كان نكّاحاً.

بوب ـ يقال : هذا ليس من بابَتِك أي ممّا يصلُحُ لك. وفلانٌ من أهْوَنِ بَابَاتِه الكَذِبُ وهي أنواعُ خُبْثِه ؛ قال ابن مُقْبِل :

بَني عامِرٍ ما تأمُرُونَ بشاعِرٍ

تخَيّرَ باباتِ الكِتابِ هِجَائِيَا

أي اختار من وجوه الكتاب هجائي. وتَبَوّبَ فلانٌ : اتخذَ بَوّاباً. وبَوّبَ المُصَنِّفُ كتابَه ، وكتابٌ مُبَوَّبٌ ، وتَراجِمُ أبوابِ سيبَوَيْه عَظيمَةُ النّفْعِ.

بوج ـ تَبَوّجَ البَرْقُ.

بوح ـ بَاحَ السّرُّ : ظهر. يقال : باحَ ما كتمتَ ، وباحَ الرجلُ بسِرّه ، وأعوذُ بالله من بَوْحِ السّرّ وكَشْفِ السِّترِ ، وبُحْ باسمك ولا تَكْنِ عنه. وأباحَ الأمرَ : أظهرَه. ومَنْ لكَ بكتمِ المسكِ. الفَائِحِ والسّرّ البائِح. ونشأ فلانٌ في ساحتك وباحَتِك ، وهي العَرْصَة. وعَرَبَةُ باحَةُ العَرَب. وفي مثل : ابنُك ابنُ بُوحِك يشرَبُ من صَبُوحِك ، وهو جمعُ باحَةٍ كساحَةٍ وسُوحٍ أي الذي وُلِدَ في عِراصِك. وأبحتُكَ الشيءَ. وأوْقَعوا بهم فاستَباحوا مالهم ، وفلانٌ يَستَبيحُ أموالَ الناسِ كما تَقول يَستَحِلُّها. وعن أبي عُبَيدة : اسْتَبَاحوهُم سَلَبُوهم باحَتَهم ؛ قال جرير :

سارَ القَصَائِدُ وَاسْتَبَحْنَ مُجاشِعاً

ما بَينَ مِصْرَ إلى جَنُوبِ وَبَارِ

بوخ ـ باخَتِ النّارُ وأباخَها مُطفِئُها. وبَاخَ الحَرُّ : سَكَن ، وأبَاخَهُ اللهُ.

ومن المجاز : عَدَا فلانٌ حتى باخَ وشَاخ حتى باخَ. وبينهم حَرْبٌ ما يَبُوخُ سَعِيرُها. وبَاخَ غَضَبُه. وباخَ عنه الوِرْدُ : فَتَرَتْ عنه الحُمّى. وأبَاخَ النّائِرَةَ بينهم.

بور ـ فلانٌ له نُورُه وعليك بُورُه ، أي هلاكُه. وقومٌ بُورٌ. وأُحِلّوا دارَ البَوَارِ ونزَلتْ بَوَارِ على الكُفّارِ. قال أبو مُكْعِتٍ الأسَدِيّ :

قُتِلَتْ فكانَ تَظَالُماً وتَبَاغِياً

إنّ التّظالُمَ في الصّديقِ بَوَارِ

لوْ كانَ أوّلَ ما أتَيْتَ تَهَارَشَتْ

أوْلادُ عُرْجَ عليك عند وِجَارِ

٥٣

جعلها عَلَماً للضّبَاع فاجتمعَ التعريفُ والتأنيثُ. وبنو فلانٍ بَادوا وبارُوا ، وأبادَهم الله وأبارَهم.

وهو حائرٌ بائرٌ. وإنّه لَفي حُورٍ وبُورٍ. وبُرْتُ الناقةَ فأنا أبُورُها إذا أدْنَيتَها من الفحل تنظر أحائِلٌ هي أم حامِلٌ. ويقال لذلك الفحل المِبْوَرُ.

ومن المجاز : بَارَتِ البِياعاثُ : كَسَدَتْ ، وسُوقٌ بَائِرَةٌ. وبَارَتِ الأيّمُ إذا لم يُرْغَبْ فيها. وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يتَعَوّذُ من بَوَارِ الأيّمِ. وبَارَتِ الأرضُ إذا لم تُزْرَع ، وأرْضٌ بَوَارٌ وأرَضُونَ بُورٌ. وبُرْ لي ما عند فلانٍ واخْبُرْ.

بوس ـ بَاسَ له الأرْضَ بَوْساً. وتقول : اليومَ بِساطُكَ مَبُوس وغداً أنتَ مَحْبُوس. وتقول : أيّها البائِس ما أنت إلّا البَائِس.

بوش ـ جاءوا في هَوْشٍ وبَوْشٍ ، وهو الجمع والكَثرَة ، وقد بَوَّشُوا.

بوص ـ بَاصَني فلان إذا فاتَكَ. ويقول من تَسْتَعجِلُهُ في تَحْمِيلِكَهُ أمراً لا تَدَعُه يَتَمَهّلُ في الرّوِيّة : لا تَعْجَلْ عليّ ولا تَبُصْني.

وفي المَثَل : البَوْصُ بالنَّوْصِ أي النّجاةُ بالفِرار. وقيل في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «وما كان إلّا سابقاً وهو سَائِقٌ وما كان إلّا بائِصاً وهو نائِصٌ». وسار القومُ خِمْساً بائِصاً. واشترى جاريةً كالقَلُوص عَرِيضَةَ البُوص ، وهو العَجُزُ. وكان أبو الدُّقَيْشِ يقول : بُوصُها لِينُ شَحْمَةِ عَجُزِها ، وامرَأةٌ بَوْصَاء ، وهو من البَوْصِ لأنّه يَرْبُو فيَسْتَقْدِمُ.

بوع ـ باعَ الثوبَ يَبُوعُه إذا قَدّرَه بباعِه نحوُ ذَرَعَه إذا قدّره بذِرَاعِه. وتقول : كم بَوْعُ ثوبِك وكم ذَرْعُ ثوبِك. وباع البَعِيرُ والفرسُ وتَبَوّعَ إذا مَدّ باعَه في سَيرِه. وفرَسٌ طَيِّعٌ بَيِّعٌ : بعيدُ الخَطوِ ؛ قال العبّاسُ بنُ مِرْداسٍ :

على مَتنِ جَرْداء السَّرَاةِ نَبِيلَةٍ

كَعالِيَةِ المُرّانِ بَيِّعَةِ القَدْرِ

ومَرّ يَتَبَوّعُ. وناقةٌ بائعَةٌ ، ونُوقٌ بَوَائِعُ. وما بِيعَتْ هذه الثّيابُ حتى بِيعَتْ.

ومن المجاز : لفلان سابقةٌ وباعٌ ؛ وقال العَجّاجُ :

إذا الكِرَامُ ابْتَدَرُوا البَاعَ بَدَرْ

وتَبَوَّع للمَساعي : مدّ باعَه ؛ قال الطِّرِمّاح :

يَمَانيٌ تَبَوَّعُ للمَسَاعي

يَداهُ وكلُّ ذي حسَبٍ يماني

بوغ ـ ارتفَعَتْ بَوْغاءُ الطيّب أي ريحُه. وأصلُها ما يَثُورُ من الغُبارِ ودُقاقِ الترابِ ؛ قال :

لعَمْرُكَ لَوْ لا هاشِمٌ ما تَعَفّرَتْ

ببَغْدانَ في بَوْغَائِها القَدَمَانِ

بوق ـ أصابَتْه بائِقَةٌ وبَوَائِقُ. وهو كثيرُ البَوَائِقِ أي الشّرُورِ. و «لا يَدْخُلُ الجَنّةَ من لا يأمَنُ جارُه بَوَائِقَه». وفلانٌ يعملُ البَوَائِقَ وهي عِظامُ الذّنُوبِ.

ومن المجاز : فلانٌ ينفُخُ في البُوقِ إذا نَطَقَ بالكّذب والباطل وما لا طائلَ تحتَه. وجاء بالبوقِ ، ونَطَقَ بوقاً أي باطِلاً ؛ قال حَسّانٌ :

إلّا الذِي نَطَقُوا بُوقاً ولم يَكُنِ

وتَبَوّقَ فلانٌ : تَكَذّبَ ؛ قال رُوَيْشِدٌ :

فمَنْ قائِلٌ يأتي بمِثْلِ مَقالَتي

من القوْلِ قوْلٌ صادِقٌ وتَبَوّقُ

وتَبَوّقَ الوَباءُ في الماشية : فَشَا فيها وانتشرَ كأنّما نُفِخَ فيها ؛ وقال أبو النّجْم :

إذا زَفَى أبْوَاقَهُ تَرَسّلا

أي رَفَعَ أصواتَه.

بون ـ بينهما بُونٌ وبَوْنٌ بعيدٌ.

بوو ـ فلانٌ أخْدَعُ من البَوّ وأنكَدُ من اللَّوّ.

بهت ـ بَهَتَه بكذا وبَاهَتَه به ، وبينهما مُباهَتَةٌ. ومن عادته أن يُباحِتَ ويُباهِتَ. ولا تَبَاهَتُوا ولا تَمَاقَتُوا. ورَماه بالبَهيتَةِ وهي البُهْتَانُ ، ويا للبَهِيتَةِ. ورآه فبُهِتَ يَنظُرُ إليه نظرَ المتعجِّبِ ، وكلّمتُه فبقي مَبهُوتاً ؛ قال :

٥٤

وما هيَ إلّا أنْ أُرَاها فُجَاءةً

فأُبْهَتَ حتى ما أكادُ أُجِيبُ

بهج ـ نَبَاتٌ بَهِيجٌ ، ورَوْضَةٌ ذاتُ بَهْجَةٍ وهيَ الحُسنُ والنّضَارَةُ. وأبْهَجَهُ الأمرُ : سَرّه ، فبَهِجَ به وابتَهَجَ ، وهو بَهِجٌ به ومُبْتَهِجٌ ؛ قال النابغة :

كمُضِيئَةٍ صَدَفِيّةٍ غَوّاصُهَا

بَهِجٌ مَتى يَرَها يُهِلّ ويَسْجُدِ

وجئتُهم فتَباهَشوا إليّ وتَباهَجُوا بي. وأبْهَجَتِ الأرْضُ : بَهُجَ نَباتُها. وامرأةٌ مِبْهَاجٌ : ذاتُ بَهْجَةٍ غالِبَةٍ ، ونِساءٌ مَبَاهِيجُ ؛ قال ابن مُقْبِل :

وَبِيضٍ مَبَاهِيجٍ كأنّ خُدُودَهَا

خُدُودُ مَهاً آلَفْنَ من عالِجٍ هَجْلا

وباهَجَه مُباهَجَةً إذا باهَاه.

ومن المجاز : رأيتُ ناقَةً لها سَنَامٌ مِبْهَاجٌ ، ونُوقاً لها أسْنِمَةٌ مَباهيجُ أي سِمَانٌ لأن البَهجةَ من السِّمَن.

بهر ـ بَهَرَه : غَلَبَه. وبَهْراً له : دُعاء عليه بأن يُغْلَبَ. قال ابنُ مَيّادَةَ :

فبَهْراً لقَوْمي إذ يَبِيعونَ مُهْجَتي

بجارِيَةٍ بَهْراً لَهُمْ بعدَها بَهْرَا

ويقولون : بَهْراً له ما أسْخَاهُ ، كما يقولون : تَعْساً له جَمِيعاً. وسَرَيْنا حتى ابْهَارّ اللّيلُ إذا انتَصَفَ من بُهْرَة الشيء وهو وَسَطُه.

ومن المجاز : قمرٌ باهرٌ وهو الذي بَهَرَ ضَوْءُهُ ضوءَ الكواكبِ. وطَاوَلَ الرّجلُ صاحبَه فبَهَرَه أي طالَه. وبَهَرَه الحِمْلُ أو العَدْوُ فانْبَهَر ، وعَلاهُ البُهْرُ فهو مَبْهُورٌ وبَهِيرٌ ومُنْبَهِرٌ. وبَهَرْتُ السّيفَ فما حاكَ فيه أي أكرَهْتُه في الضّرْب. وما زال يُراجعُه الألمُ حتى قَطَعَ أَبْهَرَه أي أهلكه ، وهو عِرْقٌ مسْتَبْطِنُ الصُّلْب إذا انْقَطَعَ لم يَبْقَ صاحبُه ؛ قال بِشْرُ بنُ أبي حازِم :

على كُلّ ذي مَيْعَةٍ سابحٍ

يُقَطِّعُ ذو أَبْهَرَيهِ الحِزَامَا

أي بَطْنُه.

بهرج ـ درهمٌ بَهْرَجٌ ومُبَهْرَجٌ : رديء الفِضّة.

ومن المجاز : كلامٌ بَهْرَجٌ وعَمَلٌ بَهْرَجٌ. وكذلك كلُّ موصوفٍ بالرّداءةِ. ودَمٌ بَهْرَجٌ : هَدَرٌ. وبُهْرِجَ بهم الطريق إذا أُخِذَ بهم في غير المَحَجّة. وماءٌ مُبَهْرَجٌ : مُهْمَلٌ للوارِدَة ؛ قال ثعلبة بنُ أوْسٍ الكِلابي :

فلوْ كنتَ ثوباً كنتَ سَبعاً وأرْبَعاً

ولَوْ كنتَ ماءً كنتَ ماءً لهُ نَخْلُ

مُبَهْرَجَةً للوَارِدِينَ حِيَاضُهُ

وليسَ لهُ أهْلٌ فيَمنَعُهُ الأهْلُ

بهز ـ بَهَزْتُه عني : دَفَعْتُه. وهو باهِزٌ لاكِزٌ. وهم بنو بَهْزَةَ أي أولادُ عَلّةٍ.

بهس ـ هو في حُمقِ بَيْهَس وفي جُرْأةِ بَيْهَس. الأوّلُ نَعَامَةٌ ، والثاني أُسَامَةُ.

بهش ـ أتَيْنَا بني فلانٍ فبَهَشُوا إلينا إذا أقبَلُوا إليهم مسرورين ضاحكين. وبَهَشَ إليه الذئبُ والحَيّةُ إذا أقبَلَ عليه يَقْصِدُه. وأنت كالبَاهِشِ النّاهِشِ. وأنت كالحَيّةِ تَبْهَشُ ثمّ تَنْهَشُ. وفلانٌ من أهل البَهْشِ أي من أهل الحجازِ ، لأن البَهْشَ هو المُقْلُ الرَّطْبُ يَنْبُتُ به.

بهظ ـ بَهَظَهُ الحِمْلُ : أثْقَلَه.

ومن المجاز : بَهَظَني هذا الأمرُ ، وهذا أمرٌ باهِظٌ ؛ قال :

تَألّى عَلَينا لا نَجُوزُ وقد دَنَا

منَ الماء وِرْدٌ يَبْهَظُ الماءَ بَاكِرُ

أي لا نَشْرَب ؛ قال :

كُلي هَدَبَ الأرْطى فقد مُنعَ الغَضَا

وجُوزِي بأمْلاحٍ فقد مُنعَ العَذْبُ

وأجازَه : سَقَاه.

بهق ـ في جِلْدِه تَوْليعُ البَهَقِ ، وهو من قولهم للشّديدِ البياض : أمْهَقُ وأبْهَقُ.

بهل ـ أبْهَلَ النّاقَةَ : تركها عن الحلب ؛ وناقَةٌ باهِلٌ : غيرُ مَصْرُورَةٍ يَحْلِبُها مَنْ شاء. وأبْهَلَ الوَالي الرّعيْة

٥٥

واستَبْهَلَهم : تركهم يركبون ما شاءوا لا يأخُذُ على أيديهم. وأبْهَلَ عبدَه : خَلّاه وإرادتَه. وما لَكَ بَهْلَلاً سَبَهْلَلاً أي مُخَلًّى فارغاً. ومنه بَهَلَه : لَعَنَه ، وعليه بُهْلَةُ الله وبَهْلَتُه. وباهَلتُ فلاناً مُبَاهَلَةً إذا دَعَوْتُمَا باللّعْن على الظالم منكما. وتَبَاهَلا وابْتَهَلا : الْتَعَنَا (ثُمَ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ). وهو بُهْلُولٌ وهم بَهَالِيلُ وهو الحَيِيُّ الكريمُ ؛ قال :

كَمْ فِيهِمُ من فارِسٍ ذي مَصْدَقٍ

عندَ اللّقَاء سَمَيْذَعٍ بُهْلُول

وقال حَسّان :

بَهَالِيلُ منهم جَعْفَرٌ وابنُ أُمّه

عَليٌّ ومنهُم أحْمَدُ المُتَخَيَّرُ

ومن المجاز : رجلٌ باهِلٌ : متردّدٌ بغير عَمَل. ورَاعٍ باهلٌ : يمشي بغير عَصاً. وابْتَهَلَ إلى الله : تَضَرّعَ وَاجْتَهَدَ في الدّعاء اجتِهادَ المُبْتَهِلِينَ ؛ وقال لَبِيدٌ :

في قُرُومٍ سَادَةٍ مِنْ قَوْمِهِ

نظَرَ الدّهْرُ إلَيهِمْ فابْتَهَلْ

فاجْتَهَدَ في إهْلاكِهِم.

بهم ـ أبْهَمَ البابَ : أغْلَقَه ؛ أنشد سيبَويَه :

الفَارِجي بَابِ الأمِيرِ المُبْهَمِ

واللّوْنُ البَهِيمُ : ما لا شِيَةَ فيه أيّ لونٍ كان إلّا الشُّهْبَةَ. يقال : ليلٌ بَهِيمٌ ولَيَالٍ دُهْمٌ بُهْمٌ. وفلان بُهْمَةٌ من البُهَمِ : للشّجاعِ الذي يَسْتَبْهِمُ على أقْرَانِه مَأتَاه. وقيل : سُمّي بالبُهْمَةِ التي هي الصّخْرَةُ المُصْمَتَة المُبْهَمَة.

ومن المجاز : أمر مُبْهَمٌ : لا مأتَى له. وأبْهَمَ فلانٌ عليّ الأمرَ. وكلامٌ مُبْهَمٌ : لا يُعْرَفُ له وجْهٌ. واستَبْهَمَ عليه الأمرُ : اسْتَغْلَقَ. واسْتُبْهِمَ على الرّجُل : أُرْتِجَ عليه. وصوتٌ بَهِيمٌ : لا تَرجِيعَ فيه.

بهن ـ امرأةٌ بَهْنَانَةٌ وَهْنَانَةٌ : فاتِرَةٌ مِكْسَالٌ ؛ قال :

بَهْنَانَةٌ تَسْتَعِيرُ القوْمَ أعْيُنَهُم

حتى تَرُدَّ إلى ذي النِّيقةِ البَصَرَا

بهي ـ شيءٌ بَهِيٌ إذا عَلا العَينَ حُسْنُه ورَوْعَتُه ، وقد بَهُوَ الشيءُ وبَهِيَ. وقد مَلأ عَيني بَهَاؤه. وفلانٌ يَفْتَخِرُ بكذا ويَبْتَهِي به ، ولي به افتِخارٌ وَابْتِهَاءٌ ؛ قال أبو النّجْم :

ليسَ المُحَاذِرُ أنْ يَعُدّ قَديمَه

وَالمُبْتَهِي بِقَدِيمِهِ بِسَوَاءِ

وتقول : بَاهَيْتُه فبَهَوْتُه. وكيف تُباهِيه ولا تُضاهِيه. وتَبَاهَوْا به ، وأنا أتَبَاهَى به. وقَعَدُوا في البَهْوِ وهو مُقَدَّمُ البيوت.

ومن المجاز : حَلَبَ اللّبنَ فَعَلاه البَهَاءُ ، يريد وَبِيصَ الرَّغْوَةِ. وفي قول امرئ القيس :

وبَهْوٌ هَوَاءٌ تحتَ صُلْبٍ كَأنّهُ

من الهَضْبَةِ الخَلْقَاء زُحْلُوقُ مَلْعبِ

أراد الجوفَ. وكلّ فَجْوَةٍ يُسْتَعارُ لها البَهْوُ.

بيت ـ ما له بِيتُ ليلةٍ وبِيتَةُ لَيلةٍ. وفلانٌ لا يَسْتَبِيتُ أي لا يَمْلِكُ البِيتَةَ. وتَبَيَّتُ الطّعامَ : أكلتُه عند المَضْجَع ، وشَرُّ الطّعامِ المُتَبَيَّتُ. وبَيّتَه العَدُوُّ ، ومن عادتِه البَيَاتُ. وبَيّتَ الأمْرَ : دبّره ليلاً (إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ). وهذا أمرٌ قد بُيّتَ بلَيْل. وخِفْتُ بَيُّوتَ أمرٍ ؛ قال جَريرٌ :

أُعِدُّ لِبَيُّوتِ الهُمُومِ إذا سَرَتْ

جُمَالِيّةً حَرْفاً ومَيْساً مُفَرَّدَا

وبِتُ عندَه في مَبِيتِ صِدْقٍ ، وبَيْتُوتَةً طَيّبَةً. وأَباتَكَ اللهُ إبَاتَةً حَسَنَةً ، وبَيّتَكَ اللهُ في عافية. وفلانٌ من أهل البُيُوتاتِ ، وهو من بَيْت كريمٍ. وقلتُ أبياتاً من الشّعرِ وبُيُوتاً. ولي في هذا المعنى أُبَيّاتٌ. وكم من أبايِيتَ مِلاحٍ للعَرَبِ.

ومن المجاز : قال بَدَوِيٌّ لآخَرَ : هل لك بيتٌ أي امرأةٌ ؛ وقال :

ما لي إذا أنْزِعُها صَأيْتُ

أكِبَرٌ غَيّرَني أمْ بَيْتُ

٥٦

وقال :

هَنِيئاً لأرْبابِ البُيُوتِ بُيُوتُهُمْ

سِوَى بَعْلِ جُمْلٍ لا هنيئا له جُمْلُ

وباتَ فلانٌ إذا تزوّج. وبني فلانٌ عليه بَيْتاً إذا أعْرَسَ. وتُزُوّجَتْ فُلانَةُ على بَيْتٍ أي على فَرْشٍ يَكْفي البيتَ.

بيد ـ نَزَلْنا بالبَيْدَاء ، وقَطَعْنا بِيداً عن بِيدٍ. وأبَادَهم الله فبَادُوا. وفي الحديث : «بَعَثَ اللهُ جبريلَ فقال يا بَيْدَاء بِيدِي بهم فيُخْسَفُ بهم». وصاد عَيْراً وبَيْدَانَةً. وهو كثيرُ المالِ بَيْدَ أنّه بخيلٌ.

بيش ـ أَعْجَبُ من فَارَة البِيشْ تَغْتَذي بالسُّمُوم وتَعِيشْ.

بيض ـ اجْتَمَعَ لِلْمَرْأَةِ الأَبْيَضَانِ الشَّحْمُ والشَّبَابُ ، وهو لا يَشْرَبُ إلّا الأبْيَضَينِ ؛ قال :

ولكِنّهُ يأتي ليَ الحولُ كَاملاً

ومَا ليَ إلّا الأبْيَضَينِ شَرَابُ

يريد بالأبيضين اللّبن والماء. وما رأيتُه مُذْ أبْيَضَانِ أي يومان. ودَجَاجَةٌ بَيُوضٌ ودَجَاجٌ بُيُضٌ وغُرابٌ بائِضٌ.

ومن المجاز : فلانٌ يَحُوطُ بَيْضَةَ الإسْلامٍ وبَيْضَةَ قومِه. وبَاضَ بني فلانٍ وابْتَاضَهُم : دَخَل في بَيْضَتِهم. وأوْقَعُوا بهم فابْتَاضُوهم أي اسْتَأصَلُوا بَيْضَتَهُم. وباضَتِ الأرْضُ : أنْبَتَتِ الكَمْأةَ وهي بَيْضُ الأرْضِ ، وبه فُسّرَ المثَلُ : «هو أذَلُّ من بيضَةِ البَلَدِ». وباض الحَرُّ : اشْتَدّ. وأتَيْتُه في بَيْضَةِ القَيْظِ وبَيْضَاءِ القَيْظ ، وهي صَمِيمُه بين طُلوع سُهَيْل والدَّبَرَانِ ؛ قال الشّمّاخُ :

طَوَى ظِمْأَها في بَيْضَةِ القَيْظِ بَعدَ ما

جَرَتْ في عِنَانِ الشِّعْرَيَيْنِ الأمَاعِزُ

وبَايَضَني فلانٌ : جاهَرَني ، من بياض النّهار. وفرسٌ ذو بَيْضٍ وهي نُفَخٌ وغُدَدٌ تَحْدُثُ في أشاعِرِه. يقال باضَتْ يَدَاه ورِجْلاه ؛ قال :

وقد كانَ عمرٌو يَزْعُمُ الناسُ شَاعراً

فباضَتْ يَدا عمرو بن عمرٍو وثَلَّبَا

أي صارَ ثَلْباً وهو الهَرِمُ كعَوَّدَ ، وهي بَيْضَةُ الخِدْرِ ومن بَيْضَاتِ الحِجالِ. وفي مثَلٍ «كانت بَيْضَةَ العُقْرِ» للمَرّةِ الأخيرةِ. ولا يُزَايِلُ سَوَادي بياضَك أي شخصي شخصَك. وبَيّضَ الإناءَ : ملأه وفرّغه. وعن بعض العرب : ما بقي لهم صَمِيلٌ إلّا بُيّضَ أي سِقاءٌ يابِسٌ إلّا مُلئ. وفي مثَل «سَدّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ».

بيع ـ باعه الشيءَ وباعَه منه. وباعَ عليه القاضي ضَيْعَتَه «ولا يَبِعْ أحدُكم على بيع أخيه». وهذا المتاعُ لا يُبْتَاع ، ونعم المتاعُ وبئسَ المُبْتاع. واسْتَباعَه عبدَه. «والبَيِّعَانِ بالخِيَار». أي البائع والمشتري. ولفلان بُيُوعٌ وبِيَاعَاتٌ كثيرة أي سِلَعٌ. وما أرْخَصَ هذا البيعَ وهذه البِياعَةَ يريد السلعة. وبايَعتُ فلاناً وشاريتُه وتبايَعنا. وبايَعَه على الطاعة وتَبايَعوا عليها. وهذه بَيْعَةٌ مُرْبِحَةٌ. وأتَيناه للبِياعِ والمبايعة والبِيعَةِ. وهو من أهل البِيعةِ أي نصرانيّ.

ومن المجاز : باع فلان على بَيْعِك ، وحَلّ بوَاديكَ أي قام مقامَك. وما باعَ على بَيعِك أحدٌ أي لم يُسَاوِك في المنزلة. وتزوّج يزيدُ بنُ معاويةَ أمَّ مِسْكِينٍ بنتَ عمرو بن عاصم على أمّ هاشم ؛ فقال :

ما لَكِ أُمَّ هاشمٍ تُبَكِّينْ

من قَدَرٍ حَلّ بكم تَضِجِّينْ

باعَتْ على بَيْعِك أمُّ مِسْكِينْ

مَيمونَةٌ من نسوَةٍ مَيَامِينْ.

وجاريةٌ بائعٌ : نافِقَةٌ كأنّها تَبيعُ نفسَها. كما يقال ناقة تاجرة ؛ وأنشد :

وإنّكِ لَوْ لا ذَرْوَةٌ في ثَنِيّةٍ

ونَابٍ لَمِقْلاقُ الوِشَاحَينِ بَائِعُ

يقول : لو لا أنّه ذَرَأ نابي أي سَقَطَ من السّنّ لرغبتُ فيكِ. وباعه من السلطان : وَشى به ؛ وأنشد رجل من بني أسَدٍ :

طِوَالُ اللِّحَى من آلِ سَعدِ بنِ مالكٍ

يُوَاشُونَ بي والحَرْبُ يُشرَى وَقُودُها

أكُلُّهُم لا بَارَكَ اللهُ فيهِمُ

مُعِدٌّ لبَيْعي حجّةً يَستَجيدُها

وباع دنياه بآخرته : استبدلها.

٥٧

بيغ ـ تَبَيّغَ به الدّمُ : ثَارَ به.

بين ـ بان عنه بَيْناً وبَيْنُونَةً. وبَايَنَهُ مُبَايَنَةً. ولَقِيتُه غداةَ البَينِ. وبئرٌ بَيُونٌ : بعيدة القَعْر ؛ قال :

إنّكَ لوْ دَعَوْتَني ودوني

زَوْرَاءُ ذاتُ مَنزَعٍ بَيُونِ

لقلتُ لَبَّيْهِ لمَنْ يَدْعُوني

وطولٌ بائِنٌ ، ونخلةٌ بائنَةٌ : طويلةٌ. قال العبّاس بن مِرْداسٍ :

فُرُطُ العِنَانِ كأنّ مُلْجِمَهَا

في رَأسِ بائِنَةٍ من النَّخْلِ

ورجلٌ أبْيَنُ المِرْفَقِ : أبَدُّ ، ورجالٌ بِينُ المرافق. وبان مَرْفِقُ النّاقَةِ عن جَنْبِها ؛ قال الطِّرِمّاحُ :

بأفْتَلَ عَن سَعْدَانَةِ الزَّوْرِ بَائِنِ

وقوسٌ بائنٌ : بان وترُها عن كبدها. وبينهما بِينٌ وهي الأرضُ قدرُ مدّ البصر. وعليك بذاك البِينِ فانْزِلْه. وبَيْنَا نحن كذلك إذ جاء فلان. وبينما نَتَحَدَّثُ إذ طلع. وبانَ لي الشيءُ وتَبَيّن وبيَّن ، وأبَانَ واستَبَانَ ، وبيّنْتُه وأبَنْتُه وتَبَيّنْتُه واسْتَبَنْتُه. وجاء ببَيان ذلك وبَيّنَتِه أي بحُجّتِه. ومن بَيّنات الكرم التّواضع. ورجل بيِّن : فصيح ذو بيان. وما أبْيَنَه ، وما رأيْتُ أبْيَنَ منه ، وقومٌ أبْيِنَاءُ. وتقول لحالِبَيِ النّاقة : مَنِ البائِنُ ومَنِ المُستعلي ؛ قال :

يُبَشِّرُ مُستَعلِياً بائِنٌ

مِنَ الحالِبَين بأن لا غِرَارَا

البائن من عن يمينها. وهذه مباينُ الحقّ ومواضحُه ، وظهرتْ أماراتُ الخير وتبايينُه. وتَبَيّنْ في أمرِك : تثبّتْ وتأنّ.

بيي ـ حيّاك اللهُ وبَيّاك.

٥٨

ت

تأق ـ إناءٌ مُتْأقٌ : شديد الامتلاء ، وقد تَئِقَ.

ومن المجاز : تَئِقَ الرجلُ امتلأ غضَباً. وفي المثل «أنتَ تَئِق وأنا مَئِق فكيف نتّفِق». وفرسٌ تَئِقٌ : ممتلئ جَرْياً. وأتْأقَ القَوْسَ : ملأها نَزْعاً وأغْرَقَ السّهمَ. وعن بعض العرب هو أن لا يَدَع لها موترُها متنفَّساً من شدّة ما وَتَرَها ، وربّما أصبَحَتْ وقد انقطع وترُها.

تبب ـ أوسعَه سَبّاً وأسمَعَه تَبّاً. وتَبّبَ القومَ : دعا عليهم بالتَّبّ (وَما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ).

ومن المجاز : تَبّ الرّجلُ إذا شاخ ، وكنتُ شابّاً فصرتُ تابّاً ، شُبِّه فقدُ الشّبابِ بالتَّبَابِ. وأ شابّةٌ أنتِ أم تَابّةٌ. واستَتَبّ الطّريقُ : ذَلّ وانقادَ ، كما يقال : طريقٌ مُعَبَّدٌ. واستَتَبّ له الأمرُ. ويجوز أن يقال للاستقامة والتّمامِ : الاسْتِتبَابُ أي طلبُ التّبَابِ ، لأنّ التّبَابَ يَتْبع التّمامَ ؛ قال :

أوْدَى السُّرَى بقتَالِهِ ومِرَاسِهِ

شهرا مَوَارِدَ مُسْتَتِبّ مُعْمَلِ

يريد الطريق.

تبت ـ ما أوْدَعْتُ تَابُوتي شيئاً ففقدتُه أي ما أودعتُ صدري علماً فعَدِمْتُه ؛ وأنشد أبو حاتم :

تُجَاوِبُ الصّوْتَ بِتَرْنَمُوتِها

وتُخْرِجُ الحَيّةَ مِنْ تابُوتِها

تبر ـ أدركَهُ التَّبَارُ ، وقد تَبِرَ وتَبَّرَه الله. والحُرُّ يَتْبِر وهو يَصْبِر. والعَيْنُ تُضرَب من التِّبْر.

تبع ـ تَبِعَه تَبَعاً. قال مُصَرِّفُ بنُ الأعلم العُقَيْليّ :

فلَعَمْرُ عاذِلَتي على تَبَعِ الصِّبَا

إنّي بحُبّ الغانِيَاتِ لَمُولَعُ

واتّبَعَ أثَرَه وأتْبَعَه زاده. وأتْبَعَ القومَ : سَبَقُوه فلَحِقهم. يقال : تَبِعْتُهُم فأتْبَعْتُهم أي تلوتُهم فلحقتُهم. وقيل : أتْبَعَه إذا تَبِعَه يريد به شرّاً كما أتْبَع فرعونُ موسى. وهو تابعه وتَبِيعُه ، وهو لهُ تَبَعٌ وهم له تَبَعٌ ، لأنّه مصدر ، وهم أتباعُه وتُبّاعُه. وهذا أصل وغيره توابع. وهو طِلْبُها وتِبْعُها : للزِّيرِ الذي لا يَترُك اتّبَاعَهَا. وبقرة مُتْبِعٌ : معها تَبِيعُها وهو عِجْلُها المُدْرِك. وخادِمٌ مُتْبِعٌ : معها تَبيعُها أي ولدُها. وهو تابِعُه وهي تابعتُها : للخادم والخادمة. ولكلّ شاعر تابعه وهو رَئِيُّه (١). وتابعَه على كذا : وافقَه عليه. وما وجدتُ لي على فلان تَبِيعاً أي مُتَابِعاً ناصِراً لي عليه (ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنا بِهِ تَبِيعاً). ولي قِبَلَ فلانٍ تَبِعَةٌ وتِبَاعَةٌ وهي الظُّلامَةُ. وهو يتتَبّع مَساوئ فلان ، ويتتَبّع مداقّ الأمور. وهو يُتابع بين الأعمال : يُوَالي بينها. وصام صوماً متتابعاً. ورمَيْتُه بسهمَين

__________________

(١) رئيه : فعيل بمعنى مفاعل كعشير ومعاشر وهو الذي يرائيه الشعر ويعينه عليه.

٥٩

تِبَاعاً. وتابَعَني بمالٍ له عليّ : طالبَني به ، وهو تَبيعي. واسْمَألّ التُّبَّعُ : ارتفع الظّلّ. وطلع التّابِعُ والتُّوَيْبِعُ والتُّبَّعُ أي الدَّبَرَانُ. وهبّتْ تَبُّوعُ الشمس والنُّكَيْبَاءُ وهي رُوَيْحَة تهُبّ مع طلوع الشمس من قِبَلِ القَبُولِ نَكْدَاءَ لا نَشْءَ معها ، فالعرب تكرهها ؛ قال :

وهَبّتْ حَرْجَفٌ منها بَلِيلٌ

تَبُوعُ الشّمْسِ عاجِفَةُ المِهَارِ

ومن المجاز : تَبِعَتِ النّحْلُ تُبَّعَها وهو يَعْسُوبُها الأعظم. وتَبِعَتِ الأغصانُ الريحَ ؛ قال ابن مُقْبِل :

إذا ظَلّتِ العِيسُ الخَوَامسُ والقَطَا

مَعاً في هَدَالٍ يَتْبَعُ الرّيحَ مَائِلُهْ

وفلانٌ متتابعُ العمل إذا كان غير مُتفاوت فيه. وفرسٌ متتابعٌ : معتدلُ الأعضاء متناصفُها. وتتابع الفرسُ إذا جرَى جَرْياً مستوياً لا يرفَع بعضَ أعضائه. وغصنٌ متتابعٌ : معتدلٌ ؛ قال حُمَيْد :

ترَى طَرَفَيْه يَعْسِلانِ كِلاهُما

كما اهْتَزّ عُود النَّبْعَةِ المُتَتابِعُ

وتابعَ المرعَى الإبِلَ فتَتابعتْ : سَوّى خَلْقَها وسمّنَها ؛ قال أبو وَجْزَةَ :

حرْفٌ مُلَيْكِيّةٌ كالفَحْلِ تابَعَها

في خِصْبِ عامَينِ إفْرَاقٌ وتَهْمِيلُ

أفْرَقَتِ النّاقَةُ : فارقها ولدُها فسَمِنَتْ وقيل حالَتْ. وفلان يتابع الحديث إذا أحسن سِيَاقَه ، ومنه حديثُ أبي واقد الليثي : «تَابَعْنَا الأعْمَالَ فلم نَجِدْ أبلَغَ في طَلبِ الآخرة من الزُّهد في الدّنيا». ومن أُتْبِعَ على مَليء فلْيَتّبِعْ أي مَن أُحِيلَ فَلْيَحْتَلْ. وقرأ ابن عبّاس آية لم يعرِفها ابنُ عمر ، فقال : «أتْبِعْ يا ابنَ عبّاس ، فقال : أتبِعُك على أُبَيّ بنِ كَعْبٍ».

تبل ـ لي عندهم تَبْلٌ وهو الوَغْمُ في القلب. وبينهم تُبُولٌ وذُحُولٌ ؛ قال المِقْدام التّميميّ :

أبَى اللهُ أنّ الغَدْرَ منكُمْ وأنّكُم

بني مالِكٍ لا تُدرِكونَ لكم تَبْلا

وتقول : لم يزل إضمارُ التُّبُول سبَبَ إظهارِ الحُبُول ، وهي الدواهي. وتَبَلَني فلانٌ : أصابني بالتَّبْلِ. وتَوْبَلَ قِدْرَه : ألقى فيها التّوَابِلَ ؛ قال لَبِيدٌ :

فَسَافَتْ قَدِيماً عَهْدَهُ بأنِيسِه

كما خالَطَ الخَلُّ العَتِيقُ التّوَابِلا

وفي مَثَل «أهونُ من تَبَالَةَ على الحَجّاجِ» و «ما حللتَ بطنَ تَبَالَةَ لتَحْرِمَ الأضْيافَ».

ومن المجاز : تَبَلَتْه فلانةُ إذا هَيّمَتْه كأنّما أصابتْه بتَبْل ، وقلبٌ متبول ؛ قال كعب :

بانَتْ سعادُ فقلبي اليَوْمَ مَتْبُولُ

مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مكبُولُ

وتَبَلَهم الدّهرُ وأتبَلَهم. ودهرٌ خابِلٌ تابِلٌ. وقَزّح كلامَه وتَوْبَلَه.

تبن ـ أقلُّ من تِبْنَةٍ في لِبْنَة. وكان نبتاً فصار تِبْناً. وخرج وعليه رداءٌ تِبْنيّ. والجوادُ مَلْبُون والبِرْذَوْنُ مَتْبُون ؛ قال ابن عضَاةَ :

هلِ الكَوْدَنُ المَتبُونُ كالطِّرْفِ صانَهُ

جِلالٌ وحُبْلانٌ مِنَ القَضْبِ أخْضَرَا

وهي الحبالُ التي تُباع بمكّة. ورأيتُ تَبّاناً يلبس تُبّاناً ، وهي سَرَاويلُ صغيرةٌ. وتبّنَه : ألبَسَه إيّاه ، ويجوز بيع التِّبنِ بالتِّبنِ متفاضِلاً ، التِّبنُ القَدَحُ الكبير الذي يُرْوي عشرين.

تجر ـ فلان يَتْجرُ في البزّ ويَتّجِرُ ، وقد تَجَرَ تجارَةً رَابحةً. وتاجرتُ فلاناً فكانَتْ أربَحَ متاجرة. وما أتْجَرَ فلاناً. وتَجْرُ العراق وتجاره كثيرٌ. وبلدٌ مَتْجَر وبلاد مَتَاجِرُ : يُتّجَرُ إلَيها.

ومن المجاز : عليكم بتجارة الآخرة ، وصَفْقَتُه في مَتْجَرِ الحمد رابحَة. وناقة تاجرة : حسنةٌ نافقَةٌ ، ونُوقٌ تَوَاجِرُ ؛ قال :

إذا قَوّمَتْ سَدّتْ خِلالَ فُرُوجِها

قِلاصٌ كنخلِ الخَزْرَجيّ تَوَاجِرُ

٦٠