أساس البلاغة

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٧

ف

فأد ـ رجل مفؤود : مصاب الفؤاد ، وقد فُئِد ، وفأده الفزَعُ ، وفأدتُ الظبيَ : رميته فأصبتُ فؤادَه. وتقول : فلان إن أبصرتَ زاده فمزؤود وإن مررتَ بمُفتأده فمفؤود. والمُفتأدُ : موقد النار للشواء وافتأدوا : أوقدوا ناراً ليشتووا.

فأر ـ كتب إليه في مثل أُذُن الفأرة. وتقول : نزلت في دار قليلة خير الجيران كثيرة شرّ الفيران. وهذه أرضٌ مَفْأرَةٌ ، وقد فئِرَتْ أرضُ فارس ، وشممت يده فكأنّها يد عطّارة ذبحتْ فأرةً.

فأس ـ أحكِمْ فأسك فقد أرادتِ النُّصولَ. وتقول : فلان يلوك لسانه في الكلام ، كما يعلك الفرسُ فأسَ اللِّجام وهي الحديدة القائمة في الحنك. وتقول : صلقه على مؤخَّر رأسه حتى فلق فأسه بفأسه ، أي مؤخّر قَمَحْدُوَتِهِ.

فأفأ ـ رجل فأفاء وهو الذي يتردّد في كلامه بالفاء ، وقد فأفأ في كلامه فأفأةً.

فأل ـ تفأَّلَ به وتفاءل. وفي الحديث : «أحسن الطِّيَرة الفأل». وهو أن يسمع الكلمة الطيّبة فيتيمّن بها ، وتقول العرب : لا فأل عليك. وتقول : دون الغيب أقفال ، لا يفتحها الزّجر والفال.

فأم ـ رأيتُ معه فِئاماً من الناس وهي الجماعة الكثيرة ، وتقول : بنو فلان فِئام إلّا أنّهم لِئام. ودخلت عليه وعنده فئامٌ قيامٌ.

فأو ـ تقول : رأيت منهم فئه عددهم مائه.

فتأ ـ (تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ) ؛ قال أوس بن حَجَر :

وما فتئَتْ خيلٌ تَثُوبُ وتَدّعي

ويلحَقُ منها لاحِقٌ وتُقَطَّعُ

وروي بالثاء.

فتت ـ فَتَ الخبزَ وفتّتَّه وهو أن يكسره بأصابعه حتى يتركه دُقاقاً. ونزلت بفلان فسقاني الفَتيت والفَتوت وهو الخبز المفتوت كالسَّويق. ونثرن في ملاعبهنّ فُتاتَ المسك وهو كُسارته وسُقاطته ، وكذلك فُتات الخبز وفُتات العِهن ؛ قال زهير :

كأنّ فتاتَ العِهن في كلّ منزل

نزلن به حَبُّ القنا لم يحَطَّم

وفي المثل : «كَفّا مطلَّقة تفتّ اليَرْمَع» وهذا ممّا يفُتّ كبدي. وفَتَ في عضده إذا كسر قوّته وفرَّق عنه أعوانه. وفلان لا يساوي فَتَّةً وهي البعرة التي تُفتّ فتُوضع تحت الزَّنْدة. ومالك تُفَتْفِتُ إلى فلان؟ أي تسارّه. وما هذه الدندنة والفتفتة؟

فتح ـ جاء يستفتح البابَ. وفلان لا تُفتحُ العين على مثله. وتقول : فِناء الله فُسُح وباب الله فُتُح.

ومن المجاز : فُتح على فلان إذا جُدّ وأقبلت عليه الدنيا.

٤٦١

وفتح الله عليه : نصره. وأنا أستفتح الله للمسلمين على الكفار. وفتح الله عليهم فُتوحاً كثيرة إذا مطرهم أمطاراً. وأصابت الأرضَ فُتوحٌ. ويومٌ منفتِحٌ بالماء : منبعق به. وفتح المسلمون دار الكفر. وفَتَح على القارئ. وإذا استفتحك الإمامُ فافتح عليه. وفَتَحَ الحاكم بينهم. وما أحسن فُتاحَتَه أي حكومتَه ؛ قال :

ألا أبلغْ بني وهبٍ رسولاً

بأنّي عن فُتاحتكم غنيُ

وبينهم فُتاحاتٌ أي خصومات. وفلان وُلِّيَ الفِتاحةَ ، بالكسر وهي ولاية القضاء. وفاتَحَه : حاكَمَه. وعن ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما : ما كنتُ أدري ما قوله تعالى (رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا) حتى سمعتُ بنتَ ذي يَزَنٍ تقول لزوجها : تعالَ أُفاتحْك. وقالت أعرابيّة لزوجها : بيني وبينك الفَتّاح. وافتحْ سرّك عليّ ولا تفتحه على فلانٍ. وقرأ فاتحةَ السُّورة وخاتمتها. وفواتح السّوَر وخواتمها. وافتتح الصلاة. وما أحسن ما افتُتح عامُنا به إذا ظَهرتْ أماراتُ الخصْب. وهذا وقتُ افتتاحِ الخَراجِ ومُفتَتَح الخراج. وفاتَحْتُه بالكتاب. والملوك لا تُفاتَح بالكلام. وسقَى أرضه فَتْحاً. وناقةٌ فَتُوحٌ : واسعة الإحْليل ، ونوق فُتُح.

فتخ ـ فَتَخَ المُتشَهِّدُ أصابعَه إذا لَيَّنها وغَمزَ مفاصِلها إلى باطن القَدَم ، من العُقَاب الفَتْخاء ، وفَتَخُها : لِينُ جَناحها ، وتقول : في أصابعها فَتَخٌ أي لِينٌ ، أو جمع فَتَخَة وهي الخاتَم بلا فَصّ. وتفتَّختِ المرأةُ ، وخرجتْ مُتفتّخة ، وكانت نساء العرب يتَفتَّخن في أصابعهنَّ العَشْر. وظبيٌ أفْتَخ الطّرْف : فاتِره. وناقة فَتخاء الأخْلاف إذا كانت مرْتفعة إلى بطنها. والضّفادع فُتْخ الأرجُل.

فتر ـ أجِد في نفسي فَتْرَةً وفُتوراً إذا سَكَن عن حدّته ولان بعد شِدّته. وتقول : فلان عَلَتْه كَبْره وعَرَتْه فَتْره.

ومن المجاز : فَتَرَ البردُ والماء الحارّ ، وكان الماء حارّاً ففَتَّرتُه. وفتَرَ العاملُ عن عمله : قَصّر فيه. وفتَّره غيرُه. وفَتَّر السّحابُ إذا تَحَيّر لا يسير وتهيّأ للمطر ؛ قال ابن مقبل :

تأمّلْ خَليلي هل ترَى ضَوْء بارق

يَمَانٍ مَرَتْهُ ريحُ نَجْد ففتَّرا

وامرأة فاتِرة الطّرف ، وفتّرتْ من بَصَرها ؛ قال ذو الرّمّة :

تبسّمن عن غُرّ الأقاحي في الثّرَى

وفتَّرْن من أبصار مَضرُوجةٍ نُجْلِ

واستفترَ الفرسُ : اسْتَجَمّ. ويقال : فَتَرتُ الشيء بفِتْري ، كما يقال : شَبَرتُه بشِبري. وتقول : الشمس لا تُستر بأستار والأرض لا تُفْتر بأفتار.

فتش ـ تقول : فَتِّشْ ولا تُفَنِّشْ أي لا تَسْتَرْخِ ، من فَتَّش في الأمر وفَنَّش إذا استرخَى ولم يَجِدَّ.

فتق ـ (كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) ، وأسأتُ الخياطة فافْتُقها.

ومن المجاز : كرِهتُ أن أفتق عليك فَتْقاً لا ترتُقه أبداً. وانظر إلى فَتْق الفَجْر وهو انشقاقه ؛ قال ذو الرّمّة :

وقد لاحَ للسّاري الذي كَمَّل السُّرَى

على أُخْريات اللّيلِ فَتْقٌ مُشهّرُ

وأفْتقَ قرنُ الشمس فطَلَع أي وجدَ فَتْقاً من السّحاب ؛ قال ذو الرّمّة :

تُريك بياضَ لَبَّتها ووجْهاً

كقرن الشّمسِ أفْتَق ثمّ زالا

وأفتق علينا القمرُ فأبصرنا الطريقَ. والعَجين لا يربو إلّا بالفتاق وهو الخميرة لأنّه يَنفخه ويفتقه ، وفتَقَتِ المرأةُ العجين : جعلتْه فيه. وفي الحديث : «يَسألُ الرّجلُ في الجائحة والفَتَق». وهو الجَدْب والخَلَل في العيش. وقد أفتقَ القومُ وأسْنَتُوا. وأقبلَتْ أعوامُ الفَتَقِ وهو الخِصْب لأنّه يفتُق المواشِيَ سِمَناً ؛ قال رؤبة :

لم تَرْجُ رِسْلاً بَعدَ أعوام الفَتَقْ

وناقةٌ فتيقٌ : سمينة. وقد أفتق القومُ وأخصبوا. ورعت الأبلُ فتفتَّقتْ خواصرها أي اتّسعتْ. وتقول : تَفَتّق باللّحم حتى تفتّق بالشّحم. وتفتّقتْ فلانةُ بالكلام وهي فُتُقٌ. ورجُل فتيق اللّسان. وسيف فتيق الغِرارين : ماضٍ

٤٦٢

كانّه يفتُق ما أصابه وهو فعيل بمعنى فاعل على تقدير فَتُقَ كشديد. وفتَقَ الطِّيبَ : خلَطه فهو مفتوق. وما لك لا تُفتِّق الشِّعْر تفتيقاً؟ وهو تلخيصه وبيان معانيه ، وتقول للشّاعر : فَتِّقْ ولا تُشَقِّقْ.

فتك ـ تقول : رجل فاتِك وسيف باتك ؛ وهو القاتل على غِرّة ؛ قال المُخَبَّل :

وإذْ فتكَ النُّعمانُ بالنّاس مُحْرِماً

فمُلِّيء من عوْف بن كَعبٍ سَلاسلُه

وتقول : أقْدَم فلانٌ إقْدامة مُتفتّك واقتحم اقْتِحامة مُتهَوِّك.

ومن المجاز : حيّة فاتكة اللَّسْع ؛ أنشد أبو عبيد :

قَرَى السُّمّ حتى انمازَ فَروةَ رأسه

من الصُّمِّ صِلٌ فاتِك اللّسع مارِدُهْ

وفلان فاتك القلب إذا كان جَريّاً ماضياً. قال :

وأمْضي على هَوْلٍ إذا ما تهَزْهزَتْ

من الخوفِ أحشاء القلوبِ الفواتك

وهذه إنسانة فاتكة : ماجنة ، وقد فتكت. وفَتك في الأمر فَتْكاً ، وما أفتكَه وهو اللّجاج ؛ قال :

قد فتكت في كَذِبٍ ولَطِّ

وفتك في صناعته : مَهَر فيها ، وفاتَك صاحبَه : ماهَره. وفاتَك التاجرُ البيع : اشتَطّ في سَوْمه ؛ قال الحطيئة :

كأنّ سُلَيطاً نَشّرَتْ فيه بَزَّها

بُروداً ورقماً فاتَك البَيعَ تاجرُه

وفَاتَك الإبلُ الحَمْضَ إذا لم تَرْع معه عُقْبةً من الخُلَّة.

فتل ـ تقول : بنو فلان قوم فُتُل ، يذهب في جِراحتهم الزّيت والفُتُل ؛ قال الأعشى :

هل يَنتهونَ ولن ينهَى ذَوي شَطَطٍ

كالطّعن يذهبُ فيه الزّيتُ والفُتُلُ

ومن المجاز : رجل مَفتول السّاعد كأنّه فُتِل فَتْلاً لقوّته. وناقة فَتْلاء الذراعين ، وفي ذراعيها فَتَلٌ وهو تباعدهما عن الجنبين كأنّهما فُتِلا عنهما. وما يُغني عنك فَتِيلاً وفَتَلَةً وفَتْلَةً. «وفُتِلَ منه في الذِّروة والغارب». وجاء فلان وقد فُتلت ذؤابتُه أي خُدع وصُرف عن رأيه. وفَتَلتُه عن حاجته : صرفتُه فانفتل. وانفتل عن الصّلاة.

فتن ـ أعوذ بالله من الفَتّان ؛ وهو الشيطان ، واستغوتهم الفُتّان أي الشياطين. وهو مفتون بالدنيا ومُفتَتَن ومُفتتِنٌ ، وقد فتَنتْه الدنيا وأفتَنَتْه. وبينهم فِتْنة أي حرب. وبنو ثَقيف يتفاتَنون أبداً أي يتحاربون. ودينار مَفتون : فُتِن بالنّار ، وكلّ شيء أُدخِل النّار فقد فُتِن ؛ قال الحارثيّ :

تَثَعلبْتَ لي أن خلتني بك واقِعا

وقد يُفتَن المِكواةُ والعَيرُ يَضرِطُ

والنّاس عَبيد الفَتّانَين وهما الدّرهم والدّينار. وفي الحديث : «ابتُليتم بفتنة الضّرّاء فصبرتم وستُبتلون بفتنة السَّرّاء» : أراد فتنة السّيف وفتنة النّساء. وتقول : إن كنت من أهل الفِطن فلا تَدُر حول الفِتن.

فتي ـ هذا فَتًى بَيّن الفُتُوّةِ وهي الحُرِّية والكَرم ؛ قال عبد الرّحمن بن حسّان :

إنّ الفَتى لَفَتى المكارِمِ والعُلى

ليسَ الفتى بمُغَملَجِ الصّبيانِ

وقال آخر :

يا عَزَّ هل لكِ في شيْخ فَتًى أبداً

وقد يكونُ شَبَابٌ غير فِتيانِ

وتقول العرب : فتًى من صفته كيْت وكيْت من غير تمييز بين الشيخ والشابّ ، وهذا فتًى بيّن الفَتَاء وهو طَراءةَ السن ؛ قال :

إذا عاش الفتى مائتين عاماً

فقد ذهبَ البشاشةُ والفَتَاءُ

وهذا ثوْرٌ فَتيٌّ وهذه بقرة فَتيّة : بيّنا الفَتاء. وهما فَتَاي وفَتَاتي أي غُلامي وجاريتي ، وسُئل أبو يوسف عمّن قال : أنا فَتَى فلانٍ فقال : هو إقرار منه بالرِّق. (وَقَالَ لفِتْيَتِهِ) و (لِفِتْيانِهِ). قال قَتادةُ : لغِلمانه. وفُتِّيَتْ بنْتُ فلان : مُنِعَتْ من الخروج وسُترت وهي صغيرة وأُلحِقَتْ بالفَتَيات ،

٤٦٣

وتَفتَّتْ هي. وأبْرد من شيخ يَتَفَتَّى أي يتشبّه بالفِتيان. وتقول : هؤلاء فُتُوٌّ ما فيهم فُتُوّة ، وهو جمع فَتًى ؛ قال :

وفُتُوٍّ هَجَّرُوا ثمّ أسْرُوا

ليلَهم حتى إذا انجابَ حَلّوا

وفلان من أهل الفَتْوى والفُتْيا. وتعالوا ففاتُونا. وتَفَاتوا إليه : تحاكَموا ؛ قال الطرمّاح :

هلمَّ إلى قضاةِ الغوثِ فاسألْ

برهطك والبيانُ لدى القضاةِ

أنخْ بفِناء أشدَقَ من عدِيّ

ومن جَرْمٍ وهم أهل التَّفاتي

وقال عمر بن أبي ربيعة :

فبتّ أفاتيها فلا هي تَرْعَوي

بجودٍ ولا تبدي إباء فتبخلا

أي أساثلها.

ومن المجاز : «لا أفعل ذلك ما كرّ الفتيان» ؛ قال :

غَدَا فَتَيَا دهرٍ وراحَا علَيهمُ

نهارٌ وليلٌ يُلحقان التّوالِيَا

وهذا كقولهم : الجديدان. وتقول : بارك الله في فتوّتك وفَتائك وأدام ما دام الفَتَيان بركةَ إفتائك. وأقمتُ عنده فتًى من نهار أي صدراً منه ؛ قال :

فما لَبثوا إلّا فتًى من نهارهم

مُماصَعةً حتى أبارهُمُ القتْلُ

وشرب فلان بالفُتَيِ وهو قدح الشُّطّار سمّي لصغره ، ويجوز أن يقال في الغُمَر : هو من الصّبيّ الغُمْر. وأفتى الرجلُ شرب به. وتقول : فلان يظلّ مُفتيّاً ويبيت مُفتيّا.

فثأ ـ غلتْ بُرْمَتكم ففثأتُها أي سكّنتُ غليانَها.

ومن المجاز : فثأتُ غضبَه ، وكان فلان مغتاظاً عليك ففثأته عنك ، وفي المثل : «إن الرثيئة ممّا يفثأ الغَضَبَ» وتقول : أطفأ فلان النّائره وفثأ القدور الفائره ؛ قال :

تَفورُ علينا قِدرُهم فنديمُها

ونفثَؤها عَنّا إذا حَميُها غَلا

وما فثأك عنّا؟ : ما حبسك. وفثأتُه عن رأيه : صرفته. وفثأتِ الشّمسُ من برد الماء : كسرت منه. ولقد نويتم المسير ثمّ أقمتم عنه وأفثأتم. وأطبقت السماء ثمّ أفثأتْ أي أجْهَتْ. وما يفثؤ يفعل كذا بمعنى التاء.

فثر ـ فلان واسع الفاثور وهو الخِوان من رخام وقيل من فضّة أو ذهب وهو عند العامّة : الطَّشْتخان. وتقول : إذا جاء الضّيف فتلقَّه بالفاثور ولا تُلقِه في العاثور. ويقال : هم على فاثور واحد أي على بساط واحد.

ومن المجاز : قول الأغلب :

إذا انجلى فاثورُ عينِ الشّمسِ

شَبَّهَ قرصَها بالفاثور.

فجأ ـ جاءنا فلان فَجْأةً ومفاجأة. وفاجأه الأمر وفجِئه. وأعوذ بالله من موت الفُجاءه ومن حَرَقِ الفُجاءه.

فجج ـ مشى فلان مُفاجّاً : مفرِّجاً بين رجليه. وفي أحاجيهم : ما شيء يُفاجُ ولا يبول؟ هو المنضدة شيء كالسرير له أربع قوائم يضعون عليه نَضَدهم. وتفاجّتِ النّاقة للحلب. وانفجّتِ القوسُ : بان وترها عن كبدها فهي منفَجَّة وفجّاء. ويقال : فَجْواء من الفَجْوة أو كشجرة قَنْواء. وبطّيخة فِجَّة وبها فَجاجة. وتقول : قطعوا سبلاً فِجاجا حتى أتوك حُجّاجا.

فجر ـ ركب فلان فَجْرةً عظيمة. وهو من أهل الفَجَر لا من أهل الفُجور وهو الكرم والتفجُّر بالخير والمعروف. وفَجَرَ الماءَ في أرضه : فتحه. وتبطّح السّيل في مَفاجر الوادي ومَرافضه وهي المواضع التي ترفُض إليها السيلَ. وفَجرَ اللهُ الفجرَ : أظهره فانفجر. وتقول : ما حدث من هؤلاء الفُجّار لم يعشُر ما كان يومَ الفِجار ؛ وهو يوم للعرب بعكاظَ تفاجَروا فيه واستحلّوا كلّ حرمة. وهذا كلام افتجره فلان أي اختلقه.

ومن المجاز : انفجر عليهم العدوّ إذا جاءهم بغتة بكثرة. وانفجرت عليهم الدواهي. وفَجَرَ الرّاكبُ عن السرج : مال عنه. وسرنا في منفَجَر الرّملة.

فجع ـ فَجَعه ما أصابه وفجّعه ، وهو مفجوع به ومفجَّع ، وفُجِع بماله وولده ، ونزلت بهم فجيعةٌ وفاجعةٌ ، ونزلتْ

٤٦٤

بهم فجائعُ وفواجعُ. وأنا على فلان متفجِّع. وتقول : الدهر فاجئٌ بالشّرّ فاجع واهب في هبته راجع.

فجو ـ (وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ) وهي المتّسع ، وفي الحديث : «لا تصلِّينَّ وبينك وبين القِبلة فجوةٌ».

ويقال : ما أدار أحد في فَجوةِ فيه لساناً أفصح من لسانه. وفَجوة الدار : ساحتها.

وتقول : سلكوا الفَجّ العميق إلى فَجوتك وما عاقهم بُعدُ الشُّقّة عن عَقْوتك.

فحث ـ يقال للأكول إذا شبع : ملأ أفحاثه.

فحح ـ كأنّ نشيجَ النّواعي فحيحُ الأفاعي.

فحش ـ أفحش فلان في كلامه وفحَّش وتفحَّش ، وهو فحّاش. وتفاحش الأمرُ : تزايد في القبح ؛ قال أبو ذؤيب :

ضرائرُ حِرْميٍ تفاحشَ غارُها

أي غَيرتها. وفلان فاحشٌ أي بخيل ، ومنه : (وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ).

فحص ـ المطر يَفحَص الحصى إذا قلبه ونحَّى بعضَه من بعض. والقطاة تَفحَص التراب إذا اتخذت فيه أُفحوصاً. ولهم بيوت كأفاحيص القطا ومَفاحصها. وما أملح فَحصةَ هذا الصّبيّ وهي نقرة ذقنه.

ومن المجاز : عليك بالفحص عن سرّ هذا الحديث. وفلان بحّاث عن الأسرار فحّاص عنها. واعلموا أن عند الله مسألةً فاحصةً.

فحل ـ هو فَحْل بيّن الفَحالة والفُحولة والفِحْلة. وقيل لجُحَا : على مَن فِحالتُك؟ قال : على أمّي وأُخَيّاتي ؛ يُضربُ فيمن قوّته على الضّعيف. وفَحَلتُ إبلي فهي مفحولة أي جعلتها ذاتَ فحل وأرسلته فيها ؛ قال زُميل بن أمّ دينار :

بناتُ ربائطٍ من عَهد قيسٍ

فَحَلْناهنّ أعوَجَ والصّريحَا

وأفحلتُك فَحْلاً كريماً ليضرب في إبلك. وكان شَدقمٌ وجديلٌ فحلين فحيلين أي مختارين منجبَين ؛ قال الراعي :

كانتْ نجائبَ منذِرٍ ومُحَرِّقٍ

أُمَّاتُهنّ وطَرْقُهنّ فَحِيلا

وفُحول بني فلان وفحاحيلهم مباركة وهي ذكور النخل ، وإذا كان الفُحّال في عُلاوة الرّيح والنّخلة في سفالتها ألقحها ؛ قال :

تأبَّري من حَنَذٍ فشُولي

إذ ضَنّ أهلُ النّخلِ بالفُحولِ

وقيل للحصير : الفَحْلُ : لأنّه يُعمل من خوصه.

ومن المجاز : هو من فحولة الشِّعر ، وهذه قصيدة علقمةَ الفَحْل ، وجرير والفرزدق فحلا مُضَر. ومن الشجر ما يتفحّل أي يتعقّر : يصير عاقراً لا يحمل كما لا يحمل الذكَر.

وتفحّلَ لعُمرَ رضي الله تعالى عنه أمراء الشام : تكلّفوا له الفحولة في الملبس والمطعم فخشّنوهما. واستفحل الأمرُ : تفاقم ؛ قال :

نَفْحَلُها البيضَ القَليلاتِ الطَّبَعْ

أي نجعل السيوف فُحولها. ويقال : أما ترى الفَحْل كيف يَزهَر؟ : يراد سهيلٌ شُبّه في اعتزاله الكواكبَ بالفَحْل إذا اعتزل الشَّوْل بعد ضرابه ؛ قال ذو الرّمّة :

وقد لاحَ للسّاري سُهيلٌ كأنّه

قريع هجانٍ عارَضَ الشَّولَ جافرُ

فحم ـ

كأنّها فَحمةٌ في رأسِها نار

وهي سوداء بخمار أحمر. وأتيته قبل فَحمةِ العِشاء وهي ظلمته ، وأفْحَمْنا : دخلنا فيها كأعتمْنا. وفَحِّموا عنكم من اللَّيل وأفحموا أي لا تسيروا في أوّله حتى تذهب الفَحْمة. وشَعر فاحم. وفحَّموا وجهه : سخَّموه. وبكى الصبيّ حتى فَحَمَ أي انقطَع نَفسَهُ واربدّ وجهه ، وأفحمه البكاء ، ومنه : خاصمني فأفحمتُه. وفلان مُفحَم. وتقول : هذا كلام مُسْدًى مُلحَم كلُّ فصيح به مُفْحَم. وهاجيناكم فما أفحمناكم ؛ أي ما وجدناكم مفحَمين.

فحو ـ أكثرْ أفحاء قِدرِك أي أبازيرَها ؛ قال حاتم :

تُدقُّ لك الأفحاءُ في كلّ منزل

الواحد : فِحاً وفَحاً كمِعًى وقَفاً. وفحِ قِدرك وقزِّحْها وتَوْبِلْها ؛ وأنشد الأصمعيّ :

٤٦٥

كأنّما يبرُدْنَ بالغَبُوقِ

كيلَ مدادٍ من فَحاً مَدقوق

يعني أن هذه الإبل تصدق الشرب كأنّها اغتبقت الفَحا فألهبَ أجوافَها عطشاً ، وهو من الواو مقلوب من تركيب الفَوْح بدليل قول إياس بن سهم الهذليّ :

مدَحتَ فصَدّقناك حتى خلطتَه

بفَحواءَ من مُقَّارِ صابٍ وحَنظَلِ

أي بذات أفحاءٍ مُرّةٍ ، ومنه قولهم : عرفتُ ذلك في فحوى كلامه ، وبالمدّ أي فيما تنسمتُ من مُراده بما تكلّم به ، وفاحيته : خاطبته ففهمتُ مراده ، ونحوها اللَّحْنُ.

فخت ـ «أكذب من فاخِتة». وتقول : له حديث كرياض القَطا لولا أن الفواختَ عنده قَطا. وهو يتفخّتُ أي يتكذّب. وتفخّتت المرأةُ : مشت مشية الفاختة. وجلسنا في الفخْتِ أي في ضوء القمر. وتقول : للسمر بأخبار أهل البَخْت جلوسُ الفقراء في الفَخْت.

فخخ ـ نام حتى سمعتُ فَخيخَه أي غطيطَه ، وهو ينام الفَخّةَ أي نومة الغداة ، وقيل : نومة التعب.

ومن المجاز : وثب فلان من فخّ إبليس إذا تاب.

فخذ ـ فُخِذَ الرّجُلُ : كُسرت فخِذه فهو مفخوذ.

ومن المجاز : هذا فَخِذي وفَخْذي بالتذكير أي أدنى عشيرتي. وفلان من فَخِذٍ من أفخاذ بني تميم وفَخْذِهم ، وفَخّذَ قبيلته : جعلهم فَخِذاً فَخِذاً وفَخْذاً فَخْذاً. وفخّذتُ بني فلان فلم أرَ عندهم خيراً أي أتيتهم فَخِذاً فَخِذاً وفَخْذاً فَخْذاً فسألتهم في حَمالة أو غيرها. ولما أُنزل على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قوله تعالى (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) بات يفخِّذ عشيرته أي يدعوهم فَخِذاً فَخِذاً وفَخْذاً فَخْذاً.

فخر ـ تفاخرتُ أنا وصاحبي إلى فلان فأفخرني عليه. وأفخرَ اليومَ فلان على فلان أي فُضِّل. وعن أبي زيد : فَخَرْتُه على صاحبه فَخْراً : فضّلته. وهو فَخيرُك أي مفاخرك. وتقول : جاء فلان فَخيرا ثمّ رجع أخيرا.

ومن المجاز : ثوبٌ فاخرٌ : رفيع. ورُطَبٌ فاخرٌ : كبير ضخم. وتقول : إذا قلَّ التمر جاء فاخراً ؛ وقال الراعي :

كأنّ بَقايا الجيش جيش ابن باعج

أطافَ بركن من عَماية فاخرِ

أراد ابن بَعَّاج الكلبيّ قاتل بني نمير في أيّام ابن الزّبير ؛ وقال زهير :

فاعتمّ وافتخرَتْ زواخره

بتَهاوِلٍ كتَهاوِلِ الرَّقْمِ

ما زخر منه أي طال وارتفع ، والتهاوِل : التهاويلُ وهي الألوان المختلفة.

فخم ـ فلان معظَّم في قومه مفخَّم ؛ وهذا ممّا يزيدك فخامة ، وإن فعلتَ كذا فَخُمْتَ في عيون الناس ، وما أفخم شأنه ، وكلامٌ فَخْمٌ : جزل. وبنو تميم يُميلون ، وأمّا أهل الحجاز فلغتهم التفخيم.

فدح ـ عالني الأمرُ وفدحني : أثقلني. ونزل بهم خطبٌ فادحٌ. ورَكب فلاناً دَيْنٌ فادحٌ. وتقول : فدحتْ ظهرَه الفوادح وقدحتْ في ساقه القوادح. واستفدح الأمرَ : استثقله. «وعلى المسلمين أن لا يتركوا مفدوحاً في فداء أو عقْل».

فدفد ـ قطعنا كلّ غائط وفدفدٍ حتى أتيناك ، وهي الأرض المرتفعة ذات الحصى ؛ قال :

قلائِصٌ إذا علون فدفدا

رمينَ بالطّرْفِ النّجادِ الأبعدا

وتقول الأرض للميّت : «ربّما مشيتَ عليّ فَدَّاداً» من الفَديد وهو الجَلبة ، ومنه قيل للضِّفدع : الفدَّادة لنقيقها. والفدّادون : الفَلَّاحة لصياحهم في حروثهم. وتقول : من صحب الفدَادين والفدّادين فلا دنيا له ولا دين. والفدّان : اسم لثورَي الحراثة.

فدر ـ فحلٌ فادِرٌ : فاتر عن الضّراب. وأهديتَ لي فِدْرَةً من لحم وهي القطعة المطبوخة الباردة. وتقول للقطعة من الجبل : الفِدْرَةُ. وضربتُ الحجرَ فتفدّر.

فدع ـ كلّ ظليم أفدعُ ، وكأنّهم الضراغمة الفُدْعُ وهو اعوجاج في الرسغ ، وأمَةٌ فدعاء : اعوجّتْ يدها من العمل.

٤٦٦

واستعرض رجل عبداً فرأى به فَدَعاً فأعرض عنه فقال له العبد : خذ الأفدع وإلّا فدع ؛ فاشتراه.

فدم ـ هو فَدْمٌ بيّن الفَدامة وهي البلادة والعيّ. وخبزٌ فَدْمٌ : غليظ. وتقول : فلان من فرط الفَدامه كأنّ على فيه فَدّامه ؛ وهي ما يشدّه السّاقي على فيه ؛ قال :

كأنّ ذا فدّامة مُنطَّفا

قطَّف من أعنابِه ما قَطَّفا

وإبريق مفدَّم ومفدوم : على رأسه فَدام وفِدام وهو ما يُشدّ به من ليف أو غيره.

فدن ـ جاؤوا بجمال كأنّها أفدان أي قصور ؛ قال القطاميّ :

فلمّا أن جرَى سمنٌ عليها

كما بطّنتَ بالفَدَن السِّياعا

وتقول : لولا الفدّان لم تُبنَ الأفدان.

ومن المجاز : جمل مفدَّن ، وقد فدّنه الرّعي تفديناً أي سمّنه وصيّره كالفَدَن.

فدي ـ فديتُ الأسيرَ وافتدَيتُه وفاديتُه ، وافتديتُ أنا منه ، وبذلتُ له الفِدية فلم تُقبل وهي اسم ما يُفدَى منه. وفدَّيته تفدية : قلت له : جُعلتُ فداك.

ومن المجاز : تفادَى منه : تحاماه ؛ قال ذو الرّمّة :

تفادَى الأسودُ الغلبُ منهُ تَفاديا

فرأ ـ «كلّ الصّيد في جوف الفَرا» هو حمار الوحش. وتقول : هو فَرَأُ المَصيده وبيت القصيده ؛ وجمعه : فِراء ؛ قال مالك بن زُغْبة :

بضرْبٍ كآذانِ الفِراء فضوله

وطعن كإيزاغ المخاض تَبورُها

ومن المجاز : قولهم : «فَرَأٌ ما يقاتِل» : للجبان لأن العير موصوف بالحذر والفزع ؛ ألا ترى إلى قوله :

إذا غَضبوا عليّ وأشقذوني

وصرْتُ كأنّني فَرَأٌ مُتَارُ

فرث ـ عطشوا حتى اعتصروا الفَرْثَ ، ولا بدَّ للحُروث من الفُروث.

ومن المجاز : نزلنا به ففرَث لنا جُلَّته أي نثرها ، وأصله : فعلُ الجزَّار بالبطون ، ومنه : ضربه ففرَث كبدَه ، وانفرثتْ كبدُه. وشدّ عليهم فتفرّثوا أي تفرّقوا.

فرج ـ لكلّ غمّ فَرْجَةٌ أي كشفة ؛ قال :

ربّما تكرَه النّفوس من الأمْ

ر له فَرْجَةٌ كحلّ العِقالِ

يقال : فرّج الله غمّه فانفرج ، والله فارج الغموم ؛ قال :

يا فارجَ الكَربِ مَسدولاً عَساكرُه

كما يفرّج غمّ الظّلمةِ الفلق

وفَرَجَ البابَ : فتحه ؛ وأنشد سيبويه :

الفارِجي بابِ الأمير المبهمِ

ومكانٌ فَرِجٌ : فيه تفرّجٌ. وملأ فُروج دابته إذا أحضره وهو ما بين قوائمه. وكلّ فُرجة بين شيئين فهو فَرْجٌ ؛ قال الأخطل :

إذا طعنَتْ ريحُ الصَّبا في فُرُوجه

تحلّب ريّانَ الأسافل أنجلُ

واسع مخرج الماء. وقال آخر :

كأنّ هزيزَ الرّيح بينَ فرُوجه

أحاديثُ جنّ زرن جنّا بجَيْهَما

وهو مكان تنسب إليه الجنّ بناحية الغور. والريح تعصف بين فروج الجبال. والكرم في أثناء حُلّته وفروج درعه. وخضت إليه فُروج الظّلام ؛ قال الفرزدق :

نخوضُ فُروجَهُ حتى أتَيْنا

على بُعدِ المَناخِ من المَزارِ

وفلان يُسدّ به الفَرْج أي يُحمى به الثغر. وأُمِّرَ على الفَرْجَين وهما السّند وخراسان. وأفرج القوم عن قتيل. وتسابقا فأفرج الغبار عن سابقٍ وسُكَيْتٍ ، كما يقال : أجلَى. وما لهذا الأمر مَفارجُ ولا مطالع أي مَخارج. وجاء رجل ففرّج بيني وبين فلان فأوسعنا له. ولا تفشِ سرّك إليه فإنّه فَرِجٌ : لا يكتم سرّاً. ولا تنظر إليه فإنّه فَرِجٌ أي لا يزال يبدو فَرجُه.

٤٦٧

ودجاجةٌ مُفْرِجة : ذات فراريج. وبيضة مُفرِجة ومُفرِخة من الفرّوج والفَرْخ. وجاؤوا وعليهم فراريجُ وهي الأقبية المشقوقة من وراء. وعن عقبة بن عامر : صلَّى بنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وعليه فَرّوجٌ من حرير.

فرح ـ لك عندي فَرْحَةٌ أي بشرى ، وفلان إن مسّه خير فمِفراحٌ وفَرحانُ ، وتقول : أفرحتني الدنيا ثمّ أفرحتني أي سرّتني ثمّ غمّتني ، والهمزة : للسلب ؛ أنشد ابن الأعرابيّ :

ولما توَلّى الجيش قلتُ ولم أكنْ

لأفرحه أبشرْ بغزْوٍ ومغنَمِ

وتقول : المرء دائر بين مُفْرِحَين قاعد بين سَلامةٍ وحَين.

فرخ ـ أفرختِ الحمامة وفرَّخت : صارت ذات فَرْخٍ. وأفرختِ البيضة : خرج فرخها. وهم يستفرخون الحمام أي يتخذونه للفراخ.

ومن المجاز : «أفرخَ رُوعُك» أي خلا قلبك من الهمّ خلوّ البيضة من الفرخ ؛ قال :

وقلْ للفُؤادِ إن نَزا بك نزوَةً

من الرَّوعِ أفرِخْ أكثرُ الرَّوع باطلُه

وهذا ظاهر. وأما أفرخ روعك فيمن رواه ، بالفتح ، فوجهه أن يراد زوال ما يتوقّعه المرتاع وإذا زال ذلك انقلب الرَّوع أمناً ، جُعل المتوقّعُ الذي هو متعلّق الرَّوع من الرُّوع بمنزلة الفرخ من البيضة وكثر حتى صار في معنى انكشف ؛ قال ذو الرّمّة :

ولَّى يَهُذُّ انهزاماً وسطَها زَعِلا

جذلانَ قد أفرَخت عن رُوعه الكُرَبُ

وأمّا «أفرخ القوم بيضتَهم» فالبيضة فيه منتصبة على التمييز كقوله تعالى : (إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) ومعناه انكشاف أمرهم وظهور سرّهم. ويقال : أفرخ الأمرُ وفرَّخ إذا استبان بعد الاشتباه. وفرَّخ الزّرعُ : كثرتْ فِراخه. وفرَّخ شجرهم فِراخاً كثيرة وهي ما يخرج في أصوله من صغاره. وتقول هذيل : إن لم أفعل كذا فإنّي فَرْخٌ ؛ يريد الحقارة. وسُمع منهم من يقول لراعيتيه : يا فرختان ، يا مملوكتان. وسمعت العرب يقولون : فلان فَرْخٌ من الفروخ : يريدون ولَدَ زِناً. وقالوا : فلان فُرَيْخُ قومه : للمكرّم منهم ، شُبّه بفُريخٍ في بيت قوم يربونه ويرفرفون عليه وللمعاني متصرفات ومذاهب ، ألا تراهم قالوا : «أعز من بيضة البلد» و «أذل من بيضة البلد» حيث كانت عزيزة لترفرُفِ النعامة عليها وحَضنِها لها ، وذليلة لتركها إيّاها وحضنِها أخرى.

فرد ـ هذا شيء فَرْدٌ وفارِدٌ وفريدٌ. وفي الحديث : «لا تُمنعُ سارحتُكم ولا تُعدُّ فاردتُكم». وهي التي أفردتها عن الغنم تحتلبها في بيتك. وظبية فارد : منقطعة عن القطيع. وهو فارد بهذا الأمر أي منفرد به. وفردتُه فُروداً. وبعثوا في حاجتهم راكِباً مُفرِداً : لا ثانيَ معه. وجاؤوا فُرادى. وعددتُ الدراهم أفراداً أي واحداً واحداً. وطلعتْ أفرادُ النجوم وهي الدراري. وأفردتِ الحاملُ وأتأمتْ فهي مُفرِد ومُتئم إذا وضعت فرداً واثنين. واستفردتُ فلاناً : انفردتُ به ، واستفردتُه فحدّثتُه بشُقوري أي وجدته فرداً لا ثانيَ معه. واستطرد للقوم فلمّا استفرد منهم رجلاً كرّ عليه فجدّ له. واستفرد الغوّاصُ هذه الدرّةَ : لم يجد معها أخرى. وفلان يفصّل كلامه تفصيل الفريد وهو الدرّ الذي يفصِل بين الذهب في القلادة المفصّلة فالدر فيها فريد والذهب مُفرَّد ، والواحدة فريدة ، وقيل : الفريد : الشذْرُ ، ويقال لبائعه : الفَرّاد ، وتقول : كم في تفاصيل المبرَّد من تفصيل فريد ومفرَّد. وتقول : ربّ نائل من أخي دَوْس ولعلّ أخا دوسٍ في الفردَوْس ؛ وهو البستان الواسع الحسن ، وجمعه : فراديس ، تقول : خرج النّاس كراديس ينزلون الفراديس ؛ أي جماعات.

فرر ـ هو فَرَّار وفَرور وفَرورة. وأفررته : حملته على أن يفرُّ. وفي الحديث : «ما يُفِرُّك إلّا أن يقال لا إله إلّا الله». «وهؤلاء فَرُّ قريش أفلا أردّ على قريش فَرَّها؟». ويقال : فرُّ الجوادِ عينُه أي علامات الجود فيه ظاهرة فلا يحتاج إلى أن تَفِرّه. وامرأة غرّاء فرّاء : حسنة الثغر. وإنّها لحسنة الفِرَّة أي الابتسام. وافترّتْ عن ثغر كالبرد. والذئب يفرفر الشاة إذا مزّقها ، ومنه سُمّي الأسد : فُرافِرا. والفرس يفرفر اللّجام ليخلعه عن رأسه.

ومن المجاز : فررتُ عن الأمر : بحثتُ عنه ، وفُرَّ عن هذا الأمر ، وفُرَّ فلانٌ عمّا في نفسه ، وفلان مفرور ومفرَّرٌ :

٤٦٨

مجرَّب. وفُرَّ الأمرُ جذَعاً إذا عُووِد من الرّأس. وفاررته مُفارَّة : فتّشتُ عن حاله وفتَّش عن حالي. وفرس ذابل الفَرير وهي المجسّة من معرَفته ، استعير لها اسم الفم الذي هو موضع فَرِّ الأسنان لأنّه يُتعرّف بها حال سِمَنه كما يُتعرّف بالفم حال سنّه. وسئل رجل : متى يبلغ ضمر الفرس؟ فقال : إذا ذَبُلَ فَريرُه وتفلّقت غروره وبدا حصيره ، واسترخت شاكلته ؛ الحصير : عرق في الجنب. وفلان يفرفر فلاناً إذا نال منه وخرّق عرضه. وعن عون : ما رأيت أحداً يفرفر الدنيا فرفرة هذا الأعرج يعني أبا حازم.

فرز ـ فَرَزَ له من ماله نصيباً وأفرزه ، وقد أُفرزَ له نصيبٌ من الدار. وأفرزتُ فلاناً بشيء إذا أفردته به ولم تشرك معه فيه أحداً. وفرزَ الشيءَ من الشيءِ : فصَله. وتكلّم بكلام فارز : فَيْصلٍ. وفارَزَ شريكَه : قاطعه وفارقه ، وتفارَزَا الشركةَ.

فرس ـ «هما كفرسي رهان». وتقول : هو فارسٌ ثابت الفَرَاسه وفارسٌ صائب الفِراسه. وقد فَرُسَ فلان إذا حذَق بأمر الخيل فُروسةً وفُروسيّةً. ويقال لراكب البغل : فارس ؛ قال :

وإنّي امرؤ للخيل عندي مزيّة

على فارِس البرذون أو فارِس البغل

ويقال : ليس بفارس ولكنّه يتفرّس. وفرُسَ : صار ذا رأيٍ وعلمٍ بالأمور. وفِراستي في فلان الصّلاح ؛ قال :

بأطيَبَ مِنْ فيها وما ذُقتُ طعمَه

ولكنّني فيما ترَى العينُ فارِسُ

وقال البعيث :

قد اختاره الله العبادَ لدينِه

على علمه واللهُ بالعبدِ أفرسُ

وعن عمر رضي‌الله‌عنه : لا تنخعوا ولا تَفرِسوا ودعوا الذبيحة تجِبُ. والفَرْسُ : دقّ العنق ، ومنه : الفَرَسُ : لدقّه الأرضَ بحوافره. والفرْسة : القَرْحة التي تخرج بالعنق فتفرِسها. تقول : أنزل الله بك الفَرْسة والفَرْصة وهي ريح الحَدَب. وأبو فِراسٍ تخيسُ الفرائسُ في خِيسه وهي كنية الأسد. وتقول : في بني تميم فوارس كأنّهم الليوث الفوارس. ولا بدّ لحبلك من فريس وهي الحلْقة من العود في رأسه ؛ قال :

فإن تكنِ الرِّشا مائتين باعا

فإنّ ممرّ ذلك في الفَريسِ

وطويتُ إليه فراسخَ ؛ وقال الفرزدق :

وقد ينبحُ الكلبُ النجومَ ودونَه

فراسخُ تُنضي الطَّرْفَ للمتأمّلِ

فرش ـ فَرَشتُ له فِراشاً ، وفرشتُه إيّاه وأفرشتُه ؛ قال الكميت :

كأمّ البَيْض تُلحفُه غُدافاً

وتفرُشه من الدَّمَثِ المَهِيلِ

وافترش تحته تراباً أو ثوباً. تقول : كنت أفترش التراب وأتوسّد الحجر. وأفترش السّبعُ ذراعيه. واجعل على رجلك مِفرَشةً وهي وِطاء يوضع فوق صُفتَّه.

ومن المجاز : فلان متفرِّشٌ للنّاس : يفرُش لهم نفسه بِرّاً بهم. وفَرَّشَ الطائرُ وتفرَّش : رفرف على الشيء باسطاً جناحيه ولم يقع. وفرَّش الزرعُ : انبسط. يقال : فرَّخَ الزّرعُ وفرَّش. وما بالأرض إلّا فَرْشٌ من الشجر وهو الصِّغار ، وإلّا فَرْشٌ من الإبل. وأفرشَ الشجرُ : أغْصَنَ. ولقي فلاناً فافترشه إذا صرعه وركبه. وافترش أثَرُه إذا بغاه. وافترشتنا السّماءُ : أخذتنا. وجمل مُفرَّش الظّهر : لا سَنام له. وأكمة مفترِشة الظهر : دَكّاء. وافترش لسانَه : يتكلّم كيف شاء. وفَرَشتُه أمري : بسطته له كلّه. وأفرش صاحبَه : اغتابه. وأفرشتَ في عِرضي. وضربته فما أفرشتُ أن قتلته أي ما أقلعتُ ؛ وقال :

لم يَعْدُ أن أفرَشَ عنهُ الصَّقَلَهْ

وفلان كريم المفارش أي النّساء ؛ قال أبو كبير :

سجَراءُ نفْسي غير جمع أُشابَةٍ

حُسُدٍ ولا هُلُكِ المفارش غُزَّلِ

ورأيتُه فَراشةً ، «وما هو إلّا فراشةٌ» : للخفيف الرأس يُشبَّه بواحدة الفَراش وهو مثل في الخفّة والحقارة. وما بقي في الحوض إلّا فَراشةٌ وهي القليل من الماء.

٤٦٩

فرص ـ أصبتَ فُرْصَتَك ، وأيّامك فُرَصٌ. وافترَصَ الأمرَ. وأنا مفترصٌ للقائك مفترض لزيارتك. وفلان لا يُفْتَرَصُ إحسانُه وبِرُّه لأنّه لا يُخافُ فَوتُه. وأفرصَتْه الفُرصةُ : أمكنته. وجاءت فُرصَتي من السَّقْي أي نوبتي. ويقال : إذا جاءت فُرصتُك من البئر فأدلِ ؛ قال :

تراها وقد زادتْ يداها قَباضَةً

كأوْبِ يَدَيْ ذي الفُرصة المتمتِّحِ

وهو يفارصني في الماءِ ، وهم يتفارصون الماء. وتقول : فلان إن فاتَته الفُرصة أخذتْه الفَرصة. وتقول : فلان إن فُقدت فُرصتُه ، أُرعدتْ فَريصته ؛ وهي لحمة في الجنب ترتعد عند الفزعة.

ومن المجاز : بين فكّيْه مِفراصُ الخفاجيّ وهو ما يُفرص به الذهب والفضّة. وفلان ضخم الفريصة أي جريءٌ شديدٌ.

فرض ـ فرض الله الصلاةَ وافترضها. وحقّك فرضٌ ومفروض ومُفترَض. وفرّض الله الفرائض ، وما لكم لا تؤدّون فرائض إبلكم؟ وهي حقوق الزكاة. وفلان فَرَضِيٌ وفارض وفَرّاض : معه عِلْم الفرائض. وقد فَرُضَ فَراضة فهو فَريض. وفُرِض لفلان في الديوان إذا أُثبتَ رزقُه فيه. وأبلَى إياسُ ابن حُصَين في قتال الخوارج فقال الحجّاج : افرِضُوا له في ثلاثمائة فقال إياس :

ما في ثلاثٍ ما يجَهِّز غازِياً

وما في ثلاثٍ مُتعة لفَقير

فقال : افرضوا له في الشرف ففَرضوا له في ألفين. وافترَضَ الجندُ : ارتزقوا. وعنده مائة من الفَرْضِ أي من الجند المفروض لهم ، وجمعه : فُروض. وما طلبتُ قَرْضاً ولا فَرْضاً ؛ وهو العطاء ؛ قال :

ألا ليسَ فتى الفتيا

نِ بالرَّخْص ولا البضِ

ولكن مُبتني العُرْفِ

بقَرْضٍ كان أو فَرْضِ

وأوقعِ الوترَ في فَرْض قوسك وفُرضتها وهو الحزّ في سِيتها ، وفَرضَ قوسَه ، وفرَّضَ قِسيَّه ؛ قال :

شَخْتُ الجُزارة في ساقيه تفريضُ

أي تحزيز. ومكِّن الزَّندَ في فَرْضِ الزَّنْدة وهو الثَّقب الذي يُجعل فيه رأسُه ثمّ يُفتلُ عند القدْح ويسمّى : الوَكْرَ. وسهمٌ فَريضٌ : فُرِض فُوقُه. واستقَوا من فُرْضة النّهر وهي مَشْرَعته ، والجمع : فِراضٌ ، يقال : سَقَينا بالفِراض. ووسِّعْ فُرضة الباب وفُرضة الدواة. وبقرة فارضٌ : مسنّة ، وقد فَرَضَتْ فُروضاً.

ومن المجاز : لحيةٌ فارضٌ : كبيرة ضخمة. تقول : قلَّت السّعادة في اللّحية الفارض الثقيلة على العوارض. ورجُلٌ فارضٌ ؛ قال :

شيّبَ أصداغي فرأسي أبيَضُ

محامِلٌ فيها رجالٌ فُرّضُ

أي كبار ضخام يثْقُلون على الرِّكاب. وأضمر عليَّ ضغينةً فارضاً ؛ قال :

يا ربَّ ذي ضِغْنٍ وضَبٍ فارِضِ

له قروء كقروء الحائضِ

وأبسرت النخلة بُسراً فوارضَ ، وهذه بُسرةٌ فارضٌ.

فرط ـ أرسلوا فارِطَهم وفَرَطَهم وهو في الماء كالرائد في الكلإ ، وقد فَرَطَ فُرُوطاً. وفي الحديث : «أنا فَرَطُكم على الحوض». وأفرَطوه إلى الماء : قدَّموه. وو وردتُ قبل فُرّاط القطا وهي متقدّماتها إلى الوِرْدِ. وتفارطتِ الماء : تبادرتْه ؛ قال بشر :

يُبارين الأسنّةَ مصغياتٍ

كما يَتفارَط الثَّمَدَ الحَمامُ

وقال العمانيّ :

وابن السُّقاة إذا الحجيج تفارَطوا

حوْضاً بمكّة واسعَ الأركانِ

وكلّ أمر فلان فُرُطٌ أي مُفرَطٌ فيه مجاوَزٌ حدّه (وَكانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) وغدير مُفرِط : ملآن ، ولا ألقاه إلّا في الفَرْطِ أي في الأيّام مرَّةً ، وآتيك فَرْطَ يومٍ أو يومين بمعنى بَعْدَ. وفرسٌ فُرُطٌ : سابق ، وخيل أفراط ؛ قال لبيد :

٤٧٠

ولقد طرَقتُ الحيّ تحملُ شِكَّتي

فُرُطٌ وشاحي إذ غدوْتُ لجامُها

ومن المجاز : فَرَط له ولَدٌ سبق إلى الجنّة. وجَعله الله لك فَرَطاً ، وافترط فلانٌ أولاداً. وطلعتْ أفراطُ الصّباح : لتباشيره الأوّل ؛ قال :

باكرتُه قبلَ الغَطاط اللُّغَّطِ

وقبل أفراط الصّباح الفُرَّطِ

وطلعَ الفارطان وهما كوكبان أمام بنات نعش. وبدت لنا أفراط المفازة وهي ما استَقدَم من أعلامها. وأفرطتِ السّحابةُ بالوسميّ : عجَّلت به. وفَرَطَ إلينا من فلان خير أو شر. وتفارطته الهمومُ : لا تزال تأتيه الحين بعد الحين. ونخاف أن تفرُط علينا منه بادرةٌ. وفَرَطَ علينا فلان إذا عجِل بمكروه. وتقول : اللهمّ اغفر لي فَرَطاتي ولا تؤاخذني بسَقَطاتي ؛ أي ما فَرَطَ مني.

فرع ـ الفَرْعُ ينبت حوله الغصن. وتقول : بنو هاشم ولدهم أشرف ، وفروع الدّوحة ظلّها أورف.

ومن المجاز : فلان فَرْعُ قومه أي شريفهم ، وهو من فروعهم ؛ قال الأعشى :

كِلا أبويكم كان فرْعاً دِعامَةً

ولكنّهم زادوا وأصبحت ناقصا

وفَرَعَ فَرْع أُذنه. ونزلوا فَرْع الوادي أي أعلاه. وأُجلستُ فَرْعَ فلان أي فوقه. وامرأة طويلة الفروع وهي الشّعر ، ولها فَرْعٌ تطؤه ، وتقول : لا بدّ للقرعاء من حسد الفرعاء ؛ وهي ذات الفَرْع. وضربه على فَرْعَيْ أليتيْه وهما المماسّتان للأرض إذا قعد ؛ وقال الشمّاخ :

حتى إذا انجرَد النّسيل وقد بدا

فَرْعٌ من الجوْزاء لم يتصَوّبِ

أراد أوّلها ، ومنه : فرَع رأسه بالسّيف أو العصا. وجبل فارِع : مرتفع ، وفَرَعتُ الجبلَ وفيه وتفرّعتُ : صعِدتُ ؛ قال عبد الله بن عَنَمة :

كأنّي غداة الصّمْدِ لما دَعوتُه

تفرّعتُ حِصناً لا يُرام مُمَدّدَا

وأفرعتُ في الوادي وفرَّعتُ : انحدرتُ. وسُمع أعرابي يقول : لقيت فلاناً فارعاً مُفْرِعاً أي صاعداً أنا ، منحدراً هو. وفرَع قومَه وتفرّعهم : علاهم شرفاً مثل تذرّاهم. وتفرّعتُ في بني فلان : تزوّجتُ سيّدتهم ؛ قال :

وتفرّعنا من ابني وائل

هامَةَ العزّ وخُرْطوم الكرَمْ

وتفرَّع فلان القومَ : ركبهم بالشتم والأذى. وائتِ فَرْعة من فِراع الجبل فانزِلها وهي ذِروته. وأتيته في فَرْعةٍ من النّهار وهي الصّدر. وهو مفترِعُ أبكارِ المعاني. وهو حسن التفريع للمسائل. وفَرَعَ بين المتخاصمين وفَرَّعَ إذا فرَّق بينهما.

فرعن ـ فيه فَرْعنةٌ ؛ قال :

وقد يكون مرّةً ذا فَرعَنَهْ

وقد تَفرْعَنَ علينا فلان ، وما هو إلّا فِرْعونٌ من الفراعِنة. وتقول : أعوذ بالله من تيه الفَراعِنه ومن سفه الفراعنه. وقيل : الفِرْعَونُ : التّمساح بلغة القِبط.

ومن المجاز : تفرْعنَ النّباتُ إذا طال وقويَ.

فرغ ـ هذا إناء ودرهم مُفْرَغٌ ومفرَّغ : مصبوبٌ في القالَب غير مضروبٍ. و «هم كالحلْقة المفرَغة لا يُدرَى أين طَرَفاها». ودلوٌ واسعة الفروغ وهي مفارغ الماء بين العراقي واحدها. فَرْغٌ ، وبه سُمّيَ : فَرْغَا الدَّلوِ وهما كوكبان :

كأنّ شِدقَيهِ إذا تهَكَّما

فَرْغانِ من غربينِ قد تخَرّمَا

تهكَّم : تغنّى ؛ وقال أميّة بن أبي عائذ الهذليّ :

وذكَّرها فَيحُ نجم الفرو

غ من صَيْهَبِ الحرّ بردَ الشّمالِ

وذهب دمه ودماؤهم فَرْغاً وفِرْغاً أي هدَراً ؛ وقال :

همُ الحاملُونَ المُحسِنُونَ بقومهم

إذا ما الدّماء الفرْغُ هِيبَ احتمالُها

وتقول : اللهمّ إنّي أسألك العيش الرافغ والبال الفارغ. ورأيته بين يديه الماء يغترفه ثمّ يفترغه أي يُفرِغه على نفسه.

ومن المجاز : (رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً). وهذا كلام

٤٧١

فارغ ، ولأفرغنَ لك وعيدٌ. وأصابته ضربة ذات فَرْغٍ : شُبِّهتْ سعتها بفرغ الدلو وفَريغٍ. وتحته فرسٌ فَريغٌ : وسَاعٌ. وطريق فريغ : واسع ، وفَرُغَ فَراغةً. وقد أفرغ عليه ذَنوباً إذا ناطقه بما تشوّر منه. وقال الأخطل للشعبيّ : أنا أستفرغ من إناء واحد وهو يستفرغ من أوعية شتَّى : يريد سعة حفظ الشعبيّ وكثرة ما حاضر به وتعاظمه. واستفرغ مجهوده. وفرسٌ مستفرِغ : لا يدّخر من عدوّه ؛ قال :

مستفرغ كاهله أشمّ

فرق ـ بدا المشيب في مَفْرَقِه ومَفْرِقِه وفرَقِه ، ورأيتُ وبيصَ الطِّيب في مفارقهم. وفرَقت الماشطةُ رأسَها كذا فَرْقاً. ورأس مفروق. وديك أفرقُ : انفرقت رَعَثَته. وجمل أفرق : ذو سنامين. ورجل أفرق الأسنان : أفلجها. وناقة فارق : ماخض فارقت الإبل نادّة من وجع المخاض ، ونوقٌ فُرَّقٌ وفوارِقٌ ومفاريقُ ، وقد فرقتْ فُروقاً وتُشبَّه بها السّحاب ؛ قال ذو الرّمّة :

أو مزنة فارق يجلو غواربَها

تبوّجُ البرقِ والظّلماءُ عُلجومُ

وفَرَقَ لي الطريقُ فُروقاً وانفرق انفراقاً إذا اتّجه لك طريقان فاستبان ما يجب سلوكه منهما ، وطريق أفرقُ : بيِّن. وضمّ تفاريقَ متاعه أي ما تفرَّق منه. وضرب الله بالحقّ على لسان الفاروق. وسطع الفُرقان أي الصبح. وهذا أبين من فَلَق الصبح وفَرَق الصّبح. وتقول : سبيل أفرقُ كأنّه الفَرَق. وهو أسرع من فَريق الخيل وهو سابقها فعيل بمعنى مُفاعل لأنّه إذا سبقها فارقها. وبانت في قذاله فُروقٌ من الشَّيب أي أوضاحٌ منه. وما له إلّا فِرْقٌ من الغنم وفَريقة أي يسير. ورأى أعرابيّ صبياناً فقال : هؤلاء فِرْقُ سوء. وما أنت إلّا فَروقةٌ. وفَرَقٌ خير من حُبٍّ أي أن تُهابَ خير من أن تُحبَّ. وأفرقَ المحمومُ والمجنونُ ، وهو في أفراقٍ من حُمّاه.

ومن المجاز : وقفتُه على مَفارق الحديث أي على وجوهه الواضحة.

فرك ـ فلانة فاركٌ من الفوارك وهي خلاف العَروب. وقد فَرِكتْ زوجها فِرْكاً ، نقيض : عشقته عِشْقاً. وكان امرؤ القيس مُفرَّكاً. وفاركتُ صاحبي ففارقته. وهم يعيشون بالفَريك وهو الحَبُّ المفروك. وقد أفرَك زرعُهم إذا حان له أن يُفرَك وهو أن يشتدّ شيئاً في سنبله. ولَوْزٌ فَرَكٌ وفَرِكٌ : منفرك قشره. وانفركت الوابلة عن صدفة الكتف وهي طرف الكتف كالحُقِّ يقع فيه رأس العضد الأعلى وهو الوابلة إذا زالت عنه وانخلعت. وتقول : ما انفككتُ من ودّك ولا انفركت عن عهدك.

فرم ـ استفرمتِ المرأةُ إذا تضيّقت بالفَرْمِ ، ويقال : أذلُّ من فَرْمِ الأمة. وفي حديث عبد الملك : يا ابن المستفرِمة بعَجَم الزبيب.

فرن ـ تقول : أطعَمَنا الخبزَ الفُرْنيّ والتمرَ البَرْنيّ ؛ قال الهذليّ :

نقاتل جوعهم بمكلّلات

من الفُرْنيّ يَرْعَبُها الجميلُ

فرند ـ السيف بفِرِنده وإفرِنده.

ومن المجاز : القِدر بفِرِندها وهو أبزارها.

فره ـ رَجُلٌ وجَمَلٌ فارِهٌ ؛ قال :

لا أستكينُ إذا ما أزمَةٌ أزمتْ

وَلا ترانيَ إلّا فارهَ اللَّبَبِ

وقيل : لا توصف الخيل بالفراهة. وغلمان فُرْهٌ وفُرْهَةٌ. وناقة مُفرِهة : ولدت فُرْهاً ، وقد أفرَهتْ. وفلان يستفره الدوابَّ.

فرو ـ لأسلخنَ فَروةَ رأسك. وفي الحديث : «إن الأمَة ألقتْ فروةَ رأسِها من وراء الجدار». أي تبذّلت وخرجت من غير أن تتلفّع كالحرّة. وضربه على أمِّ فَروته وهي هامته. وتقول : هو فقير وإن كنز الإبريز ولبس فروة أبرويز ، وهي تاجه. وتقول : المفتري لا يجد البَرْدَ ؛ تريد لابس الفرو ؛ وقال العجّاج :

قلبُ الخراسانيِ فروَ المفتري

وقد افترى فلان فَرْواً حسَناً ، وعليه فَروة دافئة وهي نحو الجُبّة. وفلان يفرِي الفَرِيَ إذا أتَى بالعجب. ويقال : قد أفريْتَ وما فرَيْت أي أفسدت وما أصلحت.

٤٧٢

ومن المجاز : تفرَّى اللّيلُ عن بياض النهار. وتفرَّت الأرضُ بالعيون.

فزز ـ استفزّه الخوف : استخفّه ، والفَزُّ : الخفيف.

فزع ـ فَزِعتُ إليه فأفزعني أي أزال فَزَعي ، وهو مَفْزَعٌ لقومه. وفُزِّعَ عن قلبه : كُشف الفزعُ عنه. وفلان فزّاعة : يفزَع منه النّاس كثيراً ، ومنه : فَزَّاعات الزّروع.

فسح ـ افسحوا لأخيكم في المجلس ، وتفسّحوا له. وأَما لكَ في هذا المكان مُتَفَسَّحٌ؟ ويقال : له مُراح مُنفسِحٌ وهي كناية عن كثرة الإبل. وبنو فلان قد انفسحَ مُراحُهم ؛ قال الهذليّ :

سأغنيكم إذا انفسحَ المُرَاحُ

وإن فسَحتْ عليَّ معاذيركَ فهو أوّل مبذول لأقلّ غلام لك.

فسخ ـ فَسَخَ المجبِّرُ يدَه إذا فكَّ مَفصِلها ، وسقط فانفسختْ يده. وتفسّخ الشَّعرُ عن الجلد واللّحمُ عن العظم. وتفسّختِ الفأرةُ في البئر. وتفسَّخ فلان تحت العبء الثقيل. ودخل يفسَخ ثيابَه ، وافسَخْ ثيابك.

ومن المجاز : فسخ البيعَ وفاسخه البيعَ ، وتفاسخاه.

فسد ـ يقال : ما دأبه غير الفساد في دينه. وهذا الأمر مَفسَدة له أي فيه فساده. وهم من المَفاسد دون المَصالح. وتقول : من كثرتْ مَسافده ظهرت مَفاسده. والأميرُ يستفسد رعيّته. وقد تمادى في استفسادهم ، وفلان يفاسد رهطَه ، وقد تفاسدوا.

فسر ـ هذا كلام يحتاج إلى فَسْرٍ وتفسير ، وفَسَرَ القرآن وفسَّره. ونظر الطبيب في تَفسِرةِ المريض وهي ماؤه المستدَلّ به على علّته وكذلك كلّ ما تَرجم عن حالِ شيءٍ فهو تفسرتُه. ويقال : ما استفسرتُه عن هذا وما تفسّرتُه عنه.

فسط ـ ما لفلان مقدارُ فَسيطٍ وهو القُلامة. وأنشد يعقوب :

كأنّ ابنَ مزنتها جانحاً

فسيطٌ لدى الأفق من خِنصرِ

وتقول : ما أرى لفلان باعاً بسيطا وما أراه يُعطي أحداً فَسيطا. وأمَرَ الأميرُ بفساطيطه فضُربتْ. ويد الله على الفُسطاط وهو الجماعة.

فسق ـ فسَق عن أمر الله : خرج. وتقول : كان يزيد فِسِّيقاً خِميِّرا ولم يكن للمؤمنين أميرا. وفسَقتِ الرّكابُ عن قصد السّبيل : جارت ؛ قال رؤبة :

يهوين في نجدٍ وغوراً غائرا

فواسقا عن قصدِها جوائرا

وفسقتِ الرُّطَبةُ عن قشرها والفأرة عن جُحرها. وأضرمتِ الفُوَيْسِقَةُ على أهل البيت النّارَ وهي الفأرة لعيثها في البيوت. وتعمّم فلان الفاسِقِيّةَ وهي ضرْبٌ من العِمَّة.

فسكل ـ سبقتْه الفساكل فأخذتْه الأفاكل. وفُسكِلَ فلانٌ : أُخِّرَ ؛ قال الأخطل :

أجُمَيْعُ قد فُسكِلتَ عبداً تابعاً

فبقيتَ أنتَ المفحَمُ المعكومُ

فسل ـ هو من أهل السّفالة والفَسالة وهي الضَّعفُ والعجز. وكلّ مسترذَل رديء فهو فَسْلٌ عندهم. يقال : هذا دِرهمٌ فَسْلٌ ، ودراهم فُسولٌ ؛ قال الفرزدق :

فلا تَقبَلوا منهُم أباعرَ تُشتَرَى

بوكسٍ ولا سوداً تصيح فُسولُها

وفلان أفسلَ عليَّ دراهمي إذا زيّفها وأرذلها. وسمعتُ منهم من يقول : النّاس قد فسدت نيّاتهم وفسُلت أماناتهم. وهو أهون عندي من الفُسالة وهي سُحالة الحديد. ولعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : المُفسِّلةَ المسوّفةَ. وهي التي إذا أرادها الزوج اعتلّت بأنّها حائض وتسوّفه لأن ذلك ممّا يفترّه ويكسر نشاطه. وغرس فلان الفسيلَ وهو الوَدِيُّ. وتقول : الفحل من الفَصيل والفُحّال من الفسيل.

فسو ـ تقول : أفحشُ من فاسيه كلّ عارية كاسيه ؛ وهي الخنفُساء والفاسياء مثلها وجمعها فواسٍ ، وتقول ما الخُنفساء إلّا لَخَنٌ وفُساء ؛ وهو النتن.

فشش ـ لأفُشَّنَّكَ فَشَ الوَطْبِ.

فشغ ـ تفشَّغَ فيك الشّيبُ : تفشَّى ؛ قال ابن الرِّقاع :

أما ترَى شيباً تفشَّغ لِمَّتي

حتى عَلا وَضَحٌ يَلوحُ سَوادَها

٤٧٣

ومنه : الفُشّاغ : الذي يلتوي على الشجر.

فشل ـ دُعيَ إلى القتال ففشِل أي جبُنَ وذهبت قوَّتُه ، وما خلّفَه إلّا الفَشَلُ والخَورُ. وما وجدناه إلّا فَشِلاً وفَشْلاً ، بالتخفيف. يقال : إنّه لخَشْلٌ فَشْلٌ. وعزم على كذا ثمّ فشِل عنه أي نكَل عنه ولم يُمضِه.

فشو ـ أخفِ سرّك واحذر فُشُوَّه. وما فلان إلّا واشٍ خبره في النّاس فاشٍ. وفشتْ عليه ضيعته إذا انتشرت عليه أموره لا يدري بأيّها يبدأ. وتقول : أقلْتَ بيعتَك أفشى الله عليك ضيعتَك. وهذا قرطاس يتفشّى فيه المداد. وتفشّى بهم المرض وتفشّاهم ؛ قال :

تفشّى بإخوان الثّقاتِ فعمّهم

وأسكتَ عنّي المعولاتِ البواكيا

وتفشّتِ القَرحةُ : اتّسعتْ. وضُمّوا فواشيَكم ومواشيَكم. وقد فشَتْ أنعامُهم فَشاء ومشت مَشَاء : كثرت ، وأفشى القوم وأمشَوا.

فصح ـ سقاهم لبناً فصيحاً وهو الذي أُخذت رغوته أو ذهب لِباؤه وخلص منه ، وفصُح اللبن وأفصَح وفَصَّحَ ، وأفصحتِ الشاةُ : فصُحَ لبنُها.

ومن المجاز : سرينا حتى أفصَح الصُّبحُ ، وحتى بدا الصباح المفصِح. وهذا يومٌ مُفصِحٌ وفِصْحٌ : لا غيمَ فيه ولا قُرَّ. وانتظرْ نُفصحْ من شتائنا أي نخرج ونتخلّص. وجاء فِصْحُ النّصارى أي يوم بروزهم إلى معيَّدهم. وهذا مَفصَحُهم أي مكان بروزهم ؛ قال ابن هَرمة :

نصارى تأجّلُ في مَفْصَح

ببيداءَ في يومِ سِملاجِها

تأجّلُ : تصير آجالاً أي جماعات ، ويوم السِّملّاج : يوم الفطر ، من سَملجه في حلقه إذا أرسله وهو من سَلج بزيادة الميم. وأفصحوا : عيّدوا. وأفصح العجميُ : تكلّم بالعربيّة. وفَصُح : انطلق لسانه بها وخلصت لغته من اللكنة. وأفصح الصّبيُّ في منطقه : فُهِم ما يقول في أوّل ما يتكلّم. تقول : أفصح فلان ثمّ فصُح ، وأفصح عن كذا : لخّصه. وأفصِحْ لي عن كذا إن كنت صادِقاً أي بيِّن. وفلان يتفصّح في منطقه إذا تكلّف الفصاحة. وله مالٌ فصيحٌ وصامتٌ ؛ قال :

وقد كنتُ ذا مالٍ فصيحٍ وصامتٍ

وذا إبل قد تعلمين وذا غَنَمْ

وتقول : لمحة نصيحة خيرٌ من كلمات فصيحة.

فصد ـ اعصِبْ مَفْصِدي ومُفتصَدي. وتقول : افتصِدْ ، واقتصدْ ؛ أي في إخراج الدم. وفي المثل : «لم يُحْرَم القِرَى مَنْ فُصْدَ له» أي لم يخب من نال بعض حاجته ، من الفصيد الذي كان يعمله أهل الجاهليّة في الأزْمة. وتقول : اقنع بالفصيد ولا تقنع بالقصيد. وتفصّد دمُه وانفصد : سال في قِلّة. وكلّمته فتَفَصَّدَ عَرَقاً.

فصص ـ خاتَمٌ مفصَّصٌ ، وعمِلتُ الخاتم وما فصّصتُه. وتقول : الخواتم بالفصوص والأحكام بالنصوص.

ومن المجاز : عرفت البغضاء في فصّ حدقته ؛ قال :

بمقلَةٍ تُوقدُ فصّاً أزرَقا

ورموه بفصوص أعينهم. وفصَّص بعينه : حدّق بها. وأعطني فُصّاً وفَصّاً وفِصّاً من الثوم أي سِنّاً منه. ويقال للفرس : إن فصوصه لظِماء أي ليست برهلة كثيرة اللّحم وهي مفاصله. وفصَّصْتُ الشيءَ من الشيءِ فانفصَ أي فصلتُه فانفصل. وفلان حزّاز الفصوص إذا كان مصيباً في رأيه وجوابه. «وآتيك بالأمر من فُصّه وفَصّه وفِصّه» أي من محزَّه وأصلِه ؛ قال :

وربّ امرئٍ خِلتُه مائقاً

ويأتيك بالأمرِ من فصِّهِ

وقرأتُ في فَصّ الكتاب وفِصِّه كذا ، ومنه : فصوص الأخبار.

فصل ـ تقول كانوا حُكّاماً فياصل يحزّون في الحكم المفاصل ؛ جمع فَيْصَل وهو الفاصل بين الحقّ والباطل. وهذا الأمر فَيْصَل أي مقطع للخصومات. «وهو أصفى من ماء المفاصل» وهو الماء الذى يقطر من بين العظمين إذا فُصل ، وقيل : الذي يوجد في فصل ما بين الجبلين. وتقول : ربَّ كلامٍ بالمِفصل أشدّ من كِلامٍ بالمِقْصل. وكأنّ منطقه خرزاتٌ يتحدّرن من وشاح مفصّل. وفلان من فصيلة أصيلة. وافتصلنا فَصَلاتٍ فما

٤٧٤

عتم منها شيء أي حوّلنا تالاً فعلق كلُّها ، الواحدة : فَصْلَةٌ. ووثّقوا سور المدينة بكِباشٍ وفَصيلٍ. وفصَل العسكرُ من البلد فُصولاً. وقد فَصَلَ مني إليك غيرُ كتاب. وفصَّل الشاة تفصيلاً : قطعها عضواً عضواً. وفصِّلْ لي هذا الثوب. وفلان قرأ المُفَصَّلَ وهو ما يلي المثانيَ من قصار السُّوَر ، الطُّوَلُ ثمّ المثاني ، ثمّ المُفَصَّلُ.

فصم ـ كانت عروة قد فُصمتْ. وسوار ودملج مفصوم وهو كسر من غير بينونة. يقال : فُصِمَ وما قُصِم. وانفصمتِ الدُّرّة : انصدعت ناحية منها. وإذا انصدع الجدار قيل : قد فُصِمَ ، وفي الجدار فَصْمة. وتقول : به داء يَفصِم ولا يُفصم ؛ أي لا يُقلع.

فصي ـ وقع فيما لا يقدر على التفصِّي منه. ويقال : قد أدركتك الفَصْيَةُ ، وقضى الله تعالى لي بالفَصْيَةِ من هذا الأمر. وليتني أتفصَّى من فلان أي أتخلّص منه وأباينه. وفصَّيتُ اللحمَ عن العظم.

فضح ـ في المثل : «الظمأ الفادح أهون من الرّيّ الفاضح» وفي الحديث : «فُضوح الدنيا أهون من فُضوح الآخرة». ويا لَلْفَضِيحة. والخمرُ فُضوحٌ لشاربها. وتقول : إذا كان العذر واضحاً كان العتاب فاضحاً. وفُضِحَ فلان بين القوم وافتضح. وسمعتهم يقولون : افتضحنا فيك أي فرّطنا في زيارتك وتفقّدك. وأرادوا أن يتناصحوا فتفاضحوا. وتفاضح المرتجزان ، وفاضح أحدهما الآخر ؛ قال ذو الرّمّة :

حَداهُنَّ شَحَّاجٌ كأن سحيلَه

على حَجرَتَيهنَّ ارتجازُ مُفاضح

وهذا يومُ فِضَاحٍ.

ومن المجاز : قد فضَحَك الصّبح فقم ، وفَضَحَ الصّبحُ وأفضح : طلع. ويقولون : غمَّ القمر النّجوم وفضحها إذا غلبها بضوئه وكذلك الصّبح ؛ قال :

حتى إذا ما الدّيكُ نادى الفَجْرَا

وفضَحَ الصّبحُ النّجومَ الزُّهرَا

فضخ ـ صكَّ رأسه ففَضخه. وضرب بالبطّيخة الأرض ففضخها. وانفضخَت قَرحتُه : انفتحت. وفلان يشرب الفَضيخ وهو نبيذ يتّخذ من البُسر المفضوخ ، وافتضخَ البُسرَ : انتبذه. وتقول : لا تفتضخ لا تفتضح.

فضض ـ فضَ ختم الكتاب وغيره ؛ قال الفرزدق :

فبتن بجانبيَّ مصرّعاتٍ

وبتّ أفضّ أغلاقَ الختام

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم للعبّاس رضي الله تعالى عنه : «لا يفضض الله فاك». وفضضتُ حلقة القوم فانفضُّوا. وفضّ الله جمعَهم ؛ قال :

إذا اجتَمَعوا فضَضنا حَجرتيهم

ونجمعهم إذا كانوا بَدادِ

وخرَزٌ فَضٌ : منتشرٌ ؛ قال ذو الرّمّة :

كأنّ أدمانها والشّمسُ جانحةٌ

وَدْعٌ بأرجائها فَضّ ومنظوم

وخرجنا من فَضَضِ الحصى وهو ما تفرّق منه. وخرج فَضَضٌ من النّاس أي فرق متفرّقة. وأصابه فَضَضٌ من الماء أي نَشَرٌ منه وهو ما يسيل على عضوه إذا توضّأ. وقالت عائشة رضي‌الله‌عنها لمروان : إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعن أباك وأنت في صلبه فأنت فَضَضٌ من لعنة الله. أي قطعة منها. وأعطني فَضَضاً من سواكٍ : قطعة منه. وتقول : كيف يعطيك فِضَضاً من لا يعطيك فَضَضاً. وتقول : صاروا رُضاضا وطاروا فُضاضا ؛ وقال النابغة :

يطيرُ فُضاضاً بينها كلّ قَونَس

ويتبعها منهم فراش الحواجب

وانفضّ الماء وارفضَّ. ودرع فَضفاضة : واسعة. وبطنٌ فَضفاض.

ومن المجاز : فَضَ الله خَدَمَتَكم. ورجلٌ فَضفاضٌ : كثير العطاء. وسحابةٌ فَضفاضةٌ : مِغزارٌ. وعيشٌ فَضفاض : واسع.

فضل ـ فلان يتفضّل على قومه : يدّعي الفضلَ عليهم. وفاضل بين الشيئين ، والأشياء تتفاضل. وفاضلني فلان ففضَلْتُه أفضُله ، وهو مفضول : مغلوب. ومال فلان فاضل : كثير

٤٧٥

يفضُل عن القوت. وفلان تأتيه فواضلُ ماله ، وله مالٌ كثير الفواضل وهي مرافقه وغلّته من ريع ضياعه وأرباح تجاراته وألبان ماشيته وأصوافها وغير ذلك ، وفي يده فَضْلُ الزّمام وهو طرفه ؛ قال ذو الرّمّة :

طرحتُ لها بالأرض فَضْلَ زمامها

وأعلاه في مثنى الخِشاشة مُعلَقُ

وللرئيس فضول الغنائم وهي ما يفضل عن القسمة. وله في قومه فُضول وفواضل ، الواحدة : فاضلة. وهو مفضال. وأكل الطعام وأفضل منه إذا ترك منه شيئاً. وباع أرضه وأفضل منه لولده ؛ وقال ابن مقبل :

من المعقبات العدْوَ مشياً مُواشكاً

إذا طيُّ نِسعيْها عن الرَّحل أفضَلا

أي زاد لضمورها. ورأيت صفّهم قد أفضل على صفّنا أي زاد عليه وكان أكثر منه. وأخذ حقّه واستفضل ألفاً إذا أخذه فاضلاً عن حقّه. وهذه فَضْلة الماء وفُضالته وفَضَلاتٌ منه وفُضالاتٌ ؛ وقال الأفوه :

وقد أعارض ظعن الحيّ تحملني

والفَضْلتين وسيفي مُحنِق شَسِفُ

أراد الزاد والماء. وأفضل في الحسب إذا حاز الشرف. وتفضَّل الرجلُ أو المرأةُ إذا توشّج بثوب واحد مخالف بين طرفيه على عاتقه. ورجل وامرأةٌ فُضُلٌ. وثوبٌ فُضُلٌ. تقول : خرجتُ في فُضُل أي في ثوب واحد مِلحفة أو نحوها. وخرجن وعليهن المَفاضل والمَباذل ، جمع : مِفضل ومِبذل. وجاءنا فلان في فِضْلته أي في حال تفضّله. ورأيتهم فُضَّالَى ؛ قال معقل بن عوف بن سُبيع :

فباتُوا حولَنا حَرَساً وباتَتْ

أديمَ اللّيلِ لا يَعذِفنَ عُودَا

وأشياخٌ ببيشَةَ أثكَلَتهم

رماحُ الخطّ فُضَّالَى قعُودَا

فضو ـ أفضيتُ إليه بشُقوري. وأفضى الساجد بيده إلى الأرض إذا مسّها بباطن كفّه. وأفضيت بفلان : خرجت به إلى الفضاء نحو أصحرتُ ؛ قال ذو الرّمّة :

برّاقة الجيد واللّبّاتُ واضحَةٌ

كأنّها ظبية أفضَى بها لَبَبُ

واشترى جارية فوجدها مُفْضاةً : من فَضَا المكانُ يفضو فُضُوّاً إذا اتّسع فهو فاضٍ. وأفضيته أنا : وسَّعته وجعلته فضاء. وسمعتُ عَدوانيّة تقول : طلبنا الماء في بعض مسائرنا فوقعنا على فَضْيَةٍ وهي الحِسْيُ ، والجمع فِضَاءٌ ؛ قال الفرزدق :

فصَبّحْنَ قبل الوارِداتِ من القطا

ببَطحاءِ ذي قارٍ فِضاءً مُفَجَّرَا

فطح ـ رأس أفطح ومفطوح ومفطَّح ومفرطَح : عريض. وقَدَمٌ وأرنبةٌ فطحاءُ. وفطحتُ الحديدةَ ، وضربته بالعصا حتى فطحتُه. وفطح القوّاس سِيَةَ القوس ؛ قال :

مفطُوحة السّيتين توبع بريها

صفراء ذات أسرّة وسفاسقِ

فطر ـ فطر الله الخلقَ ، وهو فاطر السموات : مبتدعها. وافتطر الأمرَ : ابتدعه. «وكلّ مولود يولد على الفِطْرة». أي على الجبلّة القابلة لدين الحقّ. وقد فَطَرَ هذه البئرَ. وفَطر اللهُ الشجر بالورق فانفطر به وتفطّر. وتفطّرت الأرضُ بالنبات. وتفطّرت اليدُ والثوبُ : تشقّقت. وفَطَر نابُ البعير : طلع. وهذا كلام يُفطر الصّومَ أي يفسده. وفطَرتِ المرأةُ العجينَ والأجيرُ الطينَ ، وعجينٌ وطينٌ فَطيرٌ وهو ما خُبز أو طِينَ به من ساعته قبل أن يختمر ، وجِلد فَطيرٌ : لم يُلقَ في الدّباغ. وسوطٌ فَطيرٌ : محرّم لم يمرّن بالدباغ. وسيفٌ فُطارٌ : عُمل حديثاً لم يَعتُق ، وقيل : فيه تشقّق ، وتقول : قلبٌ مُطار وسيفٌ فُطار. وأفطر الصائم وأفطره غيره وفطّره ، وفلان يفطِّر الصُّوّام بفُطورٍ حسَنٍ. وإذا غربت الشّمس فقد أفطر الصّائمُ أي دخل في وقت الفطر. وذبحنا فطيرة وفَطورة وهي الشاة التي تُذبح يوم الفطر.

ومن المجاز : لا خير في الرأي الفطير. وتقول : رأيه فَطير ولبّه مستطير.

فطس ـ يقال للأفطس وهو المفترش الأنف : أبعد الله هذه

٤٧٦

الفَطَسَةَ. وفطَس الحدّاد الحديد بالفِطِّيس وهو مطرقته الكبيرة إذا فطحه. وتقول : اصبر على أدب النِّطِّيس وإن طرقك بالفِطِّيس.

فطم ـ الصبيّ في فطامه بمعنى الفعل والوقت. ولها ولدٌ فَطيم ، وأفطم الصبيُّ : حان وقت فطامه. وما يملك فلان فَطيمةً وهي العَناق التي تُفطم ؛ قال :

وكيفَ على زهدِ العَطاء تلُومهم

وهم يتَقاوَوْنَ الفطيمَةَ في الدّمِ

ومن المجاز : فطمتُه عن عادة السوء. ولأفطمنّك عمّا أنت عليه. وفي الحديث : «الإمارة حلوة الرّضاع مُرّة الفطام». وناقةٌ فاطمٌ : فُطم عنها ولدها.

فطن ـ مررتُ به فما فطَن لي ، وإذا حدّثتك بشيء فافطُن له ، وتفطّن لما أقول لك ، وفاطَن صاحبَه مفاطنة ، وهو فَطِنٌ ، وقد فطِن وفطُن فَطانة ، وفطّنتُه للأمر ، وفطّنه المعلّم : ردّه فطِناً بتأديبه وتثقيفه ؛ قال رؤبة :

وقد أعاصي في الشّباب الميَّالْ

موعظةَ الأدنَى وتفطين الوالْ

فظظ ـ أنحى عليه بفَظاظته وعُنْفِه ، وما كنتُ فَظّاً ، ولقد فظِظْتَ علينا وغلُظْتَ. وعطشوا حتى شربوا الفَظَّ وهو ماء الكرش. وافتظّوا الكرش : أخذوا فَظَّها ؛ وقال :

إذا اعتصروا للَّوح ماءَ فِظاظِها

وتقول : قومٌ غِلاظٌ فِظاظ كأن أخلاقهم فِظاظ.

فظع ـ ما أفظع هذا الخطبَ ، وقد فَظُع فَظاعة ، وأفظعني فهو فظيعٌ ومُفْظِع ، وسمعت بذلك فأفظعتُه واستفظعتُه وتفظَّعتُه ، وفظِعتُ به ؛ قال الأحوص :

أحموا على عاشِقٍ زيارَتَه

فهو بهجران بينهم فَظِعُ

وأصله : من فَظِعَ فَظَعاً إذا امتلأ امتلاء شديداً ؛ قال أبو وجزة :

ترَى العلافيَّ منها موفداً فَظِعاً

إذا احزَألّ به من ظهرها فِقَر

فعل ـ هذه فَعْلَةٌ من فَعَلاتك ، (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ). وتقول : الرُّشَى تفعل الأفاعيل وتُنسِّي إبراهيم وإسماعيل ؛ وقال الشمّاخ :

إذا استهلّا بشؤبوبٍ فقد فُعِلَتْ

بما أصابا من الأرضِ الأفاعيلُ

أي الأعاجيب من وقعهما ؛ وقال ذو الرّمّة :

فكلّ ما هَبَطا في شأوِ شوطهما

من الأماكن مفعُولٌ به العجبُ

وفيهم السّؤددُ والفَعَالُ أي الكرم. وهذا كتاب مفتَعلٌ أي مختلق مصنوعٌ. ويقال : شِعر مفتعل : للمبتدع الذي أغرب فيه قائله ، ويقولون : أعذبُ الشعرِ ما كان مُفتعَلاً ، وأعذبُ الأغاني المفتعلُ ؛ قال ذو الرّمّة :

وشعرٍ قد أرِقتُ له غريبٍ

أُجَنِّبُه المُسَانَدَ والمُحَالا

فبِتُّ أُقيمُه وأقُدُّ منهُ

قوافيَ لا أعُدُّ لها مِثَالا

غرائبَ قد عُرِفْنَ بكلّ أفْقٍ

من الآفاقِ تُفْتَعَلُ افْتِعَالا

أي تُبتدع ابتداعاً غيرَ مسبوق إلى مثله. وتسخَّر الأميرُ الفَعلةَ وهم العملةُ الذين يبنون ويحفِرون.

فعم ـ أفعمتُ الإناء ، وإناءٌ مُفْعَمٌ : ملآنُ. وساعد فَعْمٌ ، وامرأة فعْمة السّاق. ويقول المحسود لحاسده : أُفعِمْتَ بِيمّ ، وغِضتَ بسَمّ ؛ أي مُلئت من حسدي بمثل البحر ثمّ لا جُعِل لك مَغِيضٌ إلّا بسَمّ مِنخَرِك أو بمثل سَمّ الإبرة في الضيق ؛ والمعنى قلّةُ المبالاة بامتلائه من حسده وقلّة رغبَته في نقصانه ، وغِضت مبنيّ للمفعول من غاضه إذا نقصه لقوله : أُفْعِمْتَ.

ومن المجاز : أفعمتُ البيتَ طِيباً وأفعمتُه غضباً.

فعي ـ في نصح فلان حُمَةُ العقارِبِ وسُمّ الأفاعي ، وكأنّه أُفعوانٌ مطرِق. وقد تفعَّى فلان إذا تشبّه بالأفعى في سوء خلقه ؛ قال ساعدة بن جؤية :

٤٧٧

وباللهِ ما إن شهلةٌ أمُّ واحدٍ

بأوجدَ منّي أن يُهَان صغيرُها

رأتهُ على يأسٍ وقد شابَ رأسُها

وحينَ تَفَعَّى للهوانِ عَشيرُها

أي زوجها.

ومن المجاز : قول جرير :

فلمّا استوَى جنباهُ لاعَبَ ظِلَّهُ

عريضُ أفاعي الحالبينِ ضَريرُ

أراد عروقاً متشعّبة من الحالبين ظهرت لفرط الهُزال فأشبهت الأفاعي.

فغر ـ فلان لا يَفغَرُ إلّا بذكر الله فَماً ، وهو أهرَتُ الشِّدق واسعُ مَفْغَر الفم ؛ قال حميد بن ثور :

عجبتُ لها أنّى يكونُ غِناؤها

فصيحاً ولم تَفغَر بمنطقها فَمَا

وأفغر النجمُ القومَ إذا طلعَ قِمَّ الرّأس لأنّهم إذا نظروا إليه فغروا أفواهَهم ؛ قال الكميت :

حتى إذا لهبَانُ الصّيفِ هَبَّ له

وأفغرَ الكالئينِ النجمُ أو كَرَبوا

وتقول : روَح الشجرُ وانفطرْ وفقّحَ النَّورُ وانفغَرْ.

فغم ـ ريح تفغَمُ الخياشيمَ أي تملؤها ، وفغمتني رائحةُ المسك ، وشيءٌ مُفغَّم : مُطيَّبٌ بالأفاويه ، وإنّي لأجد منه فَغمَةَ الطيبِ ، ووجدتُ منه فغمةً طيِّبةً.

فغو ـ «سَيِّدُ رياحين أهل الجنّة الفاغيةُ». هي نَورُ الحنّاء ، وقيل : نَوْرُ الرّيحان ونَور كلّ شيء فَغْوُهُ وفاغيته ؛ قال أوس بن حَجَرٍ :

لا زالَ ريحانٌ وفغوٌ ناضرٌ

يجري عليك بمسبِل هطالِ

ووجدتُ للطِّيب فَغْوَةً. وأفغى الريحانُ : نوّرَ.

فقأ ـ فُقئتْ عينُ عديّ بن حاتم يومَ الجمل وكانت به بثرةٌ فانفقأتْ. وأكل حتى كاد بطنه يتفقّؤ. وفقّؤوا السّابياء عن الولد تفقئةً فتفقّأت. وفلان لا يردّ الراوية ولا يُنضِج الكراعَ ولا يفقِّيء البيضَ ؛ يقال للعاجز.

ومن المجاز : فقأ الله عنك عينَ الكمال. وتفقَّأتِ السحابةُ : تبعّجتْ عن مائها.

فقح ـ فَقَّحَ الجِرْوُ : فتح عينيه. وفَقَّحَتِ الوردةُ وتفقَّحَتْ. وتفتّح فلان بالهُجْر وتفقّح. ويقولون : عَلِم اللهُ إن هو إلّا تفقيحٌ أو تغميضٌ ؛ وقال الهذليّ :

وأكحُلْك بالصّابِ أوْ بالحُلاء

ففقِّحْ لكحلك أوْ غمِّضِ

ومن المجاز : فقَّحنا وصأصأتم أي أبصرنا الحقّ ولم تبصروه.

فقد ـ تقول : ما افتقدتُه منذ افتقدتُه أي ما تفقَّدتُه منذ فقَدته.

ومات فلان غير فقيد ولا حميد وغير مفقود ولا محمود أي غير مكترث لفقده ، وأفقدك الله كلّ حميم. وتقول : أنا منذ فارقتني كالفاقد أمّ الواحد ؛ قال كعب بن زهير :

كأنّها فاقد شمطاء مُعوِلة

راحت وجاوبها نُكْدٌ مَثاكيلُ

فقر ـ ليس بفقير ولكن يتفاقر. وأغنى الله مَفاقره وسدّ مَفاقره أي وجوه فقره ؛ قال النَّابغة :

فأهلي فداء لامرئ إن أتيته

تقبّل معروفي وسدّ المَفاقرَا

وقال الشمّاخ :

لمَالُ المرء يُصلحه فيُغني

مَفاقره أعَفُّ من القُنوعِ

وعمل به الفاقرةَ أي الداهية التي كسرت فَقاره. وفلان نقير فقير : أصابته النواقر وعُملت به الفواقر. وأفقرك الصيد : أمكنك. وأفقرتُك ناقتي : أعرتُكَها للركوب ؛ أنشد الأصمعيّ :

لما خشيتُ على الإسْلامِ آفتهم

أفقرتُهم من مطايا الموْتِ ماركبوا

ولجار الله رحمه‌الله :

ألا أفقرَ اللهُ عَبداً أبتْ

عليهِ الدّناءة أن يُفقرَا

٤٧٨

ومن لا يعيرُ قَرا مركب

فقل كيف يعقِره للقِرَى

وهي الفُقْرى كالعُمْرَى ؛ قال :

لهُ ربّة قد حرّمتْ حلّ ظهره

فما فيه للفُقْرَى ولا الحجّ مزعم

أي مطمع.

ومن المجاز : زدت في كلامه أو شِعره فِقْرة وهي فصل أو بيت شعر ، وما أحسن فِقَر كلامه أي نكته وهي في الأصل حلى تصاغ على شكل فِقَر الظهر.

فقص ـ فقصت النعامة بيضها عن رِئْلانها إذا قاضته قيضاً عند التفريخ.

ومن المجاز : فقص فلان بيض الفتنة.

فقع ـ هو أصفرُ فاقعٌ بيّن الفُقوع وهو النُّصوع. ويقال :

فقِّعوا أديمكم أي حمّروه. وحَمامٌ فِقِّيعٌ : أبيضُ. ويقال : «إنّك لأذلّ من فَقْع القاع». وأصابته فاقعة من فواقع الدهر وهي بوائقه. وتقول : كلّ باقعه ممنوّ بفاقعه. وصفَّق الشرابَ فطفت عليه الفواقع والفقاقيع وهي النُّفَّاخات ؛ قال عديّ :

وطفا فوقها فقاقيعُ كاليا

قوتِ حُمرٌ يثيرُها التّصفيقُ

وفقَّع أصابعه وفرقع. ونهَى ابن عبّاس عن التفقيع في الصلاة. وفقَّع الصبيّ الوردة إذا جمعها ثمّ ضربها فصَوّتت ، ومنه : تفقيع القاف.

فقم ـ تفقَّمتُه : أخذتُ بفُقْمه وبفَقْمه وهو لَحيُه. وفي الحديث : «من حفظ ما بين فُقميْه (وبفتح الفاء) ورجليه دخل الجنّة». يعني لسانه وفرجه. ورجلٌ أفقمُ ، وبه فَقَم ، ورجال فُقْمٌ إذا كان في الفَقْم الأسفل تقدّمٌ فلم تقع الثنايا العليا على السفلى. ويقولون : زوّجتموني فقماء دقماء ؛ وهي الساقطة مقدّم الفم. وإذا اجتمع الفَقَم والدقَم فقد حلّتِ النقَم.

ومن المجاز : هذا أمرٌ أفقَمُ أي أعوج مخالف ، ومنه : تفاقَمَ الأمرُ. وفيه صدعٌ متفاقم.

فقه ـ افْقهْ عني ما أقول لك ، وقال أعرابيّ لعيسى بن عمر : شهدت عليك بالفِقْهِ أي بالفهم والفطنة ، وفي الحديث : «من أراد الله به خيراً فقّهه في الدّين». وفقّهتُ فلاناً كذا وأفقهته إيّاه : فهّمته ففقِهه وتفقّهه ، وقال عمر لجرير بن عبد الله كنت سيّداً في الجاهليّة وفقيهاً في الإسلام ، وما كنت فقيهاً ، ولقد فقُهتَ فَقاهة. وتقول : فلان بيِّنُ الفَراهه في أبواب الفَقاهه. وفحلٌ فقيهٌ : عالم بذوات الضَّبَع وذوات الحمل ؛ قال عطاء السِّندي :

أرسلتُ فيها مُقرَماً ذا تَشمامْ

طَبّاً فقيهاً بذوات الإبلامْ

هو ورم الضرع من شدّة الضَّبَعَةِ.

فكر ـ يقال : لا فكر لي في هذا إذا لم تحتج إليه ولم تبالِ به ، وما دار حوله فكري ، وتقول : لفلان فِكَر كلّها فِقَر ، وما زالت فكرتك مغاصَ الدّرر.

فكك ـ فكَ عظمَه فانفكّ إذا انفرج ، وسقط فانفكّت قدمه ، وقيل لأعرابيّ : كيف تأكل الرأس فقال : أفكّ لَحييه ، وأَسحي خدّيه. ويقال : شيخ كبير قد فكَ وفَرَّجَ أي فُكَ منكباه وفرِّج لَحياه أي انفرجا ، والفكَكُ : ضعف في المنكبين وانفراج عن المفصل ؛ قال :

أبدُّ يمشي مِشيَةَ الأفَكِ

وتقول : في رجليه صكك وفي منكبيه فكك. وفَكَ الختامَ : مثل فَضّه. وفكَ عنه الغُلَّ والقيدَ. ويقال : مقتل الرجل بين فكَّيه. وتقول : البخل بين كفّيه والكذب بين فكّيه.

ومن المجاز : فَكَ الرَّهنَ ، وما لرهنك فِكاكٌ وفَكاك ؛ قال زهير :

وفارقتْكَ برهن لا فَكاك لهُ

يوم الوداع فأمسى الرهنُ قد غَلِقا

وفكَ رقبتَه : أعتقه. وفي مشيه وكلامه تفكُّكٌ أي اضطراب كالشيء ينفكّ بعضه من بعض. وفلان متفكّك إذا لم يتماسك من حمقه ، وهو أحمق فَكَّاكٌ. ورجل فكَّاكٌ بالكلام : لا يلائم بين كلماته ومعانيه لحمقه ، وفيه فَكَّةٌ. وتقول : فلان لا تفارقه الفَكَّة ما صحبت السماكَ الفَكَّة ، وهي قصعة المساكين كواكب مستديرة خلف السماك الرامح.

٤٧٩

فكل ـ تقول : إذا صرَّ الأفكل أصابه الأفكل ؛ الأوّل الشِّقراقُ وهو متشاءَمٌ به والثاني الرِّعدة ، يقال : به أفكلُ ، وهو مفكولٌ.

فكه ـ تفكَّه القومُ : أكلوا الفاكهة ، وفكّهتهم أنا.

ومن المجاز : تفكَّهَ بكذا إذا تلذّذ به ، وتركتهم يتفكّهون بعرض فلان أي يتلذّذون باغتيابه ، وفلان فكِهٌ بأعراض النّاس. وفاكهتُ القوم مفاكهة : طايبتهم ومازحتهم. وما كان ذلك مني إلّا فُكاهة أي دعابة. ورجلٌ فَكِهٌ : طيّب النّفْس ضحوك ؛ قال :

فَكِهٌ إلى جنبِ الخوان إذا جرَتْ

نكباء تخلع ثابت الأطنابِ

وقال صخر بن عمرو بن الشريد :

فَكِهُ العَشِيّ إذا تأوّبَ رَحلَهُ

ركبُ الشّتاءِ مُسامِحٌ بالميسرِ

وجاءنا بأُفكوهة وأُملوحة. وقوله تعالى: (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) وارد على سبيل التهكّم أي تجعلون فاكهتكم وما تتلذّذون به قولكم (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ).

فلت ـ فَلَّتُّهُ من الورطة وأفلتُّه منها ؛ قال نُصيح بن منظور الفقعسيّ :

وأفلتني منها حماري وجبّتي

جزَى الله خيراً جبّتي وحمارِيا

وأفلتَ منها بنفسه وأفلتَها ، وانفلتَ منها وتفلَّت ، وأراه يتفلّت إليك وإلى صحبتك إذا نازع إليه. وتقول : لا أرى لك أن تتفلّت إلى هذا الأمر ولا أن تتلفّت إليه. واستفلتُ الشيءَ من يده ، وأفلتُّه إيّاه : استلبته ، ومنه : أرى أمّي افتُلِتَتْ نفسُها أي ماتت فجأة. وافتُلتَ الكلامُ : ارتُجِلَ. وكلّ شيء فُعل فَلتةً فقد افتُلتَ. ويقال : ذهبتْ نفسُه فَلتةً ، وكانت بيعة أبي بكر فَلْتةً. وفالته بكذا مفالتة : فاجأه به. وعليه بُرْدةٌ فَلوتٌ : لا تنضمّ عليه فهي تنفلِتُ عنه كلّ ساعة.

فلج ـ فَلجْتَ على خصمك ، وفَلَجَتْ حجَّتُك. وخرج لك سهمٌ فالج أي فائز. والله أفلجك عليه وأظفرك ؛ قال الطِّرمّاح :

وأفلجهم في كلّ يوم كريهَةٍ

كرامُ الفحول واعتيام الحواصن

ولمن الفَلَجُ والفُلْجُ. وتقول : قُضِيَ لك الفَلَج فقضى لي الثَّلَج. واستفلج فلانٌ بأمره بالجيم والحاء إذا ملكه ، ومنه قول الكاني في الطلاق : استفلجي بأمرك : وتعالَ أفالجك أموراً من الحقّ أي أسابقك إلى الفَلَج لأيّنا يكون. وفلَجتْ فلانة بقلبي : ذهبت به ؛ قال أبو ذؤيب :

وسُعدى بألبابِ الرّجالِ فَلُوجُ

وأنا منه فالجُ بن خلاوةَ أي بريء خال. وتقول : فلان يدّعي عليَّ فَوْدَيْن وعلاوه وأنا منها فالج بن خلاوه ، أي ألفين وخمسمائة. وفي أسنانه فَلَجٌ وتفليج ، وثغر أفلجُ ومفلّج. واستقيتُ الماء من الفَلَج وهو الجدول. وفلَجوا الجزية بينهم : قسموها. وفلِّج بين أعشرائك لا تختلط أي فرّق بينها وهي أنصباء الجَزور. ويقال لقاسمها : المفلِّج. واكْتَلْ بالفِلْجِ والفالج وهو مكيال ضخم. وفُلِجَ الرّجلُ فهو مفلوج ، وقومٌ مَفاليج. وتقول : فلان اكتال الفالج بالفالج أي أخذ منه النصيب الأوفر.

فلح ـ وهب الله لك الفلاحَ والفَلَحَ وهو البقاء في الخير. وفي الحديث : «كلّ قوم على زينة من أمرهم ومَفلحةٍ من أنفسهم». وهو في معنى قوله تعالى (كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) وتقول : ما المَفْرَحة والمَفْلَحَه إلّا حيث السداد والمصلحه. وأحسبك من فلَّاحة اليمن وهم الأكرة لأنّهم يفلَحون الأرض أي يشقّونها ، وفي المثل : «الحديد بالحديد يُفلح» والفَلَحُ : الشقّ في الشفة السفلى ، ورجل أفلحُ ، وزوّجتموني قلحاء فلحاء. ولن يحلّ الفَرَح والفَلَح حيث القَلَح والفَلَح ، ويقولون للأفلح : أبعد الله هذه الفَلَحةَ. وتقول : فلان فَلحس يشمّ ويلحس ، وهو الكلب ويوصف به الحريصُ.

ومن المجاز : «خشينا أن يفوتنا الفلاح» وهو السَّحور لأن به بقاء الصّوم.

فلذ ـ تقول : هو فِلْذَة من كبدي. وفلَذتُ له من مالي : قطعتُ. وافتلذتُ منه حقّي : اقتطعتُه وانتزعته ؛ قال :

٤٨٠