أساس البلاغة

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٧

همُ منَعوكم جَمّة الماء طامِياً

وهم حبَسوكم بينَ خازٍ وماكس

خزاه يخزوه : قهره وأذلّه ؛ وقال :

أكابنِ المَعلّى خِلتَنا أم حَسبتَنا

صَراريَّ نعطي الماكسينَ مكوسا

وماكسه في البيع مِكاساً. ودون ذلك مِكاس وعِكاس وهو المناصاة.

مكك ـ امتكّ الفصيلُ ما في الضّرع وتمكّكه ، ومَكّ المخَّ وتمكّكه ، وخرجتْ مُكاكَتُه : مُخّه. وسمعتهم يقولون لأهل مكّة : المُكُوك. واستولى على مكّة مرّة ناجمٌ من بلاد نجد فطردوه فلمّا خرج قال : خذوا مُكَيكَتَكم.

ومن المجاز : مكّ غريمَه وتمكّكه وتمكّك عليه. وفي الحديث : «لا تَتمكّكوا على غُرمائكم» : لا تستقصوا عليهم وياسروهم ؛ وقال :

يا مكّةُ الفاجرَ مُكّي مَكّا

ولا تَمُكّي مَذحِجاً وعكّا

وتقول : إن الملوك إذا بايعتهم مَكّوك.

مكن ـ مكّنتُه من الشيء وأمكنته منه ، فتمكّن منه واستمكنَ. ويقول المصارع لصاحبه : مكّنّي من ظهرك ، وأمّا أمكنَني الأمرُ فمعناه أمكنني من نفسه. وهو مَكينٌ عند السلطان ، وهم مُكَناء عنده ، وقد مَكُنَ عنده مكانة ، وهو أمكنُ من غيره. وضَبّةٌ مَكُونٌ : بَيُوضٌ ، وقد مكَنت وأمكنت. وأكل الأعرابيُ المَكْنَ ؛ قال :

ومَكْنُ الضِّبابِ طعامُ العُريْب

ولا تَشتَهيهِ نُفُوسُ العَجَمْ

ويقول البدويّ : أمَا والركن والباب إنّي لأحبّ مَكْنَ الضِّباب. وهذه مَكْنَةُ الضَّبّة ومَكِنَةُ الضَّبّة ومَكِناتُها.

ومن المجاز : «أقرّوا الطير على مَكِناتها» : استعيرت من الضِّباب للطير ، ثمّ قيل : النّاس على مَكِناتهم : على مقارّهم.

مكو ـ مَكا الطائرُ يمكو مُكَاء ، ومنه : المُكّاء : لكثرة مُكائه : صفيره (إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) ؛ قال عنترة :

تَمكُو فرائصُهُ كشِدق الأعلَمِ

ملأ ـ مَلأتُ الوِعاءَ ومَلَّأتُه ، وهو ملآنُ ، وغِرارة ملأى ، وأوعية وغرائر مِلاء ، وامتلأ بطنه وتمَلَّأ من الطَّعام والشَّراب ، وأعطِني مِلءَ القدَح ومِلأيْه وثلاثةَ أملائِه. وحجر مِلْء الكف ، وحجارة أملاء الأكفّ ؛ قالت امرأة من بني حنيفة :

فإن تمنَعوا منّا السّلاحَ فعندَنا

سلاحٌ لَنا لا يُشتَرَى بالدّراهمِ

جلاميدُ أملاء الأكفّ كأنّها

رُؤوس رجال حُلِّقتْ بالمواسِمِ

وتَمَلَّأتُ : لبستُ المُلاءة.

ومن المجاز : نظرتُ إليه فملأتُ منه عيني ، وهو يملأ العين حُسناً ؛ قال النّمر :

ألم ترَها تريك غداة قامَتْ

بملء العينِ من كرم وحُسْنِ

وهو ملآن من الكرم ، ومُلئ رعباً ومُلِّئ ، وقرئ (وَلَمُلِّئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً). وامتلأ غيظاً ، وتمَلَّأ شِبَعاً. وسمعتهم يقولون : فلان مَلأ ثيابي إذا رشّش عليه طيناً أو دماً أو غيرهما. ومَلأ النَّزْعَ في قوسه وأملأه. ومُلئ الرجلُ فهو مملوء ، وبه مُلأةٌ وهي ثقل يأخذ في الرأس وزُكمة من امتلاء المعِدة. ومالأه : عاونه ، ممالأة ، وأصلها المعاونة في الملء ثمّ عمّت كالإحلاب. وقام به المَلأ والأملاء : الأشراف الذين يتمالأُون في النّوائب. وأحسنوا مَلَأً : مُمالأةً ؛ قال :

وقال لها الأملاء من كلّ معشرٍ

وخيرٌ أقاويل الرّجال سَديدُها

وقال :

وإن يَكُ خير يُحسنوا مَلَأً به

وإن يكُ شرٌّ يَشرَبوهُ تَحاسِيا

وما كان هذا الأمر عن مَلإ منّا أي ممالأة ومشاورة ، ومنه : هو مَليء بكذا : مضطلع به ، وقد مَلُؤَ به مَلاءةً ، وهم

٦٠١

مليئون به ومِلاء ، وعليها مُلاءةُ الحُسن ؛ قال ابن ميّادة :

بذّتهُمُ مَيّالةٌ تَمِيدُ

مُلاءةُ الحُسن لها جَديدُ

وجمّش فتى من العرب حضَريّة فتشاحّتْ عليه فقال لها : والله ما لك مُلاءة الحسن ولا عمودُه ولا بُرنُسه فما هذا الامتناع؟ مُلاءته : البياض ، وعمودُه : الطول ، وبُرنسه : الشعر ؛ وقال ذو الرمّة :

أقامَتْ به حتى ذوَى العود في الثرَى

وساقَ الثّرَيّا في مُلاءته الفَجْرُ

أي طلعت مع بياض الفجر ؛ وقال :

وكانَ لوَصلِ الغانياتِ مُلاءةٌ

تمَلّأتها عصراً ودهراً من الدهرِ

ملث ـ جئتُه مَلَثَ الظّلام ومَلَسَ الظّلام وهو حين يختلط. وربيعةُ تقول لصلاة المغرب : صلاةُ المَلَثِ. ومَلَثَه بالشرّ : لطّخه به. وسألته حاجة فمَلَثني مَلْثاً : طيّب نفسي بوعد لا ينوي به وفاء. وتقول : ما كان عهده إلّا وَلْثاً ووعده إلّا مَلْثاً ؛ الولْث : عهد غير مؤكد. وملَثني فلان بكلامٍ طيّبٍ إذا لم يكن معه فِعلٌ.

ملج ـ مَلَجَ أمّه يملُجها مَلْجاً ولمَجَها لَمجاً : رضعها ، وأملجته الأمّ : أرضعته. وفي الحديث : «لا تحرّم الإملاجة والإملاجتان». ومَلَجَ المرأة : نكحها. واستعدى أعرابيٌّ على رجل والي البصرة فقال : قال لي مَلَجْتُ أمّك ، فقال الرجل : كذبَ إنّما قلت : لَمَجَ أمّه أي رضعها.

ملح ـ ماء مِلْحٌ ، وقد مَلُحَ الماء وأملَح ، وروي قول نُصيب :

أنّ أبحرَ المشرب العذبُ

أنّ أملَح. ومَلَح القِدرَ يملُحها مَلْحاً : ألقى فيها مِلحاً بقدَر ، وأملحها وملّحها : أفسدها بالمِلح. وملّح الماشيةَ : أطعمها المِلح عن التحميض. وملّح الدابّة تمليحاً إذا حكّ المِلحَ على حَنَكها. وسمك مملوح ومَليحٌ.

ومن المجاز : وجه مليح ، ووجوه ملاح ، وما أملح وجهَه وفعله! وما أُمَيْلحه! وله حركات مستملَحة. وحدّثته بالمُلَح. وفلان يتظرّف ويتملّح ؛ قال الطرمّاح يخاطب زوجته سليمةَ :

تملّحُ ما اسطاعتْ ويغلب دونها

هوّى لكَ يُنسي مُلحَةَ المتملِّح

ومَالَحتُ فلاناً مُمالحة وهي المؤاكلة ، وهو يحفظ حرمة المِلح والممالحة. ومنه قولهم : بينهما حرمة المِلح والممالحة وهي المراضعة. ومَلَحتْ فلانةُ لفلان : أرضعتْ له ؛ قال شُتيْم بن خُوَيلد :

ولا يُبعد اللهُ رَبُّ العبا

ذو المِلْح ما ولدتْ خالدَهْ

فإن يكُنِ القتلُ أفناهُمُ

فلِلْموْتِ ما تَلِدُ الوالِدَهْ

وقال أبو الطَّمَّحان :

وإنّي لأرْجُو مِلحَها في بطونكم

وما بسطتْ من جلدِ أشعثَ أغبرَا

حالف رجلاً كان له عشرة بنين فما زال يسقيهم ألبانَ إبله حتى سمِنوا وصلحوا فأغاروا عليه ، أراد بالملح : اللبن أي أرجو أن ينتقم الله لي منكم لما صنعته عندكم. وما بها مِلْحٌ أي شحم. ومَلّحَتِ الشاةُ وتملّحتْ : أخذت شيئاً من الشحم ؛ قال عروة بن الورد :

عشيّة رحنا سائرين وزادُنا

بقيّةُ لحمٍ من جَزُورٍ مُمَلَّحِ

وإنّ في المال لمُلْحَةً من الربيع. وأملحَ القِدَر : جعل فيها شُحيمة. وكبشٌ أملحُ. وأقبل فلان في المَلْحاء : في الكتيبة البيضاء من السّلاح. ومَلَح عرضَه : اغتابه. «وفلان مِلحُه موضوعٌ على ركبتيه» أي هو كثير الخصومات كأنّ طول مجاثاته ومُصاكّته الرُّكَبَ قرّح ركبتيه فهو يضع المِلح عليهما يداويهما به. وقد وصف مسكين الدارميُّ صخّابة من عواذله طويلة الخصام فقال :

أصبَحَتْ عاذِلتي مُغتَلّة

قَرِمتْ بل هيَ وحْمَى للصَّخَبْ

٦٠٢

لا تَلُمها إنّها من نسوَةٍ

مِلْحُها موْضوعةٌ فوق الرُّكَبْ

كشَموس الخيل يبدو شغبها

كلّما قيلَ لها هابِ وَهَبْ

المِلح يؤنَّث ، وقيل : المِلح الحرمة وإنّ معناه أنّه يحترمك ما دام جالساً معك فإذا قام عنك رفض الحرمة.

ملخ ـ هو مَسيخٌ مَليخٌ. وامتَلخ يدَه من القانص : اجتذبها وانتزعها. وامتلخ اللّجامَ من رأس الدابّة. وامتلخ القَلّاعُ ضرسه ، ومرّ برمحه مركوزاً فامتلخه. وامتلخ السيفَ من غمده. والكلب يمتلخ العضَلة. وفي حديث الحسن : «يملُخ في الباطل مَلْخاً» : يسعى فيه ويُبعد. وعبدٌ مَلّاخٌ : أبّاق.

ومن المجاز : هو ممتلِخُ العقل.

ملد ـ غصن أُملود : ناعم. وغصون أماليد. ورجلٌ أملدُ : لا يلتحي.

ومن المجاز : شابّ أُملود ، وشبّان أماليدُ.

ملس ـ ثوبٌ أملسُ ، وثيابٌ مُلْسٌ. وصخرة مَلساء ، وملُس الشيء مَلاسة واملاسّ وتملّس ، وملّسته. وملّس أرضه بالمَلّاسة والمِمْلَسَة وهي الخشبة التي يملّس بها.

ومن المجاز : قهوة مَلْساء : سِلسَةُ الجرْع ، كما قيل للماء : زُلال وسَلسال ؛ قال أبو النّجم :

تسقي الأراكَ النّضرَ من زُلالِها

برْدَ الفُراتيّة في قِلالها

بالقَهوَةِ المَلساء من جِرْيالِها

أي تسقي المساويك ريقتها التي هي كماء الفرات ممزوجاً بالخمر. وأرض مَلساء. وسَنة مَلساء : بلا نبات. وبعير أملسُ : خلاف الأجرب. وبيدٌ أماليسُ. وجلد فلان أملسُ إذا لم يتعلّق به ذمّ ؛ قال المتلمّس :

فلا تَقبلَنْ ضيماً مَخافةَ مِيتَةٍ

وموتنْ بها حُرّاً وجلدُك أملسُ

«وبايعتُكَ المَلَسَى» : البيعة التي لا تتعلّق بها تَبِعةٌ ولا عُهدة. وتملّس من الأمر : تخلّص منه. وتملّس فلان من يدي وانملس. وتملّسَ من بين القوم. وملّستُه : خلّصتُه. واختُلِسَ بصرُه وامتُلِسَ. ومَلِسَت الإبلُ مَلَساً : أسرعتْ.

ملص ـ أملصتِ المرأةُ : أسقطت. ومَلِصَتِ السمكةُ من يدي وانملَصت وتملّصت : انفلتت وزلقت. والسمكة مَلِصَةٌ. ومَلِصَ الحبلُ من يد الماتح ؛ قال :

فرّ وأعطاني رِشاءً مَلِصَا

كذنَبِ الذئبِ يُعدّي هَبَصَى

وتخلّصتُ منه وتملّصتُ ، وما كدت أتملّص منه.

ملط ـ رجل أملطُ : أجردُ لا شعرَ على جسده إلّا شعر الرّأس واللّحية. وكان الأحنفُ أملطَ. وخذا بابنيْ مِلاطِهِ : بعضديه. وبني الحائط باللّبِنِ والمِلاط وهو الطين بين الساقين. ومَلطه البنّاء وملّطه. وأملطتِ المرأةُ : أملصت.

ومن المجاز : أن يقول الشاعر مصراعاً ويقول لآخر : أمْلِطْ أي أجز المصراعَ الثاني. ومالطه ، وبينهما مُمالطة وهو من إملاط الحامل.

ملع ـ ناقة مَيْلَعٌ : تملَع في سيرها مَلْعاً أي تُسرع ؛ قال الكميت :

عنترِيسٌ شِمِلّةٌ ذات لَوْث

هَوْجَلٌ مَيْلَعٌ كتومُ البُغامِ

وتقول : طار إلى بعض القِلاع كأنّه عُقابُ مَلاع. قال أبو زيد : مَلاعٌ اسم أرض ويجوز أن يكون وصفاً على تقدير : عقاب قادمة مَلاع ، أو خفقة مَلاع بمعنى مالعة سريعة ؛ قال المسيّب :

أنتَ الوَفيّ فما تذمّ وبعضهم

تودي بذمّتِه عُقابُ مَلاعِ

وقيل : «لأنت أخفّ يداً من عُقيبِ مَلاع».

ملق ـ قام على المَلَقَةِ وهي الصخرة الملساء. وسرنا في المَلَقِ والمَلَقاتِ وهي القيعانُ المُلس الصّلاب. وملّقَ الأرضَ بالمِمْلقة : ملّسها بالمِمْلَسَة. وملّقَ الجدارَ بالمالَقِ والمِمْلقِ. وخاتمٌ قلِق مَلِقٌ. وأزلقتِ المرأةُ وأملقتْ.

٦٠٣

ومن المجاز : أملق الدّهرُ ماله : أذهبه وأخرجه من يده. وأملق الرجلُ : أنفق ماله حتى افتقر. ورجل مُملِقٌ. وقال أعرابيّ : قاتل الله النساء كيف يمتلقن العِلل لكأنّها تخرج من تحت أقدامهن أي يستخرجنها. ورجل متملِّق ومَلِقٌ ومَلّاقٌ : يُظهر الودّ واللّطف وفيه مَلَقٌ شديد ؛ قال :

إيّاكَ أدعُو فتَقَبّلْ مَلَقي

واغفرْ خَطايايَ وثَمِّرْ وَرِقي

وفرسٌ مَلِقٌ : يقفز ويضرب الأرض بحوافره ولا جرْيَ عنده ؛ قال الجعديّ :

وَلا مَلِقٌ يَنزُو ويندُرُ رَوْثُه

أحاد إذا فاسُ اللّجامِ تصَلصَلا

ملك ـ ملك الشيءَ وامتلكه وتملّكه ، وهو مالكه وأحد مُلّاكه ، وهذا مِلْكُه ومِلْك يده ، وهذه أملاكه. وقال قُشَيريّ : كانت لنا مُلوكٌ من نخل أي أملاكٌ. ولله المُلْكُ والمَلَكوت ، وهو المَلك والمَليك. ومَلَكَ فلان سنين. وهو صاحب مُلْك ومملكة وممالك. وهو مملوك من المماليك. وأقرّ المملوك بالمُلْك والمَلْك والمِلْك والمَلَكة. ولعن الله سيء المَلَكة. وهو عبد مملكةٍ وتَملِكة إذا سُبيَ ولم يُملك أبواه ، وما لفلان مَوْلَى مِلاكَةٍ دون الله أي لم يملكه إلّا الله.

ومن المجاز : مَلَكَ المرأةَ : تزوّجها ، وأُمْلِكَها : زُوّجها ، وأملكَها أبوها. وكنّا في إملاك فلان. ومَلَكَ نفسه عند الغضب. ولو مَلَكْتُ أمري لكان كيْتَ وكيْتَ ، وملك عليه أمره إذا استولى عليه ، وملّكتُه أمرَه وأملكتُه : خلّيته وشأنَه. ومُلّكتْ فلانة أمرَها إذا طُلّقت. وسمعتُ كذا فلم أمْلِكْ أن قلتُ كذا ، وما تمالك أن فعل كذا. وهذا حائطٌ لا يتمالك. وهذا مِلاكُ الأمر : قوامه وما يُملَك به. والقلبُ مِلاكُ الجسد. وركبَ مِلاكَ الطريق ومِلْكَه : وسطه. وملَكْتُ كَفّي بالسّيف إذا شدّ القبض عليه. ومَلَكَتْ عجينَها وأملكتْه : شدّتْ عجنه ، وملَكتُه حتى انتهت مِلاكَتُه. وعلاه أبو مالك : الكِبَرُ ؛ قال :

أبا مالِكٍ إنّ الغوَاني هجَرْنَني

أبا مالِكٍ إنّي أظنُّكَ دائيا

ملل ـ مَلِلْتُه ومَلِلْتُ منه ، واستَملَلْتُه واستَمْلَلْتُ به : تبرّمتُ ، وبي مَلَلٌ ومَلالٌ ومَلالةٌ ، ورجل مَلولٌ ومَلولةٌ. وإنّه لذو مَلّةٍ ومَلٌ ومَلّةٌ. ورجل ذو أماليلَ : مُبرم ، جمع إمْلال وأُمْلُولَة ، وأمَلَّتْنِي وأمَلَ عليّ : شقّ عليّ ؛ قال فراس بن الربيع بن ضُبيع الفزاري :

تحنّ بجانِبِ النّهرَينِ لَمّا

أمَلَ على مذارعها القُيُود

وأطعمه خُبز مَلَّةٍ وهي الرّماد الحارّ ، وخبزةً مَليلاً ، ومَلَ الخبزة يَمُلُّها وامْتَلَّها. ومَلَ الخيّاطُ الثوبَ ثمّ كَفَّه. والملّ : الخياطة الأولى.

ومن المجاز : به مَلّةٌ ومَليلَةٌ : حُمّى باطنة. وبعيرٌ مُمَلّ وناقَةٌ مُمَلَّةٌ : مُتعبانِ أُكثر ركوبهما. وطريق مُمَلّ : مُعمَلٌ سلكوه كثيراً وأطالوا الاختلاف عليه ، ومنه : أمَلَ عليه الملوان : طال اختلافهما عليه ؛ قال الراعي :

بُوَيْزِلُ عامٍ لا قَلُوصٌ مُمَلَّةٌ

وَلا عَوزَمٌ في السّنّ فانٍ شبيبُها

وقال آخر :

فتى غير مطروق لأضيافِ شُقّةٍ

أناخوا المَطايا قد أُمِلّتْ وكلَّتِ

وقال سويد :

أهبّت بغرّ الآبداتِ فراجعَتْ

طَريقاً أملّتهُ القصائدُ مَهيَعَا

وقال ابن مقبل :

ألا يا دِيارَ الحَيّ بالسّبُعانِ

أمَلَ علَيها بالبِلى المَلوانِ

ومنه : المِلَّةُ الطريقة المسلوكة ، ومنها : مِلَّة إبراهيم خير المِلَل ، وامْتَلَ فلان مِلَّةَ الإسلام ، ومنه : أمَلَ عليه الكتابَ ، ومنه : مَلْمَلَهُ المرضُ فتملمَلَ. وكَحَله بالمُلمُول : بالمكحال.

ملو ـ قطعتُ المَلا : المتّسع من الأرض. «ولا أفعل ذلك

٦٠٤

ما اختلف المَلَوَانِ». وأقام عندنا مَلِيّاً ومُلاوَةً من الدّهر. وأمْلَيْتُ له : أمهلتُه طويلاً. ومَلّاكَ اللهُ حبيبَك : طوّل لك الإمتاعَ به ، ومُلّيتَ حبيباً ، وتَمَلَّيتَ حبيباً ، وتَمَلَّيتَ العيشَ ، وتَمَلَّيتَ شبابَك. وأمليتُ القيدَ للبعير : أرخيته وأوسعته ؛ قال :

هنالكَ لا أُملي لها القيدَ بالضُّحى

ولستُ إذا رَاحتْ عليّ بعاقِلِ

لأنّ لها أُلّافاً في وطنها فهي مستأنسة فلا تحتاج إلى قيد ولا عَقْل.

منح ـ فلان مَنّاح مَيّاح نَفّاح ؛ ومنحه مالاً : وهبه ، ومنَحَه : أقرضه ، ومنحَه : أعاره. وفي الحديث : «من منَح مِنحَةَ ورِق أو منح لبناً كان كعِدل رقبة».

وفلان يعطي المنائح والمِنَحَ ، وأعطاني فلان مَنيحةً ومِنحة وكُوفاً وهي النّاقة أو الشاة يمنحك درّها ، وما نحني ممانحة وهي المرافدة بعطاء.

ومن المجاز : مُنحت الأرضُ وامتُنحت القِطارَ ؛ قال ذو الرّمّة :

نبَتْ عيناك عن طَلَلٍ بحُزْوى

مَحتهُ الرّيح وامتُنحَ القِطارَا

وناقة مُمانح ومَنوح ، ونوق مَمانحُ : تمنح لبنها بعد أن تذهب ألبان الإبل ؛ قال الجعديّ :

ومانحني كمِناحِ العَلوق

وما نزّ من غرّة تُضرب

هو تهكّم يعني يدرّ عليّ كما تدرّ التي ترأم ولدها ولا تدرّ عليه ، ثمّ قيل : مانحتْ عينُه ، وعين مُمانح : لا ينقطع دمعها ، وريح مُمانح : لا يُقلع غيثها ؛ قال ذو الرّمّة :

بلى فاستَعارَ القلب يأساً ومانحتْ

على إثرِها عينٌ طويلٌ همولُها

وقال أيضاً :

إذا ما استَدرّتهُ الصَّبا وتذاءبَتْ

يمانِيّةٌ تَمري الرّياحَ مُمانحُ

وفي حديث جابر : «كنتُ مَنيحَ أصحابي يوم بدر». أي لم يُضرب لي سهم لصغري. والمَنيحُ على معنيين يكون القِدح الذي لا نصيب له كالسّفيح والوغد ؛ قال الكميت :

فمَهلاً يا قُضاع فَلا تَكُوني

مَنيحاً في قِداحِ يديْ مُجيل

ويكون الذي يتعاورونَه لشهرته بالفوز ؛ قال ابن مقبل :

إذا امتَنحتْهُ من مَعدّ عصابَةٌ

غدا ربُّهُ قبل المُفيضِينَ يقدَحُ

أي يقدح النّار للطبخ أو الشيِّ لثقته بفوزه ، وامتناحه استعارته.

منع ـ منَعه الشيءَ ومنعَه منه وعنه وهو مَنوع ومَنّاع ، وامتنع منه ، ومانعه ، وتمانعا.

ومن المجاز : فلان يمنع الجار : يحميه من أن يُضام. وله في قومه حِصنٌ ومَمْنَعٌ ، وقد مَنُعَ فلان : صار ممنوعاً محميّاً مَناعةً ومَنَعَةً ، وتمنّع به تمنُّعاً ، وامتنع به امتناعاً ، وهو منيع ، وحصن منيع ومُمَنَّع ؛ قال النابغة :

وحلّتْ بيوتي في يَفاعٍ مُمَنَّعٍ

تخالُ بهِ راعي الحمولةِ طائرَا

وإنّه لذو مَنَعَة مصدرٌ كالأنفة والعظمة والعبدة أو جمع مانع وهم عشيرتُه وحُماتُه ، ويقال لهم : مَنَعاتُ مَعاقل ومحارز ؛ قال السّهميُّ :

ولم تَلتَقِ العصماء في مَنَعاتها

وخُلّل عن بَيض النَّعام المساربُ

يصف سنة وأن الأرُويَّة لم تلزم معاقلَها ولم تقرّ بها ورُعيت المراعي حول البَيض فظهر.

منن ـ منّ الله تعالى على عباده ، وهو المَنّان ، وله عليّ مِنّةٌ ومِنَنٌ ، ومَنّ عليّ بما صنع ، وامتنّ ، وإنّه لمَنونَةٌ ، وامتننتُ منك بما فعلتَ مِنّةً جسيمةً أي احتملتُ مِنّة. وهو ضعيف المُنّةِ ، وليس لقلبه مُنّةٌ أي قوّة ، وهم ضِعاف المُنَنِ ، ومَنَّهُ السّفَرُ : أضعفَه وذهب بمُنّته ؛ قال ابن ميّادة :

٦٠٥

مَنَنّاهنّ بالإدلاجِ حتى

كأنّ متونهنّ عصيُّ ضالِ

ومنه : الحبلُ والثوبُ المَنينُ : الواهي المنسحق الشَّعر والزئبر ؛ قال :

يا ريَّها إن سلمتْ يميني

وسلِمَ السّاقي الذي يَليني

ولم تخنّي عُقدة المَنِينِ

وقال :

قد جعلَتْ وعكتُهنّ تَنجلي

عَنّي وعن مَنينِها الموَصَّلِ

أي يصدر انجلاؤها عني وعن رشاء الدّلو باستقائي ؛ وقال أوس :

تأوي إلى ذي جُدَّتَينِ كأنّهُ

كَرٌّ شديدُ العصب غيرُ مَنينِ

ومَنّتْهُ المنونُ : قطعتْه القَطوعُ وهي المنيّة ؛ قال :

كأن لم يَغنَ يوْماً في رَخاء

إذا ما المَرْءُ مَنّتْهُ المَنُونُ

و (أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ). وتقول : ما أعظم مِنّةً مَنَّها لو لا أنّه مَنَّها. وأتيته مستعدياً فقال ومَنْ بك.

مني ـ مَنَى اللهُ لك الخير. وما تدري ما يَمني لك الماني ؛ قال :

ولا تَقولنْ لشيء لستُ أفعلُهُ

حتى تَبَيَّن ما يَمني لكَ الماني

وأنا راضٍ بمَنى الله : بقدَره ، وتقول : ساقه المَنى إلى دَرْك المُنى ؛ قال :

لعمرُ أبي عمرٍو لقد ساقَه المَنى

إلى جَدَثٍ يَزْوَى له بالأهاضِبِ

وقال :

سأُعمِلُ نَصَّ العيس حتى يكفّني

غنى المالِ يَوْماً أو مَنى الحَدثانِ

وهو مِنّي بمَنى مِيلٍ ، وداره مَنى داري : بحذائها ، ومنه : المنيّة والمنايا ؛ قال زهير :

كعوْف بن شمّاس يرشِّحُ شِعرَه

إلى أسَديّ يا مَنيَ فأسجحي

أي تعاليْ يا منيّة فهذا وقتك. وتمنّى على الله أمنيّة وأمانيَ ومُنيَةً ومُنًى ، ومُنيَ بكذا : بُليَ به ، وهو ممنوٌّ به ، ولأمنوَنّك بما لم تُمنَ بمثلِه. وأمنَى الرجلُ ومَنَى. وقُرئ (أفَرَأيْتُمْ مَا تَمْنُونَ).

موت ـ مات مَوتةً لم يمتها أحد ، ومات مِيتةَ سوء ، وأماته الله ، وهو ميِّت ومَيْت ، وهم موتى وأموات وميّتون. وموّتتِ البهائمُ. وأكل المَيْتَةَ. وفلان مستميتٌ : مسترسل للموت كمستقتل ؛ قال :

فأعطيتُ الجُعالَةَ مُستَميتاً

خفيفَ الحاذِ من فتيان جَرم

واستميتوا صَيدكم ودابّتكم : انتظروا حتى تبيّنوا أنّه قد مات. ووقع في النّاس والمال مَوْتانٌ ومُوتانٌ ، بالفتح والضم مع سكون الواو. وتماوتَ الثعلبُ.

ومن المجاز : أحيا الله البلدَ الميّتَ ، وهو يُحيي المَوات والمَوَتان ، واشترِ من المَوَتان ولا تشترِ من الحيوان. وأمات الشيءَ طبخاً ، وأُميتَتِ الخمرُ : طُبخت. ورجل مَوْتان الفؤاد إذا لم يكن حَرِكاً حيَّ القلب ، وامرأة مَوتانة الفؤاد. وهو مستميتٌ إلى كذا : مستهلك إليه يظنّ أنّه إن لم يصل إليه مات ؛ قال :

وصاحبٍ صاحَبْتُهُ زَمِيتِ

ليسَ إلى الزّادِ بمستَميتِ

واستمات الشيءُ : استرخى ؛ قال :

قامتْ تُريك بَشَراً مكنُونَا

كغرقئِ البَيْض استَماتَ لِينَا

وماتَتِ النّارُ : خمدتْ ؛ قال ذو الرّمّة :

رَبْلاً وأرْطَى نفتْ عنه ذوائبُه

كواكبَ القيظ حتى ماتتِ الشُّهُبُ

٦٠٦

وماتَ العجَاج : سكن ؛ قال ذو الرّمّة :

سَخاويّ ماتَتْ فوقها كلُّ هبوَةٍ

من القيظِ واعتمّتْ بهنّ الحَزاوِرُ

السَّخواء : الأرض السهلة وجمعها : سَخاويّ. ومات الثوبُ : أخلق. ومات الطريق : انقطع سلوكه. وبلد تموت فيه الريح كما يقال : تهلك فيه أشواط الرّياح ؛ قال محمّد بن ذؤيب :

فلاة تموتُ الرّيحُ في حَجَراتِها

يحارُ القطا فيها عن الأفرُخِ الطُّحلِ

وماتت الريح : سكنتْ ؛ قال أبو النّجم :

بحرٌ يكلِّلُ بالسَّديفِ جِفانَهُ

حتى تموت شَمالُ كلِّ شتاء

ومات فوق الرّحل إذا استثقل في نومه ؛ قال ذو الرّمّة :

إذا ماتَ فوْقَ الرّحلِ أحييتُ رُوحَه

بذكراكِ والصُّهْبُ المراسيلُ جُنَّحُ

مائلة في السّير. وماوَت قِرنَه : صابره وثابته ؛ قال يصف ثوراً وكلاباً :

فأيقنّ أنْ لاقَينَهُ أنّ يومَه

بذي الرِّمْثِ إن ماوَتْنَه يوْمُ أنْفَسِ

أي يوم أنْفَسِها : أطولها عمراً. وفلان مات من الغمّ ، ويموت من الحسد ، وموتٌ مائتٌ : شديد. وأمات فلان بنين : ماتوا له ، كما يقال : أشبَّ فلان بنين إذا شبّوا له ؛ قال الأخطل :

مُدْميَة حُرّاً من الوَجهِ حاسِراً

كأن لم تُمِتْ قبلي غُلاماً وَلا كَهلا

وبه مُوتة : فُتور في العقل. وأخذته المُوتة : الغشي. وبها مُوتة : فتور في عينيها كأنّها وَسْنى ؛ قال الأخطل :

فقد تُهازِلُني المُسْتَبعِلاتُ وقد

يعتاقُني عند ذاتِ المُوتةِ الأنَقُ

وفلان متماوتٌ : يُسكِّن أطرافَه رياء. وفي حديث عائشة : لا تُمِتْ علينا ديننا أماتك الله. وأمات غضبه : سكّنه ؛ قال أبو النّجم :

نَهُذّهم هَذَّ الحريقِ القَصَبَا

بالمَشرَفِيّاتِ يُمِتنَ الغَضَبَا

موث ـ ماثَ الشيءَ في الماء : أذابه فيه.

موج ـ بحر مائج ، وماج البحرُ وتموّج ، وارتفعت موجةٌ. عظيمة وموج كثير وأمواج.

ومن المجاز : ماج النّاسُ في الفتنة وهم يموجون فيها ، وماجت الفتنة. والسِّلعة تموج بين الجلد واللّحم. وفعل ذلك في مَوْجة شبابه وغَلْوة شبابه : في عُنفوانه. وماجت يدا النّاقة ومِلاطاها في السّير ، وإنّها لمَوجَى الحبال إذا جالت أنساعُها ؛ قال العُجَير السَّلوليُّ :

ولمّا تصَدّى للرّواحِ انبرَتْ لهُ

براكبِها مَوجَى الحبالِ زَهوقُ

وماج فلان عن الحقّ : مال عنه.

مور ـ مَارَ الشيءُ يَمورُ إذا تردّد في عَرْضٍ كالدّاغِصَة في الرُّكبة. والدّم يمور على وجه الأرض إذا انصب فتردّد عَرْضاً. وجَمَلٌ مَوّار الضَّبْعين. وفرس موّار الظهر. ومار السِّنان في المطعون ، وأماره الطّاعن ؛ قال :

وأنتم أناسٌ تقمصونَ من القَنَا

إذا مارَ في أعطافِكُم وتأطَّرَا

وأمارَ الدُّهنَ والطِّيبَ على رأسه ؛ قال الشَّمّاخ يصف قوساً ونبعة صفراء :

كأنّ علَيها زَعفراناً تُمِيره

خَوازِنُ عَطّارٍ يَمانٍ كوانزُ

وجاءت الرّيح بالمُور وهو التراب الذي تمور به ، وأمارت الرّيحُ التراب.

موص ـ مَاصَ الثوبَ مَوْصاً وهو غَسْلٌ ليّن رفيق ، وفي حديث عائشة رضي‌الله‌عنها : مَاصُوه كما يُماصُ الثوبُ بالصابون ثمّ قتلوه. وهو يَمُوص أسنانَه ويَشُوصها ، وهذه مَوّاصة الثياب : لغَسّالتها.

موق ـ رجلٌ مائِقٌ ، وماق الرجلُ واستماق ، وليس بمائق ولكن يَتَماوق وما أبين مُوقَه إذا رأى موموقه. وتقول :

٦٠٧

فلان ثخين المُوق سَخِين المُوق.

ومن المجاز : ماق الطّعامُ وحَمُق : كَسد.

مول ـ مَوّله اللهُ فتموّل واستمال ، ومال يَمال ويَمول ؛ قال :

بُنيّ رُدّ المهرَ والصَّقيلا

إنّي أريدُ اليَوْمَ أن أصُولا

صَوْلةَ ليث يَفرس القَتيلا

مَخافَةَ الإقْتارِ أوْ أَعيلا

حتى أزُورَ المَوْتَ أوْ أمُولا

ولم يزَلْ جَدّي لها فَعُولا

كأنّه قال مخافة أن أُقتِر. ورجل مالٌ نَالٌ : مُتَموّل مُعْطٍ ؛ وأنشد ابن الأعرابيّ :

إذا كانَ مالاً كانَ نالاً مُرَزَّأً

ونالَ نداهُ كلُّ دانٍ وجانب

وخرج إلى مالِه : إلى ضياعه أو إبلِه.

موم ـ قطعوا المَوْماةَ والموامي. وبه مُومٌ : بِرسام. ومِيمَ الرّجل يُمام فهو مَمُوم.

مون ـ مَانَه يَمُونُه : قام بكفاية أمره ، وفلان يَمُون عيالَه ، وهو يَمُونني ويصونني.

موه ـ عندي مُوَيْه ومُوَيْهَةٌ ومِياه وأمواه ، وماهت الرَّكيّةُ : كَثُر ماؤها ، وحفروا حتى أماهوا : بلغوا الماء ، وأماهوا ركيّتهم : أنبطوا ماءها ، وأماه دوابّه : سقاها ، وأمِهْني : اسقِني ، وأميهوا حوضكم : اجمعوا فيه الماء ، وركيّة ماهةٌ ومَيِّهَةٌ. وبلد ماهٌ ومَيِّهٌ. وسمعتُ بالبادية كوفيّاً يقول لأعرابيّ : كيف ماوان؟ قال : مَيِّهة ، قال : أميَهُ ممّا كانت؟ قال : نعم أمْوَه ممّا كانت. وأماهت الأرضُ : ظهر بزُّها. وموِّهوا قدوركم ؛ وقال ذو الرّمّة :

تَميمِيّة نجْديّة دارُ أهلِها

إذا مَوّه الصَّمّان من سَبل القَطْر

وأمَهْتُ السّكّين وأمهيتُه : سقيتُه. وماهت السفينةُ : دخل فيها الماء.

ومن المجاز : سرج مُمَوَّه : مَطْليّ بالذهب أو الفضّة. وحديث مُموَّه : مزخرف. وما أحسن مُوهَة وجهه : ماءه ورونَقَه. ورجل ماهُ القلب : كثير ماء القلب أحمق ؛ قال :

إنّكَ يا جَهْضَمُ ماهُ القلب

وقال عُبَيد بن أيّوب بن ضِرار العنبريُّ :

ولوْ لم يُقنَّع عند أبياتِ خالِه

لعضَّ به ماهُ الذُّبابِ حَديدُ

أي صافي الظُّبة كالماء.

مهج ـ بذلوا له المُهَجَ.

ومن المجاز : دفَقَتْ مهجتُه ، ودفّق الله مهجتَك وهي دم القلب أي أهلكك ، وامتُهِجَ فلان : أُخِذَتْ مهجتُه.

مهد ـ مهَّدَ المَهْدَ والمُهود والمِهاد والمُهُد. ومضجَع مَمهُود ومُمَهَّد ، ومهّد الفراش فامتَهَد وتمهّد ، وتمهّدتُ فراشاً واستمهدتُه ؛ قال الراعي :

تمهَّدنَ ديباجاً وعالَينَ عِقْمَةً

وأنزَلنَ رَقماً قد أجنّ الأكارِعَا

أنزلنه على قوائم الإبل.

ومن المجاز : مهّد الأمرَ : وطّأه وسوّاه. ومهّد العُذرَ تمهيداً. ومهّد له منزلة سنيّة. وتمهّدتْ له عندي حالٌ لطيفة. وما امتهد فلان عندي مَهْدَ ذاك أي ما قدّم وسيلةً فيما يطلبه. وماء مُمهَّد : فاتِرٌ ليس ببارد ولا سُخْن.

مهر ـ مَهَرَ في الصّناعة وتمهّر فيها ومهَرَها ومهُر بها ، وهو ماهر بيّن المهارة ، وخطيب ماهِر ، وسابح ماهر ، وقوم مَهَرة ، وتمهّر فلان : سَبَح. ومهرَ المرأةَ : أعطاها المَهْر «كالممهورة إحدى خَدَمتيها». وأمهرها : سمّى لها مَهْراً وتزوّجها به ؛ قال :

أُخذنَ اغتصاباً خِطبةً عَجْرفيّة

وأُمهِرْنَ أرماحاً من الخطّ ذُبَّلا

وله مَهِيرة وسُرّيّة ، ومهائر وسراريّ. وفرس مُمْهِر :

٦٠٨

ذاتُ مُهْر ومِهار ومِهارة. وجعل المِهارَ في أنف البُختيّ وهو عود في رأسه فَلكة.

مهل ـ أمهلتُه ومهّلتُه : أنظرتُه ولم أُعاجله وأطلتُ مُهلتَه. وعَمِل ذلك في مُهْلة. ومشى على مُهْلَته : على رِسْله ، ومَهْلاً وعلى مَهَل : اتّئد. ولا مَهْل واللهِ : يقوله المأمور بالمَهْل ؛ قال الكميت :

وكنّا يا قُضاعُ لكم فَمَهْلاً

وما مَهْلٌ بواعظَةِ الجَهُولِ

ويقال : ما مَهْلٌ بمغنية عنك شيئاً. وتمهَّل في الأمر : اتّأد فيه. وتمهّل : تقدّم ؛ قال الأعشى :

علَيهِ سِلاحُ امرىء حازِمٍ

تمهّل في الحربِ حتى امتحنْ

وأخذ المُهْلَة. وفلان ذو مَهَل : ذو تقدُّم في الخير ؛ قال ذو الرّمّة :

كم فيهمُ من أشَمّ الأنفِ ذي مَهَل

يأبَى الظُّلامة مثل الضّيغم الضّاري

وأخذ فلانٌ على صاحبه المُهلة إذا تقدّمه في سنّ أو أدب. وخذ المُهلة في أمرك. ورحم اللهُ مَهَلك : سلفَك. (بِماءٍ كَالْمُهْلِ) كالصَّديد.

مهن ـ هو حسن المَهْنة والمِهْنة ، وهي خرقاء لا تحسن المِهنةَ. وفلان في مَهْنة أهله من سَقْي ورعْي وغير ذلك. وهو ماهنُهم ، وهم مُهّانهم. ومَهَنهم يَمهَنهم ويَمهُنُهم : خدمهم. وامتَهنه : ابتذله، ومَهُن مَهانَةً : حَقُر فهو مَهِين ، وهم مُهَنَاء. وثوب مَمْهُون : مبتذَل مجرور؛ قال الهذليُّ في الأسد :

ويَجُرُّ هُدّابَ القَليلِ كأنّهُ

هُدّابُ خَلَّةِ قَطْرَفٍ مَمهونِ

مهمه ـ قطعوا مَهْمَهاً بعيداً ومَهَامِهَ فِيحاً. ومهمهتُ به :قلتُ له مَه ، وتقول : مهمهتُه عن السّفر فما تَمَهمَه. وراغمني فركب المَهْمَهَ. وكلُّ شيء مَهَهٌ ومَهاهٌ ما خلا النّساء وذكرهنّ أي هيّن يحتمل الحُرُّ كلّ شيء إلّا ذكر حُرمته ؛ قال عِمْران بن حِطّان :

ولَيسَ لعَيشِنا هذا مَهَاهٌ

ولَيستْ دارُنا الدُّنيا بدارِ

أي أدنَى طائل ؛ وقال آخر :

فإذا وذلك لا مَهَاهَ لذكرِهِ

والدّهرُ يُعقِبُ صالحاً بفَساد

ولو كان في الأمر مَهَهٌ ومَهاهٌ لطلبتُه.

مهو ـ [قال] :

مَها الوَجهُ والثّغرُ والعينُ من

ثَلاثٍ يُسَمّونَها بالمهاة

يعني الشّمس والبلّور والبقرة. وسيفٌ مَهْوٌ : رقيق ؛ قال صَخْر الغيّ :

وصارِمٍ أُخلِصَتْ خشيبتُه

أبيضَ مَهْوٍ في متنه رُبدُ

وفي مثل : «أخيبُ صَفْقةً من شيخ مَهْو».

ميث ـ أرض مَيثاءُ ، وأراضٍ مِيثٌ. وماث الخبزُ والملح والطّين في الماء وانماث.

ومن المجاز : لبَني عُذْرة قلوبٌ تنماث كما يَنماث المِلح في الماء. ورجل مَيِّث القلب : ليّنُه. وميّثَ الرجلَ : ذلّله ، وتميّث : ذَلّ واسترخى.

ميح ـ مَاحَ الماءَ يَميحُه وامتَاحَه. ورجل مائح ، وقوم مَاحَةٌ. وفي مثل : «إنّي لأعلم من المائح باست الماتح».

ومن المجاز : مُحتُه مَيْحاً : أعطيتُه. وامتاحه واستماحه : استعطاه. وامتاحَه الحَرُّ والعملُ : عرّقه ؛ قال ابن فَسْوة :

إذا امتاحَ حَرُّ الشّمسِ ذِفراهُ أسهلتْ

بأصفرَ منها قاطِراً كلَّ مَقْطَرِ

وماح فاه بالسّواك إذا استاك. ومِحْني عند السّلطان : اشفع لي ، واستمحتُه عند السّلطان : استشفعتُه. وماح في مشْيته : مال مُتبختِراً ، وتميّح وتمايَح ، والسّكرانُ يتميّح ويتمايح ، ومرّ يتميّح : يتبختر وينظر في ظِلّه. ومايحتُ السّلطانَ والنّساءَ : مايلتُ وخالطتُ ، مُمايَحةً. وبيني وبين فلانٍ مُمالحة ومُمايَحَة.

ميد ـ غصن مائِدٌ : مائل ، ومادَ يَميدُ مَيَداناً.

٦٠٩

ومن المجاز : مادت المرأة وماستْ وتميّدتْ وتميّستْ. ومادتْ به الأرضُ : دارتْ. ورجلٌ مائدٌ : يُدار به. والمطعون يَميدُ في الرّمح. وماد أهْلَه : نَعَشَهم ، وامتادوه فمادَهم ؛ قال :

يا خَيرَنا نَفساً وخيراً والِدَا

وكنتَ للمُسَوَّدينَ سائِدَا

وكنتَ للمُنتَجعينَ مائِدَا

أي ناعِشاً من مَيْدهم ، ومنه : المائدة.

مير ـ مَارَ أهلَه يَميرهم ، وامتار لنفسه ، وجاؤوا بالمِيرة. وما عنده خَيْر ولا مَيْر.

ومن المجاز : سايرتُه ومايرتُه : عارضتُه ؛ قال خِداش ابنُ زُهير :

يُمايِرُها في جَرْيِها وتُمايِرُهْ

ميز ـ رجلٌ مُمَيِّزٌ وميّاز. ومازه منه ، وميّزه ، وانماز وامتاز واستماز وتميّز ؛ قال الأخطل :

فإنْ لم تُغَيّرْها قُرَيشٌ بمُلكِها

يكنْ عن قُريش مُستمازٌ ومَزْحَلُ

ومايزتُ بين الشيئين. وتمايز القومُ : تفرّقوا.

ومن المجاز : (تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ).

ميس ـ ماسَتْ تميسُ مَيْساً. ورجل مَيّاسٌ ومَيْسانُ ، وامرأة مَيّاسة ومَيْسانة ومَيْسَى. وثوبٌ مَيْسانيٌ : نُسب إلى كُورَة مَيْسان ، وتقول : رأيتُه مَيْسان في حُلّة مَيْسان. وقال يصف نعجة دَرْداء :

لا يُخرِجُ البسْباسةَ انتِهاسُها

يَعْجِزُ عن عَوْرَتِها مَيّاسُها

أي ذَنَبها ، يصف نعجة هَرِمة لا تُؤثّر في هذه البَقْلة لدَرَدِها ولا يَستر عورتَها ذَنَبُها.

ميع ـ السَّمنُ جامِسٌ ومائعٌ ، وقد ماع يَميع ، وأمَعْتُه إماعَةً. وهو في مَيْعة الشّباب. والفرس في مَيْعة حُضْره وهي أوّلُه وأنشطُه. وتطيّب بالمَيْعَة. والفضّة تتميّع في البُوطة.

ومن المجاز : السَّراب يَميع : يجري وينبسط. وماعت ناصيةُ الفرس : سالتْ ؛ قال عديٌّ :

مُضَمّم أطرَاف العِظامِ مُحنَّبا

يُهَزْهِزُ غصناً ذا ذوائبَ مائِعا

ميل ـ مَال كلَ مَميل. وفرسٌ ميّال العُذر. ورجُل أمْيَلُ العُنُقِ وأمْيَلُ المَنكِب. ورجال مِيلُ الطُّلَى من النُّعاس. وفيه مَيْل. ورَمْلة مَيْلاءُ : مُعْتَزِلةٌ عن الرّمال مائلةٌ عنها ، وشجرة مَيْلاء : كثيرة الفروع. ورجل أمْيَل : بلا سلاح ، وهو الكِفْلُ أيضاً. وبنى مِيلاً وأميالاً. وسار مِيلاً : قدر مَدّ البصَر. واكتحل بالمِيل. وتَمَيَّلَتْ في مشيتها وتَمَايَلَتْ. وتَمَايَلَ الجُلُّ عن الفرس.

ومن المجاز : مَالَ عن الحقّ ، وأُميل عنه. واستماله : استعطفه. واستمالَ ما في الوعاء : أخذه. والدّهر مِيَلٌ : أطوارٌ. وبين القوم تمايُل : تَفاتُنٌ وتحارُب. وأملْتُ بالفرس يدي : أرخيت عِنانَه وخلّيتُ له عن طريقه. وفلانٌ يُتميَّل في ظِلاله ويُتفيَّأ. وفلان لا تَميلُ عليه المِرْبعة وهي التي تُرفع بها الأحمال أي هو قَوِيٌّ. ومَيّلتُ بين أمرين : تردّدتُ. ومال عليّ : ظلمني. ومال معه ومايَلَه : مالأه. ومال إليه : أحبّه. ووقعت المَيْلة في النّاس : المُوتان ، سَماعي من العرب. ومال به : غَلَبَه ؛ قال زهير :

وإنّكُمُ وقَوْماً أخفَرُوكُم

لكالدّيباجِ مالَ بهِ العَبَاءُ

ومال النّهارُ واللّيل : دنا من المُضِيّ ؛ قال الراعي يصف الأظعان :

وقد مالَ النّهارُ وهنّ فيهِ

يُخَدِّرْن الدِّمَقسَ ويَحتَوينا

يجعلنه خُدُوراً وحوايا ؛ وقال عمر بن أبي ربيعة :

فتأهّبتُ لها في خُفيَةٍ

حينَ مالَ اللّيلُ واجتنَّ القمرْ

مين ـ ما هو إلّا كَذِبٌ ومَيْنٌ ، وتماينوا : تكاذَبوا.

٦١٠

ن

نأنأ ـ كان ذلك في النَّأنأةِ : في أوّل الإسلام ، ومعناها الضّعف قبل أن يقوى ويَعُزّ ، يقال : رجلٌ نأنأ ، وفيه نأنأة ؛ قال امرؤ القيس :

لعَمرُكَ ما سَعْدٌ بخُلّةِ آثِمٍ

ولا نأنإٍ يوْم الحفاظِ وَلا حَصِر

وفي الحديث : «طوبَى لمن مات في النَّأنأة». وقال عليّ رضي‌الله‌عنه لسُليمان بن صُرَدٍ : تنأنأتَ وتربّصتَ فكيف رأيتَ اللهَ صنع؟. أي فَتَرتَ وقصّرتَ.

نأج ـ جأر إلى الله ونَأج ، وبتُّ أُناجي ربّي وأنأج إليه وهو أضرع ما يكون من الدُّعاء وأحزنُه. وفي الحديث : «ادْعُ ربَّك بأنأجِ ما تقدر عليه» ؛ قال :

أنتَ الغِياثُ إذا المُضطَرُّ في كُرَبٍ

نادى بصَوْتٍ ضَعيفِ الرِّكز نأْآجِ

وريحٌ نؤوجٌ : لها حفيف ، وقد نأجتْ ، ورياح نوائجُ ؛ وقال ذو الرّمّة :

وصَوَّح البقلَ نأْآجٌ تَجيء بهِ

هيفٌ يمانيّةٌ في مَرّها نُكُبُ

ومن المجاز : نأجتِ الرائحةُ كما يُقال : عجّتْ ؛ قال :

كأنّ نأجَ نَفحَةٍ من سُنبُلِ

من طَيّبِ الكافُورِ والقَرَنْفُلِ

بجيبِ جمّاءِ العِظامِ عَيْطَلِ

وتقول : جاء بَيلنجوج له أريجٌ وعجيج في البيت ونَئيج.

نأد ـ داهيةٌ نُؤَاد ونَآد بوزن عُقام وصَناع ، ونآدى بوزن نَصارى ، ونأدتْه الدّاهيةُ تَنأدُه : قدحتْه وبلغتْ منه ؛ قال :

أتاني أنّ داهِيَةً نآداً

على شَحْطٍ أتاكَ بها مَيُونُ

أي كذوبٌ ؛ وقال الكميت :

فإيّاكم وداهِيَةً نآدى

أظَلَّتكم بعارضِها المَخيل

أُنشد لأبي تمام :

سمعتُ بذكر داهيَةٍ نآدٍ

ولم أسمَعْ بسرّاجٍ أديبِ

ويقال : داهية نؤود.

نأش ـ جاء نَئيشاً أي أخيراً ؛ قال :

تمَنّى نَئيشاً أن يكُونَ أطاعَني

وقد حَدَثَتْ بعدَ الأمُورِ أُمُورُ

نأم ـ سمعتُ نَئيمَ الأسدِ ونَئيمَ القوسِ وهو صوتٌ ضعيف.

٦١١

ونأمتُ إليه نأمَةً ، وناءمتُ مُناءمةً ؛ قال المَرّارُ :

وأن ألِجَ البيتَ مُدْجَى الغِطاء

أُنائمُ في البيتِ صَوْتاً ضَعيفا

مُسْبَل السِّتر. وسمعتُ نَغْمتَه ونأمتَه. وما يعصيه زأمةً ولا نأمةً أي ما يعصيه كلمة.

نأي ـ سَفَرٌ ناءٍ ، ونأيتُ عنه ونأيتُه ؛ قال :

نأتْكَ أُمامةُ إلّا سُؤالا

وإلّا خَيالاً يُوافي خَيَالا

وتناءَوا عني ، وانتأوا ، وناءيتُه : باعدتُه. وناءيتُ عنه الشرّ : دافعتُ ، وأنأيتُه عني ، ونأيتُ الدّمعَ عن خدّي بإصبعي ؛ قال :

إذا ما التَقَينا سالَ من عبراتِنا

شآبيبُ ننأى سيلَها بالأصابعِ

وحفروا النُّؤيَ ؛ قال الطّرمّاح :

عَفَتْ إلّا أياصِر أو نُؤيّاً

محافرُها كأسْرِيةِ الأضِينِ

وهي التي تُحفر حول الخيام ، ولم يبقَ إلّا النُّؤيُ والمُنْتأى ، وانتأيتُه : احتفرتُه ؛ قال ذو الرّمّة :

ذكرْتُ فاهتاجَ السَّقامُ المُضْمَرُ

وقد يَهيجُ الحاجةَ التَّذكُّرُ

مَيًّا وشاقتكَ الرّسومُ الدُّثَّرُ

آرِيُّها والمُنتَأى المُدَعْثَرُ

نبأ ـ أتاني نَبَأ من الأنباء ، وأُنبِئتُ بكذا وكذا ، ونُبّئتُ ، واستنبأتُه : استخبرتُه ، ونُبّئ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم واستُنبئ. ورجلٌ نابئ. وسَيلٌ نابئ : طارئ من حيثُ لا يُدرَى ، وقد نبأ علينا وضبأ. وهل عندكم نابئةُ خَبرٍ ومُغَرِّبة خبرٍ وجائبةُ خبرٍ ؛ وقال خُنَيش بن مالك :

فنَفسَكَ أحْرِزْ فإنّ الحُتُو

فَ يَنبأنَ بالمرء في كلّ واد

وقال :

ألا فاسقِياني وانفِيا عنكُما القَذَى

وليسَ القذَى بالعُود يسقطُ في الخمرِ

ولكِنْ قَذاها كلُّ أشْعَثَ نابئ

أتَتنا بهِ الأقدارُ من حَيثُ لا نَدري

وقال أبو النّجم :

والنّابِئِ العِرّيضِ من جُهّالِها

وسمِعتُ نَبْأةً : صوتاً.

نبب ـ رمح مُطّرد الأنابيب. وكَعّب الشّجَرُ ونبّبَ. ونبّ التيسُ نَبيباً ، وقال عمرُ رضي‌الله‌عنه لوفد أهل الكوفة حين شكَوْا سعداً : يكلّمني بعضُكم ولا تنبُّوا عندي نَبِيبَ التُّيوس.

ومن المجاز : شرب من أُنبوب الكوز. وله أُنبوب من نخلٍ وغيره : سَطْرٌ ؛ قال :

أوْ من مُشَعشعةٍ ورْهاء نشوَتُها

أو من أنابيبِ رُمّانٍ وتُفّاحِ

وقال مالك بن خالدٍ الخُنَاعيُّ :

في رَأسِ شاهِقَةٍ أنبُوبُها خَصِرٌ

دونَ السّماء لهُ في الجَوّ قِرْناسُ

طَرَفٌ نادِر أي طريقها بارد. وذهب في كلّ أنبوب : في كلّ طريقة ، وتقول : إنّي أرَى الشرّ قَصّب وشَعّب ونَبّب وكعّب ؛ وقال الشمّاخ :

يَردّ أنابيبَ البُغامِ جِرانُها

كما ارتدّ في قوْس السَّراء زَفيرُها

جعل بُغامَها مِزماراً حتى جعل له أنابيب وهو من لطيف المجاز. نبّ فلان نبيباً : طلب النّكاح ، وقد أنبَّهُ طولُ العُزبة ، ونبّبَ الرّجلُ : حَمْحَم عند الجِماع.

نبت ـ ظهرَ النّبتُ والنبات في الأرض ، ونبت البقلُ نَباتاً ، وأَنبته اللهُ ونبَّته ، ونبَّتَ النّاسُ الشّجرَ : غرسوه ، ونبَّتوا الحبَّ : حرثوه.

ومن المجاز : نبتَ فلانٌ في مَنبِتِ صِدقٍ ، وفي أكرم المنابت ، وإنّه لحسَن النِّبتةِ ، وأنبته اللهُ نباتاً حسناً ، ومن

٦١٢

ثبت نَبت ، ونَبّتَ الصبيَ : ربّاه ، وفلانٌ يُنَبِّتُ جاريتَه رَجاء الرّبح فيها. ونَبِّتْ أجلَك بين عينيك. ونبتَتْ لبني فلانٍ نابِتةٌ : نشأ لهم نَشَأٌ صِغار ، وإنّ بني فلان لنابِتَةُ شَرّ ، وهذا قول النّابتة والنّوابت وهم الحشويّةُ. وتقول : ألم ينبت حِلمُ فلان؟ قال النّمرُ بن تَوْلَبٍ :

على أنّها قالَتْ عَشيّة زرْتُها

هُبِلتَ ألم يَنبُتْ لذا حِلمُه بعدي

نبث ـ نَبَثَ التّرابَ من الحُفرة : استخرجه ، وركموا النَّبيثةَ والنَّبائثَ في جانبي النّهر وحول البئر وهو تراب الحَفْر ، وما رأيتُ بأرضهم نَبِيثاً : أثَرَ حَفْر.

ومن المجاز : نَبَثُوا عن الأمر : بحثوا عنه ، وهو يستنبث أخاه عن سرّه : يَستبحثه ، وأبدى فلانٌ نبيثةَ القوم ونبائثهم. وبينهم شحناءُ ونَبائثُ ، ولا يزالون يتنابثون عن الأسرار ويتباحثون عن الأخبار. وتقول : ظهرتْ نبائثهم ولم تخفَ خبائثهم ؛ وقال :

وإن حفَرُوا بئري حفرتُ بِئارَهم

وسوفَ تُرَى آثارُها والنَّبائِثُ

وفلانٌ خبيثٌ نبيثٌ.

نبج ـ إنّه لنفّاجٌ نَبّاجٌ : ليس معه إلّا الكلام ، وكذبتْ نَبّاجتُه : اسْته. وعنده الأنبِجاتُ : الأشياء التي تُربَّب بالعَسَل كالإهْليلَج والأُترُجّ وهي من الأَنبَجِ وهو حمل شجرٍ يكون بالهند على خِلْقة الخَوْخ ولُبابه كلُبابه يُربَّبُ بالعَسَل.

نبح ـ نَبَحَته الكلابُ ، وكلبٌ نَبّاحٌ ، وله نَبْحٌ ونُبَاح ، واستنبح الضّيفُ الكلابَ.

ومن المجاز : نبح الظّبيُ والتّيسُ عند السِّفاد والهُدهُد ؛ قال النّابغةُ يصف فرساً :

فيَصِيدُنا العَيْرَ المُدِلّ بشَدّهِ

قَبلَ الوَنَى والأشعَبَ النّبّاحَا

وقال خالد بن الصَّقعب :

كأنّ عَرينَ أيكَتِه تَلاقى

بهِ جَمْعانِ من نَبَطٍ ورُومِ

نُباحُ الهُدهُد الحَوْليّ فيهِ

كنبح الكلب في الأنَس المقيمِ

ونبح الشاعرُ : هَجا. وسمعتُ نُبوحَ الحَيّ : ضَجّتهم بما معهم من الكِلاب وغيرها ؛ قال طُفيل :

عوازبُ لم تسمع نُبوحَ مُقامَةٍ

ولم تَرَ ناراً تِمَّ حَوْلٍ مُجَرَّمِ

وقال الأخطلُ :

إنّ العَرارَةَ والنُّبُوحَ لدارِمٍ

والمُستخفّ أخوهمُ الأثْقالا

نبذ ـ نبذ الشيءَ من يده : طرحه ورمى به. وصبيّ منبوذ ، والتقطَ فلانٌ منْبوذاً ونبيذةً ونبائذَ. ونَبَّذَه : أكثر نَبْذَه ؛ قال :

هَلّا غَضِبْتَ لرَحْلِ جا

رك إذا تُنَبّذه حَضاجِر

«ونُهي عن المُنابذة في البيع». وهي أن تقول : انبذ إليّ المتاعَ أو أنبذه إليك ليجب البيعُ ، ويقال له : بَيعُ الإلقاء. وجلس على المِنْبَذة وهي الوسادة تُنبَذُ للإنسان : تُطرح له ، وطرحوا لهم المنابذ ، وتقول : تعمّموا بالمشَاوِذ وجلسوا على المنابذ.

ومن المجاز : نَبَذ أمري وراء ظهره إذا لم يَعْمل به (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) (نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ). وانتبذ الرّجلُ : اعتزل ناحيةً ، وجلس نَبْذةً ونُبْذةً. وهو مُنتبِذ الدّار : نازِحُها ، وهو في مُنتبَذ الدّار : في منتزحها. ونبذ إلى العدوّ : رمى إليه بالعَهْد ونقَضَه ، ونابذَه مُنابذَةً وتنابَذوا. ونَبذ النّبيذَ وهو أن يُلقي التّمر في الجَرّ وغيره ، وانتبذ لنفسه ، والنّبيذ : التمر المنبوذ ، ومنه : فلانٌ يَنبُذ عليّ أي يغلي كالنّبيذ وينفثُ عليّ. ونبذتْ فلانةُ قَوْلاً مليحاً : رمتْ به ؛ قال القطاميُّ :

فهنّ ينبِذْنَ من قوْلٍ يُصبْن بهِ

مواقعَ الماء من ذي الغُلّة الصّادي

ونبذتُ إليه السّلامَ والتّحيّةَ ؛ قال الراعي :

فلمّا تداركْنا نبَذْنا تحِيّةً

ودافعَ أدْنانا العوارِضَ باليَد

٦١٣

عوارضُ الهَوْدج : جوانبه. ونُبِذتَ بكذا ورُميتَ به إذا رُفع لك وأُتيح لِقاؤه ؛ قال ابن مُقْبِل :

قد قُدتُ للوَحشِ أبغي بعضَ غِرّتِها

حتى نُبِذتُ بعير العانة النَّعِر

ولله أُمٌ نَبَذَتْ بك. ونَبَذ الحَفّارُ التّرابَ ونبثه : رمى به ، وهي النَّبيثة والنَّبيذة والنَّبائث والنَّبائذُ. وبرأسه نَبْذٌ من الشّيب. وبالأرض نَبْذٌ من الكلإ. وأصابها نَبْذٌ من المَطَر. وفيها نَبْذٌ من النّاس. وذهب مالُه وبقي نَبْذٌ منه وهو القليل لأنّ القليل يُنْبَذ ولا يُبالَى به.

نبر ـ عنده من الثّياب أضابير ومن الطّعام أنابِير. وانتَبر الجُرحُ : تورّم وارتفع مكانه. وانتبرتْ يدُه : انتَفطتْ. ونبرتُ الشيءَ : رفعتُه. ونَبر فلانٌ نَبْرَةً : نَطَق نَطْقة بصوت رفيع ، ورجل نَبّارٌ بالكلام ، ومنه : المُنْبرُ والمَنْبرُ والمِنْبرُ. وانتبرَ الخطيبُ : ارتفعَ على المنبر ، وفي الحديث : «لا تَنبروا باسمي». لا تَهْمزُوه.

نبس ـ فلانٌ ساكتٌ لا يَنبِسُ ، وما نَبس بكلمةٍ ، وتقول : كلّمتُه فعَبَس وما نَبَس.

نبش ـ نَبَشَ الأرضَ عمّا تحتها نَبْشاً ، ومنه : نَبْشُ القبر.

ومن المجاز : هو يَنبُشُ الأسرار ؛ قال :

مَهْلاً بني عمّنا مَهلاً موالِينا

لا تَنبُشوا بينَنا ما كان مَدفُونا

وهو ينبُش لعِياله ويَحترش إذا استخرج رزقَهم من هنا وهنا واحتال. وانتبشَ العُرُوقَ من الأرض : استخرجها ؛ قال الكميت :

مَوْتُهنّ انتِباشُهنّ من الأرْ

ض ويحيَينَ ما سكَنّ القُبُورَا

أي ما دامتْ العُرُوق تحت الأرض كانت حيّةً فإذا نُبشتْ ماتَت.

نبص ـ نَبَصَ الغلامُ بالطائر والكلب وهو أن يضُمّ شَفَتيه ويدعوَه.

ومن المجاز : نَبَص بالكَلِمة : أخرجها مُتحذلِقاً كأنّه صَلصَلها وصفّاها.

نبض ـ نَبَضَ عِرقُه نَبْضاً ونَبَضاناً. وأنبضَتْه الحُمّى. وتقول : رأيتُ ومْضَة برق كنَبضَة عِرْق. وأنبضَ عن القوس وأنبضَها ؛ قال أوسٌ :

إذا ما تَعاطَوْها سمعتَ لصوتِها

إذا أنبضُوا عنها نَئيماً وأزْمَلا

وقال مُهَلهِلٌ :

أنبضُوا مَعْجِسَ القِسِيّ وأبرَقْ

نا كما أوْعَدَ الفُحولُ الفُحُولا

وأنبضَ بالوَتَرِ. ووضع يدَه على مَنْبِض قلبه حيث تراه يَنبِض وتجدُ هَمْس نَبَضَانه. وجَسّ الطّبيبُ مَنْبَضه ومَنْبِضه ومنابِضهم. وأنبضَ النّدّافُ مِنْبَضه وهو مِندَفتُه.

ومن المجاز : فلانٌ ما نَبض له عِرْقُ عَصَبيّةٍ إذا لم يتَعَصّب ، وما دام فيّ عُرَيقٌ نابِضٌ لم أخْذُلْك أي ما دمتُ حيّاً. ونبض نابضُه أي هاج غضبُه. وله فؤاد نَبِضٌ : شَهْم رُوَاعٌ. ويقال لمن يَنتحل ما ليس عندَه : أدَاتُه إنْباضٌ من غير توتير. وما يُعرف له مَنْبِضُ عَسَلَةٍ كقولهم : مَضْرِبُ عَسَلَةٍ إذا لم يكن له أصل.

نبط ـ هو من النِّبطِ والنَّبيطِ والأنْباطِ ، وهو نبْطيّ ونُباطيّ ونَباطيّ ونِباطيّ وأنباطيّ. وقال خالد بنُ الوليد لعبد المسيح ابن بُقَيْلَةَ : أعَرَبٌ أنتم أم نَبِيطٌ؟ فقال : عَرَبٌ استنبطنا ونَبيطٌ استعربنا ؛ ومنه قول أبي العَلاء المعرّي :

أينَ امرؤ القيسِ والعَذارَى

إذا مالَ من تحتِهِ الغَبيطُ

استَنبَطَ العُرْبُ في المَوامي

بعدَكَ واستَعرَبَ النَّبيطُ

وعالج الجُرْحَ بعِلْكِ الأنباط وهو الكاماي المُذاب يُجعل لازُوقاً للجراح. وكيف نَبْطُ بئركم : ماؤها المستنبَط ، ونبطَ الماءُ من البئر نُبُوطاً ، وأنبَطوه واستنبَطوه. وفرس أنبطُ : أبيض البطن ؛ قال ذو الرّمّة :

٦١٤

كمثلِ الحِصانِ الأنبطِ البطنِ كُلّما

تمايَلَ عنهُ الجُلُّ فاللّوْنُ أشْقَرُ

ومن المجاز. فلانٌ لا يُنال نَبَطه : لمن يوصَف بالعِزّ ؛ قال كعب الغَنَويُّ :

قريبٌ ثَراهُ لا يَنَالُ عَدوُّهُ

له نَبَطاً آبي الهوانِ قَطُوبُ

ويقال في الوعيد : لأبثنّ ما في جونتك ولأُنْبِطَنّ نَبَطك. واستنبط معْنًى حسناً ورأياً صائباً لعلمه الذي يستنبطونه منه. واستنبطتُ من فلان خبراً.

نبع ـ له قَوْس من نَبْع. وللماء منبعٌ غَزِيرٌ ومَنابعُ ، وقد نَبع يَنْبَعُ ويَنْبُع ، ومنه : نقل اسم يَنْبُع لكثرة يَنابيعها ، سمعتُ الشّريفَ سَلمة بن عيّاشٍ اليَنْبُعيّ : كانت له مائةٌ وسبعون عيناً فوّارة. وكأنَّ عينه يَنْبوعٌ.

ومن المجاز : فلانٌ صليب النَّبع ، وما رأيتُ أصلَبَ نَبْعَةً منه. وله نَبْعَةٌ تُنبئ الأضراسَ. وهو من نَبْعَةٍ كريمةٍ. وقرعوا النّبْعَ بالنّبعِ إذا تلاقَوْا ؛ قال :

فلمّا قرَعنا النّبْعَ بالنّبعِ بعضَهُ

ببَعضٍ أبتْ عيدانُهُ أن تَكسَّرَا

ونبعَ من فلان أمرٌ : ظهر. ونبعَ العَرَقُ : رشَحَ. ونضَحتْ نوابعُ البعير : مسايلُ عرَقِه. وفجّر اللهُ ينابيعَ الحكمةِ على لسانه

نبغ ـ نَبَغَ الوِعاءُ بالدّقيق : خرج منه لرِقّته. ونبغت المَزادةُ : كانت كَتُوماً فصارت سَرِبة. ونَبَغَ الرّأسُ : ثارت هِبْرِيّتُه ، وإنّه لكثير نُبّاغ الرّأس ، مُثَقَّلاً ومُخَفَّفاً ومَحَجّةٌ نَبّاغةٌ : يثور ترابها.

ومن المجاز : نَبَغت لنا منك أمورٌ لم نتوقّعْها. ونَبَغَ الشّرُّ : فشَا وظَهَر. ونبغ منهم النّفاقُ إذا خَفّوا في الفِتْنة. ونَبَغ فلانٌ في الشِّعر إذا لم يكن في إرث الشِّعر ثمّ قال فأجاد ، ويقال : إنّ النّابغةَ قال الشِّعر على كِبَر سِنّه فسُمّي النّابغةَ ، وقيل : بل لقوله :

وحَلّتْ في بني القَينِ بن جَسْرٍ

فقد نَبَغَتْ لنا منهم شُؤونُ

ونبغَ من فلانٍ شِعْرٌ شاعرٌ. وهو نابغةٌ من النّوابغ. ونبغ في العِلم وفي كلّ صناعةٍ ، وتقول : الحمد لله الذي أنعم عليّ النِّعَم السّوابغ وألهمني الكَلِمَ النّوابغ.

نبق ـ عن بعضِ العرِب. إن النَّبِقَ لَيُعجِبُني وإنّ النّبِق لي لَمُؤذٍ. وفي الحديث : «ونَبِقُها كقِلال هَجَر». وشَجَرٌ مُنَبَّقٌ : مُسَطَّرٌ ، من نَبّقَ الكتابَ ونمّقه إذا سطّره مُنَسَّقاً مُرَتَّباً.

نبك ـ وقعنا في نَبَك من الأرض ونِباك : جمع نَبَكةٍ وهي الأكمَةُ المحدّدة الرّأس. ونَبَك المكانُ : ارتفع ، نُبُوكاً. وهِضابٌ نوابكُ ؛ قال ذو الرّمّة :

طواهُنّ تَغويري إذا الآلُ أرفلَتْ

به الشّمسُ أُزرَ الحزْوراتِ النّوابك

من الثّوب المُرْفَل.

نبل ـ رجل نَبيلٌ ، وقومٌ نُبَلاء ، ونَبَلَ ، وفيه نُبْلٌ : فضيلة ، وقد نَبُلَ نَبالة ، وتَنَبّل : تَشبّه بالنُّبَلاء. ورجل نابلٌ ونَبّالٌ : معه نَبْلٌ ؛ قال امرؤ القيس :

وليسَ بذي سَيفٍ فيقتلني بهِ

وليس بذي رُمح وليس بنَبّال

وهو نَبّالٌ ونابِلٌ حسن النِّبالة : لصانعها. ونَبَلتُه نَبْلاً : رميتُه بالنَّبل ، وأنبلتُه : أعطيتُه إيّاه ، واستنبلني فأنبلتُه. وهو أنبلُ النّاس : أعلمهم بعمل النَّبل ؛ قال أبو ذؤيب :

تَرّصَ أفواقَها وقَوّمَها

أنبلُ عَدْوانَ كُلّها صَنَعا

وتنابلوا فَنَبلهم فلانٌ : تنافروا أيّهم أجود نَبْلاً أو أيّهم أصنعُ للنَّبْل. ورجل تِنْبال : قصير. وتنبّل البعيرُ : مات.

ومن المجاز : فرس نَبيل المَحْزَم والمَحْزِم : عظيمه ؛ قال عنترةُ :

وحَشِيّتي سَرْجٌ على عَبل الشَّوَى

نَهْدٍ مراكِلُهُ نَبيل المَحْزَمِ

وإبل نِبَالُ الأعْجاز ؛ قال ذو الرّمّة :

٦١٥

بنَائيَةِ الأخْفاف من قمَع الذُّرَى

نِبَالٌ تَواليها رِحَابٌ جُنُوبُها

ويقال : كَعْبُها نَبيلٌ : على وجه الذّمّ. وأنبلَ قِداحَه : جعلها غليظَةً جافيةً. وتَنَبّل الخَطْبُ : عَظُمَ. ورجل نابل بالأمر : حاذِقٌ به ، استُعير من الحاذق بالنِّبالة. ونَبِّلْني حجارةً أتطهّرُ بها وهي النَّبلُ والنُّبل. وفي الحديث : «أبعدوا المذهب واتّقوا الملاعن وأعِدّوا النّبل». وما انتَبَل نُبْلَه إلّا بآخرة أي ما أخذ عُدّته إلّا بعد فواتِ الوقت.

نبه ـ انتَبه من نومه واستنبه وتنبّه ونَبِه نُبْهاً ؛ قال :

وتَبذُلُ لي سَلْمى إذا نمتُ حاجتي

وتُلْفى خلالَ النُّبْه وهيَ مَنُوع

وأضَلّوه نَبَهاً : لا يدرون متى ضَلّ حتى انتبهوا له. ورجل نبيه ، وقد نَبُه نَباهَةً ، ونبّهتُ باسمه : نوّهتُ به.

ومن المجاز : سمِعتُ كلاماً فما نَبِهتُ له : فما فَطِنتُ له. وما لي به نُبْهٌ ونَبَهٌ. ونَبّهْتُه من غَفْلته ، وتنبّهتُ على الأمر : تفطّنتُ له.

نبو ـ نَبَا السّيفُ عن الضّريبة نَبْوةً ونُبُوّاً ، وسيفٌ نابٍ ، و «لكلّ صارم نَبْوة» ، وما أنبَى سيفَك؟ : ما جعله نابياً.

ومن المجاز : نَبَا عنه بصري ؛ قال :

نَبَتْ عَينُ مَيٍ نَبوَةً ثمّ راجعتْ

وما خيرُ عينٍ إذ نَبَتْ لم تُراجع

وتقول : نَبَتْ عيني فأذْنبت إذ نَبَت. ونبا عنه فهمي. ونبا عني فلانٌ : فارقني ، وبيني وبينَه نَبْوَةٌ. وهو يشكو نَبْوَةَ الزّمان وجَفْوَتَه ، وأصابتهم نَبَوَاتُ الزّمان وجفواتُه. ونبا السّهمُ عن الهَدَف : لم يُصِبه. ونبا عليه صاحبه إذا لم يَنقَدْ له. ونبا عليه سيفُه ؛ قال :

أنا السّيفُ إلّا أنّ للسّيفِ نَبْوَةً

ومثليَ لا تَنبُو عليك مَضاربُهْ

ونَبا به منزلُه وفراشُه ؛ قال :

فأقِم بدارٍ ما أصبتَ كرامةً

وإذا نَبا بك منزلٌ فتَحَوّلِ

وفي مثل : «الصدق يُنبي عنك لا الوعيد». وأنشد سيبويه يصف جملاً :

أو مُعْبَر الظّهر يُنبي عن وليّته

ما حَجّ رَبُّه في الدّنيا ولا اعتمرَا

نتأ ـ وقع على صخرةٍ ناتئَةٍ من الجبَل. ونتأتِ القَرْحة : ورِمَتْ. ونتأ ثَدْيُ الجارية. وفي مثل : «تحقره ويَنتأ» أي يتقدّم بالنُّكر ويَشْخَص به وأنت تحسبه مُغَفَّلاً.

نتج ـ نُتِجَتِ النّاقةُ وهي مَنْتوجَةٌ ، وأنتجتْ فهي مُنتِجَةٌ إذا وضعت ، ونُوقٌ مناتيجُ ، ونَتَجها صاحبها وأنتجها : وَليَها حتى وضَعتْ فهو ناتِجٌ ومُنْتِجٌ ؛ قال الحارث بن حِلِّزَةَ :

إنّك لا تَدري منِ النّاتج

وهذا وقتُ نَتْجِها ونِتاجِها أي وضعِها ، وفرس نَتُوجٌ ومُنتِجٌ ، وكذلك كلّ حافر إذا دنا نتاجُها وعَظُم بطنُها ، وقد نَتَجَتْ وأنتجتْ : حَملتْ ، وتَنَتّجت النّاقةُ : تزحّرتْ في نتاجها ، وتَناتجت الإبلُ وانتتجتْ : توالدتْ ، ولي قَلوصٌ ما أركَبَتْ ولقد ولدَتْ نتائجُها أي لِداتُها ؛ قال :

نَتيجَتُها في العَينِ حِقٌّ وناقَتي

كبازِلِ ذي عامَينِ كوْماء كالقَصْرِ

أي مُوافِقتُها في النِّتاج ومُساوِيتُها. وغَنَمُ فلانٍ نتائجُ أي في سِنّ واحدة.

ومن المجاز : الرّيحُ تُنتجُ السّحابَ ؛ قال الراعي :

أرَبّتْ بها شَهْرَيْ ربيع علَيهِمِ

جَنائبُ يَنتجنَ الغَمامَ المَتالِيا

وفي مثل : «إنّ العَجْزَ والتّوَانيَ تَزاوجا فانتَتَجا الفَقَر» ؛ قال ذو الرّمّة :

قد انتَتجتْ من جانبٍ من جُنُوبِها

عَواناً ومن جَنْبٍ إلى جَنبِها بِكرَا

وهذه المُقدّمة لا تُنتج نتيجةً صادقةً إذا لم تكن لها عاقبةٌ محمودةٌ. ويقال : هذا الولد نَتيجُ ولَدي إذا وُلدا في شهرٍ

٦١٦

أو عامٍ واحد ؛ وأنشد الكسائيُّ :

أخي وطريدي قد رَضيتُ نِجارَهُ

وما بينَنا من حاجِزٍ ووليج

نَتيجي وقِرْني لازِمٌ لخَليقتي

ولن تلزم الأشباه مثل نَتيج

وهذه نتيجةٌ من نتائج كرمِك. وقعد مِنْتَجاً : أي قاضياً حاجتَه ، جُعِل ذلك نِتاجاً له ، ومنه بَيْت الحَمَاسةِ :

هُمُ نتَجوكَ تحتَ اللّيل سَقْباً

خبيث الرّيح من خمرٍ وماء

وفي أوابدهم : ما ثلاثُ دُجَهْ يَحْمِلْن دُجَهْ إلى الغَيْهبان فالمِنْتَجَهْ ؛ وهما البَطنُ والدُّبُر ، ورُويَ : إلى الثقَفان لأنّه مُظلم وهو يَثقفُ الطّعام : ألغز عن ثلاث أنامِلَ يَحْمِلن لُقمَةً بثلاثِ نَحَلاتٍ يَحْمِلنَ نَحْلَةً ، والدُّجَةُ محذوفة عن الدُّجْيَةِ وهي ولد النّحْلةِ وتوحيدُ المُميّز في الشّذوذ كثلاثِ مائةٍ والقِياسُ : ثلاثُ دُجًى ؛ قال جُميْحُ الأسَديُّ :

تَدِبّ حُمَيّا الكأسِ فيهم إذا انتشَوْا

دَبيبَ الدُّجى وَسطَ الضّريب المُعَسَّل

نتح ـ نَتَحَ العَرَقُ من مَناتحِه ورشح من مراشحه. ونِحْيٌ نَتّاحٌ : رَشّاحٌ ؛ قال جرير :

بأغبرَ وهّاجِ السَّمُومِ تَرَى بهِ

دُفوفَ المَهارَى والذَّفارى تَنَتَّحُ

أي تَرشح عَرَقاً.

ومن المجاز : فلان ينتِحَ نَتْح الحَمِيت إذا كان سَمِيناً.

نتخ ـ نَتختُ الشّوكةَ من رجْلي بالمِنْتاخ : بالمِنقاش. ونَتخ البازي اللّحمَ بمِنْسَره. والغراب يَنتَخُ الدَّبْرةَ عن ظهر البعير. ونتخ القَلّاعُ الضّرْسَ : نزعه ؛ وقال زهير يصف غَزْواً :

تَنبِذُ أفلاءها في كُلّ مَنزِلَةٍ

تَنتَخُ أعيُنَها العِقْبانُ والرَّخَمُ

ومن المجاز : نُتِخَ فلانٌ من أصحابه : نُزعَ منهم. ونَتختْه المنيّةُ من بين قومِه.

نتر ـ نَتَرَ الثّوبَ : جذبَه في جَفوَةٍ. ونَتَر الوتَرَ : مدّه حتى كاد يَنْكَسِرُ القَوْس. وفي الحديث : «إذا بال أحدُكم فَلْيَنْتُرْ ذَكره ثلاث نَتَراتٍ».

نتش ـ نَتَشَ الشّوكةَ بالمِنتاش ، ونقَشها بالمِنقاش. وما نتَشْتُ منهُ شيئاً : ما أخذتُ ، وهو ينتِش من كلّ عِلم وينتف منه.

نتف ـ انتَتَفَ شَعَرُه وريشُه ، ونتفتُه أنا ، وأخذتُ نُتافتَه ، ونتفتُ نُتْفةً من النّبات ونُتَفاً. وفلان مَنتُوفٌ : مُولَع بنَتْفِ لِحْيته.

ومن المجاز : أعطاه نُتْفَةً من الطّعام وغيره : شيئاً منه. وأفاده نُتَفاً من العلم. وكان أبو عُبيدة يقول في الأصمعيّ : ذاك رجل نُتَفة. ونَتَف في القوس نَتْفةً : نزع فيها نَزْعةً خفيفةً. وانْزَعْ نَزْعةً بين النَّتْفَةِ والنَّتْرَةِ. وما كانت بينهم نَتْفَةٌ ولا قَرْصَةٌ أي شيء صغير ولا كبير.

نتق ـ نَتَقَ البعيرُ الرّحْلَ : زَعْزَعَه. ونَتَقتُ الزُّبدَ : أخرجتُه بالمَخْض. ونَتَقَ اللهُ الجَبَلَ : رفعه مُزَعْزَعاً فوقهم. ويأتي السائلُ فتقول : انتقوا له ما قدَرْتُم ، من نتق الجِرابَ إذا نفَضَه وأخرج ما فيه.

ومن المجاز : امرأةٌ ناتِقٌ : نفَضَتْ بطنَها أي أكثرتْ أولادَها ؛ قال :

أبَى لهُم أن يعرفوا الضّيمَ أنّهم

بنُو ناتِقٍ كانتْ كثيراً عِيالُها

وزَنْدٌ ناتِقٌ : وارٍ ؛ وقال :

أخَذتُها وهيَ بِطانٌ نُتَّقُ

فأصبحتْ وهيَ خِماصٌ خُفَّقُ

شُبّهتْ بالحوامِل في بِطْنتها وبَدَانتها ؛ وقال :

وفي ناتِقٍ أجلَتْ لدى حَوْمة الوَغى

وولّتْ على الأدبارِ فُرسانُ خَثْعَما

أراد رمضان لأنّه يَنتُق الصُّوّامَ كما يَرْمِضُهم.

نتن ـ نَتُنَ الشيءُ نَتْناً ونَتانَةً وأنتَن ، وشيء نَتْنٌ ومُنتنٌ.

٦١٧

ورِجالٌ وآباطٌ مَناتِين. والخُنْفُساء إذا مُسّتْ نَتّنَتْ. وفي الحديث : «إذا رأى أحدُكم امرأةً فأعجبته فليذكُر مَنَاتِنَها».

نثر ـ نَثَرَ اللّؤلؤ وغيرَه ، وقد انتثر وتناثَر ، ودُرٌّ مَنْثورٌ ومُنَثَّر ونَثير ، كأنّ لفظَه الدُّرّ النّثير ونَثِير الدُّرّ. والتقط نُثَار الخُوان ونُثارَتَه وهو الفُتات المُتناثِرُ حوله. وشهِدتُ نِثارَ فلانٍ ، بالكسر ، وكنّا في نِثار فُلانٍ اليومَ وهو اسمٌ للفعل كالنَّثْر ، وما أصبتُ من نَثَر فلان شيئاً وهو اسمُ المنثور من السُّكّر ونحوه كالنَّشَر بمعنى المَنشور.

ومن المجاز : نَثَرت المرأةُ بطنَها ، وامرأةٌ نَثُور. ونَثَر الحمارُ والشّاةُ نَثِيراً : عَطَستْ وأخرجت من أنفِها الأذى ، واستنثر مثلُه. واستنثر المتوضّئُ وأنْثر ، يقال : إذا اسْتنشقتَ فانثرْ. وفي الحديث : «الجَرادُ نَثْرَةُ حُوتٍ» ، ومنها نَثْرَةُ الأسد : لكوكب كأنّه لَطْخُ سَحابٍ ، كأنّ الأسد نَثَر نَثْرَةً أي مخَطَ مَخْطةً ، ومنها قيل للخَيْشوم والفُرجة بين الشّاربين : النَّثْرة. وطَعنه فأنْثره : ألقاه على نَثْرته ؛ قال :

إنّ علَيها فارساً كَعَشَرَهْ

إذا رَأى فارِسَ قَوْمٍ أنثرَهْ

وضربَه فأنثره : أرعَفَه. وأخذ دِرْعاً فنثرها على نفسه : صبّها ، ومنها : النَّثرة وهي الدّرْعُ السّلِسَةُ المَلْبَس. ورجل نَثِرٌ : مِهْذارٌ ومِذياعٌ للأسرار ؛ قال نَصْرُ بن سَيّار :

لقَد عَلِمَ الأقوامُ منّي تحَلُّمي

إذا النَّثِرُ الثّرْثارُ قال فأهْجَرَا

وفي الوعيد : «لأنْثُرَنّك نَثْرَ الكَرِشِ». ووجأه فنثَر أمعاءه. وقد نَثَرت النّخلةُ فهي ناثِرٌ ومِنْثار : تَنفُض بُسْرَها. ونَثَر كِنانتَه فعَجم عِيدانَها عُوداً عُوداً فوَجدني أصلَبَها مَكْسِراً فرماكم بي. ونَثَر قِراءتَه : أسرعَ فيها. وتفرّق القومُ وتنثّروا وانتثروا. ومَرِضوا فتناثَروا موتاً. ورأيتُه يُناثِره الدُّرّ إذا حاوَره بكلامٍ حسنٍ.

نثل ـ نَثَلَ كِنانتَه : نَثَرها. ونَثلُوا ركيّتَهم : حفروها وأخرجوا نَثيلتها : نبيثتَها. ونثَلوا حفرة فلانٍ : حفروا قبره. ونثَل الحافرُ : راث ؛ قال يهجو فرسه بكثرة رَوثه فعبّر عن رَوْثهِ بعبارتين بِمِثَلٍّ ومِنْثَلٍ :

مِثَلٌّ على آرِيّهِ الرّوْثُ مِنْثَل

الثَّلّ والنَّثلُ واحد. وتقول : جَمَلُك يَثُلّ من ثِيلِه وحِمارُك يَثُلّ من نَثِيله.

ومن المجاز : نثَل عليه دِرعَه مثل نثَرها إذا صبها ، ونَثَلها عنه : نزعَها ، كما يقال : خلع عليه الثّوبَ وخَلَعه عنه ، ومنه : النَّثْلَةُ ؛ قال النّابغةُ :

وكلّ صَمُوتٍ نَثْلَةٍ تُبّعِيّةٍ

ونِسْجِ سُلَيمٍ كلَّ قَضّاء ذائل

وقال كُثَيّرٌ :

يُغادَى بفأرِ المِسْكِ طَوْراً وتارَةً

ترَى الدّرْعَ مُرْفَضّاً عليه نَثيلُها

أي مَنثُولُها.

نثو ـ نَثَوتُ الحديثَ نَثْواً : ذكرتُه ونشرتُه ، وهو حَسَن النَّثا وقبيحُ النَّثا ، وهو ينثو عليّ ما فعلتُ : يُشِيعُه ، وإنّهم ليَتَناثوْن الحديثَ بينهم. وهم يتناثوْن أيّامهم الماضيةَ ؛ قال يزيد بن الطَّثَريّة :

ولمّا تَناثَيْنا سِقاطَ حَديثِنا

غِشاشاً ولانَ الطَّرْف منها فأطْمعا

وناثيتُه كذا مُناثاةً ، وتقول : كم ناجيتُه وناغيتُه وجاثيتُه وناثيتُه.

نجب ـ هو نَجيبٌ من النُّجَباء والأنجاب ؛ قال :

قدِ اغتَدَى بفِتيَةٍ أنجابِ

عُكارِمِيّينَ ذوي أحْسابِ

وقد نَجُبَ نَجابةً ، وله نَجيبةٌ ونَجائبُ ونُجُبٌ. وفحلٌ مُنْجِبٌ ، وامرأةٌ مُنْجِبَةٌ ومِنْجابٌ ، ونساء مناجيبُ ، وأنجَبَ به أبواه ؛ قال الأعشى :

أنجبَ أيّامَ والده بهِ

إذا نَجلاه فنِعمَ ما نجَلا

وانتجبتُه واستنجبتُه. ونجَبتُ الشّجرةَ : أخذتُ نَجَبَها :

٦١٨

قِشْرَها ؛ قال ذو الرّمّة :

كأنّ رِجلَيهِ مِسْماكانِ من عُشَرٍ

صَقْبانِ لم يتفرّقْ عنهما النَّجَبُ

نجح ـ رجَع بنُجْحٍ ونَجاحٍ. وتقول : من لي برَسُولٍ يطيرُ بجَناح ويرجع بنَجاح. ونجحت طِلبتُه : فاز بها ، وطِلبتُك ناجِحَةٌ. وسمعتُهم يقولون لمن طلب إليهم : نُجْحٌ أي تَمّ مطلوبُك وحصَل. واستنجَحَني حاجتَه. وبالله أستَفْتح وإيّاه أستَنْجح ؛ قال القطامي يَصف ناقتَه :

إن تَرْجِعي من أبي عثمانَ مُنْجِحَةً

فقَد يَهُونُ معَ المُسْتَنجَح العَمَلُ

وأنجح اللهُ طِلْبَتَك فنجحَتْ. وأنجحتَ يا فلانُ : صرتَ ذا نُجْح ، ورجل مُنْجِحٌ : ذو نُجح ؛ قال :

ليُبْلِغَ عُذْراً أوْ يُصِيبَ رَغيبةً

ومُبلغُ نَفسٍ عُذْرَها مثلُ مُنجِح

ورأي نجيحٌ وسعي نَجيحٌ.

ومن المجاز : تَناجَحتْ أحلامُه : تتابعتْ عليه رُؤَيّاتُ صِدْقٍ. وسَيرٌ نَجيحٌ : وشِيكٌ. ونَهَضَ في هذا الأمر نَهْضاً نجيحاً : سريعاً. وفي مَثَلٍ : «إذا رُمْتَ الباطِلَ أنْجح بك» أي غلبك وظفر بك.

نجد ـ نَجُدَ الرّجلُ نَجْدَةً ، ورجلٌ نَجُدٌ ونَجِدٌ ونَجيدٌ ومُنَاجِدٌ. وناجَدَه : بارزَه للقتال. وكان جباناً فاستنجَدَ : صار نجيداً شجاعاً. وتقول : معه أجْناد ورجال أنجاد. وهو مَنْجُودٌ : مكروبٌ. وتقول : عنده نُصرةُ المَجهود وعُصْرَةُ المَنْجُود. واستنجدَني فأنجدتُه ؛ قال :

إذا استَنجَدتُهم ودعوْتُ بَكْراً

لنُصرَتنا كسرْتُ بهم هُمُومي

وغارَ وأنجدَ. وسار ذكره في الأغوار والنِّجاد والنُّجود ؛ قال :

هنّ الغِياثُ إذا تهَوّلتِ السُّرَى

وإذا تَوَقّدَ في النِّجادِ الحَزْوَرُ

واحتَبَى بنِجاده. وبيتٌ مُنَجَّدٌ : مزيَّن بنُجوده وهي ستوره التي تُشَدّ على الحيطان. ورجل نَجّادٌ : يعالج الفُرُشَ والوسائدَ. وذِفراه تنضَح النَّجَدَ : العَرَقَ ، وقد نَجِدَ إذا عَرِق. وروّقوا الخمرَ في النّاجودِ وهو إناء تُصَفّى فيه ؛ قال الأخطل :

كأنّما المسكُ نُهبَى بينَ أرحُلنا

ممّا تضَوّعَ من ناجودها الجاري

ومن المجاز : «هو طلّاع أنجُدٍ» : رَكّاب لصعاب الأمور. وهو محتبٍ بنِجادِ الحلم. وفلان طويل النِّجاد. ويقال. «هو ابن نَجدتها» أي الجاهل بها ، خلاف قولهم : «هو ابن بَجدتها» ذهاباً إلى ابن نَجدةَ الحَروريّ.

نجذ ـ أبدَى ناجِذَه إذا بالغ في ضحكه أو غضبه ، وعن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنّه ضحك حتى بدت نواجذُه».

ومن المجاز : أبدت الحربُ ناجِذَيْها ؛ قال بشر :

إذا ما الحرْبُ أبدَتْ ناجذَيها

غداة الرَّوع والتقتِ الجُموعُ

وعضّ على ناجذه إذا بلغ أشُدَّه واستحكم. وعضّ في العلم وغيره بناجذه إذا أتقنه ، ومنه : نجّذتْه التجاربُ : أحكمتْه ؛ قال :

أخو خمسينَ مُجتمِعٌ أشُدّي

ونجّذَني مُداوَرة الشّؤونِ

نجر ـ عُودٌ منجورٌ ، وقد نجَرَه النّجّارُ. والباب يدور على نَجْرانه وهو رجلُه. وهو أثقل من أنجَرٍ وهو المِرْساة. ونحن في شهر ناجِر وهو الشّهر الواقع في صميم الحرّ ، من النَّجْرِ وهو فرط العطش. وقد نجِرتِ الإبلُ ، وإبلٌ نَجْرَى ونَجارَى.

ومن المجاز : هو كريم النَّجْرِ والنِّجارِ وهو الطّبع والمنبِت ، كما يقال : كريم النَّحْتِ والنَّحيتَةِ. ونَجَرْتُه بيدي نَجْراً وهو أن تضمّ كفّك ثمّ تُخرج بُرْجُمَةَ الإصبع الوسطى فتضرب بها رأسه. وتقول : هو أزكاهم نَجْرا وأطيبهم مجرَى. وتقول : غلامٌ أغناه عن الزَّجْر والنَّجْر كرم النّفس وطيب النَّجْر. ونَجَرَ المرأة : جامعها.

نجز ـ أنجز وعده إنجازاً ، ونجزَ الوَعدُ ، وهو ناجز إذا حصل

٦١٩

وتمّ ، ومنه نَجَزَ الكتابُ. ونَجَزَتْ حاجتُه ، وأنت على نَجَزِ حاجتك ونُجْزِها. وبعته ناجِزاً بناجزٍ : يداً بيد. وناجَزَه القتال. وعن أكثم بن صَيْفيّ : إن رُمت المحاجزه فقبل المناجزه. واستنجزت منه كتاباً وتنجّزته ؛ وقال النابغة يرثي أبا قابوس :

وكنتَ رَبيعاً لليَتامَى وعِصمَةً

فملكُ أبي قابوسَ أمسَى وَقد نجَزْ

أي تمّ ، يقال : نَجَزَ يَنْجِزُ وينجُز ونجَز ينجَز.

نجس ـ نَجِس ثوبُه نَجَساً ونَجاسةً ، وتنجّس بالعَذِرة ، وأنجسه ونجّسه. وعن الحسن رضي الله تعالى عنه في رجل تزوّج امرأةً كان قد زنَى بها : هو أنجسَها فهو أحَقُّ بها. وشيء نَجِسٌ ونَجَسٌ صفةٌ بالمصدر. وشيء رِجْسٌ نِجْسٌ إذا قرن برِجْس. وتقول : إذا جاء القدر لم يُغنِ المنجِّم والمنجِّس ولا الفيلسوف والمهندس ؛ وهو الذي يعلِّق على الذي يُخاف عليه الأنجاسَ من عظام الموتى وغيرها ليطرد الجنّ لنفرتها عن الأقذار ؛ قال :

ولَوْ كانَ عندي حازِيانِ وراقبٌ

وعَلّقَ أنجاساً عليّ المُنَجِّسُ

وقال حسّان :

وحازِيَةٍ مَلبُوبةٍ ومُنَجِّسٍ

وطارقةٍ في طَرقِها لم تُشَدِّدِ

لبيبة ، ومنه : داء ناجسٌ ونَجيس : أعيا المنجِّسين ؛ قال أبو ذؤيب :

لشانئه طولُ الضَّراعة منهُمُ

وداءٌ قد اعيا بالأطبّاء ناجسُ

وقال ساعدة بن جؤيّة :

والشّيبُ داءٌ نجيسٌ لا دواء لَهُ

للمرء كان صَحيحاً صائب القُحَمِ

أي هو داء عياء للرجل الصحيح الجَلْدِ الذي إذا تقحّم في الشدائد صاب فيها ولم يخطئ.

ومن المجاز : النّاس أجناس وأكثرهم أنجاس. ونجّستْه الذنوبُ (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ). وتقول : لا ترى أنجس من الكافر ولا أنحس من الفاجر.

نجش ـ نُهي عن النَّجْش ، ورُوي : «لا تَناجَشوا». وهو أن تستام السلعة بأزيد من ثمنها ليراك الآخر فيقع فيها ، وكذلك في النكاح وغيره ؛ وقال النابغة :

وتُرَخّي بالَ مَن يَشربها

ويُفَدّى كَرْمُها عند النَّجَشْ

ومع الصائد ناجِشٌ وهو الحائش الذي يحوش عليه الصيد. وسائق نَجّاشٌ : حاثٌّ للإبل.

نجع ـ خرجوا للانتجاع والنُّجْعَةِ وهي طلب الكلإ وقد انتجعوا ونجَعوا. ومرّت بنا ناجعة ونواجع : قوم منتجعون ؛ قال :

وأعلَمُ أنّني سأصيرُ رَسماً

إذا انتَجَعَ النّواجعُ لا أسيرُ

ونجَعتُ البعيرَ : سقيتُه النَّجُوعَ المديدَ وهو الخَبَطُ يُضرب بالدقيق والماء. ودخل المقداد على عليّ رضوان الله تعالى عليهما وهو يَنجَعُ بَكَراتٍ له. ونجَع فيه طعامُه : هَنأه ، ونجَع فيه الدّواءُ : نفعه. وماء نَجوعٌ : نميرٌ. وطعنةٌ تمجّ النّجيعَ وهو دم الجوف. وتنجّعَ بالدّم : تلطّخ به ؛ قال أسد بن باعصة :

ولرُبّ كبشِ كتيبَةٍ غادَرتُه

يكبو لجبهتهِ صريعاً أطحَلا

متَنَجِّعاً قد دُقّ في حَيزُومِهِ

صدرُ القناةِ على العَزازِ مُجدَّلا

ومن المجاز : انتجعتُ فلاناً : طلبتُ معروفَه. وعن معاوية رضي الله تعالى عنه : أن رجلاً تغدّى معه فتناول من مُخّة معاويةَ شيئاً فقال له : إنّك لبعيد النُّجعة ، فقال : «من أجدب جنابُه انتجع» ؛ وقال ذو الرُّمّة :

رَأيتُ النّاسَ يَنتَجعونَ غيثاً

فقلتُ لصيدَحَ انتجعي بلالا

ونُجِع الصبيّ لبنَ الشّاة وبلبن الشاة : غُذِيَ به وسُقِيَه.

٦٢٠