أساس البلاغة

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٧

لهْفي عَلَيك إذا الرّعاةُ تَحَامَدُوا

بحَزيزِ أرضِهم الدَّرِينَ الأسوَدَا

وجاورتُه فأحْمَدْتُ جِوَارَه. وأَفعالُه حَميدةٌ. وهذا طعام ليست عنده مَحْمِدَةٌ أي لا يَحْمَدُه آكِلُه.

حمر ـ ركب مِحْمَراً أي فرساً هَجِيناً ، وركبوا مَحَامِرَ. وهو أشقى من أشْقَرِ ثَمُودَ وأحْمَرِ ثَمُود. وأتاني منهم كلُّ أسْوَدَ وأحْمَرَ. ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم مبعوث إلى الأسود والأحمر. وليس في الحمراء مثله أي في العجم. ونحن من أهل الأسوَدَيْنِ لا من أهل الأحمَرَينِ أي من أهل التمر والماء لا من أهل اللحم والخمر ؛ وأنشد أبو عُبَيْد للأعشى :

إنّ الأحامِرَةَ الثّلاثَةَ أهْلَكَتْ

مالي وكنتُ بها قَديماً مُولَعَا

اللحمَ والرّاحَ العتيقَ وأطّلي

بالزعفران فلَن أزال مُرَدَّعَا

ومن المجاز : جاء بغنم حُمْرِ الكُلى وسُود البطون أي مَهَازِيلَ. وموت أحمر. واحمَرّ البأسُ : اشتدّ. وسنة حَمْرَاءُ. ومنه خرجوا في حَمَارّةِ القيظ أي في شدّته. ووطأة حَمْراءُ ودَهْمَاءُ أي جديدة واضحة بيضاء ، ودارسة غير بيّنة. ورجل أحْمَرُ : لا سلاح معه ، ورجال حمر.

حمز ـ شَرَابٌ يَحْمِزُ اللّسانَ ، وشرابٌ حامز : لاذِعٌ. ولبنٌ حَامِزٌ : قَارِصٌ ، وفيه حَمْزَةٌ. وتغدّى أعرابي مع قوم فاعتمد على الخردَلِ ، فقيل له : ما يعجبك منه؟ فقال : حرارَتُه وحَمْزَتُه. ورمّانة حَامِزَةٌ : مُزّةٌ.

ومن المجاز : كلّمته بكلمة فَحَمَزَت فؤادَه أي قبَضَته. وحَمَزْتُ نِصَالي : حدّدْتُها. و «أفضل الأعمال أحْمَزُها». أي أَمضُّها.

حمس ـ رجل أحْمَسُ من رجال حُمْسٍ ، وحَمِسٌ : بيّن الحماسة ، وقد حَمِسَ. وهم أهل السماحة والحماسة. وهو رجل من الحُمْسِ. وهم قريش لتحَمُّسِهم في دينهم وهو تصلُّبُهم.

ومن المجاز : حَمِسَ الوَغَى وحَميَ. وعام أحْمَسُ. وأرض أحَامِسُ : جَدْبَةٌ ، صفة بالجمع. ومكان أحْمَسُ : غليظ شديد ؛ قال العجّاج :

كم قد قَطَعْنَا من قِفَافٍ حُمْسِ

ووقعوا في هِنْدِ الأحامِسِ إذا وقعوا في شِدّة وبَلِيّةٍ. ولقي فلان هِنْدَ الأحَامِسِ إذا مات. وبنو هند قوم من العرب فيهم حَمَاسَةٌ. ومعنى إضافتهم إلى الأحامِسِ إضافتُهم إلى شجعانهم ، أو إلى جنس الشجعان وإنّهم منهم ؛ وأنشد الأصمعيّ :

طمعْتَ بنا حتى إذا ما لَقِيتنَا

لقيتَ بنا يا عمرو هِنْدَ الأحَامِسَا

فجعل الأحامِسَ صفة لهم ، ويحتمل أن يكون قد ابْتُليَ رجل بامرأة يقال لها : هِنْدُ الأحَامِسِ لحماسة قومها ، ولَقي منها شرّاً ، فسار ذلك مثلاً في لقاء الشدائد ، أو كان رجل يقال له هند الأحامِس ، لشجاعته وشجاعة قومه يَبْلُو الناسَ بالشر ، فقيل فيه ذلك وسُيّر مثلاً.

حمش ـ امرأةٌ حَمْشَةُ السّاقَينِ ، وقد حَمُشَتْ ساقُها حُمُوشَةً : دَقّتْ ، وحَمِشَتْ حَمَشاً ؛ قال :

شَوْهاءُ خلقتُها في وجهها نَمَشٌ

في عينِها عَمَشٌ في ساقِها حَمَشُ

وأوتارٌ حَمِشَةٌ وحَمْشَةٌ. وأحمَشْتَ القدرَ : أحميتَها بِدقَاقِ الحطب حتى غَلَتْ غلياناً شديداً ، هذا أصله ، ثمّ كثر حتى استُعمل في إشباع الوقود ؛ قال الفرزدق :

وقِدرٍ كحَيْزُومِ النّعامَةِ أُحْمِشَتْ

بأجْذَالِ مَرْخٍ زالَ عَنها هَشيمُها

وسمع به مَيْسَرَةُ ، فقال : وما حَيْزُومُ النّعامة! واللهِ ما يُشْبِع الفرزدقَ ، ولكني أقول :

وقِدرٍ كجوْفِ اللّيلِ أحْمَشْتُ غليَها

تَرَى الفيلَ فيها طافِياً لم يُفَصَّلِ

ومن المجاز : أحْمَشْتُه : أغْضَبْتُه. واستَحْمَشَ عليه : اتّقَدَ غضَباً. واحتَمَشَ الديكان : اقتتلا.

١٤١

حمص ـ انْحَمَصَ الجُرْحُ : سكن ورمُه وقَلّ ، وحَمَصَه الدواءُ.

حمض ـ حَمُضَ الشيءُ وحَمَضَ. وحَمَضَتِ الإبلُ وأحْمَضَتْ : رعت الحَمْضَ وهو نبت فيه ملوحة تتفكّه به وتشرب عليه. ويقولون : الخُلّةُ خبزُ الإبل ، والحَمْضُ فاكهتُها. وكأنّه حُمّاضُ الأُتْرُجّ وهو ما في جوفه ، الواحدة حُمّاضَةٌ. وأنا أستلذ حُمّاضَةَ الأُتْرُجّةِ.

ومن المجاز : أحمَضَ القومُ : أفاضوا فيما يُؤنِسُهم من الحديث. وكان ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما يقول لأصحابه : أَحْمِضُوا ، فيأخذون في الأشعار وأيّام العرب. ويقال للمتهدّد : أنت مُختَلٌ فتحمّضْ.

حمط ـ الطائف بلد النَّبِقِ والحَمَاطِ وهو تِينٌ صِغارٌ مستديرة ، ورأيتُ شجره هناك دَوْحاً عِظَاماً. وكأيّن من حَمَاطَةٍ قد استَظْلَلْتُ بها ، وقِلْتُ تحتَها ، وأكلتُ من ثمارها.

ومن المجاز : أصَبتُ حَمَاطَةَ قلبه أي حَبّتَه ، ووجدتُ الحَمَاقَةَ جاثمة في حَمَاطَةِ قلبه ؛ قال :

ليتَ الغرابَ رمَى حَمَاطَةَ قَلبِه

عمرٌو بأسهمِه التي لم تَلْغَبِ

حمق ـ حَمُقَ الرجلُ وحَمِقَ ، وفيه حُمْقٌ. وتحَمّقْ في بلد الحَمْقَى. وكان هَبَنَّقَةُ يُحَمَّقُ. واستحمقتُ فلاناً ، وأنا أستَحمِقُه. وأحْمَقَتِ المرأةُ ، وهي مُحْمِقٌ ومُحْمِقة ومِحْمَاقٌ. وفلان حُمَّيْقَةٌ مثل زُمَّيْلَةٍ. وحُمِقَ الرجلُ ، وهو محموقٌ : أصابه الحُمَاقُ وهو الجُدَريّ والحُمَيْقَاء.

ومن المجاز : البقلة الحَمْقَاء سيّدة البقل وهي الرِّجْلَةُ ، استَحْمَقَتْ لأنّها تنبُتُ في المَسَايِلِ. وانحَمَقَتِ السُّوقُ. وحمُقت تجارتُه : بارت ، كما يقال : ماتَتْ ونامَتْ. وانحَمَق الثوبُ : بَلي. وغرّني غرور المُحْمِقاتِ وهي الليالي البيض ذوات الغيم ، تظن فيها أنّك قد أصبَحتَ وعليك ليل. وقال أكثم بن صَيْفيّ لبنيه : لا تجالسوا السفهاء على الحُمْقِ أي على الخمر. وحَمّقَ : شَربَها ، قيل لها ذلك لأنّها سبب الحُمْقِ ، كما سُمّيَت إثماً لأنّها سببه.

حمل ـ امرأة وشجرة ذات حَمْلٍ. وعلى ظهره حِمْلٌ. وامرأة حامل. وحملت الشيء ، وحَمّلَنِيه غيري فاحتملتُه وتحمّلتُه ، وهذه جمالٌ محمَّلة. وحَامَلَه الشيءَ. تقول : حَامِلْني هذا العِكْمَ ، وقد تحاملاه. وأحْمِلْني يا فلان : أعِنّي على الحَمْلِ. وحَمَلَ على قِرْنِه حَمْلَةً صادقة. ومَرّت الحَمُولَةُ وهي الإبل التي يُحْمَل عليها (وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً). ومرّت وعليها حُمُولٌ وحُمُولَةٌ أي أحمالٌ ، والتاء كالتي في الحُزُونة والسّهُولة. ومرّت الحُمُولُ أي الهوادج ، كانت فيها نساء أو لم تكن. واحْتَمَلَ الحَيُّ وتحَمّلُوا : ارتحلوا. وحَمَلَ حَمَالَةً ، وتحمّلَها وهي الدية ، وعليهم حَمَالاتٌ يؤدونها ، بالفتح. وتقلّدَ مِحْمَلَ السّيف وحِمَالَتَه ، بالكسر ، وعليهم المَحَامِلُ والحِمالات. وركب في المَحْمِلِ ، وهم في المحامل. وفي حُداء المُكَارِينَ :

يا رَبِّ سَلِّمني وَسَلِّمْ جمَلي

وسَلِّمِ الشّيخَ الذي في مَحْمِلي

وتقول : هذا مَحْمِل ما عليه مَحْمِل. وحَمَلَ به حَمَالَةً نحو كَفَلَ به كفالة ، وهو حَمِيلٌ ، وهم حُمَلاءُ. والشيخ يَتَحَامَلُ في مشيه. وتحامَلْتُ الشيءَ : احتملته على مشقّة. وتَحَامَلَ عليّ فلان : لم يَعْدِلْ. وهو حَمِيلُ السيل : لغُثَائِه. وفلان حَمِيلٌ : دَعيّ. وأجازه بخِلعَةٍ وحُمْلان وهو الفرس يُحْمَل عليه. وأعطِ الحَمّالَ حُمَالَتَه أي جُعْلَه ، وقلَب حِمْلاقيه وحَمَاليقَه وهو باطن الجفنين ، وقيل ما يغطّي الجفن من بياض المُقْلَة ؛ قال :

قَالِبُ حِمْلاقَيهِ قَد كادَ يُجَنّ

وحَمْلَقَ إليّ إذا فتح عينيه بنظر شديد. تقول : كلّمتُه فَحَمْلَقَ وحَوْلَق وأظهرَ الأَوْلَق.

ومن المجاز : حَمَلْتُ إدلالَه عليّ واحتملتُه ؛ قال :

أدَلّتْ فلَم أحمِلْ وقالتْ فلم أُجبْ

لعمرُ أبِيها إنّني لَظَلُومُ

واحتملْ ما كان منه ولا تعاتبه. وفلان حليم حَمُولٌ. وأنا أحمِلُه على أمر فلا يتحمّل عليه. وهذه الآية تحتمل وجهين. والقرآن حَمّال ذو وجوه. واستحمَلَه الرسالةَ ، وحمّلَه

١٤٢

إيّاها ، وتحَمّلَها مُغَلْغَلَةً. وحَمَلْتُ فلاناً على صاحبه إذا أَرَّشْتَهُ عليه. وحَمَلَ على نفسه في السير وفي غيره. وحَمَلْتَ الحقدَ عليه إذا أضمَرتَه ؛ قال :

ولا أحمِلُ الحِقدَ القديمَ عَلَيهِمُ

وليسَ رئيسُ القوم من يحملُ الحقدَا

وفلان حَمْلٌ على أهله إذا كان ثقيل المرض ؛ قال :

ألا هل أتَى أُمَّ الصَّبِيَّيْنِ أنّني

على نأيِها حَمْلٌ على الحيّ مُقعَدُ

وما عليه مَحْمِلٌ أي معتمَد ومعوَّل ؛ قال كثير :

يَزُرْنَ أمِيرَ المُؤمنينَ وعندَهُ

لذي المَدْحِ شكْرٌ والصّنيعَة محْمِلُ

واستحملتُ فلاناً نفسي ، أي حَمّلْتُه حوائجي. وتحمّلْتُ بفلان على فلان في الشفاعة. وقلت له كلمة فاحتمل منها أي استفزّ وغضب. وفلان محتَمِلٌ وليس بمحتَمِل. ويقولون للرجل عند كلمة تسوءه : محتمِلاً لها لا محتَمِلاً منها أي احتملْها ولا تَستخفنّك. واحتَمَلَ لونُه : تغيّر.

حمم ـ أسودُ أحَمُ ويَحْمُومٌ. وهو أحَمُ المقلتين. وحُمّمَ وجه الزّاني : سُخّمَ. وفي الحديث : «الزّاني يُحَمَّمُ ويُجَبَّه ويُجْلَد». وحَمّمَ الفرخُ : طلع زَغَبُه. وحَمّمَ وجهُ فلان إذا خرَج وجهه والتَحَى ؛ قال كُثَيِّر :

وهَمَّ بَنَاتي أن يَبِنّ وحَمّمَتْ

وجوهُ رِجالٍ من بَنيّ الأصاغِرِ

وحَمّمَ رأسُ المَحْلُوق : نَبَتَ شعرُه بعد الحلق ، وهو من الحُمَمِ وهو الفَحْمُ. وطَلّقَ امرأتَه وحَمّمَها أي متّعَها. وتوضّأ بالحَميم وهو الماء الحارّ. واسَحَمّ الرجلُ اغتسل. واستَحَمّ : دخل الحَمّام. وبَضَ حَميمُه أي عَرَقُه. ويقال للمستَحِمّ : طابت حِمّتُك وحَمِيمُك ، وإنّما يطيب العرق على المُعَافَى ، ويَخْبُثُ على المبتَلى ، فمعناه أصَحّ الله جسمَك ، وهو من باب الكناية. وسَخّنَ الماء بالمِحَمّ وهو القُمْقُم أو المِرْجَل. «ومثَل العالِم كمثَل الحَمّةِ». وهي العين الحارّة. وذابوا ذوبَ الحَمّ وهو ما اصطَهَرْتَ إهَالَتَه من الأَلْيَةِ. وحُمَ الرّجلُ حُمّى شديدة ، وهو مَحْمُومٌ. وخيبر أرض مَحَمّةٌ. وهو حَميمي ، وهي حَميمَتي أي وَديدي ووَديدَتي ، وهم أحِمّائي. وتقول المرأة : هم أحْمَائي وليسوا بأحِمّائي. وعرف ذلك العامّةُ والحَامّةُ أي الخاصّة. وهو مولاي الأحَمُ أي الأخَصُّ والأحَبُّ ؛ قال :

وكَفَيْتُ مَوْلايَ الأحَمَ جَرِيرَتي

وحبَستُ سائمتي على ذي الخَلّةِ

وحُمّ الأمرُ : قُضِيَ. وحُمَ حِمَامُه. ونزل به القدَر المَحْمُوم والقضاء المَحْتُوم. وتركتُ أرض بني فلان وكأنّ عِضَاهَها سُوقُ الحَمَامِ ، يريد حمرة أغصانها.

ومن المجاز : أخذ المصدِّقُ حَمَائِمَ أموالهم أي كرائمها ، الواحدة حَميمَة.

حمي ـ حماه حِمَايَة ، وحَامَى عليه ، وهو يَحْمي أنْفَه وعِرْضَه مَحْمِيَة ومَحْمِيّة ؛ قال الفرزدق :

شاهدْ إذا ما كنتَ ذا مَحْمِيّةِ

برَجلٍ مثلِ أبي مَكّيّةِ

وقال أيضاً :

بنو السِّيدِ الأشائِمُ للأعادي

نموني للعُلى وبَنو ضِرَارِ

ونَاجِيَةُ الذي كانتْ تَميمٌ

تُقَدّمُهُ لمَحْمِيَةِ الذِّمَارِ

وفعل ذلك مَحْمِيّةً لعرضِه. وهو حَمِيُ الأنف ، وله أنفٌ حَمِيٌ. وحَمَيْتُ المكانَ : منعتُه أن يُقرَبَ فإذا امتنع وعزّ قلت أحْمَيْتُه أي صيّرْتُه حِمًى ، فلا يكون الإحْمَاءُ إلّا بعد الحِمابة ، ولفلان حِمًى لا يُقْرب. واحتَمَى الرجلُ من كذا : اتّقاه ؛ قال :

يَذُبُّ عن حَريمه بِنَبْلِهِ

ورمحِه وسيفِه ويَحْتَمي

وقال حسّان :

حَمَتْ كلَّ وادٍ من تهامةَ واحتَمَتْ

بِصُمّ القَنَا والمرْهَفَاتِ البَوَاتِرِ

١٤٣

يقال : احتميتُ منه وتحامَيتُه ، وهو يُتَحامَى كما يُتَحَامَى الأجرَبُ ، وحميتُ المريضَ الطعامَ حِمْيَةً ؛ قال :

تَقولُ ابنَتي لمّا رَأتنيَ شاحِباً

كأنّك يَحْمِيكَ الشرابَ طبيبُ

واحْتَمَى المريضُ فهو حَميٌ ومُحْتَمٍ. وحَمَيْتُ القِدْرَ. وحَميَ النّهارُ حِمًى شديداً وحَمْياً. وحَميَ بدنُ المحموم ، وبه حَمْيٌ. وكأنّه حَمْيُ مِرْجَلٍ. وأتاني في حَمْيِ الظهيرة. وأحميتُ المِيسَمَ. وفيه حَمِيّة وأنَفة ، وقد حَميَ من الأمر ، وفي بني فلان حَمَايَا. وقرعَتْه حُمَيّا الكأس أي سَوْرَتُه. وفلان يرى في النُّصح حُمَةَ العقرب وهي فَوْعَةُ السّمّ وسَوْرَتُه.

ومن المجاز : حَمَيْتُه أن يفعل كذا إذا منعتَه ، وحَميَ عليه إذا غضب ، ولا تكلّمه في حُمَيّا غضبه ، وإنّه لشديد الحُمَيّا إذا كان عزيز النفس أبِيّاً ؛ قال الفرزدق :

شَديد الحُمَيّا لا يُخَاتِلُ قِرْنَهُ

ولكنّه بالصَّحْصَحانِ يُنازِلُهْ

حنأ ـ حَنّأ رأسَه : خَضَبَه بالحِنّاء.

حنث ـ حَنِثَ في يمينِه حِنْثاً : وقع في الحِنثِ.

ومن المجاز : بلغ الغلامُ الحِنْثَ (وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ) وهو الذنب ، استعير من حِنثِ الحانث الذي هو نقيض بِرّه. وهو يتحنّث من القبيح : يتحرّج ويتأثّم. «وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يَتَحَنّثُ بحِرَاء». أي يتعبّد ويتأثّم. وقالوا : تحنّثْ بصلتك وبِرّك ، ويجوز أن تعاقب الثاءَ الفاءُ من التحنُّف.

حنذ ـ حَنَذَ اللّحمَ إذا شواه على الحجارة المُحْمَاةِ ، وشِوَاءٌ حَنِيذٌ.

ومن المجاز : حَنَذَتْنا الشمسُ كما يقال : شوَتْنا وطبختنا ، واستَحنَذتُ في الشمس : استعرقتُ بأن أُلْقيَ فيها عليّ الثيابَ حتى أعْرَق. وحَنَذْتُ الفرسَ حِناذاً إذا جَلّلْتَه بعد أن تستحضره ليَعْرَق ، والفرس في حِنَاذِه ، وفرسٌ محنوذٌ وحنيذٌ ؛ قال :

قوّدْنَ باللّيْلِ ولم يُعَنَّينْ

وقد تحَفّفْنَ وقد تَطَوَّينْ

وبالحِنَاذِ بَعدَ ذاكَ يُعْلَيْن

سُمّي ما يُحنَذُ به من الجِلال المُظاهِرَةِ حِنَاذاً. ويقال : إذا سَقَيتَه فاحْنِذْ له أي اسقِه صِرْفاً قليل المزاج ، يَحْنِذْ جوفَه.

حنش ـ أرض كثيرة الأحناش وهي الهوامُّ ، وقيل : كلُّ ما يصاد من طائر أو هامّة فهو حَنَشٌ. وحَنَشَه الصائدُ : صاده. وأكلَه الحَنَشُ أي الحَيّة ، وما رأيتهم يستعملون غيره ، ويجمَعونه الحِنْشَانَ. وحَنَشَتْه الحيّة : ضربته.

حنط ـ رجل حانِطٌ : كثير الحِنْطَة. وقدم علينا حانِطٌ. وهو حَنّاطٌ ، وحرفته الحِنَاطَةُ. وحَنّطَ الميْتَ بالحَنُوطِ ، وتحنّط فلان وتَكفّن ، وتحنّطَ زماناً ثمّ تحَنّط : من الحِنْطَة والحَنُوطِ.

حنف ـ رجل أحْنَفُ : يمشي على ظهر قدميه ، وبه حَنَفٌ ، وقد حَنِفَتْ رِجْلُه ، وهي حَنْفاءُ. وقال الكسائي : الحَنَفُ من كلّ حيوان في اليدين ، ومن الإنسان في الرجلين ، وأنت ابن أمة حنفاء اليدين ، وقد جعله في يديه من قال :

وأنت لحَنْفاء اليَدَينِ لوَ انّها

تُنَفَّقُ ما جاءتْ بزَندٍ ولا سَهمِ

وقد تحنّف إلى الشيء إذا مال إليه ، ومنه قيل لمن مال عن كلّ دين أعوج : هو حَنيفٌ ، وله دين حَنيفٌ ، وتحنّف فلان إذا أسلم ؛ قال جِرَانُ العَوْدِ :

وأدْرَكْنَ أعجازاً من اللّيل بعدَما

أقام الصّلاةَ العابِدُ المُتَحَنِّفُ

ولفلان حسبٌ حَنيفٌ أي إسلاميّ حديثٌ لا قديم له ؛ قال البعيث :

وماذا غَيرَ أنّكَ ذو سِبَالٍ

تمسِّحُها وذو حَسَبٍ حَنِيفِ

حنق ـ حَنِقَ على أخيه حَنَقاً ، وأحنقتُه عليه فهو حَنِقٌ وحَنيقٌ ومُحْنقٌ ، وما لك مَغِيظاً مُحْنَقاً. وأحْنَقَ الفرسُ

١٤٤

وغيره إذا التصق بطنه بصُلبه ضُمْراً ؛ قال لبيد :

بطَليحِ أسفارٍ ترَكْنَ بَقِيّةً

منها فأحْنَقَ صُلبُها وسنامُها

وقال أبو النجم :

قد قالَتِ الأنْساعُ للبَطْنِ الحَقي

قِدْماً فآضَتْ كالفَنيقِ المُحْنِقِ

وخيل مَحَانِقُ ومحانيقُ. وعن ابن الأعرابيّ : قَنْبَعَ الزّرعُ ، ثمّ أحْنَقَ ، ثمّ مدّ الحبُّ أعناقَه ، ثمّ حَمَلَ الدقيقَ ، أي صار السنبل كهيئة الدحاريج في رأسه مجتمعاً ، ثمّ بدت أطرافُ سَفاه ، ثمّ بدت أنابيبُه العُلى ، ثمّ أخذ يَنمي ويصير كرؤوس الطير.

حنك ـ قرع الفأسُ حَنَكَ الفرس ، وهو سقف أعلى الفم. وحَنَكْتُ الصّبيَّ وحنّكتُه ، وهو محنَّك ومحنوك إذا دلكت تمرة ممضوغة على حنكه. وحنّكْتَ الدابة : غرزتَ عوداً في حنكه ، واسم العود الحِناكُ ، وحَنَك الدابة يحنِكُها ويحنُكُها : جعل الرسن في فيها. واحتنكَ الطعامَ : أكله كلّه. واستَحنَكَ الرجل : اشتدّ أكله بعد قلّته. وهذه الشاة أحْنَكُ الشاتين أي آكلهما ، وشاة حَنيكَةٌ.

ومن المجاز : حَنَكَتْه السنُ ، وحنّكته الأمور : فعلت ما يُفعل بالفرس إذا حُنّكَ حتى عاد مجرَّباً مذلَّلاً ، فاحتَنَكَ. ورجل محتَنَك ومحنَّك وحَنيكٌ ؛ قال :

حَنيكٌ مَليٌّ بالأُمُورِ إذا عَرَتْ

طوَى مائَةً عاماً وقد كادَ أوْ رَمَى

وأنشد الجاحظ لامرأة :

وهَبتهُ من سَلْفَعٍ أَفُوكِ

ومِن هِبَلٍّ قد عَسَا حَنِيكِ

أشهَبَ ذي رَأسٍ كرَأسِ الدّيكِ

أي مختضب بالحمرة. وفلان ذو حُنْكَةٍ. واحتنك الجرادُ ما على الأرض : أتى عليه. واحتنك مالي : أخذه كلّه (لَأَحْتَنِكَنَ ذُرِّيَّتَهُ). وما ترك الأحْنَاكُ في أرضنا شيئاً وهم المنتجعة ؛ قال أبو نُخَيْلَةَ :

إنّا وكُنّا حَنَكاً نَجْدِيّا

لما انتَجَعْنَا الوَرَقَ المَرْعِيّا

ولم نَجِدْ رُطْباً ولا لَوِيّا

أصبَحَ وجهُ الأرض إرْمِينِيّا

مدح مروانَ وكان بإرْمينيَةَ. واحتنَك على النّاقة الجربُ : غلب عليها. وهو مرٌّ على حنك العدوّ.

حنن ـ حنّ إلى وطنه ، وحَنّ عليه حَنَاناً : ترحّم عليه ، وحَنَانَيْكَ. وما له حَانّةٌ ولا آنّة أي ناقة ولا شاة. وهذه حَنّتي أي امرأتي ؛ قال حبيبٌ الأعلم :

يُدَمّي وَجهَ حَنّتِهِ إذا ما

تقولُ له تمَحّلْ للعيالِ

ورجل مجنونٌ مَحْنُونٌ : من الحِنّ وهم حيّ من الجن.

ومن المجاز : قوس حَنّانَةٌ ؛ قال :

وفي مَنكِبي حَنّانَةٌ عودُ نَبعَةٍ

تَخَيّرَها سوقَ المدينة بائِعُ

وعودٌ حَنّانٌ. وخِمْسٌ حَنّانٌ : تحنّ فيه الإبل من الجهد ؛ قال :

واستَقْبَلُوا لَيلَةَ خِمْسٍ حَنّانْ

يَميلُ سارِيها كمَيلِ السّكْرَانْ

وطريقٌ حَنّانٌ ونَهّامٌ : للإبل فيه حَنِينٌ ونَهِيمٌ ؛ قال الشمّاخ :

في ظَهرِ حَنّانَةِ النِّيرَينِ مِغْوَالِ

واستَحَنّهُ الشوقُ : استطربَه. وجرحه جُرْحاً لا يَحِنّ على عظم ؛ قال :

ولا بُدّ مِن قَتلي فعَلّكَ منهُمُ

وإلّا فجُرْحٌ لا يحنّ على عَظْمِ

حني ـ حنى العودَ يحنيه. وانحنى ظهرُه وتحنّى. ونزلوا في مَحْنِيَة الوادي ، وحِنْوِ الوادي ، ومنحناه ومنعطَفه ، وفي محانيه وأحْنائِه. وأصلحْ أحْنَاءَ سرجك. وخرجوا بالحَنَايَا يتبعون الرّمايا ؛ وهي القسيّ ، الواحدة حَنِيّة. وفي أيديهم الحَنيّ المعطَّف واللَّدن المثقَّف.

١٤٥

ومن المجاز : هو يحنو عليّ حنوّ الأب البرّ ، ويتحنّى عليّ ، وحَنَتِ المرأة على ولَدِها حنوّاً إذا لم تتزوّج بعد أبيه ، وهذه أُمٌ حَانِيَةٌ. وطوى عليه أحْنَاءَ صَدره. وهو أعرف بأثناء الأمور وأحنائِها. وهو يتقلّب بين أحناء الحقّ ويتحَرّى أنحاء الصدق ؛ قال الكميت :

وآلُوا الأُمُورَ وأحناءها

فلم يُبْهِلُوها ولم يهملوا

من الإيَالَة. وضربت حَنْوَ عينه أي حِجَاجَها.

حوب ـ فيه حَوْبٌ كبير ، واللهمّ اغفرْ لي حَوْبَتي. وهو يَتَحَوّب من القبيح : يتحرّج منه. وحرس الله حَوبَاك. وفعلت كذا لحَوْبَةِ فلان أي لحرمته وحقّه وما يأثم الرجلُ إن لم يُرَاعِه ؛ قال الفرزدق :

فهَبْ لي خُنَيْساً واتّخِذْ فيه مِنّةً

لحَوْبَة أمٍّ ما يَسُوغُ شرابُهَا

حوت ـ آكَلُ من حُوتٍ ، وهو حُوتيّ الالتقام ، وتقول : التقمه الحُوت وأكله الحَيّوت ؛ وهو ذكر الحَيّات.

ومن المجاز : حَاوَتَني فلان عن كذا إذا خادعك عنه وراوغك. وظلّ فلان يحَاوِتُني بخدعه ، ومعناه يُدَاوِرُني فعلَ الحوت في الماء ؛ قال :

ظَلّتْ تُحاوِتُني رَبْداءُ داهيَةٌ

يوْمَ الثَّوِيّةٍ عن أهلي وعن مالي

حوج ـ ليس لي عنده حَوْجاءُ ولا لَوْجاء. وهذه حاجتي أي ما أحتاج إليه وأطلبه ، وخذ حاجتك من الطعام. وفي نفسي حاجات ، وإن كانت لك في نفسك حاجة فاقضها ، وانْجُ إلى مَنْجَاك من الأرض. وأُحْوِجْتُ إلى كذا ، وأَحْوَجَني إليكم زمان السوء ، ولا أَحوجني الله إلى فلان. وخرج فلان يَتَحَوّج : يتطلّب ما يحتاج إليه من معيشته.

حوذ ـ حاذ الإبلَ إلى الماء يَحُوذُها : ساقها ، وحَادٍ أحوَذيٌ. وبعير ضخم الحَاذَيْنِ وهما موقعا الذنب من الفخذين. وزَلّ عن حَالِ الفرس وحاذِه وهو موضع اللبد. واستحوذ عليه : غلبه.

ومن المجاز : رجل خفيف الحَاذِ ، كما يقال : خفيف الظهر ، استعير من حاذ الفرس. وكذلك خفيف الحال مستعار من حاله ؛ قال :

خَفيف الحاذِ نَسّالُ الفَيافي

وعبدٌ للصّحابَةِ غيرُ عَبدِ

ورجل أحْوَذِيٌ : يَسوق الأمور أحسن مَسَاق لعلمه بها.

حور ـ في عينها حَوَرٌ ، واحوَرّتْ عينها ؛ وقال ذو الرُّمّة :

إذا شَفّ عن أجيادِها كُلّ مُلْجم

من القَزّ واحْوَرّتْ إليكَ المَحَاجِرُ

أي ابيضّت ، وجفنة مُحْوَرّة مُبْيَضّة بالسّدِيفِ ؛ قال :

يا وَرْد إنّي سأموتُ مَرّه

فمن حَليفُ الجفنَةِ المحوَرّه

ودقيقٌ وخبزٌ حُوّارَى ؛ قال النمر :

لها ما تَشتَهي عَسَلٌ مُصَفًّى

وإن شاءتْ فَحُوّارَى بسَمْنِ

وامرأة حَوَارِيّة ، ونساء حواريات : بيض ؛ قال الأخطل :

حواريّة لا يدخل الذّمُّ بيتَها

مُطَهَّرَة يأوي إليها مُطَهَّرُ

وقال آخر :

فقُل للحواريّاتِ يَبْكِينَ غَيرَنا

ولا يَبكِنا إلّا الكلابُ النّوَابحُ

و «أعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ». والباطل في حُورٍ ، وهما النقصان ، كالهَوْنِ والهُونِ ، والضَّعف والضُّعف. وحاورتُه : راجعته الكلام ، وهو حسن الحِوَارِ ، وكلّمتُه فما ردّ عليّ مَحُورَةً ، وما أحارَ جَوَاباً أي ما رجع ؛ قال الأخطل :

هَلّا رَبَعْتَ فتَسألَ الأطْلالا

ولقَد سألتُ فَما أحَرْنَ سُؤالا

وأحار البعير بجِرّتِه ؛ قال :

وهنّ بروك لا يُحِرْنَ بجِرّةٍ

لهنّ بمبيَضّ اللُّغَامِ صَرِيفُ

وحوّر القرصَ : دوّرَه بالمِحْوَرِ. ونزلنا في حارة بني فلان وهي مستدار من فضاء ، وبالطائف حَارَاتٌ : منها حارة بني عوف ، وحارة الصَّقْلة ؛ وهو :

١٤٦

مَسيخٌ مَليخٌ كلَحْمِ الحُوَارِ

فلا أنتَ حلوٌ ولا أنتَ مُرّ

ومن المجاز : قَلِقَتْ مَحَاوِرُهُ إذا اضطرَبت أحواله ، استعير من حال مِحْوَرِ البَكَرة إذا امْلاسّ واتّسع الخرق فقلق واضطرب ؛ قال :

يا هَيْءَ ما لي قَلِقَتْ مَحَاوِرِي

وصارَ أمثالَ الفَغَا ضَرَائري

مقدِّمَات أيدِيَ المَوَاخِرِ

فصرْتُ فيما بَينَها كالسّاحِرِ

وما يعيش فلان بأحْوَرَ أي بعقل صاف ، كالطَّرْفِ الأحور الناصع البياض والسواد ؛ قال ابن هَرْمَة :

جَلَبْنَ علَيكَ الشّوْقَ من كلّ مجْلبٍ

بعيدٍ ولم يَتركنَ للمَرْء أحْوَرَا

وقال عُرْوَةُ بنُ الوَرْدِ :

وما أنْسَ من شيء فلا أنْسَ قولَها

لجارَتِها ما إن يَعيشُ بأحْوَرَا

حوز ـ حاز المالَ ، واحتازه لنفسه ، وعليك بحيازة المال. وحاز الإبلَ : ساقَها إلى الماء ، وحَوّزَها. وهذه ليلة الحَوْزِ. وانحاز عن القوم : اعتزلهم. وانحاز إليهم وتحيّز : انضمّ (أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ). وتحوّزَتِ الحَيّةُ. وتحوّزَ الرجلُ للقيام. ودخل عليه فما تَحَوّزَ له عن فراشه.

ومن المجاز : فلان يحمي حَوْزَةَ الإسلام. وأنا في حَيّز فلان وكنفه. ويقال لمن نكح المرأة : قد حازها. ورجل أحوَزيٌ : يسوق ما وُكِلَ إليه أحسن مساق.

حوس ـ حَاسُوا البلدَ : عاثوا فيه وانتشروا للغارة.

ومن المجاز : حَاسَتْهم السنةُ ، وأصابتهم سنة تَحُوسُهم وتَدُوسُهُم ، وحَاسَني خطب كريه ، وخَطَبَتْهم الخطوب الحُوَّسُ. وحَاسَتِ المرأةُ ذيلَها : وطئته وسحبته ، وهم يَحُوسون ثيابهم : يفسدونها بالابتذال. وحَاسَ الجزَّارُ الإهابَ : دفعه بيده أوّلاً فأوّلاً حتى ينكشط ؛ وأنشد الجاحظ :

ولا يُلْبِثُ الدَّحْسُ الإهابَ تَحُوسه

بجُمْعِك أو تَنهاهُ كُعْبُرَةُ الرّأسِ

والبيت غاية في الإحكام والتّمام. وحاسَ الرجلُ الطعامَ إذا لم يترك. ورجل أحْوَسُ : أكُول.

حوش ـ حُشْتُ الصّيدَ على الصائد. وهو يَحُوشُ الطعامَ : يأكله من جوانبه حتى ينهَكَه. وحاوَشْتُه على الأمر : داورتُه وحرّضْتُه عليه. تقول : ظللتُ أُحاوِشُه وأُحَاوِتُه حتى فعل. واحتوشوه : أحاطوا به. ولا يَنْحاشُ من شيء : لا يكترث له.

ومن المجاز : ليل حُوشِيٌ : مظلم هائل. ورجلٌ حوشيٌ : وحشيّ لا يكاد يخالط الناس. وكلام حُوشيّ : وحشيّ ، وكان زُهير لا يتتبّع حُوشيّ الكلام. ورجل حُوشِيّ الفؤاد ، وحُوشُ الفؤاد : ذكيٌّ كيّسٌ ، وأصله من الإبل الحُوشِيّةِ وهي التي يزعمون أن فحول نَعَم الجنّ قد ضربت فيها ، ويسمّونها الحُوش ؛ قال رؤبة :

جَرّتْ رحانا من بلادِ الحُوشِ

حوص ـ حَاص عينَ الصقر. وحاص الثوبَ حِيَاصَة. وحُصْ عينَ صقرك. وحَوِصَتْ عينُه : ضاق مُؤخِرُها ، كأنّما حِيصَ جانبٌ منها ، وعين حَوْصَاءُ ، ورجل أحْوَصُ أخوص : ضيّق العين غائرها كعين التركي المجهود.

ومن المجاز : بئر حَوْصاءُ : ضيّقة. ويقال : لأطعننّ في حَوْصِهم أي لأفسدنّ ما أصلحوا. وما طعنتَ في حَوْصِها أي لم تصبْ في جوابها. وطعنتَ في حَوْصِ أمر لستَ منه في شيءٍ إذا تكلّم فيما لا يعنيه. وكنت قبل أن أدخل في حَوْصِ الناس أطمع في خيرهم أي قبل أن أبْطُنَ أمورَهم وأَخبُرَهم.

حوض ـ سقاك الله بحوض الرسول ، ومن حوض الرسول. وحَاضَ الرجلُ حوضاً : عمله ، وحَوّض لإبله ، وتحوّضوا حِيَاضاً. وحُضْتُ الماءَ : جمعتُه.

ومن المجاز : أنا أحوضُ حول ذلك الأمر فما تَمّ بَعْدُ أي أدور ، وفلان يَحُوضُ حول فلانة : دار حولها يُجَمّشُها. وملأ حَوْضَ أذنه بكثرة الكلام وهو مَحَارَتُها وصدفتها. وانصبّ عليهم حَوْضُ الغمام وحياض الغمام. وليته بحَوض الثعلب وهو مكان خلف عُمَانَ : فيمن يُتَمَنّى بُعدُه.

حوط ـ حاطك الله حِيَاطة. ولا زلتَ في حِياطةِ الله ووقايته. ورجل حَيِّطٌ : يحوط أهله وإخوانه. وفلان يتحوّط أخاه حِيطَةً حسنَة : يتعاهده ويهتمّ بأموره. والحمار يَحُوط

١٤٧

عانَتَه : يَحْفَظُها ويَجْمَعُها. وحَوّطْتُ حائطاً. وأحاط بهم العدو. وقد احتاط في الأمر واستحاط ، سمعتهم يقولون : فلان يستحيط في أمره وفي تجارته أي يبالغ في الاحتياط ولا يترك.

ومن المجاز : أحاط به علماً : أتى على أقصى معرفته ، كقولك قتله علماً ، وعلمه علم إحاطة إذا علمه من جميع وجوهه لم يَفُتْه شيءٌ منها ، وأحيط بفلان : أُتيَ عليه ، وفلان مُحَاطٌ به إذا كان مقتولاً مأتيّاً عليه (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ). وأنا أُحَوِّطُ حول ذلك الأمر وأُدَوِّرُ ، وحَاوِطْه فإنّه سيلينُ لك أي دَاوِرْه ، كأنّك تَحُوطُه وهو يَحُوطُك ؛ قال ابن مقبل :

وحاوَطْتُه حتى ثَنَيْتُ عِنَانَهُ

على مُدْبِرِ العِلْبَاءِ ريّانَ كاهِلُهْ

ووقعوا في تُحِيطَ أي في سنة تُحِيطُ بالناس تهلكهم ، وفي تَحُوطَ : من حَاطَ به بمعنى أحاطَ ، أو على سبيل التفاؤل ، وتِحِيطَ بكسر التاء للإتْباعِ ؛ قال أوس بن حجر :

الحَافِظ النّاس في تِحِيطَ إذا

لم يُرْسِلوا خَلفَ عائِذٍ رُبَعَا

وإذا نزل بك خطب ، فلم يحطك أخوك ، وترك معونتك قيل : حاطَكَ القَصَا ، وهو تهكُّم أي حاطَك في الجانب القَصا وهو البعيد ، يقال : نسبٌ قصا ، وبلدٌ قصا ، ومعناه لم يحطك لأنّ من يحوط أخاه يدنو منه ويسانده لا أن يحلّ منه في نجوة ، ومثله : فأُعتبوا بالصيلم ، ووصله بطول الهجران ، ثمّ كثر حتى قيل : حُطْني القصا وإلّا نكّلت بك أي تباعد عني ؛ وقال بشر :

فحاطونا القَصَا ولقَد رَأوْنا

قريباً حيثُ يُستَمَعُ السِّرَارُ

حوق ـ حُقْتَ البيت بالمِحْوَقة ، وبيت مَحُوق. ورمى بالحُواقة. وتقول : إذا غاب الحُوق وجبت الحقوق.

ومن المجاز : اجتاحوا مالَه واحتاقوه من ورائه إذا أتوا عليه. وسمع غلام من العرب يقول لآخر قد أحرق كرانيفَ النخلة : سحقت النخلة حتى تركتها حُوقة أي مَحُوقة ، كأنّه حاقها حينَ لم يُبقِ لها كِرنافةً. وحَوّق فلان على فلان إذا عرقل عليه كلامه ، أي عوجه وخلطه عليه ، ومعناه جعله مثل الحُواقة في اختلاطه.

حوك ـ ما رأيتُ عنده إلّا الحاكة والحَوَاكَة ، وأتيته في محَاكَته.

ومن المجاز : الشاعر يَحُوك الشِّعر حَوْكاً ، والمطر يحوك الرياض. وهذا على حَوْك هذا إذا كان مثله في السنّ أو الهيئة. وهم ناس ليست عليهم حَوْكة قريش أي لا يشبهونهم.

حول ـ حال عليه الحَوْل. وحالت الدار وأحالت وأحولت ، ورسم حَوْليٌ ومُحِيلٌ ومَحُول وحائل. وحالت الناقة ، وهي حائل : غير حامل. وهذه امرأة لا تضع إلّا تحاويل ولا تلد إلّا تحاويل ، أي تلد سنة وسنة لا ، ومنه تحاويل الأرض وتحويلاتها ، أي تُزرع سنة وسنة لا ، للتقوية. وحال الرجل يحول حَوْلاً إذا احتال ، ومنه لا حول ولا قوّة إلّا بالله ، وعن النضر : أنّه فسّره بالتحرّك ، من حال الشخص يحول إذا تحرّك ، واستحِلْ هذا الشخص أي انظر هل يتحرّك ، ورجل حُوَّلٌ وحُولَةٌ وحَوَاليٌ ، وما أحْوَلَ فلاناً ، وحال بين الشيئين حَيْلُولة ، وبينهما حائل ، وحال الشيءُ واستحال : تغيّر ، وحال لونه ، وعَظْم حائل. ويقولون : والله لا يحور ولا يحول. وحالت القوس : انقلبت عن حالها التي غمزت عليها. وأحاله غيره فهو حائل ومُحَالٌ ومستحيل ، وشيءٌ مستقيم ومُحَالٌ ، وأحال في كلامه ، وقد أَحَلْتَ فيما قلتَ. وتقول : هو قوي المَحال شديد المِحال كثير المُحال. وحال عن مكانه : تحوّل. وحال في متن فرسه : وثب عليه ، وحال عنه : سقط ، واستوى على حال متنه. وحاولته : طلبته بحيلة. وتحوّلتُ كسائي : جعلت فيه شيئاً وحملته. وجاءنا يحمل حالاً على ظهره أي كارة. وأحلته عليه بكذا فاحتال. وفي عينه حَوَلٌ وقد حَوِلَتْ وأَحْوَلَتْ واحوالّتْ. وأَحال عليه بالسوط يضربه ؛ قال طرفة :

أحلْتُ عليها بالقَطيعِ فأجذَمتْ

وقد خَبّ آلُ الأمعزِ المتوقِّدِ

وقال :

وكنتُ كذئبِ السّوء لما رأى دَماً

بصاحبِه يوماً أحال على الدّمِ

أي أقبل عليه يلغ فيه (وَ (لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً) أي تحَوُّلاً. وامرأة مُحَوِّلٌ : مِعقاب تحمل مرّة ذكراً ومرّة أنثى ، وقد

١٤٨

حَوَّلَتْ. وقعدوا حَوْلَه وحَوْلَيْه ، وحَوَالَه وحَوَالَيْه ، وأحْوَالَه. وضربه فكسر مَحَالَه أي فَقاره. وتقول : سحماءُ عَقّاقَه كأنّها حِوَلاءُ ناقه.

ومن المجاز : لقحت الحرب عن حِيال ؛ قال :

قَرِّبُوا مرْبطَ النّعامة منّي

لَقِحَتْ حرْبُ وائلٍ عن حِيَالِ

حوم ـ خاض حَوْمَة القتال ، ولم يزل خوّاضاً حوماتِ الحروب. وحام حول الماء.

ومن المجاز : هو يحوم حول غَرضٍ له. ورجُلٌ حائم : عطشان.

حوي ـ حَوَيْتُ المالَ حَوَاية ، واحتَوَيتُه لنفسي. وتحَوّى الشيءُ : تجمّع. وتحوّت الحيّة : ترحّت. ونحن في أرضٍ مَحْوَاةٍ : كثيرة الحَيّات. وركبتِ الحَوِيّة ، وركبنَ الحَوايا وهي كساء يُحَوَّى حول السنام تركبه المرأة. وتقول : يوماً على الحشايا ويوماً على الحوايا. وحَوّى الكساء حول السنام. وحوّى التراب حول الماء ليحبسه. وقد شحمت حوايا الجَزور ، جمع حَوِيّة وهي المِعى. وفلان عظيم الحاوية. ورمى به في حاوِيائِه أي أَكَله. وقعدوا في الحِواء ، وهم أهلُ حِواء وهي أخبية متدانية ، وكنّا في أَحويَة بني فلان. وشَعْرٌ أحْوَى : أسود ، ورجُلٌ أحْوَى : شابّ أسود الشعر. وشَفة ولِثة حوّاءُ ، ونساءٌ حُوُّ اللِّثات.

ومن المجاز : احتوَى على الشيء : استولى عليه. واحتوى القومُ : تجاوروا ، وهذا مُحْتَوَى بني فلان ومَحْواهم أي متجاورهم ؛ قال يصف قِدْراً :

ودهماءَ تَسْتَوفي الجَزُورَ كأنّها

بأفنية المَحْوَى حِصَانٌ مُقَيَّدُ

وهذه مَحاويهم.

حيد ـ حاد عنه وحايده : مال عنه حياداً ؛ قال رؤبة :

واخْشَيْ سِهَامَ القَدَرِ المَصَايدَا

والموْتُ قِرْنٌ يغلِبُ المُحَايِدَا

وتقول : ما عليه مزيد وما عنه مَحيد. وحيدي حَيَادِ : أمرٌ بالحَيْدودة والرَّوغان. وما نظر إليّ إلّا الحَيْدَةَ وهي نظر سوء فيه حَيْدودة. وقعد تحت حَيْد الجبل ، وهو نادر كالجَناح. وفي قَرن الظبي حُيود وهي عُقده. وضربه على حَيْدَة رأسه اليمنى ، وعلى حَيْدَتَيْ رأسه وهما العجرتان في جانبيه. واعْلُوا بنا ذُلَّ الطريق ، ولا تَعلوا بنا حَيْدة الطريق ؛ وهي غِلَظه.

حير ـ حار الرجل في أمره فهو حائر وحيرانُ ، وامرأة حَيْرَى ، وهم وهنّ حيارى ، وحيّرته فتحيّر. وحار بصرُه.

ومن المجاز : حار الماءُ في المكان وتحيّر واستحار إذا اجتمع ووقف ، كأنّه لا يدري كيف يجري. وجَفنة مستحيرة : ممتلئة. وأتانا بمرقةٍ مستحيرةٍ : كثيرة الإهالة. واستقينا من الحائر والحِيران ، وهو شبه حوض يتحيّر فيه ماءُ المطر. واستحار شبابُ المرأة إذا تمّ وامتلأ ؛ قال أبو ذؤيب :

ثلاثَةُ أحوالٍ فلَمّا تجَرّمَتْ

علينا بهوْن واستَحارَ شَبابُها

ولا أفعل ذلك حَيْرِيَ دهر ، وحَيْرِيَ دهر بالتخفيف أي ما وقف الدهر ودام ، ويجوز أن يراد ما كرّ ورجع من حار يحور. ونشأ الحَيِّرُ وهو سحابٌ ماطر يتحيّر في الجوّ ويدوم.

حيس ـ فلان يشبه التَّيْس ليس يُظهر الكَيْس ولا يُطعِم الحَيْس. وفلان مَحْيُوسٌ : أحدقت به الإماءُ من كلّ وجه ، وأصل الحَيْسِ الخلط.

حيص ـ حاص عن القتال ، وهو حائص بائص ، ووقع في حِيصَ بِيصَ وحَيْصَ بَيْصَ.

حيض ـ حاضت المرأة حَيْضَةً واحدة ، وحَيضةً طويلةً ، وثلاثَ حِيَضٍ. واستَحْيَضَت وتحَيّضَتْ : فعلت ما تفعل الحائض. وفي الحديث : «تلجمي وتحيّضي».

ومن المجاز : حاضت السَّمُرَة إذا خرج منها شبه الدم ، ويُعرَف بالدَّوْدَمِ ، ويُضمَدُ به رأس المولود لينفر عنه الجانُّ. والعَزْلُ حَيْضُ الرّجال. وتقول : فلان ديدنه أن يَحيصَ ويَجيض ويوشك أن يَحِيض.

حيف ـ قعدت على حافة البركة. وتحيّفْتُ الشيءَ : أخذت من حافَاته وتنقّصتُه ، وتحيّفَتهم السّنَة ؛ قال ابن مقبل :

١٤٩

متى تأتهم مِن حافَةٍ تلقَ سَيّداً

غلاماً مُبيناً عنده السَّرْوُ أو كَهلا

أي من أجل حاجة وتحيّف سنة ، أو من شِق وعُرض ، أو من أي ناحية أتيتهم ، لم تعدم سيّداً لأن كلّهم ساداتٌ. ويقال : أعطيته من حافة المتاع : أي من شِقّه وعُرضه. وحاف عليه حَيْفاً. وتقول : من كان فيه الجَنَفُ والحَيْف حقّ له الشَّنْفُ والسّيْف.

حيق ـ حاق به المكر السيء حَيْقاً ، والمَكْرُ حَائِقٌ بأهله ، وتقول : الماكر لو بال أمره ذائق ومكرُهُ به حائق وهو أحمقُ مائق.

حيك ـ حاك الثوبَ يحيكه ويحوكه.

ومن المجاز : حاك في مشيته إذا حرّك منكبيه ، مشية الأفحَج وهو عيبٌ فيه ومدحٌ في المرأة ، لدلالته على اللَّفَفِ. يقال : امرأة حَيّاكة ؛ قال :

حَيّاكَة تَمشِي بعُلْطَتَينِ

وضربه بالسيف فما حاك فيه وما أحاك إذا لم يعمل فيه ، وكلّمه فما حاك فيه كلامه ، وفلان لا يَحيك فيه النصح ولا يُحيك ، وما حاك في صدري منه شيءٌ وما حَكّ.

حيل ـ له من الضّأن ثَلّه ومن المَعْزِ حَيْلَه ، وهي الجماعة الكثيرة.

حين ـ حان حِينُهُ : جاء وقته ، وحان لك أن تقوم ، وهو يتحيّن طعام الناس ، ويأكل الحَيْنَة والحِينَة والحين أي الأكلة في وقت مخصوص ، وقد حيّنوا ضيوفهم وأحانوهم ؛ قال :

ولا عيبَ فيكم غيرَ أنّ ضيوفَكُم

تُحَانُ وحِين الضّيف إحدى العظائمِ

وحان فلان ، وهو حائن ، والخائن حائن ، والدَّين حَيْنٌ أي هلاك ، ونزلت به كائنة حائنة أي فيها حَيْنُه.

حيي ـ أحياه الله فحَيِيَ وحيَّ ، وحَيُوا بخير وحيُّوا ، وهو حَيٌ من الأحياء. ولا حَيّ لي ينفعني أي لا أحد ، وما بالدار حيٌ. وناقة مُحْيٍ ومُحِييَة : لا يموت لها ولد ، خلاف مميت ومميتة. واستحييتُ أسيري : تركته حيّاً. وفي الحديث : «اقتلوا المشركين واستحيوا شرخهم». ومررت بحيّ من أحياء العرب. وحيّاه الله ، وأكرمك الله بتحيّته وبتحاياه. وبي شوق إلى مُحيّاك. وتحايا القومُ ، وحايا بعضهم بعضاً. وحكم المكاتبة حكم المُحاياة. وحَيِيتُ منه أحيا حياءً ، واستحييته ، واستحييتُ منه ، واستحيت ، وأنا أستحي منه ، وهو رجل حَيِيّ ، وهو أحيَا من مخدّرة ؛ قالت ليلى :

وأحْيَا حَيَاءً من فتاةٍ حَيِيّةٍ

وأشجَع من لَيثٍ بخفّانَ خادِرِ

وحيَ على الغداء : أقبِلْ وعَجّلْ ؛ قال ابن أحمر :

أنشأتُ أسأله ما بالُ رفقتِه

فقال حيَ فإن الرَّكبَ قد ذَهَبَا

وأرض مَحْياة ومَحواة : كثيرة الحيّات.

ومن المجاز : أتيتُ الأرض فأحييتُها أي وجدتُها حيّة النبات مخصبة. ووقع في الأرض الحيا وهو المطر ، وأحيا القومُ : أخصبوا ، وحَيِيَتْ أرضهم ، وأحيا أرضاً ميتة. وأحييتُ النار وحاييتُها : نفختُ فيها حتى تحيا ، وطلبت حياة النار بالنفخ ؛ قال :

حَيَاة النّارِ للمُتَنَوّر

ويقول الرجل لصاحبه : كيف الحي ، كما يقول كيف الأهل ، يريد امرأته. وسترتْ حَياءها. وهو حيّة الوادي : للحامي حوزته ، وهم حيّات الأرض : لدواهيها وفرسانها ، وهو حيّة ذكر : للشهم. ورأسه رأس حيّة : للذكي المتوقّد ، وأكلت حَيّاتُنا حَيّاتِكم إذا قتلت فرسانُهم فرسانَهم. وسقاك الله دم الحيّات أي أهلكك ؛ وقال أبو النجم يصف نهراً :

إذا أرادوا رَفعَهنّ انفَجَرَا

بذي حَبَابٍ يَستَحي أن يُسْكَرَا

أي لا يُقْدَر على سَكْره بالحجارة يمتنع من ذلك.

١٥٠

خ

خبأ ـ له خَبيئةٌ خَبَأها ليوم حاجته ، وله خبايا. «لا مَخْبَأ لعطر بعد عروس». ولفلان مَخَابِئُ ومخازن (وَاللهُ (يُخْرِجُ الْخَبْءَ). وأخرج خَبْءُ السماء خَبْءَ الأرض أي المطرُ النباتَ. وخبّأتُ الجاريةَ ، وجارية مخبّأة ، ونساءٌ مخبّآت ومُخْبَآتٌ ، وامرأة خُبَأَةٌ تخنس بعد الاطلاع. واختبأت من فلان : استترت منه ، واختبأت له خَبيئاً إذا عمّيت له شيئاً ، ثمّ سألته عنه ، وخابأتك أَي حاجيتك ؛ قال حميد :

ألا من أخو ظَنّ أُخابئ ظنّهُ

بحيث تَناهوا أم بَصِيرٌ أُباصرُهْ

وله خابِيَة من خلّ وخوابٍ ، والأصل الهمز.

خبب ـ اعصب يدك بالخُبَّة والخَبيبَة وهي شبه طية من الثوب مستطيلة ، وثوب خَبائبُ مثل شبارق. ورجل خَبٌ بيّن الخِبّ وهو الجَرْبَزَة ، وامرأة خَبَّة ، وقد خَبَ يخُبُ. وفي حديث عمر رضي‌الله‌عنه : ما تكلّم أحد بالفارسيّة إلّا خَبَ ، وما خبَ إلّا ذهبت مروءته. وخَبّب عليه عبدَه وأمته وامرأته : أفسد. وخَبّ الفرسُ خبَبَاً وخبيباً ، وجاؤوا تخبّ بهم الدوابّ ، وأخبّ فرسَه. ومرّوا مُخبّين.

ومن المجاز : خبّ البحر. وأصابهم الخَبّ إذا التوت عليهم الرياح واضطربت الأمواج فلجأوا إلى الشط وألقوا الأنجر. وخَبّ النّباتُ : طال وارتفع. واعترضتنا خَبّةٌ من الرمل وخَبيبَة أي طريقة. وقَطع لي خَبّةً من اللحم وخَبيبَة.

خبت ـ نزلوا في خَبْتٍ من الأرض وخُبُوتٍ وهي البطون الواسعة المطمئنّة ، وأخْبَتَ القومُ : صاروا في الخَبْت مثل أصحروا.

ومن المجاز : (أَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ) : اطمأنّوا إليه ، وهو يصلّي بخشوع وإخبات وخضوع وإنصات ؛ وقلبه مُخْبِتٌ.

خبث ـ خبُث فلان ، وهو خَبيث ، وهم خبثاءُ وخِباث ، وفيه خُبثٌ وخَباثَة ، وهو من الأخابث ، وهو خَبيث مُخبِث وفيه مخابث جمّة. ونزل به الأخبثان : الرجيع والبول ، «ولا تَدافَعوا الأخبثين في الصلاة». «وأعوذ بالله من الخُبْث والخَبائث». ويا خُبَثُ ويا خَبَاثِ ، وهو يتخبّث ويتخابث.

ومن المجاز : هذا ممّا يُخبِث النفس. وليس الإبريز كالخَبَثِ أي ليس الجيّد كالرّديء. وخَبُثت رائحته ، وخبث طعمه. وخبث بفلانة : فَجَرَ بها. وخَبَثت نفسه : غَثَت ، وفلان خَبٌ خبيث ، وهو ولد الخِبْثَة ؛ قال :

فإنّكَ ضَبّيٌّ وُلدتَ لخِبْثَةٍ

متى تَستَطعْ غدراً بجارِكَ تغدرِ

وهذا العبد لا خِبثَةَ به من إباق ولا سرقة. وهذا سبيٌ خِبَثَةٌ ، وسبيٌ طِيَبَةٌ. وهذا كلام خبيث. وهي أخبث اللغتين ، يراد الرداءةُ والفساد ، وأنا أستخبث هذه اللغة.

١٥١

خبر ـ خَبَرْتُ الرجل واختبرتُه خُبراً وخِبرة ، «ووجدتُ النّاس اخبُرْ تقلِه». وما لي به خُبْر أي علم ، ومن أين خَبِرْتَ هذا بالكسر ، وأنا به خبير. واستخبرته عن كذا فأخبرني به وخبّرني. وخرج يتخبّر الأخبار : يتتبّعها. وأعطاه خِبرَتَه أي نصيبَه. «ونهَى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن المخابرة». وهي المزارعة. ومشوا في الخَبَارِ والخَبراء وهي أرض رخوة فيها جِحَرة. وفي مثل : «من تجنّب الخَبار أمن العِثار».

ومن المجاز : تُخبر عن مجهوله مَرْآته.

خبز ـ خبزتُ القوم وتمرتهم : أطعمتهم الخبز والتمر ، وأطعمني خُبْزَة وخُبْزَةَ مَلّةٍ أي طلمة.

ومن المجاز : خبطني برجله وخبزني ، وتخبّطني وتخبّزَني. والخُلّة خبز الإبل والحمض فاكهتها.

خبص ـ اقلب الخَبيصَ بالمِخْبَصَةِ ، واختَبَصوا : أكلوه. واختبص ضيفُهم : طلبه.

خبط ـ خبط البعير بيده الأرض : ضربها ضرباً شديداً وتخبّطها. وتخَبّطْتُ الشيءَ : توطأته. وخَبَطَ الورق ، وعلف دابتَه الخَبَطَ. وحوض خَبيط : خبطته الإبل فهدمته ؛ قال ذو الرُّمّة :

ومستَقوسٍ قد ثلمَ السيلُ جَدرَه

شبيهٍ بأعضاد الخَبيط المهدَّمِ

ومن المجاز : خبط القومَ بسيفه. وبات يخبِط الظَّلماء. وما أدري أيّ خابطِ اللّيلِ هو. وهو خابطُ عشوةٍ للجاهلِ. وخبطه الشيطان وتخبّطه : مسّه فخبّله ، وبه خَبْطَةٌ من مسٍّ وخُبَاطٌ. ورجلٌ مخبوطٌ : مزكوم. وبه خَبْطَة. وخَبَطت فلاناً واختبطته : سألته بغير وسيلة ؛ قال زهير :

ولَيسَ مانعُ ذي قُرْبَى وَلا رَحِمٍ

يوْماً ولا مُعدماً من خابِطٍ وَرَقَا

أي ولا معدماً خابطاً ورقاً فأدخَل مِنْ لتأكيد النفي. وخبط في قومه بخير إذا نفعهم ؛ قال عمرو بن شَأسٍ يخاطب الملك :

وفي كلّ حيّ قد خَبَطتَ بنعمَةٍ

فَحُقّ لشأسٍ من نَداكَ ذَنُوبُ

وتخبّطت البلاد واختبطت إذا وقعت فيها الفتن والغارات. وما له خابط ولا ناطح أي بعير ولا ثور ، لمن لا شيء له.

خبل ـ خَبَلَه خَبْلاً وخَبّلَه واختَبَله : أفسدَه فخَبِل خَبْلاً وخبَالاً ؛ قال :

أرَى المالَ أفْياءَ الظّلالِ فتَارَةً

يؤوبُ وأخرى يخبِلُ المالَ خابِلُهْ

وبه خَبْلٌ وخَبَلٌ وخبول : جنون وفساد في عقله. وخَبَلته الجنُّ وخبّلته ، ومسّه الخابل أي الجنيّ. ورجل مخبول ومخبَّل ، وخبّله الحبّ ، واختبلته فلانة ، وعاشق مختبَل. وبه خَبَل : فساد عضو من داء أو قطع. وفلان خَبالٌ على أهله. وبلاه الله بطينة الخَبَال ورَدْغَة الخَبَال ، وهي ما يخوضونَه من صديد أهل النار. وخَبَلْتُ يده إذا أشللتَها ؛ قال أوس :

أبني لُبَيْنى لَستُمُ بِيَدٍ

إلّا يَداً مَخْبُولَةَ العَضُدِ

وهم يطلبون بني فلان بدماء وخَبْل وهو قطع الأيدي والأرجل. وأصاب الناسَ خَبْلٌ أي فتنة من قتل وجراح. ودهرٌ خَبِلٌ : ملتوٍ على أهله فاسد ؛ قال أبو النجم :

لما رأيتُ الدّهْرَ جَمّاً خَبَلُهْ

أخطَل والدّهرُ كثيرٌ خَطَلُهْ

خبن ـ خَبَنْتُ الثوبَ إذا رفعتَ ذُلْذُلَه فخطته. ورفع الشيءَ في خُبْنَتِه وهي الذلذل المرفوع. وكُلْ ولا تتخذ خُبْنَةً وهي ما عزلته في الإبط والكم.

خبو ـ خَبَتِ النار خُبُوّاً وخَبْواً ، وهم من أهل الخِباء ، ونشأت في أخبيتهم وتربيت بين أحويتهم ؛ وتخبّيت خباءً واستخبيته : نصبته واتخذته.

ومن المجاز : خَبَتْ حدّةُ النّاقة ، وخبا لهبُه إذا سكن فور غضبه. والحَبّ في خبائه وهو غشاؤه من السنبلة.

ختر ـ هو خَتّارٌ ، وهو من أهل الخَتْرِ وهو أقبح الغدر. وعن بعضهم : لن تمدّ لنا شبراً من غَدْر إلّا مددنا لك باعاً من خَتْر. وقال السموأل الوفيّ للحارث بن ظالم حين قال له : إنّي قاتل ابنك : أنت وذاك ، فأمّا الخَتْرُ فلن أتلَبّسَ به.

١٥٢

ختع ـ دليلٌ خَوْتَعٌ ماهر ؛ قال ذو الرُّمّة :

بهَا يَضِلّ الخَوْتَعُ المُشَهَّرُ

وتقول : أخذ الرامي الختيعَه أمِنَ الراعي الخديعَه ، وهي ما يجعله الرامي في إبهامه.

ختل ـ خَتَلَه عن كذا واختَتَله وخاتَلَه ، وتخاتَلوا. وكلبٌ خَتّال. والدنيا غرّارة غدّاره خَتّالة ختّاره.

ختم ـ وضع الخاتِمَ على الطعام والخاتَمَ وهو الطابع ، وما ختامك طينة أم شمعة؟ وخَتَمَ الكتابَ وعلى الكتاب.

ومن المجاز : لبس الخاتِم والخاتَم ، وتختّم بالعقيق ، وختّم صاحبه ، سمّي باسم الطابع لأنّه يُخْتَمُ به. وخَتَمَ القرآن وكلَّ عمل إذا أتمّه وفرغ منه. والتحميد مفتَتَح القرآن ، والاستعاذة مُخْتَتَمُه. وقد افتتح عمل كذا واختتمه. وخَتَمَ اللهُ (عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ). ويقال للنحل إذا ملأ شُورَتَه عَسَلاً : قد خَتَمَ. و (خِتامُهُ مِسْكٌ) أي عاقبتُه ريح المسك. وهذه خاتمةُ السورة وكلّ أمر. والأمور بخواتيمها. وبلغوا خِتامَه. وإذا أثاروا الأرض بعد البذر ، ثمّ سقوها ، قالوا اخْتِمُوا عليه ، وقد خَتَموا على زرعهم ، وخَتَمنا زرعنا. قالوا : لأنّه إذا سقي فقد خُتِمَ عليه بالرجاء. وفلان خَتَمَ عليك بابَه إذا أعرض عنك. وخَتَمَ لك بابه إذا آثرك على غيرك. وتختّمَ بعمامته : تنقب بها ، وجاءنا متختّماً متعمّماً. وتختّم بأمره : كتمه. واحتجم في خاتَمِ القفا وهو نُقْرته. وما في قوائمه إلّا خاتَمٌ وهو شيء من الوضح يقال له الزَّرَقُ شُعَيراتٌ بِيضٌ. وزُفّتْ إليه بخاتَمِ ربّها وخاتَمها وختامِها. وسِيقَت هَدِيُّهم إليه بخَيْتامِها. وقال بعض ولد حسان في عمر بن عبد العزيز :

كما أُهْدِيَتْ قبلَ فَتْقِ الصّباح

عَرُوسٌ تُزَفُّ بخَيْتَامِهَا

ختن ـ خَتَنَ الصّبيَّ واختَتنَ ، وصبيٌ مختون ومُختَتِنٌ ، واختَتنَ إبراهيمُ عليه‌السلام بقَدُّوم من بلاد الشام. ، وهو خاتِنُ القوم وحِرفته الخِتانة ، وكنّا في خِتان فلان وفي عِذاره ، وقد برئ خِتانُه وهو موضع القطع ، ومنه «إذا التقى الخِتانانِ». وهذا خَتَنُ فلان لصِهره وهو المتزوّج إليه بنته أو أخته ، وأبوَا الصِّهر خَتَنَاه ، وأقرباؤه أختانُه ، وقالوا : الأختانُ من قِبَلِ المرأة والأَحْمَاء من قِبَلِ الزوج. وخاتَنَه : صاهره.

ومن المجاز : عامٌ مختونٌ : للمجدب ، كما قيل : عامٌ أغْرَلُ وأقْلَفُ : للمخصب.

خثر ـ لَبَن وطِلاء خاثر ، وفيه خُثورة ، وقد خَثَرَ وخَثِرَ وخَثُرَ ، وأخثره وخَثّرَه ، وذهب صفوه وبقيت خُثارتُه أي عكارته ووسخه.

ومن المجاز : خَثَرَتْ نفسه : غَثَتْ ، وهو خاثِر النفس إذا لم تكن طيّبة. وفي الحديث : «فاستَيقَظَ وهو خاثِرٌ وأخبر صلى‌الله‌عليه‌وسلم بموت الحسين». وأجدني خاثراً : متكسراً فاتراً ، وإنّه لخاثر العِظام. وخَثِرَ فلان في الحيّ : أقام فلم يبرح. ورأيتُ خاثِرَةً من الناس أي جماعة كثيفة. وسأل معاويةُ يزيدَ : من كان يؤنسك البارحةَ؟ قال : خاثِرٌ ؛ قال : فأخْثِرْ له العطاء.

خثل ـ في خَثْلَتي ألمٌ كالغَشْيِ وهي ما بين السرّة والعانة ، وطعنه في خَثْلَةِ بطنه.

خثم ـ رجُلٌ أخثمُ وامرأةٌ خَثْمَاءُ ، وبه خَثَمٌ وهو غلظ الأنف وعرضه ، ولذلك قيل للثور الأخثم ؛ قال الأعشى :

كأنّي ورحلي والفِتان ونُمرقي

على ظَهرِ طاوٍ أسفَعِ الخدّ أخْثَمَا

ومن المجاز : رَكَبٌ أخثمُ ؛ قال النابغة :

وإذا لمست لمست أَخثَمَ جاثماً

متَحَيّزاً بمكانِهِ ملءَ اليَدِ

وسيفٌ أخْثَمُ ؛ قال العجّاج :

دارَتْ رحاهم ورحانا تَرْتَمي

بالموتِ من حَدّ الصّفيح الأخثمِ

ونصالٌ خُثْمٌ : عراض ، ونعل مُخَثَّمَةٌ : معرَّضة ، وخَثّمَ النّعّالُ صدر النّعل تخثيماً ، وأَحْذِ لي نعلاً فلَسِّنْ أعلاها وخَثِّمْ صدرها وخَصِّرْ وسَطَها.

خثي ـ عزّ عليهم الحطبُ فلا يستوقدون إلّا بالغُثَاء والأخْثَاء : جمع خَثْيٍ وهو رجيع البقر ، وقد خَثَتِ البقرةُ تَخْثي خَثْياً.

١٥٣

خجل ـ كأنّي بك وقد جاء أجَلُك واجتمع عليك خجلُكَ ووَجَلُك ؛ وهو التحيّر والاضطراب من الحياء ، وأخجله كذا وخجّله.

ومن المجاز : خَجِل فلانٌ بأمره إذا بَعِلَ به لا يدري كيف يصنع. وخَجِل البعير بحمله. وخَجِلَ الجملُ في الطين والوَعْثِ : ارتطم وتحيّر ؛ قال :

قُلتُ بَلى إنّي إذا اللّيلُ شَمِلْ

ولَزِمَ الفِتيانُ أثباجَ الإبِلْ

قد يهتَدي بصَوْتيَ الحادي الخَجِلْ

أي المتحير. وثوبٌ خَجِلٌ : طويلٌ مضطربٌ ، وأخجل ثوبَه ؛ قال :

عليه ثوبٌ خَجِلٌ خَنيثُ

مَدْرَعَةٌ كِساؤها مَثْلوثُ

وجَلّلَ فَرَسَه جُلًّا خَجِلاً : واسعاً يضطرب عليه ويدنو من الأرض. وفي الحديث : «إذا جُعْتُنّ دَقَعْتُنّ وإذا شبعتنّ خَجِلتنّ». أي فعلتنّ ما يوجب الخجل والحياء. وخجل النباتُ : كثر والتفّ ، ووادٍ خَجِلٌ : مخصب معشب. وفي الحديث : «أنّه أتَى على وادٍ خَجِلٍ مُغِنٍ».

خدب ـ رجُلٌ وجَمَلٌ خِدَبٌ : كامل الخَلْقِ شديد.

خدج ـ ناقةٌ خادِجٌ : ألقت ولدها قبل الوقت وإن تمّ خَلْقُه ، ومُخْدِجٌ : جاءت به ناقص الخلق وإن كان لوقته ، ومِخْداجٌ : ذلك عادتها ، وهي ذات خِداجٍ ، وولدٌ مُخْدِجٌ وخَدِيجٌ.

ومن المجاز : خَدَجَ الرجلُ فهو خادجٌ إذا نقص عضو منه ، وأخدجه الله فهو مُخْدَجٌ ، وكان ذو الثُّدَيّةِ مُخْدَجَ اليد. وأخدج صلاتَه : نقص بعض أركانها ، وصلاتُه مُخْدَجَةٌ وخَادِجَةٌ وخِداجٌ وصفاً بالمصدر. وأخدَج أمرَه : لم يحكمه ، وأنضجه : أحكمه ، مستعار من إخداج الناقة وإنضاجها ولدَها. تقول : أنضج رأيك إنضاجاً ولا تخدجه إخداجاً ؛ وأخدجَتِ الصّيْفَةُ : قلّ مطرها ، وكلّ نقصان في شيء يستعار له الخِداجُ.

خدد ـ دخل عليه فأظهر له المودّه وألقى له المِخَدّه ؛ وطرحوا لهم النّمارق والمخادَّ. وبعير مخدود : موسوم في خدّه ، وبه خِدَادٌ. وخَدَّ في الأرض. وفيها خُدودٌ وأخاديدُ وخَدٌّ وأُخْدُودٌ.

ومن المجاز : ضربةٌ أُخْدودٌ. وتخدّد لحمه من الهزال. وخدّده سوء الحال ؛ قال :

أحْرَى قلائدها وخَدّدَ لحمَها

أن لا يَذُقْنَ مع الشكائمِ عُودَا

وأصلِحْ خُدودَ الهوادج وهي صفائح الخشب في جوانب الدّفتين عن يمين وشمال ؛ قال الراعي :

لهُ ذِئَبٌ جُوفٌ كأنّ خدودَها

خدودُ جِيادٍ أشرَفَتْ فوْقَ مرْبَدِ

ومضى خَدٌّ من الناس وجَبْهَةٌ ، وقتلنا خدّاً فخَدّاً أي طبقة وطائفة وناحية من الناس ؛ قال الجعدي :

وهَبنا ـ لكم فيها المِئينَ وغادرَتْ

مَغارَتُنا خَدّاً منَ النّاسِ عُيَّلا

وعارَضَهُ خدٌّ من القُفّ : جانب منه ؛ قال الراعي :

غَدَا ومن عالجٍ خَدٌّ يُعارِضُهُ

عن الشّمالِ وعن شرْقيّهِ كَتَدُ

وخادَّه : عارضه. وتخادَّ الرجلان في الخصومة وغيرها.

خدر ـ جارية مُخَدَّرَةٌ ، وقد خدّرها أهلُها وأخدَروها ، وتخدّرت ، وهي من ربّات الخدور. وهو من الأخْدَرِيّاتِ وهي الحُمُر نُسبت إلى أخْدَرَ حِصان كان لأردشير بن بابك تَوَحّشَ فضرَبَ فيها. تقول في الأحمق : هو من بنات أخْدَر أو من بنات أكْدَر ؛ وهو فحل من حُمُرِ الوحش.

وخَدِرَتْ رِجْلُه ، وبها خَدَرٌ ، ورجلي خَدِرَةٌ. وخدّرته المقاعد إذا قعد طويلاً حتى خَدِرَتْ رجلاه ؛ قال الهذليّ يصف صائداً :

فجاء وقد أوْجَتْ منَ الموتِ نَفسُهُ

به شَغَفٌ قد خَدّرَتْهُ المَقاعِدُ

أوجث : ارتعدت.

ومن المجاز : ليثٌ خادِرٌ ومخدِر ؛ قال الفرزدق :

بِفي الشّامتينَ الصّخرُ إن كان هَدّني

رَزِيّةُ شِبْلي مُخْدِرٍ في الضّرَاغِمِ

١٥٤

وقد خَدَرَ الأسدُ في عرينه وأخدَرَ. وليلٌ مُخْدِرٌ وخُداريٌ : مظلم. وشَعر خُدارِيٌ وجارية خُدارِيّة الشَّعر. وهودج مَخدور : مستور. وإنّه ليساترني ويخادرني. وخَدِرَ النهارُ إذا لم تتحرّك فيه ريح ولم يوجد فيه رَوْحٌ ؛ قال طرفة :

ومَكانٍ زَعِلٍ ظُلْمَانُهُ

كالمَخاضِ الجُرْبِ في اليوْم الخَدِرْ

ويعفورٌ خَدِرٌ : كأنّه ناعِسٌ من سُجُوّ طرْفِه وضعفِه. وخَدِرَتْ عِظامُه : فترت. وخَدِرَتْ عينه : ثقلتْ من حِكّةٍ وقذى.

خدش ـ أصَابه خَدْشٌ في جلده ، وبه خُدُوشٌ ، وخدّشوه تخديشاً. وشُدّ الرّحلَ على مَخْدِش بعيرك ومِخْدَشه وهو كاهله ، روي بالفتح ، وقيل : سمّي بذلك لقلّة لحمه ، وبالكسر ، وقيل : لأنّه يَخْدِشُ الفم. ويقال لطَرَفَيْ كتفيه ابنا مِخْدَشٍ.

ومن المجاز : وقع في الأرض تخديشٌ وهو القليل من المطر. وبقلبه خَدْشَةٌ وهي الشيء من الأذى.

خدع ـ خَدَعَه وخادَعَه واختَدَعَه وخدّعَه وتخدّعَه وتخادعوا ، وهو لا يَنخدع ، وفلان خَدّاعٌ وخُدَعَةٌ وخَيْدَعٌ ، وهذه خُدْعَةٌ وخَدْعَةٌ وخِدْعَةٌ منه وخَديعة وخُدَعٌ وخدائعُ ، وتخادَعَ لي فلان إذا قبل منك الخديعة وهو يعلمها. وخبّأ الشيءَ في المخدَع وهو المخزن من الإخداع بمعنى الإخفاء.

ومن المجاز : طريق خادع : مخالفٌ للقصد حائد عن وجهه لا يُفطن له. وغرّهم الخَيْدَعُ أي السراب أو الغول ، وذئب خَيْدَعٌ. وسُوقهم خادعة : متلوّنة تقوم تارة وتكسد أخرى. وخدَعَ الدهرُ : تلوّن. وفلان خادع الرأي والخلق. وخدَعَ المطرُ : قلّ. وفي الحديث : «يكون قبل الدّجّال سنون خدّاعة». وخدَعَت عين الشمس : غارت ، من خدَع الضبُّ إذا أمعن في جحره وجعل في ذنابته عقرباً يمتنع بها من الحارش وهي خديعة منه ، وضبٌ خادعٌ وخَدِعٌ. وخدَع خيرُ فلان. ورجل خادع : نَكِد. وخدَع الريقُ في الفم : قلّ وجفّ. وما خدَعتْ في عيني نعسة ؛ قال راشد بن شهاب :

أرقت فلَم تخدَعْ بعينيَ نعسَةٌ

ووالله ما دهري بعشق ولا سُقمِ

ولوى فلان أَخْدَعَه : أعرض وتكبّر. وسوّى أخدعه : ترك الكبر ؛ قال جرير :

وكنّا إذا الجَبّارُ صَعّرَ خَدَّهُ

ضرَبناه حتى تَستَقيم الأخادعُ

خدل ـ امرأة خَدْلَة : ممتلئة الأعضاء من اللحم مع دقّة العظام ، ونساءٌ خدْلات ، وسُوق خِدال ؛ قال ذو الرُّمّة :

رَخيماتُ الكَلامِ مُبَتَّلاتٌ

جوَاعلُ في البُرَى قصَباً خِدالا

وقد خَدِلَتْ خَدالة وخَدِلت خَدلاً. وتقول : لها قوام عدْل وقصب خدْل.

خدم ـ هي ريّا المُخدَّم وهو المُخَلخَل. وفي مثل : «كالممهورة إحدى خَدَمَتَيها». وفي سوقهن الخَدَمُ والخِدامُ. وخدّمها زوجها ، وامرأة مُخَدَّمة مُخدَّمة : من الخَدَمة والخِدْمة. وخَدَمَه خِدْمة. وهو مؤدِّب الخُدّام والخَدَم ، وهو من المقدَّمين المخدَّمين ؛ قال :

مُخدَّمون ثِقالٌ في مَجالِسِهم

وفي الرّحالِ إذا وافَيتَهم خَدَمُ

واستخدمته ، وتخدّمت خادماً : اتخذته ، ولا بدّ لمن ليس له خادم أن يختدمَ أي يخدم نفسه ، وهذا خادمنا ، وهذه خادِمنا ، للغلام والجارية.

ومن المجاز : فضّ الله خَدَمَتَكم. وأبدت الحرب عن خِدام المخدَّرات إذا اشتدّت. ومُخَدَّم سراويله يتذبذب ، وكذلك خَدَمَة سراويله ، وخدمة إزاره وهي أسفله عند الكعب. وفرس مخدَّم : تحجيله فوق أرساغه. وطاحت خِدام الإبل وهي سيور فوق أرساغها تُشدّ إليها الشرائج ، الواحدة خَدَمة. وشاة خَدْماءُ : بينة الخُدْمَة بوزن الحُمرة وهي بياض في الأوظفة. وسقى أعرابيّ ماءَ المزمَّل فقال : هو ماء مخدوم. وسمعتهم يقولون : هذا القميص يخدم سنة ، وهذا ثوب سخيف لا يخدم.

١٥٥

خدن ـ خادنتُه : صاحبتُه ، وهو خِدْني وخَديني ، وهم إخواني وأخداني : وهو خِدنها أي حِدْثُها ، وهي خِدْنُه (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) (وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ). وهو يخادن أخدان سوء ، وأخدان صدق ، وبينهما مخادنة ومخاضنة وهي المغاضّةُ والمكاسرة بالعينين.

خدي ـ خدى البعير يَخدي براكبه.

خذف ـ خَذَف بالحَصَى : رمى بها من بين إصبعيه ؛ قال امرؤ القيس :

كأنّ الحصَى من خَلفِها وأمامِها

إذا نجلَته رجلُها خَذْفُ أَعسَرَا

ورمى بالمِخْذفة وهي المقلاع.

ومن المجاز : دابة خذوف : سريعة تخذِف بالحصى من شدّة سيرها ، وأتان خذوف : بلغ من سمنها أنّك لو خذفتها بحصاة لساخت في شحمها كقوله :

فهيَ تَسوخُ فيها الإصبَعُ

وسمعتهم يقولون : عيناه تخاذفتا بالدمع.

خذق ـ خذق الطائر : رمى بذرْقه ، وطائر خَذّاق.

خذل ـ أعوذ بالله من خِذلانه. وهو خَذّال لأصحابه ، وخَذول : غير نصور ، وعُذَلَةٌ خُذَلَةٌ. وتقول : لا يستوي من بذل نصرته لقومه بذلاً ومن يخذُلهم إذا استنصروه خذلاً.

ومن المجاز : خذلتِ الوحشيةُ عن القطيع : تخلّفت عنها على ولدها (١) ؛ قال النمر :

وكأنّها عيناء أُمّ خُوَيْدِرٍ

خَذَلَتْ له بالرّمل خلفَ صوَارِها

وهي خَذول وخاذِل ، وهن خواذِل وخُذَّل ، كأنّها حين لم توافق صواحبها خذلتها ، وأخذلها ولدها. وخذَّلَ عني أصحابي : ثبطهم ، ولذلك سمّي الأحنف المخذِّل ، لتخذيله الناس عن عائشة رضي‌الله‌عنها يوم الجمل. وخَذَلَ عني أصحابي : تأخّروا. وهو خذول الرِّجل : لمن لا تتبعه رِجله إذا مشى لضعفه ؛ قال الأعشى يصف السكارى :

بينَ مَغلوبٍ كَريمٍ جَدُّهُ

وخَذول الرِّجل من غير كَسَحْ

وتخاذلت رِجلاه. وتقول : فلان نوءُه متخاذل ونهضه متواكل. وشخص متخاذِل : مختلف الخِلقة.

خذم ـ خَذَمه : قطعه بسرعة. وسيف مِخْذَمٌ وخَذِمٌ. وخَذَمْتُ الدّلو والنعل خذماً وهو انقطاع العرى والشسوع. وعنز خذماء : مشقوقة الأذن عرضاً.

ومن المجاز : مرَّ يَخذم : يسرع في سيره. وفرس خَذِمٌ. ورجلٌ خَذِمٌ بالعطاء : سمح سهل ببذله.

خذو ـ أُذن خَذْواءُ : مسترخية من أصلها على الخدَّين ، وقد خَذِيَتْ أذنه ، وهو أخذَى الأذن. وفرس أخْذَى. وتقول : في عَينه قَذَى ، وفي أذنه خَذَى وحلّ به كذا فلم تقذَ له عينه ولم تخذَ له أذنه. ويقال للحمار خُذَيٌ لخَذَى أذنيه ، ومنه استخذَى له : إذا خضع.

ومن المجاز : يَنَمَةٌ خذواء : لينة ، وهي بقلة.

خرأ ـ هو أعرف بالخِراءة منه بالقراءة.

خرب ـ أخربوا البلادَ وخرّبوها ، وقد خرِبَت خَرَباً ، وبلد خراب. وهو صاحب خُرْبَة أي فساد وريبة ؛ قال قيس بن النعمان :

لحَى اللهُ أدنانا إلى كلّ خُرْبةٍ

وأبطأنا في ساحَةِ المَجدِ أقدُحَا

وما رأينا من فلان خُرْبة في دينه. ووقعوا في وادي خَرِبات. وقد خَرَب الإبل يخرُبها خِرابة ، مثل يطلبها طِلابة. وهو خارب من خُرّاب. وفي أذنه وسقائه وأديمه خُرْبة وهي الثقبة الواسعة المستديرة. واجعل هذا الحبل في خُربة المزادة وهي عروتها. وطعنه في خُربة وركه. واستَخرب السقاءُ : تثقب.

ومن المجاز : فلان خَرَبٌ أي جَبَانٌ ، استعير من الخَرَب واحد الخِربان ؛ قال تأبّط شرّاً ينفي هذه الأوصاف الذميمة :

وَلا خَرَبٌ هِلْباجَةٌ ذو غَوَائل

هَيَامٌ كجفرِ الأبْطَحِ المتهَيِّلِ

وهو خَرِب العظام إذا لم يكن فيها مخ ؛ قال كعب :

__________________

(١) هكذا في الأصل. وفي اللسان والمحيط : خذلتِ الوحشية : تخلفت عن القطيع وأقامت على ولدها.

١٥٦

يَنجو بها خَرَبُ المُشاش كأنّه

بخزامَةٍ في أنْفِه مَشنُوقُ

أي مرفوع الرأس. وهو خَرِبُ الأمانة. وعنده تخرَبُ الأمانات. قال عمر بن أبي ربيعة :

ثمّ لا تخربُ الأمانة عندي

أغدرُ النّاس مَن يخونُ الأمينَا

خرت ـ دليل خِرِّيت. وأضيق من خُرْت الإبرة وخَرْتِها ، ووقعوا في مضايق مثل أَخرات الإِبر ، واجعل العود في خُرت الفأس وخَرتِها. والخيط في خُرت القرط وخَرتِه ، وجمل مخروت الأنف ، وقد خَرَته الخِشاش.

ومن المجاز : قَلِقَ خَرْتُ فلان إذا فسد عليه أمره ؛ قال الأعشى :

فإنّي وجَدّكَ لوْ لم تجيء

لقد قَلِقَ الخَرْتُ إلّا قَليلا

وراد خُرْتُ القوم ، ورادت أخراتهم إذا كانوا غرِضِين بمنزلتهم لا يقرّون.

خرث ـ نقلوا خُرْثيَ متاعهم وهو سقطه.

ومن المجاز : فلان يسمع خُرثيَ الكلام وهو ما لا خير فيه. وتقول : ألقى فلان خَراشيَّ صدره وخراثيَ قوله.

خرج ـ ما خرج إلّا خَرجة واحدة ، وما أكثر خرجاتِك وتاراتِ خروجك ، وكنت خارج الدار ، وخارج البلد ، وهذا يوم الخروج أي يوم العيد ؛ قال ذو الرُّمّة :

وعِيطاً كأسرابِ الخروجِ تَشَوّفَتْ

مَعاصرها والعاتقاتُ العوانِسُ

وكم خُراج أرضك وخَراجها ، وخُراج غلامك وخَراجه أي ما يَخرُج لك من غلّتهما. ومنه «الخراج بالضمان» ثمّ سمّي ما يأخذه السلطان خراجاً باسم الخارج. ويقال للجزية : الخراج فيقال : أدّى خراج أرضه ، وأدّى أهلُ الذمّة خراجَ رؤوسهم. وتخارج القوم : تناهدوا. وظليم أخرجُ ، ونعامة خرجاءُ ، والخَرَجُ : بياض وسواد. وقارة خرجاء.

ومن المجاز : خرج فلان في العلم والصناعة خروجاً إذا نبغ ، وخرّجه فلان فتخرّج وهو خرّيجه ؛ قال زهير يصف الخيل :

وخرّجها صوارخ كلّ يَوْمٍ

فقَد جَعَلَتْ عَرائِكها تَلِينُ

أراد وأدّبها كما يخرَّج المتعلم. وناقة مُختَرَجة : خرجت على خِلقة الجمل ، من اخترجه بمعنى استخرجه. وخرجت السماءُ خروجاً : أصحت وانقشع عنها الغيم ؛ قال هِميانُ يصف حُمُراً :

فصَبّحَتْ جابيَةً صُهارِجَا

تحسبه لوْنَ السّماء خارِجَا

أي مصحياً. ويقال للسحابة إذا نشأت من الأفق أوّل ما تنشأ : ما أحسن خروجَها. وفرس خَروجٌ : يعتال بطول عنقه كلّ عنان جُعل عليه ؛ قال :

كلّ قَبّاءَ كالهِراوَةِ عَجْلَى

وخَروجٍ يَغتالُ كلّ عنانِ

وعام مُخَرِّج ، وفيه تخريج : فيه خصب وجدب. وخرّجَتِ الراعيةُ المرتع : أكلت بعضاً وتركت بعضاً. وخرّج الغلامُ لوحه : ترك بعضه غير مكتوب. وإذا كتبت الكتاب فتركت مواضع الفصول والأبواب فهو كتاب مُخرَّج. وخرّج عملَه : جعله ضروباً مختلفة. وفلان خرّاج ولّاج : للمتصرّف. وهو يعرف موالج الأمور ومخارجها ومواردها ومصادرها.

خرد ـ رأيتُ خريدة وخرائد وخُرَّداً : عذارى ، وجارية خَرود ، ونساءٌ خُرْد : خفرات ، وفيهن خَرَد وتخرُّد ؛ قال أوس :

ولم تلهِها تلك التكاليف إنّها

كما شئتَ من أُكرُومَةٍ وتخَرُّدِ

ويقال أَخرد الرجلُ : سكت حياءً ، وأقرد : سكت ذلًّا.

ومن المجاز : لؤلؤة خريدة : عذراء.

خرر ـ خرّ من السقف ، (فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ) (وَخَرَّ سَاجِداً). وخرّوا لأذقانهم خُروراً. وخرّ الماءُ خريراً وخَرخَر ، وكذلك الريح والقصب ؛ وقال العجّاج :

١٥٧

لَوْذَ العَصافيرِ ولَوْذَ الدُّخَّلِ

تحتَ العِضاه من خَريرِ الأجْدَلِ

من حفيفه ، وله عين خرّارة في أرض خوّارة. ولعب الصبيان بالخرّارة وهي الدوّامة والخُذْروف.

ومن المجاز : عصفت ريح فخرّتِ الأشجار للأذقان. والأعراب يخرّون من البوادي إلى القرى أي يسقطون إليها ويطرأون. وجاءنا خرّار من النّاس وفرّار.

خرز ـ عملُه الخِرازة. وكلام فلان كخرز الإماء أي متفاوت درّة وودعة. ووالِ بين الخَرَز. وطائر مُخرَّز : على جناحيه نمنمة تُشبَّه بالخرز.

ومن المجاز : أوتيَ خرزاتِ الملك إذا مُلِّك ؛ قال لبيد :

رَعى خرزاتِ الملكِ ستّينَ حِجّةً

وعشرينَ حتى فادَ والشيبُ شاملُ

وقال :

لَن تُدرِكا خرزاتِ أرْ

بد فابكيا حتى تَفُودَا

وضربه على خَرَزِ ظهره وهي فقاره. وفي مثل : «سَيْرَينِ في خرزة» لمن طلب حاجتين في حاجة.

خرس ـ أخرسه الله. وإذا شهدت من لا يفهم عنك فتخارس ، وهو من خُرْس المجلس إذا لم يتكلّم. ودُعوا إلى الخُرْس ، وهو طعام الولادة ، وأطعِموا النُّفَسَاءَ خُرْسَتَها ، وهو طعامها خاصّة ، وقد خُرّسَتْ فتَخَرّسَتْ ؛ قال :

فلِلّهِ عَينَا مَن رَأى مثل مُقبِسٍ

إذا النُّفَساءُ أصْبَحَتْ لم تُخَرَّسِ

وفي مثل : «تَخَرَّسِي لا مُخَرِّسَةَ لك».

ومن المجاز : كتيبة خَرْساء : ليس لها جلبة ، ورماه الله بخرساء وهي الداهية ؛ قال الأخطل :

وكم أنقَذَتني مِن جَرُورِ حِبالِكم

وخَرْساءَ لوْ يُرْمى بها الفيلُ بَلَّدَا

وأصلها الأفعى ؛ قال عنترة :

عليهم كُلّ مُحكمةٍ دِلاصٍ

كأنّ قَتيرَها أعيانُ خُرْسِ

وعَلَم أخرس : لا يُسمع منه صدى. وسحابة خرساء : لا ترعد. ولبن أخرس : خاثر لا يتخضخض في إنائِه. ونزلنا ببني أخنس فسقونا لبناً أخرس.

خرش ـ رأيت عليه قميصاً مثل خِرْشاءِ الحيّة رقّة وصفاء ، وهو سلخها. وأكل خِرشاءَ اللبن وهو ما ارتفع على رأسه من النُّفّاخات ؛ قال جُبَيْهَاءُ الأشجَعي :

إذا مَسّ خِرْشاءَ الثُّمالَة أنفُهُ

ثنى مِشْفَرَيْهِ للصّريحِ فأقْنَعَا

واقشر خِرشاءَ البيضة وهي القشرة البيضاء الداخلة. وخَرَشَ السّنّوْرُ جِلْدَه ، وتخارشَتِ السّنانير والكلاب ، وخرشه الذبابُ : عضّه.

ومن المجاز : طلعت الشمس في خِرشاءَ أي في غبرة. وهو يلقي من صدره خَراشيَ منكرة وهي النخامة والبلغم. وتقول : ألقى إليّ فلان خراشيَ صدره ، تريد ما أضمره من الأغمار والإحن وأنواع البث. وفلان يَخرِش من فلان الشيءَ بعد الشيء ، ويخترشه أي يأخذه. وعن بعضهم : رب ثديٍ افترشتُه ونهبٍ اخترشتُه وضبٍّ احترشتُه.

خرص ـ خرج الخَرّاصون يخرُصون النخل ، وكم خِرْصُ أرضكم ، بالكسر ، أي ما خُرص فيها. وقطع خُرصانَ الشجر أي قضبانها.

وكأنْ خُرْصَانَ الرّماحِ كَواكِبُ

وهي أسنتها. وركّبَ الخُرْصَ والخَرْصَ والخِرْصَ في رمحه. وما في أذنها خُرْص ولا في بيتها قُرْص ؛ وهو الحلقة بحبّة واحدة. واجتمع عليّ الخَرَصُ وهو الجوع والقُرّ. ورجل خَرِص. وإبل خَرِصَات.

ومن المجاز : (قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ) أي الكذّابون. وقد خَرَصَ يخرُصُ ، واخترص القولَ وتخرّصه : افتعله. وقد تكذّب عليّ فلان وتخرّص ، وقال ذلك تخرُّصاً. وما تملك فلانة خُرْصاً أي لا شيء لها.

خرط ـ خَرَطَ الورقَ : قشره عن الشجرة اجتذاباً له. وخرط العودَ : قشر لحيَه. وحيات مخاريطُ ، جمع مِخراط وهي التي خرطت سلخها ؛ قال المتلمّس :

١٥٨

إنّي كسَاني أبو قابوسَ مُرْفلَةً

كأنّها سلخ أبكار المَخاريطِ

واخْرَوّط بهم السير : امتَدّ.

ومن المجاز : فرس خَرُوط : يجتذب رسنه من يد ممسكه ، وقد خَرَط خِرَاطاً. وبرئت إليك من الخِرَاط. ورجل خَرُوط : متهور يركب رأسه. وفي حديث عليّ رضي‌الله‌عنه : «إنّك لخَروط ، أتؤمّ قوماً وهم لك كارهون!». وخَرَط الفحلَ في الشّوْل : أرسله. ورجل مخروط الوجه ، ومخروط اللحية : طويلهما من غير عرض ، وله لحية مخروطة. وبئر مخروطة : ضيقة. وخرط القصبَ : أمَرّ يده عليه. وخرجت خُراطته. وخَرَطَه الدواءُ : أمشاه ، وأخذه الخُرَاط ، وسمعتهم يقولون : خَرَطَني بطني ، وخرّط البقلُ الماشيةَ تخريطاً. واخترطَ سيفَه. وخرط علينا غلامُه فآذانا. وفي الحديث : «خرط علينا الاحتلامُ». وبينا نحن قعود إذا انخرط علينا فلان بالشرّ والمكروه. ودونه خَرْطُ القتاد. ووسمه على الخُرْطوم : أذلّه. وهم خراطيم القوم : لسادتهم. وشربَ الخُرطومَ : السلافةَ لأنّها أوّل ما ينعصر ؛ وقال الأخطل :

جادَتْ بها من ذواتِ القارِ مُترَعَة

كلفاءُ يَنحَتُّ عن خرْطومِها المَدَرُ

أراد فم الخابية.

خرع ـ في العُودِ خَرَعٌ أي لين ورخاوة ، وعودٌ خَرِعٌ ، وشيءٌ خريع : ليّن متثنٍّ ، ومنه قيل للفاجرة : الخريع ؛ قال :

يزينُ جَمالَ الدّلّ منها رَزانَةٌ

وحلْمٌ إذا خَفّ النّساء الخرائعُ

وتقول : هو خليع بيّن الخلاعة وامرأته خريع بيّنة الخراعة ، وهو رخو كالخِرْوَع. واخترع باطلاً : اخترصه. واخترعَ الله الأشياءَ : ابتدعها من غير سبب.

ومن المجاز : في فلان خَرَعٌ أي جبن وخور. وعيش خِرْوَعٌ ، وشبابٌ خِروعٌ : ناعم ؛ قال :

فظَلّ أصحابي بعَيشٍ خِرْوَعِ

بينَ النّشيلِ الرَّخْصِ والمشعشعِ

وقال أبو النّجم :

فهْيَ تَمَطّى في سَبَابٍ خِرْوَعِ

وغصن خُرعوبٌ : متثنٍّ. وامرأة خُرعوبَة.

خرف ـ خَرَفَ الثمار واخترفَها : اجتناها. واخرفي لنا يا جارية. وخرجوا إلى المخارف بالمخارف ، جمع مَخْرَفٍ ومِخْرَفٍ ، أي إلى البساتين بالزُّبُل. وأتحَفَه بخُرافة نخلته وخُرفتها ، وهي ما اخترف منها. وخُرِفتِ الأرضُ ورُبعت : مُطرت. وأخرفْنا بها : أقمنا في الخريف. وعندنا خروف وخِرفان. وفي مثل : «كالخروف أينما اتّكأ اتكأ على صوف» يُضرب لذي الرفاهية.

خرق ـ خَرَق الثوبَ وخرّقه : وسّع شقّه ، وانخرق وتخرّق ، وهو منخرق السّربال ، وثوبه خِرَقٌ ومِزَقٌ ، وفيه خَرْق واسع ، وخروق ، واتّسع الخَرْقُ على الراقع. وشاة خَرقاء : مثقوبة الأذن. وهم يلعبون بالمخاريق ، وكأن سيفَه مِخراقُ لاعب. ومررنا بخَريق من الأرض ، وهي الواسعة الكثيرة النبات. وقد خَرِقَ في عمله ، وفيه خُرْقٌ ، وهو أخرق ، وهي خرقاء. وفي مثل : «لا تعدم خرقاءُ عله». وأصابه بَرَقٌ وخَرَقٌ ، وهو الدهش ، من خرِق الغزال خَرَقاً إذا أطيف به فلزق بالأرض.

ومن المجاز : خَرَقتُ المفازة : قطعتها حتى بلغتُ أقصاها. والثور مِخراق المفازة. ووقعتْ في الأرض خِرْقَةٌ من جراد ؛ قال :

قد نَزَلَتْ بساحَةِ ابنِ وَاصِلِ

خِرقَةُ رِجْلٍ من جَرادٍ نازِلِ

واخترقتُ الأرضَ : مررتُ فيها عرضاً على غير طريق. ولا تخترق المسجدَ : لا تجعله طريقاً لحاجتك. والريح تخترق البلدَ. وبلد بعيد المخترق. والخيل تخترِق ما بين القرى والشجر. واخترقتُ القوم : مضيت وسطهم. وخَرَقَ الكذب وخرّقه واخترقه وتخرّقه : اشتقّه. وانخرقتِ الرّيح : اشتدّ هبوبها ؛ قال :

يكلُّ وفدُ الرّيح من حَيثُ انخَرَقْ

وكأنّه خَريقٌ في خَريقٍ أي ريح شديدة في متسع من الأرض. وفلان خِرْقٌ يتخرّق في السخاء : يتسع فيه. وهو منخرق

١٥٩

الكفّ بالنوال ، ومخروق الكفّ : لا يليق شيئاً ؛ قال الشمّاخ :

معي كلُ خِرْقٍ في الغزاةِ سميذَعٍ

وفي الحَيّ دارِيِّ العشيّاتِ ذَيّالِ

الداريّ : المتطيّب. وناقة خرقاء : لا تتعاهد مواضع قوائمها من الأرض. وريح خرقاء : لا تدوم على جهة في هبوبها ، وصفت بالخُرْق كما وصفت بالهَوَجِ. واستعار المِخراق للسيف من قال :

أنا ابنُ توٍّ ومَعي مِخراقي

أطنُّ كلَّ ساعدٍ وسَاقِ

كما شبّهه الآخر به في قوله :

كأنّ سُيوفَنا منّا ومِنهُمْ

مَخارِيقٌ بِأيدي لاعِبِينَا

خرم ـ خَرَمَ الشيءَ : خرقه. وخرم الخرزَ : أثآه. وهو مخروم الشفة والأنف. ورجل أخرمُ : مخروم وترة الأنف. واخترمهم الدّهر وتخرّمهم ؛ قال أبو ذؤيب :

سَبَقُوا هَويَّ وأعْنَقُوا لهَوَاهمُ

فتُخُرِّموا ولكلِّ جَنبٍ مَصرَعُ

وطلع مَخْرِمَ الجبل وهو أنفه. وهو طلّاع المخارم. وعيش خُرَّمٌ : ناعم. وعن بعض العرب : كان أخي معها بعيشٍ خُرَّمٍ ، فقيل له : ما الخرَّم؟ فقال : العيش الرغد ؛ وقال :

فخصَّ بها أوطانَ خَوْدٍ غَريرَةٍ

منعَّمَةٍ لاقتْ منَ العيشِ خُرَّمَا

لها قَدَمٌ مخصُورَةٌ غيرُ شَثْنَةٍ

وكعبٌ تَراهُ وارِيَ الحَجْمِ أدرَمَا

سنام وارٍ : سمين. وتخرّم فلان : ذهب مذهب الخُرّمِيّةِ.

ومن المجاز : تخرّمَ أنفُ فلان : سكن غضبه. وذهب فلان دليلاً فما خرَم عن الطريق ، إذا لم يعدل عنه. وخرَمته الخوارِمُ إذا مات. وهذَّ السورة هذّاً : ما خرَم منها حرفاً. ورجل أخرم الرأيِ : ضعيفه. ويمين ذات مَخارِمَ ، ولا خير في يمين لا مخارم لها وهي المخارج ، وهذه يمين طلعت في المخارم إذا كانت لها مخارج ؛ قال :

ولا خَيرَ في مالٍ بغيرِ رَزِيّةٍ

وَلا في يَمينٍ غير ذات مَخارِمِ

خزر ـ رجل أخزرُ : ينظر بمؤخر عينه ، وقيل هو الذي ضاقت عينه وصغرت ، وامرأة خزراء ، وقومٌ خُزْرٌ ، وبعينه خَزَرٌ ، وهم إلينا خُزْر العيون ؛ قال الأخطل :

خُزرُ العيونِ إلى رماحٍ بعدَ ما

جعلَتْ لضَبّةَ بالرّماحِ ظِلالا

وهو نظر العداوة ؛ قال :

وإنّني أرَى عُيُوناً خُزْرَا

وإنّهُم ليَطلبُونَ وِتْرَا

وبه سمّي الخَزَرُ جيل من الترك. وكلّ خنزير أخزَرُ ؛ قال جرير :

لا تَفْخُرُنَّ فإنّ اللهَ أنزَلَكُم

يا خُزْرَ تغلبَ دارَ الذّلِّ والعارِ

أراد يا خنازير تغلب. وخنزر الرجلُ : إذا نظر بمؤخر عينه ، وإذا قبض جفنيه ليحدّد النظر قيل : قد تخازر ؛ قال العجّاج :

لقد تخازَرْتُ وما بي من خَزَرْ

وهي تمشي الخَيْزَرَى والخَوْزَرَى أي المشية التي فيها تفكّك أي اضطرب واسترخاء ، كأنّما تتحلّل أعضاؤها ، وينفكّ بعضها من بعض في تبخترها ؛ قال :

والنّاشئات الماشيات الخَوْزَرَى

ويصدّقه الخَيْزَلَى والخَوْزَلَى ، كأنّها تنخزل أي تنقطع كقوله :

تمشي رُوَيداً تكادُ تَنغَرِفُ

وأنشد يعقوب يصفها بالكسل :

ثِقَالُ الضُّحَى في بَيتِها مُرْجَحِنَّةٌ

وتمشي العشيّ الخيزَلى رخوَة اليَدِ

وأكلَ الخزيرة والخزيرَ. وتقول : قَرَّبَ إليهم قصعة من الخزير ثمّ قعد ينظر إليهم نظر الخنزير ، وكأنّ قدّها غصن بانٍ أو قضيب خيزران ؛ وأشار الخليفة بخَيزُرانته أي بقضيبه.

١٦٠