أساس البلاغة

المؤلف:

أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار صادر
الطبعة: ٠
الصفحات: ٧١٧

إذا المالُ لم يُوجبْ عليك عطاءَهُ

صَنيعةُ قربَى أو حبيبٍ تُوامقُهْ

منعتَ وبعضُ المنع حزْمٌ وقوّةٌ

ولم يَفتلذكَ المالَ إلّا حَقائقُهْ

أي لم يفتلذ منك. وتقول : الضرب بالفواليذ غير الضرب بالفواليذ ، جمع : فولاذ وفالوذ.

ومن المجاز : إن من أشراط الساعة أن ترمي الأرض بأفلاذ كبدها.

فلز ـ من أعزّه هذا الفِلِزّ فهو العزيز المستعزّ ؛ وهو اسم جامع لجواهر الأرض من الذهب والفضة والصفر والنحاس وغيرها.

ومن المجاز : قولهم للبخيل المتشدّد : فِلِزٌّ ؛ شُبِّهَ بهذا الجنس ليبسه وجساوته أو لنبوّه على طالبيه ، ألا ترى إلى قول رؤبة :

وكُرَّزٍ يمشي بَطِينَ الكُرْزِ

لا يرْهَبُ الكيَّ بنارِ الكَنْزِ

كأنّما جُمِّعَ من فِلِزِّ

وقيل لما يُجَرَّبُ عليه السيف : الفِلِزُّ لأنّه لا يجرّب إلّا على شيء ينبو عنه الدَّدَانُ ولا يمضي فيه ؛ قال :

فقلتُ للقوْمِ لا تُدنوا فِلِزَّكُمُ

من قاطعٍ طبَّق الأعناقَ مسمومِ

فلس ـ هم قوم مفاليس : اسم جمع مُفْلِس ، كقولهم : مفاطير في جمع : مُفطِر أو جمع : مِفلاس. وسمعتهم يقولون : فلانٌ فَلِسٌ من كلّ خير. ووقع في فَلَسٍ شديد. وهو مُفْلِسٌ مُفلَّسٌ وهو الذي فلَّسه القاضي أي نادى عليه بالإفلاس. وتقول : فلان مُفَيْلِس ما له إلّا أُفَيْلِس.

فلف ـ ألقِ الفَوْلَفَ على الثياب وهو ما يلفّ عليها وتغطّى به من كساء أو غيره ؛ قال العجّاج :

وصار رقراقُ السَّرابِ فَوْلَفا

للبيدِ واعرَورَى النِّعافَ النُّعَّفا

فلق ـ فَلَقَ اللهُ الصّبح والحَبَّ والنّوَى ، وفلقت الفُستُقةَ والرّمانة ، وهاتِ فِلقَةً منها. وتقول : هو أشهر من شِيَة الأبلق بل من وضح الفَلق. وسمعتُه من فَلْق فيهِ وفِلْق فِيه. وضربته على فَلْق مَفْرَقه ، وتفلَّق البيضُ. وهذه فُلاق وفِلاق البيض وفَلقُه وفِلقُه. وتَفلّق الرّائب إذا كان متفرّقاً مُتحبّباً لم يَلتحم. وشاعر مُفْلِق : يأتي بالفِلْق وهو العجَبُ. وتقول : أقلُّ الشعراء مُفلِق وأكثرهم مُقلق. ويا للفَليقة : للأمر المنكر. وهذا رجل مِفلاق : يأتي بالمنكرات. و «جاء بعُلَقَ فُلَقَ» على التركيب كخمسةَ عشرَ أي بأمر يَعْلَق ويَفْلِق. وقد أعلَقتَ وأفلقْتَ : جئتَ به. ورماهم بفَيلق شهباءَ وهي الكتيبة المُنكرة. وبُلي فلانٌ بامرأةٍ فيلق : منكرة صخّابةٍ. وتقول : بات فلان في الشَّفق والفَلَق ، من الشَّفق إلى الفَلق أي في الخوف. والمِقْطَرَةُ وهي خشبة تُفلَق لأرجُل اللّصوص والدُّعّار ويُقطَّرون فيها.

ومن المجاز : قول النابغة :

فإن تَبَلَّجَ فلَقُ المجد عن غرّة

مواهبه فأنتَ قَسيم ما أفدت (١)

فلك ـ فَلَّك ثَديُ الجارية وتفلّك واستفلَك : صار كالفَلْكَة وكالفِلْكَة ؛ قال امرؤ القيس :

ومُسْتَفْلِكِ الذِّفْرَى كأنّ عِنانه

ومَثناتَهُ في رأس جِذعٍ مُشذَّبِ

وقال عُتَيبة بن مرداس :

تُطالعُ أهلَ السوقِ والبابُ دونها

بمُسْتَفْلِكِ الذِّفْرَى أسيل المذَمَّر

صِغَر الذِّفْرَى : مدحٌ في الإبل. ويقال : تركتُه كأنّه يدور في فَلَك وتركتُه يدور كأنّه فلك إذا تركتَه مضطرباً لا يقَرّ به قرار كالكوكب الذي لا يزال في فَلَكه أو كما يدور الفَلَك ، وقيل : الفَلَكُ الماء الذي تضربه الريحُ فيتموّج ويجيء ويذهب. وكلّ مستدير من أرض أو غيرها : فَلَك ؛ قال ذو الرُّمّة :

حتى أتَى فلَكُ الخَلْصاء دونهمُ

واعتمَّ قُورُ الفلا بالآل واختَدَرَا

ومن المجاز : ما طلعتْ كواكبُ حسناته في فَلك هِمَمه إلّا أسالتْ غيوثُ أنوائه شِعابَ خَدَمه.

__________________

(١) البيت مختل الوزن غامض المعنى ولم نجده في ديوان النابغة.

٤٨١

فلل ـ فُلِّل السّيفُ وتفلّل ، وفي حدّه تفليل وتَفَلُّلٌ ، وسيفٌ أفَلُ : ذمٌّ لما به من الخلل الظاهر ومَدْحٌ لما ضرب به كثيراً ؛ قال صَخْر الغَيّ :

فيخبره بأنّ العقل عندي

جُرازٌ لا أفَلُ ولا أنيثُ

وقال حاتم :

إنّي لأبذلُ طارفي وتلادي

إلّا الأفلَ وشِكّتي والجَرْولا

هو فرسه. ونابٌ فَليلٌ : فُلّ منه شيء أي كسر ، وثغر مُفَلَّلٌ : مؤشّر وفيه تفليل وتأشير. وتقول : فُلَّتْ جيوشهم وثُلَّت عروشهم. وذهبوا فِلالاً وطاروا شِلالاً ؛ أي مفلولين مشلولين. وتركتُهم وهم فَرٌّ مشرّدون وفَلٌ مطرّدون. وقُرْصٌ مُفلفَلٌ : جُعِل فيه الفُلفُل.

ومن المجاز : فلانٌ فِلّ من الخير : خالٍ منه؛ من الأرض الفِلّ غير الممطورة. وتقول : فلان إن ذكرتَ الشرّ كان صِلّا وإن ذكرت الخير كان فِلّا. وشرابٌ مُفَلفَلٌ : فيه لذعة للسان كأنّ فيه فُلفُلاً. وهو مفَلفَل الشعر : شديد الجُعُودة. ورؤوس الحبش مفلفَلة وهو من الفُلفُل؛ ألا ترى إلى قول الراعي :

دَسِمُ الثيابِ كأنّ فروة رأسِه

زُرعت فأنبتَ جانباها فلفُلا

وتفلفلت حلماتُ ضَرْع النّاقة إذا اسوَدّتْ للإقراب ؛ وقال مزاحم العُقَيْليّ :

تكَشَّفَ عن ضاوي الغِراز كأنّهُ

فَلافلُ جُونٌ عَهْدُهنّ قديمُ

يعني إذا رمحت الأتان العَيْر تكشَّف الضرع عن يابس ذاهب اللّبن وهو صفته ؛ وقال أبو النّجم :

وانتفَضَ البَرْوَقُ سُوداً فُلفُلهْ

واختلفَ النّملُ فصار ينقلهْ

سمَّى حبَّه فلفلاً لسواده على سبيل الاستعارة.

فلي ـ فَلَيْتُ رأسي واستفليتُه ، واستفليتُ رأسي : طلبتُ أن يُفْلَى ؛ قال :

وقد أختَلِسُ الطّعْنَ

ة لا يدمَى لها نَصْلي

كجَيبِ الدِّفْنِسِ الوَرها

ء رِيعتْ وهيَ تستَفلي

وتَفالى الحماران ؛ قال ذو الرُّمّة :

وظلّتْ بمَلقَى واحفٍ جَرَعَ المِعَى

صِياماً تَفالى مُصْلخِمّاً أميرُها

أي عظيماً في نفسه متكبّراً. ورأيتُ النساء يَتَفالَينَ. «وما أُشبّهك إلّا بفالية الأفاعي» وهي هُنَيَّة من جنس الخنافس مُنقَّطة تكون عند جِحَرَة الحيّات تَفْليهنّ ؛ قال أبو الدّقيش : هي سيّدة الخنافس. تقوله لذي الشفقة على الظَّلَمة.

ومن المجاز : فَلَيْتُ الشِّعْر : تدبرته وفتّشتُ عن معانيه. يقال : افْلِ هذا البيت فإنّه صعب. وفلَيتُ القومَ بعيني وافتليتُهم : تأمّلتهم ، كما تقول : جسستهم بعيني ، وفلَيْتُ خبرهم وافتليته. وفليتُ القوم وفلوتُهم حتى لقيتُ فلاناً أي تخلّلتُهم ، ومنه : فلَيتُ رأسه بالسّيف وفلوته. وفلا المفازةَ ، والفلاةُ فَعَلَةٌ منه. وفلانة بدويّة فَلوية. وتقول : أتْرَكُ النّاس للصّلوات أهل الفلوات. وأفلينا : دخلنا في الفلاة ، ومنه : فلوتُ المُهْرَ عن أمّه وافتليته : فصلتُه ؛ قال :

نَقودُ جيادهنّ ونَفتَليها

ولا نَغذو التّيوس ولا القِهادَا

وله فُلُوٌّ وفَلُوٌّ وأفْلاءٌ.

فند ـ يقال للضخم الثقيل : كأنّه فَنْدٌ وفِنْدٌ وهو الشِّمْراخ من الجبل. وقيل لشَهْلٍ : الفِندُ ، لقوله في بعض الوقائع : استندوا إليّ فإنّي لكم فِنْدٌ ، وسُمّي به من قيل فيه : «أبطأ من فِنْدٍ» لتثاقله في الحاجات. وفلان مُفْنَدٌ ومُفَنَّدٌ : إذا أُنكر عقله من هَرم وخلّطَ في كلامه ، وقد أفنده الهَرم : جعله في قلّة فهمه كالحجر ؛ كما قال :

إذا أنتَ لم تعشقْ ولم تدرِ ما الهوَى

فكن حجراً من يابس الصّخرِ جَلمدا

٤٨٢

وفيه فَنَد. وقد فنّد صاحبَه إذا ضعّف رأيه ونسبه إلى الفَنَد. وتقول : فلان ملوم مُفَنَّد ، كلّ لسانٍ عليه سيف مهنّد. ولا يقال للمرأة مفنّدة لأنّها لم تكن في شبيبتها ذات رأي فتفنّد في كبرها.

ومن المجاز : ما ورد في هذا الحديث : «إنّي أريد أن أفنِّد فرساً». أي أتخذه حِصْناً ألجأ إليه من الفِنْد.

فنع ـ مَنْ فَنِع قَنِع أي استغنى وكثُر ماله. ويقال : فيه فَنَع وهو الكرم وكثرة العطاء ؛ قال الزِّبْرِقان :

أَظِلَّ بَيْتيَ أم حَسناءَ ناعمَة

عيّرتني أم عطاءَ الله ذي الفَنَع؟

فنق ـ جاريةٌ فُنُقٌ : ناعمة ، وفنَّقها أهلُها ، وفنّق اللهُ عيشه ، وفانَقَه نحو : نعّمه وناعمه ؛ قال عَدِيّ :

زانهنّ الشُّفوفُ يَنْضَحنَ بالم

سك وعيشٌ مُفانَقٌ وحَريرُ

وفلان يتفنّق كما يتفنّق الصبيّ الكريم على أهله. ورأيتُه يخطر كأنّه فَنيق وهو الفحل المُكرّم عند أهله المُقْرَم لا يؤذَى ولا يُركب.

فنن ـ أخذ في أفانين الكلام. وافتنَ في الحديث وتفنّن فيه. وجرى الفرس أفانين من الجري ، وافتنّ في جريه ، ورجلٌ وفرسٌ مِفَنٌ. وفنَّنَ فلانٌ رأيه : لوَّنه ولم يستقم على واحد. والخيل ينفضن أفنان السّبيب وأفانينه وهي خُصَلُه. ورجل فَيْنان الشَّعر. وغصنٌ فينان : كثير الأفنان وهو في ظلّ عيش فينان.

فنو ـ شجرة فَنْواء قَنْواء : كثيرة الأفنان طويلة. وهو شيخ فانٍ ، وقد فَني يَفنى إذا هَرِم. وقد تقاتلوا حتى تفانَوْا. وتقول : أفناء النّاس يُهرِعون إلى فِنَائه ويكرعون في إنائه. وهم فنون النّاس ، قيل : أفْناءٌ في أفنانٍ كما قيل : فَنْواء في فَنَّاء.

فوت ـ فاتَني بكذا : سبقني به وذهب به عني ؛ قال الأخطل :

صَحا القلبُ إلّا من ظعائن فاتَني

بهنّ أميرٌ مستبدٌّ فأصْعَدا

وجارَيتُه حتى فُتُّه أي سبقتُه. وهم يتفاوتون إلى الشَّرف. وافْتَات فلان عليكم برأيه : سبقكم به ولم يشاوركم. وفلان لا يُفات عليه ولا يُفتات عليه. أي لا يُستَبَدّ برأيٍ دونه. وفي الحديث : «أوَمثلي يُفْتات عليه في بناته»؟ وفلان يَتفوَّت على أبيه في ماله أي يُبَذّره بغير إذنه. ورجلٌ فُوَيتٌ : يستبدّ برأيه. وتقول : أبعد الله كلَ فُوَيْت قاعدٍ بين لوٍّ ولَيْت. وهو مني فَوْتَ الرّمح أي حيث لا يبلغه ، وسُمع أعرابيّ يقول لآخر : أدْنُ دونك فأبطأ ، فقال : جعل اللهُ رزقك فَوْت فمك أي تنظر إليه قدر ما يفوت فمك ولا تقدر عليه. وأفلتنا فلانٌ فَوْتَ اليد وفُوَيْتَ الظُّفُر ؛ قال طُفَيل :

مُشِيفٌ على إحدى اثنتَين بنَفسِه

فُوَيْتَ العَوالي بينَ أسْرٍ ومَقْتَلِ

وقال رؤبة :

إن أنا لم أصْدُقْك ما لَقِيتُ

من كُربٍ فَوْتَ الرّدَى رَديتُ

أي قَريب من الرّدى. وأعوذ بالله من موت الفُوات وهو الفُجَاءة.

فوج ـ أقبلوا فَوْجاً فَوْجاً يموج بهم الوادي مَوْجاً.

فوح ـ قال :

تَفَاوَحَ مِسكُ الغانياتِ ورَنْدُهُ

وتقول : نزلنا في بستان تناوحتْ أطيارُه وتفاوحت أنوارُه.

فود ـ حلّ الشَّيبُ بفَوْديه وهما جانبا الرأس.

ومن المجاز : ارفع فَوْدَ الخِباء أي جانبه. وألقتِ العُقابُ فَوْديها على الهيثم أي جَنَاحيها. ونزلوا بين فَوْدَي الوادي. واستلمتُ فَوْدَ البيت أي ركنَه. وما هذه العِلاوة بين الفَوْدين أي العِكْمين. وجعلتُ الكتابَ فَوْدَينِ إذا طويتَ أعلاه وأسفله حتى صار نصفين. وتقول : وفد الشّيبُ على فَوْدك فاستحي من وفْدِك.

فور ـ فارَت القِدرُ ، وفارت فوّارتُها. وعين فَوّاره في أرض خَوّاره. وفار الماءُ من العين.

ومن المجاز : فار الغضب ، وأخاف أن تفور عليّ ، وقال ذلك في فَوْرة الغضب. ويقال : فلان ثار ثائِره وفار فائره ؛ إذا اشتدّ غضبه. وبنو فلانٍ تفور علينا قِدرهم ؛ قال :

٤٨٣

تفورُ علينا قِدرُهم فَنُديمُها

ونَفْثَؤها عَنّا إذا حَمْيُها غلا

وشرب فَوْرة العُقار وهي طُفَاوتها وما فار منها. وأخذتُ الشيء بفوْرته أي بحداثته. وقَفَلوا من غَزْوة وخرجوا من فَوْرهم إلى أخرى. وانظر إلى فَوَّارتَيْ ورِكيه وهما اللّتان تفوران أي تتحرّكان إذا مشى الفرسُ ، ويقال لهما : فوَّارتا الوَرك ودَوّارتَاه ، ومنه قولهم : «لا أفعل ذلك ما لألأتِ الفُورُ» أي بَصبَصت التي تفور بأذنابها أي تُحرّكها ، قيل : هي الظّباء ، وقيل : أولاد الأرْوَى.

فوز ـ طوبَى لمن فاز بالثواب وفاز من العِقاب ؛ أي ظفر ونجا. وهو بمَفَازة من العذاب أي بمنجاة منه. وضربوا الفازات أي الفَسَاطيط. وتقول : تلك الفازه فيها المفازه أي المَفْلَحة.

ومن المجاز : المفازة للفلاة ؛ سمِّيتْ باسم المَنْجاة على سبيل التفاؤل. وفَوَّز المسافِرُ : رَكب المفازةَ ومضى فيها ؛ قال حسّان :

للهِ دَرُّ رافِعٍ أنّى اهتدَى

فَوَّز من قُراقِر إلى سُوَى

وفوّز بإبله. وفوّز الرجلُ : مات فصار في مفازَةِ ما بين الدنيا والآخرة من البَرزخ الممدود أو لأن المفازة صارت اسماً للمَهْلَكَة فأُخذ منها فَوَّز بمعنى هلك. وفاز سهمُه ، وخرج له سهمٌ فائِز إذا غلب. وفاز بفائزة أي بشيء يسرّه ويصيب به الفوز. وتقول : فاز فلان بفائزةٍ هَنِيّه وأجيز بجائزةٍ سَنِيّه.

فوض ـ (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ). وفاوضتُه في أمري : جاريتُه ، وكانت بيننا مفاوضاتٌ ومُخاوضاتٌ. وبنو فلان فَوْضَى : مُختلطون لا أمير عليهم ؛ قال :

لا يَصْلُحُ النّاسُ فَوْضَى لا سَرَاةَ لهم

ولا سَرَاةَ إذا جهّالهم سادوا

ومالُهم فَوْضَى بينهم : مُخْتَلِط من أراد منهم شيئاً أخذه ؛ قال :

طعامهمُ فَوْضَى فَضاً في رِحالهم

ولا يُحسِنُونَ السِّرّ إلّا تَنَادِيا

أي مختلط واسع لا يَخبأون منه شيئاً بل يَتداعَوْن إليه ، ومنه : شركة المُفاوضة وهي المُساواة والمُخالطة. وتفاوض الشريكان : تساويا.

فوع ـ وجدتُ فَوْعَة الطِّيب وفَوْحته وفَوْرته وخَمْرته ؛ وذلك حِدَّة ريحه وشِدّتها إذا اختَمَر. وأتيتُه فَوْعَة النهار وفَوْعةَ الضُّحَى وهي ارتفاعه. وكان ذلك في فوْعَةِ الشباب.

فوف ـ تقول : شعر كأنّه أفْواف الوشي ، وحُلّةٌ أفوافٌ. وبُرد مُفوّف : أصله من الفُوف وهو نُقَط بياض في أظفار الأحداث ، الواحدة فوفة.

ومن المجاز : رأيت كفّاً عن الخير مكفوفه لا تعطي أحداً أبداً فوفه ؛ وقال :

فأرسلتُ إلى سَلمى

بأنّ النّفسَ مشغوفهْ

فما جادتْ لَنا سَلمى

بزِنْجيرٍ وَلا فوفَهْ

ويقولون : ما فاف فلانٌ لفلان ولا زنْجَر ؛ وهو أن يقول بظُفُر إبهامه على ظفر سَبّابته : ولا مثل ذا ، ثمّ يَقْرع بينهما. وتقول : شكونا إلى سِنْجر فما فاف لنا ولا زنجر.

فوق ـ ما بقي في كِنانتي إلّا سَهْمٌ أفْوَقُ وهو الذي في إحدى زَنَمتَيه كَسْر أو مَيْل ، وفوَّق السّهمَ : جعل الوَتَرَ في فُوقه عند الرّمي. وتقول : لا زلتَ للخير مُوَفَّقا وسهمُك في الكرم مُفَوّقا. وفوّقه : جعل له فُوقاً. وفاقَه : كسر فُوقَه. وفاق قومه : فَضَلهم. ورجُل فائِق في العلم ، وهو يتفوّق على قومه. وفوّقتُه عليهم : فضّلتُه. وأفاق فلان من المرض واستفاق. وفلان مدمِن لا يَستفيق من الشَّراب. وتفوَّق الفصيلُ أمَّه : رَضَعَها فُوَاقاً فُوَاقاً ، وفوّقه الرّاعي.

ومن المجاز : تفوّقتُ الماءَ : شربتُه شيئاً بعد شيء ، وتفوّقتُ مالي : أنفقتُه على مهل ؛ قال :

تفوّقتُ مالي من طريفٍ وتالدٍ

تَفَوُّقيَ الصّهباءَ من حَلَب الكَرْم

وتفوّقتُ وِرْدي : أخذتُه قليلاً قليلاً. وأتيتُه فِيقَة الضحى ومَيْعته ، وخرجنا بعد أفاويق من اللّيل. ومجّتْ السّحابةُ أفاويقَها. وأرضعني أفاويقَ بِرّه. وفوّقَني الأماني. وما أقام

٤٨٤

عنده إلّا فُواقَ نَاقَةٍ وفِيقَةَ ناقةٍ أي قليلاً ، وذلك أن الناقة تُحلب في اليوم خمس مرّات أو ستّ مرّات فما اجتمع بين الحلبتين فهو فِيقَةٌ. «وما بلِلتُ منه بأفْوَقَ نَاصِل». ويقولون : رمينا فُواقاً واحداً أي رِشقاً. وأقبِلْ على أفواق نَبْلك ؛ قال عبيدة :

فأقبِلْ على أفواق نبلك إنّما

تكلّفتَ بالأشياء ما هو ذاهبُ

ويقال : له من كذا سهمٌ ذو فُوقٍ أي حظّ كامل. وسهمٌ أفوقُ أي ناقص. ويقال للرَّجل إذا أخذ في فنٍّ من الكلام : خذ في فُوقٍ أحسنَ منه. وارجع إن شئتَ في فُوقي أي كما كنّا عليه من المُؤاخاة ؛ قال :

هل أنتِ قائلة خيراً وتاركَةٌ

شَرّاً وراجعَةٌ إن شئتِ في فُوقي

وكان فلان لأوّل فُوقٍ أي أوّل مَرْميٍّ وهالكٍ ؛ قال أميّة :

دار قومي بمنزلٍ غير ضَنْكٍ

من يُرِدنا يكن لأوَّلِ فُوقِ

ويقال لمن مضى ولم يرجع : ما ارتدّ على فُوقٍ. وفعلتَ فَعْلةً لا تَرْتَدّ على فُوقٍ. وأفاق الزمانُ : جاء بالخِصب بعد الضّيق ؛ قال الأعشى :

المُهينِين ما لهم في زمان السَّ

وْء حتى إذا أفاقَ أفاقُوا

فوم ـ فوِّموا لنا أي اخْبزوا من الفُوم وهو البُرُّ ، وقيل : الخُبز.

فوه ـ ما فهتُ بكلمةٍ وما تفوَّهتُ بها وفاوهتُه بكذا ، وتفاوهوا به. وكان الأحنف مفوَّهاً منطيقاً. ورجلٌ أفوهُ وامرأة فَوهاء ، وزوَّجوني فَوْهاء شَوهاء : واسعة الفم قبيحة. وفرس فوهاء شوهاء : حديدة النّفْس. ورجلٌ فَيِّهٌ ومستفيهٌ : أكول ، واستفاهَ فلانٌ : اشتدّ أكله بعد قلّته. ورأيته عند فُوَّهَة النهر وفُوَّهة الزُّقاق. وتَفَوَّهَ الزُّقاقَ : دخله. وفي الحديث : «إنّه خرج فلمّا تفوّه البقيعَ قال السلام عليكم». وعنده أفواه الطِّيب وأفاويهُ الطِّيب. وشرابٌ مفوَّهٌ : مطيَّبٌ. وتقول : مِنطيق مفوَّهٌ ومنطق مفوَّه. وقد أصاب المالُ من أفواه البقل أي من أخلاطه وصنوفه ؛ قال :

بها قضبُ الرَّيحانِ تَندَى وحَنوَةٌ

ومن كلِ أفواهِ البُقولِ بها بقْلُ

وتقول : إنَّ ردَّ الفُوهَةِ لشديدٌ ، وهي القالة.

ومن المجاز : مَحالةٌ فَوهاء : بيّنة الفوَهِ إذا اتّسعت وطالت أسنانها. وطعنةٌ فوهاء : واسعة. ودخلوا في أفواه البلد وخرجوا من أرجله وهي أوائله وأواخره ؛ قال ذو الرُّمّة :

ولوْ قمتُ مذ قام ابن ليلى لقد هوَتْ

ركابي بأفواه السّماوةِ والرِّجلِ

أي لو قمت من مرضي منذ وُلِّيَ عبد العزيز بن مروان لسرت إليه. وطلعتْ علينا فُوَّهَةُ إبلك أي أوّلها. ويقال : سَقَطَ فُوه ولا فُضّ فُوه أي ثغره ، وسقط لفِيه أي لوجهه. «ولو وجدت إليه فَاكَرِشٍ» أي أدنى طريق. «وفاها لفيك» أي جعل الله فم الداهية لفيك أي كفحتك الداهيةُ ؛ قال الكميت :

ولا أقولُ لذي ذنبٍ وآصرَةٍ

فاهَا لفيك على حالٍ من العطبِ

وجرَّ فلانٌ إبله على أفواهها إذا تركها ترعى وتسير ، وسقى إبله على أفواهها إذا نزع لها الماء وهي تشرب.

فهد ـ «أنوَم من فَهْدٍ» ، وتقول : كنتَ لي دائم السهد فنمتَ عني نومة الفهد. وفهِدْتَ عني فَهَداً : غفلتَ. وفي حديث أمّ زرع : زوجي إن دخَلَ فَهِد وإن خرج أَسِد ولا يَسأل عمّا عَهِد. وفرس شديد الفَهْدتين وهما لحمتان كالفِهرين ناتئتان في زوْره ؛ قال أبو دؤاد :

كأنّ الغضون من الفَهدتين

إلى بلدَةِ الزَّوْرِ حَبْكُ العَقِدْ

فهر ـ اضرب الوتِد بالفِهر ، وهي مؤنثة وبتصغيرها سُمّي أبو عامر بن فُهَيْرةَ. وتقول : فلان يتلصّص كالفُوَيره ثمّ يصبر على الضرب كالفُهَيره. وقعد يرمي في حلقه أمثال الأفهار أي يدهور اللّقم. وكأنّهم اليهود خرجوا من فُهْرِهم وهو مدراسهم تعريب بُهْر بالعبرانيّة. ونهَى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الفَهَر(وتُسكَّن). وهو أن يخالط إحدى جاريتيه ويُنزلَ مع الأخرى.

٤٨٥

فهق ـ الحوض ملآن يفهَقُ. وأفهقَ الكأسَ وأدهقها. ومُنفهِقُ الوادي : متّسعه. وانفهقت العينُ والطعنة وغيرهما. ونزلنا بأرض تنفهق مياهاً عذاباً. وأتيتُ الحوض وهو ينفهق بالماء ؛ وقال :

وأطعن الطّعنة النّجلاء عن عُرُضٍ

تنفي المَسابيرَ بالأزبادِ والفَهَقِ

وعينٌ وطعنَةٌ وأرضٌ فَيهقٌ. وتقول : أقمنا ببَيْهق في دارٍ فَيْهق.

فهم ـ تقول : من لم يؤتَ من سوء الفهْم أُتيَ من سوء الإفهام ، وقلّ من أوتي أن يَفْهَمَ ويُفْهِم ، ورجلٌ فَهِمٌ : سريع الفهم ، ولا يتفاهمون ما يقولون. وتقول : من جزع من الاستبهام فزع إلى الاستفهام.

فهه ـ رجلٌ فَهٌ وامرأةٌ فَهَّةٌ ؛ قال :

فلَم تُلْفِني فَهّاً ولم تلفِ حجّتي

مُلجلجة أبغي لها من يُقيمُها

وما سمعتُ منك فَهَّةً في الإسلام قبلها أي مرّة من الفهاهة أو كلمةً فهّةً أي ذات فَهاهة. وكانت مني فَهَّةً أي غفلةً. وخرجت لحاجة فأفَهَّني عنها فلان إذا نسَّاكها.

فيأ ـ فاء إلى الله فَيْئةً حسَنةً إذا تاب ورجع. وفاء المُولي فَيْئةً وفِيئَةً : وطلّق امرأته وهو يملك فَيْئتها وفِيئتها أي رجعتها ، وله على امرأته فَيئةٌ وفِيئةٌ. وهو سريع الغضب سريع الفَيئة والفِيئة. وفاء عليه الظّلّ وتفيَّأ ؛ قال امرؤ القيس :

تيَمّمتِ العينَ التي دون ضَارجٍ

يَفيءُ عليها الظّلّ عَرْمَضُها طامي

وتعالَ نقعدْ في الفَيْء ، وفلان يتَّبع الأفياء ؛ قال :

لعمري لأنتَ البيتُ أُكرمُ أهلَهُ

وأقعدُ في أفيائِه بالأصائِلِ

وتقول : فلان لا يُقرَبُ من أفيائه ولا يُطمَع في أشيائه. وتفيَّأ بالشجرة : استظلّ بها. «ومَثَلُ المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيِّئُها الرّياح» ؛ قال كعب بن زهير يصف الظليم :

قَرِعُ القَذال يَطيرُ عن حَيزومه

زَغَبٌ تُفَيّئُه الرّياحُ سَخيفُ

وفيَّأتِ المرأة شَعرها : حرّكته خيلاءَ ، وتفيّأتْ لزوجها : تكسّرت له وتميّلت غُنْجاً ، ويقال للفاجرة : تتفيّئين لغير بعلك. وفلان يتفيَّأُ الأخبارَ ويستفيئها. وأفاء الله عليهم الغنائم ، ونحن نستفيء المغانم ؛ قال الحريث بن حَرَجةَ :

فإنْ يكُ مال باد منّا فإنّنا

نثمِّره ونَستَفيءُ المَغانِمَا

وطاعَ لهم الفَيْءُ ، وتقول : ما لَزِمَ الفَيْء إلّا حُرِمَ الفيْء.

ومن المجاز : تفيَّأتُ بفيئك أي التجأتُ إليك.

فيح ـ مكانٌ أفيحٌ ومهامهُ فِيحٌ.

ومن المجاز : الحمَّى من فَيْح جهنّم أي ممّا فار من حرّها ، من فاحت الشجة إذا فارت بالدّم الكثير. وطعنةٌ فيَّاحةٌ. ورجلٌ فَيَّاحٌ : فيّاض بالعطاء الواسع الكثير. ولو ملكتُ الدنيا لفيَّحتُها في يوم واحد أي لفرَّقتها بسعة وكثرة. وناقة فيّاحة : غزيرة ؛ قال :

ذاكَ أبي يا كرَماً وجُودا

قد يمنَحُ الفيَّاحة الرَّفُودا

يحسِبُها حالبُها صَعُودَا

وهيَ تَبيتُ لا تَعَشَّى عُودا

ومن قول مغاويرهم : فِيحي فَيَاحِ اي اتّسعي يا غارة وانتشري ؛ قال :

شددنا شدَّةً لا عيبَ فيها

وقلنا بالضُّحى فيحي فَيَاحِ

فيد ـ أفدتُ منه خيراً واستفدته ؛ قال الشمّاخ :

أفادَ سماحَةً وأفادَ حمداً

فليسَ بجامِدٍ لَحِزٍ ضَنينِ

وفادتْ له من عندنا فائدةٌ أي حصلت. وفلان يمشي على الأرض فَيَّاداً مَيَّاداً أي مختالاً مَيَّالاً. وما فاد حتى بلغ رزقه النّفاد أي ما مات ؛ قال :

٤٨٦

رعى خرزاتِ الملك عشرينَ حِجَّةً

وعشرين حتى فادَ والشيبُ شامل

فيص ـ كلَّمته فما أفاص بكلمة أي ما أفصح بها.

فيض ـ أرض ذات فُيوضٍ : فيها مياه تفيض ، وأرض ماؤها فَيْضٌ وغَيْضٌ ، وحوض فائض : يفيض من جوانبه لامتلائه ، وهذا مَفيضُ الماء ؛ قال النابغة :

أسائلها وقد سَفحتْ دموعي

كأنّ مَفيضَهنّ غُروبُ شَنّ

ومن المجاز : رجلٌ فَيَّاضٌ وفَيْضٌ : جواد ؛ قال :

فألفيتُه فَيْضاً كثيراً عَطاؤهُ

جواداً متى يُذكر له الحمد يزْددِ

وفاض الخير فيهم أي كثر. وفاض صدره من الغيظ ؛ قال :

شَكَوْتُ وما الشّكوَى لمثليَ عادةً

ولكن تَفيضُ النّفس عند امتلائِها

وفاضوا عليه : غَلَبوه ؛ قال الأخطل :

أيشتمني ابن الكلب أن فاض دارِم

عليهِ ورادَى صَخرَةً ما يرومُها

أي ما يقدر أن ينالها. وأفاضوا من عَرَفات. وأفاضوا في الحديث : اندفعوا. وأفاض أهلُ المَيْسِر بالقِداح : ضَرَبوا بها. وأفاض البعيرُ بجِرَّته : دفَعها من جوفه ؛ قال الراعي :

وأفَضْنَ بعد كُظُومهنّ بجِرّة

من ذي الأبارِقِ إذ رَعَينَ حَقيلا

واستفاضَ الخبرُ. وهذا حديث مُستفيض. واستفاض المكانُ : اتَّسع وانتشر. وفاضت عليه الدّرعُ ؛ قال :

تَفيضُ على المَرء أردَانُها

كفيْض الأتيّ على الجَدْجَدِ

وأفاضَها عليه كما يقال : صبَّها عليه وشنَّها. ودرعٌ مُفَاضَة : سابغة. وامرأةٌ مُفاضَةٌ : ضَخْمة البطن مُسترخِية اللّحم خِلاف المجدولة.

فيظ ـ مَن قَاظَ بتَهامة فقد فَاظَ أي مات.

فيل ـ رجُلٌ فائِلُ الرأي وفَالُ الرأي ؛ قال جرير :

رأيتُك يا أُخيطلُ إذ جَرَيْنا

وجُرِّبَت الفِراسةُ كنتَ فَالا

وقد فال رأيُه وتَفَيّل ، وقد فَيّلتُ رأيَه ، وما كنتُ أحبّ أن أرى في رأيك فَيَالةً وفُيُولةً ؛ وتقول :

قد فالَ رأيُك يا من رأيُه الفَالُ

واستَفْيَل البعيرُ : أشبه الفِيلَ في عِظَمه ؛ قال أبو النجم :

يُديرُ عَينَيْ مُصْعَبٍ مُسْتَفْيِلِ

٤٨٧

ق

قبب ـ بَنى قُبّة وقِباباً وهم أهل القِباب. وبيتٌ مُقبَّب. وقبَّبَ قِباباً كثيرة : بناها. وفرسٌ أقَبُ ، وخيلٌ قُبٌ ، وفيها قَبَب. وامرأة قَبَّاء. والبَكرة تدور على القَبِ ؛ قال :

مَحَالة تركب قَبّاً رادا

وقبَبتُ طيّ الثوب أو الطُّومار إذا أدمجتَه قَبّاً. وقَبْقَب الفحلُ وهو صوتُ هَدِيره. وقبقب السّيفُ في الضريبة إذا قال. قَبْ ؛ قال زهير بن جَنَاب الكَلْبي :

ضرَبتُ قَذالَهُ بالبَجِّ حتى

سمعتُ السّيفَ قبقبَ في العظامِ

هو اسم سيفه. ولنابَيْه قَبِيب ؛ قال أبو ذؤيب :

كأنّ مُحَرَّباً من أُسْد تَرْجٍ

يُنازلهم لنابيهِ قَبيبُ

وما وقَعَتِ العامَ قَابَّةٌ : قَطْرَة. وعن الأصمعي : ما سمعنا لها العامَ قابّةً : رعْداً. وقال خالد بن صَفْوان لابنه : يا بني إنّك لا تُفلح العامَ ولا قابلَ ولا قابَ ولا قُباقِبَ ولا مُقَبْقِبَ.

ومن المجاز : هو قَبُ قومه ، وهو القَبّ الأكبر وهو الشيخ الذي عليه مدار أمرهم. وألزِق قَبَّك بالأرض : عَجْبَك أي اقعد. وهذا وَتَرٌ قُواه قَبٌ : طاقاته مستوية.

قبح ـ هذا أمرٌ قَبِيح مُستَقبح ، وأحسنتَ وأقبح أخوك : جاء بفعلٍ قبيح. وقبَّحتُ عليه فعلَه. وقبَّحه اللهُ : أبعده. وفلانٌ مَقبوحٌ : مُنَحَّى عن الخير (هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) وقابحَه : شاتمه. وقبَّحتُ البَثْرَةَ : عصرتُها قبل نُضْجِها. وإنّها لقبيحة الشُّخَبِ إذا كانت واسعة الإحْليل. وضرب حَسنَه وقبيحه وهما عَظْمان في المِرْفق ؛ قال :

فلو كنتَ عَيْراً كنتَ عَيرَ مَذَلّةٍ

ولوْ كنتَ كِسْراً كنتَ كِسْر قبيح

قبر ـ قُبِر المَيّتُ ، وأنت غداً مقبور. وتقول : نُقِلوا من القصور إلى القبور ، ومن المنابر إلى المقابر. وهذا مَقْبَر فلان. والبَقيع مقبَرة المدينة ومَقْبُرَتُها ؛ قال :

لكلّ أناسٍ مَقبر بفِنائِهم

فهم يَنْقصونَ والقبور تزيد

ومن المجاز : قولهم للمُتكبّر : رفع قِبِرَّاه وجاء رافعاً قِبِرَّاه وهي الأنف العظيم كأنّها شُبّهتْ بالقبر ، كما يقال : رؤوس كقبور عَادٍ ؛ قال مِرداسٌ الدُّبَيريّ :

لقد أتاني رافعاً قِبِرّاهْ

لا يعرفُ الحقّ وليس يهواهْ

وتقول : وا كِبْراه ، إذا رفع قِبِرَّاه. وتقول : ثِبوا على المنابر فقد خلا الجوُّ للقَنابر ؛ جمع قُنْبرة ، ويقال لها : القُبَّرة

٤٨٨

والقُبَرَة والقُبَّر والقُبَر.

قبس ـ خُذْ لي قَبَساً من النّار ومِقْبَساً ومِقْبَاساً ، واقْبِس لي ناراً واقتبس ، ومنه : ما أنتَ إلّا كالقابس العَجْلان أي كالمُقتبس ، وما زَوْرتُك إلّا كقَبْسة العَجْلان. وتقول : ما أنا إلّا قبسة من نارك وقبضة من آثارك ، وقَبَستُه ناراً وأقبَستُه ، كقولك : بغيته الشيء وأبغيته.

ومن المجاز : قبستُه علماً وخَبراً وأقبسته ، وقيل : أقبستُه لا غير. ويقال في سرعة اتّفاق الأخوين : لقْوَةٌ صادفتْ قَبيساً وهو الفحل السريع الإلقاح ، وقد قَبُس قَباسَةً ، وقيل له ذلك لأنّه يَقبسُها اللِّقاحَ. وهذه حُمَّى قَبَسٍ لا حُمَّى عَرَضٍ أي اقتبسها من غيره ولم تَعْرِض له من تلقاء نفسه.

قبص ـ قُرِئ (فقَبَصْتُ قَبْصَةً). ويقال : قبصتُ من أثره ، واقتبصتُ قُبْصة وقُبَصاً ؛ قال أبو الجهم الجعديّ :

قالتْ له واقتبصَتْ من أثَرِه

يا رَبِّ صاحبْ شيْخَنا في سفَرِه

قيل له : كيف اقتبصتْ من أثره ، قال : أخذتْ قُبصة من أثره في الأرض فقبّلتْها. وعن مُجاهد في قوله تعالى (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ) يعني القُبَصَ التي تُعطَى عند الحصاد ؛ قال حُمَيْد :

بنازِلٍ تدع المَعزاءُ رَجْعتَها

بالمنسِمَينِ إذا ما أرْقلتْ قُبَصَا

وتقول : قابِصٌ قاضِم أهون من قابضٍ خاضِم. ورأيتُ قِبْصاً من بني فلان ، وإنّهم لفي قِبْص الحصَى : في عدَدِه. ونزلتم في قِبْصِ النَّمل وهو مجتمع تُرابه وجُرثومته. وأصابه القَبَصُ وهو وجع الكبِد من التَّريُّق بالتّمر وشرب الماء عليه. وقَبِصَ المأمونُ فقُبِض.

ومن المجاز : مرّ الفرسُ يَقبِص قَبْصاً إذا لم يُصب الأرضَ إلّا أطرافُ سنابكه ، وفرسٌ قَبُوصٌ. وتقول : جئتُ لأقتبس من أنوارك وأقتبص من آثارك.

قبض ـ قَبَض المتاعَ وأقبضتُه إيّاه وقبَّضتُه ، وتقابض المتبايعان ، وقابضتُه مُقابضة ، واقتَبَضته لنفسي. وأعطاني قُبْضَةً من التّمر وقَبْضةً. والمَلَكُ قابض الأرواح. والرِّهانُ مقْبوضة. وقَبَّضَ الطائر : جمعه في قبضته. وقَبَض على عُرف الفرس. وهو مَقبِض السّيف والقوس والسَّوط ومقابضها. وأقبَضَ السّكّينَ : جَعل له مِقبَضاً. واطْرح هذا في القَبَضِ.

ومن المجاز : قَبَضَ على غريمه ، وقُبِض على العامل. وقُبِض فلانٌ إلى رحمة الله ، وهو عمّا قليل مقبوض. وفلان يَبْسط عبيدَه ولا يَقبِضهم ، والخير يقبضه والشرّ يَبسطه ، وإنّه ليَقبِضني ما قبَضَك ويَبسطني ما بسطك. وانقبضتَ عنّا فما قبضك. وتقبَّض على الأمر : توقّف عليه ، وتقبّض عنه وانقبض : اشمأزّ. وقبَضَ رِجلَه وبسطها. وقبَّض وجهه فتقبَّض. وقبَّضتِ النّارُ الجِلدةَ فتقبّضتْ. وتقبّض الشيخُ : تشنّج. وقبّضتَ ثوبَك ، وثوب مُقَبَّضٌ : مشنّج وهو نحو الكُسُور في أوساط الأقبية. وراعٍ قُبَضَةٌ رُفَضَة : حسن التدبير بالماشية يجمعها فإذا وجد مرعًى نشرها. ويقال لمن يتمسّك بالشيء ثمّ لا يلبث أن يدعه : فلان قُبَضَةٌ رُفَضَة. وقَبَضَتِ الإبل : أسرعت في سيرها كأنّها تثب فيه وتجمع قوائمها ؛ قال ذو الرّمّة :

ويَقْبِضْنَ من عادٍ وسادٍ وواخدٍ

كما انصَاعَ بالسِّيِّ النَّعامُ النَّوافرُ

وانقبض فلان في حاجته : أسرع وشمّر ، وانقبضتُ بالقوم : شمّرتُ بهم ؛ قال رؤبة :

فلو رأتْ بنتُ أبي انقضاضي

وعَجَلي بالقوْمِ وانقباضي

وفرسٌ قَبيضٌ : سريع بيّن القَباضة. ومَلَكَ فلانٌ القَبيضَ : الخلْقَ ، وما أدري أيّ القبيض هو ؛ قال الراعي :

أَمسَتْ أميّةُ للإسْلامِ حائطَةً

وللقَبيضِ رُعاةً أمرُها رَشَدُ

وأحبّ إليّ أن يُروى خابطةً وللقَبيض رُعاةٌ أي رُعاةٌ غيرُهم. وتقول : أطاعه السود والبيض ، وألقى مقاليدَه إليه القبيض ؛ لأنّه ساعٍ قبيض في أمر معاشه ودنياه.

قبط ـ قَبَطَ الشيءَ مثل قطبَه إذا جمعه وخلطه ، ومنه القُبَّيْطَى.

٤٨٩

وتقول : فلان يأخذ القُبَّيْطَى فيأكلها السُّرَّيْطَى ؛ وهي القُبَيْطاء والقُبَّاط. وهو يلبَس القَباطيّ والقُبْطِيَّةَ ، بالضمّ ، وهي ثياب من كَتّان بيض تعمل بمصر نسبت إلى القِبط والتغييرُ للاختصاص ، ورجلٌ قِبطيٌ ، وجماعةٌ قِبطيّة. وتقول : جمع فلان بين الأوزاع والأخلاط من الأنباط والأقباط.

قبع ـ فلان يقبَع قُبوعَ القنفذ إذا توارى. وقَبَعَ الرّجلُ : أدخل رأسه في قميصه. وتقول : هو أعقُّ من ضَبَّه وأحمق من قُبَاعِ بن ضَبَّه. وعن قُتَيبةَ : يا أهل خُراسان إنْ وَلِيَكم والٍ شديدٌ عليكم قلتم جَبّارٌ عنيد وإنْ وليَكم والٍ رؤوفٌ بكم قلتم قُباعُ بنُ ضَبّةَ ، وهو رجل محمّق كان في الجاهليّة. ومكيالٌ قُبَاعٌ : كثير الأخذ. ونظر الحرث بن عبد الله عاملُ ابن الزّبير على البصرة إلى مكيال فقال : إنّ مكيالكم هذا لَقُبَاعٌ فنُبزَ به. ويقال للقنفذ : القُباعُ ، ولسكِّينه وسيفه قَبيعةٌ من فضّة وهي التي في طرف المقبض ، وما أحسن قبائعَ سيوفهم!

قبل ـ ذهب قِبَلَ السّوق. ولي قِبلَك حقّ ، وأصبتُ هذا من قِبَلِك أي من جهتك وتِلقائك. ولقيته قِبَلاً وقَبَلاً وقُبَلاً : مواجهة وعِياناً. وافعل ذلك لعشر من ذي قِبَلٍ وقَبَلٍ : من وقتٍ مستقبَلٍ. ورأيتُ بذلك القَبَلِ شخصاً وهو ما استقبلك من نَشْزٍ أو جبلٍ. وبه قَبَلٌ : خلاف حَوَلٍ. ورجلٌ أقبلُ ، وامرأةٌ قَبلاء ، وعينٌ قَبلاء ، وقوم قُبْلٌ. وجاء من قُبُلٍ ومن دُبُرٍ. وما تصنع لو أُقْبِلَ قُبْلَكَ ، ولو أُقْبِلَ قُبْلَكَ لسكتَّ أي لو استقبلتَ بما تكره. وهم قُبُلي وقُبَلائي : جمع قَبيلٍ وهو الكفيل. وقَبَلَ به يَقْبُلُ ، وتقبَّل به ، وهو قَبيلُ القوم : لعريفهم. ونحن في قِبالَة فلان. وكلّ من تقبّلَ بشيء مقاطعةً وكُتبَ عليه بذلك الكتابُ فعملُه القِبَالَةُ ، وكتابه المكتوب عليه هو : القَبَالَة. وقبِلَتِ القابلةُ الولد تقبَله قَبْلاً وقَبالةً ، وصناعتها : القِبالَة. وقَبِلَ الدّلوَ من يد الماتح يقبَلها. وقَبَلتِ الماشية الوادي تقبُله. وأقبلتُها الوادي ؛ قال :

أقبلتُها الخلَّ من شَورانَ مُصعِدَةً

إنّي لأَزري عليها وهيَ تنطلِقُ

أي أعيب عليها الإبطاء ؛ وقال الجعديّ :

يتَواصَوْنَ بقَتْلي بَينَهم

مُقبِلي نحرِيَ أطرافَ الأسلْ

وأقبلتُ الإناء مجرى الماء إذا استقبلتَ به جِريته ؛ وقال ابن أحمر :

شربتُ الشُّكَاعَى والتَدَدتُ ألِدَّةً

وأقبلتُ أفواهَ العُروقِ المَكاوِيَا

وقعدتُ قُبالةَ الكعبة. وجارٌ مُقابِل ومُدابِر ؛ قال :

حميتُ نَفسي ومَعي جاراتي

مُقابِلاتي ومُدابِراتي

وتقول : وربِّ هذه البَنِيَّةِ ما قَبَلَ منها وما دَبَرَ ما فعلتُ كذا. واقتبلَ الأمرَ واستقبله : استأنفه. وتقابلوا واقتبلوا ؛ قال أبو النّجم :

غير رماد النّار والأُثفيِ

مُقتَبِلاتٍ قِعدَةَ النَّجيِ

ورأيتُ قَبيلاً من النّاس وقُبُلاً. وكادت تَصَدَّعُ قبائلُ رأسي : من الصُّداع وهي شُعَبه. وقَبِلَ الهبة ، وقَبِل منه النّصح. وقَبِلَ اللهُ عن عبده التوبةَ ، (وَهُوَ الَّذِي) يَقْبَلُ (التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ). وقَبِل الله عملَه وتقبّله (فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ).

ومن المجاز : «ما يعرف قَبيلاً من دَبير» وأصله في فتل الحبل إذا مسح اليمين على اليسار عِلْواً فهو قَبيلٌ وإذا مسحها عليها سِفْلاً فهو دَبِيرٌ. ورجلٌ مُقتَبَل الشباب : كأنّه يستأنف الشبابَ كلّ ساعة. ورجل مقابَلٌ مدابَرٌ : كريم الطرفين.

ورأيتُ قبائل من الطير : أصنافاً من غربان وحمام وغيرها. وأتى في ثوب له قبائلُ : رِقاعٌ. ولجامٌ حسَن القبائل وهي السيور ؛ قال ابن مقبل :

تُرخي العِذارَ وإن طالتْ قبائله

عن حشرَة مثل سِنْفِ المَرْخةِ الصَّفِرِ

وأقبلتِ الدولةُ ، وأقبل الأمرُ وقَبَلَ ، وخذ الأمر بقوابله. وقبَّلَتْه الحُمَّى ؛ وبشفتيه قُبلةُ الحُمّى. وما لهذا الأمر

٤٩٠

قِبْلَةٌ أي جهةُ صِحّةٍ.

قبن ـ «أذَلّ من حِمارِ قَبّان».

قبو ـ تَقَبَّى الرّجلُ : لبس القَبَاءَ ، وهو متقبٍّ ، وقَبِ هذا الثوب : اقطعه قَباءً. وقبوتُ الشيءَ : جمعته.

قتب ـ ضع القَتَبَ على الحَمولة وضع القِتْبَ على السّانِيَةِ ، فالقَتَبُ : واحد الأقتابِ وهي الأُكُفُ التي توضع على نقّالة الأحمال ، والقِتْب ، بالكسر : واحد الأقتاب وهي أُكُفٌ صغار توضع على السواني ؛ قال لبيد :

حتى تحَيّرَتِ الدّبارُ كأنّها

زَلَفٌ وأُلقيَ قِتْبُها المحزُومُ

وأقتبتُ البعيرَ إذا شدّدتَ عليه القَتَبَ ، أو القِتْبُ لغة تميم ، وقيسٌ على قتبتُ. ولفلان قَتوبة : إبل تُقتبُ. وفلان مبعوج يجرّ أقتابه : أمعاءه جمع قِتْبٍ ، بالكسر.

ومن المجاز : قولهم للمُلِحِّ : هو قَتَبٌ يَعَضُّ بالغارب ، وقَتَبٌ مِلحاحٌ ؛ قال النابغة الذبياني :

فاستبقِ ودّك للصّديقِ ولا تكنْ

قَتَباً يَعَضّ بغارِبٍ مِلْحاحَا

وقال البعيث :

أُلِدُّ إذا لاقيتُ قوماً بخطّةٍ

أُلحّ على أكتافهم قَتَبٌ عُقَرْ

وأقتبتُ زيداً يميناً ، وأقتبته في اليمين إذا غلظت عليه وألححت كأنّما وضعتُ عليه قَتَباً. وأقتبه الدَّيْنُ : فَدَحَه ؛ قال :

إلَيكَ أشكُو ثِقلَ دَيْنٍ أقتَبَا

ظهري بأقتابٍ تركنَ جُلَبَا

وتقول : كأنّي لهم قَتوبة وكأن مؤنهم عليّ مكتوبة. وفي كاهل الفرس تقتيبٌ : جَنَأٌ ؛ قال :

وكاهل أُفرغَ فيه معَ الْ

إفْراغِ إشرافٌ وتقتيبُ

ورجلٌ مقتَّب الكاهل.

قتت ـ دُهن مقتَّت : مروَّح. ورجل قتَّات : نمّام ، وهو يقُثُّ الحديث : يزوّره ويحسّنه.

قتر ـ بات الصائد في قُتْرتِه ، وباتوا في قُتَرِهم ؛ قال امرؤ القيس :

ربَّ رامٍ من بني ثُعلٍ

مُتلِج كفّيه في قُتَرِهْ

واقتتر الصائد : استتر في القُتْرة ، وتقتَّر للصّيد : تخفّى في القُتْرة ليختلَه. ورماه بالقِتْرة وهي سهم صغير النّصل يقال لها : القُطْبَةُ. وبوجهه قَتَرٌ وقَتَرَةٌ وهو ما يغشاه من غبرة الكرب والموت. وقَتَر على أهله يقتُر ويَقتِر ، وأقتر وقتّر عليهم (لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا) وقرئ ولم يقتِّروا ، ولا يُنفق على عِياله إلّا قَتْراً وهو الرُّمْقَةُ في النفقة والمِساكُ ، ورجلٌ مقتِر : مقلٌ (وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ) وفعل ذلك من بين أثرى وأقتَر أي من بين خلْق أثرى وأقتر وهم النّاس أو من بين ذي أثرى وأقتر أي صاحب هذا الكلام المقول فيه ؛ قال الكميت :

لكم مَسجدا اللهِ المزُورانِ والحَصَى

لكم قِبْصُه من بينِ أثرى وأقتَرَا

ووجدتُ قُتار الشِّواء والطبيخِ ، وقتَّر الشِّواءُ : هيَّج القُتارَ. وقَتَرَ اللّحمُ يقتُرُ ويقتِر ، وقَتِر يقْتَرُ : ارتفع قُتارُه ، ولا تؤذِ جارك بقُتارِ قِدرِك. ورَحْلٌ قاترٌ إذا كان قَدْراً لا يموج فيعقر.

ومن المجاز : لاحَ به القَتير : أوائل الشيب ؛ وأصله : رؤوس مسامير الدّرع ، وسمّيَ قَتيراً لأنّه قُتِرَ أي قُدِّر ؛ فعيل بمعنى مفعول. وعضّه ابن قِتْرَةَ وهي حيّة خبيثة لا ينجو سليمها كأنّ لها قِتْرةً ترمي بها ؛ قال :

أحدُو لمولاتي وتُلقي كِسرهْ

وإن أبتْ فعضَّها ابن قِتْره

ولعن الله أبا قِتْرَةَ : كنية إبليس. وأرسل الماء في قُتْرَة البستان وهي الخرق الذي يدخل الماء منه. وفتح قُتْرَةَ التنُّور : خَرْقه. وأدخل يده في قُترة الباب وهي مكان الغَلَقِ. وأحكم قَتَرَ الدرع : حَلَقها. واطّلَعْنَ من القَتَر : من الكُوى. وهو في قُتْرَةٍ من العيش : في ضيق. وقَتِّروا بين الأمتعة والرّكاب : قارِبوا. وتقتَّر لك فلان : سوَّى عليك

٤٩١

منصوبةً. وتقتَّر لأمر كذا : تلطّف له. وتقتَّر للرّمي وتبوّأ له : تهيّأ له.

قتل ـ قتلَه قِتْلَةَ سوء ، وقَتَلَ الرّجلَ ، وقَتَّل الرّجال ، وقاتله ، وتقاتلوا واقتتلوا. وكانت بالرّوم مَقْتَلة عظيمة. وضربه فأصاب مَقْتَلَه ومقاتله. وأقتله : عرَّضه للقتل. كما قال مالك بن نويرة لامرأته حين رآها خالد بن الوليد : أقتلتِني يا مرأة. يعني سيقتلني خالد من أجلك. واستقتل فلان : استسلم للقتل ، كما يقال : استمات. ورجل وامرأة قتيل ، وقومٌ قَتْلَى. وهذه قتيلة بني فلان. وهم قَتَلَةُ إخوتك. وقتلَ قِتْلَهُ أي قرنه وعدوّه ، وأقتالَه. وقومٌ أقتالٌ : أصحابُ تِراتٍ ؛ قال ابن الرّقيّات :

واغترابي عن عامر بن لؤيّ

في بلادٍ كثيرةِ الأقتالِ

وناقة ذاتُ قَتالٍ : ذات نفس وثيقة وكِدْنَةٍ ، وإنّه لذو قَتالٍ وذو كِدْنَة وذو لَوْثٍ وذو جَزَرٍ ؛ قال ربيعة بن مقروم :

ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظّلامِ بَعَثتُهُ

يشكو الكَلالَ إليَّ دامي الأظلَلِ

أودَى السُّرَى بقَتالِهِ ومِراسِه

شهراً نَواحي مستتبٍّ مُعمَلِ

ومن المجاز : دابة مقتّلةٌ : مذلّلة قد مرنت على العمل. وقلبٌ مُقَتَّلٌ : أهلكه العشق. واقتَتَلته النساء : افتتنّه حتى أهلكنه. واقتُتِل فلان : جُنَّ ، واقتتلته الجنّ : اختبلته ، وتقتَّلتْ له : تخضّعتْ له وتذلّلت حتى عشقها ؛ قال :

تقتَّلتِ لي حتى إذا ما قتلتني

تنسَّكتِ ما هذا بفعل النّواسك

وقتلتُ الخمرَ : مزجتها ؛ قال حسّان :

إن التي ناولتني فرَددتُها

قُتِلتْ قُتلتَ فهاتِها لم تُقتَلِ

وقتلتُه علماً وخُبراً ؛ وقال الفرزدق :

وحتى قتَلنا الجهلَ عنها وغُودِرَتْ

إذا ما أُنيخَتْ والمدامعُ ذُرّفُ

أي كسرنا مَرَحَها ونشاطها ؛ وقال :

إذا ما نزلنا قاتلتْ عن ظهورِها

حراجيج أمثال الأهلّة شُسّفُ

ذبَّت الغِربانَ عنها. وقاتله الله ما أفصحه! والمنيّة قاتلة ، والمنايا واللّيالي قواتل للأنام. وتقول العرب : ولِّني مَقاتِلَكَ أي حوّل إليَّ وجهك ؛ وقال ابن مقبل يصف ظليماً وبيضه :

يخشَى النّدَى فيولّيها مَقاتلَهُ

حتى يباكر قَرنَ الشّمس ترجيلُ

أي صدره وبطنه. وقاتَلَ جوعَ الضّيف بالإطعام ؛ قال الكميت :

بالجفان التي بها يَتركُ الجُو

ع قَتيلاً ويَفثأُ الزّمهَريرَا

وقال ابن مقبل :

وأنبَهَ الخَرْقَ لم يَلمَس لمَضجَعِهِ

كأنّهُ من قتالِ السّيرِ مأمُومُ

وفلان قِتْلُ فلان : مثله ونظيره ، وهذه النّاقة قِتْلُ هذه ، وهما قِتْلانِ.

قتم ـ لون قاتم وأقتمُ : أغبر يعلوه سواد ، وقد قتَم يقتِمُ قُتوماً ، وقَتِمَ يقتَمُ قَتَماً وقُتْمَةً. وبلد قاتم ، وبلاد قواتمُ ؛ قال رؤبة :

وقاتِمِ الأعماقِ خاوي المُختَرَقْ

وبازٍ أقتمُ الرّيش. وارتفع القَتام حتى خفيت الأعلام أي الغبار.

قتو ـ فلان مَقْتوِيٌ : يخدُم القوم بطعام بطنه ؛ أنشد الأصمعيّ :

أرى عمرو بن هَوْذَةَ مَقتَوِيّاً

لهُ في كلّ عامٍ بَكْرتانِ

نُويْقتان كأنّه نُسب إلى فعله الذي هو المَقْتَى من قولك : قتوتُ الرجلَ أقتوه قَتْواً ومَقْتًى. وفلان يقتو الملوك ؛ قال :

إنّي امرُؤ من بني خُزيمةَ لا

أُحسن قَتْوَ الملوك والخَبَبَا

وهو مَقْتَوِيٌ من المَقَاتِوَةِ ؛ حكاه سيبويه عن أبي الخطّاب ؛

٤٩٢

وقال عمرو بن كلثوم :

تهَدّدُنا وتُوعِدُنا رويداً

متى كنّا لأمّك مَقتَوِينا

حذف الياء كما في الأشعرين. وقيل لرجل : ما ضيعتك؟ فقال : إذا صِفتُ نَصفت وإذا شتوتُ قَتَوْت ، فأنا ناصفٌ قاتي في جميع أوقاتي ، من نَصَفَ ينصُفُ إذا خدم. وتقول : أنا أمقُتُ الظّلَمَةَ ومَقْتَوِيَّهم كما أمقت أهل الجاهليّة ومَقْتِيَّهم.

قثأ ـ أقثأتِ الأرضُ وأبطخت : كثرا فيها ، وهذه مَقثأةُ فلان ومَبطختُه ومَقاثيه ومَباطخه. وتقول : معه القُثَّاء والقِثّاء والقَثَد والبِطِّيخ عنده رَثَد.

قثث ـ جاء فلان يَقُثُ الدّنيا : يجرّها. وجاء السيلُ يَقُثُ الغُثَاءَ. واختطفه كما يقتَثُّ اللاعبُ الكرةَ بالطَّبطاب أي يجتحفه.

قثم ـ قَثَمَ له من ماله شيئاً إذا أعطاه فأكثر له. ورجلٌ قُثَمُ : مِعطاء. وقيل لقُثَم بن العبّاس : ما قيل لك قُثم إلّا لأنّك قُثَم. ومائح قُثَمُ : غَرَّاف؛ قال :

ماحَ البلادَ لنا في أوّليتنا

على حُشود الأعادي مائحٌ قُثَمُ

قحب ـ شيخ به قُحابٌ. وفرس وكلب به قحابٌ وهو السّعال ، وقد قَحَبَ يقحُب. وتقول : من القُحاب أُخِذ اسم القِحاب. ويُسمّي أهل اليمن المرأةَ : القَحْبَةَ ، ويقولون : لا تثق بقول القَحبه ولا تغترر بطول الصّحبه. وقاحبتِ المرأةُ وقحَّبتْ وتقحَّبَتْ.

قحح ـ أعرابيٌ قُحٌ. وتقول : قرأته في الصِّحاح وسمعته من الأقحاح. وعربيّة قُحَّةٌ : مَحْضةٌ. وهو من قُحِّهم : من صميمهم. وعبدٌ قُحٌ : قِنّ. ولئيم قُحٌ : ما فيه من الكرم شيء. ويقال للبِطِّيخة الفجّة : إنّها لقُحٌ ؛ لجفائها.

قحد ـ إبلٌ مَقاحيدُ : كوم ، وناقة مِقحادٌ ، وقد استقحدتْ. وهي ضخمة القَحدة وهو أصل السَّنام. وقيل : القَحْدة والكِتْر ، بالكسر : قبّة السّنام وأصله : قَحِدَةٌ فسكنتْ مثل عَشِرة وعَشْرة.

قحط ـ قَحَطَ البلدُ وقَحِطَ وقُحِطَ فهو قاحط وقَحِطٌ وقَحيط ومقحوطٌ ، وبلادٌ مَقاحيطُ ، وأقحطها الله ، وأقحط القومُ وقَحِطوا وقُحِطوا وأُقحِطوا ، وأرض مُقحِطة. ونحن في مَقْحَطَة ، وهي بيِّنة القُحوط والقَحْط والقَحَط.

ومن المجاز : أقحط الرجل وأكسل : خالط ولم ينزل. ود ١ ـ في الحديث : «من أتَى أهله فأقحط فلا غُسلَ عليه». وفي آخر : «ليس في الإكسال إلّا الطَّهور». ورجلٌ قَحْطيٌ : أكول لا يبقي شيئاً.

قحف ـ ضربه على قِحْفِ رأسه وهو جمجمته ، وتقول : تلاقوا بالأحقاف فتراموا بالأقحاف.

ومن المجاز : رماه بأقحاف رأسه : نطحه عن مراده. وما له قَدّ ولا قِحْفٌ : ما له شيء وهما جلد السَّخلة والقدَحُ المكسّر. وهو أفلس من ضارب قِحْفِ استه وهو مشقُّها أي يضرب بيده على شُعَب استه لعُريه. «واليومَ قِحاف وغداً نِقاف» أي شُرب وحرب.

قحل ـ عودٌ قاحلٌ وقَحِلٌ : يابس. وقد قَحَلَ قُحولاً وقَحِلَ قَحَلاً.

ومن المجاز : قَحَلَ الشيخُ وقَحِلَ. وإنّه لقاحل الجسم. وشيخٌ قَحْلٌ وإنْقَحْلٌ. وأقحله الصومُ. وتقَحَّل في لبوسه وحاله. وتقول : فلان في بلد ماحل وعيش قاحل.

قحم ـ ركب قُحْمَةً من القُحَم وهي عظام الأمور التي لا يركبها كلّ أحد. ووقعوا في القُحْمة وهي السنة الشديدة. وركب قُحمةَ الطريق : ما صعب منها على سالكه ، وللخصومة قُحَمٌ. واقتحم عقبة أو وهدة أو نهراً : رمى بنفسه فيها على شدّة ومشقّة ، وأقحم دابّتَه النّهرَ ؛ وقال عمرو بن العاص لعبد الرحمن بن خالد بن الوليد : أقمْ يا ابن سيف الله. وقحّم الفرسُ راكبَه تقحيماً : رمى به على وجهه. وتقحّمتْ به النّاقةُ : ندَّت فلم يضبطها ؛ وأنشد ابن الأعرابيّ :

أقولُ والنّاقةُ بي تَقحَّمُ

وأنا منها مكلَئِزٌّ مُعصِمُ

ويحكِ ما اسمُ أمّها يا عُلكَمُ

٤٩٣

متقبِّضٌ. وعلكم : رجل وهو الصلب في الصّفات. يقولون : النّاقة النادّة تسكن إذا سُمّيت أمّها وكذلك الجمل النّادّ إذا سُمّي أبوه. وإبل مَقاحيم : تقتحم الشَّول من غير إرسال تركبها وترمي بأنفسها عليها. وأقحمتِ السنةُ الأعرابَ : بلادَ الرّيف ، وأعرابيّ مُقحَم : نشأ في البادية وفي قَحمتها لم يخرج منها ولم يرَ الرّيف. وشيخٌ قَحْمٌ ، وشيخةٌ قَحْمة : هِرمان.

ومن المجاز : قحَّم نفسه في الأمور : دخل فيها بغير رويَّة ، وتقحَّم فيها واقتحم. وفلان مقدام مِقحام ليس معه إحجام. ورأيته فاقتحَمَتْه عيني. وفي صفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا تقتحمُه عينٌ من صِغرٍ. وفلان فيه مُقتَحَم إذا كان زريَّ المَرآة.

قحو ـ دواء مَقْحُوٌّ : فيه الأُقحوان. وتقول : في الدّواء المقحوّ شفاء للمحقُوّ ؛ وهو الذي به الحَقْوَة : داءٌ في البطن.

ومن المجاز : افترّتْ عن نَور الأُقحوان والأَقاحي ، وبدا أُقحوان الشيب ، كما يقال : بدا ثَغام الشيب ؛ قال :

رأتْ أُقحوانَ الشّيبِ فوْق خطيطةٍ

إذا مُطرَتْ لم يستكنَّ صُؤابُها

يعني أن رأسه أصلع فلا يجد الصؤاب فيه كِنّاً. ورأيتُ أقاحيَ أمره : أوائله وتباشيره.

قدح ـ تقول : أُجِيلت القِداح وأديرت الأقداح. وقَدَح النّارَ من الزَّند واقتدحها ، ومعه القَدّاحة والمِقْدَحَة أي حجر القَدْحِ وحديدته. وقَدَحَ الدودُ في العود وفي الأسنان. ووقعت فيها القادحة والقوادح. وقدَح المرقةَ واقتدحها : اغترفها بالمِقدَح والمِقدحة. وفي المثل : «ستأتيك بما في قعرها المِقدحة» ، أي سيظهر لك ما أنت عمٍ عنه ؛ قال :

لنا مِقْدَحٌ منها وللجارِ مِقْدَحُ

وفي أسفل البرمة قَدِيحٌ : بقيّة مرقةٍ ؛ قال الذبيانيّ :

فَظَلّ الإماء يبتَدرنَ قديحها

كما ابتدرتْ سعدٌ مياهَ قُراقرِ

وقَدَحَ الماءَ من أسفل البئر ، ويقال : هذا ماء لا ينام قادِحه إذا وصف بالقِلّة ، وبئر قَدوحٌ : لا يوجد ماؤها إلّا غَرفة غَرفة. وقَدَحَ السّهامَ في القِدْح : خرق لسِنخ النّصل وذلك الخرق هو المَقْدَحُ والمُرَكَّبُ. وقَدَحَ القَدّاحُ العينَ : أخرج ماءها الفاسد. وقَدَحَتْ عينُه وقدَّحتْ : غارت فصارت كالقَدَح ؛ قال زهير :

وعزَّتْها كواهلُها وكلَّتْ

سنابكها وقدَّحتِ العيونُ

وقال آخر :

فالعَينُ قادحَةٌ واليدُّ سابحَةٌ

والرّجل ضارحةٌ والبطن مقبوبُ

ومن المجاز : اقتدَحَ الأمرَ : تدبّره. واقتدح بزنده ، واستقدحَ زنادَه. وقادَحه في كذا : ناظره ، وتقادحا ، وجرت بينهما مُقادحة : مقاذعة ؛ من القَدْح بمعنى الطّعْن ، يقال : قَدَحَ في نسبه وفي عرضه ، وقدح في ساقه وهو مستعار من وقوع القوادح في ساق الشجرة ؛ قال ذو الرّمّة :

يُحقِّقنَ ما حاذرنَ من كُلّ فُرقةٍ

من الحيّ أمستْ في عصا البينِ تقدحُ

وقدَّحتُ خَيلي تقديحاً : صيّرتها قِداحاً في ضُمرها. وفي مثل : «أبصِرْ وَسْمَ قِدْحِك» : اعرف نفسك ؛ قال :

ولكن رهطُ أمّك من شُتَيم

فأبصرْ وَسْمَ قِدْحِك في القِداح

وصدَقَهم وَسْمَ قِدْحِه إذا قال الحقَّ. «وهو أطيشُ من القَدُوح الأقرح» وهو الذِّبّان ؛ قال :

ولأنتَ أطيش حينَ تَغدو سادراً

رِعشَ الجَنان من القَدوحِ الأقرَح

قدد ـ قدّه طولاً ، وقَطَّه عرضاً ، وقدّ القلمَ وقَطَّه. وتقول : إذا جادَ قدّك وقَطُّك فقد استوى خطّك. وقدّه نصفين. وانقدّ الجلدُ والثوب : انشقّ. وقدّد اللّحم. وصاروا قِدَداً : فِرقاً. وتقول : طاروا بَدَداً وصاروا قِدَداً. وأسره بالقِدّ : بالسير من الجلد غير المدبوغ. وفلان ما يعرف القَدَّ من القِدِّ أي مسك السَّخْلة من السَّيْر. وفي

٤٩٤

مثل : «ما يجعل قَدَّك إلى أديمك». ويقال في الشتيمة : يا قَديديُ. وهم القَديديّون : تُبَّاعُ العساكر من الصّنّاع.

ومن المجاز : جارية حسنة القدّ وهو القوام ، كما يقال : حسنة التقطيع ، وهي مقدودة. وناقة قَيْدود : طويلة الظهر. وقدَّ المفازة : قطعها. وهو مستقيم القدّ أي الطريق. ولا يستقدُّ له أمرٌ : لا يستمرّ.

قدر ـ هو قادر مقتدر ذو قدرة ومقدُرة ومقدَرة ومقدِرة. وأقدره الله عليه. وقادرتُه : قاويته. وهم قَدْر مائة وقَدَرُها ومِقدارها : مبلغها. والأمور تجري بقدَر الله ومِقداره وتقديره وأقداره ومقاديره. وقَدَرتُ الشيءَ أقدِره وأقدُره ، وقدَّرته. وهذا شيء لا يُقادَرُ قَدْرُه. وقَدَرتُ أنّ فلاناً يفعل كذا. وهذا سرجٌ قَدْر. ورحْلٌ قَدْرٌ : وَسَطٌ. ورجل مقتدر الطول : رَبْعَةٌ. وصانع مقتَدِر : رفيق بالعمل ؛ قال امرؤ القيس :

لها جبهَةٌ كسَراةِ المِجَنّ

حذَّفه الصّانعُ المقتَدرْ

وإذا وافق الشيءُ الشيءَ قالوا : جاء على قَدَرٍ وقَدْرٍ. وقَدَر عليه رزقَه. وقَدَّر : قتَّر. وقدَّر الشيء بالشيء : قاسه به وجعله على مقداره. وفلان يقادرني : يطلب مساواتي. وتقادر الرجلان : طلب كلّ واحد مساواة الآخر. واستقدَرَ اللهَ خيراً ؛ قال :

استَقدِرِ اللهَ خيراً وارضيَنَّ به

فبينما العُسرُ إذ دارتْ مياسير

وتقدّر له كذا : تهيَّأ له. وتقدَّر الثوب عليه : جاء على مقداره. ودَعَوا بالقُدارِ فنُحر فاقتدروا وأكلوا القَديرَ أي بالجزَّار فطبخوا اللّحمَ في القِدْر وأكلوه ، واقدُروا واقدِروا لنا أي اطبخوا.

ومن المجاز : فرسٌ بعيد القَدْرِ : بعيد الخطو ؛ قال :

ببعيدٍ قَدْرُه ذي جُبَبٍ

سِبِطِ السُّنبُكِ في رُسْغٍ عَجُرْ

وليلة قادرة : قاصدة ليّنة السّير.

قدس ـ سبِّحوا الله وقدّسوه ، وهو القدّوس المقدّس المتقدّس ربُ القُدْس ؛ قال :

قد علم القُدّوس ربُ القُدْسِ

بمعدِنِ المُلكِ قديمِ الكِرْسِ

وخرج إلى البيت المَقدِس وإلى القُدْسِ وإلى الأرض المقدّسة ؛ قال الفرزدق :

ودَعِ المدينةَ إنّها مرْهوبَةٌ

واعمد لمكّةَ أو لبيت المَقدِسِ

وقدّس الرّجلُ : أتَى بيت المقدس ، كما تقول : كوّف وبصّر ، ومنه قولهم : راهبٌ مقدِّس. قال امرؤ القيس يصف الثور والكلاب :

فأدركنَه يأخذنَ بالسّاقِ والنَّسَا

كما شَبرَقَ الوِلدانُ ثوبَ المقدِّسِ

لأن الصبيان يتمسّحون بثيابه تبركاً به فيمزّقونها. وأنزلك اللهُ حظيرةَ القُدسِ وهي الجَنّة. وفي الحديث : «قل وروح القُدْسِ معك». أي ومعينك جبريل عليه‌السلام. وقيل : وعصمة الله وتوفيقه معك. واغتسلْ بالقَدَسِ وهو السَّطْلُ. ولا قدّسك الله.

قدع ـ قَدَعْتُهُ عنّي : كففتُه بيدي أو لساني فانقدع. وذاك فحل لا يُقْدَعُ. وقدَعتُ الفرسَ باللّجام : كبحته. وقدَعتُ الذبابَ : ذببتُه ؛ قال :

قياماً تَقدَعُ الذِّبّانَ عَنها

بأذنابٍ كأجنحة النّسُورِ

ودفعتُه عني بالمِقْدَعَةِ : بالعصا. وقَادَعَني بعيري : جاذبني زمامه من نشاطه. وتقادعوا : تدافعوا. وفي عينه قَدَعٌ : ضعف عن النّظر ؛ قال ابن أحمر :

كَم فيهِمُ من هجينٍ أمُّهُ أمَةٌ

في عَينِها قَدَعٌ في رِجلِها فَدَعُ

قدم ـ تقدّمه وتقدّم عليه واستقدم ، (لا يَسْتَأْخِرُونَ عَنْه ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) واستقدَمتْ رِحالتُك. وفرسٌ مستقدِم البَرْكة. وقدَمَ قومَه يقدُمهم ، ومنه : قادِمة الرَّحل : نقيض آخرته. وقوادم الطائر. وقدّمته وأقدمته فقدّم

٤٩٥

وأقدم بمعنى تقدّمَ ، ومنه مقدِّمة الجيش ومقدَّمتُه : للجماعة المتقدّمة ، والإقدام في الحرب ؛ قال عنترة :

ولقد شَفَى نَفسي وأبرَأ سُقمها

قِيل الفوارس ويك عنترُ أقدِم

ومنه مُقْدِمُ العين : لما يلي الأنف خلاف مُؤخِرها : لما يلي الصدغ. وضربَ مُقْدِمَ رأسه ؛ قال :

تركت ابن أوس والسّنانَ كأنّما

يوَتِّده في مُقدمِ الرّأس واتِدُ

وإنّها للئيمة المُقْدِمة وهي النّاصية. وهو جريء المُقْدِمِ والمُقَدَّمِ ؛ قال كعب بن مالك :

جريءُ المقَدَّمِ شاكي السّلاحِ

كريمُ النّثَا طيّبُ المَكْسِرِ

وقال لبيد :

فمضَى وقدَّمَها وكانت عادَةً

منه إذا هيَ عرّدتْ إقدامُها

أي تقديمها. ومضى قُدُماً : لا ينثني ، وهو المضيّ أمام. ورجل مِقدام من قوم مَقاديم. وراش سهامه بقُدامَى النّسر : بقوادمه. وأعصم بقَيدوم رَحله وهو قادمته. وأقبل جيش كأنّه قَيدوم الجبل : أنفه. وقام الملَّاح على قَيدوم السفينة ؛ قال الطرمّاح :

كصياح نوتيّ يظلّ على قَرَا

قَيدوم قَرواء السَّراة يندّدُ

وله قُدْمَةٌ سابقة ، وهو من أهل القُدْمَه في هذه الخِدمه. وقَدِمَ من سفره. وقَدِمَ البَلدَ. وقدِمَ على قومه. وما أقدمك. واستقدمه الأمير. وهؤلاء القادمون والقُدّام. وقدِمتَ خير مَقْدَم. وكان ذلك في قَدْمَتِكَ الأولى. ولهم بيت قديم. وعهد متقادم. وعزّ قُدْمُوسٌ.

ومن المجاز : اجعل ذلك تحتَ قدَميك أي اعف عنه. وجعل دماءهم تحت قدَميه : أهدرها. وفي الحديث : «يلقي في النّار أهلها (وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) حتى يأتيَها ربُّنا فيضعَ قدمَه عليها فتنزويَ وتقول قَطْ قَطْ». أي فيسكّنها ويكسر سَوْرتها كما يضع الرجل قدَمه على الشيء المضطرب فيسكّنه. ولفلان قَدَمٌ في هذا الأمر : سابقة وتقدّمٌ. وله قَدَمُ صدقٍ ؛ قال ذو الرّمّة :

لكم قَدَمٌ لا ينكر النّاس أنّها

معَ الحسب العاديِّ طمَّتْ على الفخرِ

ووضع قدَمَه في العمل : أخذ فيه. وقدِّمْ رجلك إلى هذا الأمر : أقبل عليه. وضربه فركب مَقاديمه إذا وقع على وجهه. وتقدَّمتُ إليه بكذا وقدّمتُ : أمرتُه به. وفلان يتقدّم بين يدي أبيه إذا عجل في الأمر والنهي دونه. ولفلان مُتقَدَّمٌ في الخير. وما له في ذاك مُتقَدَّم ومُقْتَدَمٌ. ولقيته قُدّامَ ذاك وقُدَيْديمَةَ ذاك أي قُبَيْلَه ؛ وقال علقمة :

قُدَيْديمَةَ التّجريبِ والحلم إنّني

أرى غفلاتِ العيشِ قبلَ التجاربِ

وقال :

وقد علوْتُ قُتودَ الرّحل يُسعفني

يوْمٌ قُدَيْديمَةَ الجوْزاءِ مَسمُومُ

ومشى فلان اليَقْدُمِيَّةَ والتّقْدُمِيَّةَ والقُدُمِيَّةَ إذا تقدّم في المكارم ومعالي الأمور ؛ قال :

الضّارِبِينَ اليَقْدُمِ

يَّةَ بالمهنّدة الصّفائح

وقال ابن مقبل :

همُ الضّارِبُون التَّقْدُمِيَّةَ تدّعي

بما في الجُفُونِ أخلصَتهُ صياقلُهْ

وعن ابن عبّاس رضي‌الله‌عنهما : أن ابن أبي العاص مشى التَّقْدُمِيَّة وأن ابن الزّبير مشى القهقرى ، ورُويَ لوَى ذنبَه ، أراد الإفضال على النّاس والإحسان إليهم ، ومنه : قول عبد الله ابن الزّبير :

مشى ابن الزّبير القَهقرى وتقدّمتْ

أميّة حتى أحرزوا القصباتِ.

وتقديره مشى المشية المنسوبة إلى قول النّاس يَقْدُمُ أو تَقْدُمُ كما قيل : كُنتيُّ : في النّسب إلى كنتُ وإلى القُدُمِ الذي هو التقدّم من قولهم : مشى قُدُماً. (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا).

٤٩٦

وإنّك لقادمٌ على عملك.

قدو ـ لي بك قُدوة وقَدوة وقِدوة واقتداء. وأنت لي قُدوة وقَدوة وقِدوة. ويقال : لا تقتدِ بمن ليس بالقُدوة والقَدوة والقِدوة. ونعم المقتدَى به أنت. وأتتنا قاديةٌ من النّاس وهي أوّل جماعة تطرأ عليك. وتقدّتْ بي دابّتي : لزمت بي السَّنَن ، وقيل : أعنقت بي. ومرّ يتقدَّى به فرسه؛ قال ابن قيس :

تقدّتْ بيَ الشّهباءُ نحوَ ابن جعفر

سواء علَيها لَيلُها ونَهارُها

وبيني وبينه قِدَا الرّمح ؛ وقال :

ولكنَّ إقدامي إذا الخيل أحجمَتْ

وضرْبي إذا ما الموْتُ كان قِدا الشّبرِ

وقال :

وإنّي إذا ما الموْتُ لم يكُ دونَهُ

قِدَا الشّبر أحمى الأنف أن أتأخّرَا

وما أطيب قَدَا اللّحم وقَداتَه وقَدَواتِه أي ريحه ، وقَديَ الطعامُ ، وطعامٌ قَدٍ ؛ قال :

تبسِمُ عن أَلْمَى بَرود المورِدِ

كأقحواناتِ ضُحى اليومِ النَّدِي

كأنّها بَعدَ رُقادِ الرُّقَّدِ

وخَدَعاتِ الرّيقِ بعدَ المَهْجدِ

أهضامُ داريٍّ وقِنديدٍ قَدِ

قذذ ـ قَذَّ الرّيشَ بالمِقَذِّ : حذف أطرافه ، ومنه : القُذَّة : الريشة المقذوذة ؛ يقال : «حَذوَ القُذَّة بالقُذَّةِ». والزق القُذَذَ بالسّهم ، وسهم مقذوذ : مَريشٌ ، وقذَّه السَّهَّام يقُذُّه : راشه ، وسهم أقذُّ : لا قُذَذَ عليه. وفي مثل : «ما تركتُ له أقذَّ ولا مَرِيشا». ورجل مُقذَّذ الشعر : مقصّص حوالَيْ قُصاصه كلّه. وبلد كثير القِذَّان وهي البراغيث ، الواحد : قُذَذٌ ؛ قال :

أسهرَ لَيلي قُذَذٌ أسَكُ

فبتُّ لَيلي كلَّهُ أحُكُ

أحكُّ حتى مِرفقي مُنفكُ

ومن المجاز : فرس مؤلَّل القُذتين إذا كان حديد الأذنين ، كما قال :

كأنّ آذانها أطرافُ أقلام

وله أذُنان مقذوذتان : خُلقتا على مثال قُذَذِ السّهم ؛ قال رؤبة :

مقذوذة الآذان صدْقات الحدَقْ

ومنه : رجلٌ مقذَّذ : مزيّن نظيف الثوب. وإنّه للئيم المَقَذَّيْنِ وهما ما خلف الأذنين ؛ قال :

ينحَطُّ من ذِفراهُ مثلُ الفُلفُلِ

على مَقَذَّيْ خضِلٍ مؤلَّلِ

وقال :

بتُّ أُلوِّي مَوهِناً ذراعَيْهْ

حتى دخلتُ معَه في بُرْدَيْه

ينضَحُ ريحُ المسك من مَقَذَّيْه

وقال :

صاحبُ طَلْحٍ وسَيَالٍ وسَلَمْ

على مَقَذَّيْهِ أنافيضُ البَرَمْ

أي ما انتفض منه ؛ وقال :

لوْ ما أبو الدّهماء لم تَرْوَ النَّعَمْ

منخرقُ المِدرَع ذو لحمٍ زِيَمْ

ساقٍ إذا ماء مَقَذَّيه سَجَمْ

وقيل : المَقَذُّ : مَغرِز الرّأس في العنق ، وحقيقة المَقَذِّ : المقطع فإمّا أن يكون منتهَى شعر الرأس عند القفا أو منتهَى الرأس وهو المَغرِز.

قذر ـ قَذِرَ الشيءُ قَذَراً فهو قَذِرٌ ، وقَذُرَ قذارةً فهو قَذْرٌ كضخم وصعب. وتطهّر من الأقذار والقاذورات. ورجلٌ قَذِرٌ ، وقومٌ أقذار ، وقذِرتُ الشيءَ واستقذرتُه وتقذَّرتُ منه وأقذرتُه : وجدتُه قَذِراً.

ومن المجاز : قذِرتُ الشيءَ وتقذَّرتُ منه إذا كرهته ؛ وقال العجّاج :

وقَذَري ما لَيسَ بالمَقذور

ورجل قاذورة : متبرّم بالنّاس لا يجلس إلّا وحده ولا ينزل

٤٩٧

إلّا وحده. ورجل قُذَرَةٌ : يتنزّه عمّا يلام عليه. وناقةٌ قَذورٌ : تبرك ناحية من الإبل لا تخالطها. وامرأة قَذور : تجتنب الرِّيَب. وأقذرتَنا رحمك الله : أضجرتنا. وفي الحديث : «من أتَى منكم شيئاً من هذه القاذورات فليستر على نفسه». أراد الفواحش ؛ قال متمّم :

وإن تَلْقه في الشَّرب لا تلقَ فاحِشاً

على الكأسِ ذا قاذورة متزبّعَا

قذع ـ بثوْبه قذَر وقذَع بمعنى ، وقَذَّرَ ثوبه وقَذَّعه.

ومن المجاز : إيّاكَ والقَذَع وهو الخنا والرّفث ، وكلام قَذِعٌ ، وأقذع في كلامه : أفحش. وفي الحديث : «من قال في الإسلام شِعراً مُقذِعاً فلسانه هدَرٌ» ؛ وقال بشر :

إذا ما شئتُ جاءك مُقذِعاتٌ

ولم تَعمَلْ بهنّ إليك ساقي

ورماه بالمُقْذِعات والمقذِّعات ، وقذعني فلان بلسانه وأقذعني : شتمني وأسمعني المكروه. وتقول : قذعه بلسانه ، فقدعه بسنانه ؛ وقاذعه : شاتمه وفاحشه ، وبينهما مُقاذَفة ومُقاذَعة ؛ وقال طرفة :

وإن يقذِفوا بالقَذْع عرْضك أَسقِهم

بكأس حياض الموتِ قبل التهدّدِ

وهو مصدرُ قذَعه قذْعاً ، وسمعتُ منه قَذِيعةً : شتيمة ؛ قال ابن مقبل :

ولا يأمن الأعداءُ منّي قذيعَةً

ولا أشتم الحيّ الذي أنا شاعرُهْ

ورُويَ : قَذيفَةً.

قذف ـ قَذَف الحجرَ بالقَذَّافة ، وقذَف به ، وتقاذفوا بالحجارة ، وجعل الله الشّهاب قذيفةَ الشيطان.

ومن المجاز : البحر يقذِف الجواهر ، وهو قذَّاف باللؤلؤ. وقذَف المُحصَنةَ. وأقيم عليه حدّ القذْف ، وقذَفَ المِرّةَ. وقذفتْ بنا المفازةُ المَقاذِفَ ، وفلان يقذف بنفسه المقاذفَ ؛ قال الطرمّاح :

وإنّي لمقتادٌ جوادي فقاذِفٌ

به وبنفسي العامَ إحدى المَقاذِفِ

وتقاذفت بهم الموامي ، والركاب تتقاذف بهم. والبعير يتقاذف في سيره : يترامى فيه ؛ قال الطرمّاح :

متقاذِفٌ سبِطُ المَحالِ إذا عَدَا

تبرِي له أُجُدُ الفَقارة جَلْعَدُ

وقال الراعي :

تغتالُ كلَّ تَنوفةٍ عرضَت لها

بتَقاذفٍ يدع الجديلَ موَصَّلا

تجذبه حتى ينقطع. ومَفازةٌ قَذوف وقَذَفٌ وقُذُفٌ وقِذافٌ ، ومنزلٌ قَذَفٌ. وشطّت بهم نِيّة قَذَفٌ : بعيدة. وسير قِذافٌ. وناقة قِذافٌ : يُراد السرعة ؛ قال الكميت :

تَغولُ الحِبالُ جُمالِيَّةٌ

قِذافٌ وإن طالتِ الأحبُلُ

وفرس متقاذِف. وقَرَبٌ قَذَّافٌ ؛ قال :

تصبحُ بَعدَ القَرَبِ القذَّافِ

وبَعد شَدّ الأنسُع اللِّطافِ

وبلغ قُذْفَةَ الجبل وقُذَفَه وقُذُفاتِه وقَذَفَهُ وقُذُفَه وأقذافَه : أعاليَهُ ونواحيَهُ البعيدة ؛ قال الجعديّ :

طليعةُ قوم أو خميسٌ عرَمرم

كسيلِ الأتيِّ ضمّه القُذُفانِ

وللمسجد قُذَفٌ : شُرَفٌ ، الواحدة : قُذْفَةٌ. وناقة مقذوفة باللّحم ومُقذَّفَةٌ : مكتنزة اللّحم كأنّما قُذفتْ به قذفاً.

قذل ـ فرس مشرف القَذال ؛ قال زهير :

ومُلجَمُنا ما إن ينالُ قَذالُهُ

ولا قدماهُ الأرضَ إلّا أنامِلُهْ

وفلان معذول مقذول : مضروب القَذال ، وقذلوه بعد ما عذلوه.

قذي ـ في عينه قذاةٌ وقَذًى. وفي الشراب قذًى وأقذاءٌ. وقَذِيت عينُه ، وأقذيتُها أنا : طرحتُ فيها القذى ، وقذَّيتها وقذَيتها : أخرجتُه منها ؛ وأنشدني بعض العرب :

٤٩٨

إذا دَمعتْ عيني تعلّلتُ بالقَذَى

وقلتُ لصُحباني بَصيرٌ قَذانِيَا

وقَذتِ العينُ تقذِي : رمت بقذاها. واقتذى الطائرُ : ألقى القذى عن عينه وذلك حين يحكّ رأسه ؛ قال حميد بن ثور :

خَفى كاقتذاء الطّير واللّيلُ مُدبِرٌ

بجُثمانِه والصّبح قد كاد يَسطعُ

ومن المجاز : جاءنا في أقذاءٍ من النّاس وهم السَّفِلة. وفي الحديث : «وجماعة على أقذاءٍ». وفلان في عينه قَذاة إذا ثقُل عليه. ويقال : كلّ أنثى تَقذي وكلّ ذكر يَمذي أي ترمي ببياضها من شهوة الفحل.

قرأ ـ قرأتُ الكتاب واقترأتُه ، وأقرأته غيري ، وهو من قَرَاءةِ الكتاب ، وفلان قارئٌ وقَرّاء : ناسك عابد ، وهو من القُرَّاء ؛ وقال جرير :

يا أيّها القارئُ المُرخي عِمامَته

هذا زمانُك إنّي قد مضَى زمني

وقد تقرّأ فلان : تنسّك. واقرأْ سلامي على فلان ، ولا يقال : أقرئه مني السّلام. وأقرأتِ المرأة : حاضت ، وامرأة مقرئٌ ، واعتدّتْ بثلاثة قُروءٍ وأقراء وأقرُؤ. ودفعتُ جاريتي إلى فلانة أُقرِّئها أي أمسكها عندها لتحيض ، وجاريةٌ مقرَّأة ، وإذا اشتريت أمَةً فلا تقربها حتى تُقرِّئها. وما قَرَأتْ هذه النّاقة سَلاً قَطُّ : ما ضمت أي ما حملت ولداً ؛ قال حميد بن ثور :

أراها غلامانا الخَلَى فتشذّرتْ

مِراحاً ولم تَقرَأ جَنيناً ولا دَمَا

فخطرت بذَنَبها.

قرب ـ قَرُبَ منه وإليه ، واقترِبْ مني ، وقرّبتُه فتقرّب ، وقاربه ، وتقاربوا واقتربوا ، وهو يستقرب البعيد ، وتناوله من قُرْب ومن قريب ، ونزل قريباً. وبينهم قُرْبة وقُربَى وقَرابة ، وهو قريبي وقَرابتي ، وهم أقربائي وأقاربي وقَرابتي. وبيننا نسب قريب وقُرابٌ ؛ قال :

فلَمّا أن رَأيتُ بني عَليّ

عرَفتُ الودّ والنّسبَ القُرابا

وتقرَّب إلى الله بكذا ، وفعل ذلك تقرُّباً إلى الله وقُربة ، وطلبتُ بذلك القُربةَ والحسبَةَ. وقرّبَ قرباناً. ومعه ألف درهم أو قُرابُ ذلك. وفي مثل : «الفرار بقِرابٍ أكيس». وسئل أعرابيّ عبر الوادي فقال : الماء قُرابةُ الرُّكْبتين. وأقربتِ الحاملُ : قرب وِلادها. وهو قُربانٌ من قرابين الملكِ : من خواصّه ومقرَّبيه. وفرس مُقرَبٌ ، وخيلٌ مُقرَبة ، وهو من مُقْرَبات الخيل وهي التي يقرَّب مَربَطها ومعلفها لكرامتها. وقَرِبَ الشجرةَ : غشيها. وله حِمًى غير مقروب. وقرِبَ المرأة قِرباناً. وقَرَبوا الماء : طلبوه. وإبلٌ قوارب. وهذه ليلة القَرَبِ. وما له هارِب ولا قارِب. وركبت في القارِب إلى الفُلك وهي سفينة صغيرة تكون مع الملّاحين تُستخفّ لحوائجهم وسمعت أنّهم يسمّونه : السُّنبوك. وقرَّبَ الفرسُ تقريباً وهو دون الحُضْر. وسلّ السيفَ من قِرابه ، وأقربه وقَرَبه. وسيفٌ مقروبٌ. وفرسٌ لاحقُ الأقراب ، كقولهم : شاة ضخمة الخواصر. وخرج إلينا متقرّباً : متخصّراً آخذاً بقُرُبه وبقُرْبه.

ومن المجاز : لقد قَرَبتَ وقَرِبتَ أمراً ما أدري ما هو. وفلان يقرُب أمراً لا يتسهّل له. وحَيّا فلانٌ وقَرَّب إذا قال : حيّاك الله وقرّب دارك ، وتقول : دخلتُ على فلان فأهّل ورحّب وحيّا وقرّب. وتقاربتْ إبلُ فلان : قلّتْ. وأخذ مالُه يتقارب ؛ قال جندل :

غرّكِ أن تقارَبتْ أباعري

وأن رأيتِ الدّهرَ ذا دوائرِ

وشيء مقارِب : وسَطٌ. ويقول الرّجل لصاحبه يستحثّه : تقرّب تقرّب أي اعجل ؛ قال :

يا صاحبيَّ تَرَحّلا وتَقَرّبَا

فلقَد أنَى لمسافر أن يطرَبَا

وظهرتْ مُقرِّبات الماء : تباشيره وهي حصى صغار إذا رآها من ينبط الماء استدلّ بها على قُرب الماء. وخذ في هذا المَقْرَبِ وهو الطريق المختصر.

قرح ـ قَرحَ جِلْدُه ، وقَرَحَه : جرحه قَرحاً وقُرْحاً ، وهو مقروح وقريح ، وقوم قَرحَى ، وقرَّحه فتقرّح ، وقرَّح

٤٩٩

الوشمَ : غرزه بالإبرة ، وبه قَرْحة دامية وقَرْحٌ وقُروح وهو كلّ ما جرح الجلدَ من عضّ سلاح أو غيره (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ). ويقال : به قُرْحٌ من قَرْحٍ به أي ألم من جراحة به. وما زلت آكل الورق حتى أقرح شفتيَّ. وقَرَحَ الفرسُ يقرَح ويقرُح قُرُوحاً ، وقَرَحَ نابُه : طلع ، وفرس قارح ، وخيل قُرَّح ، وفرس أقرح : أغرّ ، وخيلٌ قُرْحٌ ، وبوجهه قُرْحة وهي ما دون الغرّة. ويقال : لا ذباب إلّا وهو أقرح كما لا بعير إلّا وهو أعلم. وقرَحتُ ركيَّةً واقترحتُها : حفرتها في مكان لم يُحفر فيه. وهذه أرض لم يُقْرَح فيها. وشربتُ قريحةَ البئر : أوّل ما استنبط منها ، وقَريحة السّحابِ وقريحه : أوّل ما صاب منها ؛ قال مزاحم :

قريحة أبكارٍ من المُزْن جِلَّةٍ

شغاميمَ لاحتْ في ذراها البوارقُ

وماء قَراح : لا يشوبه شيء من سويق ولا غيره. وأرض قَراح : ما فيها منابت سبخ. ورجلٌ قُرحانٌ : سالم من الجدري والحصبة ونحوهما ، وقوم قُرحانٌ وقُرحانون. ونخلةٌ قِرواحٌ : طويلة. وهضبة قِرواحٌ. وناقة قِرواح : طويلة القوائم. وأرضٌ قِرواحٌ : واسعة ؛ قال :

أدينُ وما ديني عليكُم بمَغرَمٍ

ولكن على الشمّ الجلادِ القَراوحِ

وقال أبو ذؤيب :

أُمَّ الصّبيّينِ هل تدرين أن رُبَمَا

عيطاءُ قُلّتها شمّاءُ قِرواحُ

ومن المجاز : روضة قَرحاء : في وسطها نَور أبيض. وقرّحتْ سنُّ الصّبيّ إذا همّت بالنبات فإذا خرجت قيل : غرّرت من القُرحة والغُرّة. وقرَّح العَرفجُ : نبتَ أوّلُه. وقرَّح الشّجرُ : خرجت رؤوس ورقه. وقَرَحَه بالحقّ : استقبله به. ولقيته مصارحة مقارحة : مواجهة. وهو قُرحة أصحابه : غرّتهم. وأصبنا قُرحة الوسميّ : أوّله. واقترحتُ الجمل : ركبته قبل أن يُركب. واقترحتُ الأمر : ابتدعته. وأنا أوّل من اقترح مودّة فلان أي أوّل من اتخذه صديقاً. واقترحتُ عليه كذا. واقترح خطبةً : ارتجلها. وفلان حسن القريحة إذا ابتدع شعراً أو خطبة أجاد. وأخذتُ قريحة الشيء : أوّله وباكورته. وأنت قُرحانٌ ممّا قُرِفتَ به أي بريء ؛ وقال زَبّان بن سيّار الفزاري :

كادَ الفراق غداةَ البينِ يفجعني

لو كنتُ من فجعاتِ البَينِ قُرحانَا

وتفرَّى اللّيل عن وجهِ أقْرَحَ وهو الصّباح.

قرد ـ «فلان أذلّ من القِرْد والقُراد» ، وأسفل من القُراد. وقرّد بعيره : ألقى عنه القُراد ، وقرّده الغرابُ : وقع عليه يلتقط القِردانَ ، وأقرد البعيرُ : سكن لذلك. ومنه قوله :

إذا نزلتْ بَنو لَيثٍ عُكاظاً

رأيتَ على رؤوسهِم الغُرابَا

وجملٌ قَرودٌ. وكم قطعتُ من سبسب وفدفد ومن غائط وقَرْدد ؛ وهي الارتفاع إلى جنب وَهدة ؛ قال :

متى ما تزرْنا تلقَنا وبيوتَنا

بقرقرة ملساءَ ليست بقَردَدِ

ومن المجاز : نزعت قُراد فلان. وقرّدته : خدعته ؛ قال الحطيئة :

لعمركَ ما قُرادُ بني كليب

إذا نُزع القُرادُ بمُستَطاعِ

وقال الأعشى :

همُ السَّمْن بالسَّنُّوتِ لا ألْسَ فيهِمُ

وهم يَمنَعونَ جارَهم أن يُقرَّدَا

ورجلٌ قَرودٌ : ساكن. وأقرد الرجلُ : لصق بالأرض من ذلّ. وكلّمته فأقرد : سكت من عيّ. وإنّه لقَرِدُ الفم إذا كانت أسنانه صغاراً. وصوفٌ قَرِدٌ : ملتصق متلبّد. وتامِك قَرِدٌ. وسحاب قَرِدٌ : متراكب. وفرسٌ قَرِدُ الخصيلِ ؛ قال :

قَرِدُ الخَصيل وفي العظامِ بقيّة

من صنعةٍ قدّمتُها لا تذهب

وعِلْكٌ قَرِدٌ ، وقَرِدَ العِلْكُ إذا فسدت ممضَغته. وأقرد

٥٠٠