الشيخ أمين حبيب آل درويش
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٤
أ ـ ما جاء في حديث الإمام الصادق عليه السلام : (نحن شجرة النبوة ، ومعدن الرسالة ، ونحن عهد الله ، ونحن ذمّة الله ، لم نزل أنواراً حول العرش نسبِّح ، فيسبِّح أهل السماء لتسبيحنا ، فلما أنزلنا إلى الأرض ؛ سَبّحنا فسبّح أهل الأرض ، فكل علم خرج إلى السماوات والأرض فمنّا وعَنّا ، وكان في قضاء الله السابق أن لا يدخل النار محبّ لنا ، ولا يدخل الجنة مبغض لنا ؛ لأنّ الله يسأل العباد يوم القيامة عَمّا عهد إليهم ، ولا يسأل عَمّا قضى عليهم) (٧٢).
ب ـ ما جاء في حديث الراهب اليماني مع الإمام الكاظم عليه السلام : (فقال له أبو إبراهيم عليه السلام : عد إلى حديث الهندي. فقال له الراهب : سمعت بهذه الأسماء ولا أدري ما بطائنها ولا شرائحها ، ولا أدري ما هي ، ولا كيف هي ، ولا بدعائها فانطلقت حتى قدمت سندان الهند ، فسألت عن الرجل فقيل لي : إنه بنى ديراً في جبل فصار لا يخرج ولا يرى إلا في كل سنة مرتين ، وزعمت الهند أنّ الله تعالى فَجّر له عيناً فيديره ، وزعمت الهند أنه يُزرع له من غير زرع يلقيه ، ويحدث له من غير حدث يعمله ؛ فإنتهيت إلى بابه ، فأقمت ثلاثاً لا أدقّ الباب ، ولا أعالج الباب ، فلما كان اليوم الرابع فتح الله الباب. ـ إلى أن قال : ـ فقلت له : اُخبرت أنّ عندك إسماً من أسماء الله تعالى تبلغ به في كل يوم وليلة بيت المقدس وترجع إلى بيتك ، فقال لي : فهل تعرف البيت المقدس الذي بالشام. فقال : ليس بيت المقدس ، ولكنه البيت المقدّس ؛ وهو بيت آل محمد. فقلت له : أما ما سمعت به إلى يومي هذا ، فهو بيت المقْدِس! فقال لي : تلك محاريب الأنبياء ، وإنما كان يقال لها : حظيرة المحاريب ، حتى جاءت الفترة التي كانت بين محمد وعيسى صلى الله عليهما ، وقرب البلاء من
__________________
(٧٢) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٢٥ / ٢٤.
أهل الشرك ، وحَلّت النقمات في دور الشياطين ، وجَلَت النغمات ـ أي إرتفعت الأصوات التي كانت ساكنة في دور الشياطين ، وهي البدع الباطلة في مدارس ومجالس أهل الضلالة ـ ، فحولوا وبدلوا ، ونقلوا تلك الأسماء ؛ وهو قول الله تبارك وتعالى : (إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ) (٧٣) ، فالبطن آل محمد ، والظهر مَثل) (٧٤).
ذكر الشيخ محمد صالح المازندراني (قده) : «وقوله : البطن لآل محمد الظهر مثل ، إشارة إلى أنّ للآية ظاهراً وباطناً ، الظاهر بيان لما فعله المشركون من تبديل إسم الإله ونقله عن موضعه ، وهو الله جَلّ شأنه إلى الأصنام ـ حتى سموها آلهة ، والباطن بيان لما فعله الجاهلون من تبديل اسم البيت المقَدّس ونقله عن موضعه وهو بيت آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى البيت الذي في الشام ؛ وهو حظيرة المحاريب ، والله أعلم» (٧٥). وبعد هذا البيان ؛ تبين لنا أنّ الأصل هو بيت آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم لتطهره عن النقائص والعيوب ، وتنزهه عن الرذايل والذنوب ، وهو ما ذكره الباري عَزّ وجَلّ : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) [الأحزاب / ٣٣]. وبعد هذا البيان ؛ نخرج بالنتيجة التالية :
إنّ الدرجات التي بَشّر بها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم سبطه سيد الشهداء في الجنان : (وإنّ لك في الجنان لدرجات لا تنالها إلا بالشهادة) (٧٦) وكذلك
__________________
(٧٣) ـ النجم / ٢٣.
(٧٤) ـ القمي ، الشيخ عباس : منتهى الآمال ، ج ٢ / ٢٥٣.
(٧٥) ـ المازندراني ، الشيخ محمد صالح : شرح أصول الكافي ، ج ٧ / ٢٦٨.
(٧٦) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٢٥ / ٢٤.
التصريح بكون كربلاء هي مسكن أوليائه وأولي العزم من الرسل في الجنة ، كما في حديث الباقر عليه السلام : (فما زالت قبل خلق الله الخلق مقدسة مباركة ، لا تزال كذلك حتى يجعلها الله أفضل مسكن في الجنة ، وأفضل منزل ومسكن يسكن الله فيه أولياءه في ال جنة) ، وكذلك ما جاء في حديث السجاد عليه السلام : (وأنها إذا بدّل الله الأرضين رفعها كما هي برمتها نورانية صافية ، فجعلت في أفضل روضة من رياض ال جنة ، وأفضل مسكن في الجنة لا يسكنها إلا النبيون والمرسلون ـ أو قال : أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ـ ، وأنها لتزهر من رياض الجنة ، كما يزهر الكوكب الذرّي لأهل الأرض) كل تلك الأمور تفيدنا بأنّ كربلاء أفضل من أرض الكعبة بدرجات في عالم الدنيا والآخرة ، وهذا يتفق مع ما ذهب إليه الفيض الكاشاني (قده) ، فتحقق الجمع بين الوجهين اللذين ذكرهما العلمين القطيفي والفيض الكاشاني.
وأما الوجه الثالث الذي ذكره السيد صادق الروحاني (دام ظله) ؛ فله مكان من القوة. ويمكن أن يضاف إلى هذا الوجه فائدة وهي : أنّ كربلاء المخلوقة في عالم الأنوار ترفع بنورانيتها ، وتكون مسكناً لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليهم السلام ، وهذه الخصوصية لكربلاء التي كانت مخلوقة في عالم الأنوار ، وفي عالم الدنيا مثوى للحسين عليه السلام وأهل بيت عليهم السلاما ، وفي الآخرة مسكناً للمقربين من الأنبياء والأوصياء ، فلم تكن تلك الخصوصيات لبقعة من البقاع الأخرى.
الثاني ـ دحو الأرض من تحت الكعبة :
س / كيف نجمع بين كون كربلاء أفضل من أرض الكعبة ، وبين ما دلّ على أن الكعبة أفضل بقاع الأرض باعتبار دحو الأرض من تحتها؟
ج / يمكن الإجابة على هذا السؤال كالتالي :
يستفاد من كلمات الشيخ أحمد آل طوق (قده) : «إنّ الكعبة بالنسبة إلى الأرض كالقلب الصنوبري لجسد الإنسان ، فهو أول كائن بمعناه العقلي والحسي بارز من الإيمان ، ثم يُبنى عليه الجسد كما هو الحق ، وهو المشهور بين أهل الشتريح ، فكذلك الكعبة ، فهي أول كائن من الأرض ، ثم دحيت الأرض من تحتها على مثال دحو جسد الإنسان من تحت قلبه ، فهي أشرف بقعة من الأرض باعتبار الجسدانية ، وإن كانت كربلاء أفضل بمقام آخر» (٧٧).
أقول : كون الأرض دحيت من تحت الكعبة لا يدل على أفضلية أرض الكعبة على كربلاء ، فإنّ الأسبقية في الوجود الخارجي لا يدل على الأفضلية في الرتبة والشرف ، فالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته الأطهار عليهم السلام أفضل المخلوقات على الإطلاق ، ومع هذا يلاحظ أنّ الأنبياء عليهم السلام وُجدوا على الأرض قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وآله الكرام عليهم السلام ، بل يمكن القول بأنّ دحو الكعبة من باب المقدمة لأرض كربلاء وبقية بقاع أهل البيت عليهم السلام ، ويؤيد ذلك ما جاء في حديث بيّاع السابري عن الإمام الصادق عليه السلام : (ولولا تربة كربلاء ما فُضلّتِ ، ولولا مَن تضمنت أرض كربلاء ما خلقتك ، ولا خلقت الذي به إفتخرت).
وأما خصوص دحو الأرض من تحت الكعبة دون غيرها ؛ فهذا راجع إلى الحكمة والمصالح الإلهية لعباده.
٢ ـ أطهر بقاع الأرض :
ورد هذا الإسم في الحديث التالي :
__________________
(٧٧) ـ آل طوق : الشيخ أحمد بن الشيخ صالح : رسائل آل طوق القطيفي ، ج ٣ / ٢٨٦ ، ٣١٩ (بتصرف).
ـ عن قدامة بن زائدة ، عن أبيه ، عن علي بن الحسين (عليهما السلام) ، عن عمته زينب ، عن أم أيمن ، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ـ في حديث طويل ـ أنّه قال : (قال جبرائيل : وإنّ سبطك هذا ـ وأومأ بيده إلى الحسين عليه السلام ـ مقتول في عصابة من ذريتك وأهل بيتك وأخيار من أمتك ، بضفة الفرات بأرض تدعى كربلاء ، ومن أجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك وأعداء ذريتك ، في اليوم الذي لا ينقضي حسرته ، وهي أطهر بقاع الأرض وأعظمها حرمة ، وإنّها لمن بطحاء الجنة) (٧٨).
٣ ـ أكرم أرض الله :
ورد هذا الإسم في الحديث التالي :
عن أبي جعفر عليه السلام قال : (الغاضرية هي البقعة التي كَلّم الله فيها موسى بن عمران ، وناجى نوحاً فيها ، وهي أكرم أرض الله عليه ، ولولا ذلك ما استودع الله فيها أولياءه وأنبياءه ، فزوروا قبورنا بالغاضرية) (٧٩).
٤ ـ البقعة الطيّبة :
«البُقْعَة : قطعة من الأرض على غير هيئة التي بجنبها ، والجمع بُقَعْ وبِقَاع» (٨٠).
وقد ذكرت بعض الروايات هذا الإسم كالتالي :
وروي : إذا أخذته فقل : (اللهم بحق هذه التربة الطاهرة ، وبحق البقعة الطيبة ، وبحق الوصي الذي توارية ، وبحث جَدّه وأبيه ، وأمه وأخيه ، والملائكة
__________________
(٧٨) ـ النوري ، ميرزا حسين الطبرسي : مستدرك الوسائل ، ج ١٠ / ٣٢٥ (باب ٥١ من أبواب المزار ـ حديث ٩).
(٧٩) ـ نفس المصدر / ٣٢٤ (حديث ٥).
(٨٠) ـ ابن منظور ، جمال الدين محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ٨ / ١٨.
الذين يحفون به ، والملائكة العكوف على قبر وليك ، ينتظرون نصره صلى الله عليهم أجمعين ، إجعل فيه شفاء من كل داء ، وأماناً من كل خوف ، وغنىً من كل فقر ، وعِزّا من كل ذلّ ، وأوسع به عليّ في رزقي ، وأصحّ به جسمي) (٨١).
وأوردها الشيخ المجلسي (قده) هكذا : (وروي إذا أخذته فقل : بسم الله ، اللهمَّ بحق هذه التربة الطاهرة ، وبحق البقعة [المباركة] الطيبة) (٨٢).
٥ ـ بُقْعةٌ كثيرةُ الخير :
نَصّ على هذا الإسم الحديث التالي :
عن خالد الرٍّبعي قال : حدثني من سمع كعباً يقول : (أوّل من لعن قاتل الحسين بن علي عليه السلام إبراهيم خليل الرحمن ، وأمر ولده بذلك وأخذ عليهم العهد والميثاق ، ثم لعنه موسى بن عمران وأمر أمته بذلك ، ثم لعنه داود وأمر بني إسرائيل بذلك ، ثم لعنه عيسى وأكثر أن قال : يا بني إسرائيل إلعنوا قاتله ، وإن أدركتم أيامه فلا تجلسوا عنه ، فإنّ الشهيد معه كالشهيد مع الأنبياء مقبل غير مدبر ، وكأني أنظر إلى بقعته ، وما من نبي إلا وقد زار كربلاء ووقف عليها ، وقال : إنك لبقعة كثيرة الخير ، فيك يدفن القمر الأزهر) (٨٣).
٦ ـ البقعة المباركة :
نَصّت الروايات على هذا الإسم نذكر منها التالي :
١ ـ عن مخرمة بن ربعي قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : (شاطئ الوادي الأيمن الذي ذكره الله تعالى في القرآن ؛ هو الفرات ، والبقعة المباركة هي كربلاء) (٨٤).
__________________
(٨١) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٧٢ (الباب ٩٣ ـ من أين يؤخذ طين الحسين ـ حديث).
(٨٢) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ١٢٨.
(٨٣) ـ نفس المصدر ، ج ٤٤ / ٣٠١.
(٨٤) ـ الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن : تهذيب الأحكام ، ج ٦ / ٣٨.
٢ ـ وفي لفظ آخر هكذا : عن عرفة ، عن ربعي قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : (شاطئ الوادي الأيمن الذي ذكره الله تعالى في كتابه هو الفرات ، والبقعة المباركة هي كربلاء ، والشجرة هي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ...) (٨٥).
قال الشيخ المجلسي (قده) : «لعلّ المراد أنّ بتوسط روح محمد صلى الله عليه وآله وسلم أوحى الله ما أوحى في هذا المكان ، وتشبيهه بالشجرة لتفرغ أغصان الإمام منه ، واجتناء ثمرات العلوم منهم إلى آخر الدهر ، كما ورد في تفسير قوله تعالى : (مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ) (٨٦) ...» (٨٧).
٧ ـ بطحاء الجنّة :
«البطحاء : مسيل فيه دقاق الحصى والتراب اللين مما جَرّته السيول ، والجمع بطحاوات وبطاح» (٨٨).
__________________
(٨٥) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ١٩ (الباب ١٣ ـ فضل الفرات وشربه والغسل فيه ـ حديث ١٠). وبعد ذكر هذين الحديثين نستنتج ما يلي :
١ ـ الإختلاف الوارد في السند هكذا : في التهذيب : «عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن الحكم ، عن مخرمة بن ربعي». وفي كامل الزيارات هكذا : «عن الحسن بن سعيد ، عن علي بن الحكم ، عن عرفة ، عن ربعي».
٢ ـ الإختلاف الوارد في المتن هكذا : في التهذيب و... في القرآن هو الفرات. وفي كامل الزيارات : «في كتابه هو الفرات «و» الشجرة هي محمد ...» هذه الزيادة غير موجودة في التهذيب ، فالنتيجة التي توصلنا إليها هي التالي :
أولاً ـ إن الصحيح هو الحسين بن سعيد ، لا الحسن بن سعيد ؛ حيث أنه يروي عن علي بن الحكم ـ كما أشار إليه الفقيه المحقق السيد الخوئي (قده) في المعجم ج ٤ / ٣٤٨.
ثانياً ـ إنّ عرفة بن بريد (يزيد) من أصحاب الصادق (ع) وروى عن ربعي بن عبد الله ، وروى عنه علي بن الحكم ، كما في المعجم ، ج ١١ / ١٣٧ ، وج ٧ / ١٦.
ثالثاً ـ إن مخرمة بن ربعي روى عن أبي عبد الله ، وروى عنه علي بن الحكم ـ كما في المعجم / ج ١٨ / ١٠٥ ـ ، فعلى هذا يكون حديثان لا حديثاً واحداً.
(٨٦) ـ إبراهيم / ٢٤.
(٨٧) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٩٧ ٢٢٩.
(٨٨) ـ ابن منظور ، جمال الدين محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ٢ ، ٤١٢ ـ ٤١٣ (بتصرف).
وقد ذكر هذا الإسم في الحديث التالي :
في حديث الإمام زين العابدين عليه السلام : (قال جبرائيل : وإنّ سبطك هذا ـ وأومأ بيده إلى الحسين عليه السلام ـ مقتول في عصابة من ذريتك ، وأهل بيتك ، وأخيار من امتك ، بضفة الفرات ، بأرض تدعى كربلاء ، من أجلها يكثر الكرب والبلاء على أعدائك ، وأعداء ذريتك ، في اليوم الذي لا ينقضي كربه ، ولا تنقضي حسرته ، وهي أطهر بقاع الأرض وأعظمها حرمة ، وإنها لمن بطحاء الجنّة) (٨٩).
__________________
(٨٩) ـ النوري ، ميرزا حسين الطبرسي : مستدرك الوسائل ، ج ١٠ / ٣٢٥ (باب ٥١ من أبواب المزار ـ حديث ٩).
٨ ـ تربة الحسين عليه السلام
٩ ـ التربة الطاهرة
١٠ ـ تربة الفرخ المبارك
١١ ـ تربة قبر الحسين عليه السلام
١٢ ـ تربة كربلاء
١٣ ـ التربة المباركة
١٤ ـ تربة المظلوم
١٥ ـ ترعة من ترع الجنة
٨ ـ تربة الحسين (عليه السلام) :
نَصّت بعض الروايات على هذا الإسم كالتالي :
١ ـ عن ا لحسين بن أبي العلا قال : سمعت أبا عبد الله يقول : (حَنِّكوا أولادكم بتربة الحسين عليه السلام فإنّها أمان) (٩٠).
٢ ـ عن ابن عباس ، قال : (الملك الذي جاء إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم يخبره بقتل الحسين عليه السلام كان جبرئيل عليه السلام الروح الأمين ، منشور الأجنحة باكياً صارخاً ، قد حمل من تربة الحسين عليه السلام ، وهي تفوح كالمسك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : وتفلح أمتي تقتل فرخي ، أو فرخ ابنتي؟! فقال جبرئيل : يضربها الله بالإختلاف فتختلف قلوبهم) (٩١).
٣ ـ عن المسيّب بن زهير قال : قال لي موسى بن جعفر عليه السلام بعد ما سُمّ : (لا تأخذوا من تربتي شيئاً لتتبركوا به ، فإنّ كل تربة لنا محرمة إلا تربة جدي الحسين بن علي عليه السلام ، فإنّ الله عَزّ وجَلّ جعلها شفاء لشيعتنا وأوليائنا) (٩٢).
٤ ـ عن زيد بن أسامة قال : كنت في جماعة من عصابتنا بحضرة سيدنا الصادق عليه السلام ، فأقبل علينا أبو عبد الله عليه السلام فقال : (إنّ الله جعل تربة جدي الحسين عليه السلام شفاء من كل داء ، وأماناً من كل خوف ، فإذا تناولها أحدكم فليقبلها ويضعها على عينيه ، وليمرها على سائر جسده ...) (٩٣).
٥ ـ روي أنّ رجلاً سأل الصادق عليه السلام فقال : (إني سمعتك تقول : إنّ تربة الحسين عليه السلام من الأدوية المفردة ، وإنّها لا تمر بداء إلا هضمته. فقال : قد
__________________
(٩٠) ـ الطوسي ، الشيخ محمد بن الحسن : تهذيب الأحكام ، ج ٦ / ٧٤.
(٩١) ـ بن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ١٣١.
(٩٢) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ١١٨.
(٩٣) ـ نفس المصدر : ١١٩.
كان ذلك ، أو قلت ذلك ، فما بالك؟ قال : إني تناولتها فما إنتفعت ، قال عليه السلام : أما إنّ لها دعاء ، فمن تناولها ولم يدع به لم يكد ينتفع بها. فقال له : ما أقول إذا تناولتها؟ قال : تقبلها قبل كل شيء وتضعها على عينيك ، ولا تناول منها أكثر من حمّصة ، فإنّ من تناول منها أكثر من ذلك ، فكأنما أكل من لحومنا ودمائنا ، فإذا تناولت فقل : اللهمّ إني أسألك بحقِّ الملك الذي قبضها ، وأسألك بحق النبي الذي خزنها ، وأسألك بحق الوصي الذي حلّ فيها ، أن تصلِّي على محمد وآل محمد ، وأن تجعله شفاء من كل داء ، وأماناً من كل خوف ، وحفظاً من كل سوء ، فإن قلت ذلك فاشددها في شيء وأقرأ عليها سورة إنا أنزلناه في ليلة القدر ، فإنّ الدعاء الذي تقدم لأخذها هو الإستيذان عليها ، وقراءة إنا أنزلناه ختمها) (٩٤).
٦ ـ عن معاوية بن عَمّار قال : (كان لأبي عبد الله عليه السلام خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد الله ، فكان إذا حضرت الصلاة صَبّه على سجادته وسجد عليه ، ثم قال عليه السلام : السجود على تربة الحسين عليه السلام يخرق الحجب السّبع) (٩٥). قال الشيخ المجلسي (قده) : «خرق الحجب كناية عن قبول الصلاة ، ورفعها إلى السماء» (٩٦).
٩ ـ التربة الطاهرة :
ذكر هذا الإسم في الرواية التالية :
وروي إذا أخذته فقل : (بِسْمِ اللهِ ؛ اللّهمّ بحقِّ هذه التربة الطاهرة ، وبحقّ البقعة [المباركة] الطيبة ، وبحق الوصي الذي تواريه ، وبحقّ جدّه وأبيه ، وأمه
__________________ ـ
(٩٤) ـ المصدر السابق : ١٣٥.
(٩٥) ـ نفس المصدر : ١٣٥.
(٩٦) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ٨٢ / ١٥٣.
وأخيه ، والملائكة الذين يحفون به ، والملائكة العكوف على قبر وليك ينتظرون نصره صلى الله عليهم أجمعين ، إجعل لي فيه شفاء من كلِّ داء ، وأماناً من كل خوف ، وغنى من كلِّ ذل ، وأوسع به عليّ في رزقي ، وأصحّ به جسمي) (٩٧).
١٠ ـ تربة الفرخ المبارك :
ذكر هذا الإسم في الرواية التالية :
عن ابن عباس ـ في حديث طويل ـ ، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال فيه : (... أتعلم يا بن عباس ما هذه الأبعار؟ هذه قد شمها عيسى بن مريم عليه السلام ، وذلك أنه مر بها ومعه الحواريون ، فرأى هيهنا الظباء مجتمعة وهي تبكي ، فجلس عيسى عليه السلام وجلس الحواريون معه ، فبكى وبكى الحواريون وهم لا يدرون لِمَ جلس ولِمَ بكى! فقالوا يا روح الله وكلمته ما يبكيك؟ قال : أتعلمون أي أرض هذه؟ قالوا : لا ، قال : هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول أحمد ، وفرخ الحرة الطاهرة البتول شبيهة أمي ، ويلحد فيها ، طينة أطيب من المسك ؛ لأنها طينة الفرخ المستشهد ، وهكذا تكن طيبنة الأنبياء وأولاد الأنبياء ، فهذه الظباء تكلمني وتقول : إنها ترعى في هذه شوقاً إلى تربة الفرخ المبارك ، وزعمت أنها آمنة في هذه الأرض) (٩٨).
١١ ـ تربة قبر الحسين :
من الروايات التي نَصّت على هذا الإسم الرواية التالية :
عن بعض أصحابنا ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام ، قال : (إني رجل كثير العلل والأمراض ، وما تركت دواء إلا تداويت به. فقال لي : فأين أنت عن تربة قبر الحسين عليه السلام ، فإنّ فيها الشفاء من كل داء ، والأمن من كل خوف ...) (٩٩).
__________________
(٩٧) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ٩٨ / ١٢٨.
(٩٨) ـ الصدوق ، الشيخ محمد بن علي بن بابويه : آمالي الاصدوق / ٤٧٩ (المجلس ٨٧ ـ حديث ٥).
(٩٩) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٧٣ (باب ٩٣ ـ حديث ١٠).
١٢ ـ تربة كربلاء :
نصّت على هذا الإسم الروايات التالية :
١ ـ عن أبي خديجة ـ سالم بن مكرم الحمال ـ ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : (لما ولدت فاطمة الحسين عليهما السلام ، جاء جبرئيل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له : إنّ أمتك تقتل الحسين عليه السلام من بعدك ، ثم قال : ألا أريك من تربته ، فضرب بجناحه فأخرج من تربة كربلاء وأداها إياه ، ثم قال هذه التربة التي يقتل عليها) (١٠٠).
٢ ـ عن عمر بن يزيد بياع السابري ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (إنّ أرض الكعبة قالت : من مثلي وقد بنى بيت الله على ظهري ، ويأتيني الناس من كل فج عميق ، وجعلت حرم الله وأمنه ، فأوحى الله إليها أن كفّي وقرّي ، فواعزتي وجلالي ، ما فَضْلُ ما فُضّلت به فيما أعطيت أرض كربلاء إلا بمنزلة الإبرة غمست في البحر ، فحملت من ماء البحر ، ولولا تربة كربلاء ما فضلتك ، ولولا من ضمته كربلاء لما خلقتك ، ولا خلقت الذي إفتخرت به ...) (١٠١).
١٣ ـ التربة المباركة :
ذكر هذا الإسم في الروايات التالية :
١ ـ عن أبي حمزة الثمالي ، قال : قال الصادق عليه السلام : (... وتقول : اللّهُمَّ رَبِّ هذه التربة المباركة الميمونة ، والملك الذي هبط بها ، والوصيِّ الذي هو فيها ، صَلِّ على محمد وآل محمد وسَلّم ، وأنفعني بها ، إنك على كل شيء قدير) (١٠٢).
__________________
(١٠٠) ـ المصدر السابق / ١٣٠ ـ ١٣١ (باب ١٧ ـ حديث ٦).
(١٠١) ـ الحر العاملي ، الشيخ محمد بن الحسن : وسائل الشيعة ، ج ١٤ / ٥١٤ ـ ٥١٥ (باب ٦٨ من أبواب المزار ـ حديث ٢).
(١٠٢) ـ ابن قولويه ، الشيخ جعفر بن محمد : كامل الزيارات / ٤٧٥ ـ ٤٧٦ ، (باب ٩٣ ـ حديث ١٢).
٢ ـ عن حَنّان بن سدير عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : (من أكل من طين قبر الحسين عليه السلام غير مستشف به ؛ فكأنما أكل من لحومنا ، فإذا احتاج أحدكم إلى الأكل منه ليستشفي به ؛ فليقل : بسم الله وبالله ، اللهم رَبِّ هذه التربة المباركة الطاهرة ، وربّ النور الذي أنزل فيه ، وربّ الجسد الذي سكن فيه ، وربّ الملائكة الموكلين به ، إجعله لي شفاء من داء كذا وكذا ، واجرع من الماء خلفه ، وقل : اللهم اجعله رزقاً واسعاً ، وعلماً نافعاً ، وشفاء من كل داء وسقم ، فإنّ الله تعالى يدفع بها كلّ ما تجد من السقم والهمّ والغمّ إن شاء الله) (١٠٣).
١٤ ـ تربة المظلوم :
عن مالك بن عطية ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (إذا أخذت من تربة المظلوم ووضعتها في فيك فقل : اللّهم إنّي أسألك بحق هذه التربة ، وبحق الملك الذي قبضها ، والنبيّ الذي حضنها ، والإمام الذي حلّ فيها ، أن تصلي على محمد وآل محمد ، وأن تجعل لي فيه شفاء نافعاً ، ورزقاً واسعاً ، وأماناً من كلّ خوف وداء ، فإنّه إذا قال ذلك ، وهب الله له العافية وشفاء) (١٠٤).
١٥ ـ ترعة من ترع الجنة :
عن إسحاق بن عَمّار قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : (موضع قبر الحسن بن علي (عليهما السلام) ، منذ يوم دفن روضة من رياض الجنة ، وقال (عليه السلام) : موضع قبر الحسين (عليه السلام) ترعة من ترع الجنة) (١٠٥).
__________________
(١٠٣) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ٣٤٢.
(١٠٤) ـ النوري ، ميرزا حسين الطبرسي : مستدرك الوسائل ، ج ١٠ / ٣٤٢ (باب ٥٦ من أبواب المزار ـ حديث ٨).
(١٠٥) ـ نفس المصدر ، ج ١٠ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥.
س / ما المراد بالترعة؟
ج / ورد في تفسير الترعة أربعة أقوال :
أحدها ـ أن يكون إسماً للدرجة ، فالمراد أنّ موضع قبره الشريف يكون في درجات الجنة ؛ لأنّ الجنة مقسمة على درجات ـ وهي منازل أهل الجنة ـ وإلى هذا يشير قوله تعالى : (لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ) (١٠٦). أي ذو طبقات عند الله في الفضيلة. وقوله تعالى : (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا) (١٠٧) أي ولكل عامل بطاعة أو معصية درجات مما عملوا ؛ أي مراتب في عمله على حسب ما يستحقه ، فيجازى به إن خيراً فخير وإن شراً فشر. فقال المفسر : «وإنما سميت درجات لتفاضلها كتفاضل الدرج ، في الإرتفاع والإنحطاط ، وإنما يعبر عن تفاضل أهل الجنة بالدرج وعن تفاضل أهل النار بالدرك ، إلا أنّه لما جمع بينهم ، عَبّر عن تفاضلهم بالجرج تغليباً لصفة أهل الجنة» (١٠٨). ويؤيد هذا القول ما يلي :
١ ـ عن أبي الجارود قال : قال علي بن الحسين عليه السلام (إتخذ الله أرض كربلاء حرماً آمناً مباركاً قبل أن يخلق الله أرض الكعبة بأربعة وعشرين ألف عام ، وأنها إذا بدّل الله الأرضين رفعها كما هي برمتها نورانية صافية ، فجعلت في أفضل روضة من رياض الجنة ، وأفضل مسكن في الجنة ، لا يسكنها إلا ال نبيون والمرسلون ـ أو قال أولوا العزم من الرسل ـ وأنها لتزهر من رياض الجنة ، كما
__________________
(١٠٦) ـ الأنفال / ٤.
(١٠٧) ـ الأنعام / ١٣٢.
(١٠٨) ـ الطريحي ، الشيخ فخر الدين : مجمع البحرين ، ج ٢ / ٢٩٨.
يزهر الكوكب الدري لأهل الأرض ، يغشى نورها أبصار أهل الجنة جميعاً ... الخ) (١٠٩).
ثانيها ـ أن يكون إسماً للروضة على المكان العالي خاصة ، ويدل على ذلك ما تقدم في حديث أبي الجارود.
ثالثها ـ أن يكون إسما للباب ؛ أي أن هذا الحديث ورد للترغيب في العمل في هذا المجل الشريف ، ليقضي بصاحبه إلى أن يهدى إلى الجنة ، ويكون دالاً عليها ؛ لأنّ السامع لما يتلى عليه كأنه يطلع إلى الجنة ، فينظر إلى بهجتها وإلى ما أعد الله المؤمنين فيها من النعيم ، ويؤيد هذا ما يلي :
١ ـ عن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي جعفر عليه السلام سمعت يقول : (من أراد أن يعلم أنّه من أهل الجنة ، فليعرض حبنا على قلبه ، فإن قَبِلَهُ قهو مؤمن ، ومن كان لنا محباً فليرغب في زيارة قبر الحسين عليه السلام ، فمن كان للحسين عليه السلام زَوّاراً كان ناقص الإيمان) (١١٠).
٢ ـ عن زيد الشحّام قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول : (من أتى قبر الحسين تَشوّقاً إليه ؛ كتبه الله من الآمنين يوم القيامة ، وأعطي كتابه بيمينه ، وكان تحت لواء الحسين بن علي عليه السلام ، حتى يدخل الجنة فيسكنه في درجته ، إنّ الله عزيز حكيم) (١١١).
__________________
(١٠٩) ـ النوري ، ميرزا حسين الطبرسي : مستدرك الوسائل / د ١٠ / ٣٢٢ ـ ٣٢٣.
(١١٠) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٩٨ / ٤.
(١١١) ـ نفس المصدر : ٢٦.
رابعاً ـ الترعة : مسيل الماء إلى الروضة ، وإن كان هذا المعنى قريباً من الوجوه السابقة ، إلا أنّ هنا نكتة لطيفة ، وهي : إنّ في الكلام إستعارة تمثيلية ؛ حيث أن مسيل دماء الشهداء على هذه البقعة الطاهرة ، هي طريق إلى رياض الجنة ، بل بَشّرهم سيد الشهداء وأراهم منازلهم في الجنة قبل إستشهادهم ، كما ورد في الروايات الآتية :
١ ـ ذكر السيد المقرم في كتابه «مقتل الحسين» : «ولما فرغ من الصلاة قال لأصحابه : يا كرام هذه الجنة قد فتحت أبوابها ، وإتصلت أنهارها ، وأينعت ثمارها ، وهذا رسول الله والشهداء الذين قتلوا في سبيل الله ، يتوقعون قدومكم ، ويتباشرون بكم ، فحاموا عن دين الله ودين نبيه ، وذبوا عن حرم الرسول. فقالوا : نفوسنا لنفسك الفداء ، ودماؤنا لدمك الوقاء ، فوالله لا يصل إليك وإلى حرمك سوء ، وفينا عرق يضرب» (١١٢).
٢ ـ عن ابن عمارة ، عن أبيه ، عن أبي عبد الله قال : (قلت له : أخبرني عن أصحاب الحسين وإقدامهم على الموت ، فقال : إنهم كشف لهم الغطاء حتى رأوا منازلهم من الجنة ، فكان الرجل منهم يقدم على القتل ليبادر إلى حوراء يعانقها ، وإلى مكانه في الجنة) (١١٣).
٣ ـ عن أبي جعفر الثاني ، عن آبائه عليهم السلام قال : (قال علي بن الحسين عليه السلام : لما إشتدّ الأمر ؛ تغيّرت ألوانهم ، وإرتعدت فرائصهم ، ووجلت قلوبهم ، وكان الحسين عليه السلام وبعض من معه من خصائصه ، تشرق ألوانهم وتهدئ جوارحهم ، وتسكن نفوسهم ، فقال بعضهم لبعض : أنظروا لا يبالي
__________________
(١١٢) ـ المقرم ، السيد عبد الرزاق : مقتل الحسين / ٢٤٦.
(١١٣) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٤٤ / ٢٩٧.
بالموت ، فقال لهم الحسين عليه السلام : صبراً بني الكرام ، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضرّاء ، إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة ، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟ ، وما هو لأعدائكم إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب ، إنّ أبي حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنّ الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر ، والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم ، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم ، وما كذبت ولا كذبت) (١١٤).
٤ ـ عن الثمالي ، قال علي بن الحسين عليه السلام : (كنت مع أبي في الليلة التي قتل في صبيحتها ، فقال لأصحابه : هذا الليل فاتخذوه جنّة ، فإنّ القوم إنما يريدونني ، ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم ، وأنتم في حِلّ وسعة. فقالوا : والله لا يكون هذا أبداً فقال : إنكم تقتلون غداً كلكم ولا يفلت منكم رجل. قالوا : الحمد لله الذي شَرّفنا بالقتل معك.
ثم دعا فقال لهم : ارفعوا رؤسكم وانظروا ، فجعلوا ينتظرون إلى مواضعهم ومنازلهم من الجنة ، وهو يقول لهم : هذا منزلك يا فلان. فكان الرجل يستقبل الرماح والسيوف بصدره ووجهه ، ليصل إلى منزلته من الجنة) (١١٥). هذا إستفدته من الأعلام ، والروايات ، والله العالم بحقائق الأمور.
__________________
(١١٤) ـ المصدر السابق ، ج ٤٤ / ٢٩٧.
(١١٥) ـ نفس المصدر / ٢٩٨.