تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٢

الشيخ أمين حبيب آل درويش

تربة الحسين عليه السلام الإستشفاء والتبرّك بها ـ السجود عليها دراسة وتحليل - ج ٢

المؤلف:

الشيخ أمين حبيب آل درويش


الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٣٤
  الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣

أ ـ إشتقاق الإسم :

ذكر الفقيه المحقق السيد السبزواري (قده) : «إسم : أصله من السمو ـ مخففة ـ بمعنى الرفعة ، ومنه السماء ، ويصح أن يكون إشتقاقه من السِمَة بمعنى العلامة ، والهاء عوض الواو فيكون أصله الوسم ، فالوسم والوسام بمعنى العلامة.

والهمزة : همزة وصل على التقديرين ، ويصح الإشتقاق من كل منهما ؛ لأنّ التبديل والتغيير في حروف الكلمة جائز ما لم يضر المدلول ، إلا أن يكون اللفظ بخصوص شخصه سماعياً. ومن وقوع التغيير والتبديل في هذا اللفظ في الإشتقاقات الصحيحة ، وسهولة لغة العرب نستفيد صحة ما تقدم.

ويصح رجوع أحد المعنيين إلى الآخر في جامع قريب ـ وهو البروز والظهور ـ ؛ لأنّ الرفعة نحو علامة ، والعلامة نحو رفعة لذيها ، وهما يستلزمان البروز والظهور. ودأب اللغويون والأدباء ـ وتبعهم المفسرون على جعل المصاديق المتعددة مع وجود جامع قريب مختلف المعنى ، مكثرين بذلك المعاني ، غافلين عن الأصل الذي يرجع الكل إليه ، فكان الأجدر بهم بذل الجهد في بيان الجامع القريب ، والأصل الذي يتفرع منه ، حتى يصير بذلك علم اللغة أنفع مما هو عليه» (٣).

ب ـ معنى الإسم :

عُرِّف الإسم بعدة معانٍ أهمها ما يلي :

١ ـ ما ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام : (فالاسم ما أنبأ عن المسمى) (٤).

__________________

(٣) ـ السبزواري ، السيد عبد الأعلى الموسوي : مواهب الرحمن ، ج ١ / ١٢.

(٤) ـ الصدر ، السيد حسن : تأسيس الكرام لعلوم الإسلام / ١٤٩.

٢١

٢ ـ ما ذكره أهل اللغة : «هو رسم وسِمَة توضع على الشيء تعرف به» (٥).

٣ ـ عند النحاة : «ما دَلّ على معنى في نفسه مجرداً من الزمن ، أو ما صلح لأن يكون مسنداً إليه ومسند» (٦).

أو بعبارة أخرى : ما يقابل الفعل والحرف. ويتميز الإسلام بعلامات مُعيّنة حددها النحاة ، من خلال الإستعمال اللغوي ، وهي خمس : الجر ، والتنوين ، والنداء ، والإسناد إليه ، ودخول (ال) التعريف عليه.

ج ـ أقسام الإسم :

قَسّم النحاة الإسم إلى عدة تقسيمات ولكن أهمها ما يلي :

الإسم قسمان : موصوف وصفة.

أ ـ الموصوف : ما دل على شيء يمكن أن يوصف ، مثل رجل ، وباب ، ويقسم إلى قسمين :

١ ـ إسم ذات : ويسمى اسم عين أيضاً ، وهو ما دل على ذات محسوسة ، مثل : (أرض).

٢ ـ إسم معنى : وهو ما دل على معنى قائم في الذهن ، مثل (شجاعة ، رجوع). ويدخل في قسم الموصوف ، المصدر وأسماء الزمان والمكان والآلة.

ب ـ الصفة : ما دل على صفة قائمة بالذات أو بالمعنى ، مثل : (طويل ، عريض) ، ويدخل في هذا القسم إسم الفاعل : (جاء الرجل العالم) ، وإسم المفعول : (جاء الرجل المعروف) ، والصفة المشبهة : (جاء الرجل الكريم) ، وإسم التفضيل : (جاء الرجل الأكرم) ، والمصدر الموصوف به :

__________________

(٥) ـ ابن منظور ، محمد بن مكرم : لسان العرب ، ج ١٤ / ٤٠١.

(٦) ـ شريف ، الدكتور محمد أبو الفتوح : التركيب النحوي وشواهده القرآنية ، ج ١ / ٢٣.

٢٢

(جاء رجلٌ عدلٌ) ، والإسم الجامد المتضمن معنى الصفة المشتقة : (جاء الرجل الأسد) ؛ أي الشجاع ، والإسم المنسوب (جاء الرجل الدمشقي) (٧) وركزنا على هذا التقسيم باعتباره محل حاجتنا في هذا البحث.

وقَسّمه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله : (واعلم يا أبا الأسود ، أنّ الأسماء ثلاثة : ظاهر ، ومضمر ، واسم لا ظاهر ولا مضمر ، وإنما يتفاضل الناس فيما ليس بظاهر ولا مضمر ، وأراد بذلك الإسم العلم المبهم) (٨).

«قال الزجاج : قوله عليه السلام : ظاهر ، ومضمر ، وشيء ليس بظاهر ولا مضمر ، فالظاهر : رجل ، وزير وعمرو ، وفرس وما شابه. والمضمر : أنا ، أنت ، وألتاء في فعلتُ ، والياء في غلامي ، والكاف في ثوبك ، وما شابه. وأما الشيء الذي ليس بظاهر ولا مضمر ؛ فهو المبهم ، هذا ، هذه ، هاتا وتا ، ومن ، وما ، والذي وأيّ ، وكم ، ومتى ، وأين وما شابه» (٩).

__________________

(٧) ـ الأنطاكي ، محمد : المحيط في أصوات العربية ونحوها وصرفها ، ج ١ / ١٨٩ ـ ١٩٠.

(٨) ـ الصدر ، السيد حسن : تأسيس الكرام لعلوم الإسلام / ١٤٩.

(٩) ـ الشفائي ، حسين علي : قضاء الإمام أمير المؤمنين (ع) / ١٠٨.

٢٣
٢٤

الجانب الديني للإسم

أولاً ـ أسماء الله الحسنى

ثانياً ـ أسماء الأنبياء والأوصياء

ثالثاً ـ أسماء الأشياء

٢٥
٢٦

إنّ هذا الجانب من البحث غني بالفوائد ؛ إلا أنّ أهم ما يمكن بحثه ـ هنا ـ هو التالي :

أولاً ـ أسماء الله الحسنى :

إنما سميت حسنى لحسن معانيها ، والمعنى في كون أسمائه أحسن الأسماء أنها تنبئ عن صفات حسنة كالقادر والعالم ، وعن أفعال حسنة كالخالق والرازق ، وعن معاني حسنة كالصمد فإنه يرجع إلى أفعال عباده ، وهو أنّه يصمدونه في الحوائج ؛ أي يقصدونه. ويؤكد هذا المعنى ما جاء في الرواية التالية :

عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال : (سألته : هل كان الله عَزّ وجَلّ عارفاً بنفسه قبل أن يخلق الخلق؟

قال عليه السلام : نعم. قلت : يراها ويسمعها؟ قال : ما كان محتاجاً إلى ذلك ؛ لأنه لم يكن يسألها ولا يطلب منها ، هو نفسه ونفسه هو ، قدرته نافذة ، فليس يحتاج أن يُسمِّي نفسه ، ولكنّه إختار لنفسه أسماء لغيره يدعوه بها ؛ لأنّه إذا لم يدع باسمه لم يعرف ، فأوّل ما اختار لنفسه «العلي العظيم» ؛ لأنّه أعلى الأشياء كلها ، فمعناه الله ، وإسمه العلي العظيم ، وهو أوّل أسمائه ؛ لأنّه عليٌّ علا كلّ شيء) (١٠).

والذي يهمنا ـ هنا ـ على نحو السرعة ، هو الإجابة على السؤالين الآتيين :

١ ـ كم عدد أسماء الله الحسنى؟

يتضح لنا الجواب على هذا السؤال بعد بيان ما يلي :

__________________

(١٠) ـ الصدوق ، الشيخ محمد بن علي بن الحسين : معاني الأخبار / ٢.

٢٧

قال العلامة الطباطبائي (قده) : «لا دليل في الآيات الكريمة على تعين عدد للأسماء الحسنى تتعين به ، ـ إلى أن قال ـ أن كل اسم في الوجود هو أحسن الأسماء في معناها ، فهو له تعالى فلا تتحدد أسماءه الحسنى ، والذي ورد منها في لفظ الكتاب الإلهي مائه وبضعة (١٢٧) وعشرون إسماً» (١١).

وأما ما ورد في الروايات التي رواها العامة والخاصة في حصرها في (٩٩) ، فنذكر منها ما يلي :

١ ـ روى الصدوق بإسناده عن الرضا عليه السلام ، عن آبائه ، عن علي عليه السلام قال : (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لله عَزّ وجَلّ تسعة وتسعون إسماً ، من دعا الله بها إستجاب له ، ومن أحصاها دخل الجنّة) (١٢).

٢ ـ عن أبي هريرة قال : (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحد ، من أحصاها دخل الجنة) (١٣). وبعد ذكر هاتين الروايتين ؛ نخرج بالنتيجة التالية :

أولاً ـ قال الشيخ الكفعمي (قده) : «إنّ تخصيص هذه الأسماء بالذكر لا يدل على نفس ما عداها ؛ لأنّ في أدعيتهم عليهم السلام أسماء كثيرة لم تذكر في هذه الأسماء ، حتى إنّه ذكر أنّ الله تعالى ألفاً من الأسماء المقدسة المطهرة ، وروي أربعة آلاف ، ولعل تخصيص هذه الأسماء بالذكر لإختصاصها بمزية الشرف على باقي الأسماء ، أو لأنّها أشهر الأسماء وأبينها معاني وأظهر» (١٤).

__________________

(١١) ـ الطباطبائي ، السيد محمد حسين : الميزان في تفسير القرآن ، ج ٨ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧.

(١٢) ـ الصدوق ، الشيخ محمد بن علي : التوحيد / ١٩٥ (باب أسماء الله تعالى ـ الحديث ٩).

(١٣) ـ الترمذي ، محمد بن عيسى : صحيح الترمذي ، ج ٥ / ٥٣٠ (باب الدعوات ـ الحديث ٥٠٧).

(١٤) ـ الكفعمي ، الشيخ إبراهيم بن علي العاملي : البلد الأمين والدرع الحصين / ٦٩٦.

٢٨

ويمكن القول : بأنّ (٩٩) لعلها أهم الأسماء وأنّها موجودة في القرآن الكريم ولو بمعناها ، وأما ما ذكره بعض المفسرين من كونها أكثر من ذلك ؛ فلاحظ أنها مكررة وترجع إلى معنى واحد ، فمثلاً (خير) قد تكرر في أكثر من مورد في القرآن الكريم : (خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ، خَيْرُ الرَّازِقِينَ ، خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ، خَيْرُ الْحَاكِمِينَ ، خَيْرُ الْفَاتِحِينَ ، خَيْرُ الْغَافِرِينَ ، خَيْرُ الْوَارِثينَ ، خَيْرُ الرَّاحِمِينَ ، خَيْرُ الْمُنزِلِينَ ، خَيْرُ النَّاصِرِينَ) ، وكذلك (شَدِيدَ) ورد في أكثر من مورد : (شَدِيدُ الْعَذَابِ ، شَدِيدُ الْعِقَابِ ، شَدِيدُ الْمِحَالِ).

ثانياً ـ ما ورد في رواية الصدوق المتقدمة أنّ الأسماء (١٠٠) وليست بـ(٩٩) فالظاهر أنّ لفظ الجلالة (الله) ذكر بعنوان المسمى الجاري عليه الأسماء ، وبذلك يستقيم العدد (٩٩) ، وبيان لك كالتالي :

ذكروا أنّ للفظ الجلالة أموراً يتميز بها عن بقية الأسماء الحسنى نذكره منها ما يلي :

١ ـ أنّه أشهر أسمائه تعالى ؛ إذ هو دال على الذات المقدسة الموصوفة بجميع الكمالات ، وباقي أسمائه تعالى لا تدل آحادها إلا على أحاد المعاني ، كالقادر على القدرة ، والعالم على العلم وهكذا البواقي.

٢ ـ إنّ جميع أسمائه الحسنى يتسمى بهذا الاسم ولا يتسمى هو بشيء منها ، فلا يقال : الله اسم من أسماء الصبور أو الرحيم أو الشكور ، ولكن يقال : الصبور اسم من أسماء الله تعالى. هذه بعض الوجوه التي إمتاز بها لفظ الجلالة على غيره من الأسماء الحسنى. ولخصها الشهيد الأول (قده) بقوله : «اسم للذات لجريان النعوت عليه ، وقيل : اسم للذات مع جملة الصفات

٢٩

الإلهية ، فإذا قلنا : الله فمعناه الذات الموصوفة بالصفات الخاصة ؛ وهي صفات الكمال ونعوت الجلالة» (١٥).

ثالثاً ـ قال الشيخ الصدوق (قده) : «معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (إنّ الله تبارك وتعالى تسعة وتسعين إسماً ، من أحصاها دخل الجنة) ، إحصاؤها : هو الإحاطة بها والوقوف على معانيها ، وليس معنى الإحصاء عَدّها ، وبالله التوفيق» (١٦). وقال العلامة الطباطبائي (قده) : «والمراد بقوله : (من أحصاها دخل الجنة) الإيمان باتصافه تعالى بجميع ما تدل عليه تلك الأسماء ، بحيث لا يشد عنها شاذ» (١٧).

الأسماء وظهورها في الخلق :

لعلّ المتتبع للآيات القرآنية ، يلاحظ أنها تهتم بالإسم المبارك ، نذكر منها : قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق / ١] ، وقوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [الواقعة / ٧٤]. وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا) [الأعراف / ١٨٠]. فلماذا هذا الإهتمام بالإسم المبارك؟

الجواب على هذا السؤال يتضح فيما يلي :

أولاً ـ إنّ الحكمة العليا لخلق جميع المخلوقات ؛ هي أن يتجلى الرب سبحانه وتعالى لها بما هو متصف به من صفات الكمال ، ليعرف ويعبد ، ويشكر ويحمد ، ويحكم ويجزي فيعدل ، ويغفر ويعفو ويرحم ... الخ.

__________________

(١٥) ـ الشهيد الأول ، الشيخ محمد بن مكي العاملي : القواعد والفوائد ، ج ٢ / ١٦٦.

(١٦) ـ الصدوق ، الشيخ محمد بن علي : التوحيد / ١٩٥.

(١٧) ـ الطباطبائي ، السيد محمد حسين : الميزان في تفسير القرآن ، ج ٨ / ٣٥٩.

٣٠

فهي مظهر أسمائه وصفاته ، ومجلى سننه وآياته ، وترجمان حمده وشكره ، لذلك كانت في غاية الإحكام والنظام ، الدالين على العلم والحكمة والمشيئة والإختيار ، ووحدانية الذات والصفات والأفعال.

وكان من مقتضى تحقق معاني أسماء الله الحسنى وصفاته العلى ، أن يخلق ما علمنا وما لم نعلم من أنواع المخلوقات ، وما يترتب على ذلك من حكم ومصالح.

ثانياً ـ قال الفيض الكاشاني (قده) : «وبالجملة أسباب وجود الخلائق ، وأرباب أنواعها التي بها خُلقت وبها قامت ، وبها رزقت فإنها أسماء الله تعالى ؛ لأنها تدل على الله بظهورها في المظاهر ، دلالة الإسم على المسمى ، فإنّ الدلالة كما تكون بالألفاظ كذلك تكون بالذوات ، من غير فرق بينهما فيما يؤول إلى المعنى ، وأسماء الله لا تشبه أسماء خلقه ، وإنما أضيفت في الحديث تارة إلى المخلوقات كلها ؛ لأنّ كلها مظاهرها التي فيها ظهرت صفاتها متفرقة ، وأخرى إلى الأولياء والأعداء ؛ لأنّهما مظاهرها التي فيها ظهرت صفاتها مجتمعة ؛ أي ظهرت صفات اللطف كلها في الأولياء ، وصفات القهر كلها في الأعداء ، وإلى هذا أشير في الحديث القدسي ـ الذي يأتي ذكره في تفسير آية سجود الملائكة لآدم عليه السلام ـ من قوله سبحانه (يا آدم هذه أشباح أفضل خلائقي وبرياتي ، هذا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأنا الحميد المحمود في فعالي ، شققت له إسماً من إسمي ، وهذا علي وأنا العلي العظيم ، شققت له إسماً من إسمي) ، إلى آخر ما ذكر من هذا القبيل ، فإنّ معنى الإشتقاق في مثل هذا ، يرجع إلى ظهور الصفات وإنباء المظهر عن الظاهر فيه ، أوهما سببان للإشتقاق أو

٣١

مسببان عنه ، وإنما يقول بالسببية مَن لم يفهم العينية ، والمراد بتعليم آدم الأسماء كلها خلقه من أجزاء مختلفة ، وقوى متباينة حتى إستعد لإدراك أنواع المدركات من المعقولات والمحسوسات والمتخيلات والموهومات ، وإلهامه معرفة ذوات الأشياء وخواصها ، وأصول العلم وقوانين الصناعات وكيفية آلاتها ، والتمييز بين أولياء الله وأعدائه ، فتأتي له بمعرفة ذلك كله مظهريته لأسماء الله الحسنى كلها ، وبلوغه مرتبة أحدّية الجمع التي فاق بها سائر أنواع الموجودات ، وروجعه إلى مقامه الأصلي الذي جاء منه ، وصار منتخباً لكتاب الله الكبير الذي هو العالم الأكبر ، كما قال أمير المؤنين عليه السلام : (وفيك انطوى العالم الاكبر)» (١).

ثالثاً ـ ورد في بعض الآيات القرآنية : (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ) [الرحمن / ٧٨]. وفي دعاء الجوشن : (يا من تبارك اسمه) : قال الملا هادي السبزواري : «قيل معناه عظمت البركة في اسمه ، كما في : (تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) ، فاطلبوا البركة في كل شيء يذكر اسمه .. والحق في الاسم الشريف والآية أنه من باب التعظيم ؛ لأنّه إذا تعاظم وتبارك إسم الشيء ووجهه ، فنفسه بطريق أولى» (١٨) ومن هذا القبيل ما جاء في قوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ) [الأنعام / ١١٨]. فإنّ البركة في ذكر اسم الله تعالى في الأكل والشرب والذبح ونحو ذلك.

رابعاً ـ ورد في بعض الأدعية ـ كما في دعاء السحر ـ : «اَلّهُمَّ اِنّي اَسْاَلُكَ مِنْ اَسمائِكَ بِاَكْبَرِها وَكُلُّ اَسْمائِكَ كَبيرَةٌ» ، وكما في غيره : «وبِأَسْمائِكَ

__________________

(١٨) ـ السبزواري ، الملا هادي بن مهدي : شرح دعاء الجوشن / ٦٦٧.

٣٢

الَّتي مَلَاتْ اَرْكانَ كُلَّ شَيء» ، وأيضاً : «وبأسمائك التي تجليت بها للكليم على الجبل» ، فما المراد بها؟

أجاب الفقيه كاشف الغطاء (قده) : «المراد من أسماء في تلك الأدعية الشريفة ، المظاهر الإلهية التي يتجلى بها جلّ شأنه لخاصة أصفيائه في أزمنة خاصة ، وأمكنة مقدسة ، فالأسماء التي تجلى بها للكليم هي الظهورات التي ظهر بها الجليل على جبل طور سيناء ، أي الأنوار أو النار التي ظهرت للكليم (فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) [القصص / ٣٠] ، وتوجد الإشارة إلى كثير من هذه الظهورات في دعاء السمات ، الذي يقرأ عصر الجمعة وهو من الأدعية الجليلة ، وهذه هي الأسماء التي ملأت كل شيء ، فإنّ له تعالى في كل ظهور.

وفي كل شيء له آية

تدل على أنه واحد» (١٩)

وبعد هذا البيان إتضح لنا الجواب ، وظهرت أهمية الأسماء المباركة في مخلوقاته.

ثانياً ـ أسماء الأنبياء والأوصياء :

المشهور بين العلماء أنّ عدد الأنبياء عليهم السلام (١٢٤ ألف نبي) ، وأنّ سادتهم خمسة ـ وهم أصحاب الشرائع ـ نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وهو أفضل الأنبياء. والقرآن الكريم ذكر بعضاً من أسمائهم وهم : آدم ، وادريس ، ونوح ، وهود ، وثمود ، وصالح ، وإبراهيم ، وإسماعيل ، ولوط ، ويعقوب ، ويوسف ، وأيوب ، وشعيب ، وموسى ، وهارون ،

__________________

(١٩) ـ كاشف الغطاء ، الشيخ محمد بن الحسين : جنة المأوى / ٢٤٩.

٣٣

والياس ، واليسع ، وذو الكفل ، وداود ، وسليمان ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى ، ويونس ، ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم. وبقية الأسماء لم تذكر ، وإلى هذا تشير رواية أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : (كان ما بين آدم وما بين نوح من الأنبياء مستخفين ، ولذلك خفي ذكرهم في القرآن ، فلم يُسموا كما سمي من إستعلن من الأنبياء وهو قوله : (وَرُسُلًا لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) (٢٠)» (٢١). ولعلّ ذكر هذه الأنبياء دون غيرهم ، يدل على وجود أهمية لهم دون غيرهم ، وهذا ما نجده في القرآن الكريم من الجوانب والخصوصيات لهؤلاء الأنبياء ، وخصوصاً نبينا الأعظم محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، حيث تعددت أسماؤه كما أشار إلى ذلك الشيخ المجلس (قده) ، في بحث أسمائه وألقابه صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال : «سَمّاه في القرآن بأربعمأة إسم» (٢٢). وبعد معرفة ذلك ؛ نخرج بالنتيجة التالية :

١ ـ إعتني الباري عَزّ وجَلّ بأسماء أنبيائه ، ، وسماهم بهذه الأسماء إهتماماً بشأنهم ومكانتهم عنده ، وإلى هذا تشير الآية المباركة : (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا) [مريم / ٧].

وإذا أمعنا النظر في هذه الآية ، يتضح لنا أنّ تعيين أسماء الأنبياء والأولياء يكون عن طريقه عَزّ وجَلّ ، ولم يكلها إلى الأبوين ، بل هم الأسماء الحسنى كما في الحديث المروي عن الإمام الصادق عليه السلام : (نحن ـ والله ـ الأسماء

__________________

(٢٠) ـ النساء / ١٦٤.

(٢١) ـ شبّر ، السيد عبد الله حق اليقين ج ١ / ١٨١.

(٢٢) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ١٦ / ١٠١.

٣٤

الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا) (٢٣) ، ويستفاد من هذا الحديث ما يلي :

أ ـ إنّ أسمائهم مشتقة من أسماء الله عَزّ وجَلّ ، كما في حديث الإمام الصادق عليه السلام ، عن آبائه عليهم السلام قال : (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ليلة اُسري بي إلى السماء صرت إلى سدرة المنتهى ، فقال لي جبرئيل : تقدم يا محمد ، فدنوت دنوّه ـ الدنوّة : مد البصر ـ فرأيت نوراً ساطعاً ، فخررت لله ساجداً ، فقال لي : يا محمد من خَلّفت في الأرض؟ فلت يا ربّ أعدلها وأصدقها وأبرها عليّ بن أبي طالب ، وصيي ووارثي وخليفتي في أهلي. فقال لي : أقرئه مني السلام وقل له : إنّ غضبه عزّ ، ورضاه حكم ، يا محمد أني الله لا إله إلا العلي الأعلى ، وهبت لأخيك إسماً من أسمائي فسميته علياً ، وأنا العلي الأعلى. يا محمد إني أنا الله لا إله إلا أنا فاطر السماوات والأرض ، وهبت لأبنتك إسماً من أسمائي فسميتها فاطمة ، وأنا فاطر كل شيء ، يا محمد ، إني أنا الله لا إله إلا أنا الحسن البلاء ، وهبت لسبطيك أسمين من أسمائي فسميتها الحسن والحسين ، وأنا الحسن البلاء ...) (٢٤). وبعد ذكر هذا الحديث الشريف نطرح السؤال التالي :

س / ما وجه إشتقاق فاطمة من فَطَرَ؟

ج / إنّ الإشتقاق على ثلاثة أقسام كالتالي :

١ ـ الإشتقاق الصغير : وهو ما إذا كان الشمتقُّ والفرع مشتملين على حروف الأصل على الترتيب والنسق ، ومثال ذلك : (ضَرَبَ) فإنه مشتق من الضًّرْب).

__________________

(٢٣) ـ الكليني ، الشيخ محمد بن يعقوب : الكافي ، ج ١ / ١٤٤.

(٢٤) ـ المجلسي ، الشيخ محمد باقر : بحار الأنوار ، ج ٢٤ / ٣٢٣ ـ ٣٢٤.

٣٥

٢ ـ الإشتقاق الكبير : وهو ما إذا لم يلحظ فيه الترتيب ، ومثال ذلك : (جَذَبَ وجَبَذً) فهما بمعنى واحد ؛ إذ معناها : المَدّ ، أو التنازع ، وقيل الجَبْذ ، لغة تميم ، ومادة اشتقاقها (ج ، ذ ، ب).

٣ ـ الإشتقاق الأكبر : وهو ما إذا لم يكن المشتق مشتملاً على جميع حروف الأصل ، ولكن فيه أكثر حروفه ، ومثال ذلك (فَطَم وفَطَر). وبعد هذا البيان إتضح لنا الجواب.

ب ـ إنّ أهل البيت عليهم السلام مظهر لجميع الأسماء الإلهية ، ويمكن الإستشهاد لذلك بما يلي :

١ ـ قال السيد الطباطبائي : «ورواه العياشي عنه عليه السلام : (وفيه أخذ الإسم بمعنى ما دَلّ على الشيء ، سواء كان لفظاً أو غيره ، وعليه فالأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) ، أسماء دالة عليه تعالى ، وسائط بينه وبين خلقه ؛ ولأنّهم في العبودية بحيث ليس لهم إذا الله سبحانه ، فهم المظهرون لأسمائه وصفاته تعالى» (٢٥).

٢ ـ ما جاء في حديث الراهب اليماني مع الإمام الكاظم عليه السلام : (فقال له أبو إبراهيم عليه السلام : فكم لله من إسم لا يُردّ؟ فقال الراهب : الأسماء كثيرة ، فأما المحتوم منها الذي لا يُردّ سائله فسبعة. فقال له أبو الحسن عليه السلام فأخبرني عَمّا تحفظ منها؟ فقال الراهب : لا والله الذي أنزل التوراة على موسى ، وجعل عيسى وعبرة للعالمين وفتنة لشكر أولي الألباب ، وجعل محمداً بركة ورحمة ، وجعل علياً عليه السلام عبرة وبصيرة ، وجعل الأوصياء من نسله ونسل محمد

__________________

(٢٥) ـ الطباطبائي ، السيد محمد حسين : الميزان في تفسير القرآن ، ج ٨ / ٣٦٧.

٣٦

(صلى الله عليه وآله) ما أدري ولو دريت ما إحتجت فيه إلى كلامك ، ولا جئتك ولا سألتك) (٢٦).

قال الشيخ عباس القمي (قده) : «إنّ المراد بالأسماء السبعة المعصومون عليهم السلام جميعهم ، ذلك أنّ أسمائهم المباركة هي سبعة لا تعدوها ، وهي : محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين وجعفر وموسى عليهم السلام ، وعلى هذا جرى تأويل السبع المثاني ، في قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)» (٢٧).

وبعد هذا البيان ؛ إتضح لنا أن أسماء الأئمة الأطهار عليهم السلام حظيت بهذا الإهتمام الإلهي. وبعد هذا نطرح السؤال التالي :

س / لماذا لم يُنصّ على أسمائهم في القرآن الكريم ، حسماً للنزاع الفكري بين المسلمين في تحديد الأئمة بأسمائهم؟

ج / يتضح الجواب بعد بيان الوجهين التاليين :

الأول ـ ما أجاب به الإمام الصادق عليه السلام أبا بصير حينما سأله عن ذلك ، قال : (سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله عَزّ وجَلّ : (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ) (٢٨)؟ فقال : نزل في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام. فقلت له : إن الناس يقولون : فماله لم يُسمِّ علياً وأهل بيته عليهم السلام في كتاب الله عَزّ وجَلّ؟ قال : فقال : قولوا لهم إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نزلت عليه الصلاة ، ولمُ يُسمِّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً ، حتى كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هو

__________________

(٢٦) ـ الكليني ، الشيخ محمد يعقوب : أصول الكافي ، ج ١ / ٤٨١ ـ ٤٨٢.

(٢٧) ـ القمي ، الشيخ عباس : منتهى الآمال ، ج ٢ / ٢٥٥.

٣٧

الذي فسّر ذلك لهم ، ونزلت عليه الزكاة ولم يسمِّ من كل أربعين درهماً درهم ، حتى كان رسول الله هو الذي فسّر ذلك لهم ، ...) (٢٩).

الثاني ـ خلاصة ما أجاب به السيد عبد الحسين شرف الدين (قده) : «إنّ العرب عامة وقريشاً خاصة كانوا ينقمون من علي شدة وطأته ونكال وقعته ؛ إذ كان شديد الوطأة على أعداء الله ، عظيم الوقيعة فيمن يهتك حرمات الله ، كما قالت سيدة نساء العالمين في خطبتها عليها السلام : (وما الذي نقموا من أبي الحسن؟! نقموا والله نكير سيفه وشدة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمره في ذات الله). وإذا عرفت هذا كله تعلم أنّ أمر الإمامة كان حرجا؟ً إلى الغاية ؛ إذ أنها من أصول الدين فلا بد من تبليغها ، ولا مناص عن العهد بها إلى كفئها على كل حال ، ولهذا ولغيره اقتضت الحكمة تعيينه بآيات لم تكن على وجه الذي يحرج أولئك المعارضين ، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يعهد بالإمامة إلى علي عليه السلام على وجه يراعي فيه الحكمة ، ويتحرى به المطابقة لمقتضى تلك الأحوال» (٣٠).

ثالثاً ـ أسماء الأشياء :

تعتبر التسمية بصورة عامة من سنن الله تعالى في خلقه ، وقد سمى الله تعالى آدم وحَوّاء يوم خلقهما ، وعَلّم آدم الأسماء كلها كما في قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [البقرة / ٣١].

فاقتضت الحكمة والعناية الإلهية الإهتمام بأول خليقته ، حيث مَيّزه على سائر خلقه بهذا المقام الخطير ، بأن عَلّمه ما لم يعلم ، وجعل في نسله هذه القوة

__________________

(٢٩) ـ الكليني ، الشيخ محمد بن يقوب : أصول الكافي ، ج ١ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧.

(٣٠) ـ شرف الدين ، السيد عبد الحسين : فلسفة الميثاق والولاية / ١٢ ـ ١٣ (بتصرف).

٣٨

العلمية ، فكان في ذريته الأنبياء والأولياء ، وتفرّع على ذلك العلماء والعقلاء الذين سخروا العالم بعلمهم ، ودبروا البلاد بعقلهم ، وهذه الآية المباركة ذات جوانب كثيرة ، ولكن الذي يهمنا بحثه هو ما يلي :

١ ـ الجانب التفسيري :

المستفاد من روايات أهل البيت عليهم السلام ما يلي :

أ ـ عَلّمه الباري عَزّ وجَلّ أسماء الأشياء ، ويؤيد ذلك ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام أنه سُئل عن هذه الآية فقال : «الأرضين والجبال والشعاب والأودية ، ثم نظر إلى بساط تحته فقال : وهذا البساط مما عَلّمه) (٣١).

ب ـ عَلّمه أسماء أهل بيت العصمة والطهارة ، ويؤيد ذلك ما روي عن إمامنا الصادق عليه السلام : (إنّ الله تبارك وتعالى عَلّم آدم عليه السلام أسماء حجج الله كلها ، ثم عرضهم ـ وهم أرواح ـ على الملائكة) (٣٢). وأيضا يستفاد من قوله تعالى : (أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ) ، فإن ذكر (هَؤلاء) بعنوان الإشارة إلى الحاضرين ؛ أي أرواحهم لبيان رفعة مقامهم ـ صلوات الله عليهم ـ بالتعبير عن أسمائهم بالخصوص.

٢ ـ الجانب العلمي :

يستفيد علماء الأصول من هذه الآية الشريفة في بحث الوضع ، ويعنونون المسألة هكذا : هل الواضع هو الله ، أو البشر؟ والذي يهمنا بحثه ـ هنا ـ هو ما يستفاد من الآية في نشأة اللغة عند الإنسان ، بعد معلومية إنتهائها إلى الله عَزّ وجَل.

__________________

(٣١) ـ الحويزي ، الشيخ عبد علي بن جمعه : نور الثقلين ، ج ١ / ٧٤.

(٣٢) ـ الصدوق ، الشيخ محمد بن علي : إكمال الدين وإتمام النعمة / ١٤.

٣٩

ولعلّ أهم الوجوه ما يلي :

١ ـ إنّ الله جعل في النفوس البشرية قوة الإلهام أن يطلقوا الألفاظ على طبق معانيها بمقدار حاجاتهم ، لا أنّ هناك واضعاً تنتظره البشرية حين نُطْقِها ، وتكون مُطَبَّقة لما وضعها من الألفاظ للمعاني (٣٣).

٢ ـ إنها حصلت بتعليم الله عَزَ وجَلّ لآدم ، فانتشرت في ذريته بحسب مقتضيات الأزمنة والأمكنة ... ، إذ المستفاد من الآية الشريفة : أنّ المراد من الجمع ـ أي الأسماء ، والتأكيد الإضافي ـ ؛ أي كلهم ، ما كان في عصر آدم وما كان في مورد إحتياجه في مدة حياته ، ثم بعد ذلك إستحدثت لغات ولهجات ، وهذا الذي يمكن إستفادته من مجموع الروايات بعد رد بعضها إلى بعض ، وهو قريب من الأذهان ، وبه يمكن الجمع بين بعض الوجوه المتقدمة (٣٤). هذا ما أردنا بحثه ـ هنا ـ رعاية للإختصار.

__________________

(٣٣) ـ الخاقاني ، الشيخ محمد بن الشيخ محمد : المحاكمات ، ج ١ / ١٣٣.

(٣٤) ـ السبزواري ، السيد عبد الأعلى الموسوي : مواهب الرحمن ، ج ١ / ١٨٣.

٤٠