منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨٨

خمس ليرات وأخذ منه في الشهر الأول عشر روبيات وفي الثاني عشراً ، وفي الثالث عشراً وكان سعر الليرة في الشهر الأول خمس عشرة روبية ، وفي الثاني اثنتي عشرة روبية ، وفي الثالث عشر روبيات نقص من الليرات ثلثا ليرة في الشهر الأول وخمسة أسداسها في الثاني وليرة تامة في الثالث ، وإن كان الأخذ بعنوان القرض كان ما أخذه ديناً عليه لزيد وبقي دين زيد عليه ، وفي جواز احتساب أحدهما دينه وفاءاً عن الآخر إشكال ، والأظهر الجواز ، وتجوز المصالحة بينهما على إيراء كل منهما صاحبه مما له عليه.

مسألة ٢٥٧ : من اشتغلت ذمته لآخر بنقد معين من الذهب أو الفضة كأن اقترض منه ألف دينار مثلاً أو أصدق زوجته مهراً كذلك أو جعله ثمناً في البيع مؤجلاً أو حالاً فتغير سعره لزمه النقد المعين ولا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة.

مسألة ٢٥٨ : لا يجوز أن يبيع مثقالاً من فضة خالصة بمثقال من فضة مغشوشة بغش غير متمول بشرط أن يصوغ له خاتماً مثلاً ، ويجوز ذلك في المعاملة النقدية إذا كان الغش متمولاً وقصدا كون الزيادة في طرف الخالص بإزاء الغش وصياغة الخاتم في الطرف الآخر ، كما يجوز أن يقول له صغ لي هذا خاتماً وأبيعك مثقالاً من فضة خالصة بمثقال من فضة مغشوشة بغش غير متمول على أن يكون البيع جعلاً لصياغة الخاتم لا بأن تكون الصياغة شرطاً في البيع ، ويجوز أيضاً أن يشتري منه مثقال فضة مصوغاً خاتماً بمثقال غير مصوغ.

مسألة ٢٥٩ : لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية إلا عشرين فلساً صح بشرط أن يعلما مقدار نسبة العشرين فلساً إلى الليرة ـ بحسب سعر الوقت ـ حتى يعلما المقدار المستثنى من الليرة.

مسألة ٢٦٠ : المصوغ من الذهب والفضة معاً لا يجوز بيعه بأحدهما

٨١

بلا زيادة ، بل إما أن يباع نقداً بأحدهما مع الزيادة أو بهما معاً ـ على ما تقدم ـ أو يباع بجنس آخر غيرهما.

مسألة ٢٦١ : ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب والفضة ويجتمع فيه عند الصائغ إذا أحرز عدم مطالبة المالك به وأعراضه عنه ـ ولو بلحاظ جريان العادة على ذلك ـ جاز للصائغ تملكه ، والا لزم أن يتصدق به أو بثمنه عن مالكه مع الجهل به والاستئذان منه مع معرفته ، ويطرد التفصيل المذكور في الخياطين والنجارين والحدادين ونحوهم فيما يجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثياب والخشب والحديد فإنه إذا كان المتعارف في عملهم انفصال تلك الأجزاء لم يضمنوا شيئاً بسبب ذلك سواء أكانت لتلك الأجزاء مالية عند العرف أم لا ، ولكن يجري فيها التفصيل المتقدم.

٨٢

الفصل الحادي عشر

في السلف

ويقال له السلم أيضاً ، وهو ابتياع كلي مؤجل بثمن حال ، عكس النسيئة ، ويقال للمشتري المسلّم ( بكسر اللام ) وللبائع المسلّم إليه وللثمن المسلّم وللمبيع المسلّم فيه ( بفتح اللام ) في الجميع.

مسألة ٢٦٢ : يصح في السلف صدور الإيجاب من كل واحد من البائع والمشتري وصدور القبول من الآخر ، فالإيجاب من البائع بلفظ البيع وأشباهه بأن يقول مثلاً ( بعتك طناً من الحنطة بصفة كذا إلى أجل كذا بثمن كذا ) فيقول المشتري ( قبلت ) أو ( اشتريت ) ، وأما الإيجاب من المشتري فهو بلفظ ( أسلمت ) أو ( أسلفت ) بأن يقول أسلمت إليك أو أسلفتك مائة دينار مثلاً في طن من الحنطة بصفة كذا إلى أجل كذا فيقول المسلّم إليه ـ وهو البائع ـ ( قبلت ).

مسألة ٢٦٣ : يجوز في السلف أن يكون المبيع والثمن من غير الذهب والفضة ـ على تفصيل يأتي في المسألة التالية ـ كما يجوز أن يكون أحدهما من الذهب أو الفضة والآخر من غيرهما ثمناً كان أو مثمناً ولا يجوز أن يكون كل من الثمن والمثمن من الذهب أو الفضة أو أحدهما من الذهب والآخر من الفضة.

مسألة ٢٦٤ : يشترط في السلف أمور :

الأول : أن يكون المبيع مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة باختلافها كالجودة والرداءة والطعم والريح واللون وغيرها ، ولا يلزم التدقيق والاستقصاء بل يكفي التعيين بنحو يكون المبيع مضبوطاً عرفاً ، فيصح السلف

٨٣

في الحيوان والخضر والفواكه والحبوب والجوز والجوز والبيض والملابس والأشربة والأدوية والات السلاح والات النجارة والنساجة والخياطة وغيرها من الأعمال وغير ذلك ، ولا يصح فيما لا يمكن ضبط أوصافه كغالب أنواع الجواهر واللآلي والبساتين وغيرها مما لا ترتفع الجهالة فيها إلا بالمشاهدة.

الثاني : قبض الثمن قبل التفرق ، ولو قبض البعض صح فيه وبطل في الباقي ، ولو كان الثمن ديناً في ذمة البائع فالأقوى الصحة إذا كان الدين حالاً ، أو حل قبل افتراقها والا لم يصح.

الثالث : تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقداره ، والمتاع الذي يباع بالمشاهدة يجوز بيعه سلفاً ولكن يلزم أن يكون التفاوت بين أفراده غير معتنى به عند العقلاء كبعض أقسام الجوز والبيض.

الرابع : تعيين أجل مضبوط للمسلّم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين أو نحوها ، ولو جعل الأجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع ، ويجوز فيه أن يكون قليلاً كيوم ونحوه وإن يكون كثيراً كعشرين سنة.

الخامس : تعيين مكان تسليم المسلّم فيه مضبوطاً على الأحوط ، إذا لم يكن له تعين عندهما ولو لانصراف ونحوه كما سيأتي.

السادس : إمكان دفع ما تعهد البائع دفعه وقت الحلول وفي البلد الذي شرط التسليم فيه إذا كان قد شرط ذلك سواء أكان عام الوجود أم نادره ، فلولم يمكن ذلك ولو تسبيباً لعجزه عنه ولو لكونه في سجن أو في بيداء لا يمكنه الوصول إلى البلد الذي اشترط التسليم فيه عند الأجل بطل.

السابع : أن لا يلزم منه الربا ، فإذا كان المبيع سلفاً من المكيل أو الموزون لم يجز أن يجعل ثمنه من جنسه بل ولا من غير جنسه من المكيل والموزون على الأحوط ، وأذا كان من المعدود لم يجز على الأحوط جعل ثمنه من جنسه بزيادة عينية.

٨٤

مسألة ٢٦٥ : إطلاق العقد يقتضي تسليم المسلّم فيه في بلد العقد إلا أن تقوم قرينة على خلافه ، وحينئذ أن اقتضت تعيين غيره يؤخذ به والا فالأحوط لزوماً ـ كما مر ـ تعيين مكان التسليم.

مسألة ٢٦٦ : إذا جعل الأجل شهراً حمل على ما ينصرف إليه إطلاقه في عرف المتبايعين من الشهر الهلالي أو الشهر الشمسي ـ على اختلاف أنواعه ـ فإن وقع البيع في أول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر وإن كان في أثناء الشهر ففي كون المراد به ثلاثين يوماً أو مجموع ما بقي من الشهر الأول مع إضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر الأول وجهان ، لا يخلو أولهما عن وجه وإن كان الأحوط هو التعيين من الأول ومع عدمه فالأحوط التصالح بلحاظ أصل البيع.

وإن جعل الأجل شهرين أو عدة شهور ووقع البيع في أثناء الشهر جعل الشهر الثاني وما بعده هلالياً أو شمسياً ـ كما مر ـ ويجري الوجهان المتقدمان في الشهر الأول.

مسألة ٢٦٧ : إذا جعل الأجل جمادى أو ربيعاً حمل على أولهما من تلك السنة وحل بأول جزء من ليلة الهلال ، وأذا جعله الجمعة أو الخميس حمل على الأول من تلك السنة وحل بأول جزء من نهار اليوم المذكور.

مسألة ٢٦٨ : إذا اشترى شيئاً سلفاً جاز بيعه من بائعه قبل حلول الأجل نقداً وكذا بعده نقداً ونسيئة بجنس الثمن ـ بشرط عدم الزيادة على الأحوط ـ أو بجنس آخر ما لم يستلزم الربا على التقديرين ، ولا يجوز بيعه من غير البائع قبل حلول الأجل ويجوز بعده سواء باعه بجنس آخر أو بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي ما لم يستلزم الربا. هذا في غير المكيل والموزون وأما فيهما ـ ما عدا الثمار ـ فلا يجوز بيعهما لغير البائع قبل القبض مرابحة مطلقاً كما تقدم في المسألة ٢٠٠.

٨٥

مسألة ٢٦٩ : إذا دفع البائع المسلّم فيه دون الصفة لم يجب على المشتري القبول ، ولو رضى بذلك صح ، وكذلك إذا دفع أقل من المقدار ، وتبرأ ذمة البائع إذا أبرأه المشتري من الباقي ، وأذا دفعه على الصفة والمقدار وجب عليه القبول ، وأذا دفع فوق الصفة فإن كان شرط الصفة راجعاً إلى استثناء ما دونها فقط وجب القبول أيضاً ، وإن كان راجعاً إلى استثناء ما دونها وما فوقها لم يجب القبول ، ولو دفع إليه زائداً على المقدار لم يجب القبول.

مسألة ٢٧٠ : إذا حل الأجل ولم يتمكن البائع من دفع المسلّم فيه تخير المشتري بين أن ينتظر إلى أن يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر وبين الفسخ والرجوع بالثمن أو بدله بلا زيادة ولا نقصان ، ولا يجوز له بيعه من البائع بأكثر مما اشتراه على الأحوط ، ولو تمكن من دفع بعضه وعجز عن الباقي كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه والانتظار ، وفي جواز فسخه في الكل حينئذ إشكال ، والأظهر الجواز ، نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل.

مسألة ٢٧١ : لو كان المبيع موجوداً في غير البلد الذي عين للتسليم فيه فإن تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز ، والا فإن أمكن وتعارف نقله إلى بلد التسليم وجب على البائع نقله ، والا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ والانتظار.

٨٦

الفصل الثاني عشر

بيع الثمار والخضر والزرع

مسألة ٢٧٢ : لا يجوز بيع ثمرة النخل والشجر قبل ظهورها عاماً واحداً بلا ضميمة ويجوز بيعها عامين فما زاد وعاماً واحداً مع الضميمة على الأقوى ، وأما بعد ظهورها فإن استبان حالها وإن بها آفة أم لا بحيث أمكن تعين مقدارها بالخرص أو كان البيع في عامين فما زاد أو مع الضميمة أو كان المبيع نفس ما هو خارج منها فعلاً ـ بشرط أن تكون له مالية معتد بها ـ وإن لم يشترط على المشتري أن يقتطفها في الحال جاز بيعها وأما مع انتفاء هذه الأربعة فجواز البيع محل إشكال.

مسألة ٢٧٣ : يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل استبانة حاله أن تكون مما يجوز بيعه منفرداً ويعتبر كونها مملوكة لمالك الثمر ، وكون الثمن لها وللمنضم إليه على الإشاعة. ولا يعتبر فيها أن تكون متبوعة على الأقوى فيجوز كونها تابعة. نعم يشترط فيها ـ على الأحوط لزوماً ـ أن تكون بحيث يتحفظ معها على رأس مال المشتري إن لم تخرج الثمرة.

مسألة ٢٧٤ : يكفي في الضميمة في ثمر النخل مثل السعف والكرب والشجر اليابس الذي في البستان على الشرط المتقدم.

مسألة ٢٧٥ : لو بيعت الثمرة قبل استبانة حالها مع أصولها جاز بلا إشكال.

مسألة ٢٧٦ : إذا ظهر بعض ثمر البستان وأستبان حاله جاز للشرط المتقدم بيع المتجدد في تلك السنة معه وإن لم يظهر ، اتحد الجنس أم

٨٧

اختلف ، اتحد البستان أم تكثر ، على الأقوى.

مسألة ٢٧٧ : إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين ففي جريان حكم العامين عليهما إشكال ، أظهره الجريان.

مسألة ٢٧٨ : إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر ثم باع أصولها على شخص آخر لم يبطل بيع الثمرة بل تنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة ، وله الخيار في الفسخ مع الجهل.

مسألة ٢٧٩ : لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها بل تنتقل الأصول إلى ورثة البائع بموته مسلوبة المنفعة ، وكذا لا يبطل بيعها بموت المشتري بل تنتقل إلى ورثته.

مسألة ٢٨٠ : إذا اشترى ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد وكانت الخسارة من مال البائع كما تقدم ذلك في أحكام القبض ، وتقدم أيضاً إلحاق السرقة ونحوها بالتلف وحكم ما لو كان التلف من البائع أو المشتري أو الأجنبي.

مسألة ٢٨١ : يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها وإن يستثنى حصة مشاعة كالربع والخمس وإن يستثني مقداراً معيناً كمائة كيلو لكن في هاتين الصورتين لو خاست الثمرة وزع النقص على المستثنى والمستثنى منه على النسبة ، ففي صورة استثناء حصة مشاعة يوزع الباقي بتلك النسبة وأما إذا كان المستثنى مقداراً معيناً فطريقة معرفة النقص تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلاً فيسقط من المقدار المستثنى بتلك النسبة ، فإن كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث وإن كان الربع يسقط الربع وهكذا.

مسألة ٢٨٢ : يجوز بيع ثمرة النخل وغيره في أصولها بالنقود وبغيرها كالأمتعة والحيوان والطعام وبالمنافع والأعمال وغيرها ، كغيره من أفراد البيع.

٨٨

مسألة ٢٨٣ : لا تجوز المزابنة وهي بيع ثمرة النخل ـ تمراً كانت أو رطباً أو بسراً أو غيرها ـ بالتمر دون الرطب والبسر أو غيرهما ، سواء من ثمره أم من ثمر غيره ، في الذمة أم معيناً في الخارج ، ويستثنى من ذلك بيع العرية كما سيأتي.

مسألة ٢٨٤ : لا يجوز بيع ثمر غير النخل بثمره أيضاً ، وأما بيعه بغير ثمره فلا بأس به.

مسألة ٢٨٥ : يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد على ثمنه الذي اشتراه به أو ناقص أو مساو ، سواء أباعه قبل قبضه أم بعده.

مسألة ٢٨٦ : لا يجوز بيع الزرع بذراً قبل ظهوره على الأحوط وجوباً ، ويجوز بيعه تبعاً للأرض لو باعها معه ، أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله بمعنى بيع المقدار الظاهر مع أصوله الثابتة فإن شاء المشتري قصله وإن شاء أبقاه مع اشتراط الإبقاء ـ أو ما بحكمه من اقتضاء التعارف ذلك ـ أو بإذن من صاحب الأرض ، فإن أبقاه حتى يسنبل كان له السنبل وعليه أجرة الأرض إذا لم يشترط الإبقاء مجاناً ، وإن قصله قبل أن يسنبل فنمت الأصول الثابتة في الأرض حتى سنبلت كان له أيضاً ولا تجب عليه أجرة الأرض إلا إذا كان قد اشترط عليه إزالة الأصول فلم يفعل.

مسألة ٢٨٧ : يجوز بيع الزرع لا مع أصله بل قصيلاً إذا كان قد بلغ أوان قصله أو قبل ذلك على أن يبقى حتى يصير قصيلاً أو قبل ذلك ، فإن قطعه ونمت الأصول حتى صارت سنبلاً كان السنبل للبائع وإن لم يقطعه كان لصاحب الأرض فسخ البيع كما أن له إلزامه بقطعه فإن لم يمكن جاز له قطعه والأحوط أن يكون بعد الاستئذان من الحاكم الشرعي مع الإمكان ، وله إبقاؤه والمطالبة بالأجرة فلو أبقاه فنما حتى سنبل ففي كون السنبل للمشتري وعليه أجرة الأرض أو مشتركاً بينه وبين البائع وجهان ، والأحوط التصالح. وكذا

٨٩

الحال لو اشترى نخلاً بشرط القلع فلم يقلعه حتى أثمر.

مسألة ٢٨٨ : يجوز بيع الزرع محصوداً ولا يشترط معرفة مقداره بالكيل أو الوزن ، بل تكفي فيه المشاهدة.

مسألة ٢٨٩ : لا تجوز المحاقلة وهي بيع سنبل الحنطة بالحنطة ولو من غيره ، كما لا يجوز بيع سنبل غير الحنطة من الحبوب بحب منه والأحوط استحباباً عدم بيع سنبل الشعير بالشعير من غيره.

مسألة ٢٩٠ : الخضر كالخيار والباذنجان والبطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط وجوباً ، ويجوز بعد ظهورها لقطة واحدة أو لقطات معلومة ، والمرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع.

مسألة ٢٩١ : إنما يجوز بيع الخضر كالخيار والبطيخ مع مشاهدة ما يمكن مشاهدته من خلال الأوراق ولا يضر عدم مشاهدة بعضها المستورة كما لا يضر عدم تنامي عظمها كلاً أو بعضاً.

مسألة ٢٩٢ : لو كانت الخضرة مستورة كالشلغم والجزر ونحوهما فالظاهر جواز بيعها أيضاً.

مسألة ٢٩٣ : إذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث والنعناع واللفت ونحوها يجوز بيعها بعد ظهورها جزة وجزات ولا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط لزوماً ، والمرجع في تعيين الجزة عرف الزراع كما سبق في اللقطة. وكذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء والتوت فإنه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة وخرطات.

مسألة ٢٩٤ : إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركاً بين اثنين جاز أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار فإذا خرص حصة صاحبه بمائة كيلو غراماً مثلاً جاز أن يتقبلها بتلك المائة زادت عليها في الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها.

٩٠

مسألة ٢٩٥ : الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الشركاء اثنين أو أكثر وكون المقدار المتقبل به منها وفي الذمة ، نعم إذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان على المتقبل بخلاف ما لو كان في الذمة فإنه باق على ضمانه ، والظاهر أن هذه المعاملة خاصة برأسها ، نعم فيما إذا كان المقدار المتقبل في الذمة فالظاهر أن مرجعها إلى الصلح على نقل حصة الشريك ـ بعد تعيينها في كمية خاصة ـ إلى ذمة المتقبل ، ويكفي فيها كل لفظ دال على المقصود بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من العقود.

مسألة ٢٩٦ : إذا مر الإنسان بشيء من النخل أو الشجر أو الزرع جاز له أن يأكل ـ ولو من غير ضرورة ـ من ثمره بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غيرها.

مسألة ٢٩٧ : الظاهر جواز الأكل للمار وإن كان قاصداً له من أول الأمر ، ولا يجوز له أن يحمل معه شيئاً من الثمر وأذا حمل معه شيئاً حرم ما حمل ولم يحرم ما أكل ، وأذا كان للبستان جدار أو حائط أو ظن كراهة المالك أو كان قاصراً ففي جواز الأكل إشكال والاجتناب أحوط.

مسألة ٢٩٨ : لا بأس ببيع العرية وهي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره يشق دخوله إليها فيبيع منه ثمرتها قبل أن تكون تمراً بخرصها تمراً.

٩١

الفصل الثالث عشر

في بيع الحيوان

مسألة ٢٩٩ : يجوز شراء بعض الحيوان مشاعاً كنصفه وربعه ، ولا يجوز شراء بعض معين منه كرأسه وجلده إذا لم يكن في معرض الذبح أو نحوه كأن كان المقصود الإبقاء عليه حياً للركوب أو الحمل أو غيرهما.

مسألة ٣٠٠ : لو كان الحيوان في معرض الذبح أو نحوه جاز شراء بعض معين منه فأن ذبح يكون للمشتري ما اشتراه وإن لم يذبح لمانع كما إذا كان مريضاً فبرئ فكان في ذبحه ضرر مالي كان المشتري شريكاً بنسبة الجزء أي بأن ينسب ذلك الجزء على تقدير الذبح إلى قيمة البقية فلهم من الحيوان بتلك النسبة ، وكذا لو باع الحيوان وأستثنى الرأس والجلد مثلاً ، وأما إذا اشترك اثنان أو جماعة وشرط أحدهم أن يعين حصته ـ بعد ذبح الحيوان ـ في الرأس والجلد مثلاً فلم يذبح ـ لما مر ـ كان شريكاً فيه بنسبة المال لا بنسبة الرأس والجلد.

مسألة ٣٠١ : لو قال شخص لآخر : اشتر حيواناً بشركتي صح ، ويثبت البيع لهما على السوية مع الإطلاق ويكون على كل واحد منهما نصف الثمن ، ولو قامت القرينة على كون المراد الاشتراك على التفاضل كان العمل عليها.

مسألة ٣٠٢ : لو دفع المأمور عن الآمر بالشراء شركة ما عليه من جزء الثمن فإن كان الأمر بالشراء على وجه الشركة قرينة على الأمر بالدفع عنه رجع الدافع عليه بما دفعه عنه والا كان متبرعاً وليس له الرجوع عليه به.

مسألة ٣٠٣ : يجوز في البهائم تفرقة الأم عن الولد ، ما لم يؤد إلى إتلاف المال المحترم.

٩٢

خاتمة

في الإقالة

وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر ، والظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة ـ غير النكاح ـ حتى الهبة اللازمة ، وفي جريانها في الضمان والصدقة إشكال ، وتقع بكل لفظ يدل على المراد وإن لم يكن عربياً بل تقع بالفعل كما تقع بالقول ، فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إليه كان فسخاً وأقالة ووجب على الطالب إرجاع ما في يده إلى صاحبه.

مسألة ٣٠٤ : لا تجوز الإقالة بزيادة على الثمن أو المثمن أو نقصان عنهما فلو أقال كذلك بطلت وبقي كل من العوضين على ملك مالكه.

مسألة ٣٠٥ : إذا جعل له مالاً في الذمة أو في الخارج ليقيله بأن قال له أقلني ولك هذا المال أو أقلني ولك عليّ كذا فالأظهر الصحة.

مسألة ٣٠٦ : لو أقال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقيل أقلتك بشرط أن تعطيني كذا أو تخيط ثوبي فقبل صح.

مسألة ٣٠٧ : لا يجري في الإقالة فسخ أو إقالة.

مسألة ٣٠٨ : في قيام وارث المتعاقدين مقام المورّث في صحة الإقالة إشكال والظاهر العدم.

مسألة ٣٠٩ : تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد وفي بعضه ويتقسط الثمن حينئذ على النسبة ، وأذا تعدد البائع أو المشتري تصح الإقالة بين أحدهما والطرف الآخر بالنسبة إلى حصته ولا يشترط رضى الآخر.

مسألة ٣١٠ : تلف أحد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الإقالة ،

٩٣

فإذا تقايلا رجع كل عوض إلى صاحبه الأول فإن كان موجوداً أخذه وإن كان تالفاً رجع بمثله إن كان مثلياً وبقيمته يوم التلف إن كان قيمياً.

مسألة ٣١١ : الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما بمنزلة التلف وتلف البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف.

مسألة ٣١٢ : العيب في يد المشتري يستوجب الرجوع عليه بالأرش مع الإقالة. والحمد لله رب العالمين.

٩٤

كتاب الشفعة

٩٥
٩٦

وفيه فصول :

إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه ـ مع اجتماع الشرائط الآتية ـ حق أن يتملك المبيع بالثمن المجعول له في البيع ويسمى هذا الحق بالشفعة ، وصاحبه بالشفيع.

فصل

في ما تثبت فيه الشفعة

مسألة ٣١٣ : تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة كالأرضين والدور والبساتين بلا إشكال ، وهل تثبت فيما ينقل كالآلات والثياب والحيوان وفيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة كالضيقة من الأنهار والطرق والآبار؟ قولان أقواهما الأول حتى في الحيوان والسفينة والنهر والطريق والحمام والرحى ، لكن الأحوط للشريك عدم الأخذ فيها بالشفعة إلا برضا المشتري كما أن الأحوط إجابة الشريك إن أخذ بها.

مسألة ٣١٤ : لا تثبت الشفعة بالجوار فإذا باع أحد داره فليس لجاره الأخذ بالشفعة.

مسألة ٣١٥ : إذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص وكانا مشتركين في طريقهما فبيعت إحدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق تثبت الشفعة لصاحب الدار الأخرى سواء أكانت الداران قبل ذلك مشتركتين وقسمتا أم لم تكونا كذلك.

٩٧

مسألة ٣١٦ : يجري هذا الحكم في الدور المختصة كل واحدة منها بواحد مع الاشتراك في الطريق ، فإذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبتت الشفعة للباقين.

مسألة ٣١٧ : إذا بيعت إحدى الدارين بلا ضم حصة الطريق إليها لم تثبت الشفعة للشريك في الطريق.

مسألة ٣١٨ : إذا بيعت الحصة من الطريق وحدها تثبت الشفعة للشريك.

مسألة ٣١٩ : هل يختص الحكم المذكور بالدار أو يعم غيرها من الأملاك المفروزة المشتركة في الطريق؟ وجهان ، ولا يترك مراعاة الاحتياط.

مسألة ٣٢٠ : ألحق جماعة بالطريق النهر ، والساقية ، والبئر ، فإذا كانت الداران المختصة كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر فبيعت إحداهما مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر كان لصاحب الدار الأخرى الشفعة في الدار أيضاً ، وفيه إشكال بل منع.

مسألة ٣٢١ : إذا بيع المقسوم منضماً إلى حصة من المشاع صفقة واحدة كان للشريك في المشاع الأخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه وليس له الأخذ في المقسوم.

مسألة ٣٢٢ : تثبت الشفعة في البيع ويلحق به على الأقرب ما يفيد فائدته ـ كالهبة المعوضة والصلح بعوض ـ دون غيره كجعل الحصة صداقاً أو فدية للخلع.

مسألة ٣٢٣ : إذا كانت العين بعضها ملكاً وبعضها وقفاً فبيع الملك لم يكن للموقوف عليهم الشفعة على الأقوى وإن كان الموقوف عليه واحداً.

مسألة ٣٢٤ : إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة للشريك قولان أقربهما ذلك.

٩٨

مسألة ٣٢٥ : يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين ، فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد وباع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة ، وإذا باعوا جميعاً إلا واحداً منهم ففي ثبوت الشفعة له إشكال بل منع.

مسألة ٣٢٦ : إذا كانت العين بين شريكين فباع أحدهما بعض حصته ثبتت الشفعة للآخر ، وكذا لو باع حصته من اثنين ـ مثلاً ـ دفعة أو تدريجاً فصارت العين بين ثلاثة بعد البيع تثبت الشفعة للشريك الآخر ، وحينئذ هل له التبعيض بأن يأخذ الشفعة بالنسبة إلى أحد المشتريين وبترك الآخر أوليس له ذلك أو يفصّل بين وقوع البيع تدريجاً ووقوعه دفعة فيحق له التبعيض في الأول دون الثاني؟ وجوه لا يخلو أخيرها من قوة.

٩٩

فصل

في الشفيع

مسألة ٣٢٧ : يعتبر في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلماً فلا شفعة للكافر على المسلم وإن اشترى من كافر ، وتثبت للمسلم على الكافر وللكافر على مثله.

مسألة ٣٢٨ : يشترط في الشفيع أن يكون قادراً على أداء الثمن فلا تثبت للعاجز عنه وإن بذل الرهن أو وجد له ضامن إلا أن يرضى المشتري بذلك. نعم إذا ادعى غيبة الثمن أمهل ثلاثة أيام فإن لم يحضره بطلت شفعته إلا أن يذكر أن الثمن في بلد آخر فيمهل بمقدار وصول المال إليه مضافاً إلى الأيام الثلاثة ، فإن انتهت المهلة ولم يدفع الثمن فلا شفعة له. ويكفي في الثلاثة أياماً التلفيق نظير ما تقدم في خيار الحيوان ، ومبدأها زمان الأخذ بالشفعة لا زمان البيع.

مسألة ٣٢٩ : إذا كان الإمهال ثلاثة أيام أو إلى زمان وصول المال من البلد الآخر ـ حيث يدعي وجوده فيه ـ يوجب الضرر المعتد به على المشتري فالظاهر سقوط الشفعة ، وكذا إذا استغرق إحضاره من البلد الآخر وقتاً أزيد من المتعارف.

مسألة ٣٣٠ : إذا كان الشريك غائباً عن بلد البيع وقت البيع جاز له الأخذ بالشفعة إذا حضر البلد وعلم بالبيع وإن كانت الغيبة طويلة.

مسألة ٣٣١ : إذا كان له وكيل في البلد إما في خصوص الأخذ بالشفعة أو فيما هو أعم من ذلك جاز لذلك الوكيل الأخذ بالشفعة عنه.

مسألة ٣٣٢ : تثبت الشفعة للمفلس إذا رضي المشتري ببقاء الثمن

١٠٠