منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨٨

التمكن لقصور فيه كما لو اشترط عليه صوم يوم فمرض فيه أو كان لفوات موضوع الشرط كما لو اشترط عليه خياطة ثوب فتلف الثوب ، وفي الجميع له الخيار لا غير.

٦١

الفصل الخامس

أحكام الخيار

مسألة ١٧٨ : الخيار حق من الحقوق فإذا مات من له الخيار انتقل إلى وارثه ، ويحرم منه من يحرم من أرث المال بالقتل أو الكفر أو الرق ويحجب عنه ما يحجب عن أرث المال ، ولو كان العقد الذي فيه الخيار متعلقاً بمال يحرم منه الوارث كالحبوة المختصة بالذكر الأكبر والأرض التي لا ترث منها الزوجة ففي حرمان ذلك الوارث من أرث الخيار وعدمه أقوال ، أقربها عدم حرمانه ، والخيار لجميع الورثة ، فلو باع الميت أرضاً وكان له الخيار أو كان قد اشترى أرضاً وكان له الخيار ورثت منه الزوجة كغيرها من الورثة.

مسألة ١٧٩ : إذا تعدد الوارث للخيار فالظاهر أنه لا أثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقين إليه في تمام المبيع ولا في حصته إلا إذا رضي من عليه الخيار فيصح في حصته.

مسألة ١٨٠ : إذا فسخ الورثة بيع مورثهم فإن كان عين الثمن موجوداً دفعوه إلى المشتري وإن كان تالفاً أو بحكمه أخرج من تركة الميت كسائر ديونه.

مسألة ١٨١ : لو كان الخيار لأجنبي عن العقد فمات فإن كان المقصود من جعل الخيار له مباشرته للفسخ أو كونه بنظره لم ينتقل إلى وارثه ، وإن جعل مطلقاً انتقل إلى الوارث.

مسألة ١٨٢ : إذا تلف المبيع في زمان الخيار في بيع الحيوان فهو من مال البائع ، وكذا إذا تلف قبل انتهاء مدة الخيار في خيار الشرط إذا كان الخيار للمشتري ، أما إذا كان للبائع أو تلف في زمان خيار المجلس بعد القبض فالأظهر أنه من مال المشتري.

٦٢

الفصل السادس

ما يدخل في المبيع

مسألة ١٨٣ : من باع شيئاً دخل في المبيع ما يقصد المتعاملان دخوله فيه دون غيره ، ويعرف قصدهما بما يدل عليه لفظ المبيع وضعاً أو بالقرينة العامة أو الخاصة ، فمن باع بستاناً دخل فيه الأرض والشجر والنخل والطوف والبئر والناعور والحضيرة ونحوها مما هو من أجزائها أو توابعها ، أما من باع أرضاً فلا يدخل فيها الشجر والنخل الموجودان وكذا لا يدخل الحمل في بيع الأم ولا الثمرة في بيع الشجرة ، نعم إذا باع نخلاً فإن كان التمر مؤبراً فالتمر للبائع وإن لم يكن مؤبراً فهو للمشتري ويختص هذا الحكم ببيع النخل ، أما في نقل النخل بغير البيع أو بيع غير النخل من سائر الشجر فالثمر فيه للبائع مطلقاً وإن لم يكن مؤبراً ، هذا إذا لم تكن قرينة على دخول الثمر في بيع الشجر أو الشجر في بيع الأرض أو الحمل في بيع الدابة ، أما إذا قامت القرينة على ذلك ـ وإن كانت هي التعارف الخارجي ـ عمل عليها وكان جميع ذلك للمشتري.

مسألة ١٨٤ : إذا باع الشجر وبقيت الثمرة للبائع مع اشتراط إبقائها أو ما في حكمه وأحتاجت الثمرة إلى السقي يجوز للبائع أن يسقي الشجر وليس للمشتري منعه ، وكذا إذا احتاج الشجر إلى السقي جاز للمشتري سقيه وليس للبائع منعه ، ولو تضرر أحدهما بالسقي والآخر بتركه ولم يكن بينهما شرط في ذلك فالأظهر عدم جواز السقي للثاني سواء أكان هو البائع أم المشتري ، وإن كان الأحوط لهما التصالح والتراضي على تقديم أحدهما ولو بأن يتحمل ضرر الآخر.

مسألة ١٨٥ : إذا باع بستانا وأستثنى نخلة مثلا فله الممر إليها

٦٣

والمخرج منها ومدى جرائدها وعروقها من الأرض وليس للمشتري منع شيء من ذلك.

مسألة ١٨٦ : إذا باع داراً دخل فيها الأرض والبناء الأعلى والأسفل إلا أن يكون الأعلى مستقلاً من حيث المدخل والمخرج والمرافق وغير ذلك مما قد يكون أمارة على خروجه وأستقلاله ، وكذا يدخل في بيع الدار السراديب والبئر والأبواب والأخشاب الداخلة في البناء وكذا السلم المثبت بل لا يبعد دخول ما فيها من نخل وشجر وأسلاك كهربائية وإنابيب الماء ونحو ذلك مما يعد من توابع الدار حتى مفتاح الغلق فإن ذلك كله داخل في المبيع إلا مع الشرط.

مسألة ١٨٧ : المعادن من الأنفال ـ أي أنها مملوكة للإمام عليه‌السلام ـ وإن لم تكن أرضها منها على الأظهر ولكن من استخرج شيئاً من المعادن المتكونة في جوف الأرض ملكه وعليه خمسة على تفصيل تقدم في كتاب الخمس ، وأما قبل الاستخراج فهي على ملك الإمام عليه‌السلام ولا تدخل في بيع الأرض ، كما لا تدخل في بيعها الأحجار المدفونة فيها ولا الكنوز القديمة أو الجديدة المودعة فيها ونحوها.

٦٤

الفصل السابع

التسليم والقبض

مسألة ١٨٨ : يجب على المتبايعين تسليم العوضين عند انتهاء العقد إذا لم يشترطا التأخير ولكن وجوب التسليم على كل منهما مشروط بعدم امتناع الآخر ، ولو امتنع أحدهما مع تسليم صاحبه أجبر الممتنع ولو اشترط أحدهما تأخير التسليم إلى مدة معينة جاز مطلقاً ، وليس لصاحبه الامتناع عن تسليم ما عنده حينئذ ، ولو اشترط كل منهما تأخير التسليم جاز ذلك في الأعيان الشخصية أو ما بحكمها من الكلي في المعين ولا يجوز في الكلي في الذمة لأنه يكون حينئذ من بيع الدين بالدين.

مسألة ١٨٩ : يجوز أن يشترط البائع لنفسه سكنى الدار أو ركوب الدابة أو زرع الأرض أونحو ذلك من الانتفاع بالمبيع مدة معينة.

مسألة ١٩٠ : التسليم الواجب على المتبايعين في المنقول وغيره هو التخلية برفع يده عنه ورفع المنافيات بحيث يتمكن صاحبه من التصرف فيه ، والظاهر اختلاف صدقها بحسب اختلاف الموارد والمقامات.

مسألة ١٩١ : إذا تلف المبيع بآفة سماوية أو أرضية قبل قبض المشتري انفسخ البيع وكان تلفه من مال البائع ورجع الثمن إلى المشتري وكذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائع ، فإنه ينفسخ البيع ويكون تلفه من مال المشتري ويرجع المبيع إلى البائع.

مسألة ١٩٢ : يكفي في القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلية بالمعنى المتقدم في غير المنقولات كالأراضي وأما في المنقولات فقيل أنه لابد فيها من الاستيلاء عليها خارجاً مثل أخذ الدرهم والدينار واللباس وأخذ لجام الفرس أو ركوبه ، ولكن لا يبعد كفاية التخلية فيها أيضاً في الخروج عن

٦٥

الضمان ، نعم لابد من الاستيلاء في تحقق القبض في بعض المقامات كما في بيع الصرف والسلم.

مسألة ١٩٣ : في حكم التلف تعذر الوصول إليه كما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر أونحو ذلك.

مسألة ١٩٤ : لو أمر المشتري البائع بتسليم المبيع إلى شخص معين فقبضه كان بمنزلة قبض المشتري ، وكذا لو أمره بإرساله إلى بلده أو غيره فأرسله كان بمنزلة قبضه ، ولا فرق بين تعيين المرسل معه وعدمه.

مسألة ١٩٥ : إذا أتلف المبيع البائع أو الأجنبي الذي يمكن الرجوع إليه في تدراك خسارته فالأقوى صحة العقد وللمشتري الرجوع على المتلف بالبدل من مثل أو قيمة وهل له الخيار في فسخ العقد لتعذر التسليم؟ إشكال ، والأظهر ذلك.

مسألة ١٩٦ : إذا حصل للمبيع نماء فتلف الأصل قبل قبض المشتري كان النماء للمشتري.

مسألة ١٩٧ : لو حدث في المبيع عيب قبل القبض كان للمشتري الرد ، وفي ثبوت الأرش له قولان ، أظهرهما الثبوت لولم يتمكن من الرد كما تقدم.

مسألة ١٩٨ : لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البيع بالنسبة إلى التالف ورجع إليه ما يخصه من الثمن وكان له الخيار في الباقي.

مسألة ١٩٩ : يجب على البائع مضافاً إلى تسليم المبيع المبادرة إلى تفريغه عما فيه من متاع أو غيره إلا مع اشتراط عدمها صريحاً أو استفادته من المتعارف المختلف باختلاف الموارد ، فلو كان المبيع مشغولاً بزرع لم يأت وقت حصاده فإن اشترط المالك إبقاءه مجاناً أو بأجرة أو كان ذلك مقتضى التعارف في مثله بحيث أغنى عن التصريح به جاز له إبقاؤه إلى وقت الحصاد والا وجبت عليه إزالته ، ولو أزال الزرع وبقيت له عروق تضر بالانتفاع

٦٦

بالأرض أو كانت في الأرض حجارة مدفونة وجبت إزالتها وتسوية الأرض إلا مع اشتراط عدم الإزالة أو تعارفه كما تقدم.

مسألة ٢٠٠ : من اشترى شيئاً ولم يقبضه فإن كان مما لا يكال ولا يوزن جاز له بيعه قبل قبضه ، وكذا إذا كان مما يكال أو يوزن وكان البيع برأس المال أو بوضعية منه وأما لو كان بربح ففيه قولان ، أظهرهما المنع فيما عدا الثمار ، وأما فيها فالظاهر الجواز. هذا فيما إذا باع غير المقبوض على غير البائع وأما إذا باعه عليه فالظاهر جوازه مطلقاً ، وكذا إذا ملك شيئاً بغير الشراء كالميراث والصداق فإنه يجوز بيعه قبل قبضه ، كما لا يبعد اختصاص المنع في الصورة المذكورة بالبيع فلا بأس بجعله صداقاً أو أجرة قبل قبضه.

٦٧

الفصل الثامن

النقد والنسيئة

مسألة ٢٠١ : من باع ولم يشترط تأجيل الثمن كان الثمن حالاً فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد ، كما يجب عليه أخذه إذا دفعه إليه المشتري وليس له الامتناع من أخذه.

مسألة ٢٠٢ : إذا اشترط تأجيل الثمن يكون نسيئة لا يجب على المشتري دفعه قبل الأجل وإن طالبه به البائع ولكن يجب على البائع أخذه إذا دفعه إليه المشتري قبله إلا أن تكون قرينة على كون التأجيل حقاً للبائع أيضاً.

مسألة ٢٠٣ : يجب أن يكون الأجل معيناً لا يتردد فيه بين الزيادة والنقصان ، فلو جعل الأجل قدوم زيد أو الدياس أو الحصاد أو جذاذ الثمر أونحو ذلك بطل العقد.

مسألة ٢٠٤ : لو كانت معرفة الأجل محتاجة إلى الحساب مثل أول الحمل أو الميزان فالظاهر البطلان ، نعم لو كان الأجل أول الشهر القابل مع التردد في الشهر الحالي بين الكمال والنقصان فالظاهر الصحة.

مسألة ٢٠٥ : إذا عين ـ عند المقاولة ـ لبضاعته ثمناً نقداً وأخر مؤجلاً بأزيد منه فابتاعها المشتري بأحدهما المعين صح ، وأما لو باعها بثمن نقداً وبأكثر منه مؤجلاً بإيجاب واحد ـ بأن قال : بعتك الفرس بعشرة نقداً وبعشرين إلى سنة ـ فقبل المشتري فالمشهور البطلان ، وقيل بالصحة بأقل الثمنين مؤجلاً ولا يخلو عن وجه فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه ، وأما لو باع بثمن إلى أجل وبأزيد منه إلى آخر فالأظهر البطلان.

مسألة ٢٠٦ : لا يجوز تأجيل الثمن الحال بل مطلق الدين بأزيد منه بأن يزيد فيه مقداراً ليؤخره إلى أجل وكذا لا يجوز أن يزيد في الثمن المؤجل

٦٨

ليزيد في الأجل ، ويجوز عكس ذلك بأن يعجل المؤجل بنقصان منه على وجه الإبراء بل على وجه المعاوضة أيضاً ما لم يستلزم الربا.

مسألة ٢٠٧ : يجوز بيع الأكثر المؤجل بالأقل الحال في غير ما يكال ويوزن وأما فيهما فلا يجوز لأنه ربا ، ولا يجوز للدائن في الدين المؤجل أن يزيد في الأجل على أن ينقد المدين بعضه قبل حلول الأجل.

مسألة ٢٠٨ : إذا اشترى شيئاً نسيئة جاز شراؤه منه قبل حلول الأجل أو بعده بجنس الثمن أو بغيره مساوياً له أو زائداً عليه أو ناقصاً عنه ، حالاً كان البيع الثاني أو مؤجلاً ، نعم إذا اشترط البائع على المشتري في البيع الأول أن يبيعه عليه نقداً بعد شرائه بأقل مما اشتراه به نسيئة أو شرط المشتري على البائع في البيع الأول أن يشتريه منه نسيئة بأكثر مما اشتراه منه نقداً فإن الأظهر فيه البطلان.

إلحاق

في المساومة والمرابحة والمواضعة والتولية

التعامل بين البائع والمشتري تارة يكون بملاحظة رأس المال الذي اشترى به البائع السلعة وأخرى لا يكون كذلك ، والثاني يسمى مساومة وهذا هو الغالب المتعارف ، والأول تارة يكون بزيادة على رأس المال وأخرى بنقيصة عنه وثالثة بلا زيادة ولا نقيصة ، والأول يسمى مرابحة والثاني مواضعة ، والثالث يسمى تولية.

مسألة ٢٠٩ : لابد في جميع الأقسام المذكورة غير المساومة من ذكر الثمن تفصيلاً فلو قال بعتك هذه السلعة برأس مالها وزيادة درهم أو بنقيصة درهم أو بلا زيادة ولا نقيصة لم يصح حتى يقول : بعتك هذه السلعة بالثمن الذي اشتريتها به وهو مائة درهم بزيادة درهم مثلاً أو نقيصته أو بلا زيادة ولا

٦٩

نقيصة.

مسألة ٢١٠ : إذا قال البائع : بعتك هذه السلعة بمائة درهم وربح درهم في كل عشرة فإن عرف المشتري أن الثمن مائة وعشرة دراهم صح البيع وإن لم يعرف المشتري ذلك حال البيع لم يصح وإن كان يعرفه بعد الحساب ، وكذلك الحكم في المواضعة كما إذا قال : بعتك بمائة درهم مع خسران درهم في كل عشرة ، فإن المشتري إذا عرف أن الثمن تسعون صح البيع وإن لم يعرف ذلك بطل البيع وإن كان يعرفه بعد الحساب.

مسألة ٢١١ : إذا كان الشراء بالثمن المؤجل وجب على البائع مرابحة أن يخبر بالأجل فإن أخفى تخير المشتري بين الرد والإمساك بالثمن مؤجلاً بذلك الأجل.

مسألة ٢١٢ : إذا اشترى جملة صفقة بثمن لم يجز له بيع أفرادها مرابحة بالتقويم إلا بعد الإعلام.

مسألة ٢١٣ : إذا تبين كذب البائع في إخباره برأس المال كما إذا أخبر أن رأس ماله مائة وباع بربح عشرة وكان في الواقع رأس المال تسعين صح البيع وتخير المشتري بين فسخ البيع وأمضائه بتمام الثمن المذكور في العقد وهو مائة وعشرة.

مسألة ٢١٤ : إذا اشترى سلعة بثمن معين مثل مائة درهم ولم يعمل فيها شيئاً كان ذلك رأس مالها وجاز له الإخبار بذلك ، أما إذا عمل في السلعة عملاً فإن كان بأجرة جاز ضم الأجرة إلى رأس المال فإذا كانت الأجرة عشرة جاز له أن يقول بعتك السلعة برأس مالها مائة وعشرة وربح كذا.

مسألة ٢١٥ : إن باشر العمل بنفسه وكانت له أجرة لم يجز له أن يضم الأجرة إلى رأس المال بل يقول رأس المال مائة وعملي يساوي كذا وبعتكها بما ذكر وربح كذا.

٧٠

مسألة ٢١٦ : إذا اشترى معيباً فرجع على البائع بالأرش كان الثمن ما بقي بعد الأرش ، ولو أسقط البائع بعض الثمن تفضلاً منه أو مجازاة على الإحسان لم يسقط ذلك من الثمن بل رأس المال هو الثمن في العقد.

٧١

الفصل التاسع

في الربا

وهو قسمان :

الأول : ما يكون في المعاملة.

الثاني : ما يكون في القرض ويأتي حكمه في كتاب الدين والقرض إن شاء الله تعالى.

أما الأول : فهو كبيع أحد المثلين بالآخر مع زيادة عينية في أحدهما كبيع مائة كيلو من الحنطة بمائة وعشرين منها ، أو خمسين كيلو من الحنطة بخمسين كيلو حنطة ودينار ، أو زيادة حكمية كبيع عشرين كيلو من الحنطة نقداً بعشرين كيلو من الحنطة نسيئة ، وهو حرام ، وهل يختص تحريمه بالبيع أو يجري في غيره من المعاوضات؟ قولان ، والأظهر اختصاصه بما كانت المعاوضة فيه بين العينين ، سواء كانت بعنوان البيع أو المبادلة أو الصلح مثل أن يقول : صالحتك على أن تكون هذه العشرة التي لك بهذه الخمسة التي لي ، أما إذا لم تكن المعاوضة بين العينين كأن يقول : صالحتك على أن تهب لي تلك العشرة واهب لك هذه الخمسة ، أو يقول : أبرأتك عن الخمسة التي لي عليك بشرط أن تبرئني عن العشرة التي لك عليّ ونحوهما فالظاهر الصحة.

مسألة ٢١٧ : يشترط في تحقق الربا في المعاملة النقدية أمران :

الأول : اتحاد الجنس والذات عرفا وإن اختلفت الصفات ، فلا يجوز بيع مائة كيلو من الحنطة الجيدة بمائة وخمسين كيلو من الرديئة ولا بيع عشرين كيلو من الأرز الجيد كالعنبر بأربعين كيلو منه أو من الردئ كالحويزاوي ، أما إذا اختلفت الذات فلا بأس كبيع مائة وخمسين كيلو من

٧٢

الحنطة بمائة كيلو من الأرز.

الثاني : أن يكون كل من العوضين من المكيل أو الموزون ، فإن كانا مما يباع بالعد مثلاً كالبيض والجوز في بعض البلاد فلا بأس ، فيجوز بيع بيضة ببيضتين وجوزة بجوزتين في تلك البلاد ، وأما إذا كانت المعاملة نسيئة ففي اشتراط تحقق الربا فيها بالشرطين المذكورين نظر ، فيشكل صحة المعاملة في موردين :

١ ـ أن يكون العوضان من المكيل أو الموزون مع الاختلاف في الجنس كبيع مائة كيلو من الأرز بمائة كيلو من الحنطة إلى شهر.

٢ ـ أن يكون العوضان من المعدود ونحوه مع اتحادهما في الجنس وكون الزيادة عينية كبيع عشر جوزات بخمس عشرة جوزة إلى شهر.

مسألة ٢١٨ : المعاملة الربوية باطلة إذا صدرت من العالم بحرمة الربا تكليفياً ، وأما إذا صدرت من الجاهل بها سواء أكان جهله بالحكم أو بالموضوع ثم علم بالحال فتاب فلا يبعد حلية ما أخذه حال الجهل ، والظاهر أن الحلية حينئذ من جهة صحة المعاملة لا الحلية التعبدية لتختص به دون الطرف الآخر إذا كان عالماً بالحرمة.

مسألة ٢١٩ : الحنطة والشعير في الربا جنس واحد فلا يباع مائة كيلو من الحنطة بمائتي كيلو من الشعير وإن كانا في باب الزكاة جنسين ، فلا يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب ، فلو كان عنده نصف نصاب حنطة ونصف نصاب شعير لم تجب فيهما الزكاة.

مسألة ٢٢٠ : ذكر بعضهم أن العلس نوع من الحنطة والسلت نوع من الشعير فإن ثبت ذلك لحقهما حكمهما والا فلا.

مسألة ٢٢١ : اللحوم والألبان والأدهان تختلف باختلاف الحيوان فيجوز بيع كيلو من لحم الغنم بكيلوين من لحم البقر نقداً وكذا الحكم في

٧٣

لبن الغنم ولبن البقر فإنه يجوز بيعهما مع التفاضل نقداً.

مسألة ٢٢٢ : التمر بأنواعه جنس واحد والحبوب كل واحد منها جنس ، فالحنطة والأرز والماش والذرة والعدس وغيرها كل واحد جنس ، والفلزات من الذهب والفضة والصفر والحديد والرصاص وغيرها كل واحد منها جنس برأسه.

مسألة ٢٢٣ : الضأن والمعز جنس واحد والبقر والجاموس جنس واحد والإبل العراب والبخاتي جنس واحد ، والطيور كل صنف يختص باسم فهو جنس واحد في مقابل غيره ، فالعصفور غير الحمام وكل ما يختص باسم من الحمام جنس في مقابل غيره فالفاختة والحمام المتعارف جنسان ، والسمك أجناس مختلفة بحسب اختلاف أصنافه في الاسم.

مسألة ٢٢٤ : الوحشي من كل حيوان مخالف للأهلي فالبقر الأهلي يخالف الوحشي فيجوز التفاضل بين لحميهما نقداً ، وكذا الحمار الأهلي والوحشي ، والغنم الأهلي والوحشي.

مسألة ٢٢٥ : المشهور أن كل أصل مع ما يتفرع عنه جنس واحد وكذا الفروع بعضها مع بعض كالحنطة والدقيق والخبز ، وكالحليب واللبن والجبن ، وكالبسر والرطب والتمر والدبس ، ولكن الكلية المذكورة محل إشكال في بعض مواردها كاتحاد الحليب والزبد ، والخل والتمر ، والسمسم ودهنه ، ونظائر ذلك.

مسألة ٢٢٦ : إذا كان الشيء مما يكال أو يوزن وكان فرعه لا يكال ولا يوزن جاز بيعه مع أصله بالتفاضل كالصوف الذي هو من الموزون والثياب المنسوجة منه التي ليست منه فإنه يجوز بيعها به مع التفاضل ، وكذلك القطن والكتان والثياب المنسوجة منهما.

مسألة ٢٢٧ : إذا كان الشيء في حال موزوناً أو مكيلاً وفي حال أخرى

٧٤

ليس كذلك لم يجز بيعه بمثله متفاضلاً في الحال الأولى وجاز في الحال الثانية.

مسألة ٢٢٨ : الأحوط عدم بيع لحوم حيوان بحيوان حي من جنسه كبيع لحم الغنم بالغنم بل ولا بغير جنسه أيضاً كبيع لحم الغنم بالبقر.

مسألة ٢٢٩ : إذا كان للشيء حالتان حالة رطوبة وحالة جفاف كالرطب يصير تمراً والعنب يصير زبيباً والخبز اللين يكون يابساً يجوز بيعه نقداً جافاً بجاف منه ورطباً برطب منه متماثلاً ولا يجوز متفاضلاً ، وأما بيع الرطب منه بالجاف متماثلاً ففيه إشكال والأظهر جوازه نقداً على كراهة ولا يجوز بيعه متفاضلاً حتى بمقدار الرطوبة بحيث إذا جف يساوي الجاف.

مسألة ٢٣٠ : إذا كان الشيء يباع بالعد مثلاً في بلد ومكيلاً أو موزوناً في آخر فلكل بلد حكمه سواء أكان مكيلاً أو موزوناً في غالب البلاد أم لا ، فلا يجوز بيعه متفاضلاً في بلد يباع فيه بالكيل أو الوزن ويجوز ذلك نقداً في بلد يباع فيه بالعد. وأما إذا كان الشيء يباع بكل من الوزن والعد مثلاً في بلد واحد فالأحوط عدم التفاضل فيه وإن بيع بالعدّ نقداً.

مسألة ٢٣١ : يتخلص من الربا بضم غير الجنس إلى الطرف الناقص بأن يبيع مائة كيلو من الحنطة ومنديلاً بمائتي كيلو من الحنطة إذا قصدا كون المنديل بإزاء المقدار الزائد وكانت المعاملة نقدية ، وكذا يتخلص منه بضم غير الجنس إلى كل من الطرفين ولو مع التفاضل فيهما كما لو باع منديلين ومائتي كيلو من الحنطة بمنديل ومائة كيلومنها وتصح المعاملة مطلقاً إذا قصدا كون المنديل في كل طرف بإزاء الحنطة في الطرف الآخر وكذا تصح نقداً إذا قصدا كون المنديل من الطرف الناقص بإزاء المنديلين والمقدار الزائد من الحنطة في الطرف الآخر.

مسألة ٢٣٢ : لا ربا بين الوالد وولده ولا بين الرجل وزوجته فيجوز

٧٥

لكل منهما أخذ الزيادة من الآخر ، وكذا لا ربا بين المسلم والحربي إذا أخذ المسلم الزيادة. وأما الذمي فتحرم المعاملة الربوية معه على الأظهر ولكن يجوز للمسلم أخذ الزيادة منه بعد وقوع المعاملة إذا كان إعطاؤها جائزاً في شريعته ، ولا فرق فيما ذكر بين ربا البيع وربا القرض.

مسألة ٢٣٣ : لا فرق في الولد بين الذكر والأنثى والخنثى ولا بين الصغير والكبير ولا بين الصلبي وولد الولد ، كما لا فرق في الزوجة بين الدائمة والمتمتع بها ، وليست الأم كالأب فلا يصح الربا بينها وبين الولد.

مسألة ٢٣٤ : الأوراق النقدية بما أنها من المعدود لا يجري فيها الربا ، فيجوز بيع بعضها ببعض متفاضلاً مع اختلافها جنساً نقداً أو نسيئة فيجوز بيع خمسة دنانير كويتية بعشرة دنانير عراقية مطلقاً ، وأما مع الاتحاد في الجنس فيجوز التفاضل في البيع بها نقداً ، وأما نسيئة فلا يخلو عن إشكال ، ولا بأس بتنزيل الأوراق المالية نقداً بمعنى أن المبلغ المذكور فيها إذا كان الشخص مديناً به واقعاً جاز خصمها في المصارف وغيرها بأن يبيعه الدائن بأقل منه حالا ويكون الثمن نقداً.

مسألة ٢٣٥ : ما يتعارف في زماننا من إعطاء شخص للآخر سنداً بمبلغ من الأوراق النقدية من دون أن يكون مديناً له به فيأخذه الثاني فينزله عند شخص ثالث بأقل منه الظاهر عدم جوازه ، نعم لا بأس به في المصارف غير الأهلية بجعل ذلك وسيلة إلى أخذ مجهول المالك والتصرف فيه بعد إصلاحه بمراجعة الحاكم الشرعي ، وقد ذكرنا تفصيل ذلك في رسالة ( مستحدثات المسائل ، المسألة ٢٨ ).

٧٦

الفصل العاشر

بيع الصرف

وهو بيع الذهب أو الفضة ، بالذهب أو الفضة ولا فرق بين المسكوك منهما وغيره.

مسألة ٢٣٦ : لا يجوز بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة مع الزيادة.

مسألة ٢٣٧ : لا بأس ببيع الذهب بالفضة وبالعكس نقداً ولا يعتبر تساويهما في الوزن وأما بيع أحدهما بالآخر نسيئة فلا يجوز مطلقاً على الأظهر.

مسألة ٢٣٨ : يشترط في صحة بيع الصرف التقابض قبل الافتراق ، فلولم يتقابضا حتى افترقا بطل البيع ولو تقابضا في بعض المبيع صح فيه وبطل في غيره.

مسألة ٢٣٩ : لو باع النقد مع غيره بنقد صفقة واحدة ولم يتقابضا حتى افترقا صح في غير النقد وبطل في النقد.

مسألة ٢٤٠ : لو فارقا المجلس مصطحبين وتقابضا قبل الافتراق صح البيع.

مسألة ٢٤١ : لا يشترط التقابض في الصلح الجاري في النقدين بل تختص شرطيته بالبيع.

مسألة ٢٤٢ : لا يجري حكم الصرف على الأوراق النقدية كالدينار العراقي والنوط الهندي والتومان الإيراني والدولار والباون ونحوها من الأوراق المستعملة في هذه الأزمنة استعمال النقدين فيصح بيع بعضها ببعض وإن لم

٧٧

يتحقق التقابض قبل الافتراق كما أنه لا زكاة فيها.

مسألة ٢٤٣ : إذا كان له في ذمة غيره دين من أحد النقدين فباعه عليه بنقد آخر وقبض الثمن قبل التفرق صح البيع ولا حاجة إلى قبض المشتري ما في ذمته.

مسألة ٢٤٤ : لو كان له دين على زيد فباعه على عمرو بنقد وقبضه من عمرو ووكل عمرو زيداً على قبض ما في ذمته ففي صحته بمجرد التوكيل إشكال ، بل لا يبعد عدم الصحة حتى يقبضه زيد ويعينه في مصداق بعينه قبل التفرق.

مسألة ٢٤٥ : إذا اشترى منه دراهم معينة بنقد ثم باعها عليه أو على غيره قبل قبضها لم يصح البيع الثاني فإذا قبض الدراهم بعد ذلك قبل التفرق صح البيع الأول وأذا لم يقبضها حتى افترقا بطل البيع الأول أيضاً.

مسألة ٢٤٦ : إذا كان له دراهم في ذمة غيره فقال له حولها دنانير في ذمتك فقبل المديون صح ذلك وتحول ما في الذمة إلى دنانير وإن لم يتقابضا ، وكذا لو كان له دنانير في ذمته فقال له حولها دراهم وقبل المديون فإنه يصح وتتحول الدنانير إلى دراهم ، وكذلك الحكم في الأوراق النقدية إذا كانت في الذمة فيجوز تحويلها من جنس إلى آخر.

مسألة ٢٤٧ : لا يجب على المتعاملين بالصرف إقباض المبيع أو الثمن حتى لو قبض أحدهما لم يجب عليه إقباض صاحبه ولو كان للمبيع أو الثمن منفعة قبل القبض كانت لمن انتقل عنه لا لمن انتقل إليه.

مسألة ٢٤٨ : الدراهم والدنانير المغشوشة إن كان رائجة في المعاملة بها يجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها سواء أكان غشها مجهولاً أم معلوماً وسواء أكان مقدار الغش معلوماً أم مجهولاً ، وإن لم تكن رائجة فلا يجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها إلا بعد إظهار حالها.

٧٨

مسألة ٢٤٩ : يجوز صرف المسكوكات من النحاس وأمثاله إلى أبعاضها ولو مع التفاضل بين الأصل وأبعاضه كما هو الغالب ، نعم لا يجوز ذلك في المسكوكات الذهبية والفضية فإنها من الموزون فلا يجوز تصريفها إلى أبعاضها مع التفاضل إلا مع الضميمة.

مسألة ٢٥٠ : يكفي في الضميمة التي يتخلص بها عن الربا الغش الذي يكون في الذهب والفضة المغشوشين إذا كان الغش غير مستهلك وكانت له قيمة في حال كونه غشاً ولا يكفي أن تكون له قيمة على تقدير التصفية ، فإذا كان الطرفان مغشوشين كذلك صح مع التفاضل مطلقاً إذا قصدا كون الغش في كل طرف بإزاء الخالص في الطرف الآخر ، وأذا كان أحدهما مغشوشاً دون الآخر جاز التفاضل فيما إذا كانت المعاملة نقدية وكانت الزيادة في طرف الخالص وقصدا كونها بإزاء الغش في الطرف الآخر ولا يصح إذا كانت الزيادة في المغشوش مطلقاً.

مسألة ٢٥١ : الآلات المحلاة بالذهب يجوز بيعها بالذهب إذا كان أكثر من الذهب المحلى به وقصدا كون الزائد بإزاء نفس الآلة وكانت المعاملة نقدية ـ كما مر ـ والا لم يجز ، نعم لو بيع السيف بالسيف وكان كل منهما محلى جاز البيع وإن كانت الحلية في أحدهما أكثر من الحلية في الآخر ، ويصح مطلقاً إذا قصدا كون الحلية في كل طرف بإزاء السيف في الطرف الآخر ويصح نقداً خاصة إذا قصدا كون السيف والزيادة في الطرف الزائد بإزاء السيف في الطرف الآخر.

مسألة ٢٥٢ : الكلبتون المصنوع من الإبريسم والفضة يجوز بيعه نقداً ـ كما مر ـ بالفضة إذا كانت أكثر من الفضة الموجودة فيه وزناً ، والمصنوع من الإبريسم والذهب يجوز بيعه كذلك بالذهب إذا كان أكثر من الذهب الموجود فيه وزنا.

٧٩

مسألة ٢٥٣ : إذا اشترى فضة معينة بفضة أو بذهب وقبضها قبل التفرق فوجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاسا أو غيرهما بطل البيع وليس له المطالبة بالإبدال ، ولو وجد بعضها كذلك بطل البيع فيه وصح في الباقي وله حينئذ رد الكل لتبعض الصفقة ، وإن وجدها فضة معيبة فإن كان العوض من جنسها كان له الرد ولم يكن له أخذ الأرش ولو مع عدم التمكن من الرد على الأحوط ، وإن كان العوض من غير جنسها كان بالخيار بين الرد وبين المطالبة بالأرش مع عدم التمكن من الرد ولا فرق في ذلك بين كون أخذ الأرش قبل التفرق وبعده.

مسألة ٢٥٤ : إذا اشترى فضة في الذمة بفضة أو بذهب وبعد القبض وجدها جنساً آخر رصاصاً أو نحاساً أو غيرهما ، فإن كان قبل التفرق جاز للبائع إبدالها فإذا قبض البدل قبل التفرق صح البيع وإن وجدها جنساً آخر بعد التفرق بطل البيع ولا يكفي الإبدال في صحته ، وأذا وجدها فضة معيبة كالمغشوشة ومضطربة السكة فالأقوى أن المشتري مخير بين رد المقبوض وأبداله وبين الرضا به من دون أرش وليس له فسخ العقد من أصله ، ولا فرق بين كون الثمن من جنس المبيع وغيره ولا بين كون ظهور العيب قبل التفرق وبعده.

مسألة ٢٥٥ : لا يجوز أن يشتري من الصائغ أو غيره خاتماً أو غيره من المصوغات من الفضة أو الذهب بجنسه مع زيادة بملاحظة أجرة الصياغة ، بل أما أن يشتريه بغير جنسه أو بأقل من مقداره من جنسه مع الضميمة على ما تقدم ليتخلص من الربا.

مسألة ٢٥٦ : لو كان له على زيد نقود كالليرات الذهبية وأخذ منه شيئاً من المسكوكات الفضية كالربيات فإن كان الأخذ بعنوان الاستيفاء ينقص من الليرات في كل زمان أخذ فيه بمقدار ما أخذ بسعر ذلك الزمان ، فإذا كان الدين

٨٠