منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨٨

مسألة ١٣٦٢ : ينفق الولي والقيم على الصبي من غير إسراف ولا تقتير ، فيطعمه ويلبسه عادة أمثاله ونظرائه ، فإن أسرف ضمن الزيادة ، ولو بلغ فأنكر أصل الإنفاق أو ادعى عليه الإسراف فالقول قول القيم بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر ، وكذا لو ادعى عليه أنه باع ماله من غير حاجة ولا غبطة ، نعم لو اختلفا في دفع ماله إليه بعد البلوغ فادعاه القيم وإنكره الصبي قدم قول الصبي بيمينه ما لم يكن مخالفاً للظاهر.

مسألة ١٣٦٣ : يجوز للقيم على اليتيم أن يأخذ من ماله أجرة مثل عمله إذا كانت له أجرة وكان فقيراً أما إذا كان غنياً ففيه إشكال والأحوط الترك.

٤٢١

فصل في الموصى به

مسألة ١٣٦٤ : يشترط في الموصى به في الوصية التمليكية أن يكون مالاً أو حقاً قابلاً للنقل كحقي التحجير والاختصاص ـ لا مثل حق القذف ونحوه ـ من غير فرق في المال بين كونه عيناً أو ديناً في ذمة الغير أو منفعة ، وفي العين كونها موجودة فعلاً أو مما سيوجد ، فتصح الوصية بما تحمله الدابة أو تثمر الشجرة في المستقبل.

مسألة ١٣٦٥ : لابد أن تكون العين الموصى بها ذات منفعة محللة معتد بها ، فلا تصح الوصية بالخمر والخنزير والات اللهو المحرم والقمار ، نعم لو أوصى لشخص بالخمر القابلة للتخليل أو التي ينتفع بها فيما عدا الشرب من المنافع المحللة أو أوصى بآلات اللهو المحرم والقمار مع كونها مما ينتفع بها بعد الكسر انتفاعاً معتداً به صح.

مسألة ١٣٦٦ : يعتبر في المنفعة الموصى بها أن تكون محللة مقصودة فلا تصح الوصية بمنفعة المغنية والات اللهو المحرم مثلاً.

مسألة ١٣٦٧ : يشترط في الوصية العهدية أن يكون ما أوصى به عملاً سائغاً فلا تصح الوصية بصرف ماله في معونة الظالمين وقطاع الطرق وتعمير الكنائس ونسخ كتب الضلال ونحوها ، كما يعتبر فيها أن لا تعد سفهاً وعبثاً من الموصي والا لم تصح.

مسألة ١٣٦٨ : إذا كان ما أوصى به جائزاً عند الموصي باجتهاده أو تقليده وليس بجائز عند الوصي كذلك لم يجز للوصي تنفيذ الوصية ، وأذا كان الأمر بالعكس وجب على الوصي العمل بها.

مسألة ١٣٦٩ : لو أوصى لغير الولي بمباشرة تجهيزه كتغسيله والصلاة عليه مع وجود الولي فالظاهر نفوذها وتقديمه على الولي وإن كان الأحوط إن

٤٢٢

يكون ذلك بتوافقهما بأن يستأذن الوصي من الولي ويأذن الولي للوصي.

مسألة ١٣٧٠ : يشترط في الموصى به ـ في الوصية التمليكية وكذا العهدية بغير الديون ونحوها من الحقوق المالية ـ أن لا يكون زائداً على الثلث فإذا أوصى بما زاد عليه بطل الإيصاء في الزائد إلا مع إجازة الوارث. وأذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ في حصة المجيز دون الآخر ، وأذا أجازوا في بعض الموصى به وردوا في غيره صح فيما أجازوه وبطل في غيره.

مسألة ١٣٧١ : لا إشكال في الاجتزاء بالإجازة بعد الوفاة وفي الاجتزاء بها حال الحياة أو عدمه قولان أقواهما الأول.

مسألة ١٣٧٢ : ليس للمجيز الرجوع عن إجازته حال حياة الموصي ولا بعد وفاته كما لا أثر للرد حال حياته إذا لحقته الإجازة بعد وفاته ، وأما إذا رد بعد وفاته فلا أثر للإجازة بعده.

مسألة ١٣٧٣ : لا فرق بين وقوع الوصية حال مرض الموصي وحال صحته ، ولا بين كون الوارث غنياً وفقيراً.

مسألة ١٣٧٤ : لا يشترط في نفوذ الوصية قصد الموصي كونها من الثلث الذي جعله الشارع له فإذا أوصى بعين مثلاً غير ملتفت إلى ذلك وكانت بقدره أو أقل صح.

مسألة ١٣٧٥ : إذا أوصى بثلث ما تركه ثم أوصى بشيء وقصد كونه من ثلثي الورثة فإن أجازوا صحت الثانية أيضاً والا بطلت.

مسألة ١٣٧٦ : إذا أوصى بعين وأوصى بالثلث فيما عداها أيضاً نفذت الوصية في ثلثها وتوقفت في ثلثيها على إجازة الورثة ، كما إذا قال : ( فرسي لزيد وثلثي من باقي التركة لعمرو ) فإنه تصح وصيته لعمرو وأما وصيته لزيد فتصح إذا رضي الورثة والا صحت في ثلث الفرس وكان الثلثان للورثة.

مسألة ١٣٧٧ : إذا أوصى بعين ولم يوص بالثلث فإن لم تكن الوصية زائدة

٤٢٣

على الثلث نفذت ، وإن زادت على الثلث توقف نفوذها في الزائد على إجازة الورثة.

مسألة ١٣٧٨ : إذا أوصى بعين معينة أو بمقدار كلي من المال كألف دينار ، يلاحظ في كونه بمقدار الثلث أو أقل أو أكثر بالإضافة إلى أموال الموصي حين الموت لا حين الوصية.

فإذا أوصى لزيد بعين كانت بقدر نصف أمواله حين الوصية وصارت حين الموت بمقدار الثلث إما لنزول قيمتها أو لارتفاع قيمة غيرها أو لحدوث مال له لم يكن حين الوصية صحت الوصية في تمامها.

مسألة ١٣٧٩ : إذا كانت العين حين الوصية بمقدار الثلث فصارت أكثر من الثلث حال الموت إما لزيادة قيمتها أو لنقصان قيمة غيرها أو لخروج بعض أمواله عن ملكه نفذت الوصية فيما يساوي الثلث وبطلت في الزائد إلا إذا أجاز الورثة.

مسألة ١٣٨٠ : إذا أوصى بكسر مشاع كالثلث فإن كان حين الوفاة مساوياً له حين الوصية فلا إشكال في صحة الوصية بتمامه ، وكذا إذا كان أقل فتصح فيه بتمامه حين الوفاة.

أما إذا كان حين الوفاة أكثر منه حين الوصية كما لو تجدد له مال فهل يجب إخراج ثلث الزيادة المتجددة أيضاً أو يقتصر على ثلث المقدار الموجود حين الوصية؟ لا يخلو من إشكال وإن كان الأقوى الأول ، إلا أن تقوم القرينة على إرادة الوصية بثلث الأعيان الموجودة حين الوصية لا غير فإذا تبدلت أعيانها لم يجب إخراج شيء أو تقوم القرينة على إرادة الوصية بمقدار ثلث الموجود حينها وإن تبدلت أعيانها فلا يجب إخراج الزائد.

وكذا إذا كان كلامه محفوفاً بما يوجب إجمال المراد فإنه يقتصر حينئذٍ على القدر المتيقن وهو الأقل.

مسألة ١٣٨١ : يحسب من التركة ما يملكه الميت بعد الموت كالدية

٤٢٤

في الخطأ وكذا في العمد إذا صالح عليها أولياء الميت وكما إذا نصب شبكة في حياته فوقع فيها شيء بعد وفاته ، فيخرج من جميع ذلك الثلث إذا كان قد أوصى به.

مسألة ١٣٨٢ : إذا أوصى بعين تزيد على ثلثه في حياته وبضم الدية ونحوها تساوي الثلث نفذت وصيته فيها بتمامها.

مسألة ١٣٨٣ : إنما بحسب الثلث بعد استثناء ما يخرج من الأصل كالدين والحقوق الشرعية فإن بقي بعد ذلك شيء كان ثلث الباقي هو مورد العمل بالوصية.

مسألة ١٣٨٤ : إذا كان عليه دين فأبرأه الدائن بعد وفاته أو تبرع متبرع في أدائه بعد وفاته لم يكن مستثنى من التركة وكان بمنزلة عدمه.

مسألة ١٣٨٥ : لابد في إجازة الوارث الوصية الزائدة على الثلث من إمضاء الوصية وتنفيذها ولا يكفي فيها مجرد الرضا وطيب النفس.

مسألة ١٣٨٦ : لا يعتبر في الإجازة كونها على الفور.

مسألة ١٣٨٧ : إذا عين الموصي ثلثه في عين مخصوصة تعين وأذا فوض التعيين إلى الوصي فعينه في عين مخصوصة تعين أيضاً بلا حاجة إلى رضا الوارث.

وإذا لم يحصل منه شيء من ذلك كان ثلثه مشاعا في التركة ولا يتعين في عين بعينها بتعيين الوصي إلا مع رضا الورثة.

مسألة ١٣٨٨ : إذا كان ما أوصى به مالاً معيناً يساوي الثلث أو دونه اختص به الميت أو الموصى له ولا اعتراض فيه للورثة كما تقدم ، ولكن إنما يستقر ملكية الموصى له أو الميت في تمام الموصى به إذا كان يصل إلى الورثة ضعف ما أوصى به ، فإذا كان له مال بيد الورثة بهذا المقدار استقرت ملكية تمام المال المعين فللموصى له أو الوصي أن يتصرف فيه بما يشاء أو بما قرر

٤٢٥

له ، وأما إذا لم يكن ما بأيدي الورثة من التركة يبلغ ضعف الموصى به وأحتمل ـ احتمالاً معتداً به ـ عدم وصول هذا المقدار إليهم توقف التصرف في تمام الموصى به على إجازتهم أو وصول ضعفه إليهم ، فمع انتفاء الأمرين يشاركون الموصى له أو الميت في المال المعين بالنسبة ، فلو كان ما عدى الموصى به بتمامه خارجاً عن أيديهم كان ثلث الموصى به للموصى له أو الميت وثلثاه للورثة.

مسألة ١٣٨٩ : الواجبات المالية تخرج من الأصل وإن لم يوص بها الموصي ، وهي الأموال التي اشتغلت بها ذمته مثل المال الذي اقترضه والمبيع الذي باعه سلفاً وثمن ما اشتراه نسيئة وعوض المضمونات وأروش الجنايات ونحوها ومنها الخمس والزكاة والمظالم ، وأما الكفارات والنذور ونحوها فالظاهر أنها لا تخرج من الأصل.

مسألة ١٣٩٠ : إذا تلف من التركة شيء بعد موت الموصي وجب إخراج الواجبات المالية من الباقي وإن استوعبه ، وكذا إذا غصب بعض التركة.

مسألة ١٣٩١ : إذا تمرد بعض الورثة عن وفاء الدين لم يجب على غيره إلا وفاء ما يخص حصته بالنسبة لا وفاء الجميع.

مسألة ١٣٩٢ : الحج الواجب بالاستطاعة من قبيل الدين يخرج من الأصل وأما الحج النذري فيخرج من الثلث على الأظهر.

مسألة ١٣٩٣ : إذا أوصى بوصايا متعددة متضادة كان العمل على الثانية وتكون ناسخة للأولى ، فإذا أوصى بعين شخصية لزيد ثم أوصى بها لعمرو أعطيت لعمرو ، وكذا إذا أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى به لعمرو.

مسألة ١٣٩٤ : إذا أوصى بثلثه لزيد ثم أوصى بنصف ثلثه لعمرو كان الثلث بينهما على السوية.

مسألة ١٣٩٥ : إذا أوصى بعين شخصية لزيد ثم أوصى بنصفها لعمرو

٤٢٦

كانت الثانية ناسخة للأولى بمقدارها.

مسألة ١٣٩٦ : إذا أوصى بوصايا متعددة غير متضادة وكانت كلها مما يخرج من الأصل وجب إخراجها من الأصل وإن زادت على الثلث.

مسألة ١٣٩٧ : إذا كانت الوصايا كلها واجبات لا تخرج من الأصل كالواجبات البدنية والكفارات والنذور أخرجت من الثلث فإن زادت على الثلث وأجاز الورثة أخرجت جميعها وإن لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة ما لم تكن قرينة حالية أو مقالية على تقديم بعضها على البعض عند التزاحم ، سواء أكانت مرتبة بأن ذكرت في كلام الموصي واحدة بعد أخرى كما إذا قال : ( أعطوا عني صوم عشرين شهراً وصلاة عشرين سنة ) أم كانت غير مرتبة بأن ذكرت جملة واحدة كما إذا قال : ( اقضوا عني عباداتي مدة عمري صلاتي وصومي ).

فإذا كانت تساوي قيمتها نصف التركة فإن أجاز الورثة نفذت في الجميع وإن لم يجز الورثة ينقص من وصية الصلاة الثلث ومن وصية الصوم الثلث.

وكذا الحكم إذا كانت كلها تبرعية غير واجبة فإنها إن زادت على الثلث وأجاز الورثة وجب إخراج الجميع وإن لم يجز الورثة ورد النقص على الجميع بالنسبة.

مسألة ١٣٩٨ : إذا كانت الوصايا مختلفة بعضها واجب يخرج من الأصل وبعضها واجب لا يخرج من الأصل ، كما إذا قال : ( أعطوا عني ستين ديناراً : عشرين ديناراً زكاة وعشرين ديناراً صلاة وعشرين ديناراً صوماً ) فإن لم يذكر المخرج يبدأ بما يخرج من الأصل فيخرج منه فإن بقي شيء يصرف ثلثه في الاستئجار للصلاة والصوم إذا وفى الثلث بذلك والا فإن أجازت الورثة الوصية في المقدار الزائد وجب العمل بها وإن لم تجزها ورد النقص عليهما

٤٢٧

على ما مر. وإن ذكر المخرج بأن أوصى بأن تخرج من الثلث فإن وسعها الثلث أخرج الجميع وكذلك إن لم يسعها وأجاز الورثة وأما إذا لم يسعها ولم يجز الورثة بدأ بما يخرج من الأصل فيخرج من الثلث أولاً فإن بقي منه شيء يصرف في الاستئجار للصلاة والصوم وإن لم يفِ الثلث إلا بما يخرج من الأصل بطلت الوصية في غيره.

مسألة ١٣٩٩ : إذا تعددت الوصايا وكان بعضها واجباً لا يخرج من الأصل وبعضها تبرعية ولم يف الثلث بالجميع ولم يجز الورثة ما زاد على الثلث ففي تقديم الواجب على غيره إشكال والأظهر هو التقديم.

مسألة ١٤٠٠ : المراد من الوصية التبرعية الوصية بما لا يكون واجبا عليه في حياته سواء أكانت تمليكية كما إذا قال : ( فرسي لزيد بعد وفاتي ) أم عهدية كما إذا قال : ( تصدقوا بفرسي بعد وفاتي ).

مسألة ١٤٠١ : إذا أوصى بثلثه لزيد من دون تعيينه في عين شخصية يكون الموصى له شريكاً مع الورثة فله الثلث ولهم الثلثان ، فإن تلف من التركة شيء كان التلف على الجميع وإن حصل لتركته نماء كان النماء مشتركاً بين الجميع.

مسألة ١٤٠٢ : إذا أوصى بصرف ثلثه في مصلحته من طاعات وقربات يكون الثلث باقياً على ملكه فإن تلف من التركة شيء كان التلف موزعاً عليه وعلى بقية الورثة وإن حصل النماء كان له منه الثلث.

مسألة ١٤٠٣ : إذا عين ثلثه في عين معينة تعين كما عرفت ، فإذا حصل لها نماء كان النماء له وحده وإن تلف بعضها أو تمامها اختص التلف به ولم يشاركه فيه بقية الورثة.

مسألة ١٤٠٤ : إذا أوصى بثلثه مشاعاً ثم أوصى بشيء آخر معيناً كما إذا قال : ( أنفقوا علي ثلثي وأعطوا فرسي لزيد ) وجب إخراج ثلثه من غير الفرس

٤٢٨

في نفقته وتصح وصيته بثلث الفرس لزيد ، وأما وصيته بالثلثين الآخرين من الفرس لزيد فصحتها موقوفة على إجازة الورثة فإن لم يجيزوا بطلت كما تقدم.

وإذا كان الشيء الآخر غير معين كما إذا قال : ( أنفقوا علي ثلثي وأعطوا زيداً مائة دينار ) توقفت الوصية بالمائة على إجازة الورثة فإن أجازوها في الكل صحت في تمامها ، وإن أجازوها في البعض صحت في بعضها وإن لم يجيزوا منها شيئاً بطلت في جميعها ، ونحوه إذا قال : ( اعطوا ثلثي لزيد وأعطوا ثلثاً آخر من مالي لعمرو ) فإنه تصح وصيته لزيد ولا تصح وصيته لعمرو إلا بإجازة الورثة.

أما إذا قال : ( اعطوا ثلثي لزيد ) ثم قال : ( اعطوا ثلثي لعمرو ) كانت الثانية ناسخة للأولى كما عرفت ، والمدار على ما يفهم من الكلام.

مسألة ١٤٠٥ : إذا أوصى بحرمان بعض الورثة من الميراث فلم يجز ذلك البعض لم يصح.

نعم إذا لم يكن قد أوصى بالثلث وأوصى بذلك وجب العمل بالوصية بالنسبة إلى الثلث بصرف سهم ذلك البعض من الثلث إلى غيره من الورثة ، فإذا كان له ولدان وكانت التركة ستة فأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث أعطي زيد اثنين وأعطي الآخر أربعة.

وإذا أوصى بسدس ماله لأخيه وأوصى بحرمان ولده زيد من الميراث أعطى أخوه السدس وأعطي زيد الثلث وأعطي ولده الآخر النصف.

مسألة ١٤٠٦ : إذا أوصى بشيء من مال زيد بعد وفاة نفسه لكن في حياة زيد لم يصح وإن أجازها زيد ، وأذا أوصى بشيء في مال زيد بعد وفاة زيد فأجازها زيد صح.

مسألة ١٤٠٧ : قد عرفت أنه إذا أوصى بعين من تركته لزيد ثم أوصى بها لعمرو كانت الثانية ناسخة ووجب دفع العين لعمرو ، فإذا اشتبه المتقدم

٤٢٩

والمتأخر فإن تصالحا فهو والا تعين الرجوع إلى القرعة في تعيين الموصى له.

مسألة ١٤٠٨ : إذا دفع إنسان إلى آخر مالاً وقال له إذا مت فأنفقه عني ولم يعلم أنه أكثر من الثلث أو أقل أو مساوٍ له أو علم أنه أكثر وأحتمل أنه مأذون من الورثة في هذه الوصية ، أو علم أنه غير مأذون من الورثة لكن احتمل أنه كان له ملزم شرعي يقتضي إخراجه من الأصل فهل يجب على الوصي العمل بالوصية حتى تثبت زيادته على الثلث وبطلانها في الزائد عليه؟ فيه إشكال ولا سيما في الفرضين الأخيرين.

مسألة ١٤٠٩ : إذا أوصى بشيء لزيد وتردد بين الأقل والأكثر اقتصر على الأقل وأذا تردد بين المتباينين ولم يتصالحا عين بالقرعة.

مسألة ١٤١٠ : إذا أوصى من لا وارث له إلا الإمام بجميع ماله للمسلمين والمساكين وأبن السبيل ففي نفوذ وصيته في جميع المال كما ذهب إليه بعض أو عدم نفوذها في الزائد على الثلث كما هو المشهور إشكال ، ولا يبعد الثاني كما هو الحال فيما لو أوصى بجميع ماله في غير الأمور المذكورة.

٤٣٠

فصل في الموصى له

مسألة ١٤١١ : لا يعتبر في الوصية العهدية وجود الموصى له حال الوصية أو عند موت الموصي ، فتصح الوصية للمعدوم إذا كان متوقع الوجود في المستقبل ، فلو أوصى بإعطاء شيء من ماله لأولاد ولده الذين لم يولدوا حال الوصية ولا حين موت الموصي فإن وجدوا في ظرف الإعطاء أعطي لهم والا كان ميراثاً لورثة الموصي إن لم تكن هناك قرينة على كونها من باب تعدد المطلوب والا صرف فيما هو الأقرب إلى نظر الموصي من وجوه البر.

مسألة ١٤١٢ : لا تصح الوصية التمليكية للمعدوم إلى زمان موت الموصي ، كما لو أوصى للميت أو لما تحمله المرأة في المستقبل أو لمن يوجد من أولاد فلان ، وتصح للحمل بشرط وجوده حين الوصية وإن لم تلجه الروح فإن تولد حياً ملك الموصى به بقبول وليه والا بطلت الوصية ورجع المال إلى ورثة الموصي.

مسألة ١٤١٣ : تصح الوصية للكافر الذمي وللمرتد حتى عن فطرة وللحربي.

مسألة ١٤١٤ : إذا أوصى لجماعة ذكوراً أو أناثاً أو ذكوراً وإناثاً بمال اشتركوا فيه على السوية إلا أن تكون قرينة على التفضيل.

مسألة ١٤١٥ : إذا أوصى لأبنائه وبناته أو لأعمامه وعماته أو أخواله وخالاته أو أعمامه وأخواله أونحو ذلك كان الحكم في الجميع التسوية إلا أن تقوم القرينة على التفضيل فيكون العمل على القرينة.

٤٣١

فصل في الوصي

مسألة ١٤١٦ : يجوز للموصي أن يعين شخصاً لتنفيذ وصاياه ، ويقال له : ( الوصي ) كما مر ، ويشترط فيه أمور :

الأول : البلوغ على المشهور ، فلا تصح الوصاية إلى الصبي منفرداً إذا أراد منه التصرف في حال صباه مستقلاً ، ولكنه لا يخلو عن إشكال ، فلو أوصى إليه كذلك فالأحوط أن يكون تصرفه بإذن الحاكم الشرعي.

أما لو أراد أن يكون تصرفه بعد البلوغ أو مع إذن الولي ، فالأظهر صحة الوصية ، وتجوز الوصاية إليه منضماً إلى الكامل سواء أراد أن لا يتصرف الكامل إلا بعد بلوغ الصبي أم أراد أن يتصرف منفرداً قبل بلوغ الصبي ، لكن في الصورة الأولى إذا كان عليه تصرفات فورية كوفاء دين عليه ونحوه يتولى ذلك الحاكم الشرعي ، وفي الصورة الثانية إذا بلغ الصبي شارك الكامل من حينه وليس له الاعتراض فيما أمضاه الكامل سابقاً إلا ما كان على خلاف ما أوصى به الميت فيرده إليه.

الثاني : العقل فلا تصح الوصية إلى المجنون في حال جنونه سواء أكان مطبقاً أم أدوارياً ، وأذا أوصى إليه في حال العقل ثم جن فإن كان مطبقاً بطلت الوصاية إليه ، وإن كان أدوارياً لم تبطل على الأظهر ، فتنفذ تصرفاته حال إفاقته.

الثالث : الإسلام ، إذا كان الموصي مسلماً على الأحوط.

مسألة ١٤١٧ : الظاهر عدم اعتبار العدالة في الوصي بل يكفي الوثوق والاطمئنان بتنفيذه للوصية.

٤٣٢

هذا في أداء الحقوق الواجبة على الموصي وما يتعلق بالتصرف في مال الأيتام ونحو ذلك.

أما في غيره كما إذا أوصى إليه في أن يصرف ثلثه في الخيرات والقربات ففي اعتبار الوثوق به إشكال.

مسألة ١٤١٨ : إذا ارتد الوصي بطلت وصايته بناء على اعتبار الإسلام في الوصي ولا تعود إليه إذا أسلم إلا إذا نص الموصي على عودها.

مسألة ١٤١٩ : إذا أوصى إلى عادل ففسق فإن ظهر من القرينة التقييد بالعدالة بطلت الوصية ولا تعود بعود العدالة إلا إذا فهم من كلام الموصي ذلك ، وإن لم يظهر من القرينة التقييد بالعدالة لم تبطل ، وكذا الحكم إذا أوصى إلى الثقة.

مسألة ١٤٢٠ : تجوز الوصاية إلى المرأة والأعمى والوارث.

مسألة ١٤٢١ : إذا أوصى إلى صبي وبالغ فمات الصبي قبل بلوغه أو بلغ مجنوناً ففي جواز انفراد البالغ بالوصية قولان أحوطهما الرجوع إلى الحاكم الشرعي فيضم إليه آخر ، إلا إذا كانت هناك قرينة على إرادة الموصي انفراد البالغ بالوصاية في هذه الصورتين.

مسألة ١٤٢٢ : يجوز جعل الوصاية إلى اثنين أو أكثر على نحو الانضمام وعلى نحو الاستقلال.

فإن نص على الأول فليس لأحدهما الاستقلال بالتصرف لا في جميع ما أوصى به ولا في بعضه.

وإذا عرض لأحدهما ما يوجب سقوطه عن الوصاية من موت ونحوه فإن كان هناك قرينة على إرادة الموصي انفراد الآخر بالوصاية عندئذٍ فهو والا ضم الحاكم آخر إليه ، وإن عرض ذلك عليهما أقام الحاكم شخصين مكانهما ويكفي إقامة شخص واحد أيضاً إذا كان كافياً للقيام بشؤون الوصية ، وإن نص

٤٣٣

على الثاني جاز لكل منهما الاستقلال فأيهما سبق نفذ تصرفه ، وإن اقترنا في التصرف مع تنافي التصرفين بأن باع أحدهما على زيد والآخر على عمرو في زمان واحد بطلا معاً ولهما أن يقتسما الثلث بالسوية وبغير السوية.

وإذا سقط أحدهما عن الوصاية انفرد الآخر ولم يضم إليه الحاكم آخر.

وإذا أطلق الوصاية إليهما ولم ينص على الانضمام والاستقلال جرى عليه حكم الانضمام إلا إذا كانت قرينة على الاستقلال كما إذا قال : ( وصيي فلان وفلان فإذا ماتا كان الوصي فلاناً ) فإنه إذا مات أحدهما استقل الآخر ولم يحتج إلى أن يضم إليه الحاكم آخر ، وكذا الحكم في ولاية الوقف.

مسألة ١٤٢٣ : إذا قال : ( زيد وصيي فإن مات فعمرو وصيي ) صح ويكونان وصيين مترتبين ، وكذا يصح إذا قال : ( وصيي زيد فإن بلغ ولدي فهو الوصي ).

مسألة ١٤٢٤ : يجوز أن يوصي إلى وصيين أو أكثر ويجعل الوصاية إلى كل واحد في أمر بعينه ولا يشاركه فيه الآخر.

مسألة ١٤٢٥ : إذا أوصى إلى اثنين بشرط الانضمام فتشاحا ولم يجتمعا بحيث كان يؤدي ذلك إلى تعطيل العمل بالوصية فإن لم يكن السبب فيه وجود مانع شرعي لدى كل منهما عن اتباع نظر غيره أجبرهما الحاكم على الاجتماع ، وإن تعذر ذلك أو كان السبب فيه وجود المانع عنه لدى كليهما فالأظهر أن الحاكم يضم إلى أحدهما شخصاً آخر حسب ما يراه من المصلحة وينفذ تصرفهما.

مسألة ١٤٢٦ : إذا قال أوصيت بكذا وكذا وجعلت الوصي فلاناً إن استمر على طلب العلم مثلاً ، صح وكان فلان وصياً إذا استمر على طلب العلم فإن انصرف عنه بطلت وصايته وتولى تنفيذ وصيته الحاكم الشرعي.

مسألة ١٤٢٧ : إذا عجز الوصي عن تنفيذ الوصية لكبر ونحوه ـ ولو

٤٣٤

على جهة التوكيل أو الاستئجار ـ ضم إليه الحاكم من يساعده ، وأذا ظهرت منه الخيانة فإن كانت الوصية مقيدة بأمانته انعزل ونصب الحاكم آخر مكانه والا ضم إليه أميناً يمنعه عن الخيانة فإن لم يمكن ذلك عزله ونصب غيره.

مسألة ١٤٢٨ : إذا مات الوصي قبل تنجيز تمام ما أوصي إليه به نصب الحاكم الشرعي وصياً لتنفيذه.

وكذا إذا مات في حياة الموصي ولم يعلم هو بذلك أو علم ولم ينصب غيره ولم يكن ما يدل على عدوله عن أصل الوصية.

مسألة ١٤٢٩ : ليس للوصي أن يوصي إلى أحد في تنفيذ ما أوصي إليه به إلا أن يكون مأذوناً من الموصي في الإيصاء إلى غيره.

مسألة ١٤٣٠ : الوصي أمين لا يضمن ما في يده إلا بالتعدي أو التفريط ، ويكفي في الضمان حصول الخيانة في مورد بالإضافة إلى ضمان موردها ، أما الضمان بالنسبة إلى الموارد الأخر مما لم يتحقق فيها الخيانة ففيه إشكال بل الأظهر العدم.

مسألة ١٤٣١ : إذا خرج الوصي عن الوصاية لخيانة أو فسق أو نحوهما ضمن ما في يده من مال الوصاية إلا أن يدفعه إلى من يعود إليه أمر تنفيذها من شريكه في الوصية أو الحاكم الشرعي.

مسألة ١٤٣٢ : إذا عين الموصي للوصي عملاً خاصاً أوقدراً خاصاً أو كيفية خاصة وجب الاقتصار على ما عين ولم يجز له التعدي فإن تعدى كان خائناً ، وأذا أطلق له التصرف بأن قال له : ( أخرج ثلثي وإنفقه ) عمل بنظر نفسه ولابد له من ملاحظة مصلحة الميت فلا يجوز أن يتصرف كيف يشاء وإن لم يكن صلاحاً للميت أو كان غيره أصلح مع تيسر فعله على النحو المتعارف ، ويختلف ذلك باختلاف الأموات ، فربما يكون الأصلح أداء العبادات الاحتياطية عنه ، وربما يكون الأصلح أداء الحقوق المالية الاحتياطية ، وربما

٤٣٥

يكون الأصلح أداء حق بعينه احتياطي دون غيره أو أداء الصلاة عنه دون الصوم ، وربما يكون الأصلح فعل القربات والصدقات وكسوة العراة ومداواة المرضى ونحو ذلك.

هذا إذا لم يكن تعارف يكون قرينة على تعيين مصرف بعينه والا كان عليه العمل.

مسألة ١٤٣٣ : إذا قال أنت وصيي ولم يعين شيئاً وتردد بين أمور كثيرة كتجهيزه وصرف ثلثه وشؤون أخرى كان لغواً إلا إذا كان تعارف يكون قرينة على تعيين المراد كما يتعارف في كثير من بلدان العراق من أنهم يريدون به أنه وصي في إخراج الثلث وصرفه في مصلحة الموصي وأداء الحقوق التي عليه وأخذ الحقوق التي له ورد الأمانات والبضائع إلى أهلها وأخذها.

نعم في شموله للقيمومة على القاصرين من أولاده إشكال ، والأحوط أن لا يتصدى لأمورهم إلا بعد مراجعة الحاكم الشرعي وعدم نصب الحاكم الشرعي غيره إلا بإذن منه.

مسألة ١٤٣٤ : لا يجب على الوصي قبول الوصاية وله أن يردها في حياة الموصي بشرط أن يبلغه الرد ، بل الأحوط اعتبار تمكنه من الإيصاء إلى شخص آخر أيضاً ، فلو كان الرد بعد موت الموصي أو قبل موته ولكن الرد لم يبلغه حتى مات ، أو بلغه ولم يتمكن من الإيصاء إلى غيره لشدة المرض مثلاً لم يكن للرد أثر ، وكانت الوصاية لازمة ، نعم إذا كان العمل بالوصية حرجياً على الوصي جاز له ردها.

مسألة ١٤٣٥ : الرد السابق على الوصية لا أثر له ، فلو قال زيد لعمرو : ( لا أقبل أن توصي إليّ ) فأوصى عمرو إليه لزمته الوصية إلا أن يردها بعد ذلك ، على ما تقدم.

مسألة ١٤٣٦ : لو أوصى إلى أحد فرد الوصية فأوصى إليه ثانيا ولم

٤٣٦

يردها ثانياً لجهله بها ففي لزومها عليه إشكال بل الأظهر خلافه.

مسألة ١٤٣٧ : يجوز للوصي أن يوكل أمر تنفيذ الوصية ـ كلاً أو بعضاً ـ إلى غيره ممن يوثق به ما لم يكن غرض الموصي مباشرته له بشخصه ، كأن يوكل أمر العبادات التي أوصى بها إلى من له خبرة في الاستنابة في العبادات ويوكل أمر العمارات التي أوصى بها إلى من له خبرة فيها ويوكل أمر الكفارات التي أوصى بها إلى من له خبرة بالفقراء وكيفية القسمة عليهم وهكذا.

وربما يوكل الأمر في جميع ذلك إلى شخص واحد إذا كانت له خبرة في جميعها.

وقد لا يكون الموصي قد أوصى بأمور معينة بل أوصى بصرف ثلثه في مصالحه وأوكل تعيين المصرف كماً وكيفاً إلى نظر الوصي فيرى الوصي من هو أعرف منه في تعيين جهات الصرف وكيفيتها فيوكل الأمر إليه فدفع الثلث إليه بتمامه ويفوض إليه تعيين الجهات كماً وكيفاً كما يتعارف ذلك عند كثير من الأوصياء حيث يدفعون الثلث الموصى به إلى المجتهد الموثوق به عندهم ، فالوصاية إلى شخص ولاية في التصرف ولو بواسطة الإيكال إلى الغير.

فلا بأس أن يوكل الوصي أمر الوصية إلى غيره إلا أن تقوم القرينة على إرادة الموصي منه المباشرة ، فلا يجوز له حينئذٍ ذلك.

مسألة ١٤٣٨ : لا يجوز للوصي تفويض الوصاية إلى غيره بمعنى عزل نفسه عن الوصاية وجعلها له فيكون غيره وصياً عن الميت بجعل منه.

مسألة ١٤٣٩ : إذا بطلت وصاية الوصي لفوات شرطها نصب الحاكم الشرعي وصياً مكانه أو تولى تنفيذ الوصية بنفسه ، وكذا إذا أوصى ولم يعين وصياً أصلاً كما تقدم.

٤٣٧

مسألة ١٤٤٠ : إذا اشتبه مصرف المال الموصى به لنسيان أو غيره فإن كانت الشبهة غير محصورة فالأظهر جواز صرفه في وجه من وجوه البر ولكن الأحوط لزوماً أن لا يكون المصرف خارجاً عن أطراف الشبهة بل ولا يكون احتمال كونه مصرفاً أضعف من غيره ، وأما إذا كانت الشبهة محصورة فإن كانت أطرافها عناوين متصادقة في الجملة تعين صرف المال في المجمع ، وأما مع التباين الكلي بينها أو كون الموصى له مردداً بين أفراد فلا يبعد الرجوع إلى القرعة ، ويراعى في عدد السهام درجة الاحتمال ـ قوة وضعفاً ـ في جميع الأطراف ، نعم إذا كانت الوصية تمليكية مرددة بين أفراد فلابد من إعلامهم بالحال فإن رفض الجميع قبولها رجع ميراثاً ولا يبعد أن يكون الحال كذلك فيما إذا قبلها بعض دون بعض ، وأما إذا قبلها الجميع صار المال مردداً بينهم فإن تراضوا بصلح أو غيره فهو والا رجعوا إلى الحاكم الشرعي لفصل النزاع بينهم.

مسألة ١٤٤١ : يجوز للموصي أن يجعل ناظراً على الوصي ومشرفاً على عمله ، ووظيفته تابعة لجعل الموصي ، وهو على قسمين :

الأول : ـ ولعله الغالب ـ أن يجعل الناظر رقيبا على الوصي من جهة الاستيثاق على عمله بالوصية مطابقا لما أوصى به حتى أنه لو رأى منه خلاف ما قرره الموصي لاعترض عليه ، ومثل هذا الناظر لا يجب على الوصي استئذانه في تصرفاته ومتابعة رأيه ونظره فيها ، بل إنما يجب أن تكون أعماله باطلاعه وأشرافه فلو أوصى باستنابة من يصلي عنه فاستناب الوصي لها شخصاً واجداً للشرائط وأعلم الناظر بذلك فقد عمل بوظيفته وليس للناظر الاعتراض عليه ومطالبته باختيار غيره ما دام لا يقدح في صلاحية الأول للاستنابة ، وأما لو استناب الموصي شخصاً ولم يعلم الناظر به كان ذلك خيانة منه للوصية وتصرفاً غير مأذون فيه.

٤٣٨

الثاني : أن يجعل الناظر مشاوراً للوصي بحيث لا يعمل إلا بإذن منه وموافقته ، فالوصي وإن كان ولياً مستقلاً في التصرف والتنفيذ لكنه غير مستقل في الرأي والنظر فلا يمضى من أعماله إلا ما وافق نظر الناظر وكان بإذنه ، فلو استبد بالعمل على نظره من دون موافقة الناظر لم ينفذ تصرفه ، ففي المثال المتقدم لولم يوافق الناظر على من اختاره الوصي للنيابة عن الموصي في الصلاة لم تصح استنابته بل يتعين استنابة من يتوافقان عليه.

وفي كلا القسمين إذا خان الوصي لم يجب على الناظر ـ بما هو ناظر ـ مدافعته فلولم يدافع لم يكن ضامناً.

مسالة ١٤٤٢ : إذا مات الناظر لزم الوصي الرجوع إلى الحاكم الشرعي ليقيم شخصاً مكانه.

مسألة ١٤٤٣ : الوصية جائزة من طرف الموصي ، فله ما دام فيه الروح ـ مع الشرائط المتقدمة من العقل والاختيار وغيرهما ـ ان يرجع أن يرجع عن وصيته وتبديلها من أصلها أو من بعض جهاتها وكيفياتها ومتعلقاتها ، فله تبديل الموصى به كلاً أو بعضاً وتغير الوصي والموصى له وغير ذلك ، ولو رجع عن بعض الجهات يبقى غيرها بحالها ، فلو أوصى بصرف ثلثه في مصارف مخصوصة وجعل الوصاية لزيد ثم بعد ذلك عدل عن وصاية زيد وجعل الوصاية لعمرو تبقى أصل الوصية بحالها ، وكذلك إذا أوصى بصرف ثلثه في مصارف معينة على يد زيد ثم بعد ذلك عدل عن تلك المصارف وعين مصارف أخر وهكذا ، وكما له الرجوع في الوصية المتعلقة بالمال كذلك له الرجوع في الوصية بالولاية على القاصرين.

مسألة ١٤٤٤ : إذا أوصى إلى شخص ثم أوصى إلى آخر ولم يخبر الوصي الأول بالعدول عنه إلى غيره فمات فعمل الوصي الأول بالوصية ثم علم كانت الغرامة على الميت فتخرج من أصل التركة ثم يخرج الثلث

٤٣٩

للوصي الثاني.

هذا إذا لم يكن العدول عن الأول لسبب ظاهر لا يخفى على مثله عادة أما إذا كان لسبب كذلك كما إذا هاجر الوصي الأول إلى بلاد بعيدة أو حدثت بينه وبين الموصي عداوة ومقاطعة فعدل عنه كان ما صرفه الوصي الأول من مال نفسه.

مسألة ١٤٤٥ : يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول مثل أن يقول : ( رجعت عن وصيتي إلى زيد ) وبالفعل مثل أن يوصي بصرف ثلثه ثم يوصي بوقفه ومثل أن يوصي بوقف عين أو بصرفها ثم يبيعها أو يهبها مثلاً وكذا إذا أوكل غيره في بيعها مثلاً مع التفاته إلى وصيته.

مسألة ١٤٤٦ : لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية عدم مرور مدة طويلة عليها فإذا أوصى ثم مات ولو بعد مرور سنين وجب العمل بوصيته ، نعم يعتبر عدم الرجوع عنها ، وأذا شك في الرجوع بنى على عدمه ، هذا فيما إذا كانت الوصية مطلقة بأن كان مقصود الموصي وقوع مضمون الوصية والعمل بها بعد موته في أي زمان توفاه الله ، فلو كانت مقيدة بموته في سفر كذا أو عن مرض كذا مثلاً ولم يتفق موته في ذلك السفر أو عن ذلك المرض بطلت تلك الوصية وأحتاج إلى وصية جديدة.

مسألة ١٤٤٧ : إذا كان الداعي له على إنشاء الوصية خوف الموت في السفر الذي عزم عليه وجب العمل بوصيته وإن لم يمت في ذلك السفر ، ولأجل ذلك يجب العمل بوصايا الحجاج عند العزم على الحج ومثلهم زوار الإمام الرضا عليه‌السلام والمسافرون أسفاراً بعيدة ، فإن الظاهر أن هؤلاء وأمثالهم لم يقيدوا الوصية بالموت في ذلك السفر وإنما كان الداعي على الوصية خوف الموت في ذلك السفر فيجب العمل بوصاياهم ما لم يتحقق الرجوع عنها.

مسألة ١٤٤٨ : يجوز للوصي أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كانت له

٤٤٠