منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨٨

تعيين مكان التسليم كبلد القرض أو غيره ، ومع فقدها فإن وجدت قرينة صارفة عن بعض الأمكنة بالخصوص ـ ولو كانت هي لزوم الضرر والاحتياج إلى المؤنة في الحمل إليه ـ كان ذلك في حكم تعيين غيره ولو إجمالاً ، وحينئذٍ فالأحوط لهما التراضي وإن كان الأظهر وجوب الأداء على المقترض لو طالبه المقرض في أي مكان غيره ووجوب القبول على المقرض لو أداه المقترض في أي مكان كذلك.

مسألة ١٠٢٤ : يجوز أن يشترط في القرض إعطاء الرهن أو الضامن أو الكفيل ، وكل شرط سائغ لا يكون فيه النفع المالي للمقرض ولو كان مصلحة له.

مسألة ١٠٢٥ : إذا اقترض دنانير ذهبية مثلاً ثم أسقطتها الحكومة عن الاعتبار وجاءت بنقد آخر غيرها كانت عليه الدنانير الأولى ، ولو اقترض شيئاً من الأوراق النقدية المسماة بـ ( إسكناس ) ثم أسقط عن الاعتبار لم تفرغ ذمة المقترض بأدائه بل عليه قيمته قبل زمن الإسقاط.

مسألة ١٠٢٦ : إذا أخذ الربا في القرض وكان جاهلاً ـ سواء أكان جهله بالحكم أم بالموضوع ـ ثم علم بالحال فإن تاب حل له ما أخذه حال الجهل وعليه أن يتركه فيما بعد ، ولا فرق في ذلك بين كون الطرف الآخر عالماً بالحال وجاهلاً به.

مسألة ١٠٢٧ : إذا ورث مالاً فيه الربا ، فإن كان مخلوطاً بالمال الحلال فليس عليه شيء ، وإن كان معلوماً ومعروفاً وعرف صاحبه رده إليه وإن لم يعرف عامله معاملة المال المجهول مالكه.

٣٢١
٣٢٢

كتاب الرهن

٣٢٣
٣٢٤

الرهن هو : ( جعل وثيقة للتأمين على دين أو عين مضمونة ).

مسألة ١٠٢٨ : الرهن عقد مركب من إيجاب من الراهن وقبول من المرتهن ، ولا يعتبر فيهما اللفظ بل يتحققان بالفعل أيضاً ، فلو دفع المديون مالاً للدائن بقصد الرهن وأخذه الدائن بهذا القصد كفى.

مسألة ١٠٢٩ : يعتبر في الراهن والمرتهن البلوغ والعقل والقصد والاختيار وعدم كون الراهن سفيهاً ولا محجوراً عليه لفلس إلا إذا لم تكن العين المرهونة ملكاً له أولم تكن من أمواله التي حجر عليها.

مسألة ١٠٣٠ : يجوز لولي الطفل والمجنون رهن مالهما والارتهان لهما مع المصلحة والغبطة.

مسألة ١٠٣١ : لا يعتبر في صحة الرهن القبض على الأظهر وإن كان هو الأحوط ، نعم مقتضى إطلاقه كون العين المرهونة بيد المرتهن إلا أن يشترط في كونها بيد ثالث أو بيد الراهن ما لم يناف التأمين المقوم له.

مسألة ١٠٣٢ : يعتبر في المرهون أن يكون عيناً خارجية مملوكة يجوز بيعها وشراؤها فلا يصح رهن الدين قبل قبضه ولا المنفعة ولا الحر ولا الخمر والخنزير ولا الأرض الخراجية ولا الطير المملوك في الهواء إذا كان غير معتاد العود ولا الوقف ولو كان خاصاً إلا مع وجود أحد مسوغات بيعه.

مسألة ١٠٣٣ : يعتبر في العين المرهونة جواز تصرف الراهن فيها ولو بالرهن فقط ، فإذا رهن مملوك الغير فصحته موقوفة على إجازة المالك ، ولو ضمه إلى مملوكه فرهنهما لزم الرهن في ملكه وتوقف في الضميمة على إجازة مالكها.

٣٢٥

مسألة ١٠٣٤ : لو كان له غرس أو بناء في الأرض الخراجية صح رهن ما فيها مستقلاً ، وأما رهن أرضها ولو بعنوان التبعية ففي صحته إشكال بل منع.

مسألة ١٠٣٥ : لا يعتبر أن يكون الرهن ملكاً لمن عليه الدين ، فيجوز لشخص أن يرهن ماله على دين شخص آخر تبرعاً ولو من غير إذنه ، بل ولو مع نهيه ، وكذا يجوز للمديون أن يستعير شيئاً ليرهنه على دينه على ما تقدم في كتاب العارية ، ولو عين له المعير أن يرهنه على حق مخصوص من حيث القدر أو الحلول أو الأجل أو عند شخص معين لم يجز له مخالفته ، ولو أذن له في الرهن مطلقاً جاز له الجميع وتخير.

مسألة ١٠٣٦ : لو كان الرهن على الدين المؤجل وكان مما يسرع إليه الفساد قبل الأجل من دون أن يمكن دفعه عنه كتجفيف الثمر فإن شرط بيعه قبل أن يطرأ عليه الفساد وجعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين صح الرهن ويبيعه الراهن أو يوكل المرتهن في بيعه ، وإن امتنع أجبره الحاكم فإن تعذر باعه الحاكم أو وكيله ومع فقده باعه المرتهن فإذا بيع جعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين ، وأما لو شرط عدم البيع إلا بعد الأجل بطل الرهن وكذا لو أطلق ولم يشترط البيع ولا عدمه على الأقرب.

ولو رهن ما لا يتسارع إليه الفساد فعرض ما صيره عرضة للفساد كالحنطة تبتل ولم يمكن دفع الفساد عنه فالظاهر انفساخ الرهن أيضاً.

مسألة ١٠٣٧ : يعتبر في المرهون كونه معيناً ، فلا يصح رهن المبهم كأحد هذين ، نعم يصح رهن الكلي في المعين كصاع من صبرة وشاة من هذا القطيع ، كما أن الظاهر صحة رهن المجهول حتى من حيث الجنس والنوع إذا كان معلوماً من حيث القيمة والمالية بحد يتحقق معه التأمين المقوم للرهن.

مسألة ١٠٣٨ : يشترط فيما يرهن عليه أن يكون دينا ثابتا في الذمة

٣٢٦

لتحقق موجبه من اقتراض أو إسلاف مال أو شراء نسيئة أو استئجار عين بالذمة وغير ذلك حالاً كان الدين أو مؤجلاً ، فلا يصح الرهن على ما يقترض أو على ثمن ما يشتريه فيما بعد ، فلو رهن شيئاً على ما يقترض ثم اقترض لم يصر بذلك رهناً ، ولا على الدية قبل استقرارها بتحقق الموت وإن علم أن الجناية تؤدي إليه ، ولا على مال الجعالة قبل تمام العمل.

مسألة ١٠٣٩ : كما يصح في الإجارة أن يأخذ المؤجر الرهن على الأجرة التي في ذمة المستأجر ، كذلك يصح أن يأخذ المستأجر الرهن على العمل الثابت في ذمة الأجير.

مسألة ١٠٤٠ : يصح الرهن على الأعيان المضمونة كالمغصوبة والعارية المضمونة ونحوهما ، وأما عهدة الثمن أو المبيع أو الأجرة أو عوض الصلح وغيرها لو خرجت مستحقة للغير ففي صحة الرهن عليها إشكال.

مسألة ١٠٤١ : لو اشترى شيئاً بثمن في الذمة جاز جعل المبيع رهناً على الثمن.

مسألة ١٠٤٢ : لو رهن على دينه رهناً ثم استدان مالاً آخر من المرتهن جاز جعل ذلك الرهن رهناً على الثاني أيضاً ، وكان رهناً عليهما معاً ، سواء كان الثاني مساوياً للأول في الجنس والقدر أو مخالفاً ، وكذا له أن يجعله على دين ثالث ورابع إلى ما شاء ، وكذا إذا رهن شيئاً على دين جاز أن يرهن شيئاً آخر على ذلك الدين وكانا جميعاً رهناً عليه.

مسألة ١٠٤٣ : لو رهن شيئاً عند زيد ثم رهنه عند آخر أيضاً باتفاق من المرتهنين كان رهناً على الحقين إلا إذا قصدا بذلك فسخ الرهن الأول وكونه رهناً على خصوص الدين الثاني.

مسألة ١٠٤٤ : لو استدان اثنان من واحد كل منهما ديناً ثم رهنا عنده مالاً مشتركا بينهما ولو بعقد واحد ثم قضى أحدهما دينه انفكت حصته عن

٣٢٧

الرهانة وصارت طلقاً ، ولو كان الراهن واحداً والمرتهن متعدداً ـ بأن كان عليه دين لاثنين فرهن شيئاً عندهما بعقد واحد ـ فكل منهما مرتهن للنصف مع تساوي الدين ، ومع التفاوت فالظاهر التقسيط والتوزيع بنسبة حقهما ، فإن قضى دين أحدهما انفك عن الرهانة ما يقابل حقه.

هذا كله في التعدد ابتداءً ، وأما التعدد الطارئ فالظاهر أنه لا عبرة به ، فلو مات الراهن عن ولدين لم ينفك نصيب أحدهما بأداء حصته من الدين ، كما أنه لو مات المرتهن عن ولدين فأعطي أحدهما نصيبه من الدين لم ينفك بمقداره من الرهن.

مسألة ١٠٤٥ : توابع العين المرهونة كالحمل والصوف والشعر والوبر واللبن في الحيوان ، والثمرة والأوراق والأغصان اليابسة في الشجر لا تكون رهناً بتبع الأصل إلا إذا اشترط ذلك صريحاً أو كانت قرينة عليه من تعارف أو غيره ، بلا فرق في ذلك بين الموجود منها حين العقد والمتجدد منها بعده.

مسألة ١٠٤٦ : الرهن لازم من جهة الراهن جائز من طرف المرتهن فليس للراهن انتزاعه بدون رضاه إلا أن يسقط حقه من الارتهان أو ينفك الرهن بفراغ ذمة الراهن من الدين بالأداء أو غير ذلك ، ولو برئت ذمته من بعض الدين فالظاهر بقاء الجميع رهناً على ما بقي ، إلا إذا اشترطا التوزيع فينفك منه على مقدار ما برأ منه ويبقى رهناً على مقدار ما بقي ، أو شرطا كونه رهناً على المجموع من حيث المجموع فينفك الجميع بالبراءة عن بعض الدين.

مسألة ١٠٤٧ : يجوز لمالك العين المرهونة سواء أكان هو الراهن أم غيره أن يتصرف فيها بما لا ينافي حق الرهانة بأن لا يكون متلفاً لها أو موجباً للنقص في ماليتها أو مخرجاً لها عن ملكه ، فيجوز له الانتفاع من الدابة بركوبها ومن الكتاب بمطالعته ومن الدار بسكناها بل يجوز له أن يسكن غيره

٣٢٨

فيها ونحو ذلك ، وأما التصرف المتلف أو المنقص لماليتها كاستعمال ما تنقص قيمته بالاستعمال أو إيجار الدار على نحو تكون مسلوبة المنفعة على تقدير الحاجة إلى بيعها لاستيفاء الدين من ثمنها فغير جائز إلا بإذن المرتهن ، وكذلك التصرف الناقل فيها ببيع أو هبة أو نحوهما فإنه لا يجوز إلا بإذنه ، وإن وقع توقفت صحته على إجازته فإن أجاز بطل الرهن ، ولو أذن في بيعها على أن يجعل ثمنه مكانه في استيفاء الدين فلم يفعل بطل البيع إلا أن يجيزه.

مسألة ١٠٤٨ : لا يجوز للمرتهن التصرف في العين المرهونة بدون إذن مالكها ـ من الراهن أو غيره ـ فلو تصرف فيها بركوب أو سكنى أو نحوهما ضمن العين لو تلفت أو تعيبت تحت يده للتعدي ولزمه أجرة المثل لما استوفاه من المنفعة ، ولو كان ببيع ونحوه أو بإجارة ونحوها وقع فضولياً فإن أجازه المالك صح وإن لم يجز كان فاسداً.

مسألة ١٠٤٩ : لو باع المرتهن العين المرهونة قبل حلول الأجل بإذن مالكها ففي كون ثمنها كالأصل في استيفاء الدين منه إشكال بل منع ، وكذلك لو باعها فأجازه المالك.

مسألة ١٠٥٠ : منافع الرهن كالسكنى والخدمة وكذا نماءاته المنفصلة كالنتاج والثمر والصوف والشعر والوبر والمتصلة كالسمن والزيادة في الطول والعرض كلها لمالكه ـ سواء أكان هو الراهن أو غيره ـ دون المرتهن من غير فرق فيها بين ما كانت موجودة حال الارتهان وما وجدت بعده.

مسألة ١٠٥١ : لو شرط المرتهن في عقد الرهن استيفاء منافع العين في مدة الرهن مجاناً فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض أو في تأجيل أداء الدين صح ، وكذلك ما لو شرط استيفاءها بالأجرة مدة ، وأذا صح الشرط لزم العمل به إلى نهاية المدة وإن برئت ذمة الراهن من الدين.

مسألة ١٠٥٢ : لو رهن الأصل والثمرة أو الثمرة منفردة صح ، فلو كان

٣٢٩

الدين مؤجلاً وأدركت الثمرة قبل حلول الأجل ، فإن لم تكن في معرض الفساد إلى حينه فلا إشكال والا كان حكمها حكم ما يتسرع إليه الفساد قبل الأجل وقد تقدم في المسألة (١٠٣٦).

مسألة ١٠٥٣ : إذا حان زمان قضاء الدين وطالبه الدائن فلم يؤده جاز له بيع العين المرهونة وأستيفاء دينه إذا كان وكيلاً عن مالكها في البيع وأستيفاء دينه منه ، والا لزم استجازته فيهما ، فإن لم يتمكن من الوصول إليه استجاز الحاكم الشرعي على الأحوط ، وأذا امتنع من الإجازة رفع أمره إلى الحاكم ليلزمه بالوفاء أو البيع ، فإن تعذر على الحاكم إلزامه باعها عليه بنفسه أو بتوكيل الغير ولو كان هو المرتهن نفسه ، ومع فقد الحاكم أو عدم اقتداره على الإلزام بالبيع وعلى البيع عليه لعدم بسط اليد باعها المرتهن بنفسه مع الاستئذان من الحاكم الشرعي على الأحوط إن أمكن ، وعلى كل حال لو باعها وزاد الثمن على الدين كان الزائد عنده أمانة شرعية يوصله إلى صاحبه.

مسألة ١٠٥٤ : لو وفى بيع بعض الرهن بالدين اقتصر عليه وبقي الباقي أمانة عنده ، إلا إذا لم يمكن التبعيض ولو من جهة عدم الراغب أو كان فيه ضرر على المالك فيباع الكل.

مسألة ١٠٥٥ : إذا كان الرهن من مستثنيات الدين كدار سكناه ودابة ركوبه جاز للمرتهن بيعه وأستيفاء طلبه منه كسائر الرهون.

مسألة ١٠٥٦ : لو شرط في عقد الرهن وكالة المرتهن أو غيره في البيع لم ينعزل ما دام حياً.

مسألة ١٠٥٧ : لو رهن ماله وأوصى إلى المرتهن أن يبيع العين المرهونة ويستوفي حقه منها لزمت الوصية وليس للوارث إلزامه برد العين وأستيفاء دينه من مال آخر.

مسألة ١٠٥٨ : إذا لم يكن عند المرتهن بينة مقبولة لإثبات دينه وخاف

٣٣٠

أن يجحده الراهن لو اعترف بالرهن عند الحاكم فيؤخذ منه بموجب اعترافه ويطالب بالبينة على حقه جاز له بيع الرهن مع الاستئذان من الحاكم الشرعي على الأحوط ، وكذا لو مات الراهن وخاف المرتهن جحود الوارث.

مسألة ١٠٥٩ : المرتهن أحق بالعين المرهونة من باقي الغرماء إذا صار الراهن مفلساً أو مات وعليه ديون الناس ، ولو فضل من الدين شيء شاركهم في الفاضل ، ولو فضل من الرهن وله دين بغير رهن تساوى الغرماء فيه.

مسألة ١٠٦٠ : الرهن أمانة في يد المرتهن لا يضمنه لو تلف أو تعيب من دون تعد ولا تفريط ، نعم لو كان في يده مضموناً لكونه مغصوباً أو عارية مضمونة مثلا ثم ارتهن عنده لم يزل الضمان ، إلا إذا أذن له المالك في بقائه تحت يده فيرتفع الضمان على الأقوى ، وأذا انفك الدين بسبب الأداء أو الإبراء أو غير ذلك يبقى أمانة مالكية في يده على تفصيل تقدم في كتاب الوديعة.

مسألة ١٠٦١ : لا تبطل الرهانة بموت الراهن ولا بموت المرتهن فينتقل الرهن إلى ورثة الراهن مرهوناً على دين مورثهم وينتقل إلى ورثة المرتهن حق الرهانة ، فإن امتنع الراهن من استئمانهم كان له ذلك فإن اتفقوا على أمين والا سلمه الحاكم إلى من يرتضيه ، وإن فقد الحاكم فعدول المؤمنين.

مسألة ١٠٦٢ : إذا كانت العين المرهونة بيد المرتهن وقد ظهرت له أمارات الموت وجب عليه الاستيثاق من عدم ضياع حق مالكها ولو بالوصية بها وتعيين المرهون والراهن والاستشهاد على ذلك ، ولولم يفعل كان مفرطاً وعليه ضمانها.

مسألة ١٠٦٣ : لو كان عنده الرهن قبل موته ثم مات وعلم بعدم بقائه في تركته ولكن احتمل أنه قد رده إلى مالكه أو أنه باعه وأستوفى ثمنه أو أنه

٣٣١

تلف عنده بتقصير منه أو بغيره لم يحكم بكونه في ذمته بل يحكم بكون جميع تركته للورثة من دون حق لمالك الرهن فيها ، وهكذا الحال فيما لو احتمل بقاءه في تركته ولم يعلم ذلك لا تفصيلاً ولا إجمالاً فإنه لا يحكم ببقائه فيها مطلقاً على الأظهر.

مسألة ١٠٦٤ : لو اقترض من شخص ديناراً مثلاً برهن وديناراً آخر منه بلا رهن ثم دفع إليه دينارا بنية الأداء والوفاء. فإن نوى كونه عن ذي الرهن سقط وإنفك رهنه ، وإن نوى كونه عن الآخر سقط ولم ينفك الرهن ، وإن لم يقصد إلا أداء دينار من الدينارين من دون تعيين كونه عن ذي الرهن أو غيره حسب ما دفعه أداءً لغير ذي الرهن ويبقى ذو الرهن بتمامه لا ينفك رهنه إلا بأدائه.

مسألة ١٠٦٥ : تقدم أن المرتهن أمين لا يضمن من دون تعدٍ ولا تفريط ويضمن معه لمثله إن كان مثلياً والا فلقيمته يوم التلف ، والقول قوله مع يمينه في قيمته وعدم التعدي والتفريط وقول الراهن مع يمينه في قدر الدين ، بشرط عدم مخالتفهما للظاهر كما مر في نظائره.

مسألة ١٠٦٦ : إذا اختلفا فادعى المالك أن المال كان وديعة وأدعى القابض أنه كان رهناً ، فإن كان الدين ثابتاً فالقول قول القابض بيمينه والا فالقول قول المالك.

٣٣٢

كتاب الحجر

٣٣٣
٣٣٤

والمقصود به كون الشخص ممنوعا في الشرع عن التصرف في ماله بسبب من الأسباب ، وهي كثيرة أهمها أمور :

١ ـ الصغر :

مسألة ١٠٦٧ : الصغير وهو الذي لم يبلغ حد البلوغ محجور عليه شرعاً لا تنفذ تصرفاته الاستقلالية في أمواله ببيع وصلح وهبة وأقراض وأجارة وأيداع وأعارة وغيرها وإن كان في كمال التمييز والرشد وكان التصرف في غاية الغبطة والصلاح ، بل لا يجدي في الصحة إذن الولي سابقاً كما لا تجدي إجازته لاحقاً على المشهور ، ويستثنى من ذلك موارد ، منها : الأشياء اليسيرة التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز لمعاملتها كما تقدم في المسألة (٦٢) ، ومنها : وصيته لذوي أرحامه وفي الميراث والخيرات العامة كما سيأتي في المسألة (١٣٥٤).

مسألة ١٠٦٨ : كما أن الصبي محجور عليه بالنسبة إلى ماله كذلك محجور بالنسبة إلى ذمته ، فلا يصح منه الاقتراض ولا البيع والشراء في الذمة بالسلم والنسيئة وإن كان وقت الأداء مصادفاً لزمان البلوغ ، وكذلك بالنسبة إلى نفسه فلا ينفذ منه التزويج ولا الطلاق ـ على كلام في طلاق البالغ عشراً يأتي في محله ـ ولا إجارة نفسه ولا جعل نفسه عاملاً في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة وغير ذلك ، نعم يجوز حيازته المباحات بالاحتطاب والاحتشاش ونحوهما ويملكها بالنية ، بل وكذا يملك الجعل في الجعالة بعمله وإن لم يأذن له الولي فيهما.

٣٣٥

مسألة ١٠٦٩ : علامة البلوغ في الأنثى إكمال تسع سنين هلالية ، وفي الذكر أحد الأمور الثلاثة :

الأول : نبات الشعر الخشن على العانة ، ولا اعتبار بالزغب والشعر الضعيف.

الثاني : خروج المني ، سواء خرج يقظة أو نوماً بجماع أو احتلام أو غيرهما.

الثالث : إكمال خمس عشرة سنة هلالية على المشهور.

مسألة ١٠٧٠ : لا يبعد كون نبات الشعر الخشن في الخد وفي الشارب علامة للبلوغ ، وأما نباته في الصدر وتحت الإبط ، وكذا غلظة الصوت ونحوهما فليست أمارة عليه.

مسألة ١٠٧١ : لا يكفي البلوغ في زوال الحجر عن الصبي ، بل لابد معه من الرشد وعدم السفه بالمعنى الآتي.

مسألة ١٠٧٢ : ولاية التصرف في مال الطفل والنظر في مصالحه وشؤونه لأبيه وجده لأبيه ، ومع فقدهما للقيم من أحدهما ، وهو الذي أوصى أحدهما بأن يكون ناظراً في أمره ، ومع فقد الوصي تكون الولاية والنظر للحاكم الشرعي ، وأما الأم والجد للأم والأخ فضلاً عن الأعمام والأخوال فلا ولاية لهم عليه بحال ، نعم الظاهر ثبوتها لعدول المؤمنين مع فقد الحاكم ولسائر المؤمنين مع فقدهم.

مسألة ١٠٧٣ : لا تشترط العدالة في ولاية الأب والجد ، فلا ولاية للحاكم مع فسقهما ، لكن متى ظهر له ولو بقرائن الأحوال تعديهما على حقوق المولى عليه في نفسه أو ماله منعهما من التصرف ، ولا يجب عليه الفحص عن عملهما وتتبع سلوكهما.

مسألة ١٠٧٤ : الأب والجد مشتركان في الولاية ، فينفذ تصرف

٣٣٦

السابق منهما ويلغى تصرف اللاحق ، ولو اقترنا فالأقوى بطلانهما إلا في النكاح فيقدم عقد الجد.

مسألة ١٠٧٥ : لا فرق في الجد بين القريب والبعيد ، فلو كان له أب وجد وأب الجد وجد الجد اشتركوا كلهم في الولاية.

مسألة ١٠٧٦ : يعتبر في نفوذ تصرف الأب والجد عدم المفسدة فيه ، وأما غيرهما من الأولياء من الوصي والحاكم وعدول المؤمنين فنفوذ تصرفاتهم مشروط بالغبطة والصلاح كما تقدم في كتاب البيع.

مسألة ١٠٧٧ : يجوز للولي المضاربة بمال الطفل وأبضاعه بشرط وثاقة العامل وأمانته ، فإن دفعه إلى غيره ضمن.

مسألة ١٠٧٨ : يجوز للولي تسليم الصبي إلى أمين يعلمه الصنعة أو إلى من يعلمه القراءة والخط والحساب والعلوم النافعة لدينه ودنياه ، ويلزم عليه أن يصونه عما يفسد أخلاقه فضلاً عما يضر بعقائده.

مسألة ١٠٧٩ : يجوز لولي اليتيم إن يخلطه بعائلته ويحسبه كأحدهم فيوزع المصارف عليهم على الرؤوس ، ويختص هذا بالمصارف التي يتشارك فيها أفراد العائلة الواحدة عادة ولا يفرد لصنف منهم أو لكل واحد مصرفاً مستقلاً كالمأكل والمشرب وكذا المسكن وشؤونه المتعارفة ، وأما غيرها كالكسوة وما يشبهها فلابد من إفراده فيه ولا يحسب عليه إلا ما يصرف منه عليه مستقلاً ، وهكذا الحال في اليتامى المتعددين فيجوز لمن يتولى الإنفاق عليهم أن يخلطهم فيما هو من قبيل المأكول والمشروب ويوزع المصارف عليهم على الرؤوس دون غيره فإنه يحسب على كل واحد ما يصرف عليه مستقلاً.

مسألة ١٠٨٠ : إذا كان للصغير مال على غيره جاز للولي أن يصالحه عنه ببعضه مع المصلحة ، لكن لا يحل على المتصالح باقي المال وليس

٣٣٧

للولي إسقاطه بحال.

مسألة ١٠٨١ : ينفق الولي على الصبي بالاقتصاد لا بالإسراف ولا بالتقتير ملاحظاً في طعامه وكسائه وغيرهما ما يليق بشأنه.

مسألة ١٠٨٢ : لو ادعى الولي الإنفاق على الصبي أو على ماله أو دوابه بالمقدار اللائق وإنكر بعد البلوغ أصل الإنفاق أو مقداره وكيفيته فالقول قول الولي بيمينه ـ ما لم يكن مخالفاً للظاهر ـ إلا أن يكون مع الصبي البينة.

٢ ـ الجنون :

مسألة ١٠٨٣ : لا ينفذ تصرف المجنون إلا في أوقات إفاقته ، وحكمه حكم الصغير في جميع ما تقدم ، نعم في ولاية الأب والجد ووصيهما عليه إذا تجدد جنونه بعد بلوغه ورشده أو كونها للحاكم إشكال ، فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معاً.

٣ ـ السفه :

السفيه هو الذي ليس له حالة باعثة على حفظ ماله والاعتناء بحاله يصرفه في غير موقعه ويتلفه بغير محله ، وليس معاملاته مبنية على المكايسة والتحفظ عن المغابنة ، لا يبالي بالانخداع فيها ، يعرفه أهل العرف والعقلاء بوجدانهم إذا وجدوه خارجاً عن طورهم ومسلكهم بالنسبة إلى أمواله تحصيلاً وصرفاً.

مسألة ١٠٨٤ : السفيه محجور عليه شرعاً لا ينفذ تصرفاته في ماله ببيع وصلح وأجارة وأيداع وعارية وغيرها ، ولا يتوقف حجره على حكم الحاكم على الأقوى ، ولا فرق بين أن يكون سفهه متصلاً بزمان صغره أو تجدد بعد البلوغ ، فلو كان سفيهاً ثم حصل له الرشد ارتفع حجره ، فإن عاد إلى حالته السابقة حجر عليه ، ولو زالت فك حجره ، ولو عاد عاد الحجر عليه وهكذا ، ولا يزول الحجر مع فقد الرشد وإن طعن في السن.

٣٣٨

مسألة ١٠٨٥ : ولاية السفيه للأب والجد ووصيهما إذا بلغ سفيهاً ، وأما من طرأ عليه السفه بعد البلوغ ففي كون الولاية عليه للجد والأب أيضاً أو للحاكم خاصة إشكال فلا يترك الاحتياط بتوافقهما معاً.

مسألة ١٠٨٦ : كما أن السفيه محجور عليه في أمواله كذلك في ذمته ، بأن يتعهد مالاً أو عملاً ، فلا يصح اقتراضه وضمانه ولا بيعه وشراؤه بالذمة ولا إجارة نفسه ولا جعل نفسه عاملاً في المضاربة أو المزارعة أو المساقاة وغير ذلك.

مسألة ١٠٨٧ : معنى عدم نفوذ تصرفات السفيه عدم استقلاله ، فلو كان بإذن الولي أو إجازته صح ونفذ ، نعم في العتق ونحوه مما لا يجري فيه الفضولية يشكل صحته بالإجازة اللاحقة من الولي ، ولو أوقع معاملة في حال سفهه ثم حصل له الرشد فأجازها كانت كإجازة الولي.

مسألة ١٠٨٨ : لا يصح زواج السفيه بدون إذن الولي أو إجازته على الأحوط ، لكن يصح طلاقه وظهاره وخلعه ، كما تصح وصيته في غير أمواله كتجهيزه ونحوه ، ويقبل إقراره إذا لم يتعلق بالمال كما لو أقر بالنسب أو بما يوجب القصاص ونحو ذلك ، ولو أقر بالسرقة يقبل في القطع دون المال.

مسألة ١٠٨٩ : لو وكل السفيه أجنبي في بيع أو هبة أو إجارة مثلاً جاز ولو كان وكيلاً في أصل المعاملة لا في مجرد إجراء الصيغة.

مسألة ١٠٩٠ : إذا حلف السفيه أو نذر على فعل شيء أو تركه مما لا يتعلق بماله انعقد حلفه ونذره ، ولو حنث كفر كسائر ما أوجب الكفارة كقتل الخطأ والإفطار في شهر رمضان ، وهل يتعين عليه الصوم لو تمكن منه أو يتخير بينه وبين كفارة مالية كغيره؟ وجهان أحوطهما الأول ، نعم لولم يتمكن من الصوم تعين غيره ، كما إذا فعل ما يوجب الكفارة المالية على التعيين كما في كثير من كفارات الإحرام.

٣٣٩

مسألة ١٠٩١ : لو كان للسفيه حق القصاص جاز أن يعفو عنه بخلاف الدية وأرش الجناية.

مسألة ١٠٩٢ : إذا اطلع الولي على بيع أو شراء مثلاً من السفيه ولم ير المصلحة في إجازته ، فإن لم يقع إلا مجرد العقد ألغاه ، وإن وقع تسليم وتسلم للعوضين فما سلمه إلى الطرف الآخر يسترده ويحفظه ، وما تسلمه وكان موجوداً يرده إلى مالكه وإن كان تالفاً ضمنه السفيه ، فعليه مثله أو قيمته لو قبضه بغير إذن من مالكه وإن كان بإذن منه وتسليمه لم يضمنه إلا مع إتلافه إياه ، نعم يقوى الضمان في صورة التلف أيضاً لو كان المالك الذي سلمه الثمن أو المبيع جاهلا بحاله ، وكذا الحال فيما لو اقترض السفيه وأتلف المال.

مسألة ١٠٩٣ : لو أودع إنسان وديعة عند السفيه فأتلفها ضمنها على الأقوى ، سواء علم المودع بحاله أو جهل بها ، نعم لو تلفت عنده لم يضمنها حتى مع تقصيره في حفظها إذا كان المودع عالماً بحاله.

مسألة ١٠٩٤ : لا يسلم إلى السفيه ماله ما لم يحرز رشده ، وأذا اشتبه حاله يختبر بأن يفوض إليه مدة معتد بها بعض الأمور مما يناسب شأنه كالبيع والشراء والإجارة والاستئجار لمن يناسبه مثل هذه الأمور والرتق والفتق في بعض الأمور مثل مباشرة الإنفاق في مصالحه أو مصالح الولي ونحو ذلك فيمن يناسبه ذلك ، فإن أنس منه الرشد ـ بأن رأى منه المداقة والمكايسة والتحفظ عن المغابنة في معاملاته وصيانة المال من التضييع وصرفه في موضعه وجريه مجاري العقلاء ـ دفع إليه ماله والا فلا.

مسألة ١٠٩٥ : الصبي إذا احتمل حصول الرشد له قبل البلوغ فالأحوط اختباره قبله ليسلم إليه ماله بمجرد بلوغه لو أنس منه الرشد ، والا لزم في كل زمان احتمل فيه ذلك عند البلوغ أو بعده ، وأما غيره فإن ادعى حصول الرشد له وأحتمله الولي يجب اختباره ، وإن لم يدع حصوله ففي

٣٤٠