منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨٨

ولا فرق على الظاهر بين ما كان العيب مستقرا وبين ما كان مما يسري ويتزايد شيئاً فشيئاً حتى يتلف المال بالمرة كالبلة الحاصلة في الحنطة المؤدية إلى عفونتها وتلفها فإنه لا يضمن الغاصب في مثلها إلا أرش النقصان وتفاوت القيمة بين كونها مبلولة وغير مبلولة ، نعم لو كان حدوث العيب المذكور منتسباً إلى الغاصب ولو من جهة تعديه أو تفريطه ولم يكن المالك قادراً على المنع من تزايده ولا على بيع المال مثلاً للحصول على عوضه فتزايد العيب حتى تلف ضمن الغاصب تمام قيمته لا خصوص الأرش.

مسألة ٨٢٥ : لو كان المغصوب باقياً لكن نزلت قيمته السوقية رده ولم يضمن نقصان القيمة ما لم يكن ذلك بسبب نقصان في العين.

مسألة ٨٢٦ : لو تلف المغصوب أو ما بحكمه كالمقبوض بالعقد الفاسد قبل رده إلى المالك ضمنه بمثله إن كان مثلياً وبقيمته إن كان قيمياً ، والمراد بالمثلي ـ كما مر في كتاب البيع ـ ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات ، والقيمي ما لا يكون كذلك ، فالحبوبات من الحنطة والشعير والأرز والذرة والماش والعدس ونحوها من المثلي وكذلك الآلات والظروف والأقمشة والأدوية المعمولة في المصانع في هذه الأزمنة ، والجواهر الأصلية من الياقوت والزمرد ونحوهما وغالب أنواع الحيوان كالفرس والغنم والبقر من القيمي.

مسألة ٨٢٧ : المراد بضمان المثلي بمثله ما يكون موافقاً له في الصنف ولا يكفي الاتحاد في النوع ، وإنما يحصل التغاير بين الصنفين باختلافهما في بعض الصفات والخصوصيات التي تختلف باختلافها رغبات العقلاء دون الاختلاف الذي لا يكون كذلك فإنه لا ينظر إليه في هذا المقام.

مسألة ٨٢٨ : لو تعذر المثل في المثلي ضمن قيمته ، وإن تفاوتت

٢٦١

القيمة وزادت ونقصت بحسب الأزمنة بإن كان له حين الغصب قيمة وفي وقت تلف العين قيمة أخرى ويوم التعذر قيمة ثالثة واليوم الذي يدفع إلى المغصوب منه قيمة رابعة فالمدار على الأخير فيجب عليه دفع تلك القيمة ، فلو غصب طناً من الحنطة كانت قيمتها دينارين فأتلفها في زمان كانت الحنطة موجودة وكانت قيمتها ثلاثة دنانير ثم تعذرت وكانت قيمتها أربعة دنانير ثم مضى زمان وأراد أن يدفع القيمة من جهة تفريغ ذمته وكانت قيمة الحنطة في ذلك الزمان خمسة دنانير يجب عليه دفع هذه القيمة.

مسألة ٨٢٩ : يكفي في التعذر الذي يجب معه دفع القيمة فقدانه في البلد وما حوله مما ينقل منها إليه عادة.

مسألة ٨٣٠ : لو وجد المثل بأزيد من ثمن المثل وجب عليه الشراء ودفعه إلى المالك ، نعم إذا كانت الزيادة كثيرة بحيث عد المثل متعذراً عرفاً لم يجب.

مسألة ٨٣١ : لو وجد المثل ولكن تنزل قيمته لم يكن على الغاصب إلا إعطاؤه ، وليس للمالك مطالبته بالقيمة ولا بالتفاوت ، فلو غصب طناً من الحنطة في زمان كانت قيمتها عشرة دنانير وأتلفها ولم يدفع مثلها ـ قصوراً أو تقصيراً ـ إلى زمان قد تنزلت قيمتها وصارت خمسة دنانير لم يكن عليه إلا إعطاء طن من الحنطة ولم يكن للمالك مطالبة القيمة ولا مطالبة خمسة دنانير مع طن من الحنطة ، بل ليس له الامتناع من الأخذ فعلاً وإبقائها في ذمة الغاصب إلى أن تترقى القيمة إذا كان الغاصب يريد الأداء وتفريغ ذمته فعلاً.

مسألة ٨٣٢ : لو سقط المثل عن المالية بالمرة من جهة الزمان أو المكان فالظاهر أنه ليس للغاصب إلزام المالك بأخذ المثل ، ولا يكفي دفعه في ذلك الزمان أو المكان في ارتفاع الضمان لولم يرضى به المالك ، فلو غصب جمداً في الصيف وأتلفه وأراد أن يدفع إلى المالك مثله في الشتاء ،

٢٦٢

أو غصب قربة ماء في مفازة فأراد أن يدفع إليه قربة ماء عند النهر ليس له ذلك وللمالك الامتناع ، وحينئذ فإن تراضيا على الانتظار إلى زمان أو مكان يكون للمثل فيه قيمة فهو وإلا فللغاصب دفع قيمة المغصوب إلى المالك وليس للمالك الامتناع من قبولها ، وهل يراعى في القيمة زماناً ومكاناً وعاء الغصب أو التلف أو أدنى القيم وهو قيمته في الزمان أو المكان المتصل بسقوطه عن المالية؟ وجوه والأحوط التصالح.

مسألة ٨٣٣ : لو تلف المغصوب وكان قيمياً ضمن قيمته ـ كما تقدم ـ فإن لم تتفاوت قيمته في الزمان الذي غصبه مع قيمته في زمان تلفه وقيمته في زمان أداء القيمة ولا في أثناء ذلك فلا إشكال ، وإن تفاوتت بحسب اختلاف الأزمنة كأن كانت قيمته يوم الغصب أزيد أو أقل من قيمته يوم التلف أو كانت قيمته يوم التلف أزيد أو أقل من قيمته يوم الأداء كانت العبرة بقيمته في زمان التلف على الأظهر وإن كان الأحوط التراضي والتصالح فيما به التفاوت.

هذا إذا كان تفاوت القيمة السوقية لمجرد اختلاف الرغبات وقاعدة العرض والطلب ، وأما إذا كان بسبب تبدل بعض أوصاف المغصوب أو ما في حكمها بأن كان واجداً لوصف كمال أوجب زيادة قيمته حين الغصب وقد فقده حين التلف أو بالعكس كالسمن في الشاة واللون المرغوب فيه في القماش والفيروزج ونحو ذلك فلا إشكال في أن العبرة حينئذ بأعلى القيم وأحسن الأحوال.

ولولم تتفاوت قيمة زماني الغصب والتلف من هذه الجهة ولكن حصلت في المغصوب صفة يوجب الارتفاع بين الزمانين ثم زالت تلك الصفة ، فإن لم يكن ذلك بفعل الغاصب فالأقوى أنه كذلك أي يضمن قيمته حال الاتصاف بتلك الصفة كما لو كان الحيوان مريضاً ثم صار صحيحاً ثم عاد مرضه وتلف ، وأما إن كان بفعل الغاصب كما لو كان الحيوان هازلاً

٢٦٣

فأعلفه كثيراً وأحسن طعامه حتى سمن ثم عاد إلى الهزال وتلف فالأظهر أنه لا يضمن قيمته حال سمنه وإن كان هو الأحوط.

مسألة ٨٣٤ : إذا اختلفت القيمة السوقية باختلاف المكان ـ كما إذا كان المغصوب في مكان الغصب بعشرين وفي مكان التلف بعشرة أو بالعكس ـ فهل يلحق ذلك باختلاف الزمان فتكون العبرة بمكان التلف مطلقاً ، أو يلحق باختلاف الأوصاف فتكون العبرة بأعلى القيم؟ فيه وجهان والأوجه أولهما وإن كان لا ينبغي ترك الاحتياط.

مسألة ٨٣٥ : إذا تعذر عادة إرجاع المغصوب إلى مالكه فإن كان بحيث يعد تالفاً عرفاً أي يعد مالاً بلا مالك كما إذا انفلت الطائر الوحشي أو وقع السمك في البحر ونحو ذلك ترتبت عليه أحكام التلف فيجب على الغاصب دفع بدله إلى المالك مثلاً أو قيمة ، وأما لولم يعد كذلك فمع اليأس من الحصول عليه كالمسروق الذي ليس له علامة يجب على الغاصب إعطاء مثله أو قيمته ما دام كذلك ويسمى ذلك البدل : ( بدل الحيلولة ).

وهل يملكه المالك مع بقاء المغصوب في ملكه وإن كان للغاصب استرجاعه فيما إذا صادف أن تمكن من إرجاع المغصوب إليه ، أو أنه يملكه موقتاً وينتقل المغصوب إلى الغاصب موقتاً أيضاً ، أوإن الانتقال في كل منهما دائمي؟ وجوه أوجهها الثاني.

مسألة ٨٣٦ : لو كان للبدل نماء ومنافع في تلك المدة كان للمغصوب منه ، ولو كان للمبدل نماء أو منافع كان للغاصب ، نعم النماء المتصل كالسمن يتبع العين فمتى ما استرجعها صاحبها استرجعها بنمائها.

مسألة ٨٣٧ : القيمة التي يضمنها الغاصب في القيميات وفي المثليات عند تعذر المثل إنما تحتسب بالنقد الرائج من الذهب والفضة

٢٦٤

المسكوكين بسكة المعاملة وغيرهما من المسكوكات والأوراق النقدية المتداولة في العصور الأخيرة ، فهذا هو الذي يستحقه المغصوب منه كما هو كذلك في جميع الغرامات والضمانات فليس للضامن دفع غيره إلا بالتراضي بعد مراعاة قيمة ما يدفعه مقيساً إلى النقد الرائج.

وإذا اختلف النقد الرائج ـ بحسب اختلاف الأمكنة ـ كأن كان النقد الرائج في بلد التلف غيره في بلد الأداء فالعبرة بالنقد الرائج في بلد التلف على الأظهر ، وأما إذا اختلف بحسب اختلاف الأزمنة فإن كان الاختلاف في النوع بأن سقط النوع الرائج في زمن التلف وأبدل بغيره كان العبرة بالثاني وإن كان الاختلاف بحسب المالية بإن كان الرائج في يوم التلف أكثر مالية منه في يوم الأداء فالظاهر عدم كفاية احتساب قيمة التالف بما كانت تتقدر به في زمن التلف بل اللازم احتسابها بما تتقدر به في زمن الأداء ، ولو انعكس الأمر ففي كفاية احتساب قيمته في زمن الأداء بما يساويها مالية في زمن التلف أو لزوم احتسابها بنفس المقدار السابق إشكال ، والأحوط في مثله التصالح.

مسألة ٨٣٨ : الفلزات والمعادن المنطبعة كالحديد والرصاص والنحاس كلها مثلية حتى الذهب والفضة مضروبين أو غير مضروبين ، وحينئذ تضمن جميعها بالمثل ، وعند التعذر تضمن بالقيمة كسائر المثليات المتعذرة المثل ، نعم في خصوص الذهب والفضة تفصيل ، وهو أنه إذا قوم بغير الجنس ـ كما إذا قوم الذهب بالدرهم أو قوم الفضة بالدينار ـ فلا إشكال ، وأما إذا قوم بالجنس ـ بأن قوم الفضة بالدرهم وقوم الذهب بالدينار ـ فإن تساوى القيمة والمقوم وزناً كما إذا كانت الفضة المضمونة المقومة عشرة مثاقيل فقومت بثمانية دراهم وكان وزنها أيضاً عشرة مثاقيل فلا إشكال أيضاً ، وإن كان بينهما التفاوت ـ بأن كانت الفضة المقومة عشرة مثاقيل مثلاً وقد

٢٦٥

قومت بثمانية دراهم وزنها ثمانية مثاقيل ـ فيشكل دفعها غرامة عن الفضة لاحتمال كونه داخلاً في الربا فيحرم كما أفتى به جماعة ، فالأحوط أن يقوم بغير الجنس ، بأن يقوم الفضة بالدينار والذهب بالدرهم حتى يسلم من شبهة الربا.

مسألة ٨٣٩ : المصنوع من الفلزات والمعادن المنطبعة هل يعد مثلياً أو قيمياً أو أنه مثلي بحسب مادته وقيمي بحسب هيئته؟ الظاهر هو التفصيل بين الموارد فإن كانت الصنعة بمثابة من النفاسة والأهمية تكون هي ـ في الأساس ـ محط أنظار العقلاء ومورد رغباتهم كالمصنوعات الأثرية العتيقة جداً أو البديعة النادرة ، ففي مثل ذلك يعد المصنوع قيمياً ، فيقوم بمادته وهيئته ويدفع الغاصب قيمته السوقية ، وأما إن لم تكن كذلك فإن كان يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات ـ كالمصنوع بالآلات والمعامل المعمولة في هذه الأزمنة من الظروف والآلات ـ فهو مثلي مع صنعته يضمن بالمثل مع مراعاة صنفه ، وهكذا الحال فيما إذا لم تكن لهيئته مالية أصلاً وعد وجودها وعدمها سيّين فإنه يضمن بالمثل حينئذ.

وأما إذا لم يكن المصنوع من القسمين المذكورين فالظاهر أنه يعد بمادته مثلياً وبهيئته قيمياً كغالب أنواع الحلي والمصوغات الذهبية والفضية ، فلو غصب قرطاً ذهبياً كان وزنه مثقالين فتلف عنده أو أتلفه ضمن مثقالين من الذهب مع ما به التفاوت بين قيمته مصوغاً وقيمته غير مصوغ.

مسألة ٨٤٠ : لو غصب المصنوع وتلفت عنده الهيئة والصنعة دون المادة رد العين وعليه الأرش أيضاً ـ أي ما تتفاوت به قيمته قبل تلف الهيئة وبعده ـ لو كان للهيئة مالية ، ولو طلب الغاصب أن يعيد صناعته كما كان فراراً عن إعطاء الأرش لم يجب على المالك القبول؛ كما أن المالك ليس له

٢٦٦

إجبار الغاصب بإعادة الصنعة وإرجاع المغصوب إلى حالته الأولى.

مسألة ٨٤١ : لو كانت في المغصوب المثلي صنعة محرمة غير محترمة ـ كما في آلات القمار واللهو المحرم ـ لم يضمن الصنعة سواء أتلفها خاصة أو مع ذيها ، فيرد المادة لو بقيت ومثلها لو تلفت إلى المالك وليس عليه شيء لأجل الهيئة والصنعة.

مسألة ٨٤٢ : لو تعاقبت الأيادي الغاصبة على عين ثم تلفت ـ بإن غصبها شخص عن مالكها ثم غصبها من الغاصب شخص آخر ثم غصبها من الثاني شخص ثالث وهكذا ثم تلفت ـ ضمن الجميع ، فللمالك أن يرجع ببدل ماله من المثل أو القيمة إلى كل واحد منهم وإلى أكثر من واحد بالتوزيع متساوياً أو متفاوتاً ، حتى أنه لو كانوا عشرة مثلاً له أن يرجع إلى الجميع ويأخذ من كل منهم عشر ما يستحقه من البدل وله أن يأخذ من واحد منهم النصف والباقي من الباقين بالتوزيع متساوياً أو بالتفاوت.

هذا حكم المالك معهم ، وأما حكم بعضهم مع بعض : فأما الغاصب الأخير الذي تلف المال عنده فعليه قرار الضمان بمعنى أنه لو رجع عليه المالك وغرمه لم يرجع هو على غيره بما غرمه ، بخلاف غيره من الأيادي السابقة ، فإن المالك لو رجع إلى واحد منهم فله أن يرجع على الأخير الذي تلف المال عنده ، كما أن لكل منهم الرجوع على تاليه وهو على تاليه وهكذا إلى أن ينتهي إلى الأخير.

مسألة ٨٤٣ : لو اشترى شيئاً جاهلاً بالغصب رجع بالثمن على الغاصب وبما غرم للمالك عوضاً عما لا نفع له في مقابله أو كان له فيه نفع ، ولو كان عالماً فلا رجوع بشيء مما غرم للمالك.

مسألة ٨٤٤ : إذا تعيب المغصوب في يد الغاصب كان عليه أرش النقصان ، ولا فرق في ذلك بين الحيوان وغير الحيوان ، نعم قد اختص العبيد

٢٦٧

والإماء ببعض التفاصيل والأحكام مما لا يسع المقام بيانها.

مسألة ٨٤٥ : لو غصب شيئين تنقص قيمة كل واحد منهما منفرداً عن قيمته مجتمعاً مع الآخر كمصراعي الباب وفردي الحذاء فتلف أحدهما أو أتلفه ، فإن كان قيمياً أو مثلياً متعذراً ضمن قيمة التالف مجتمعاً ورد الباقي مع ما نقص من قيمته بسبب انفراده ، وإن كان مثلياً متوفراً دفع مثله مع رد الباقي ، فلو غصب حذاءً قيمياً كان قيمة فردية مجتمعين عشرة وكان قيمة كل منهما منفرداً ثلاثة فتلف أحدهما عنده ضمن التالف بقيمته مجتمعاً وهي خمسة ورد الآخر مع ما ورد عليه من النقص بسبب انفراده وهو اثنان ، فيعطي للمالك سبعة مع أحد الفردين ، ولو غصب أحدهما وتلف عنده ضمن التالف بقيمته مجتمعاً وهي خمسة في الفرض المذكور ، وهل يضمن النقص الوارد على الثاني وهو اثنان حتى تكون عليه سبعة أم لا؟ وجهان لا يخلو أولهما من رجحان.

مسألة ٨٤٦ : لو حصلت بفعل الغاصب زيادة في العين المغصوبة فهي على أقسام ثلاثة :

أحدها : أن تكون أثرا محضاً ، كتعليم الصنعة في العبد وخياطة الثوب بخيوط المالك وغزل القطن ونسج الغزل وطحن الحنطة وصياغة الفضة ونحو ذلك.

ثانيها : أن تكون عينية محضة ، كغرس الأشجار والبناء في الأرض البسيطة ونحو ذلك.

ثالثها : أن تكون أثراً مشوباً بالعينية ، كصبغ الثوب والباب.

مسألة ٨٤٧ : لو زاد في العين المغصوبة بما يكون أثراً محضاً ردها كما هي ولا شيء له لأجل تلك الزيادة ولا من جهة أجرة العمل ، وليس له إزالة الأثر وإعادة العين إلى ما كانت بدون إذن المالك ، حيث أنه تصرف في مال

٢٦٨

الغير بدون إذنه ، ولو أزاله بدون إذنه ففي ضمانه للأرش نظر سيما مع تكرر إيجاد الأثر وإزالته ، وللمالك إلزامه بإزالة الأثر وإعادة الحالة الأولى للعين إذا كان له غرض في ذلك ولا يضمن الغاصب حينئذ قيمة الصنعة ، نعم لو ورد نقص على العين ضمن أرش النقصان.

مسألة ٨٤٨ : لو غصب أرضاً فغرسها أو زرعها فالغرس والزرع ونماؤهما للغاصب ، وإذا لم يرض المالك ببقائها في الأرض مجاناً ولا بأجرة وجب عليه إزالتهما فورا وإن تضرر بذلك ، كما أن عليه أيضا طم الحفر وأجرة الأرض ما دامت مشغولة بهما ، ولو حدث نقص في قيمة الأرض بالزرع أو القلع وجب عليه أرش النقصان ، ولو بذل صاحب الأرض قيمة الغرس أو الزرع لم يجب على الغاصب إجابته ، وكذا لو بذل الغاصب أجرة الأرض أو قيمتها لم يجب على صاحب الأرض قبولها ، ولو حفر الغاصب في الأرض بئراً كان عليه طمها مع طلب المالك وليس له طمها مع عدم الطلب فضلاً عما لو منعه ، ولو بنى في الأرض المغصوبة بناءً فهو كما لو غرس فيها ، فيكون البناء للغاصب إن كانت أجزاؤه له وللمالك إلزامه بالقلع ، فحكمه حكم الغرس في جميع ما ذكر.

مسألة ٨٤٩ : لو غرس أو بنى في أرض غصبها وكان الغراس وأجزاء البناء لصاحب الأرض كان الكل له وليس للغاصب قلعها أو مطالبة الأجرة ، وللمالك إلزامه بالقلع والهدم إن كان له غرض في ذلك.

مسألة ٨٥٠ : لو غصب شيئاً وصبغه بصبغة فإن كان الباقي فيه من أثر الصبغ عرضاً لا جرم له عرفاً كما هو الغالب في صبغ الأثواب ونحوها لزمه رده كما هو ولا شيء له إزاء صبغه التالف بالاستعمال وليس له إزالة أثر الصبغ إلا برضا المالك كما إن عليه دفعه الأرش لو نقص قيمته بالصبغ ، وإن كان الباقي فيه مما له جرم عرفاً كالأصباغ الدهنية المتعارفة في طلي الأخشاب

٢٦٩

والحديد ونحوهما فإن أمكن إزالته كان له ذلك وليس للمالك منعه ، كما أن للمالك إلزامه بها ، ولو ورد نقص على المغصوب بسبب إزالة صبغه ضمنه الغاصب ، ولو طلب المالك أن يملكه الصبغ بعوض لم يجب عليه إجابته كالعكس بأن يطلب الغاصب منه أن يملكه المغصوب بقيمته. هذا إذا أمكن إزالة الصبغ وإن لم يمكن الإزالة أو تراضيا على بقائه فالظاهر اشتراكهما في مالية المغصوب بالنسبة ، فلو كان التفاوت بين قيمته مصبوغاً وقيمته غير مصبوغ بنسبة السدس كان اشتراكه مع المالك في ماليته بهذه النسبة.

هذا إذا زادت قيمة المغصوب بصبغة وإلا فلو نقصت بذلك ضمن الغاصب النقص ومع التساوي لا شيء للغاصب كما لا شيء عليه.

مسألة ٨٥١ : لو صبغ المغصوب من شخص بصبغ مغصوب من آخر فإن كان الباقي فيه عرضاً لا جرماً ضمن لمالك الصبغ بدله من المثل أو القيمة وإن كان الباقي جرماً فله مطالبته بالبدل فإن بذل له صار الصبغ ملكاً للغاصب فيجري عليه ما تقدم في المسألة السابقة ، وإن لم يطالب بالبدل واتفق مع مالك المصبوغ على بقاء الصبغ اشترك في ماليته بالنسبة وله أن يأخذ من الغاصب ما به التفاوت بين حصته منها وبين قيمة الصبغ قبل الاستعمال إن وجد ، هذا إذا زادت قيمة المغصوب بصبغه ولو نقصت ضمن الغاصب النقص كما يضمن بدل الصبغ لمالكه.

مسألة ٨٥٢ : لو مزج الغاصب المغصوب بغيره أو امتزجا في يده بغير اختيار وعد المزيج موجوداً واحداً لا خليطاً من موجودات متعددة فإن كان المزج بجنسه وكانا متماثلين ليس أحدهما أجود من الأخر ولا أردأ تشاركا في المجموع بنسبة ماليهما ، وليس على الغاصب غرامة بالمثل أو القيمة بل الذي عليه هو عدم التصرف فيه إلا برضا المغصوب منه والقبول بإفراز حصته منه وتسليمها إليه لو كان مطالباً بذلك كما هو الحال في سائر الأموال المشتركة.

٢٧٠

وإن مزج المغصوب بما هو أجود أو أردأ منه فللمغصوب منه أن يطالب الغاصب ببدل ماله وله أن يقبل بالمشاركة في الخليط بنسبة المالية ، فلو خلط لتراً من الزيت الرديء قيمته خمسة دنانير بلتر من الزيت الجيد قيمته عشرة دنانير وقبل المغصوب منه بالشركة كان للأول ثلث المجموع وللثاني ثلثاه.

هذا إذا مزج المغصوب بجنسه ، وأما إذا مزجه بغير جنسه فإن كان فيما يعد معه تالفاً كما إذا مزج ماء الورد المغصوب بالزيت ضمن البدل ، وإن لم يكن كذلك كما لو خلط دقيق الحنطة بدقيق الشعير أو خلط الخل بالعسل فالظاهر أنه بحكم الخلط بالأجود أو الاردأ من جنس واحد فيتخير المغصوب منه بين أخذ البدل وبين الرضا بالاشتراك في العين بنسبة المالية.

مسألة ٨٥٣ : لو خلط المغصوب بالأجود أو الأردأ واختار المغصوب منه المشاركة في المخلوط بنسبة المالية ولكن كان قيمة المخلوط أنقص من قيمة الخليطين منفردين فورد بذلك النقص المالي على المغصوب منه ضمن الغاصب هذا النقص ، كما لو غصب لتراً من الزيت الجيد قيمته عشرة دنانير وخلطه بلتر منه رديء قيمته خمسة دنانير وبسبب الاختلاط صار قيمة اللترين اثنى عشر ديناراً فصار حصة المغصوب منه بعد التقسيم ـ وهو الثلثان ـ يساوي ثمانية دنانير والحال أن زيته غير المخلوط كان يساوي عشرة دنانير فنقص منه اثنان فهذا النقص يغرمه الغاصب.

مسألة ٨٥٤ : ما يعد من فوائد المغصوب من الأعيان الخارجية كالولد واللبن والشعر والثمر ملك للمغصوب منه فيجب على الغاصب رده إليه ما دام باقياً ورد عوضه على تقدير تلفه ، وأما منافعه الأخرى كسكنى الدار وركوب الدابة فهي أيضاً مضمونة على الغاصب سواء المستوفاة منها والمفوتة ـ دون الفائتة كما مر ـ وكذا كل صفة حصلت في المغصوب لا بفعل

٢٧١

الغاصب وأوجبت زيادة قيمته ثم زالت ونقصت بزوالها قيمته فإنه يضمنها وإن رد العين كما كانت قبل الغصب على ما مر في المسألة (٨٣٣) ، ولو زادت القيمة بزيادة صفة ثم زالت تلك الصفة ثم عادت الصفة بعينها لم يضمن قيمة الزيادة التالفة إلا إذا نقصت الزيادة الثانية عن الأولى فيضمن التفاوت ، ولو زادت القيمة لنقص بعضه مما له مقدر كالجب فعلى الغاصب دية الجناية ، ولو تجددت فيه صفة لا قيمة لها ثم زالت لم يضمنها.

مسألة ٨٥٥ : لو حصلت فيه صفة لا بفعل الغاصب فزادت قيمته ثم زالت فنقصت ثم حصلت فيه صفة أخرى زادت بها قيمته لم يزل ضمان الزيادة الأولى ولم ينجبر نقصانها بالزيادة الثانية.

مسألة ٨٥٦ : لو غصب خمراً فصار خلاً كان للمغصوب منه لا الغاصب ولو غصب حباً فزرعه تخير المغصوب منه بين أخذ الزرع وبين المطالبة ببدل الحب ، ولو بذل له البدل كان الزرع للغاصب وهكذا الحال لو غصب بيضاً فاستفرخه أو غصب عصيراً فصار عنده خمراً ثم صار خلاً.

مسألة ٨٥٧ : لو غصب فحلاً فأنزاه على الأنثى فأولدها كان الولد لصاحب الأنثى وإن كان هو الغاصب وعليه أجرة الضراب.

مسألة ٨٥٨ : يضمن المسلم للذمي الخمر والخنزير بقيمتهما عندهم مع الاستتار وكذا يضمن للمسلم حق اختصاصه فيما إذا استولى عليهما لغرض صحيح كتصنيع الخمر خلاً أو استعمالها دواءً.

مسألة ٨٥٩ : جميع ما مر من الضمان وكيفيته وأحكامه وتفاصيله جارية في كل يد جارية على مال الغير بغير حق وإن لم تكن عادية وغاصبة وظالمة ، إلا في موارد الأمانات مالكية كانت أو شرعية كما تقدم تفصيل ذلك في كتاب الوديعة ، فتجري في جميع ما يقبض بالمعاملات المعاوضية الفاسدة

٢٧٢

وما هي بحكمها ، وما وضع اليد عليه بسبب الجهل والاشتباه كما إذا لبس حذاء غيره أو ثوبه اشتباهاً أو أخذ شيئاً من سارق عارية باعتقاد أنه ماله وغير ذلك مما لا يحصى.

مسألة ٨٦٠ : كما أن اليد الغاصبة وما يلحق بها موجبة للضمان ـ وهو المسمى بـ ( ضمان اليد ) وقد تقدم تفصيله في المسائل المتقدمة ـ كذلك للضمان سببان آخران هما الإتلاف والتسبيب ، وبعبارة أخرى له سبب آخر وهو الإتلاف سواءً كان بالمباشرة أو السبب من غير فرق بين أن يكون المتلف عيناً خارجية أو صفة كمالية.

مسألة ٨٦١ : الإتلاف بالمباشرة واضح لا يخفى مصاديقه كما إذا ذبح حيواناً أو رماه بسهم فقتله أو ضرب على إناء فكسره أو رمى شيئاً في النار فأحرقه وغير ذلك مما لا يحصى ، وأما الإتلاف بالتسبيب فهو إيجاد شيء يترتب عليه الإتلاف ، كما لو حفر بئراً في المعابر فوقع فيها إنسان أو حيوان أو طرح المعاثر والمزالق كقشر البطيخ والموز في المسالك أو أوتد وتداً في الطريق فأصاب به عطب أو جناية على حيوان أو إنسان أو وضع شيئا على الطريق فتمر به الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره أو ألقى صبياً أو حيواناً يضعف عن الفرار في مسبعة فقتله السبع ، ومن ذلك ما لو فك القيد عن الدابة فشردت أو فتح قفصاً على طائر فطار مبادراً أو بعد مكث وغير ذلك ، ففي جميع ذلك يكون فاعل السبب ضامناً ويكون عليه غرامة التالف وبدله إن كان مثلياً فبالمثل وإن كان قيمياً فبالقيمة ، وإن صار سبباً لتعيب المال كان عليه الأرش كما مر في ضمان اليد.

مسألة ٨٦٢ : لو غصب شاة ذات ولد فمات ولدها جوعاً أو حبس مالك الماشية أو راعيها عن حراستها فاتفق تلفها لم يضمن بسبب التسبيب إلا إذا انحصر غذاء الولد بارتضاع من أمه وكانت الماشية في محال السباع ومظان

٢٧٣

الخطر واحتاج حفظها إلى حراسة المحبوس فعليه الضمان على الأقرب.

مسألة ٨٦٣ : لو فك وكاء ظرف فيه مائع فسال ما فيه كان ضامناً له وأما لو فتح رأس الظرف ثم اتفق أنه قلبته الريح الحادثة أو انقلب بوقوع طائر عليه مثلاً فسال ما فيه ففي الضمان إشكال ، نعم يقوى الضمان فيما كان ذلك في حال هبوب الرياح العاصفة أو في مجتمع الطيور ومظان وقوعها عليه.

مسألة ٨٦٤ : لو فتح باباً على مال فسرق أو دل سارقاً عليه فسرقه ضمنه فيما إذا كان التلف مستنداً إليه عرفاً كما لا يبعد كونه كذلك في بعض الموارد.

مسألة ٨٦٥ : إذا انهار الجدار فوقع على الجار أو على الطريق العام فأصاب إنساناً أو حيواناً أو غيرهما فصاحب الجدار ضامن إذا كان الجدار في معرض الانهيار وعلم بالحال فلم يصلحه ولم يهدمه وتركه حتى انهدم فأصاب عيناً فأتلفها ولكن ضمانه مشروط بجهل التالف بالحال إن كان إنساناً وبجهل مالكه إن كان من الأموال ، فلو وقف شخص تحت الجدار المشرف على الانهيار أو ربط حيوانه هناك مع علمه بالحال فانهدم الجدار فتلف الإنسان أو الحيوان لم يكن على صاحب الجدار ضمان.

مسألة ٨٦٦ : لو وضع كوزا مثلا على حائطه وكان في معرض السقوط فسقط فتلف به مال أو نفس ضمن ، وإن لم يكن كذلك وسقط اتفاقاً لعارض لم يضمن.

مسألة ٨٦٧ : لو أشعل ناراً في ملكه من شأنها السراية إلى ملك غيره فسرت إليه ضمنه ، وإذا لم يكن من شأنها السراية فاتفقت السراية لعصف الرياح بغتة أو لنحو ذلك لم يضمن.

مسألة ٨٦٨ : إذا أرسل الماء في ملكه فتعدى إلى ملك غيره فأضر به ضمنه إذا كان في معرض التعدي إليه وإلا لم يضمنه.

٢٧٤

مسألة ٨٦٩ : لو تعب حمال الخشبة فأسندها إلى جدار الغير ليستريح بدون إذن صاحب الجدار فوقع بإسنادها إليه ضمنه وضمن ما تلف بوقوعه عليه ، ولو وقعت الخشبة فأتلفت شيئاً ضمنه إذا كان قد أسندها على وجه تكون في معرض الوقوع وإلا فلا ضمان عليه.

مسألة ٨٧٠ : لو فتح قفصاً على طائر فخرج وكسر بخروجه قارورة شخص مثلاً ضمنها الفاتح وكذا لو كان القفص ضيقاً مثلاً فاضطرب بخروجه فسقطت وانكسرت ضمنها.

مسألة ٨٧١ : إذا أكلت دابة شخص زرع غيره أو أفسدته فإن كان معها صاحبها راكباً أو سائقاً أو قائداً أو مصاحباً ضمن ما أتلفته ، وإن لم يكن معها ـ كأن انفلتت من مراحها مثلاً فدخلت زرع غيره ـ لم يضمن ما أتلفته إذا كان ذلك في الوقت الذي يكون فيه حفظ الزرع على صاحبه كالنهار ـ على ما جرت العادة به ـ وأما إذا كان في غير ذلك الوقت فهو ضامن لما أتلفته.

مسألة ٨٧٢ : كل حيوان جنى على غيره من إنسان أو حيوان أو غيرهما ضمن صاحبه جنايته إذا كان بتقصير منه أما بترك ربطه أو بحله من الرباط إذا كان الحيوان من شأنه أن يربط وقت الجناية للتحفظ منه.

مسألة ٨٧٣ : لو كانت الشاة أو غيرها في يد الراعي أو الدابة في يد المستعير أو المستأجر فأتلفتا زرعاً أو غيره كان الضمان على الراعي والمستأجر والمستعير لا على المالك والمعير.

مسألة ٨٧٤ : لو اجتمع سببان للإتلاف بفعل شخصين اشتركا في الضمان سواء أكان أحدهما أسبق في التأثير أم لا على الأظهر ، فلو حفر شخص بئراً في الطريق ووضع شخص آخر حجراً بقربها فعثر به إنسان أو حيوان فوقع في البئر كان الضمان على واضع الحجر وحافر البئر معاً.

مسألة ٨٧٥ : لو اجتمع السبب مع المباشر كان الضمان على المباشر

٢٧٥

دون فاعل السبب ، فلو حفر شخص بئراً في الطريق فدفع غيره فيها إنساناً أو حيواناً كان الضمان على الدافع دون الحافر ، نعم لو كان السبب أقوى من المباشر كان الضمان عليه لا على المباشر ، فلو وضع قارورة تحت رجل شخص نائم فمد رجله وكسرها كان الضمان على الواضع دون النائم.

مسألة ٨٧٦ : لو أكره على إتلاف مال غيره وساغ له الإتلاف لأجله كان الضمان على من أكرهه وليس عليه ضمان ، هذا إذا لم يكن المال مضموناً في يده ، بإن أكرهه على إتلاف ما ليس تحت يده أو على إتلاف الوديعة التي عنده مثلاً ، وأما إذا كان المال مضموناً في يده ـ كما إذا غصب مالاً فأكرهه شخص على إتلافه ـ فالظاهر ضمان كليهما ، فللمالك الرجوع على أيهما شاء ، فإن رجع على المكره ـ بالكسر ـ لم يرجع على المكره ـ بالفتح ـ بخلاف العكس ، هذا إذا أكره على إتلاف المال ، وأما لو أكره على قتل أحد معصوم الدم فقتله فالضمان على القاتل من دون رجوع على المكره ـ بالكسر ـ وإن كان عليه عقوبة ، فإنه لا إكراه في الدماء.

مسألة ٨٧٧ : لو غصب مأكولاً مثلاً فأطعمه المالك مع جهله بأنه ماله ـ بأن قال له هذا ملكي وطعامي أوقدمه إليه ضيافة مثلاً ـ أو غصب شاة واستدعى من المالك ذبحها فذبحها مع جهله بأنها شاته ضمن الغاصب وإن كان المالك هو المباشر للإتلاف ، نعم لو دخل المالك دار الغاصب مثلاً ورأى طعاماً فأكله على اعتقاد أنه طعام الغاصب فكان طعام الآكل فالظاهر عدم ضمان الغاصب وقد برئ عن ضمان الطعام.

مسألة ٨٧٨ : لو غصب طعاماً من شخص وأطعمه غير المالك على أنه ماله مع جهل الآكل بأنه مال غيره ـ كما إذا قدمه إليه بعنوان الضيافة مثلاً ـ ضمن كلاهما ، فللمالك أن يغرم أيهما شاء ، فإن أغرم الغاصب لم يرجع على الآكل وإن أغرم الآكل رجع على الغاصب.

٢٧٦

مسألة ٨٧٩ : إذا سعى إلى الظالم على أحد أو اشتكى عليه عنده بحق أو بغير حق فأخذ الظالم منه مالاً بغير حق لم يضمن الساعي والمشتكي ما خسره وإن أثم بسبب سعايته أو شكايته إذا كانت بغير حق وإنما الضمان على من أخذ المال.

مسألة ٨٨٠ : ضمان الإنسان يتعلق بذمته في ماله لا على عاقلته ، نعم يجب على العاقلة في القتل الخطأ المحض وما بحكمه تحمل الدية عن الجاني على تفصيل مذكور في محله.

مسألة ٨٨١ : يجوز لمالك العين المغصوبة انتزاعها من الغاصب ولو قهراً ، وإذا انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك ولا يجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه في سبيل أخذ الحق.

مسألة ٨٨٢ : إذا كان له دين على آخر وامتنع من أدائه فصرف مالا في سبيل تحصيله لا يجوز له أن يأخذه من المدين إلا إذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة لازمة.

مسألة ٨٨٣ : إذا وقع في يده مال الغاصب جاز أخذه مقاصة ولا يتوقف على إذن الحاكم الشرعي ، كما لا يتوقف ذلك على تعذر الاستيفاء بواسطة الحاكم الشرعي أو غيره.

مسألة ٨٨٤ : لا فرق في مال الغاصب المأخوذ مقاصة بين أن يكون من جنس المغصوب وغيره كما لا فرق بين أن يكون وديعة عنده وغيره.

مسألة ٨٨٥ : إذا كان مال الغاصب أكثر قيمة من ماله أخذ منه حصة تساوي ماله وكان بها استيفاء حقه ، ولا يبعد جواز بيعه أجمع ـ ولو على نفسه ـ واستيفاء حقه من الثمن ، والأحوط لزوماً أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي ويرد الباقي من الثمن إلى الغاصب.

مسألة ٨٨٦ : إذا حلف الغاصب على عدم الغصب فإن كان عن تبرع

٢٧٧

لم يسقط حق المغصوب منه في المقاصة من أمواله ، وإن كان عن استحلاف منه ففيه قولان : أظهرهما عدم السقوط أيضاً ، نعم يسقط فيما لو استحلفه الحاكم الشرعي وحكم له بعد حلفه.

مسألة ٨٨٧ : إذا تلف المغصوب وتنازع المالك والغاصب في القيمة ولم يكن بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه وكذا لو تنازعا في صفة تزيد بها الثمن بأن ادعى المالك وجود تلك الصفة فيه يوم غصبه أو حدوثها بعده لا بفعل الغاصب وإن زالت فيما بعد ، وأنكره الغاصب ولم يكن بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه.

مسألة ٨٨٨ : إذا كان على الدابة المغصوبة رحل أو علق بها حبل واختلفا فيما عليها فقال المغصوب منه هو لي وقال الغاصب هو لي ولم يكن بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه.

مسألة ٨٨٩ : تقدم قول الغاصب بيمينه في الموارد المتقدمة مشروط بعدم كونه مخالفاً للظاهر وإلا قدم قول المغصوب منه بيمينه إذا لم يكن كذلك على ما مر في نظائرها.

٢٧٨

كتاب إحياء الموات

٢٧٩
٢٨٠