منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨٨

كان صادقا والا حرم ، والبيع في المكان المظلم الذي يستتر فيه العيب ، بل كل ما كان كذلك ، والربح على المؤمن زائدا على مقدار الحاجة ، وعلى الموعود بالإحسان ، والسوم ما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس ، وإن يدخل السوق قبل غيره والمعاملة مع من لم ينشأ في الخير والمحارفين ، وطلب تنقيص الثمن بعد العقد ، والزيادة وقت النداء لطلب الزيادة أما الزيادة بعد سكوت المنادي فلا بأس بها ، والتعرض للكيل أو الوزن أو العد أو المساحة إذا لم يحسنه حذرا من الخطأ ، والدخول في سوم المؤمن ، بل الأحوط استحباباً تركه. والمراد به الزيادة في الثمن الذي بذله المشتري ، أو بذل مبيع له غير ما بذله البائع ، مع رجاء تمامية المعاملة بينهما ، فلو انصرف أحدهما عنها أو علم بعدم تماميتها بينهما فلا كراهة ، وكذا لو كان البيع مبنيا على المزايدة ، وإن يتوكل بعض أهل البلد لمن هو غريب عنها بل الأحوط استحبابا تركه ، وتلقي الركبان الذين يجلبون السلعة وحده إلى ما دون أربعة فراسخ ، فلو بلغ أربعة فراسخ فلا كراهة ، وكذا لو اتفق ذلك بلا قصد. والظاهر عموم الحكم لغير البيع من المعاملة ، كالصلح والإجارة ونحوهما.

مسألة ٥٠ : الاحتكار وهو حبس السلعة والامتناع من بيعها ـ حرام إذا كان لانتظار زيادة القيمة مع حاجة المسلمين ومن يلحق بهم من سائر النفوس المحترمة إليها ، وليس منه حبس السلعة في زمان الغلاء إذا أراد استعمالها في حوائجه وحوائج متعلقيه أو لحفظ النفوس المحترمة عند الاضطرار ، والظاهر اختصاص الحكم بالطعام ، والمراد به هنا القوت الغالب لأهل البلد ، وهذا يختلف باختلاف البلدان ، ويشمل الحكم ما يتوقف عليه تهيئته كالوقود والات الطبخ أو ما يعد من مقوماته كالملح والسمن ونحوهما ، والضابط هو حبس ما يترتب عليه ترك الناس وليس لهم طعام. والأحوط استحبابا ترك الاحتكار في مطلق ما يحتاج إليه كالملابس والمساكن

٢١

والمراكب والأدوية ونحوها ، ويجب النهي عن الاحتكار المحرم بالشروط المقررة للنهي عن المنكر ، وليس للناهي تحديد السعر للمحتكر ، نعم لو كان السعر الذي اختاره مجحفا بالعامة ألزم على الأقل الذي لا يكون مجحفا.

٢٢

الفصل الأول

شروط العقد

البيع هو : نقل المال إلى الغير بعوض ، والمقصود بالعوض هو المال الذي يجعل بدلا وخلفا عن الآخر ، والغالب فيه في هذه الأزمنة أن يكون من النقود ، فالبيع متقوم بقصد العوضية والمعوضية ، وباذل المعوض هو البائع وباذل العوض هو المشتري ، ومن ذلك يتضح معنى الشراء ، وأما المعاوضة بين المالين من دون قصد العوضية والمعوضية فهي معاملة مستقلة صحيحة ولازمة سواء أكانا من الأمتعة أم من النقود ولا تترتب عليها الأحكام المختصة بالبيع كخياري المجلس والحيوان دون ما يشمل مطلق المعاوضات كحرمة الربا.

مسألة ٥١ : يعتبر في البيع الإيجاب والقبول ، ويقع بكل لفظ دال على المقصود ، وإن لم يكن صريحا فيه مثل : بعت وملكت ، وبادلت ونحوها في الإيجاب ، ومثل : قبلت ورضيت وتملكت وأشتريت ونحوها في القبول ، ولا تشترط فيه العربية ، كما لا يقدح فيه اللحن في المادة أو الهيئة إذا لم يمنع من ظهوره في المعنى المقصود عند أبناء المحاورة ، ويجوز إنشاء الإيجاب بمثل : اشتريت ، وأبتعت ، وتملكت وإنشاء القبول بمثل : شريت وبعت وملكت.

مسألة ٥٢ : إذا قال : بعني فرسك بهذا الدينار ، فقال المخاطب : بعتك فرسي بهذا الدينار فالأظهر صحته وترتب الأثر عليه بلا حاجة إلى ضم القبول من الآمر إذا كان المتفاهم منه عرفا إعطاء السلطنة للمخاطب في نقل الدينار إلى نفسه ونقل فرسه إليه ، والظاهر أن الأمر كذلك ، ومثله ما إذا كان

٢٣

لشخص واحد حق التصرف في المالين بأن كان ـ مثلا ـ وليا على المالكين أو وكيلا عنهما.

مسألة ٥٣ : يعتبر في تحقق العقد الموالاة بين الإيجاب والقبول فلو قال البائع : بعت ، فلم يبادر المشتري إلى القبول حتى انصرف البائع عن البيع لم يتحقق العقد ، ولم يترتب عليه الأثر ، أما إذا لم ينصرف وكان ينتظر القبول ، حتى قبل صح ، كما أنه لا تعتبر وحدة المجلس فلو تعاقدا بالتليفون فأوقع أحدهما الإيجاب وقبل الآخر صح. أما المعاملة بالمكاتبة ففيها إشكال ، والأظهر الصحة ، إن لم ينصرف البائع عن بيعه حتى قبل المشتري.

مسألة ٥٤ : الظاهر اعتبار التطابق بين الإيجاب والقبول في الثمن والمثمن ، وفي سائر حدود البيع والعوضين ـ ولو بلحاظ من تضاف إليه الذمة فيما إذا كان أحد العوضين ذميا ـ فلو قال : بعتك هذا الكتاب بدينار بشرط أن تخيط قميصي ، فقال المشتري : اشتريت هذا الدفتر بدينار أوهذا الكتاب بدرهم أو بشرط أن أخيط عباءتك أو بلا شرط شيء أو بشرط أن تخيط ثوبي أو اشتريت نصفه بنصف درهم ، أو قال : بعتك هذا الكتاب بدينار في ذمتك فقال : اشتريته بدينار لي في ذمة زيد لم يصح العقد ، وكذا في نحو ذلك من أنحاء الاختلاف ، ولو قال : بعتك هذا الكتاب بدينار فقال : اشتريت كل نصف منه بنصف دينار ففي الصحة إشكال ، وكذا إذا كان إنشاء أحد الطرفين مشروطا بشيء على نفسه وإنشاء الآخر مطلقا كما إذا قال : بعتك هذا الكتاب بدينار فقال : اشتريته بشرط أن أخيط لك ثوبا ، أو قال : بعتك هذا الكتاب بدينار بشرط أن أخيط ثوبك فقال : قبلت بلا شرط فإنه لا ينعقد مشروطا بلا إشكال وفي انعقاده مطلقا وبلا شرط إشكال.

مسألة ٥٥ : إذا تعذر اللفظ لخرس ونحوه قامت الإشارة مقامه وإن

٢٤

تمكن من التوكيل ، وكذا الكتابة مع العجز عن الإشارة. أما مع القدرة عليها ففي تقديم الإشارة أو الكتابة وجهان بل قولان ، والأظهر الجواز بكل منهما ، بل لا يبعد ذلك حتى مع التمكن من اللفظ.

مسألة ٥٦ : الظاهر وقوع البيع بالمعاطاة ، بأن ينشئ البائع البيع بإعطائه المبيع إلى المشتري ، وينشئ المشتري القبول بإعطاء الثمن إلى البائع ، ولا فرق في صحتها بين المال الخطير والحقير ، وقد تحصل بإعطاء البائع المبيع وأخذ المشتري بلا إعطاء منه ، كما لو كان الثمن كليا في الذمة أو بإعطاء المشتري الثمن وأخذ البائع له بلا إعطاء منه ، كما لو كان المثمن كليا في الذمة.

مسألة ٥٧ : الظاهر أنه يعتبر في صحة البيع المعاطاتي جميع ما يعتبر في البيع العقدي من شرائط العقد والعوضين والمتعاقدين ، كما أن الظاهر ثبوت جميع الخيارات ـ الآتية إن شاء الله تعالى ـ على نحو ثبوتها في البيع العقدي حتى ما يتوقف منها على اشتراطه على كلام سيأتي في المسألة (٥٩).

مسألة ٥٨ : الظاهر جريان المعاطاة في غير البيع من سائر المعاملات بل الإيقاعات إلا في موارد خاصة ، كالنكاح والطلاق والنذر واليمين ، والظاهر جريانها في الرهن والوقف أيضا.

مسألة ٥٩ : في قبول البيع المعاطاتي للشرط سواء أكان شرط خيار في مدة معينة ، أم شرط فعل ، أم غيرهما : إشكال ، وإن كان القبول لا يخلو من وجه ، فلو أعطى كل منهما ماله إلى الآخر قاصدين البيع ، وقال أحدهما في حال التعاطي : جعلت لي الخيار إلى سنة ـ مثلا ـ وقبل الآخر صح شرط الخيار ، وكان البيع خياريا ، وكذا إذا ذكر الشرط في المقاولة ووقع التعاطي مبنيا عليه.

٢٥

مسألة ٦٠ : لا يجوز تعليق البيع على أمر غير حاصل حين العقد سواء أعلم حصوله بعد ذلك ، كما إذا قال : بعتك إذا هل الهلال ، أم جهل حصوله ، كما لو قال : بعتك إذا ولد لي ولد ذكر ، ولا على أمر مجهول الحصول حال العقد ، كما إذا قال : بعتك إن كان اليوم يوم الجمعة مع جهله بذلك ، أما مع علمه به فالوجه الجواز.

مسألة ٦١ : إذا قبض المشتري ما اشتراه بالعقد الفاسد ، فإن علم برضا البائع بالتصرف فيه حتى مع فساد العقد جاز له التصرف فيه والا وجب عليه رده إلى البائع ، وأذا تلف ـ ولو من دون تفريط ـ وجب عليه رد مثله إن كان مثليا وقيمته إن كان قيميا ، وكذا الحكم في الثمن إذا قبضه البائع بالبيع الفاسد ، وأذا كان المالك مجهولا جرى عليه حكم المال المجهول مالكه ، ولا فرق في جميع ذلك بين العلم بالحكم والجهل به ، ولو باع أحدهما ما قبضه كان البيع فضوليا وتوقفت صحته على إجازة المالك وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.

٢٦

الفصل الثاني

شروط المتعاقدين

مسألة ٦٢ : يشترط في كل من المتعاقدين أمور :

الأول : البلوغ ، فلا يصح عقد الصبي في ماله ، وإن كان مميزا ، إذا لم يكن بإذن الولي بل وإن كان بإذنه إذا كان الصبي مستقلا في التصرف إلا في الأشياء اليسيرة التي جرت العادة بتصدي الصبي المميز لمعاملتها فإن الصحة فيها لا تخلو من وجه وأما إذا كانت المعاملة من الولي ، وكان الصبي وكيلا عنه في إنشاء الصيغة فالأظهر الصحة ، وكذا إذا كان تصرفه في مال غيره بإذن المالك ، وإن لم يكن بإذن الولي.

الثاني : العقل ، فلا يصح عقد المجنون ، وإن كان قاصدا إنشاء البيع.

الثالث : الاختيار ـ بمعنى الاستقلال في الإرادة ـ فلا يصح بيع المكره وشراؤه ، وهو من يأمره غيره بالبيع أو الشراء على نحو يخاف من الإضرار به لو خالفه بحيث يكون لخوف الضرر من الغير دخل في صدور البيع أو الشراء منه ، وأما لولم يكن له دخل فيه وإن حصل له الخوف من تركه كما لولم يكن مباليا بالضرر المحتمل أو المعلوم فلا يضر بالصحة ، وكذا إذا اضطر إلى البيع أو الشراء فإنه يصح وإن اضطره الغير إليه كما لو أمره بدفع مقدار من المال ولم يمكنه إلا ببيع داره فباعها فإنه يصح بيعها ، نعم إذا حصل الاضطرار بمواطأة الغير مع ثالث ، كما لو تواطئا على أن يحبسه أحدهما في مكان ليضطر إلى بيع خاتمه ـ مثلا ـ على الثاني إزاء ما يسد به رمقه فالأظهر فساد المعاملة وضمانه لما اضطر إلى التصرف فيه بقيمته السوقية.

٢٧

مسألة ٦٣ : لو رضي المكره بالبيع بعد زوال الإكراه صح وإن كان الأحوط حينئذ تجديد العقد.

مسألة ٦٤ : إذا أكره أحد الشخصين على بيع داره ، كما لو قال الظالم : فليبع زيد أو عمرو داره فباع أحدهما داره خوفا منه بطل البيع ، وأما إذا علم إقدام الآخر على البيع وباعها صح البيع.

مسألة ٦٥ : لو أكره على بيع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل ، ولو باع الآخر بعد ذلك صح ، ولو باعهما جميعا دفعة بطل فيهما جميعا إذا كان للإكراه دخل في بيعهما مجتمعين كما في بيع أحدهما منفردا والا فالظاهر صحة البيع بالنسبة إلى كليهما.

مسألة ٦٦ : لو أكرهه على بيع دابته فباعها مع ولدها بطل بيع الدابة ، وصح بيع الولد إلا إذا كان للإكراه دخل في بيعه معها ، كما لولم يمكن حفظه مع بيع أمه.

مسألة ٦٧ : يعتبر في صدق الإكراه عدم إمكان التفصي عنه بغير التورية ، وهل يعتبر فيه عدم إمكان التفصي بالتورية ولو من جهة الغفلة عنها أو الجهل بها أو حصول الاضطراب المانع عن استعمالها أونحو ذلك؟ وجهان ، لا يخلو أولهما عن وجه.

مسألة ٦٨ : المراد من الضرر الذي يخافه ، على تقدير عدم الإتيان بما أكره عليه ما يعم الضرر الواقع على نفسه وماله وشأنه ، وعلى بعض من يتعلق به ممن يهمه أمره فلولم يكن كذلك فلا إكراه ، فلو باع ـ حينئذ ـ صح البيع.

٢٨

البيع الفضولي :

الرابع : من شروط المتعاقدين ـ أن يكون مالكا للتصرف الناقل ، كأن يكون مالكا للشيء من غير أن يكون محجورا عن التصرف فيه لسفه أو فلس أو غيرهما من أسباب الحجر ، أو يكون وكيلا عن المالك أو مأذونا من قبله أو وليا عليه ، فلولم يكن العاقد مالكا للتصرف لم يصح البيع بل توقفت صحته على إجازة المالك للتصرف ، فإن أجاز صح والا بطل ، فصحة العقد الصادر من غير مالك العين تتوقف على إجازة المالك ، وصحة عقد السفيه على إجازة الولي ، وصحة عقد المفلس على إجازة الغرماء ، فإن أجازوا صح والا بطل ، وهذا هو المسمى بـ ( عقد الفضولي ) والمشهور أن الإجازة بعد الرد لا أثر لها ولكنه لا يخلو عن إشكال وأما الرد بعد الإجازة فلا أثر له جزما.

مسألة ٦٩ : لو منع المالك من بيع ماله فباعه الفضولي ، فإن أجازه المالك صح ، ولا أثر للمنع السابق في البطلان.

مسألة ٧٠ : إذا علم من حال المالك أنه يرضى بالبيع فباعه لم يصح وتوقفت صحته على الإجازة.

مسألة ٧١ : إذا باع الفضولي مال غيره عن نفسه لاعتقاده أنه مالك ، أو لبنائه على ذلك ، كما في الغاصب ، فأجازه المالك لنفسه صح البيع ويكون الثمن له.

مسألة ٧٢ : لا يكفي في تحقق الإجازة الرضا الباطني ، بل لابد في تحققها من قول مثل : رضيت ، وأجزت ، ونحوهما ، أو فعل مثل : أخذ الثمن ، أو بيعه ، أو الأذن في بيعه أو إجازة العقد الواقع عليه أونحو ذلك.

مسألة ٧٣ : الظاهر أن الإجازة كاشفة عن صحة العقد من حين وقوعه كشفا انقلابيا بمعنى اعتبار الملكية من حين تحقق العقد في زمن حدوث

٢٩

الإجازة ، فنماء الثمن من حين العقد إلى حين الإجازة ملك لمالك المبيع ونماء المبيع ملك للمشتري.

مسألة ٧٤ : لو باع اعتقاد كونه وليا أو وكيلا فتبين خلافه فإن أجازه المالك صح وإن رد بطل ، ولو باع باعتقاد كونه أجنبيا فتبين كونه وليا أو وكيلا صح ، ولم يحتج إلى الإجازة ، ولو تبين كونه مالكا ففي صحة البيع ـ من دون حاجة إلى إجازته ـ إشكال والأظهر هو الصحة فيما لو كان البيع لنفسه.

مسألة ٧٥ : لو باع مال غيره فضولا ، ثم ملكه قبل إجازة المالك أما باختياره كالشراء أو بغير اختياره كالأرث. ففي صحته ـ بلا حاجة إلى الإجازة ـ أو توقفه على الإجازة أو بطلانه رأسا ـ وجوه أقواها الأخير.

مسألة ٧٦ : لو باع مال غيره فضولا فباعه المالك من شخص آخر صح بيع المالك ، وبطل بيع الفضولي ولا تنفع في صحته إجازة المالك ولا المشتري.

مسألة ٧٧ : إذا باع الفضولي مال غيره ولم تتحقق الإجازة من المالك ، فإن كانت العين في يد المالك فلا إشكال ، وإن كانت في يد البائع جاز للمالك الرجوع بها عليه ، وإن كان البائع قد دفعها إلى المشتري جاز له الرجوع على كل من البائع والمشتري ، وإن كانت تالفة رجع على البائع إن لم يدفعها إلى المشتري ، أو على أحدهما إن دفعها إليه بمثلها ، إن كانت مثلية ، وبقيمتها إن كان قيمية.

مسألة ٧٨ : المنافع المستوفاة مضمونة ، وللمالك الرجوع بها على من استوفاها ، وكذا الزيادات العينية ، مثل اللبن والصوف والشعر والسرجين ونحوها ، مما كانت له مالية ، فإنها مضمونة على من استولى عليها كالعين ، أما المنافع غير المستوفاة ففي ضمانها إشكال ، ولا يبعد التفصيل فيها بين المنافع المفوتة والفائتة بثبوت الضمان في الأول دون الثانية والمقصود

٣٠

بالمنافع المفوتة ما تكون مقدرة الوجود عرفا كسكنى الدار وبالفائتة ما لا تكون كذلك كمنفعة الكتب الشخصية غير المعدة للإيجار.

مسألة ٧٩ : المثلي : ما يكثر وجود مثله في الصفات التي تختلف باختلافها الرغبات ـ والقيمي : ما لا يكون كذلك ، فالآلات والظروف والأقمشة المعمولة في المعامل في هذا الزمان من المثلي ، والجواهر الأصلية من الياقوت والزمرد والألماس والفيروزج ونحوها من القيمي.

مسألة ٨٠ : إذا تفاوتت قيمة القيمي من زمان القبض إلى زمان الأداء بسبب كثرة الرغبات وقلتها فالأظهر أن المدار في القيمة المضمون بها قيمة زمان التلف وإن كان الأحوط الأولى التراضي والتصالح فيما به التفاوت بين قيمة زمان القبض والتلف والأداء.

مسألة ٨١ : إذا لم يمض المالك المعاملة الفضولية فعلى البائع الفضولي أن يرد الثمن المسمى إلى المشتري ، فإذا رجع المالك على المشتري ببدل العين من المثل أو القيمة فليس للمشتري الرجوع على البائع في مقدار الثمن المسمى. ويرجع في الزائد عليه إذا كان مغرورا وأذا رجع المالك على البائع رجع البائع على المشتري بمقدار الثمن المسمى إذا لم يكن قد قبض الثمن ، ولا يرجع في الزائد عليه إذا كان غارا. وأذا رجع المالك على المشتري ببدل نماء العين من الصوف واللبن ونحوهما أو بدل المنافع المستوفاة أو غير ذلك ، فإن كان المشتري مغرورا من قبل البائع ، بأن كان جاهلا بأن البائع فضولي ، وكان البائع عالما فأخبره البائع بأنه مالك ، أو ظهر له منه أنه مالك رجع المشتري على البائع بجميع الخسارات التي خسرها للمالك ، وإن لم يكن مغرورا من البائع كما إذا كان عالما بالحال ، أو كان البائع أيضا جاهلا لم يرجع عليه بشيء من الخسارات المذكورة ، وأذا رجع المالك على البائع ببدل النماءات ، فإن كان المشتري مغرورا من قبل

٣١

البائع لم يرجع على المشتري ، وإن لم يكن مغرورا من قبل البائع رجع البائع عليه في الخسارة التي خسرها للمالك وكذا الحال في جميع الموارد التي تعاقبت فيها الأيدي العادية على مال المالك ، فإنه إن رجع المالك على السابق رجع السابق على اللاحق إن لم يكن مغرورا منه ، والا لم يرجع على اللاحق ، وإن رجع المالك على اللاحق لم يرجع إلى السابق إلا مع كونه مغرورا منه ، وكذا الحكم في المال غير المملوك لشخص خاص كالزكاة المعزولة ، ومال الوقف المجعول مصرفا في جهة معينة أو غير معينة ، أو في مصلحة شخص أو أشخاص فإن الولي يرجع على ذي اليد عليه ، مع وجوده ، وكذا مع تلفه على النهج المذكور.

مسألة ٨٢ : لو باع إنسان ملكه وملك غيره صفقة واحدة صح البيع فيما يملك ، وتوقفت صحة بيع غيره على إجازة المالك ، فإن أجازه صح ، والا فلا ، وحينئذ يكون للمشتري خيار تبعض الصفقة ، فله فسخ البيع بالإضافة إلى ما يملكه البائع.

مسألة ٨٣ : طريق معرفة حصة كل واحد منهما من الثمن : أن يقوم كل من المالين بقيمته السوقية ، فيرجع المشتري بحصة من الثمن نسبتها إلى الثمن نسبة قيمة مال غير البائع إلى مجموع القيمتين ، فإذا كانت قيمة ماله عشرة وقيمة مال غيره خمسة ، والثمن ثلاثة يرجع المشتري بواحد وهو ثلث الثمن ، ويبقى للبائع اثنان. وهما ثلثا الثمن ، هذا إذا لم يكن للاجتماع دخل في زيادة القيمة ونقصها ، أما لو كان الأمر كذلك وجب تقويم كل منهما في حال الانضمام إلى الآخر ثم تنسب قيمة كل واحد منهما إلى مجموع القيمتين ، فيؤخذ من الثمن بتلك النسبة. مثلا إذا باع الفرس ومهرها بخمسة ، وكانت قيمة الفرس في حال الانفراد ستة ، وفي حال الانضمام أربعة ، وقيمة المهر بالعكس فمجموع القيمتين عشرة ، فإن كانت الفرس

٣٢

لغير البائع رجع المشتري بخمسين ، وهما اثنان من الثمن ، وبقي للبائع ثلاثة أخماس ، وإن كان المهر لغير البائع رجع المشتري بثلاثة أخماس الثمن ، وهو ثلاثة وبقي للبائع اثنان.

مسألة ٨٤ : إذا كانت الدار مشتركة بين شخصين على السوية فباع أحدهما نصف الدار ، فإن قامت القرينة على أن المراد نصف نفسه ، أو نصف غيره ، أو نصف في النصفين عمل على القرينة ، وإن لم تقم القرينة على شيء من ذلك حمل على نصف نفسه لا غير.

مسألة ٨٥ : يجوز للأب والجد للأب وإن علا التصرف في مال الصغير بالبيع والشراء والإجارة وغيرها ، وكل منهما مستقل في الولاية فلا يعتبر الإذن من الآخر ، كما لا تعتبر العدالة في ولايتهما ، ولا أن تكون مصلحة في تصرفهما ، بل يكفي عدم المفسدة فيه نعم إذا دار الأمر بين الصالح والأصلح لزم اختيار الثاني إذا عد اختيار الأول ـ في النظر العقلائي ـ تفريطا من الولي في مصلحة الصغير ، كما لو اضطر إلى بيع مال الصغير ، وأمكن بيعه بأكثر من قيمة المثل ، فلا يجوز له البيع بقيمة المثل ، وكذا لو دار الأمر بين بيعه بزيادة درهم عن قيمة المثل ، وزيادة درهمين ، لاختلاف الأماكن أو الدلالين ، أونحو ذلك لم يجز البيع بالأقل ، وإن كانت فيه مصلحة إذا عد ذلك تساهلا عرفا في مال الصغير ، والمدار في كون التصرف مشتملا على المصلحة أو عدم المفسدة على كونه كذلك في نظر العقلاء ، لا بالنظر إلى علم الغيب فلو تصرف الولي باعتقاد المصلحة فتبين أنه ليس كذلك في نظر العقلاء بطل التصرف ، ولو تبين أنه ليس كذلك بالنظر إلى علم الغيب صح ، إذا كانت فيه مصلحة بنظر العقلاء.

مسألة ٨٦ : يجوز للأب والجد التصرف في نفس الصغير بإجارته لعمل ما أو جعله عاملا في المعامل ، وكذلك في سائر شؤونه مثل تزويجه نعم

٣٣

ليس لهما طلاق زوجته ، وهل لهما فسخ نكاحه عند حصول المسوغ للفسخ ، وهبة المدة في عقد المتعة وجهان ، والثبوت أقرب. ويشترط في نفوذ تصرفهما في نفس الصغير خلوه عن المفسدة وتقديم الأصلح عند دوران الأمر بينه وبين الصالح على نحو ما تقدم في تصرفهما في ماله.

مسألة ٨٧ : إذا أوصى الأب أو الجد إلى شخص بالولاية بعد موته على القاصرين نفذت الوصية ، وصار الموصى إليه وليا عليهم بمنزلة الموصي تنفذ تصرفاته مع الغبطة والمصلحة في جميع ما يتعلق بهم مما كان للموصي الولاية فيه ـ على كلام في تزويجهم يأتي في محله ـ إلا أن يعين تولي جهة خاصة وتصرفا مخصوصا فيقتصر عليه ، ويشترط في الوصي الرشد والوثاقة ، ولا تشترط فيه العدالة على الأقوى. كما يشترط في صحة الوصية فقد الآخر ، فلا تصح وصية الأب بالولاية على الطفل مع وجود الجد ، ولا وصية الجد بالولاية على حفيده مع وجود الأب ، ولو أوصى أحدهما بالولاية على الطفل ، بعد فقد الآخر لا في حال وجوده ، ففي صحتها إشكال.

مسألة ٨٨ : ليس لغير الأب والجد للأب والوصي لأحدهما ولاية على الصغير ، ولو كان عماً أوأما أو جداً للأم أو أخاً كبيراً ، فلو تصرف أحد هؤلاء في مال الصغير ، أو في نفسه ، أو سائر شؤونه لم يصح ، وتوقف على إجازة الولي.

مسألة ٨٩ : إذا فقد الأب والجد والوصي لأحدهما يكون للحاكم الشرعي ـ وهو المجتهد العادل ـ ولاية التصرف في أموال الصغار مشروطا بالغبطة والصلاح ، بل الأحوط له الاقتصار على ما إذا كان في تركه الضرر والفساد ، كما لو خيف على ماله التلف مثلا فيبيعه لئلا يتلف ، ومع فقد الحاكم أو تعذر الرجوع إليه فالولاية لعدول المؤمنين مشروطاً بما تقدم ، ولو تعذر وجود العادل لم يبعد ثبوت الولاية لسائر المؤمنين. ولو اتفق احتياج

٣٤

المكلف إلى دخول دار الأيتام والجلوس على فراشهم ، والأكل من طعامهم ، وتعذر الاستئذان من وليهم لم يبعد جواز ذلك ، إذا عوضهم عن ذلك بالقيمة ، ولم يكن فيه ضرر عليهم وإن كان الأحوط استحباباً تركه ، وأذا كان التصرف مصلحة لهم جاز من دون حاجة إلى عوض. والله سبحانه العالم.

٣٥

الفصل الثالث

شروط العوضين

يشترط في المبيع أن يكون عينا ، سواء أكان موجودا في الخارج أم في الذمة ، وسواء أكانت الذمة ذمة البائع أم غيره ، كما إذا كان له مال في ذمة غيره فباعه لشخص ثالث ، فلا يجوز بيع المنفعة ، كمنفعة الدار ، ولا بيع العمل كخياطة الثوب ولا بيع الحق كحق التحجير ـ على إشكال فيه أحوطه ذلك ـ ، وأما الثمن فيجوز أن يكون عينا أو منفعة أو عملا أو حقا كما سيأتي.

مسألة ٩٠ : المشهور على اعتبار أن يكون المبيع والثمن مالا يتنافس فيه العقلاء ، فكل ما لا يكون مالا كبعض الحشرات لا يجوز بيعه ، ولا جعله ثمنا ، ولكن هذا لا يخلو عن إشكال وإن كان هو الأحوط.

مسألة ٩١ : إذا كان الحق قابلا للنقل والانتقال كحق التحجير جاز جعله ثمنا على الأظهر ، كما يجوز جعل متعلقه بما هو كذلك ثمنا ، ويجوز جعل شيء بإزاء رفع اليد عن الحق ، حتى فيما إذا لم يكن قابلا للنقل والانتقال ، وكان قابلا للإسقاط ، كما يجوز جعل الإسقاط ثمنا ، بأن يملك البائع عليه فعل الإسقاط فيجب عليه الإسقاط بعد البيع.

مسألة ٩٢ : يشترط في كل من العوضين أن يكون معلوما مقداره المتعارف تقديره به عند البيع من كيل أو وزن أو عد أو مساحة ، فلا تكفي المشاهدة في مثله ، ولا تقديره بغير المتعارف فيه عند البيع كبيع المكيل بالوزن أو بالعكس وكبيع المعدود بالوزن أو بالكيل أو بالعكس ، نعم لا بأس بجعل الكيل وسيلة لاستعلام الوزن أو العدد ونحو ذلك ، كأن يجعل كيل

٣٦

يحوي كيلو غراما من السكر مثلا فيباع السكر به ، وأذا كان الشيء مما يباع في حال بالمشاهدة ، وفي حال أخرى بالوزن أو الكيل ، كالثمر يباع على الشجر بالمشاهدة وفي المخازن بالوزن ، والحطب محمولا على الدابة بالمشاهدة وفي المخزن بالوزن ، واللبن المخيض يباع في السقاء بالمشاهدة وفي المخازن بالكيل فصحة بيعه مقدراً أو مشاهداً تابعة للمتعارف.

مسألة ٩٣ : يكفي في معرفة التقدير إخبار البائع بالقدر ، كيلاً أو وزناً ، أو عداً ، ولا فرق بين عدالة البائع وفسقه ، والأحوط وجوباً اعتبار حصول اطمئنان المشتري بإخباره ، ولو تبين الخلاف بالنقيصة كان المشتري بالخيار في الفسخ والإمضاء ، فإن فسخ يرد تمام الثمن وإن أمضاه ينقص من الثمن بحسابه ، وإن تبين الزيادة كانت الزيادة للبائع وكان المشتري بالخيار بين الفسخ والإمضاء بتمام الثمن.

مسألة ٩٤ : لابد في مثل القماش والأرض ونحوهما ـ مما يكون تقديره بالمساحة دخيلاً في زيادة القيمة ـ معرفة مقداره ، ولا يكتفى في بيعه بالمشاهدة إلا إذا تعارف بيعه بها كما في بيع بعض الدور والفرش ونحوهما.

مسألة ٩٥ : إذا اختلفت البلدان في تقدير شيء ، بأن كان موزوناً في بلد ، ومعدوداً في آخر ، ومكيلاً في ثالث ، فالظاهر أن المدار في التقدير بلد المعاملة.

مسألة ٩٦ : قد يؤخذ الوزن شرطاً في المكيل أو المعدود ، أو الكيل شرطاً في الموزون ، مثل أن يبيعه عشرة أمنان من الدبس ، بشرط أن يكون كيلها صاعاً ، فيتبين أن كيلها أكثر من ذلك لرقة الدبس ، أو يبيعه عشرة أذرع من قماش ، بشرط أن يكون وزنها ألف مثقال ، فيتبين أن وزنها تسعمائة ، لعدم إحكام النسج ، أو يبيعه عشرة أذرع من الكتان ، بشرط أن يكون وزنه مائة مثقال ، فيتبين أن وزنه مائتا مثقال لغلظة خيوطه ونحو ذلك مما كان

٣٧

التقدير فيه ملحوظاً صفة كمال للمبيع لا مقوماً له ، والحكم أنه مع التخلف بالزيادة أو النقيصة يكون الخيار للمشتري ، لتخلف الوصف ، فإن أمضى العقد كان عليه تمام الثمن ، والزيادة إن كانت فهي له.

مسألة ٩٧ : يشترط معرفة جنس العوضين وصفاتهما التي تختلف القيمة باختلافها ، كالألوان والطعوم والجودة والرداءة والرقة والغلظة والثقل والخفة ونحو ذلك ، مما يوجب اختلاف القيمة ، أما ما لا يوجب اختلاف القيمة منها فلا تجب معرفته ، وإن كان مرغوباً عند قوم ، وغير مرغوب عند آخرين ، والمعرفة أما بالمشاهدة ، أو بتوصيف البائع ، أو بالرؤية السابقة.

مسألة ٩٨ : يشترط أن يكون كل واحد من العوضين ملكاً ، مثل أكثر البيوع الواقعة بين الناس ، أو ما هو بمنزلته ، كبيع الكلي في الذمة فلا يجوز بيع ما ليس كذلك ، مثل بيع السمك في الماء والطير في الهواء ، وشجر البيداء قبل أن يصطاد أو يحاز ، ولا فرق في ما يكون ملكا بين أن يكون ملكا لشخص أو لجهة فيصح بيع ولي الزكاة بعض أعيان الزكاة وشراؤه العلف لها.

مسألة ٩٩ : يشترط أن يكون كل من العوضين طلقاً ، بأن لا يتعلق به لأحد حق يقتضي بقاء متعلقه في ملكية مالكه ، والضابط فوت الحق بانتقاله إلى غيره ، ومن هذا القبيل حق الرهانة على الأظهر ، فلا يجوز بيع العين المرهونة إلا إذا أذن المرتهن أو أجاز أو فك الرهن فإنه يصح بيعها حينئذ.

مسألة ١٠٠ : لا يجوز بيع الوقف إلا في موارد :

منها : أن يخرب بحيث لا يمكن الانتفاع به في جهة الوقف مع بقاء عينه ، كالحيوان المذبوح ، والجذع البالي ، والحصير المخرق.

ومنها : أن يخرب على نحو يسقط عن الانتفاع المعتد به ، مع كونه ذا منفعة يسيرة ملحقة بالمعدوم عرفا.

ومنها : ما إذا اشترط الواقف بيعه عند حدوث أمر ، من قلة المنفعة أو

٣٨

كثرة الخراج ، أو كون بيعه أنفع ، أو وقوع خلاف بين الموقوف عليهم أو احتياجهم إلى عوضه ، أونحو ذلك.

ومنها : ما إذا طرأ ما يستوجب أن يؤدي بقاؤه إلى الخراب المسقط له عن المنفعة المعتد بها عرفا ، واللازم حينئذ تأخير البيع إلى آخر أزمنة إمكان البقاء.

مسألة ١٠١ : إذا وقع الاختلاف الشديد بين الموقوف عليهم بحيث لا يؤمن من تلف النفوس والأموال ففي صحة بيع الوقف حينئذ إشكال فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.

مسألة ١٠٢ : ما ذكرناه من جواز البيع في الصور المذكورة لا يجري في المساجد ، فإنها لا يجوز بيعها على كل حال. نعم يجري في مثل الخانات الموقوفة للمسافرين ، وكتب العلم والمدارس والرباطات الموقوفة على الجهات الخاصة.

مسألة ١٠٣ : إذا جاز بيع الوقف فإن كان له متول خاص قد عهد إليه الواقف بجميع شؤونه فله بيعه من دون حاجة إلى إجازة غيره ، والا فاللازم ـ مطلقا على الأحوط ـ مراجعة الحاكم الشرعي والاستئذان منه في البيع.

وإذا بيع الوقف لطرو الخراب عليه أو ترقب طروه فالأحوط لزوماً أن يشتري بثمنه ملك ويوقف على نهج وقف الأول ـ بل الأحوط أن يكون الوقف الجديد معنوناً بعنوان الوقف الأول مع الإمكان والا فيما هو أقرب إليه فالأقرب ـ نعم لو خرب بعض الوقف جاز بيع ذلك البعض وصرف ثمنه في مصلحة المقدار العامر إن أمكن والا ففي وقف آخر إذا كان موقوفاً على نهج وقف الخراب ، وأذا خرب الوقف ولم يمكن الانتفاع به في الجهة الموقوف عليها وأمكن بيع بعضه وتعمير الباقي بثمنه فالأحوط الاقتصار على بيع بعضه فيعمر الباقي بثمنه.

٣٩

مسألة ١٠٤ : لا يجوز بيع رقبة الأرض الخراجية. وهي : الأرض المفتوحة عنوة العامرة ـ لا بالأصالة ـ حين الفتح ، فإنها ملك للمسلمين من وجد ومن يوجد ٠ ولا فرق بين أن تكون فيها آثار مملوكة للبائع من بناء أو شجر أو غيرهما ، وإن لا تكون. بل الظاهر عدم جواز التصرف فيها إلا بإذن الحاكم الشرعي ، ولو ماتت فلا يبعد بقاؤها على ملك المسلمين وعدم تملكها بالإحياء ، وأما الأرض العامرة بالأصالة حين الفتح فهي ملك للإمام عليه‌السلام ، وأذا حازها أحد كان أولى بها من غيره ما لم يمنع عنه مانع شرعي وأذا كان مؤمنا لم يجب عليه دفع عوض إزاء ذلك ، وكذا الأرض الميتة في زمان الفتح فإنها ملك للإمام عليه‌السلام ، وأذا أحياها أحد كان أحق بها من غيره ـ لولا طرو عنوان ثانوي يقتضي خلافه ـ مسلماً كان المحيي أو كافراً ، وليس عليه دفع الخراج وأجرة الأرض إذا كان مؤمناً ، وأذا تركها لمنع ظالم ونحوه حتى ماتت فهو على أحقيته بها ، ولكنه إذا ترك زرعها وأهملها ولم ينتفع بها بوجه ، جاز لغيره زرعها ، فيكون أحق بها منه وإن كان الأحوط استحباباً عدم زرعها بلا إذن من الأول إذا عرفه أو تمكن من معرفته ، إلا إذا علم أنه قد أعرض عنها ، وأذا أحياها السلطان المدعي للخلافة على أن تكون للمسلمين لحقها حكم الأرض الخراجية.

مسألة ١٠٥ : في تعيين أرض الخراج إشكال ، وقد ذكر العلماء والمؤرخون مواضع كثيرة منها. وأذا شك في أرض أنها كانت ميتة أو عامرة ـ حين الفتح ـ تحمل على أنها كانت ميتة ، فيجوز إحياؤها وحيازتها إن كانت حية ، كما يجوز بيعها من حيث كونها متعلقة لحقه وكذا نحوه من التصرفات.

مسألة ١٠٦ : يشترط في كل من العوضين أن يكون مقدوراً على تسليمه فلا يصح بيع الجمل الشارد ، أو الخاتم الواقع في البحر مثلاً ولا فرق بين العلم بالحال والجهل بها ، نعم لو كان من انتقل إليه قادراً على تسلمه

٤٠