منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ المعاملات - ج ٢

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨٨

فنفقة الرجوع عليه لا على المال المضارب به.

مسألة ٦٤١ : إذا أتجر العامل برأس المال وكانت المضاربة فاسدة فإن لم يكن الإذن في التصرف مقيداً بصحة المضاربة صحت المعاملة ويكون تمام الربح للمالك ، وإن كان الإذن مقيداً بصحة العقد كانت المعاملة فضولية فإن أجاز المالك صحت وإلا بطلت.

وأما العامل فيستحق أقل الأمرين من أجرة مثل عمله وما جعل له من الربح ، وعلى هذا إذا لم تكن التجارة رابحة أو كان فساد المضاربة من جهة اشتراط تمام الربح للمالك لم يستحق العامل عليه شيئاً.

مسألة ٦٤٢ : يجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة الإتجار بالمال على حسب ما يراه من المصلحة من حيث الجنس المشترى والبائع والمشتري ومكان البيع وغير ذلك ، نعم لو شرط عليه المالك أن لا يشتري الجنس المعين أو إلا الجنس المعين أولا يبيع من الشخص المعين أو يبيع بسعر معين أو في بلد معين أو سوق معين لم يجز له التعدي والمخالفة ، ولو خالف فالأظهر صحة المعاملة فإن كانت رابحة شارك المالك في الربح على ما قرراه وإن كانت خاسرة أو تلف المال ضمن العامل الخسارة أو التلف.

مسألة ٦٤٣ : يجوز أن يكون المالك واحداً والعامل متعدداً سواء أكان المال أيضاً واحداً أو كان متعدداً ، وسواء أكان العمال متساوين في مقدار الجعل في العمل أم كانوا متفاضلين.

وكذا يجوز أن يكون المالك متعدداً والعامل واحداً بأن كان المال مشتركاً بين اثنين أو أزيد فقارضا شخصاً واحداً.

مسألة ٦٤٤ : إذا كان المال مشتركاً بين شخصين وقارضاً واحداً واشترطا له النصف وتفاضلا في النصف الآخر بأن جعل لأحدهما أكثر من الآخر مع تساويهما في رأس المال أو تساويا فيه بأن كانت حصة كل منهما

٢٠١

مساوية لحصة الآخر مع تفاضلهما في رأس المال فلا يبعد صحة المضاربة وإن لم تكن الزيادة في مقابل عمل.

ولو كان المقصود من ذلك النقص على حصة العامل ـ بمعنى أن أحدهما قد جعل للعامل في العمل بماله أقل مما جعله الآخر ، مثلاً جعل أحدهما له ثلث ربح حصته وجعل الآخر له ثلثي ربح حصته ـ صحت المضاربة بلا إشكال.

مسألة ٦٤٥ : إذا كان رأس المال مشتركاً بين شخصين فضاربا واحداً ثم فسخ أحد الشريكين دون الآخر فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالإضافة إلى حصة الآخر.

مسألة ٦٤٦ : لو ضارب بمال الغير من دون ولاية ولا وكالة وقعت المضاربة فضولية ، فإن أجازها المالك وقعت له ويترتب عليها حكمها من أن الخسران عليه والربح بينه وبين العامل على ما اشرطاه ، وان ردها فان كان قبل أن يعامل بماله طالبه ويجب على العامل رده إليه ، وإن تلف أو تعيب كان له الرجوع على كل من المضارب والعامل مع تسلمه المال ولكن يستقر الضمان على من تلف أو تعيب المال عنده ، نعم إذا كان هو العامل وكان جاهلاً بالحال مع علم المضارب به فقرار الضمان على المضارب دون العامل ، وإن كان بعد أن عومل به كانت المعاملة فضولية ، فإن أمضاها وقعت له وكان تمام الربح له وتمام الخسران عليه ، وإن ردها رجع بماله إلى كل من شاء من المضارب والعامل كما في صورة التلف ، ويجوز له أن يجيزها على تقدير حصول الربح ويردها على تقدير وقوع الخسران ، بأن يلاحظ مصلحته فإذا رآها تجارة رابحة أجازها وإذا رآها خاسرة ردها.

هذا حال المالك مع كل من المضارب والعامل ، وأما معاملة العامل مع المضارب فإذا لم يعمل عملاً لم يستحق شيئاً ، وكذا إذا عمل وكان عالماً

٢٠٢

بكون المال لغير المضارب ، وأما إذا عمل ولم يعلم بكونه لغيره استحق على المضارب أقل الأمرين من أجرة مثل عمله والحصة المقررة له من الربح إن كان هناك ربح ، وإلا لم يستحق شيئاً.

مسألة ٦٤٧ : تبطل المضاربة الإذنية بموت كل من المالك والعامل أما على الأول فلفرض انتقال المال إلى وارثه بعد موته فإبقاء المال بيد العامل يحتاج إلى مضاربة جديدة ، وأما على الثاني فلفرض اختصاص الإذن به.

مسألة ٦٤٨ : لا يجوز للعامل أن يوكل وكيلاً في الإتجار أو يستأجر شخصاً لذلك ـ بأن يوكل إلى الغير أصل التجارة ـ إلا أن يأذن له المالك ، فلو فعل ذلك بدون إذنه وتلف ضمن.

نعم لا بأس بالاستئجار أو التوكيل في بعض المقدمات والمعاملات حسب ما هو المتعارف في الخارج بحيث لا ينصرف عنه الإطلاق.

مسألة ٦٤٩ : لا يجوز للعامل أن يضارب غيره أو يشاركه فيها إلا بإذن المالك ، ومع الإذن إذا ضارب غيره كان مرجعه إلى فسخ المضاربة الأولى وإيقاع مضاربة جديدة بين المالك وعامل آخر أو بينه وبين العامل مع غيره بالاشتراك ، وأما لو كان المقصود إيقاع مضاربة بين العامل وغيره ـ بأن يكون العامل الثاني عاملاً للعامل الأول ـ فصحته لا تخلو عن إشكال.

مسألة ٦٥٠ : يجوز لكل من المالك والعامل أن يشترط على الآخر في ضمن عقد المضاربة مالاً أو عملاً كخياطة ثوب أو نحوها أو إيقاع بيع أو صلح أو وكالة أو قرض أونحو ذلك ويجب الوفاء بهذا الشرط ما دام العقد باقياً لم يفسخ سواء أتحقق الربح بينهما أم لم يتحقق ، وسواء أكان عدم تحقق الربح من جهة مانع خارجي أم من جهة ترك العامل العمل بالتجارة.

مسألة ٦٥١ : الظاهر أنه يملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره ولا يتوقف على الإنضاض ـ بمعنى جعل الجنس نقداً ـ ولا على القسمة ،

٢٠٣

كما أن الظاهر صيرورته شريكا مع المالك في نفس العين الموجودة بالنسبة ، وسيأتي حكم مطالبته بالقسمة ونفوذ تصرفاته في حصته بالبيع أو الهبة أو نحوهما في المسألة (٦٥٦) و (٦٥٨).

مسألة ٦٥٢ : الخسارة الواردة على مال المضاربة تجبر بالربح ما دامت المضاربة باقية فملكية العامل له بالظهور متزلزلة كلها أو بعضها بعروض الخسران فيما بعد إلى أن تستقر ، والاستقرار يحصل بانتهاء أمد المضاربة أو حصول الفسخ ولو من غير إنضاض ولا قسمة ، وهل تكون قسمة تمام الربح والمال بينهما فسخاً فيحصل بها الاستقرار؟ الظاهر ذلك.

مسألة ٦٥٣ : كما يجبر الخسران في التجارة بالربح كذلك يجبر به التلف ، فلو كان المال الدائر في التجارة تلف بعضه بسبب غرق أو حرق أو سرقة أو غيرها وربح بعضه يجبر تلف البعض بربح البعض حتى يكمل مقدار رأس المال لرب المال ، فإذا زاد عنه شيء يكون بينهما.

مسألة ٦٥٤ : إذا اشترط العامل على المالك في عقد المضاربة عدم كون الربح جابراً للخسران المتقدم على الربح أو المتأخر عنه فالظاهر الصحة.

مسألة ٦٥٥ : إذا ضاربه على خمسمائة دينار مثلاً فدفعها إليه وعامل بها وفي أثناء التجارة دفع إليه خمسمائة أخرى للمضاربة فالظاهر أنهما مضاربتان فلا تجبر خسارة إحداهما بربح الأخرى ، نعم لو ضاربه على ألف دينار مثلاً فدفع إليه خمسمائة أولاً فعامل بها ثم دفع إليه خمسمائة أخرى فهي مضاربة واحدة تجبر خسارة كل من التجارتين بربح الأخرى.

مسألة ٦٥٦ : إذا ظهر الربح وتحقق في الخارج فطلب أحدهما قسمته فإن رضى الآخر فلا مانع منها وإن لم يرض لم يجبر عليها إلا إذا طلب الأول الفسخ.

٢٠٤

مسألة ٦٥٧ : إذا اقتسما الربح ثم عرض الخسران على رأس المال فإن حصل بعد ، ربح جبر به إذا كان بمقداره أو أكثر وأما إذا كان أقل منه أولم يحصل ربح وجب على العامل رد أقل الأمرين مما أخذه من الربح وما تجبر به الخسارة الفعلية من الربح المأخوذ.

مسألة ٦٥٨ : إذا تصرف العامل في حصته من الربح تصرفاً ناقلاً كبيع أو هبة ثم طرأت الخسارة على رأس المال فإن لم يكن تصرفه بموافقة المالك لم يصح وإلا صح ، ولكن إذا كانت موافقته مشروطة بقيام العامل بدفع أقل الأمرين مما تصرف فيه من الربح وما يخص المتصرف فيه من الخسارة على تقدير طروها ولم يفعل العامل ذلك بطل تصرفه إلا أن يجيزه المالك.

مسألة ٦٥٩ : لا فرق في جبر الخسارة والتلف بالربح بين الربح السابق واللاحق ما دام عقد المضاربة باقياً ، بل الأظهر الجبر وإن كان التلف قبل الشروع في التجارة كما إذا سرق في أثناء سفر التجارة قبل الشروع فيها أو في البلد قبل الشروع في السفر.

هذا في تلف البعض ، وأما لو تلف الجميع قبل الشروع في التجارة فالظاهر أنه موجب لبطلان المضاربة إلا فيما إذا كان تلفه على وجه مضمون على الغير فإن المضاربة لا تبطل حينئذٍ مع قيام ذلك الغير بتعويض المالك عما تلف.

مسألة ٦٦٠ : إذا حصل فسخ أو انفساخ في المضاربة فإن كان قبل الشروع في العمل ومقدماته فلا إشكال ولا شيء للعامل كما لا شيء عليه وكذا إن كان بعد تمام العمل والإنضاض إذ مع حصول الربح يقتسمانه ومع عدمه يأخذ المالك رأس ماله ولا شيء للعامل ولا عليه.

مسألة ٦٦١ : إذا حصل الفسخ أو الانفساخ في الأثناء بعد التشاغل بالعمل فإن كان قبل حصول الربح ليس للعامل شيء ولا أجرة لما مضى من

٢٠٥

عمله سواء كان الفسخ منه أو من المالك أو حصل الانفساخ القهري ، ولو كان في المال عروض لا يجوز للعامل التصرف فيه بدون إذن المالك كما أنه ليس للمالك إلزامه بالبيع والإنضاض ، وإن كان بعد حصول الربح فإن كان بعد الإنضاض فقد تم العمل فيقتسمان الربح ويأخذ كل منهما حقه ، وإن كان قبل الإنضاض فعلى ما مر من تملك العامل حصته من الربح بمجرد ظهوره شارك المالك في العين فإن رضيا بالقسمة على هذا الحال أو انتظر إلى أن تباع العروض ويحصل الإنضاض كان لهما ذلك ولا إشكال ، وأما إن طالب أحدهما بالقسمة ولم يرض الآخر أجبر عليها إلا إذا كانت قسمة رد أو كانت مستلزمة للضرر كما هو شأن الأموال المشتركة على ما تقدم في كتاب الشركة.

مسألة ٦٦٢ : لو كان الفسخ من العامل بعد السفر بإذن المالك وصرف مقدار من رأس المال في نفقته ففي ضمانه لما صرفه وعدمه وجهان ، فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه.

مسألة ٦٦٣ : إذا كانت في مال المضاربة ديون فهل يجب على العامل أخذها بعد الفسخ أو الانفساخ أولا وجهان ، والأحوط أن لم يكن أقوى إجابة المالك لو طلب منه ذلك.

مسألة ٦٦٤ : لا يجب على العامل بعد الفسخ إلا التخلية بين المالك وبين ماله وأما الإيصال إليه فلا يجب ، نعم إذا أرسله إلى بلد آخر غير بلد المالك وجب الرد إلى بلده على الأظهر.

مسألة ٦٦٥ : إذا اختلف المالك والعامل في مقدار رأس المال الذي أعطاه للعامل بأن ادعى المالك الزيادة وأنكرها العامل قدم قول العامل مع يمينه إذا لم تكن للمالك بينة عليها ، ولا فرق في ذلك بين كون رأس المال موجوداً أو تالفاً مع ضمان العامل ، هذا إذا لم يرجع نزاعهما إلى النزاع في

٢٠٦

مقدار نصيب العامل من الربح كما إذا كان نزاعهما بعد حصول الربح وعلم أن الذي بيده هو مال المضاربة ، إذ حينئذٍ النزاع في قلة رأس المال وكثرته يرجع إلى النزاع في مقدار نصيب العامل من هذا المال الموجود إذ على تقدير قلة رأس المال يصير مقدار الربح منه أكثر فيكون نصيب العامل أزيد وعلى تقدير كثرته بالعكس ، فالقول حينئذٍ قول المالك مع يمينه إذا لم تكن بينة للعامل عليها.

مسألة ٦٦٦ : إذا اختلفا في المقدار الذي جعل نصيباً للعامل في المضاربة بأن يدعي المالك الأقل والعامل يدعي الأكثر فالقول قول المالك بيمينه إذا لم يكن للعامل بينة عليها.

مسألة ٦٦٧ : إذا ادعى المالك على العامل الخيانة والتقصير ولم يكن له بينة فالقول قول العامل بيمينه.

مسألة ٦٦٨ : لو ادعى المالك على العامل مخالفته لما شرط عليه ولم يكن له بينة قدم قول العامل بيمينه سواء أكان النزاع في أصل الاشتراط أو في مخالفته لما شرط عليه ، كما إذا ادعى المالك أنه قد اشترط عليه أن لا يشتري الجنس الفلاني وقد اشتراه فخسر وأنكر العامل أصل هذا الاشتراط أو أنكر مخالفته لما اشترط عليه ، نعم لو كان النزاع في صدور الإذن من المالك فيما لا يجوز للعامل إلا بإذنه كما لو سافر بالمال فتلف أو خسر فادعى كونه بإذن المالك وأنكره قدم قول المالك بيمينه.

مسألة ٦٦٩ : لو ادعى العامل التلف وأنكره المالك قدم قول العامل وكذا الحال إذا ادعى الخسارة أو عدم حصول المطالبات مع فرض كونه مأذوناً في المعاملات النسيئة ، ولا فرق في سماع قول العامل في هذه الفروض بين أن تكون الدعوى قبل فسخ المضاربة أو بعده ، بل الأظهر سماع قوله حتى

٢٠٧

فيما إذا ادعى بعد الفسخ التلف بعده إلا إذا كان بقاء المال في يده بعد الفسخ على وجه مضمون عليه.

مسألة ٦٧٠ : لو اختلفا في الربح ولم يكن بينة قدم قول العامل سواء اختلفا في أصل حصوله أو في مقداره ، بل وكذا الحال فيما إذا قال العامل ربحت كذا لكن خسرت بعد ذلك بمقداره فذهب الربح.

مسألة ٦٧١ : إذا ادعى العامل رد المال إلى المالك وأنكره قدم قول المالك بيمينه.

مسألة ٦٧٢ : إذا اشترى العامل سلعة فظهر فيها ربح فقال اشتريتها لنفسي وقال المالك اشتريتها للقراض ، أو ظهر خسران فادعى العامل أنه اشتراها للقراض وقال صاحب المال بل اشتريتها لنفسك قدم قول العامل بيمينه.

مسألة ٦٧٣ : إذا حصل تلف أو خسارة فادعى المالك القرض ليحق له المطالبة بالعوض وادعى العامل المضاربة ليدفع التلف والخسارة عن نفسه قدم قول العامل بيمينه ويكون التلف والخسارة على المالك.

مسألة ٦٧٤ : إذا حصل ربح بما يزيد حصة العامل منه على أجرة مثل عمله فادعى المالك المضاربة الفاسدة لئلا يكون عليه غير أجرة المثل ويكون الربح له بتمامه ، وادعى العامل الفرض ليكون له الربح فالقول قول المالك بيمينه وبعده يحكم بكون الربح للمالك وثبوت أجرة المثل للعامل.

مسألة ٦٧٥ : إذا ادعى المالك أنه أعطاه المال بعنوان البضاعة ـ وهي دفع المال إلى الغير للتجارة مع كون تمام الربح للمالك ـ فلا يستحق العامل شيئا عليه ، وادعى العامل المضاربة لتكون له حصة من الربح قدم قول المالك بيمينه فيحلف على نفي المضاربة فلا يكون للعامل شيء ويكون تمام الربح ـ لو كان ـ للمالك ، ولولم يكن ربح أصلاً فلا ثمرة في هذا النزاع.

٢٠٨

مسألة ٦٧٦ : تقديم قول المالك أو العامل بيمينه في الموارد المتقدمة إنما هو فيما إذا لم يكن مخالفاً للظاهر وإلا قدم قول خصمه بيمينه إذا لم يكن كذلك ، مثلا واختلفا في رأس المال فادعى العامل كونه بمقدار ضئيل لا يناسب جعله رأس مال في التجارة المقررة في المضاربة وادعى المالك الزيادة عليه بالمقدار المناسب قدم قول المالك بيمينه ، وكذا لو اختلفا في مقدار نصيب العامل من الربح فادعى المالك قلته بمقدار لا يجعل عادة لعامل المضاربة كواحد في الألف وادعى العامل الزيادة عليه بالمقدار المتعارف قدم قول العامل بيمينه ، وهكذا في سائر الموارد.

مسألة ٦٧٧ : إذا أخذ العامل رأس المال ليس له ترك الإتجار به وتعطيله عنده بمقدار لم تجر العادة على تعطيله وعد متوانياً متسامحاً كالتأخير بضعة أشهر مثلاً ، فإن عطله كذلك ضمنه لو تلف لكن لم يستحق المالك عليه غير أصل المال ، وليس له مطالبته بالربح الذي كان يحصل على تقدير الإتجار به.

مسألة ٦٧٨ : يجوز إيقاع الجعالة على الإتجار بمال وجعل الجعل حصة من الربح ، بأن يقول صاحب المال مثلاً إذا اتجرت بهذا المال وحصل ربح فلك نصفه أو ثلثه ، فتكون جعالة تفيد فائدة المضاربة ، لكن لا يشترط فيها ما يشترط في المضاربة فلا يعتبر كون رأس المال من النقدين أو ما بحكمهما بل يجوز أن يكون ديناً أو منفعة.

مسألة ٦٧٩ : يجوز للأب والجد المضاربة بمال الصغير مع عدم المفسدة ، وكذا القيم الشرعي كالوصي والحاكم الشرعي مع الأمن من الهلاك وملاحظة الغبطة والمصلحة ، بل يجوز للوصي على ثلث الميت أن يدفعه إلى الغير بالمضاربة وصرف حصة الميت من الربح في المصارف المعينة للثلث إذا أوص به الميت ، بل وإن لم توص به لكن فوض أمر الثلث

٢٠٩

بنظر الوصي فرأى الصلاح في ذلك.

مسألة ٦٨٠ : إذا مات العامل وكان عنده مال المضاربة فإن علم بوجوده فيما تركه بعينه فلا إشكال ، وإن علم بوجوده فيه من غير تعيين ـ بأن كان ما تركه مشتملاً على مال نفسه ومال المضاربة أو كان عنده أيضاً ودائع أو بضائع لأناس آخرين واشتبه أعيانها بعضها مع بعض يعمل بما هو العلاج في نظائره من اشتباه أموال ملاك متعددين بعضها مع بعض ، وهل هو بإيقاع المصالحة أو بإعمال القرعة أو بإيقاع الأولى فإن لم يتيسر فبإعمال الثانية؟ وجوه أظهرها الأخير.

نعم لو علم المال جنساً وقدراً وقد امتزج بمال العامل على نحو تحصل به الشركة يكون المجموع مشتركاً بين رب المال وورثة الميت فيقاسمانه بالنسبة.

مسألة ٦٨١ : إذا مات العامل وعلم بعدم بقاء مال المضاربة في تركته واحتمل أنه قد رده إلى مالكه أو تلف بتقصير منه أو بغيره فالظاهر أنه لا يحكم على الميت بالضمان ويكون الجميع لورثته بلا تعلق حق للمالك بها ، وكذا لو احتمل بقاؤه فيها على الأظهر.

٢١٠

كتاب الوديعة

٢١١
٢١٢

الوديعة هي : ( جعل صيانة عين وحفظها على عهدة الغير ) ويقال للجاعل ( المودع ) ولذلك الغير ( الودعي ) و( المستودع ).

مسألة ٦٨٢ : تحصل الوديعة بإيجاب من المودع بلفظ أو فعل مفهم لمعناها ـ ولو بحسب القرائن ـ وبقبول من الودعي دال على التزامه بالحفظ والصيانة.

مسألة ٦٨٣ : إذا طلب شخص من آخر أن يكون ماله وديعة لديه فلم يوافق على ذلك ولم يتسلمه منه ومع ذلك تركه المالك عنده ومضى فتلف المال لم يكن ضامناً ، وإن كان الأولى أن يحفظه بقدر الإمكان.

مسألة ٦٨٤ : من لا يتمكن من حفظ الوديعة لا يجوز له قبولها على الأقوى ، ولو تسلمها كان ضامناً ، نعم مع علم المودع بحاله يجوز له القبول ولا ضمان عليه.

مسألة ٦٨٥ : الوديعة جائزة من الطرفين وإن كانت مؤجلة فيجوز لكل منهما فسخها متى شاء ، نعم مع اشتراط عدم فسخها إلى أجل معين ـ بمعنى التزام المشروط عليه بأن لا يفسخها إلى حينه ـ يصح الشرط ويجب عليه العمل به سواء جعل ذلك شرطا في ضمن نفس عقد الوديعة أو في ضمن عقد خارج لازم ولكن مع ذلك ينفسخ بفسخه وإن كان آثماً.

مسألة ٦٨٦ : لو فسخ الودعي الوديعة وجب عليه أن يوصل المال فوراً إلى صاحبه أو وكيله أو وليه أو يخبره بذلك ، وإذا لم يفعل من دون عذر شرعي وتلف فهو ضامن.

مسألة ٦٨٧ : يعتبر في المودع والودعي : البلوغ والعقل والاختيار

٢١٣

والقصد فلا يجوز استقلال الصبي بإيداع ماله عند آخر وإن كان مميزا وإذن وليه في ذلك ، كما لا يصح استيداعه مطلقاً ، نعم يجوز أن يودع الطفل المميز مال غيره بإذنه كما مر نظيره في البيع ، ويعتبر في المودع أيضاً أن لا يكون سفيهاً ولا محجوراً عليه لفلس إلا إذا لم تكن الوديعة من أمواله التي حجر عليها ، كما يعتبر في الودعي أن لا يكون محجوراً عليه في ماله لسفه أو فلس إذا كانت صيانة الوديعة وحفظها تتوقف على التصرفات الناقلة أو المستهلكة فيه.

مسألة ٦٨٨ : لا يجوز تسلم ما يودعه الصبي من أمواله ومن أموال غيره بدون إذن مالكه ، فإن تسلمه الودعي ضمنه ووجب رد مال الطفل إلى وليه ، ورد مال الغير إلى مالكه ، نعم لو خيف على ما في يد الطفل من التلف والهلاك جاز أخذه منه حسبة ووجب رده إلى الولي أو المالك ولا يضمنه الآخذ حينئذ من دون تعد أو تفريط.

مسألة ٦٨٩ : إذا أودع عند الصبي أو المجنون مالا لم يضمناه بالتلف ، بل ولا بالإتلاف إذا لم يكونا مميزين ، وإلا ضمناه بالإتلاف ولا يضمنانه بمجرد القبض ، وفي ضمانهما بالتفريط والإهمال إشكال والأظهر عدم الضمان.

مسألة ٦٩٠ : يجب على الودعي حفظ الوديعة بما جرت العادة بحفظها به ووضعها في الحرز الذي يناسبها كالصندوق المقفل للثوب والدراهم والحلي ونحوها والاصطبل المضبوط بالغلق للدابة ، وبالجملة حفظها في محل لا يعد معه عند العرف مضيعاً ومفرطاً وخائناً ، حتى فيما إذا علم المودع بعدم وجود حرز مناسب لها عند الودعي فيجب عليه بعدما قبل الاستيداع تحصيله مقدمة للحفظ الواجب عليه ، وكذا يجب عليه القيام بجميع ما له دخل في صونها من التعيب والتلف كالثوب ينشره في الصيف

٢١٤

إذا كان من الصوف أو الإبريسم والدابة يعلفها ويسقيها ويقيها من الحر والبرد فلو أهمل وقصر في ذلك ضمنها.

مسألة ٦٩١ : إذا عين المودع لحفظ ماله محلاً وقال للودعي : ( احفظه هنا ولا تنقله إلى محل آخر وإن احتملت تلفه فيه ) لم يكن له حينئذ أن ينقله إلى محل آخر ولو فعل وتلف ضمن ، نعم إذا علم بأن بقاءه في ذلك المحل يؤدي إلى تلفه وهلاكه جاز له نقله منه إلى مكان يؤمن عليه من ذلك.

مسألة ٦٩٢ : إذا عين المودع للوديعة محلاً معيناً وكان ظاهر كلامه ـ ولو بحسب القرائن ـ أنه لا خصوصية لذلك المحل عنده وإنما كان تعيينه نظراً إلى أنه أحد موارد حفظه فللودعي أن يضعه في محل آخر أحفظ من المحل الأول أو مثله ، ولو تلف المال ـ حينئذ ـ لم يضمن.

مسألة ٦٩٣ : لو تلفت الوديعة في يد الودعي من دون تعدٍّ منه ولا تفريط لم يضمنها وكذا لو أخذها منه ظالم قهراً سواء انتزعها من يده أو أمره بدفعها إليه بنفسه فدفعها كرهاً ، نعم لو سبب إلى استيلائه عليها ضمنها بل يضمنها بمجرد الأخبار بوجودها عنده أو إظهارها للغير في محل يكون بذلك في معرض اطلاع الظالم واستيلائه عليها ما لم يرتفع خطره عنها.

مسألة ٦٩٤ : لو تمكن من دفع الظالم بالوسائل المشروعة الموجبة لسلامة الوديعة وجب حتى أنه لو توقف دفعه عنها على إنكارها كاذباً بل الحلف على ذلك جاز بل وجب فإن لم يفعل ضمن ، وفي وجوب التورية عليه مع التفاته إليها وتيسرها له إشكال وإن كان هو الأحوط لزوماً.

مسألة ٦٩٥ : إذا كانت مدافعته الظالم مؤدية إلى الضرر على بدنه من جرح وغيره او هتك في عرضه أو خسارة في ماله لا يجب تحمله ، بل لا يجوز في بعض مراتبها ، نعم لو كان ما يترتب عليها يسيراً جداً بحيث يتحمله غالب الناس ـ كما إذا تكلم معه بكلام خشن لا يكون هاتكاً له بالنظر إلى

٢١٥

شرفه ورفعة قدره وإن تأذى منه بالطبع ـ فالظاهر وجوب تحمله.

مسألة ٦٩٦ : لو توقف دفع الظالم عن الوديعة على بذل مال له أو لغيره ، فإن كان يندفع بدفع بعضها وجب ، فلو أهمل فأخذ الظالم كلها ضمن المقدار الزائد على ما يندفع به منها لإتمامها ، فلو كان يندفع بدفع نصفها فأهمل فأخذ تمامها ضمن النصف ، ولو كان يقنع بالثلث فأهمل فأخذ الكل ضمن الثلثين وهكذا ، وكذا الحال فيما إذا كان عنده من شخص وديعتان وكان الظالم يندفع بدفع إحداهما فأهمل حتى أخذ كلتيهما ، فإن كان يندفع بإحداهما المعين ضمن الأخرى ، وإن كان بإحداهما لا بعينها ضمن أكثرهما قيمة ، ولو توقف دفعه على المصانعة معه بدفع مال من الودعي لم يجب عليه دفعة تبرعاً ومجاناً ، وأما مع الرجوع به على المالك فإن أمكن الاستئذان منه أو ممن يقوم مقامه كالحاكم عند عدم الوصول إليه لزم ، فإن دفع بلا استئذان لم يستحق الرجوع به عليه وإن كان من قصده ذلك ، وإن لم يمكن الاستئذان فإن كان يعد عرفاً مقصراً في حفظ الوديعة لولم يدفع المال لأجله وجب عليه دفعه ويجوز له الرجوع به على المالك إذا كان من قصده الرجوع عليه.

مسألة ٦٩٧ : لو كانت الوديعة دابة يجب عليه سقيها وعلفها بالمقدار المتعارف ولولم يأمره المالك بذلك بل ولو نهاه عنه إذا كان تركه مؤدياً إلى تلفها ، ولا يجب إن يكون ذلك بمباشرته ، وإن يكون ذلك في موضعها ، فيجوز أن يسقيها بخادمه مثلاً ، وكذا يجوز إخراجها من منزله للسقي وإن أمكن سقيها في موضعها بعد جريان العادة بذلك ، نعم لو كان الطريق مخوفاً لم يجز إخراجها ، كما أنه لا يجوز أن يولي غيره لذلك إذا كان غير مأمون إلا مع مصاحبته أو مصاحبة أمين معه ، وبالجملة لابد من مراعات حفظها على المعتاد بحيث لا يعد معها عرفاً مفرطاً ومتعدياً.

هذا بالنسبة إلى أصل سقيها وعلفها ، وأما بالنسبة إلى نفقتها فإن

٢١٦

وضع المالك عنده عينها أو قيمتها أو إذن له ـ ولو ضمناً ـ في الإنفاق عليها من ماله على ذمته فلا إشكال ، وإلا فالواجب أولا الاستئذان من المالك أو وكيله ، فإن تعذر رفع الأمر إلى الحاكم ليأمره بما يراه صلاحاً ولو ببيع بعضها للنفقة ، فإن تعذر الحاكم أنفق هو من ماله ويجوز له الرجوع به على المالك مع نيته.

مسألة ٦٩٨ : لو جن المالك المودع جنونا إطباقياً أو أغمي عليه كذلك بطلت الوديعة ووجب على الودعي أن يوصل المال إلى وليه فوراً أو إخبار الولي به ، ولو تركه من غير عذر شرعي وتلف ضمن ، وأما لو كان جنونه أو إغماؤه أدوارياً ففي بطلان الوديعة به إشكال.

مسألة ٦٩٩ : إذا مات المالك المودع بطلت الوديعة ، فإن انتقل المال إلى وارثه من دون أن يكون متعلقاً لحق الغير وجب على الودعي إيصاله إلى الوارث أو وليه أو إعلامه بذلك ـ بخلاف ما إذا لم ينتقل إليه أصلاً كما لو أوصى بصرفه في الخيرات وكانت وصيته نافذة أو انتقل متعلقاً لحق الغير كأن يكون عيناً مرهونة اتفق الراهن والمرتهن على إيداعها عند ثالث ـ فإن أهمل لا لعذر شرعي ضمن ، ومن العذر عدم علمه بكون من يدعي الإرث وارثاً أو انحصار الوارث فيه ، فإن في مثل ذلك يجوز له التأخير في رد المال لأجل التروي والفحص عن حقيقة الحال ولا يكون عليه ضمان مع عدم التعدي والتفريط.

مسألة ٧٠٠ : لو مات المودع وتعدد مستحق المال وجب على الودعي أن يدفعه إلى جميعهم أو إلى وكيلهم في قبضه ، فلو دفع تمام الوديعة إلى أحدهم من دون إجازة الباقين ضمن سهامهم.

مسألة ٧٠١ : لو مات الودعي أو جن جنوناً مطبقاً أو أغمي عليه كذلك بطلت ووجب على من بيده المال إعلام المودع به أو إيصاله إليه فوراً ، وأما

٢١٧

لو كان جنونه أو إغماؤه أدوارياً ففي بطلان الوديعة به إشكال.

مسألة ٧٠٢ : يجب رد الوديعة عند المطالبة في أول وقت الإمكان وإن كان المودع كافراً محترم المال ، بل وإن كان حربياً مباح المال فإنه يحرم خيانته ولا يصح تملك وديعته ولا بيعها على الأحوط ، والذي هو الواجب عليه رفع يده عنها والتخلية بين المالك وبينها لا نقلها إلى المالك ، فلو كانت في صندوق مقفل أو بيت مغلق ففتحهما عليه فقال هاهي وديعتك خذها فقد أدى ما هو تكليفه وخرج عن عهدته ، كما أن الواجب عليه مع الإمكان الفورية العرفية ، فلا يجب عليه الركض ونحوه والخروج من الحمام فوراً وقطع الطعام والصلاة وإن كانت نافلة ونحو ذلك ، وهل يجوز له التأخير ليشهد عليه؟ قولان أقواهما ذلك إذا كان في معرض المطالبة بها بعد ذلك سواء أكان الإيداع مع الإشهاد أم لا ، هذا إذا لم يرخص المودع في التأخير وعدم الإسراع والتعجيل ، وإلا فلا إشكال في عدم وجوب المبادرة.

مسألة ٧٠٣ : لو أودع اللص ما سرقه عند أحد لا يجوز له رده عليه مع الإمكان ، بل يكون أمانة شرعية في يده ، فيجب عليه إيصاله إلى صاحبه أو إعلامه به إن عرفه وإلا عرف به ، فإن يأس من الوصول إليه تصدق به عنه ، والأحوط أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي ، ولو صادف فوجد المالك ولم يرض بالتصدق ضمنه له على الأحوط.

مسألة ٧٠٤ : كما يجب رد الوديعة عند مطالبة المالك يجب ردها إذا خاف عليها من تلف أو سرق أو عيب ونحو ذلك ، فإن أمكن إيصالها إلى المالك أو وكيله الخاص أو العام أو إعلامه بذلك تعين ، وإلا فليوصلها إلى الحاكم الشرعي أو يعلمه بالحال لو كان قادرا على حفظها ، ولو فقد الحاكم أولم يكن متمكناً من حفظها بسبب من الأسباب أودعها ـ مع الاستئذان من الحاكم على تقدير وجوده ـ عند ثقة أمين متمكن من حفظها.

٢١٨

مسألة ٧٠٥ : إذا أحس الودعي بأمارات الموت في نفسه ولم يكن وكيلاً في تسليمها إلى غيره فإن أمكنه إيصالها إلى صاحبها أو وكيله أو وليه أو إعلامه بذلك تعين عليه ذلك على الأحوط ، وإن لم يمكنه لزمه الاستيثاق من وصولها إلى صاحبها بعد وفاته ولو بالإيصاء بها والاستشهاد على ذلك وإعلام الوصي والشاهد باسم صاحب الوديعة وخصوصياته ومحله.

مسألة ٧٠٦ : يجوز للودعي أن يسافر ويبقي الوديعة في حرزها عند أهله وعياله إذا لم يتوقف حفظها على حضوره ، وإلا فإن لم يكن السفر ضرورياً لزمه أما الإقامة وترك السفر ، وأما إيصالها إلى مالكها أو وكيله أو وليه أو إعلامه بالحال ، وإن لم يمكنه الإيصال ولا الإعلام تعين عليه الإقامة وترك السفر ، ولا يجوز له أن يسافر بها ولو مع أمن الطريق ولا إيداعها عند الأمين.

وأما لو كان السفر ضرورياً فإن تعذر إيصالها إلى المالك أو وكيله أو وليه أو إعلامه بالحال فالظاهر أنه يتخير بين أن يسافر بها مع أمن الطريق أو إيداعها عند أمين ، ولو سافر بها حافظ عليها بقدر الإمكان ولا ضمان عليه لو تلفت ، نعم في الأسفار الخطرة اللازم أن يعامل فيه معاملة من ظهر له أمارات الموت وقد تقدم آنفا.

هذا كله فيما إذا لم يكن مأذوناً في السفر بها أو تسليمها إلى غيره عند طرو السفر له وإلا فلا إشكال في أن له ذلك.

مسألة ٧٠٧ : المستودع أمين ليس عليه ضمان لو تلفت الوديعة أو تعيبت بيده إلا عند التفريط أو التعدي كما هو الحال في كل أمين ، أما التفريط فهو الإهمال في محافظتها وترك ما يوجب حفظها على مجرى العادات بحيث يعد معه عند العرف مضيعاً ومسامحاً ، كما إذا طرحها في محل ليس بحرز وذهب عنها غير مراقب لها ، أو ترك سقي الدابة وعلفها على

٢١٩

النحو المتعارف أو ترك إيداعها أو السفر بها مع توقف حفظها على ذلك ، أو ترك نشر ثوب الصوف أو الإبريسم في الصيف وما يقوم مقامه في حفظه ، أو ترك التحفظ من الندى فيما تفسده النداوة كالكتب وبعض الأقمشة وغير ذلك.

وأما التعدي فهوإن يتصرف فيها بما لم يأذن له المالك ، مثل أن يلبس الثوب أو يفرش الفراش أو يركب الدابة إذا لم يتوقف حفظها على التصرف ، كما إذا توقف حفظ الثوب والفراش من الدود على اللبس والافتراش ، أو يصدر منه بالنسبة إليها ما ينافي الأمانة وتكون يده عليها على وجه الخيانة ، كما إذا جحدها لا لمصلحة الوديعة ولا لعذر من نسيان ونحوه ، وقد يجتمع التفريط مع التعدي ، كما إذا طرح الثوب أو القماش أو الكتب ونحوها في موضع يعفنها أو يفسدها ، ولعل من ذلك ما إذا أودعه دراهم مثلاً في كيس مختوم أو مخيط أو مشدود فكسر ختمه أو حل خيطه وشده من دون ضرورة ومصلحة ، ومن التعدي خلط الوديعة بماله ، سواء أكان بالجنس أم بغيره ، وسواء أكان بالمساوي أم بالأجود أم بالأردأ ، ومنه أيضا مالو خلطه بالجنس أم بغيره ، وسواء أكان بالمساوي أم بالأجود أم بالأردأ ، ومنه أيضاً ما لو خلطه بالجنس من مال المودع من دون مبرر ومن غير أن يكون مأذوناً في ذلك كما إذا أودع عنده دراهم في كيسين غير مختومين ولا مشدودين فجعلهما كيساً واحداً.

مسألة ٧٠٨ : معنى كونها مضمونة بالتفريط والتعدي كون بدلها عليه لو تلفت ولولم يكن تلفها مستندا إلى تفريطه وتعديه ، وبعبارة أخرى تتبدل يده الأمانية غير الضمانية إلى الخيانية الضمانية.

مسألة ٧٠٩ : لو نوى التصرف في الوديعة ولم يتصرف فيها لم يضمن بمجرد النية ، نعم لو نوى الغصبية بأن قصد الاستيلاء عليها والتغلب على مالكها كسائر الغاصبين ضمنها لصيرورة يده يد عدوان بعدما كانت يد استئمان ، ولو رجع عن قصده فلا يبعد زوال الضمان ، وأما لو جحد الوديعة

٢٢٠