روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


المحقق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-950-X
الصفحات: ٤٦٣
الجزء ١ الجزء ٢

وقف عليها.

وإنّما أطنبنا القول في هذه المسألة ؛ لفوائد (١) فيها ، وشدّة الحاجة إليها ، والله الموفّق.

وبعد ذلك كلّه فالقول بالكراهة أقوى ؛ لأنّ هذه الأدلّة وإن دلّت على التحريم لكن يلزم من القول به اطّراح الأخبار الدالّة على الإباحة أصلاً ومنها ما هو صحيح وهو غير جائز مع إمكان الجمع ، وهو هنا ممكن بحمل أخبار النهي على الكراهة ، كما تقدّم ، بخلاف العكس ؛ فإنّه لا يتوجّه معه حمل أخبار الإباحة على وجه يحصل معه الجمع ، وما تقدّم من وجوه الترجيح إنّما يتمّ مع تحقّق التعارض بحيث لا يمكن الجمع ، وحينئذٍ يتعيّن الجمع بين القراءتين بما ذُكر وإن بعُدَ حذراً من معارضة الكتاب للسنّة ، وكما يجب الجمع بين أجزاء الكتاب كذا يجب الجمع بينه وبينها ، وفيه مع ذلك موافقة لأكثر الأصحاب وكُبرائهم.

واعلم أنّ الأكثر (٢) نقلوا عن الصدوق القول بالمنع من الوطي قبل الغسل من غير تفصيل.

ونقل المصنّف في المختلف عنه القول بأنّه مع عدم الغسل إذا غلبته الشهوة أَمَرَها بغَسل فرجها. (٣) وفي بعض (٤) الأخبار التي استدلّ بها المجوّزون دلالة على هذا التفصيل.

لكن يبقى على هذا النقل القول بالمنع مطلقاً لا يعلم به قائل ، فيشكل المصير إليه وإن قويت الدلالة عليه.

ثمّ على القول بالتحريم بوجه من الوجوه هل يتوقّف حلّ الوطي على التيمّم بدلاً من الغسل؟ الظاهر نعم ، وبه صرّح في الذكرى والدروس ، (٥) وفي بعض الأخبار عن الصادق عليه‌السلام (٦) دلالة عليه ، لكن في طريقه ضعف.

وكذا تزول الكراهة بالتيمّم عند تعذّر الغسل عند المجوّزين.

واستقرب المصنّف في النهاية عدم وجوب التيمّم وإن قلنا بوجوب الغسل ، (٧)

__________________

(١) في «ق ، م» : «لكثرة الفوائد».

(٢) منهم : المحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٣٣٣.

(٣) مختلف الشيعة ١ : ١٨٩ ، المسألة ١٣٤.

(٤) الكافي ٥ : ٥٣٩ / ١ ؛ التهذيب ١ : ١٦٦ / ٤٧٥ ، و ٧ : ٤٨٦ / ١٩٥٢ ؛ الاستبصار ١ : ١٣٥ / ٤٦٣.

(٥) الذكرى ١ : ٢٧٢ ؛ الدروس ١ : ١٠١.

(٦) الكافي ٣ : ٨٢ / ٣ ؛ التهذيب ١ : ٤٠٠ / ١٢٥٠ ، و ٤٠٥ / ١٢٦٨.

(٧) نهاية الإحكام ١ : ١٢١.

٢٢١

ولم يذكر له سنداً.

ولو قلنا بوجوب التيمّم وتعذّر الصعيد ، فهل يباح الوطء من غير شبق ، أو معه عند مَنْ أطلق القول بالمنع؟ استقرب المصنّف في النهاية عدمه ؛ لفقد الشرط. (١)

واستحبّ المصنّف (٢) وأكثر (٣) المجوّزين غَسل الفرج عند عدم الغسل.

قال في المعتبر : ومن الأصحاب مَنْ أورد ذلك بلفظ الوجوب. (٤) فإن أراد به الصدوق ، وإلا فهو قول آخر بوجوب غَسل الفرج عند غلبة الشهوة دون الغُسل. ويمكن دلالة خبر محمد بن مسلم (٥) عليه.

ولا فرق في جواز الوطي بعد الانقطاع عند المجوّزين بين انقطاعه لأكثر الحيض أو لأقلّه ، ولا بين انقطاعه على العادة أو بعدها ، بل الدليل والفتوى شاملان للانقطاع قبلها أيضاً.

وربما استشكل الحكم هنا ، إلا أنّ هذا الإشكال لا يزول بالاغتسال قبل العادة ؛ لاحتمال معاودة الدم فيها. ولا يقال : لو أثّر هذا الاحتمال لتمشّي فيما بعد العادة قبل الوصول إلى الأكثر ؛ لاحتمال معاودته أيضاً والانقطاع على العشرة ؛ لأنّ قيام الاحتمال في زمان العادة الملحقة بالأُمور الجبلّيّة أقوى. ولا ريب أنّ الاحتياط طريق البراءة وإن كان لظاهر الحكم أمر آخر.

(و) يكره أيضاً لها (الخضاب) بحنّاء وغيره ؛ جمعاً بين الأخبار الدالّة على النهي عنه ، والمصرّحة بنفي البأس.

وعلّل في بعضها بأنّه يخاف عليها من الشيطان (٦) عند ذلك.

وليست العلّة منعه من وصول الماء إلى البشرة التي عليها الخضاب كما ذكره المفيد (٧) ؛ لأنّ ذلك لو تمّ ، لاقتضى التحريم لا الكراهة.

ويمنع كون اللون يحجب ما تحته من البشرة عن وصول الماء إليه ؛ لأنّه عَرَض.

__________________

(١) نهاية الإحكام : ١ : ١٢١.

(٢) مختلف الشيعة ١ : ١٨٩ ، المسألة ١٣٤.

(٣) منهم : المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٢٣٦ ؛ والشهيد في الذكرى ١ : ٢٧٢ ؛ والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٣٣٥.

(٤) المعتبر ١ : ٢٣٦.

(٥) الكافي ٥ : ٥٣٩ / ١ ؛ التهذيب ٧ : ٤٨٦ / ١٩٥٢.

(٦) علل الشرائع ١ : ٣٣٩ / ١ ، الباب ٢١٨.

(٧) المقنعة : ٥٨.

٢٢٢

(وحمل المصحف) بغير علاقة ، أمّا بها فقد نفى المصنّف الكراهة فيه عن الجنب ، (١) ولا فرق ، لكن ظاهر النصّ والفتوى يتناولهما.

وادّعى المحقّق في المعتبر إجماع الأصحاب على كراهة حمل المصحف بعلاقته لها. (٢)

(ولمس هامشه) من غير أن تمسّ الخط ، كلّ ذلك للتعظيم.

وحرّمه المرتضى لها كما حرّمه للجنب. (٣) وقد روي عن أبي الحسن موسى عليه‌السلام قال المصحف لا تمسّه على غير طهر ولا جنباً ولا تمسّ خيطه (٤) ولا تعلّقه ، إنّ الله يقول (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ). (٥) (٦) قال في المعتبر ونُزّل (٧) على الكراهة ؛ نظراً إلى عمل الأصحاب.

(٨) ولا بأس بتقليبه بعود ونحوه ؛ لعدم صدق المسّ.

(والجواز) وهو المرور من غير لَبثٍ (في المساجد) غير المسجدين ؛ للتعظيم ، هذا مع أمن التلويث ، وبدونه يحرم.

ومثلها السلس والمبطون والمجروح والصبي المنجّس والدابّة التي لا تؤكل.

وألحق جماعة (٩) من الأصحاب المشاهدَ بالمساجد. وهو حسن ، بل الأمر في المشاهد أغلظ ؛ لتأديتها فائدة المسجد وتزيد شرف المدفون بها.

(وقراءة) القرآن (غير العزائم) الأربع من غير تحريم بلا خلاف بين أصحابنا في ذلك.

وحرّمها الجمهور. (١٠)

لنا : قوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (١١) والأمر مطلق ، فلا يتقيّد بالطهارة.

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ : ١٠٤.

(٢) المعتبر ١ : ٢٣٤.

(٣) حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٢٣٤.

(٤) في «م» والاستبصار : «خطّه».

(٥) الواقعة (٥٦) : ٧٩.

(٦) التهذيب ١ : ١٢٧ / ٣٤٣ ؛ الإستبصار ١ : ١١٤١١٣ / ٣٧٨.

(٧) في «ق ، م» : «نُزّلت».

(٨) المعتبر ١ : ٢٣٤.

(٩) منهم : الشيخ المفيد في العزّيّة ، وابن الجنيد ، كما في الذكرى ١ : ٢٧٨.

(١٠) المجموع ٢ : ١٥٨ و ١٦٢ ؛ المغني ١ : ١٦٦١٦٥ ؛ الشرح الكبير ١ : ٢٤١٢٤٠.

(١١) المزّمّل (٧٣) : ٢٠.

٢٢٣

وما روي عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قلت : الجنب والحائض يقرءان شيئاً؟ قال نعم ما شاءا إلا السجدة ، ويذكران الله على كلّ حال. (١)

(والاستمتاع) منها (بما بين السرّة والركبة) لأنّه حريم الفرج ، ومَنْ رتع حول الحمى يوشك أن يخالطه كما ورد في الحديث ، (٢) ويستثنى من ذلك موضع الدم.

والقول بالكراهة هو المشهور ، وقد ورد التصريح به في عدّة أخبار ، (٣) ويدلّ عليه أيضاً نفي اللوم عن استمتاع الأزواج في الآية (٤) كيف كان ، خرج منه موضع الدم بالإجماع ، فيبقى الباقي ، ونحوه (فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ.) (٥) وحرّم المرتضى الاستمتاع منها بما تحت المئزر ، (٦) وعنى به ما بين السرّة والركبة ؛ لقوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ) (٧) خرج منه ما أُجمع على جوازه ، فيبقى الباقي ؛ لصدق القرب عليه.

ولقول الصادق عليه‌السلام تتّزر إلى الركبتين ، وتخرج سرّتها ثمّ له ما فوق الإزار. (٨)

وجوابه : أنّ حقيقة القرب ليست مرادةً من الآية إجماعاً ، فيحمل على المجاز المتعارف ، وهو الجماع ، أو يراد به قُرب مخصوص ، وهو القُرب الذي يكون معه إرادة الجماع ؛ لأنّه وسيلة المحرّم فيكون محرّماً. لكن يشكل هنا تحريم القرب نفسه ؛ لأنّ المحرّم إنّما هو الجماع.

ولقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله افعلوا كلّ شي‌ء إلا الجماع. (٩)

ولعلّ القرب كناية عنه عدولاً عن التصريح بما يستهجن التصريح به ، كالعدول عن اسم الحدث إلى مكانه ، ومثل ذلك كثير.

__________________

(١) علل الشرائع ١ : ٣٣٥ / ١ ، الباب ٢١٠ ؛ التهذيب ١ : ٢٧٢٦ / ٦٧ و ١٢٩ / ٣٥٢ ؛ الاستبصار ١ : ١١٥ / ٣٨٤.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٧٢٤٧٢٣ / ١٩٤٦ ؛ سنن أبي داوُد ٣ : ٢٤٣ / ٣٣٢٩ ؛ سنن الترمذي ٣ : ٥١١ / ١٢٠٥.

(٣) الكافي ٥ : ٥٣٩٥٣٨ / ١ ٤ ؛ التهذيب ١ : ١٥٤ / ٤٣٨٤٣٦ و ١٥٥ / ٤٤٢ و ٤٤٣ ؛ الاستبصار ١ : ١٢٩١٢٨ / ٤٤١٤٣٧.

(٤) المؤمنون (٢٣) : ٥ و ٦.

(٥) البقرة (٢) : ٢٢٣.

(٦) حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٢٣٤ ؛ والعِمة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ١٨٥ ، المسألة ١٣٠.

(٧) البقرة (٢) : ٢٢٢.

(٨) الفقيه ١ : ٥٤ / ٢٠٤ ؛ التهذيب ١ : ١٥٤ / ٤٣٩ ؛ الاستبصار ١ : ١٢٩ / ٤٤٢.

(٩) صحيح مسلم ١ : ٢٤٦ / ٣٠٢ ؛ سنن ابن ماجة ١ : ٢١١ / ٦٤٤ ؛ سنن أبي داوُد ١ : ٦٧ / ٢٥٨ ؛ سنن البيهقي ١ : ٤٦٧ ، ذيل ح ١٥٠١ ؛ مسند أحمد ٣ : ٥٩٠ / ١١٩٤٥.

٢٢٤

والأخبار معارضة بأقوى منها ، فتُحمل على الكراهة ؛ جمعاً بين الأخبار ، مع أنّ في دلالتها على مطلوبه نظراً ؛ فإنّ كون ما فوق الإزار له لا يدلّ على نفي ما عداه إلا بمفهوم اللقب ، ونحوه غيره من الأحاديث التي استدلّ بها ، فالعمل على المشهور ، وهو الكراهة ؛ لاتّفاق المجوّزين عليه كما نقله عنهم في المعتبر. (١)

بقي هنا شي‌ء ، وهو أنّ الحدّ الفاصل بين المكروه وغيره وهو السرّة والركبة هل هو داخل في المكروه أم في غيره؟ الذي يقتضيه قولهم : ما بين السرّة والركبة : خروجهما منه.

وفي كلام الصادق عليه‌السلام المتقدّم (٢) إشارة إليه ؛ لأنّه أذن في إخراج سرّتها ، وهي أقوى الحدّين.

وفي المعتبر : لا بأس بالاستمتاع منها بما فوق السرّة وما تحت الركبة. (٣) وهو دالّ بمفهومه على دخولهما ، لكنّ الحكم مدلول عباراتهم للخبر ، ولموافقة صاحب المعتبر لهم في التعبير بالبينيّة فيه وفي غيره.

(ويستحبّ) لها (أن تتوضّأ عند) أي في وقت (كلّ صلاة) ولا تنوي بهذا الوضوء رفع الحدث ولا استباحة الصلاة ؛ لعدم حصولهما لها ؛ لاستمرار حدثها ، بل تنوي به القربة ، أو تضيف إليها غاية الكون (٤) والذكر.

(وتجلس في مصها) إن كان لها موضع معدّ لها تبعاً للشيخ (٥) والجماعة.

وقال المفيد : تجلس ناحيةً من مصلّاها. (٦)

والأخبار وكلام جماعة من الأصحاب خالية من تعيين المكان. قال في المعتبر : وهو المعتمد. (٧)

وفي خبر زرارة جلست في موضع طاهر (٨) وفي خبر زيد الشحّام ثمّ تستقبل

__________________

(١) المعتبر ١ : ٢٣٥.

(٢) في ص ٢٢٤.

(٣) المعتبر ١ : ٢٣٤.

(٤) أي : الكون في مصها.

(٥) النهاية : ٢٥ ؛ المبسوط ١ : ٤٥.

(٦) المقنعة : ٥٥.

(٧) المعتبر ١ : ٢٣٣.

(٨) الكافي ٣ : ١٠١ / ٤ ؛ التهذيب ١ : ١٥٩ / ٤٥٦.

٢٢٥

القبلة. (١)

(ذاكرةً) في حال جلوسها لله تعالى بتسبيح أو تحميد أو تهليل وغيرها ، رواه زرارة عن الباقر. (٢) عليه‌السلام وليكن مقدارَ الصلاة ؛ للخبر ، (٣) وللتمرين على العبادة بقدر الإمكان لئلا يشقّ تكليفها عند الوجوب بسبب اعتياد البدن الترك ، فإنّ الخير عادة ، وهذا من تفرّدات الإماميّة أيّدهم الله تعالى.

(ويجب عليها قضاء الصوم) الذي فات في أيّام حيضها من شهر رمضان إجماعاً.

وفي قضاء المنذور أو شبهه الذي وافق الحيض وجهان أقربهما عند المصنّف : عدم الوجوب. (٤)

واختار الشهيد رحمه‌الله الوجوب. (٥)

(دون) قضاء (الصلاة) اليوميّة بإجماع علماء الإسلام.

وفي عدّة من الأخبار (٦) تصريح بعدم تعليل ذلك وأنّه محض تعبّد ، وفي بعضها (٧) أنّه دليل على بطلان القياس لأنّ الصلاة أفضل من الصوم.

وروى الحسين (٨) بن راشد عن أبي عبد الله عليه‌السلام حيث سأله عن الوجه في ذلك ، فقال إنّ أوّل مَنْ قاس إبليس. (٩)

وقد تمحّل للفرق بعضهم بأشياء مدفوعة بما أوردناه.

وهل يلحق باليوميّة غيرها من الصلوات الواجبة عند عروض أسبابها في وقت الحيض كالكسوف؟ وجهان ، أقربهما : ذلك ، ويستثنى من ذلك الزلزلة ؛ فإنّ وقتها العمر.

وأمّا ركعتا الطواف فلاحقتان بالطواف.

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٠١ / ٣ ؛ التهذيب ١ : ١٥٩ / ٤٥٥.

(٢) الكافي ٣ : ١٠١ / ٤ ؛ التهذيب ١ : ١٥٩ / ٤٥٦.

(٣) الكافي ٣ : ١٠١ / ٤ ؛ التهذيب ١ : ١٥٩ / ٤٥٦.

(٤) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.

(٥) الدروس ١ : ١٠١.

(٦) منها ما في علل الشرائع ١ : ١١١ ١١٣ / ٥ ، الباب ٨١.

(٧) علل الشرائع ١ : ١٠٨ / ٢ ، الباب ٨١.

(٨) في المصادر : الحسن.

(٩) الكافي ٣ : ١٠٤ / ١ ؛ التهذيب ١ : ١٦٠ / ٤٥٨ و ٤ : ٢٦٧ / ٨٠٧ ؛ الاستبصار ٢ : ٩٣ / ٣٠١.

٢٢٦

ولو عرض الحدث (١) بعد دخول الوقت الموسّع بمقدار ما يسع الصلاة وشرائطها ، وجب قضاؤها ؛ لتفريطها في أوّل الوقت.

ولو انقطع وقد بقي من الوقت قدر ركعة بعد تحصيل الشرائط المفقودة ، وجب الأداء ، ومع الإخلال القضاء. وهنا أقوال أُخر هذا أجودها.

__________________

(١) في «ق ، م» : «الحيض» بدل «الحدث».

٢٢٧

(المقصد الثالث : في الاستحاضة والنفاس)

إمّا الاستحاضة : فهي في الأصل استفعال من الحيض ، يقال : استحيضت المرأة ، بالبناء للمجهول ، فهي تستحاض لا تستحيض : إذا استمرّ بها الدم بعد أيّامها فهي مستحاضة ، ذكره الجوهري. (١)

وكأنّ بناءه للمعلوم غير مسموع ، واشتقاقها من الحيض مبنيّ على الغالب ، فلا يشترط فيها إمكان الحيض ، فالصغيرة واليائسة يمكن فيهما الاستحاضة دون الحيض.

والأكثر إطلاق الاستحاضة على كلّ دم يخرج من الرحم وليس بحيض ولا نفاس ولا قرح ولا جرح ، سواء اتّصل بالحيض ، كالمتجاوز لأكثره ، أم لا ، كالذي تراه الصغيرة ، فإنّه وإن لم يوجب الأحكام في الحال لكن عند البلوغ يجب عليها الغسل أو الوضوء ؛ لأنّ الأحداث من قبيل الأسباب التي هي من باب خطاب الوضع ولا يشترط فيها التكليف ، وقد يتخلّف المسبّب عن السبب لفقد شرطٍ ، وقد يتعلّق به في الحال أحكام الاستحاضة ، كنزح الجميع (٢) به وغسل الثوب من قليله وكثيره.

وربما خصّ اسم الاستحاضة بالدم المتّصل بدم الحيض ، ويسمّى ما عدا ذلك دم فساد ، لكنّ الأحكام فيهما لا تختلف.

والمصنّف جرى هنا على المشهور ، فقال (دم الاستحاضة في الأغلب أصفر بارد رقيق يخرج) من الرحم (بفتورٍ) وضعفٍ لا بدفعٍ ، فهو يقابل الحيض في أوصافه غالباً.

__________________

(١) الصحاح ٣ : ١٠٧٣ ؛ «ح ى ض».

(٢) أي : نزح جميع ماء البئر.

٢٢٨

وقيّد بالأغلب ؛ لأنّه قد يكون بهذه الصفة حيضاً ، وقد يكون بصفة الحيض استحاضةً ، كما تقدّم.

(و) الخارج (الناقص عن ثلاثة) أيّام متوالية (ممّا ليس بقرح ولا جرح ، والزائد عن) أيّام (العادة مع تجاوز العشرة ، و) الزائد (عن أيّام النفاس) وسيأتي بيانها (و) الخارج (مع) سنّ (اليأس استحاضة) خبر الجميع.

وقيّد في العادة بتجاوز العشرة ؛ لأنّ الدم لو انقطع على العاشر ، كان الجميع حيضاً ، وقد تقدّم وجه ذلك كلّه في الحيض.

ثمّ دم الاستحاضة ينقسم بحسب كثرته وتوسّطه وقلّته إلى ثلاثة أقسام ؛ لأنّه إمّا أن يكون بحيث إذا وضعت الكرسف يظهر عليه من داخل الفرج ولا يثقبه إلى خارجه ، أو يثقبه ولا يسيل عنه ، أو يسيل ، فهذه ثلاثة أقسام تختلف الأحكام فيها ، فيجب على المستحاضة وضع القطنة واعتبار حالها.

(فإن كان الدم لا يغمس القطنة) أي : لا يثقبها إلى خارج وإن دخل في باطنها كثيراً (وجب) عليها ثلاثة أشياء (الوضوء لكلّ صلاة) لأنّه في هذه الحالة حدث أصغر.

(وتغيير القطنة) لما سيأتي من عدم العفو عن هذا الدم في الصلاة قليله وكثيره ، وللإجماع ، كما نقله المصنّف في المنتهي ، (١) وهذا بخلاف السلس والمبطون والمجروح ؛ لعدم وجوب ذلك عليهم وإن كان أحوط ؛ تقليلاً للنجاسة.

والفرق : ورود النصّ على المستحاضة دونهم ، كما ذكره المصنّف. (٢)

ويمكن الفرق بالإجماع المذكور عليها دونهم.

وغَسل ما ظهر من الفرج ، وهو ما يبدو منه عند الجلوس على القدمين إن أصابه الدم.

وهذا هو المشهور في هذا القسم ، ومستنده أخبار كثيرة دلّت على الوضوء دون الغسل.

وفيه قولان آخران :

أحدهما : قول ابن أبي عقيل ، (٣) وهو أنّها لا يجب عليها وضوء في هذه الحالة

__________________

(١) منتهى المطلب ٢ : ٤٠٩.

(٢) منتهى المطلب ٢ : ٤٢٢.

(٣) حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٢٤٤.

٢٢٩

ولا غسل ؛ استناداً إلى ظاهر رواية عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام (١) حيث لم يذكر فيها الوضوء. لكن ذِكره في غير هذه (٢) من الأخبار كافٍ في الدلالة ، ويجب حمل المطلق على المقيّد.

والثاني : قول ابن الجنيد ، (٣) وهو وجوب غسل واحد هنا لليوم والليلة ؛ استناداً إلى رواية سماعة. (٤) وهي لا تدلّ على مطلوبه صريحاً ، بل هي أعمّ منه ، فتُحمل على ثقب الدم الكرسف ، وهي الحالة الوسطى ؛ جمعاً بينها وبين غيرها.

(وإن غمسها) ظاهراً وباطناً (وجب) عليها (مع ذلك) المذكور في القسم الأوّل شيئان آخران :

أحدهما (تغيير الخرقة) أو غَسلها إن كانت وأصابها الدم ، وإلا فلا.

(و) الثاني (الغسل لصلاة الغداة) فيجب عليها خمسة أشياء على المشهور.

وابن أبي عقيل على أصله المتقدّم (٥) من عدم إيجاب الوضوء وإن وجب الغسل.

وأوجب هو وابن الجنيد هنا الأغسال الثلاثة ، (٦) واختاره المحقّق في المعتبر ، (٧) والمصنّف في المنتهي. (٨) وأكثر الأخبار الصحيحة تدلّ على ذلك.

كصحيحة معاوية بن عمّار عن الصادق عليه‌السلام إذا ثقب الكرسف اغتسلت للظهرين تؤخّر هذه وتعجّل هذه ، وللعشاءين كذلك ، وتغتسل للصبح. (٩)

وصحيحة زرارة عن الباقر عليه‌السلام تصلّي كلّ صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم ، فإذا نفذ اغتسلت وصلّت. (١٠)

وحملها على النفوذ المشتمل على السيلان إنّما يتمّ لو دلّ على الغسل الواحد للحالة

__________________

(١) الكافي ٣ : ٩٠ / ٥ ؛ التهذيب ١ : ١٧١ / ٤٨٧.

(٢) في «ق» والطبعة الحجريّة : «غيره» بدل «غير هذه».

(٣) حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٢٤٤.

(٤) الكافي ٣ : ٨٩ ٩٠ / ٤ ؛ التهذيب ١ ١٧٠ / ٤٨٥.

(٥) آنفاً.

(٦) حكاه عنهما المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٢٤٤.

(٧) المعتبر ١ : ٢٤٥.

(٨) منتهى المطلب ٢ : ٤١٢.

(٩) الكافي ٣ : ٨٨ ٨٩ / ٢ ؛ التهذيب ١ : ١٠٦ / ٢٧٧ ؛ و ١٧٠ / ٤٨٤.

(١٠) التهذيب ١ : ١٦٩ / ٤٨٣.

٢٣٠

المتوسّطة خبر صحيح ، ولم يوجد من الأخبار المفيدة لذلك إلا موقوف سماعة ، قال المستحاضة إذا ثقب الكرسف اغتسلت الثلاثة ، وإن لم يجز الدم الكرسف فالغسل لكلّ يوم مرّة (١) وقريب منه موقوف زرارة ، الآتي.

وفي دلالتهما مع تسليمهما على ذلك نظر.

وبالجملة ، فالأخبار الموجودة في هذا الباب مختلفة على وجه لا يكاد يمكن الجمع بينها.

ففي خبر الصحّاف عن الصادق عليه‌السلام (٢) تعليق وجوب الأغسال الثلاثة على السيلان ، وعدم وجوب الغسل بل الوضوء لكلّ صلاة على عدمه. وخبر معاوية بن عمّار وزرارة ، المتقدّمان (٣) علّق فيهما الحكم بالثلاثة على النفوذ.

وروى حمّاد بن عيسى عن حريز عن زرارة قال في النفساء تقعد بقدر حيضها وتستظهر بيومين ، فإن انقطع الدم وإلا اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلّت ، فإن جاز الدم الكرسف تعصّبت واغتسلت ثمّ صلّت الغداة بغسل ، والظهر والعصر بغسل ، والمغرب والعشاء بغسل ، وإن لم يجز الدم الكرسف صلّت بغسل واحد (٤) وقريب منه خبر (٥) سماعة.

وحمل أكثر الأصحاب هذين الخبرين على الغمس وإن كان عدم جوا ز الكرسف أعمّ منه ، فدلله على الحالة الوسطى ؛ لعدم التصريح بها في خبرٍ على الخصوص ، لكنّهما موقوفان ، كما عرفت.

وقد استبعد أصحاب التفصيل رواية زرارة مع فضله وثقته عن غير إمامٍ. وصحيحة عبد الله بن سنان (٦) دلّت على الاغتسال ثلاثاً من غير تفصيل.

وأصحاب القول المشهور جمعوا هذه الأحاديث بما ذكروه من الحالات الثلاث. وفيه نظر.

(وإن سال) الدم عن الكرسف (وجب) عليها (مع ذلك) المذكور في الحالتين وهو خمسة أشياء شيئان آخران :

(غسل للظهر والعصر تجمع بينهما) بأن تؤخّر الاولى إلى آخر وقت فضيلتها وتُقدّم

__________________

(١) الكافي ٣ : ٨٩ ٩٠ / ٤ ؛ التهذيب ١ : ١٧٠ / ٤٨٥.

(٢) الكافي ٣ : ٩٥ ٩٦ / ١ ؛ التهذيب ١ : ١٦٨ ١٦٩ / ٤٨٢ ؛ الإستبصار ١ : ١٤٠ ١٤١ / ٤٨٢.

(٣) في ص ٢٣٠.

(٤) الكافي ٣ : ٩٩ / ٤ ؛ التهذيب ١ : ١٧٣ ١٧٤ / ٤٩٦.

(٥) تقدّمت الإشارة إلى مصدره في الهامش (١).

(٦) الكافي ٣ : ٩٠ / ٥ ؛ التهذيب ١ : ١٧١ / ٤٨٧.

٢٣١

الثانية في أوّل وقتها كذلك على الأفضل.

(وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما) في آخر وقت الاولى وأوّل وقت الثانية كذلك.

وهذه الحالة لا خلاف في وجوب الأغسال الثلاثة فيها ، وإنّما الخلاف في الوضوء.

فذهب ابن أبي عقيل إلى عدم وجوب الوضوء هنا ، (١) كما سلف ، (٢) وكذلك السيّد المرتضى بناءً على أصله من عدم إيجاب الوضوء مع غسلٍ من الأغسال. (٣)

وذهب المفيد إلى الاكتفاء بوضوء واحد للظهرين كالغسل ، ومثله للعشاءين. (٤)

والأخبار الصحيحة دلّت على المشهور.

واعلم أنّ وجوب الأغسال الثلاثة في هذه الحالة إنّما هو مع استمرار الدم سائلاً إلى وقت العشاءين ، فلو طرأت القلّة بعد الصبح ، فغسل واحد ، أو بعد الظهرين ، فغسلان خاصّة ، وهو ظاهر ، وأنّ اعتبار الجمع بين الصلاتين إنّما هو للاكتفاء بغسلٍ واحد لهما ، فلو فرّقتهما واغتسلت لكلّ واحدة غسلاً ، صحّ أيضاً ، بل ربما كان أفضل.

وكما تراعي معاقبة الصلاة للغسل ، كذلك تراعي معاقبتها للوضوء على أحوط القولين ؛ لأنّ العفو عن حدثها المستمرّ الواقع في الصلاة أو بينها وبين الطهارة إنّما وقع للضرورة ، فتقتصر على ما تقتضيه وما لا يمكن الانفكاك عنه ، واعتبار الجمع بين الفرضين بغسلٍ يدلّ عليه.

ولا يقدح في ذلك الاشتغالُ بعده بالستر وتحصيل القبلة والأذان والإقامة ؛ لأنّها مقدّمات الصلاة ، ولا انتظار الجماعة على ما اختاره المصنّف في النهاية ، (٥) والشهيد في الدروس. (٦)

وربما منع ذلك ؛ لعدم الضرورة.

ومنع المصنّف في المختلف من اعتبار معاقبة الصلاة للوضوء ، محتجّاً بعموم الأدلّة على تجويز فعل الطهارة في أوّل الوقت ، وعلى توسعة الوقت ، وعدم دلالة الأخبار على ذلك ؛

__________________

(١) حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٢٤٤.

(٢) في ص ٢٢٩.

(٣) حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٢٤٧.

(٤) المقنعة : ٥٦ ٥٧.

(٥) نهاية الإحكام ١ : ١٢٧.

(٦) الدروس ١ : ٩٩.

٢٣٢

إذ في بعضها تتوضّأ عند وقت كلّ صلاة (١) وفي بعضها الوضوء لكلّ صلاة (٢) وفي بعضها صلّت كلّ صلاة بوضوء. (٣) (٤)

وأُجيب بما تقدّم ، وبأنّ الصلاة بالحدث مخالف للأصل ، فيجب تقليله ما أمكن.

وفيه منع ؛ لخروج المستحاضة من البين بالنصّ الخاصّ الذي لا يدلّ على ذلك. ولا ريب أنّ الاحتياط طريق البراءة يقيناً.

بقي هنا أُمور لا بدّ من التنبيه عليها ليتمّ بها أحكام المستحاضة.

أحدها : أنّ الاعتبار في كمّيّة الدم بالنسبة إلى أحواله الثلاثة هل هو في جميع الأوقات بمعنى أنّ الكثرة مثلاً متى حصلت كفت في وجوب الغسل وإن كانت منقطعةً في وقت الصلاة ، فلو حصلت بعد صلاة الفجر مثلاً وانقطعت قبل الظهر ، وجب الغسل لها ، وكذا يكفي طروؤها بعد الظهرين إلى وقت صلاة العشاءين ، كما يشعر به خبر الصحّاف في قوله عليه‌السلام فلتغتسل وتصلّي الظهرين ثمّ لتنظر فإن كان الدم لا يسيل فيما بينها وبين المغرب فلتتوضّأ ولا غسل عليها ، وإن كان إذا أمسكت يسيل من خلفه صبيباً فعليها الغسل ثلاثاً (٥) إلى آخره ، ولأنّه حدث فيمنع ، سواء كان حصوله في وقت الصلاة أم في غيره. أو اعتباره إنّما هو عند وجوده في أوقات الصلوات ؛ لأنّها أوقات الخطاب بالطهارة ، فلا أثر لما قبلها؟ ظاهر المصنّف والشهيد في البيان : الأوّل. (٦) ولا تخفى قوّته.

وظاهر الدروس : الثاني ، وفي الذكرى حكاه بلفظ «قيل» بعد أن ادّعى فيهما أنّ ظاهر خبر الصحّاف يشعر به. (٧)

وقد عرفت أنّه إنّما يشعر بخلافه.

ويتفرّع عليهما ما لو كثر قبل الوقت ثمّ طرأت القلّة ، فعلى الأوّل يجب الغسل ؛ للكثرة المتقدّمة وإن كانت قد اغتسلت في أثنائها ؛ لأنّ المتأخّر منها عن الغسل كافٍ في السببيّة ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٩٥ ٩٦ / ١ ؛ التهذيب ١ : ١٦٨ ١٦٩ / ٤٨٢ ؛ الإستبصار ١ : ١٤٠ ـ ١٤١ / ٤٨٢.

(٢) الكافي ٣ : ٨٩ ٩٠ / ٤ ؛ التهذيب ١ : ١٧٠ / ٤٨٥.

(٣) الكافي ٣ : ٨٨ ٨٩ / ٢ ؛ التهذيب ١ : ١٠٦ ـ ١٠٧ / ٢٧٧ ، و ١٧٠ / ٤٨٤.

(٤) مختلف الشيعة ١ : ٢١٣ ، المسألة ١٥٤.

(٥) الكافي ٣ : ٩٥ ٩٦ / ١ ؛ التهذيب ١ : ١٦٨ ١٦٩ / ٤٨٢ ؛ الإستبصار ١ : ١٤٠ ـ ١٤١ / ٤٨٢.

(٦) نهاية الإحكام ١ : ١٢٩ ؛ البيان : ٦٧.

(٧) الدروس ١ : ٩٩ ـ ١٠٠ ؛ الذكرى ١ : ٢٤٢ و ٢٤٣ و ٢٥٣.

٢٣٣

وعلى الثاني لا غسل عليها ما لم توجد في الوقت متّصلةً أو طارئة.

ولو طرأت الكثرة بعد صلاة الظهرين ، فلا غسل لهما ، بل للعشاءين على الأوّل دون الثاني ، إلا مع استمرارها إلى وقتهما.

وهل يتوقّف صوم اليوم الحاضر على هذا الغسل ، الطارئ سببه بعد الظهرين؟ الظاهر : لا ، على القولين.

أمّا على الثاني : فظاهر ؛ لأنّه لم يوجب الغسل إلا بعد وجوده في وقت العشاءين وقد انقضى الصوم.

وأمّا على الأوّل : فلأنّه وإن حكم بكونه حدثاً في الجملة لكنّهم حكموا بصحّة الصوم مع إتيانها بالأغسال ، والغسل لهذا الحدث إنّما هو في الليلة المستقبلة ، ولا يتوقّف عليه صوم اليوم الحاضر.

واختار في الذكرى وجوبه هنا للصوم في سياق التفريع على أنّ الاعتبار في كمّيّته بأوقات الصلوات. (١) وتوقّف المصنّف في التذكرة. (٢)

الثاني : لو أرادت ذات الدم المتوسّط أو الكثير التهجّدَ بالنوافل ليلاً ، قدّمت الغسل على الفجر واكتفت به. وينبغي الاقتصار على التقديم على ما يحصل به الغرض ليلاً ، فلو زادت على ذلك هل تجب إعادته؟ يحتمل ، لما مرّ في الجمع بين الصلاتين به. وعدمه ؛ للإذن في التقديم من غير تقييدٍ. وكذا تُقدّمه الصائمةُ ، كما سيأتي.

الثالث : لو نسيت ذات الأغسال أو الغسل غسلاً حتى خرج وقت الصلاة أو نامت كذلك ، فهل يتوقّف الصوم الحاضر على الغسل بعد الوقت ، أو يكفي الغسل للصلاة الأُخرى إن وجب؟ يبنى على ما سبق فيما لو طرأت الكثرة بعد الظهرين ، وأولى بالوجوب هنا إن أوجبناه ثَمَّ. وعدم الوجوب فيهما أقوى اعتباراً بالأغسال المعهودة للصلاة ، وهي منتفية في الحالتين ، ولا بُعد في الحكم بكونه حدثاً مانعاً من العبادة على بعض الوجوه دون بعضٍ ؛ لظاهر النصّ والفتوى.

__________________

(١) الذكرى ١ : ٢٥٣.

(٢) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٩٢ ، الفرع «ب».

٢٣٤

(وهي مع) فعل (ذلك) المتقدّم من الغسل والوضوء وتغيير القطنة وغَسل المحلّ بحسب حال الدم (بحكم الطاهر) فيصحّ منها جميع ما يصحّ من الطاهر من الأُمور المشروطة بالطهارة ، كالصلاة والطواف والصوم ومسّ كتابة القرآن ودخول المساجد وقراءة العزائم والوطي ، كذا قاله المصنّف في النهاية. (١)

والظاهر عدم توقّف دخول المساجد لها على ذلك مع أمن التلويث.

وأمّا الوطء : فاشترطه الشيخ (٢) وجماعة (٣) بالغسل ؛ لما رواه عبد الملك (٤) بن أعين عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن المستحاضة كيف يغشاها زوجها؟ قال ينظر الأيّام التي كانت تحيض فيها فلا يقربها ، ويغشاها فيما سوى ذلك ، ولا يغشاها حتى يأمرها بالغسل. (٥)

ولوجود الأذى فيه ، كالحيض.

ويظهر من بعضهم (٦) اشتراط الوضوء أيضاً ؛ لقولهم : يحلّ وطؤها إذا فَعَلَت ما تفعله المستحاضة.

ولما رواه زرارة ، قال المستحاضة تكفّ عن الصلاة أيّام أقرائها ، وتستظهر بيوم أو يومين ، وإذا حلّت لها الصلاة حلّ لزوجها وطؤها (٧) وفي «إذا» معنى الشرط ، فينتفي حلّ الوطي عند انتفاء حلّ الصلاة ، وهي مشروطة بالوضوء معه.

وبالغ المفيد رحمه‌الله ، فحرّم الوطء قبل نزع الخرق وغسل الفرج بالماء (٨) أيضاً ؛ لأنّهما من محلّلات الصلاة.

واستقرب في المعتبر كون المنع على الكراهة المغلّظة ؛ لأنّه دم مرض وأذى ، فالامتناع فيه عن الزوجة أولى وليس بمحرَّم. (٩) واختاره الشهيد ؛ لعموم (فَإِذا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ) (١٠)

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ : ١٢٧.

(٢) النهاية : ٢٩ ؛ المبسوط ١ : ٦٧.

(٣) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : ٥٧ ؛ وابن الجنيد والسيّد المرتضى كما في المعتبر ١ : ٢٤٨ في ظاهر كلامهم.

(٤) في المصدر : «مالك» بدل «عبد الملك». وفي الذكرى ١ : ٢٥٠ كما في المتن.

(٥) التهذيب ١ : ٤٠٢ / ١٢٥٧ ، عن الإمام الباقرُ ؛ وفي الذكرى ١ : ٢٥٠ عن الإمام الصادقُ كما في المتن.

(٦) كالشيخ المفيد في المقنعة : ٥٧ ؛ والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٦٧.

(٧) التهذيب ١ : ٤٠١ / ١٢٥٣.

(٨) المقنعة : ٥٧.

(٩) المعتبر ١ : ٢٤٨.

(١٠) البقرة (٢) : ٢٢٢.

٢٣٥

يريد اغتسلن من الحيض و (نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنّى شِئْتُمْ) (١) و (إِلّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ.) (٢) ولما رواه عبد الله بن سنان عن الصادق عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول المستحاضة لا بأس أن يأتيها بعلها إلا أيّام قرئها. (٣)

ولما روي أنّ حمنة بنت جحش كانت مستحاضةً وكان زوجها يجامعها. (٤) وكذا امّ حبيبة. (٥)

ولأنّ الوطء لا يشترط فيه خلوّ الموطوءة من الحدث كالمرأة الجنب إلا ما خرج بنصّ خاصّ ، كالحائض والمنقطعة على الخلاف. ولأصالة الحلّ ، السالم عن المعارض الشرعي. (٦)

فإن قيل : ما ذكرتموه من الأحاديث دالّ على جواز وطي المستحاضة ونحن نقول به لكن مع فعل ما يجب عليها ، فما المانع من كون ما تضمّنه من الحلّ مشروطاً بذلك؟

قلنا : الألفاظ مطلقة ، والأصل عدم الاشتراط.

والجواب عن الرواية الأُولى : بحمل الغسل فيها على غسل الحيض ، بل هو الظاهر ؛ لعدم دلالته على غسل الاستحاضة.

وعن الثانية : بأنّ المراد بحلّ الصلاة الخروج من الحيض أو الغسل منه ؛ لأنّ الحيض لمّا كان مانعاً من الصلاة كان حلّ الصلاة بالخروج منه ، كما يقال : لا تحلّ الصلاة في الدار المغصوبة فإذا خرج حلّت ، فإنّ معناه زوال المانع الغصبي وإن كان بعد الخروج يفتقر إلى الطهارة وغيرها من الشروط ، وهذا وإن لم يكن معلوماً لكنّه محتمل ، ومع الاحتمال لا يكون دليلاً ، أو يُحمل عليه وإن كان دليلاً ؛ جمعاً بينه وبين غيره من الأدلّة.

وعن كونه أذى : بأنّه قياس لا يأتي عندنا.

وأمّا توقّفه على الوضوء وباقي الأفعال ففي غاية البُعد ؛ إذ لا تعلّق لها بالوطي.

__________________

(١) البقرة (٢) : ٢٢٣.

(٢) المؤمنون (٢٣) : ٦.

(٣) الكافي ٣ : ٩٠ / ٥ ؛ التهذيب ١ : ١٧١ / ٤٨٧.

(٤) سنن أبي داوُد ١ : ٨٣ / ٣١٠ ؛ سنن البيهقي ١ : ٤٨٧ ٤٨٨ / ١٥٦٢.

(٥) سنن أبي داوُد ١ : ٨٣ / ٣٠٩ ؛ سنن البيهقي ١ : ٤٨٧ / ١٥٦١.

(٦) الذكرى ١ : ٢٥٠.

٢٣٦

قال في الذكرى : وما أقرب الخلاف هنا من الخلاف في وطئ الحائض قبل الغسل. (١)

وقربه غير واضح وإن ناسبه بوجه ما.

واعلم أنّه يستفاد من قوله : إنّها مع فعل ما يجب عليها بحكم الطاهر فتستبيح الصلاة وغيرها : عدم تأثير الحدث الواقع بعد الطهارة في الاستباحة ، سواء وقع قبل الصلاة أم فيها مع مراعاة ما تقدّم من عدم التشاغل بما ليس من أسبابها ، ويجب تقييده بأمرين :

أحدهما : كون الحدث الطارئ من جنس المبحوث عنه ، فلو تعقّب الطهارة ريح ونحوه ، لزمها الوضوء ، وحينئذٍ فالأجود وجوب تجديد القطنة والخرقة. ولو انتقض ببولٍ ، وجب تجديدهما أيضاً ؛ لأنّ نجاسته غير ما ابتُليت به.

والثاني : أن لا يطرأ بعد ذلك انقطاعه للبرء قبل الصلاة ؛ فإنّه يجب حينئذٍ تجديد الطهارة ، وهي ما أوجبه الدم منها قبل الانقطاع ، لا الوضوء خاصّة خلافاً للمصنّف (٢) تبعاً للشيخ (٣) رحمه‌الله لأنّ انقطاع الدم يظهر معه حكم الحدث ، وإنّما أُبيحت الصلاة مع الدم للضرورة وقد زالت. وكذا لو انقطع له (٤) في أثناء الصلاة.

وإنّما وجب من الطهارة ما كان قبله ؛ لأنّ دم الاستحاضة في نفسه حدث يوجب الوضوء تارة والغسل أُخرى ، فإذا انقطع ، وجب ما كان يوجبه ، والطهارة السابقة أباحت بالنسبة إلى ما سلف قبلها من الدم.

قال في الذكرى : وهذه المسألة لم نظفر فيها بنصّ من قِبَل أهل البيت عليهم‌السلام ولكن ما أفتى به الشيخ هو قول العامّة بناءً منهم على أنّ حدث الاستحاضة يوجب الوضوء لا غير ، فإذا انقطع بقي على ما كان عليه ، ولمّا كان الأصحاب يوجبون به الغسل فليكن مستمرّاً. (٥) انتهى ، وهو في غاية الوضوح.

ونظيره ما سبق من حكم المصنّف بعدم اشتراط الغسل في صوم منقطعة الحيض ، فإنّه لا يتمّ إلا على مذهب العامّة لأعلى أُصولنا.

__________________

(١) الذكرى ١ : ٢٥١.

(٢) نهاية الإحكام ١ : ١٢٨.

(٣) المبسوط ١ : ٦٨.

(٤) أي : للبرء.

(٥) الذكرى ١ : ٢٥٢.

٢٣٧

ولو كان انقطاعه بعد الطهارة وقبل الصلاة لغير البرء بل انقطاع فترة إمّا لاعتيادها ذلك أو بإخبار عارف ، لم يؤثّر في الطهارة مطلقاً عند الشهيد ؛ لأنّه بعوده بعد ذلك كالموجود دائماً. (١)

واعتبر المصنّف في ذلك قصور الفترة عن الطهارة والصلاة ، فلو طالت بقدرهما ، وجبت الإعادة ؛ لتمكّنها من طهارة كاملة ، فلو لم تُعدها وصلّت فاتّفق عوده قبل الفراغ على خلاف العادة ، وجب عليها إعادة الصلاة ؛ لدخولها فيها مع الشكّ في الطهارة. (٢)

ومثله ما لو شكّت في الانقطاع هل هو للبرء أى لا؟ + أو هل يطول زمانه بمقدار الطهارة والصلاة أم لا؟ فتجب إعادة الطهارة ؛ لأصالة عدم العود ، لكن لو عاد قبل إمكان فعل الطهارة والصلاة ، فالوضوء بحاله ؛ لعدم وجود الانقطاع المانع من الصلاة مع الحدث.

وإنّما قال المصنّف : إنّها مع فعل ما يجب بحكم الطاهر ، ولم يقل : إنّها طاهر ؛ لاستمرار حدثها ، فلا تكون طاهراً حقيقةً ، لكنّها بحكم الطاهر في استباحة ما تستبيحه.

وربما علّل ذلك بهذيانات لا يخفى فسادها على مَنْ له أدنى تمييز.

(ولو أخلّت) المستحاضة (بالأغسال) الواجبة عليها في حال التوسّط والكثرة ، (لم يصحّ) منها (الصوم ؛) للنصّ. (٣)

ويظهر من المبسوط التوقّف فيه حيث أسنده إلى رواية الأصحاب. (٤)

لكن مع إخلالها بالغسل إنّما يجب عليها القضاء دون الكفّارة ، وهو اختيار المصنّف في التذكرة ، (٥) والشهيد (٦) وجماعة (٧) ؛ لأصالة عدم وجوبها ، وعدم الدليل.

وكذا القول في الحائض والنفساء بطريق أولى ؛ لما تقدّم من الخلاف في اشتراط صومهما بالغسل دونها. وأوجب المصنّف في المختلف عليها الكفّارة. (٨)

__________________

(١) الذكرى ١ : ٢٥١.

(٢) نهاية الإحكام ١ : ١٢٨.

(٣) الكافي ٤ : ١٣٦ / ٦ ؛ الفقيه ٢ : ٩٤ / ٤١٩ ؛ التهذيب ٤ : ٣١٠ / ٩٣٧.

(٤) المبسوط ١ : ٦٨.

(٥) تذكرة الفقهاء ١ : ٢٩١.

(٦) الذكرى ١ : ٢٤٩.

(٧) منهم : الصيمري في كشف الالتباس ١ : ٢٤٤ ؛ والمحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ٣٤٤.

(٨) لم نعثر عليه في مظانّه.

٢٣٨

والمراد بالأغسال المشترطة في صحّة الصوم الأغسالُ النهاريّة ، ولا يشترط في صحّة صوم يومٍ غسلُ الليلة المستقبلة ؛ لسبق تمامه ، وقد تقدّم.

وهل يشترط في اليوم الحاضر غسل ليلته الماضية؟ وجهان.

والحقّ أنّها إن قدّمت غسل الفجر ليلاً ، أجزأ عن غسل العشاءين إلى الصوم ، وإن أخّرته إلى الفجر ، بطل الصوم هنا وإن لم نُبطله لو لم يكن غيره.

واعلم أنّ إطلاقهم الحكم بتوقّف الصوم على الأغسال المعهودة يشعر بعدم وجوب تقديم غسل الفجر عليه للصوم ؛ لأنّ المعتبر منه للصلاة ما كان بعد الفجر فليكن للصوم كذلك ؛ لجَعلهم الإخلال به مبطلاً للصوم.

ولا يبعد ذلك وإن كان دم الاستحاضة حدثاً في الجملة ؛ لمغايرته لغيره من الأحداث على بعض الوجوه.

ويحتمل وجوب تقديمه على الفجر هنا ؛ لأنّه حدث مانع من الصوم ، فيجب تقديم غسله عليه ، كالجنابة والحيض المنقطع. ولأنّ جَعلَ الصوم غايةً لوجوب غسل الاستحاضة مع الغمس يدلّ عليه ؛ لأنّ ما كان غايته منه الفعل يقدّم عليه.

ولأنّ اغتفاره في بعض الأحيان بالنسبة إلى العبادات للمشقّة لا يوجب القياس عليه.

وقطع الشهيد رحمه‌الله بوجوب تقديمه. (١) وتوقّف المصنّف في النهاية. (٢)

وعلى القول بوجوب التقديم هل يراعى في فعله تضيّق الليل لفعله بحيث يجب الاقتصار من التقديم على ما يحصل به الغرض ، أم يجوز فعله فيه مطلقاً؟ لا ريب أنّ مراعاة التضيّق أحوط ؛ تقليلاً للحدث بينه وبين الصلاة بحسب الإمكان.

ولأنّ اغتفار الحدث الطارئ بينه وبينها رخصة ، فيقتصر فيها على مواضع الضرورة.

وحكمهم بتقديمه من غير تقييد يشعر بعدم اعتباره.

وجَعَله في الذكرى مع الصوم كغسل منقطعة الحيض. (٣) وهو يشعر أيضاً بعدم اعتبار التضيّق.

ويستفاد من توقّف الصوم على الأغسال دون الوضوءات كون الوضوء المصاحب

__________________

(١) الدروس ١ : ٩٩.

(٢) نهاية الإحكام ١ : ١٢٩.

(٣) الذكرى ١ : ٢٤٩.

٢٣٩

للغسل المكمل به ليس جزءاً من المؤثّر في رفع الحدث الأكبر ، وإلا لتوقّف الصوم عليه أيضاً ؛ لتوقّفه على ارتفاع حكم الحدث الأكبر بتمامه.

وربما قيل بتوقّف رفع الأكبر عليهما ، فيحكم بفساد الصوم بالإخلال بالوضوء. (١) وهو ضعيف.

ويتفرّع على ذلك عدم وجوب إعادة الغسل المتخلّل بالحدث الأصغر ؛ إذ لا دَخْل للوضوء في رفع الحدث الأكبر ، ولا يوجب الأصغر سوى الوضوء ، فتكفي إعادة الوضوء بعد الغسل إن كانت قدّمته عليه ، وإنّما لم يثبت هذا الحكم في غسل الجنابة ؛ لعدم مجامعته للوضوء ، وامتناع خلوّ الحدث عن أثرٍ ، وعدم صلاحية ما بقي من أفعال الغسل لكمال التأثير ، وقد تقدّم تحقيق ذلك كلّه.

(ولو أخلّت بالوضوء) المصاحب للغسل أو المنفرد عنه (أو) أخلّت (بالغسل) أو بباقي ما يجب عليها من الأفعال ، كتغيير القطنة والخرقة وغَسل ما ظهر من المحلّ ، (لم تصحّ صلاتها ؛) لتوقّف الصلاة على رفع الحدث والخبث معاً على هذا الوجه ، فمع إخلالها ببعض ما ذكر إمّا محدثة أو ذات نجاسة لم يُعف عنها.

وبما ذكرنا يظهر قصور العبارة ، وأنّ ترك ذكره للإخلال بالأفعال لا وجه له.

والطواف حكمه حكم الصلاة ، فيُبطله الإخلال بشي‌ء من الأفعال.

والظاهر أنّ حكم اللبث في المساجد غير المسجدين مع أمن التلويث وقراءة العزائم حكم الصوم ، فيعتبر فيهما الغسل خاصّة إن لم نجوّز لها دخول المساجد مطلقاً وإن كان ما تقدّم من العبارة يوهم توقّفهما على جميع الأفعال.

(وغسلها كالحائض) في جميع الأحكام حتى في الاحتياج معه إلى الوضوء على أصحّ القولين قبله على الأفضل أو بعده ، وفي جواز نيّة الرفع فيهما والاستباحة إذا وقعا بعد الانقطاع ، أمّا قبله فتتعيّن الاستباحة على المشهور. وفيه بحث لا يدخل هذا المقام.

ويستثنى من ذلك وجوب الموالاة ، فإنّها معتبرة في هذا الغسل خاصّة إذا لم يكن للبرء ؛ تقليلاً للحدث.

(ولا تجمع بين الصلاتين بوضوء) ردّ بذلك على المفيد حيث اكتفى بوضوءٍ واحد

__________________

(١) الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٢٨٨.

٢٤٠