روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]

روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان - ج ١

المؤلف:

زين الدين بن علي العاملي [ الشهيد الثاني ]


المحقق: مركز الأبحاث والدراسات الإسلاميّة
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-950-X
الصفحات: ٤٦٣
الجزء ١ الجزء ٢

وردّهما المصنّف رحمه‌الله مع اعترافه بصحّتهما. (١)

واحتمل بعض (٢) المحقّقين في الرواية الاولى أن يراد بالبناء فيها الاستئناف ؛ إذ لا امتناع في أن يراد بالبناء على الشي‌ء فعله.

وفيه نظر ، بل البناء على الشي‌ء يستلزم سبق شي‌ء منه حتى يبني عليه ، كأنّ الماضي منه بمنزلة الأساس الذي يترتّب عليه.

وأورد على الروايتين معاً معارَضتهما بغيرهما من الأخبار الدالّة على أنّ الحدث يقطع الصلاة.

وهو ضعيف ؛ لأنّ عامّ تلك الأخبار أو مطلقها مخصّص أو مقيّد إجماعاً بالمستحاضة والسلس ، فلا وجه [لعدم إخراج (٣)] هذا الفرد مع النصّ عليه بالتعيين.

واستدلّ المصنّف على مذهبه هنا بأنّ الحدث المتكرّر لو نقض الطهارة ، لأبطل الصلاة ؛ لأنّ شرط صحّة الصلاة استمرار الطهارة. (٤)

وهو مصادرة على المطلوب ، كما ذكره الشهيد (٥) رحمه‌الله.

وردّها بعض (٦) المحقّقين بأنّ الطهارة شرط الصلاة إجماعاً ، والمشروط عدم عند عدم شرطه ، والحدث مانع اتّفاقاً ؛ لإخلاله بالشرط ، وليس في هذا مصادرة بوجه.

وهو ضعيف جدّاً ؛ فإنّ المصادرة نشأت من ادّعاء الملازمة بين نقض الطهارة وبطلان الصلاة مع ورود النصّ الصحيح على فساد هذه الملازمة ، فلا معنى حينئذٍ لدفعها بدعوى الإجماع على أنّ الطهارة شرط الصلاة مع تخلّفها في مواضع كثيرة.

وأُجيب بأنّ الاحتجاج ليس هو بانتقاض الطهارة هنا الذي هو محلّ النزاع حتى يكون مصادرةً ، بل بالأدلّة الدالّة بعمومها على إعادة الصلاة بالحدث ، وقد عرفت أنّ الأدلّة التي تدّعيها مخصوصة أو مقيّدة إجماعاً ؛ فاندفع الجواب أيضاً ، وقوي وجوب الطهارة والبناء.

__________________

(١) مختلف الشيعة ١ : ١٤٥ ، المسألة ٩٨.

(٢) لم نتحقّقه.

(٣) في «ق ، م» ومتن الطبعة الحجرية : «لإخراج» بدل «لعدم إخراج». والظاهر أنّ الصحيح ما أثبتناه ، كما استظهر في هامش الطبعة الحجريّة.

(٤) مختلف الشيعة ١ : ١٤٦ ، المسألة ٩٨.

(٥) الذكرى ٢ : ٢٠٣.

(٦) في هامش «ق ، م» : الشيخ علي رحمه‌الله. ولم نعثر على قوله فيما بين أيدينا من المصادر.

١٢١

ولمّا فرغ من فروض الوضوء وبعض أحكامه أخذ يذكر شيئاً من مستحبّاته ، فقال : (ويستحبّ) للمتوضّئ (وضع الإناء على اليمين) إن كان ممّا يغترف منه باليد ؛ لما روي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يحبّ التيامن في طهوره وشأنه كلّه. (١)

ولو كان الإناء لا يمكن الاغتراف منه ، وضع على اليسار ليصبّ منه في اليمين للغسل بها ، أو للإدارة إلى اليسار.

(والاغتراف بها) مطلقاً ، وعند إرادة غسلها يدار منها إلى اليسار ؛ لفعل الباقر عليه‌السلام ذلك في وصف وضوء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله. (٢)

وفي حديثٍ عن الباقر عليه‌السلام أنّه أخذ باليسرى فغسل اليمنى. (٣) وهو لبيان الجواز.

(والتسمية) وهي : بسم الله وبالله ، اللهم اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين. ولو اقتصر على بسم الله ، أجزأ.

ولو نسيها في الابتداء ، تدارك في الأثناء ، كما في الأكل. وكذا لو تعمّد تركها ، مع احتمال عدمه هنا.

(وتثنية الغسلات) في الأعضاء الثلاثة بعد إتمام الغسلة الأُولى على أصحّ الأقوال. ونقل ابن إدريس فيه الإجماع (٤) بناءً على عدم قدح معلوم النسب فيه.

وقد روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام الوضوء مثنى مثنى. (٥)

وليس المراد به الواجب ؛ للإجماع على الاجتزاء بالمرّة ، فتُحمل الثانية على الندب.

ويظهر من الصدوق رحمه‌الله عدم شرعيّة الثانية ؛ حيث قال : لا يؤجر عليها. (٦) وهو يقتضي أنّها ليست من الوضوء ؛ لأنّ أفعاله إمّا واجبة أو مندوبة ، وكلاهما محصّل للأجر ، محتجّاً بما روي عن الصادق عليه‌السلام والله ما كان وضوء رسول اللهُ صلى‌الله‌عليه‌وآله إلّا مرّة مرّة (٧) ونحوه.

__________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٢٢٦ / ٦٧ ؛ سنن النسائي ١ : ٧٨ و ٢٠٥ ؛ مسند أحمد ٧ : ١٣٦ / ٢٤١٠٦.

(٢) الكافي ٣ : ٢٥ / ٤ ؛ الفقيه ١ : ٢٤ / ٧٤ ؛ التهذيب ١ : ٥٥ / ١٥٧ ؛ الإستبصار ١ : ٥٨ / ١٧١.

(٣) الكافي ٣ : ٢٤ / ١ ؛ التهذيب ١ : ٥٥ ـ ٥٦ / ١٥٧ ؛ الإستبصار ١ : ٥٨ / ١٧١.

(٤) السرائر ١ : ١٠٠.

(٥) التهذيب ١ : ٨٠ ـ ٨١ / ٢٠٨ و ٢١٠ ؛ الاستبصار ١ : ٧٠ / ٢١٣ و ٢١٥.

(٦) الفقيه ١ : ٢٩ ذيل الحديث ٩٢.

(٧) الفقيه ١ : ٢٥ / ٧٦.

١٢٢

وهو محمول على الوضوء البياني الذي لا تقبل الصلاة إلا به ؛ جمعاً بين الأخبار.

ويؤيّده : ما روي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله توضّأ مرّة مرّة ، وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ثمّ توضّأ مرّتين وقال هذا وضوء مَنْ ضاعف الله له الأجر. (١)

ولو سلّم أنّه لغير البيان ، لم يدلّ على تحريم الثانية ؛ لأنّ الاقتصار على الواحدة لا يدلّ على تحريم ما سواها ، مضافاً إلى عدّة روايات صحيحة دلّت على شرعيّة الثانية.

(والدعاء عند كلّ فعل) من أفعال الوضوء الواجبة والمستحبّة بما روي عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : بينا أمير المؤمنين عليه‌السلام قاعد ومعه ابنه محمّد إذ قال : يا محمّد ائتني بإناء من ماء ، فأتاه به ، فصبّه بيده اليسرى على يده اليمنى ، وقال : الحمد لله الذي جعل الماء طهوراً ولم يجعله نجساً ، ثمّ استنشق فقال : اللهمّ لا تحرّم عليّ ريح الجنّة واجعلني ممّن يشمّ ريحها وطيبها وريحانها ، ثمّ تمضمض وقال : اللهمّ أنطق لساني بذكرك واجعلني ممّن ترضى عنه ، ثمّ غسل وجهه فقال : اللهمّ بيّض وجهي يوم تسودّ فيه الوجوه ، ولا تسوّد وجهي يوم تبيضّ فيه الوجوه ، ثمّ غسل يمينه فقال : اللهمّ أعطني كتابي بيميني والخلد في الجنان بيساري وحاسبني حساباً يسيراً ، ثمّ غسل شماله فقال : اللهمّ لا تعطني كتابي بشمالي ولا تجعلها مغلولةً إلى عنقي ، وأعوذ بك من مقطّعات النيران ، ثمّ مسح رأسه فقال : اللهمّ غشّني رحمتك وبركاتك وعفوك ، ثمّ مسح على رِجْليه فقال : اللهمّ ثبّت قدمي على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام واجعل سعيي فيما يرضيك عنّي ، ثمّ التفت إلى محمد فقال : يا محمّد مَنْ توضّأ مثل ما توضّأت وقال مثل ما قلت خلق الله له من كلّ قطرة ملكاً يقدّسه ويسبّحه ويكبّره ويهلّله فيكتب له ثواب ذلك إلى يوم القيامة. (٢)

وزاد المفيد في دعاء الرِّجْلين يا ذا الجلال والإكرام. (٣)

وإذا فرغ من الوضوء قال : الحمد لله ربّ العالمين ، اللهمّ اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهرين.

(وغَسل اليدين) من الزندين (قبل إدخالهما الإناء).

والأولى أن يراد به مطلق الإناء سواء كان ماؤه قليلاً أم كثيراً ؛ لعدم تحقّق التعليل

__________________

(١) سنن البيهقي ١ : ١٣٠ / ٣٧٩.

(٢) الكافي ٣ : ٧٠ ـ ٧١ / ٦ ؛ الفقيه ١ : ٢٦ ـ ٢٧ / ٨٤ ؛ التهذيب ١ : ٥٣ ـ ٥٤ / ١٥٣.

(٣) المقنعة : ٤٤.

١٢٣

بالنجاسة الوهميّة ، بل هو تعبّد محض ، فيثبت الاستحباب مع تحقّق طهارتهما ، لكن مع الكثرة وسعة رأس الإناء يكفي غسلهما فيه ، وعلى هذا لا فرق أيضاً بين إمكان وضع اليد في الإناء أولا ، ككونه ضيّق الرأس ، فيستحب غَسلهما حينئذٍ قبل الاشتغال بباقي الأفعال وإن كان الأولى اختصاص الحكم في إيقاع النيّة عنده بالإناء الواسع المشتمل على الماء القليل ، كما تقدّم.

وهذا الغَسل يكون (مرّة من) حدث (النوم) سواء في ذلك نوم الليل والنهار ، وسواء كانت اليد مطلقةً أم مشدودةً ، وسواء كان النائم مُسَرْوَلاً أم لا ؛ للعموم.

(و) كذا يستحبّ غَسلهما مرّةً من حدث (البول ، ومرّتين من الغائط ، وثلاثاً من الجنابة) وذكرها هنا استطراداً. (١) ولا يستحبّ غَسلهما من باقي الأحداث ، كالريح.

ولو اجتمعت الأحداث ، تداخلت مع التساوي ، ومع الاختلاف يدخل الأقلّ تحت الأكثر.

ولو أدخل يده قبل الغَسل ، فَعَل مكروهاً.

ثمّ إن كان كثيراً وقلنا فيه بالاستحباب ، حُسب بمرّة ، فيبني عليها. وكذا إن كان قليلاً وجعلناه تعبّداً. وإن كان لدفع نجاسة موهومة ، لم يستحب بعد ذلك بالنسبة إلى هذا الإناء ، بل يستحبّ العدول إلى إناء آخر ، أو إلى هذا بعد إزالة ما تعدّى إليه من النجاسة الموهومة بوضعه في الكثير.

وحكم الغمس قبل كمال العدد حكمه قبل الشروع.

وهذا الغسل من سنن الوضوء ، فتستحبّ فيه النيّة ، كباقي العبادات.

ولم يعتبرها المصنّف في النهاية ، (٢) معلّلاً بأنّه لدفع وَهم النجاسة. ولو تحقّقها ، لم يشترط النيّة فمع وهمها أولى ، مع أنّه اختار في آخر البحث أنّ الغسل تعبّد ، فلو تحقّق طهارة يده ، استحبّ. (٣)

(والمضمضة والاستنشاق) على المشهور.

وقول ابن أبي عقيل : إنّهما ليسا بفرض ولا سنّة ، (٤) ضعيف ، أو مؤوّل بالسنّة المحتّمة

__________________

(١) في «ق ، م» : «استطراد».

(٢) نهاية الإحكام ١ : ٥٤.

(٣) نهاية الإحكام ١ : ٥٤.

(٤) حكاه عنه العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ١١١ ، المسألة ٦٨.

١٢٤

، فيرادف الفرض ، والجمع بينهما ؛ للتأكيد ، وكثيراً ما يذكر في كتابه السنّة ويريد بها الفرض.

وكيفيّتهما أن يبدأ بالمضمضة ثلاثاً بثلاث أكفّ من ماء على الأفضل. ولو فَعَلها بكفّ واحدة ، أجزأ. أو يدير الماء في فيه إلى أقصى الحنك ووجهي الأسنان واللّثّات مُمرّاً مسبّحته وإبهامه عليها لإزالة ما هناك من الأذى ثمّ يستنشق ثلاثاً كذلك ، ويجذب الماء إلى خياشيمه إن لم يكن صائماً ، والأفضل مجّ الماء. ولو ابتلعه جاز. وليكونا باليمين. ولو فَعَلهما على غير هذا الوجه ، تأدّت السّنّة وإن كان أدون فضلاً.

ويشترط تقديم المضمضة عليه ، فلو عكس ، صحّت المضمضة خاصّةً ، فيعيده بعدها.

وجوّز المصنّف في النهاية الجمع بينهما بأن يتمضمض مرّة ثمّ يستنشق مرّة وهكذا ثلاثاً ، سواء كان الجميع بغرفة أم بغرفتين أم بأزيد وإن كان الأوّل أفضل. (١)

(وبدأة الرجل بظاهر ذراعيه في) الغسلة (الأُولى ، وبباطنهما في الثانية ، عكس المرأة) لقول الرضا عليه‌السلام : «فرض الله على النساء أن يبدأن بباطن أذرعهنّ ، وفي الرجال بظاهر الذراع» (٢) هكذا احتجّ عليه المصنّف ، (٣) وليس في الرواية تفصيل الغسلتين كما ذكر ، بل هي شاملة للغسلتين.

وجماعة من الأصحاب لم يفرّقوا بين الغسلتين ؛ لإطلاق الخبر ، غير أنّ الشيخ في المبسوط (٤) ذكر الفرق ، وتبعه عليه جماعة ، منهم : المصنّف والمحقّق. (٥) ولم يثبت الوجه فيه.

والخنثى تتخيّر في الوظيفتين ، سواء قلنا بالتفصيل أم الإطلاق ، فلو بدأت بظاهرهما فيهما أو بباطنهما ، لم تحصل السّنّة على القول بالتفصيل.

(والوضوء بمُدّ) لقوله عليه‌السلام الوضوء بمُدّ والغسل بصاع ، وسيأتي أقوام بعدي يستقلّون ذلك فأُولئك على خلاف سنتّي ، والثابت على سنّتي معي في حظيرة القدس. (٦)

والمُدّ يؤدّى به سنن الوضوء وفروضه ، والأغلب زيادته عليهما.

__________________

(١) نهاية الإحكام ١ : ٥٦.

(٢) الكافي ٣ : ٢٨ ـ ٢٩ / ٦ ؛ الفقيه ١ : ٣٠ ـ ٣١ / ١٠٠ ؛ التهذيب ١ : ٧٦ ـ ٧٧ / ١٩٣.

(٣) نهاية الإحكام ١ : ٥٧.

(٤) المبسوط ١ : ٢٠ ـ ٢١.

(٥) شرائع الإسلام ١ : ١٦.

(٦) الفقيه ١ : ٢٣ / ٧٠.

١٢٥

الظاهر أنّ ماء الاستنجاء منه ؛ لما تقدّم (١) من حديث دعاء الأعضاء عن أمير المؤمنين عليه‌السلام حيث قال فيه أتوضّأ للصلاة ثمّ ذكر الاستنجاء.

ويمكن العدم ؛ لعدم صدق الاسم عليه ، وحُذف أتوضّأ للصلاة في بعض نسخ (٢) الحديث.

ويضعّف بأنّ المثبت مقدّم.

(وتكره الاستعانة) في الوضوء ؛ للخبر في ذلك عن الرضا عليه‌السلام ، وتعليله بقوله تعالى (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) إلى قوله (وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (٣) ثمّ قال وها أنا ذا أتوضّأ للصلاة وهي العبادة فأكره أن يشركني فيها أحد. (٤)

والمراد بالاستعانة نحو صبّ الماء في اليد ليغسل المتوضّئ به ، لا صبّه على العضو ؛ فإنّه تولية.

وهل تصدق بطلب إحضار الماء ليتوضّأ به؟ يحتمل قويّاً ذلك ؛ لأنّه بعض العبادة بل هو عبادة في نفسه ، فيشمله التعليل بالآية. وكذا القول في طلب إسخانه حيث يحتاج إليه ، ونحوه ، كلّ ذلك بعد العزم على الوضوء ، أمّا لو استعان لا لَه ثمّ عرض له إرادة الوضوء ، لم يكره قطعاً.

(و) كذا يكره (التمندل) على المشهور ، وهو : مسح أعضاء الوضوء بالمنديل ونحوه ؛ لقول الصادق عليه‌السلام مَنْ توضّأ فتمندل كان له حسنة ، وإن توضّأ ولم يتمندل حتى يجفّ وضوؤه كانت له ثلاثون حسنة. (٥)

وعلّل المصنّف الكراهة مع الحديث بأنّ فيه إزالة أثر العبادة ، (٦) وهو يقتضي تعميم الكراهة بكلّ ما يحصل به إزالة الأثر من منديلٍ وكُمّ ونار ونحوها ، وهو الظاهر.

وخصّه المحقّق الشيخ علي بالمنديل والذيل لا بالكُمّ ؛ لعدم صدق التمندل عليه. (٧)

__________________

(١) تقدّم في ص ١٢٣.

(٢) كما أنّه لم يرد في الكافي.

(٣) الكهف (١٨) : ١١٠.

(٤) الكافي ٣ : ٦٩ / ١ ؛ التهذيب ١ : ٣٦٥ / ١١٠٧.

(٥) الكافي ٣ : ٧٠ / ٤ ؛ الفقيه ١ : ٣١ / ١٠٥.

(٦) نهاية الإحكام ١ : ٥٨.

(٧) جامع المقاصد ١ : ٢٣٢.

١٢٦

وهو ضعيف ؛ لأنّ التمندل إن لُوحظ فيه مأخذ الاشتقاق ، فلا وجه لتعدية الحكم عن المنديل ؛ إذ لا يصدق على الذيل أنّه منديل قطعاً. وإن كانت العلّة إزالةَ البلل ، فلا وجه للحصر فيما ذُكر.

والمحقّق في الشرائع عبّر عن التمندل بمسح الأعضاء. (١) وهو حسن وإن كان التعبير بإزالة البلل أحسن.

(وتحرم التولية اختياراً) فيبطل الوضوء بها ، وهو إجماع إلا من ابن الجنيد ؛ فإنّه استحبّ تركها. (٢) لنا مع الإجماع قوله تعالى (فَاغْسِلُوا) .. (وَامْسَحُوا) (٣) وإسناد الفعل إلى فاعله هو الحقيقة.

وتجوز مع الضرورة بل تجب ؛ لأنّ المجاز يصار إليه عند تعذّر الحقيقة.

ويتولّى المكلّف النيّة ؛ إذ لا عجز عنها مع التكليف. ولو نويا معاً ، كان حسناً. وتُشترط مطابقة نيّة المتولّي لفعله فينوي : اوضّئ ، لا : أتوضّأ. وكذا المريض.

ويجب تحصيل المعين مع العجز ولو بأُجرة مقدورة.

ولو أمكن تقديم ما يغمس المعذور فيه الأعضاء ، لم تجز التولية.

ولا يشترط العجز عن الكلّ ، فيجوز أن يتبعّض.

(ويجب) أي : يشترط (الوضوء وجميع الطهارات) الشرعيّة كالأغسال (بماء مطلق) وسيأتي تعريفه ، سواء كان مستعملاً في الأكبر أم لا ؛ للإجماع على بقائه على الإطلاق ، وإنّما الخلاف في جواز استعماله ثانياً في رفع الحدث ، ففي العبارة إشارة إلى جوازه.

(طاهر مملوك أو مباح) ويدخل في المباح المأذون فيه مع كونه ملكاً للغير.

وإنّما فسّرنا الوجوب بالاشتراط ؛ لأنّه لو تطهّر بالمضاف مثلاً ، لم يكن مأثوماً ، بل طهارته فاسدة لا غير.

اللهمّ إلا أن يعتقد شرعيّة ذلك ، أو يستمرّ عليه ويصلّي به مثلاً ، فيأثم حينئذٍ ، ومع ذلك لا يتوجّه حمل الوجوب على معناه الأصلي ؛ لأنّ النهي عن الشي‌ء أمر بضدّه العامّ لا المعيّن.

__________________

(١) شرائع الإسلام ١ : ١٦.

(٢) حكاه عنه العلامة الحلّي في مختلف الشيعة ١ : ١٣٥ ، المسألة ٨٣.

(٣) المائدة (٥) : ٦.

١٢٧

(ولو تيقّن) المكلّف (الحدث وشكّ في الطهارة) كأن تيقّن أنّه أحدث في الوقت الفلاني وشكّ الآن أنّه هل تطهّر بعد ذلك أم لا (أو تيقّنهما) أي : الحدث والطهارة في وقتٍ معيّن (وشكّ) بعده (في المتأخّر) منهما ، سواء علم أنّه كان قبلهما متطهّراً أم محدثاً ، أم شكّ في ذلك (أو شكّ في شي‌ء منه) أي : من الوضوء ، كما لو شكّ في الإتيان ببعض أفعاله (وهو على حاله) أي حال الوضوء لم يفرغ منه بعدُ (أعاد) الوضوء في الصورتين الأوّلتين والشي‌ء المشكوك فيه في الثالثة وما بعده ؛ قضيّةً للترتيب.

ولا يخفى ما في العبارة من الإجمال والتجوّز في إطلاق العود على الاولى ؛ لعدم العلم بسبقِ طهارةٍ حتى تصدق الإعادةُ.

أمّا وجوب الوضوء في الأُولى فظاهر ؛ لأنّ يقين الحدث لا يرفع إلا بيقينِ مثله ، فيعمل الاستصحاب عمله.

أمّا الثانية : فليحصّل يقين الطهارة ؛ لاحتمال كون المتأخّر هو الحدث ، ولا إشكال في ذلك مع عدم علم المكلّف بحاله قبلهما ؛ فإنّ تأخّر كُلّ منهما محتمل على حدّ سواء ، فيتكافأ الاحتمالان ويتساقطان فتجب الطهارة.

أمّا لو علم حاله قبلهما بالطهارة أو بالحدث ، فالأمر فيه كذلك عند المصنّف هنا وفي أكثر كتبه (١) والشيخين (٢) وجماعة (٣) ؛ للاحتمال أيضاً ، فلا يدخل في الصلاة إلا بيقين الطهارة.

واختار المصنّف رحمه‌الله في المختلف استصحاب حاله قبلهما ، فإن كان متطهّراً ، فهو الآن متطهّر ؛ لأنّه تيقّن أنّه نقض تلك الطهارة ثمّ توضّأ ، ولا يمكن أن يتوضّأ عن حدثٍ مع بقاء تلك الطهارة ، ونقض الطهارة الثانية مشكوك فيه ، فلا يزول عن اليقين بالشكّ. وإن كان مُحدثاً ، فهو الآن مُحدث ؛ لتيقّنه انتقاله عن الحدث السابق عليهما إلى طهارة ثمّ نقضها ، والطهارة بعد نقضها مشكوك فيها. (٤)

وهذا القول لا يتمّ إلا مع تيقّن عدم التجديد وعدم تعقيب حدث لحدث وتساويهما ،

__________________

(١) منها : تحرير الأحكام ١ : ١١ ؛ ومنتهى المطلب ٢ : ١٤١ ؛ ونهاية الإحكام ١ : ٥٩.

(٢) المقنعة : ٥٠ ؛ المبسوط ١ : ٢٤.

(٣) منهم : ابن إدريس في السرائر ١ : ١٠٤.

(٤) مختلف الشيعة ١ : ١٤٢ ، المسألة ٩٤.

١٢٨

كما في المثال ، ومع هذه القيود لا تبقى المسألة بعد التروّي من باب الشكّ في شي‌ء ؛ لأنّ علم الترتيب المذكور يحصّل اليقين بأحدهما ، فهو كالشاكّ في مبدأ السعي وهو يعلم الزوجيّة أو الفرديّة ، فبأدنى توجيه الذهن يعلم المبدأ ، لكن لمّا كان الشكّ حاصلاً في أوّل الأمر قبل التروّي جاز عدّ المسألة من مسائل الشكّ ، كمن شكّ في صلاته ثمّ تيقّن أحد الطرفين أو ظنّه ، فإنّها تذكر في مسائل الشكّ باعتبار أوّل أمرها.

ولمّا استشعر المصنّف في القواعد عدم تماميّة استصحاب الحالة السابقة مطلقاً قيّدهما بكونهما متّحدين متعاقبين ، ثمّ حكم باستصحاب حاله. (١) وأراد به لازم الاستصحاب مجازاً ؛ فإنّه إذا حكم بكونه متطهّراً مع تخلّل الحدث المزيل لحكم استصحاب الطهارة الأُولى ثبت لازمه ، وكذا الحدث.

والمحقّق في المعتبر مال إلى عكس ما ذكره المصنّف ؛ فإنّه قال فيه بعد ما ذكر توجيه كلام الشيخين : ويمكن أن يقال : يُنظر إلى حاله قبل تصادم الاحتمالين ، فإن كان حدثاً ، بنى على الطهارة ؛ لأنّه تيقّن انتقاله عن تلك الحال إلى الطهارة ولم يعلم تجدّد الانتقاض فصار متيقّناً للطهارة شاكاً في الحدث فيبني على الطهارة ، وإن كان قبل تصادم الاحتمالين متطهّراً ، بنى على الحدث ؛ لعين ما ذكرناه من التنزيل. (٢) انتهى.

والذي يحصل لنا في المسألة بعد تحرير كلام الجماعة أنّه إن علم التعاقب ، فلا ريب في الاستصحاب ، وإلا فإن كان لا يعتاد التجديد بل إنّما يتطهّر حيث يتطهّر طهارة رافعة للحدث ، فكلام المحقّق رحمه‌الله مع فرض سبق الحدث أوجه ؛ لضعف الحكم بوجوب الطهارة مع العلم بوقوعها على الوجه المعتبر ، وعدم العلم بتعقّب الحدث لها ، المقتضي للإبطال إذا علم أنّه كان قبلهما مُحدثاً.

ولا يرد حينئذٍ أنّ يقين الحدث مكافئ ليقين الطهارة ؛ لأنّ الطهارة قد علم تأثيرها في رفع الحدث ، أمّا الحدث فغير معلوم نقضه للطهارة ؛ لاحتمال أن يقع بعد الحدث الأوّل قبل الطهارة ؛ إذ الفرض عدم اشتراط التعاقب ، فلا يزول المعلوم بالاحتمال ، بل يرجع إلى يقين الطهارة مع الشكّ في الحدث.

__________________

(١) قواعد الأحكام ١ : ١٢.

(٢) المعتبر ١ : ١٧١.

١٢٩

وكلام المختلف في فرض سبق الطهارة أوجه ؛ لأنّ نفي احتمال التجديد يقتضي توسّط الحدث بين الطهارتين ، إلا أنّ هذا القسم راجع إلى التعاقب ، فلا يحتاج إلى استدراكه هنا.

وإن لم يتّفق له تحقيق هذه القيود ، بل إنّما تحقّق الطهارة والحدث وشكّ في المتأخّر منهما من غير تحقيقٍ لحاله كما ذكرناه ، وجب عليه الطهارة ، سواء علم حاله قبلهما أم لا ؛ لقيام الاحتمال واشتباه الحال.

واعلم أنّ هذه المسألة تتشعّب إلى اثني عشر قسماً ؛ لأنّ الطهارة والحدث إمّا أن يتيقّنهما متّحدين ، أي : متساويين عدداً ، متعاقبين ، أي : لا يتكرّر منهما مِثلان ، بل إنّما يعقب الطهارة الحدث أو بالعكس ، أو لا ولا ، أو أحدهما خاصّةً ، فالصّور أربع ، ثمّ إمّا أن يعلم حاله قبل زمانهما متطهّراً أو مُحدثاً ، أو لا يعلم شيئاً ، ومضروب الثلاثة في الأربعة اثنا عشر يعلم حكمها بالتأمّل بعد مراجعة ما تلوناه.

وأمّا الثالثة وهي الشكّ في شي‌ء من أفعال الوضوء وهو على حاله فوجه الإعادة فيه ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام إذا كنت قاعداً على وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعك أم لا فأعد عليها وعلى جميع ما شككت فيه ، فإذا قمت من الوضوء وفرغت منه وصرت إلى حالة أُخرى في الصلاة أو غيرها وشككت في شي‌ء ممّا سمّى الله عليك وضوءه فلا شي‌ء عليك. (١)

وهذه الرواية (٢) كما يحتمل أن يريد بـ «حاله» حال الوضوء كما قلناه أوّلاً يحتمل أن يريد به حال المتوضّئ ، فيعود الضمير على الفاعل المضمر في قوله : «ولو شكّ» فعلى هذا يرجع ما دام على حاله التي توضّأ عليها وإن فرغ من أفعال الوضوء.

لكن يرجّح الأوّل ما رواه عبد الله بن أبي يعفور عنه عليه‌السلام إذا شككت في شي‌ء من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكّك بشي‌ء ، إنّما الشكّ إذا كنت في شي‌ء لم تجزه (٣) ـ والمراد : إنّما الشكّ الذي يلتفت إليه ـ وغيره من الأخبار.

واحتمال عود الضمير في «حاله» إلى الشي‌ء المشكوك فيه المذكور قبله صريحاً لا دليل

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣ / ٢ ؛ التهذيب ١ : ١٠٠ / ٢٦١.

(٢) كذا في «ق ، م» والطبعة الحجريّة. والظاهر زيادة جملة «هذه الرواية» بقرينة ما بعدها ، ويحتمل سقط عبارة هنا ، فلاحظ.

(٣) التهذيب ١ : ١٠١ / ٢٦٢.

١٣٠

عليه من النقل وإن أمكن بحسب اللفظ.

(ولو تيقّن الطهارة وشكّ في الحدث أو شكّ في شي‌ء منه) أي : من الوضوء (بعد الانصراف) عنه حقيقةً أو حكماً. والمراد به الفراغ من أفعاله وإن لم ينصرف عن مكانه (لم يلتفت) فيهما ؛ لما تقدّم.

ولما رواه بكير بن أعين ، قال : قلت له : الرجل يشكّ بعد ما يتوضّأ ، قال هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ. (١)

(ولو جدّد) المكلّف وضوءه (ندباً) احترازاً عمّا لو جدّده وجوباً بالنذر وشبهه فإنّه يرفع الحدث عند المصنّف في هذا الكتاب بناءً على اشتراط الوجه وعدم اشتراط أحد الأمرين (ثمّ ذكر بعد الصلاة) الواقعة بعدهما (إخلال عضو) من إحدى الطهارتين (جهل تعيينه) في إحداهما (أعاد الطهارة والصلاة) لإمكان كون الخلل من الطهارة الأُولى ، والمجدّد ندباً غير رافع للحدث عند المصنّف (٢) ؛ لاشتراط نيّة الوجه في الوضوء.

فعلى هذا لو اشترك الوضوءان في الرفع أو الإباحة إمّا مع وجوبهما ، كما لو توضّأ واجباً بعد دخول الوقت ثمّ نذر التجديد وجدّد ثمّ صلّى وذكر الإخلال ، صحّت الصلاة الواقعة بعدهما ؛ للقطع بسلامة طهارة مبيحة. ولو فرض تخلّل صلاة واجبة بينهما ، وجب إعادتها مطلقاً. ويمكن تصوّر وجوب الثاني بغير النذر بأن ذهل عن الأوّل فتوضّأ واجباً وصلّى ، فإنّ الوضوء الثاني رافع أيضاً ؛ للجزم فيه بنيّة الوجوب ، ومطابقة الجزم للواقع ، أو مع ندبهما ، كما لو توضّأ قبل حصول السبب ثمّ جدّد الوضوء ندباً ثمّ دخل الوقت فصلّى به ثمّ ذكر الإخلال المجهول ، فإنّ الصلاة صحيحة أيضاً ؛ لأنّ الجزم حاصل بسلامة طهارة منهما.

وإلى هذه الصورة أشار المصنّف بقوله (إلا مع ندبيّة الطهارتين) كذا فسّره شيخنا الشهيد رحمه‌الله في الشرح ، (٣) وهو الظاهر من كلام المصنّف في النهاية. (٤) ولا يخلو من إشكال.

__________________

(١) التهذيب ١ : ١٠١ / ٢٦٥.

(٢) نهاية الإحكام ١ : ٣٤.

(٣) غاية المراد ١ : ٣٨.

(٤) انظر : نهاية الإحكام ١ : ٦١.

١٣١

ويمكن تفسير الندبين على وجه يرفع الإشكال بأن يتوضّأ ندباً قبل السبب ثمّ يذهل عنه ويتوضّأ ندباً أيضاً ثمّ يصلّي به. وكذا مع ندب الأوّل ووجوب الثاني على تقدير الذهول عن الأوّل الواقع قبل الوقت ، فتوضّأ واجباً بعده ، أو نذر تجديد الوضوء الواقع قبل الوقت ، سواء كان قبله أم بعده مع عدم الذهول عنه.

هذا كلّه على تقدير اشتراط نيّة الوجه وعدم وجوب نيّة أحد الأمرين : الرفع أو الاستباحة ، أمّا على هذا التقدير كما هو مختار المصنّف في أكثر كتبه (١) لا يتصوّر في الواجبين بتقدير نذر التجديد ؛ لعدم نيّة أحدهما في المجدّد وإن نذر ، كما سيأتي تحقيقه ، ولا في الواجب بعد المندوب كذلك.

نعم ، يتصوّر على تقدير الذهول في الواجبين والمندوبين والواجب بعد المندوب كما سلف ، دون العكس ، إلا بتقدير توسّط صلاة بينهما ، كما لو توضّأ للصبح مثلاً وصلاها ثمّ توضّأ ندباً قبل الزوال وصلّى الظهر ثمّ ذكر الإخلال ، فإنّ الظهر واقعة بعد طهارة رافعة ظاهراً وإن وجب إعادة الصبح قطعاً. لكن في هذا الفرض إشكال يأتي تحقيقه.

والشهيد رحمه‌الله حكى في الشرح عن شيخه عميد الدين فَرضَ الذهول على هذا التقدير في صورة الندبين. (٢) ولا فرق بينها وبين الأُخريين.

وقال في توجيه إباحة الثاني على تقدير الذهول : ولا يرد كونه غير مكلّفٍ حالة الغفلة ؛ لأنّه غير مكلّف بالمذهول عنه وكلامنا في المذكور ، ولا كونه على حالة لو ذكر لما جزم ؛ لأنّا نعتبر جزمه حالة النيّة ، كما لو شهد العدلان ظاهراً بالهلال فصام ، فإنّه على حالةٍ لو علم فسقهما لما جزم ، وقد حكموا بصحّة صومه على تقدير ثبوت الهلال بغيرهما بعد ذلك.

ويمكن فرض الواجبين كذلك فيمن تيقّن الحدث وشكّ في الطهارة أو تيقّنهما ولا يعلم حاله قبل زمان الطهارتين ثمّ ذكر بعد الطهارة الثانية تقدّم الحدث على الاولى ، فإنّه يسوغ له الطهارة بجزم معتبر شرعاً. (٣)

واعلم أنّه على القول بالاجتزاء بنيّة القربة تصحّ الصلاة على جميع التقادير ؛ لسلامة

__________________

(١) منها : تذكرة الفقهاء ١ : ١٤١ ؛ وقواعد الأحكام ١ : ١٠٩ ؛ ومختلف الشيعة ١ : ١٠٧ ، المسألة ٦٥ ؛ ونهاية الأحكام ١ : ٢٩.

(٢) غاية المراد ١ : ٣٨ ـ ٣٩.

(٣) غاية المراد ١ : ٣٩.

١٣٢

طهارةٍ قطعاً ، وهو واضح. وكذا على القول بأنّ المجدّد يرفع الحدث كما اختاره الشيخ في المبسوط ، والمحقّق في المعتبر ، والشهيد في الدروس (١) بناءً على أنّه طهارة شرعيّة قصد بها تحصيل فضيلة لا تحصل إلا بها ، فإنّ شرعيّة المجدّد لاستدراك ما عساه فات في الأُولى ، فينبغي أن يحصل له ذلك ، والاستباحة إنّما تكون معتبرةً مع الذكر ، أمّا إذا ظنّ المكلّف حصولها فلا ، كيف! وهُم يعلّلون مشروعيّة المجدّد بما قلناه. ومثله استحباب الغسل أوّل ليلة من شهر رمضان تلافياً لما عساه فات من الأغسال الواجبة ، والاتّفاق واقع على إجزاء يوم الشكّ بنيّة الندب عن الواجب ، والصدقة بدرهمٍ تمراً كفّارةً لما لعلّه لزمه في الإحرام ، وفتح هذا الباب يؤدّي إلى سدّ باب الاحتياط.

وأقول : لا بدّ قبل الحكم برفع الوضوء المجدّد من تحقيق حال نيّته ، فإنّ الذي يظهر من كلام المصنّف في التذكرة والنهاية (٢) أنّه مقتصر فيه على نيّة القربة ، وأنّ المقصود به زيادة التنظيف خاصّةً ، وعلى هذا فعدم حكمه بأنّه رافع متوجّه عند مَنْ لا يكتفي بها.

لكنّ الظاهر من كلام المحقّق في المعتبر بعد حكمه برفعه أنّه لا بدّ فيه من نيّة استباحة الصلاة ، فلو نوى وضوءاً مطلقاً ، لم يرفع ، (٣) مع أنّه حكم فيه بعدم نيّة الوجوب في الوضوء الواجب. (٤)

فعلى هذا نيّة الوضوء المجدّد على تقدير الحكم بالرفع كنيّة الأوّل ، وحينئذٍ يتّجه ما تقدّم من التعليل برفعه.

وهذا هو الظاهر من كلام الشهيد رحمه‌الله في الذكرى ؛ فإنّه قال بعد نقله كلام المصنّف بعدم رفعه معلّلاً بعدم نيّة الوجوب فيه : ويشكل بأنّا نتكلّم على تقديرها. (٥)

وقال في موضعٍ آخر : إنّ ظاهر الأصحاب والأخبار أنّ شرعيّة التجديد للتدارك ، فهو منويّ به تلك الغاية ، وعلى تقدير عدم نيّتها لا يكون مشروعاً. (٦)

وفي هذا ردّ على المحقّق حيث اقتضى كلامه جواز نيّة الاستباحة في المجدّد وعدمها ،

__________________

(١) المبسوط ١ : ٢٥ ؛ المعتبر ١ : ١٤٠ ؛ الدروس ١ : ٩٤.

(٢) انظر : تذكرة الفقهاء ١ : ٢١٣ ؛ ونهاية الإحكام ١ : ٣٢.

(٣) المعتبر ١ : ١٤٠ و ١٧٣.

(٤) المعتبر ١ : ١٣٩.

(٥) الذكرى ٢ : ١١٢ ـ ١١٣.

(٦) الذكرى ٢ : ٢١٠.

١٣٣

وأنّه يرفع في الأوّل دون الثاني ، وعلى المصنّف مطلقاً.

(ولو تعدّدت الصلاة) الواقعة بعد الطهارة المعقّبة بالتجديد مع ذكر الخلل المذكور (أيضاً) معناه في هذا التركيب : عوداً إليه ، أي : عُد إلى كذا عَوْداً ، فالحكم فيه كذلك ، فانتصابه على المصدريّة المعبّر عنها بالمفعول المطلق. قال ابن السكّيت : هو مصدر قولك : آض يئيض ، أي : عاد ، يقال : آض فلان إلى أهله ، أي : رجع () أعاد الطهارة والصلاتين) لما تقدّم ؛ إذ لا فرق مع تطرّق الاحتمال إلى الطهارة بين الصلاة المتّحدة الواقعة بعدها والمتعدّدة.

وكذا يعيد الصلاة الواقعة بين الطهارتين أيضاً بطريق أولى ، بل الحكم بإعادتها جارٍ على جميع الأقوال ، بخلاف الواقعة بعد الطهارتين.

(ولو تطهّر وصلّى وأحدث) والمراد مرتّباً كما ذكر وإن كانت الواو لا تفيد الترتيب عند المصنّف ، (٢) بل الجمع المطلق (ثمّ تطهّر وصلّى) كذلك (ثمّ ذكر إخلال عضو) من إحدى الطهارتين (مجهول) بالنسبة إليهما وإن علم عينه في نفسه ، كالوجه مثلاً (أعاد الصلاتين بعد الطهارة إن اختلفتا) أي الصلاتان (عدداً) كالمغرب والعشاء ؛ لفساد إحداهما يقيناً ، ولا يمكن الترديد ؛ للاختلاف.

(وإلا) أي : وإن لم تكونا مختلفتين ، كالظهر والعصر (فالعدد) أي : وجب إعادة فريضة بعدد إحداهما مطلقة بينهما ، فيصلّي في المثال المذكور رباعيّةً يطلق فيها بين الظهر والعصر ؛ لأنّ الفاسد إحداهما خاصّةً ؛ لأنّ الطهارتين رافعتان. والإطلاق محصّل لذلك على أصحّ القولين.

وأوجب الشيخ في المبسوط (٣) قضاء الصلاتين ؛ تحصيلاً لليقين حتى أوجب قضاء الخمس لو صلاها بخمس طهارات ثمّ ذكر الإخلال المذكور في إحدى الطهارات مع تخلّل الحدث بين كلّ طهارة وصلاة منها.

وعلى ما ذكره المصنّف رحمه‌الله هنا يجزئه في هذا الفرض ثلاث فرائض رباعيّة كما ذكر ، ويزيد فيها الإطلاق على العشاء ، وصبح ومغرب ؛ لأنّ الغاية فريضة واحدة

__________________

(١) حكاه عنه الجوهري في الصحاح ٣ : ١٠٦٥ ، «أ ى ض».

(٢) مبادئ الوصول إلى علم الأُصول : ٧٧ ، نهاية الوصول إلى علم الأُصول ، المقصد الثاني في اللغات ، الفصل الثامن في تفسير حروفٍ ، البحث الأوّل في الواو.

(٣) المبسوط ١ : ٢٥.

١٣٤

مجهولة من الخمس ، ويتخيّر في تقديم أيّها شاء وتوسيطه وتأخيره.

ويتخيّر في الرباعيّة بين الجهر والإخفات ؛ لاحتمال كونها إحدى الظهرين أو العشاء ولا يمكن الجمع بين النقيضين.

ولو كان الذكر في وقت العشاء ، نوى بالمغرب الأداء ، وردّد في الرباعيّة بين الأداء والقضاء.

مع أنّ الشيخ رحمه‌الله وافق الجماعة في الاجتزاء بثلاث فرائض ممّن فاته فريضة مجهولة من الخمس (١) ؛ معوّلاً على رواية (٢) مثّل فيها بمن نسي فريضة ، فلم يقس عليها ؛ لمخالفتها للأصل ، وهو وجوب الجزم في النيّة ، وفي الإطلاق ترديد.

وأُجيب : بأنّ الترديد مشترك الإلزام ؛ لأنّ مَنْ أعاد الصلاتين يعلم قطعاً بأن إحداهما ليست في ذمّته ؛ للجزم بأنّ الفساد في إحدى الطهارتين خاصّة ، فعند نيّة كلّ منهما إنّما يقصد الوجوب على تقدير الفساد ، ولا أثر لصورة جزمه ؛ لأنّ ذلك هو المراد.

والجواب عنهما واحد ، وهو : أنّ الجزم إنّما يعتبر إذا كان ممكناً وللمكلّف إليه طريق ، وهو منفيّ في المسألتين ، والخبر ينبّه عليه ، مع أنّ المتنازع لا يكاد يخرج عن النسيان.

واعلم أنّ الوضوءين هنا يمكن فرضهما واجبين ، وهو واضح ، ومندوبين ، كما إذا توضّأ بري‌ء الذمّة من مشروطٍ به ثمّ صلّى فريضةً في وقتها ثمّ تأهّب لأُخرى قبل وقتها وصلّى ثمّ ذكر الإخلال ، ومتفرّقين ، فمع تقدّم الواجب كما لو توضّأ لصلاة في وقتها وصلاها ثمّ تأهّب لأُخرى قبل وقتها ، وبالعكس على العكس.

واستشكل شيخنا الشهيد رحمه‌الله صورة الندبين والندب بعد الواجب ؛ لعدم الجزم ببراءة الذمّة لمّا توضّأ ندباً ثانياً ؛ لجواز أن يكون الخلل من الاولى فتفسد صلاته وتصير في الذمّة ، فيقع الندب في غير موضعه. (٣)

وللبحث في تأثير ذلك مجال ؛ لاستحالة تكليف الغافل ، والفرض أنّ تجدّد العلم بعد الصلاتين ، ولأنّه كان مأموراً بإيقاعه على ذلك الوجه ، فيقتضي الإجزاء.

__________________

(١) النهاية : ١٢٧ ؛ المبسوط ١ : ١٢٧ ؛ الخلاف ١ : ٣٠٩ ٣١٠ ، المسألة ٥٨.

(٢) التهذيب ٢ : ١٩٧ / ٧٧٤.

(٣) لم نعثر عليه في مظانّه.

١٣٥
١٣٦

(النظر الثالث) من الأنظار الستّة في أسباب الغسل) وقد تقدّم تحقيق السبب ، وأنّه الوصف الظاهر المنضبط الذي دلّ الدليل على كونه معرّفاً لحكمٍ شرعيّ بحيث يلزم من وجوده الوجودُ ومن عدمه العدمُ لذاته.

(إنّما يجب) الغسل (بالجنابة) بفتح الجيم (والحيض والاستحاضة) على تفصيل يأتي (والنفاس) بكسر النون (ومسّ الأموات من الناس بعد بردهم بالموت وقبل الغسل) الواجب اختياراً.

ويدخل في «الغسل» مَنْ قدّم غسله ليُقتل ، فلا يجب بمسّه غسل. وكذا لا يجب بمسّ الشهيد ؛ لعدم وجوب الغسل عليه.

وخرج به المتيمّم ولو عن بعض الأغسال ، فيجب الغسل بمسّه ؛ لفقد التطهير الحقيقي.

وخرج بالاختيار مُغسّل الكافر مع عدم المماثل ؛ لعدم التطهير حقيقةً أيضاً.

وإطلاق الغسل هنا إمّا بناءً على الغالب ، أو لعدم إيجاب الغسل بمسّ المذكور ؛ لأنّ فيه خلافاً.

وهذه الأسباب الخمسة لا خلاف فيها عندنا إلا في غسل المسّ ، فمنع السيّد المرتضى من وجوبه ، (١) وسيأتي ما يدلّ على الوجوب.

وقوله (وغسل الأموات) لا يجوز عطفه على شي‌ء من هذه الأسباب ؛ لفساد المعنى

__________________

(١) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٢٢٢ ، المسألة ١٩٣ ؛ والمحقّق في المعتبر ١ : ٣٥١ نقلاً عن شرح الرسالة والمصباح.

١٣٧

حينئذٍ ؛ لأنّه يصير التقدير إنّما يجب الغسل بالجنابة إلى آخره ، وبغسل الأموات ، فيصير غسل الأموات من جملة الأسباب ، وهو فاسد ، بل الأولى عطفه على الضمير المستتر في «يجب» ليصير التقدير إنّما يجب الغسل بهذه الأسباب ، (١) وإنّما يجب غسل الأموات ، مضافاً إلى الأغسال المسبّبة عن هذه الخمسة ، وعلى كلّ تقدير فلا تخلو العبارة عن ثقلٍ.

ويمكن أن يكون قوله : «وغسل الأموات» مبتدأ محذوف الخبر ، أي : واجب ، وإنّما غيّر الأُسلوب في العبارة ؛ لأنّ غسل الأموات ليس على نهج الأغسال السالفة. ولو قال بدل «غسل الأموات» : «والموت» كما صنع شيخنا الشهيد (٢) ليكون معطوفاً على الأسباب المتقدّمة ؛ لأنّه بعضها ، كان أوضح.

(وكلّ الأغسال لا بدّ معها من الوضوء) قبلها أو بعدها على المشهور ، خلافاً للسيّد المرتضى ؛ فإنّه اكتفى بالغسل مطلقاً (٣) ؛ استناداً إلى صحيحة محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : الغسل يجزئ عن الوضوء ، وأيّ وضوء أطهر من الغسل (٤)؟ بناءً على أنّ هذا اللام للجنس ، وأنّ لام الجنس إذا دخل على اسمه أفاد العموم.

والمقدّمتان ممنوعتان ؛ لإمكان حمل اللام على العهد ، ويراد به غسل الجنابة ؛ جمعاً بينها وبين ما سيأتي من الأخبار الدالّة على اختصاص الحكم بغسل الجنابة نصّاً.

(إلا) غسل (الجنابة) فإنّه لا وضوء معه عندنا وجوباً إجماعاً ، ولا استحباباً على المشهور ؛ لقوله تعالى (حَتَّى تَغْتَسِلُوا) (٥) غيّا المنعَ بالغسل ، فلا يتوقّف على غيره ؛ لوجوب مخالفة ما بعد الغاية لما قبلها. ولئلا يلزم جَعْل ما ليس بغاية غايةً.

ولقول الصادق عليه‌السلام في كلّ غسل وضوء إلا الجنابة. (٦)

ولصحيح ابن أبي عمير المرسل عن الصادق عليه‌السلام كلّ غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة (٧) وقد عمل الأصحاب بمراسيله.

__________________

(١) في الطبعة الحجريّة : «الأشياء» بدل «الأسباب».

(٢) اللمعة الدمشقيّة : ٤ ؛ الذكرى ١ : ٢١٨.

(٣) حكاه عنه المحقّق في المعتبر ١ : ١٩٦.

(٤) التهذيب ١ : ١٣٩ / ٣٩٠ ؛ الاستبصار ١ : ١٢٦ / ٤٢٧.

(٥) النساء (٤) : ٤٣.

(٦) التهذيب ١ : ١٤٣ / ٤٠٣ ، و ٣٠٣ / ٨٨١.

(٧) الكافي ٣ : ٤٥ / ١٣ ؛ التهذيب ١ : ١٣٩ / ٣٩١ ؛ الاستبصار ١ : ١٢٦ / ٤٢٨.

١٣٨

وقيل للباقر عليه‌السلام : كان علي عليه‌السلام يأمر بالوضوء قبل غسل الجنابة ، فقال : كذبوا على عليّ عليه‌السلام ، قال الله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (١) (٢) وفي حكايته عليه‌السلام للآية إشارة إلى أنّ المراد من الطهارة المأمور بها الغسل.

وقد نقل المحقّق في المعتبر إجماع المفسّرين على ذلك. (٣)

وقد يقرّر مع ذلك بأنّ الله سبحانه أمر مريد الصلاة بالوضوء المعبّر عنه بغَسل الأعضاء المخصوصة ومسحها ، ثمّ قال (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (٤) ولا يجوز أن يراد بالطهارة الوضوء ؛ لأنّ التفصيل قاطع للشركة ، ولا الوضوء والغُسل معاً ؛ لعدم جواز استعمال المشترك في معنييه عند المحقّقين. ولو سلّم فلا دليل على إرادتهما معاً من الآية ؛ لأنّ الجواز لا يتحتّم المصير إليه ، بل غيره وهو المتّفق عليه أولى ، فتعيّن أن يراد به الغسل.

وحيث كانت الأسباب الموجبة للغسل ستّة كما عرفت (فهنا مقاصد) أربعة تشتمل على بيان الأسباب الستّة. وجمع بين الاستحاضة والنفاس في مقصدٍ ؛ لقلّة مباحثهما بالنسبة إلى غيرهما ، وكذا جمع المسّ مع أحكام الميّت ؛ لقلّة أحكامه.

__________________

(١) المائدة (٥) : ٦.

(٢) التهذيب ١ : ١٣٩ / ٣٨٩ ؛ الاستبصار ١ : ١٢٥ ـ ١٢٦ / ٤٢٦.

(٣) المعتبر ١ : ١٩٥.

(٤) المائدة (٥) : ٦.

١٣٩

(المقصد الأوّل) (في) ماهيّة (الجنابة) وأحكامها وهي مصدر قولك : أجنب الرجل وجنب واجتنب جنابة.

ومَنَع بعض أهل العربيّة من الثاني ، قال : لأنّ معناه : أصابته ريح الجنوب. (١)

وهي في اللغة : البُعْد وشرعاً : ما يكون سبباً للبُعْد عن أحكام الطاهرين من غيبوبة الحشفة أو قدرها قُبُلٍ أو دُبُرٍ أو نزول المنيّ على ما يأتي تفصيله.

(وهي) أي : الجنابة (تحصل للرجل والمرأة) والخنثى بل لجميع الناس على الأصحّ ، فلو فرض من الصغير جماع ، وجب عليه الغسل عند البلوغ بسبب الجنابة الاولى. وتخلّف الحكم عنه ؛ لفقد شرطٍ لا يُخرجه عن السببيّة.

وأمّا إنزال المنيّ فقد يفرض مع عدم تحقّق الرجوليّة ، ويكون حينئذٍ سبباً فيها ؛ لأنّ المنيّ ليس دليلاً على سبق البلوغ بل موجداً له ، كما سيأتي ، فالتعبير بالرجوليّة غير جيّدٍ. ومثله القول في المرأة ؛ فإنّها تأنيث المرء ، وهو لغةً : الرجل ، كما نصّ عليه أهل اللغة.

وحصولها بأحد أمرين (بإنزال المنيّ مطلقاً) يقظةً ونوماً ، بشهوة وبغير شهوة ؛ لقوله عليه‌السلام صلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما الماء من الماء. (٢)

ولا فرق بين نزوله من الموضع المعتاد الخلقي أو من غيره مطلقاً مع تحقّق أنّه منيّ ، عند المصنّف ؛ للعموم.

__________________

(١) حكاه السيوري في التنقيح الرائع ١ : ٩٢ عن الحريري.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٢٦٩ / ٣٤٣ ؛ المعجم الكبير للطبراني ٤ : ٢٦٧ / ٤٣٧٣ ؛ مسند أحمد ٤ : ٤٤٣ / ١١٠٤٢.

١٤٠