منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨١

المبحث الرابع

الغسل

والواجب منه لغيره : غسل الجنابة ، والحيض ، والاستحاضة والنفاس ، ومس الأموات.

و الواجب لنفسه ، غسل الأموات.

فهنا مقاصد :

المقصد الأول

غسل الجنابة

وفيه فصول

الفصل الأول

سبب الجنابة

وهو أمران :

الأول : خروج المني بشهوة أو بدونها من الموضع المعتاد ، وكذا من غيره إذا كان الخروج طبيعياً ، والا ففيه إشكال ، فالأحوط لزوما الجمع بين الطهارتين إذا كان محدثاً بالأصغر ، هذا في الرجل. وأما المرأة فالماء الخارج من قبلها بشهوة موجب للجنابة ولا أثر لما خرج بغير شهوة على الأظهر.

٦١

مسألة ١٦٩ : إن عرف المني فلا إشكال ، وإن لم يعرف فالشهوة والدفق وفتور الجسد أمارة عليه ، ومع انتفاء واحد منها لا يحكم بكونه منياً. وفي المريض يرجع إلى الشهوة.

مسألة ١٧٠ : من وجد على بدنه أو ثوبه منياً ، وعلم أنه منه بجنابة لم يغتسل منها وجب عليه الغسل ، ويعيد كل صلاة لا يحتمل سبقها على الجنابة المذكورة ، دون ما يحتمل سبقها عليها ، وإن علم تاريخ الجنابة وجهل تاريخ الصلاة ، وإن كانت الإعادة لها أحوط استحباباً. وإن لم يعلم أنه منه لم يجب عليه شيء.

مسألة ١٧١ : إذا دار أمر الجنابة بين شخصين يعلم واحد منهما أو كلاهما أنها من أحدهما ففيه صورتان :

الأولى : أن يكون جنابة الآخر واقعاً موضوعاً لحكم إلزامي بالنسبة إلى العالم بالجنابة إجمالاً ، وذلك كعدم جواز الاقتداء به في الصلاة ـ إذا كان ممن يقتدى به لولا ذلك ـ وعدم جواز استئجاره للنيابة عن الميت في الصلاة التي وظيفته تفريغ ذمته منها ففي هذه الصورة يجب على العالم بالإجمال ترتيب آثار العلم فيجب على نفسه الغسل ـ وكذا الوضوء أيضا إذا كان مسبوقا بالحدث الأصغر تحصيلاً للعلم بالطهارة ـ ولا يجوز له استئجار الآخر للنيابة في الصلاة قبل اغتساله ، ولا الاقتداء به بعد تحصيل الطهارة لنفسه ، وأما قبل تحصيلها فلا يجوز الاقتداء به بعد تحصيل الطهارة لنفسه ، وأما قبل تحصيلها فلا يجوز الاقتداء به للعلم التفصيلي ببطلان الصلاة حينئذ.

الثانية : أن لا تكون جنابة الآخر موضوعاً لحكم إلزامي بالإضافة إلى العالم بالجنابة إجمالاً ، ففيها لا يجب الغسل على العالم بالجنابة. هذا بالنسبة إلى حكم الشخصين أنفسهما.

وأما غيرهما العالم بجنابة أحدهما إجمالاً ـ ولو لم يعلما هما بذلك ـ

٦٢

فلا يجوز له الائتمام بأي منهما إن كان كل منهما مورداً للابتلاء فضلاً عن الائتمام بهما جميعاً ، كما لا يجوز له استنابة أحدهما في صلاة ، أو غيرها مما يعتبر فيه الطهارة الواقعية.

مسألة ١٧٢ : البلل المشكوك الخارج بعد خروج المني وقبل الاستبراء منه بالبول بحكم المني ظاهراً ..

الثاني : الجماع ولو لم ينزل ، ويتحقق بدخول الحشفة في القبل ، أو الدبر من المرأة ، وأما في غيرها فالأحوط لزوماً الجمع بين الغسل والوضوء للواطئ والموطوء فيما إذا كانا محدثين بالحدث الأصغر ، والا يكتفي بالغسل فقط ، ويكفي في مقطوع الحشفة دخول مقدارها ، بل الأظهر الاكتفاء بمجرد الإدخال منه.

مسألة ١٧٣ : إذا تحقق الجماع تحققت الجنابة للطرفين ، من غير فرق بين الصغير والكبير ، والعاقل والمجنون ، والقاصد وغيره ، وكذا الحي والميت على الأظهر.

مسألة ١٧٤ : إذا خرج المني بصورة الدم أي ممتزجاً بشيء منه وجب الغسل بعد العلم بكونه منياً ..

مسألة ١٧٥ : إذا تحرك المني عن محله بالاحتلام ولم يخرج إلى الخارج ، لا يجب الغسل.

مسألة ١٧٦ : يجوز للشخص إجناب نفسه بمقاربة زوجته ولو لم يقدر على الغسل وكان بعد دخول الوقت ، نعم إذا لم يتمكن من التيمم أيضاً لا يجوز ذلك. وأما في الوضوء فلا يجوز على الأحوط لمن كان متوضئا ولم يتمكن من الوضوء لو أحدث أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت.

مسألة ١٧٧ : إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا ، لا يجب عليه الغسل ، وكذا لا يجب لو شك في أن المدخول فيه فرج ، أو دبر ، أو غيرهما.

٦٣

مسألة ١٧٨ : الوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة على الأحوط لزوماً فيجب الجمع بين الغسل والوضوء إذا كان الواطئ ، أوالموطوء محدثاً بالأصغر. وأما الوطء في قبلها فلا يوجب الجنابة للواطئ إلا مع الإنزال وأما الموطوءة فيلزمها رعاية الاحتياط وإن لم تنزل ، للعلم الإجمالي بتوجه تكاليف الرجال أو النساء إليها.

ولو أدخلت الخنثى في الرجل أو الأنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الموطوء ، وأما الواطئ فيلزمه الاحتياط لما تقدم.

وإذا أدخل الرجل بالخنثى وتلك الخنثى بالأنثى وجب الغسل على الخنثى ، ولا يجب على الرجل والأنثى إذا لم يترتب على جنابة الآخر أثر إلزامي بالنسبة إليه على التفصيل المتقدم في المسألة (١٧١).

الفصل الثاني

فيما يتوقف صحته أو جوازه على غسل الجنابة ، وهو أمور :

الأول : الصلاة مطلقاً ، عدا صلاة الجنائز ، وكذا أجزاؤها المنسية ، بل سجود السهوعلى الأحوط استحبابا.

الثاني : الطواف الواجب بالإحرام مطلقاً ـ كما تقدم في الوضوء ـ وفي صحة الطواف المندوب من المجنب إشكال.

الثالث : الصوم ، بمعنى أنه لو تعمد البقاء على الجنابة في شهر رمضان أو قضائه حتى طلع الفجر بطل صومه ، وكذا صوم ناسي الغسل في شهر رمضان ، على ما سيأتي في محله إن شاء الله تعالى.

الرابع : مس كتابة القرآن الشريف ، ومس اسم الله تعالى على ما تقدم في الوضوء.

٦٤

الخامس : اللبث في المساجد ، بل مطلق الدخول فيها ، وإن كان لوضع شيء فيها ، بل لا يجوز وضع شيء فيها حال الاجتياز أومن خارجها على الأحوط ، كما لا يجوز الدخول لأخذ شيء منها ، ويجوز الاجتياز فيها بالدخول من باب مثلا ، والخروج من آخر إلا في المسجدين الشريفين ـ المسجد الحرام ، ومسجد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ والأحوط وجوبا إلحاق المشاهد المشرفة للمعصومين عليهم‌السلام ، بالمساجد في الأحكام المذكورة ، ولا يلحق بها أروقتها ـ فيما لم يثبت كونه مسجداً كما ثبت في بعضها ـ كما لا يلحق بها الصحن المطهر وإن كان الإلحاق أحوط.

السادس : قراءة آية السجدة من سور العزائم ، وهي ( ألم السجدة ، وحم السجدة ، والنجم ، والعلق ) والأحوط استحباباً إلحاق تمام السورة بها حتى بعض البسملة.

مسألة ١٧٩ : لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور منها والخراب ، وإن لم يصل فيه أحد ، بشرط بقاء العنوان عرفاً بأن يصدق أنه مسجد خراب ، وأما مع زوال العنوان فلا تترتب عليه آثار المسجدية ، بلا فرق في ذلك كله بين المساجد في الأراضي المفتوحة عنوة وغيرها.

مسألة ١٨٠ : ما يشك في كونه جزءاً من المسجد من صحنه وحجراته ومنارته وحيطانه ونحو ذلك ولم تكن امارة على جزئيته ـ ولو كانت هي يد المسلمين عليه بعنوان المسجدية ـ لا تجري عليه أحكامها.

مسألة ١٨١ : لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال الجنابة بل الإجارة فاسدة ، ولا يستحق الأجرة المسماة ، وفي استحقاقه أجرة المثل إشكال ، نعم يجوز استئجاره لذلك من غير تقييد بزمان الجنابة فيستحق الأجرة حينئذ وإن أتى به حالها. هذا إذا علم الأجير بجنابته ، أما إذا

٦٥

جهل بها فالأظهر جواز استئجاره مطلقاً ، وكذلك الصبي والمجنون الجنب.

مسألة ١٨٢ : إذا علم إجمالاً جنابة أحد الشخصين وعلم الجنب منهما بجنابته ، لا يجوز استئجارهما ، ولا استئجار أحدهما لقراءة العزائم ، أو دخول المساجد أو نحو ذلك مما يحرم على الجنب.

مسألة ١٨٣ : مع الشك في الجنابة لا يحرم شيء من المحرمات المذكورة ، إلا إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة.

الفصل الثالث

ما يكره للجنب

قد ذكروا أنه يكره للجنب الأكل والشرب إلا بعد الوضوء ، أو بعد غسل اليدين والتمضمض وغسل الوجه ، وتزول مرتبة من الكراهة بغسل اليدين فقط ، ويكره قراءة ما زاد على سبع آيات من غير العزائم ، بل الأحوط استحباباً عدم قراءة شيء من القرآن ما دام جنباً ، ويكره أيضاً مس ما عدا الكتابة من المصحف ، والنوم جنبا إلا أن يتوضأ أو يتيمم بدل الغسل.

الفصل الرابع

واجبات غسل الجنابة

وهي أمور : فمنها النية ، ويجري فيها ما تقدم في نية الوضوء.

ومنها : غسل ظاهر البشرة على وجه يتحقق به مسماه ، فلا بد من رفع الحاجب ، وتخليل ما لا يصل الماء معه إلى البشرة إلا بالتخليل ، ولا يجب غسل الشعر ، إلا ما كان من توابع البدن ، كالشعر الرقيق وإن كان الأحوط استحباباً غسل مطلق الشعر ، ولا يجب غسل البواطن كباطن العين والأذن والفم. نعم الأحوط وجوباً غسل ما يشك في أنه من الباطن أو الظاهر ، وإن

٦٦

علم سابقاً أنه من الباطن ثم شك في تبدله.

ومنها : الإتيان بالغسل على إحدى كيفيتين :

أولاهما : الترتيب ، والأحوط وجوباً فيه أن يغسل أولاً تمام الرأس ـ ومنه العنق ـ ثم بقية البدن ، والأحوط الأولى أن يغسل أولاً تمام النصف الأيمن ثم تمام النصف الأيسر ، ولا بد في غسل كل عضومن إدخال شيء من الآخر مما يتصل به إذا لم يحصل العلم بإتيان الواجب إلا بذلك ، ولا ترتيب هنا بين أجزاء كل عضو ، فله أن يغسل الأسفل منه قبل الأعلى ، كما أنه لا كيفية مخصوصة للغسل هنا ، بل يكفي المسمى كيف كان ، فيجزي رمس الرأس بالماء أولاً ، ثم الجانب الأيمن ، ثم الجانب الأيسر ، كما يكفي رمس البعض ، والصب على الآخر.

ثانيتهما : الارتماس ، وهوعلى نحوين : دفعي وتدريجي ، والأول هو تغطية الماء لمجموع البدن وستره لجميع أجزائه وهو أمر دفعي يعتبر الانغماس التدريجي مقدمة له ، والثاني هو غمس البدن في الماء تدريجا مع انخفاظ الوحدة العرفية فيكون غمس كل جزء من البدن جزء من الغسل لا مقدمة له كما في النحو الأول ، والأظهر صحة الثاني كالأول ، ويعتبر في الثاني أن يكون كل جزء من البدن خارج الماء قبل رمسه بقصد الغسل ويكفي في النحو الأول خروج بعض البدن من الماء ثم رمسه فيه بقصد الغسل.

مسألة ١٨٤ : النية في النحو الأول يجب أن تكون مقارنة للتغطية في زمان حدوثها فإذا تحقق بها استيلاء الماء على جميع البدن مقرونا بالنية كفى ، وأما إذا توقف ذلك على أمر آخر كتخليل الشعر أو رفع القدم عن الأرض مثلاً فلا بد من استمرار النية من حين التغطية إلى حين وصول الماء إلى تمام الأجزاء ، أو نية الغسل بالارتماس البقائي المقارن مع وصوله إليها ، وأما في النحو الثاني فتجب النية مقارنة لغمس أول جزء من البدن في الماء

٦٧

واستمرارها إلى حين غمس الجميع.

مسألة ١٨٥ : ذكر جماعة أن الغسل الترتيبي يتحقق بتحريك الرأس والرقبة ثم الجانبين بقصد غسلها ـ فيما إذا كان جميع البدن تحت الماء ـ وكذلك تحريك بعض الأعضاء وهو في الماء بقصد غسله. وقالوا أيضا بتحقق الغسل الارتماسي الدفعي بتحريك البدن تحت الماء بقصد غسله. ولكن هذا لا يخلو عن إشكال والأحوط عدم الاكتفاء به.

ومنها : إطلاق الماء ، وطهارته بل ونظافته ـ على قول ـ وإباحته ، والمباشرة اختياراً ، وعدم المانع من استعمال الماء من مرض ونحوه ، وطهارة العضوالمغسول على نحوما تقدم في الوضوء. وقد تقدم فيه أيضاً الكلام في اعتبار إباحة الإناء والمصب ، وحكم الجبيرة ، والحائل وغيرهما من أفراد الضرورة ، وحكم الشك ، والنسيان ، وارتفاع السبب المسوغ للوضوء الناقص في الأثناء وبعد الفراغ منها فإن الغسل كالوضوء في جميع ذلك ، نعم يفترق عنه في عدم اعتبار الموالاة فيه في الترتيبي منه.

مسألة ١٨٦ : الغسل الترتيبي مع مراعاة الترتيب فيه بين الأيمن والأيسر أفضل من الغسل الارتماسي.

مسألة ١٨٧ : الأظهر جواز العدول من الغسل الترتيبي إلى الارتماسي بقسميه وكذا العدول من القسم الثاني من الارتماسي إلى غيره ، هذا في العدول الاستئنافي ـ أي رفع اليد عما شرع فيه واستئناف غيره ـ وأما العدول التكميلي من الترتيبي إلى الارتماسي ففيه إشكال بل منع وكذا العكس فيما يتصور فيه ذلك.

مسألة ١٨٨ : يجوز الارتماس فيما دون الكر ، وإن كان يجري على الماء حينئذ حكم المستعمل في رفع الحدث الأكبر.

مسألة ١٨٩ : إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت ، فتبين ضيقه فغسله

٦٨

صحيح.

مسألة ١٩٠ : ماء غسل المرأة من الجنابة ، أو الحيض ، أو نحوهما على الزوج على الأظهر.

مسألة ١٩١ : إذا خرج من بيته بقصد الغسل في الحمام فدخله واغتسل ، ولم يستحضر النية تفصيلاً ، كفى ذلك في نية الغسل إذا كان بحيث لو سئل ماذا تفعل لأجاب بأنه يغتسل ، أما لو كان يتحير في الجواب ـ إلا بعارض كخوف أو نحوه ، بل من جهة عدم تأثر النفس عن الداعي الإلهي ـ بطل ، لانتفاء النية.

مسألة ١٩٢ : إذا كان جواز الاستفادة من الحمام من قبيل الإباحة المشروطة بدفع نقد معين معجلاً ، فإن كان قاصداً ـ حين الاغتسال ـ عدم إعطاء العوض للحمامي ، أو كان قاصداً إعطاء غير العوض المعين ، أو كان قاصداً للتأجيل ، أو كان متردداً في ذلك بطل غسله وإن استرضاه بعد ذلك.

مسألة ١٩٣ : إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل ، وبعد الخروج شك في أنه اغتسل أم لا بنى على العدم.

ولو علم أنه اغتسل لكن شك في أنه اغتسل على الوجه الصحيح أم لا ، بنى على الصحة.

مسألة ١٩٤ : إذا كان ماء الحمام مباحاً ، لكن سخن بالحطب المغصوب ، لا مانع من الغسل فيه.

مسألة ١٩٥ : لا يجوز الغسل في حوض المدرسة ، إلا إذا علم بعموم الوقفية ، أو الإباحة ، ولومن جهة جريان العادة باغتسال أهله أو غيرهم فيه من دون منع أحد.

مسألة ١٩٦ : الماء الذي يسبلونه ، لا يجوز الوضوء ، ولا الغسل منه إلا مع العلم بعموم الرضا.

٦٩

مسألة ١٩٧ : لبس المئزر الغصبي حال الغسل وإن كان محرماً في نفسه ، لكنه لا يوجب بطلان الغسل.

الفصل الخامس

مستحبات غسل الجنابة

قد ذكر العلماء رضي الله عنهم : أنه يستحب غسل اليدين أمام الغسل من المرفقين ثلاثاً ، ثم المضمضة ثلاثاً ، ثم الاستنشاق ثلاثاً ، وإمرار اليد على ما تناله من الجسد ، خصوصاً في الترتيبي ، بل ينبغي التأكد في ذلك وفي تخليل ما يحتاج إلى التخليل ، ونزع الخاتم ونحوه ، والاستبراء بالبول قبل الغسل.

مسألة ١٩٨ : الاستبراء بالبول ليس شرطاً في صحة الغسل ، لكن إذا تركه واغتسل ثم خرج منه بلل مشتبه بالمني ، جرى عليه حكم المني ظاهراً ، فيجب الغسل له كالمني ، سواء استبرأ بالخرطات ، لتعذر البول أم لا ، إلا إذا علم بذلك أو بغيره عدم بقاء شيء من المني في المجرى.

مسألة ١٩٩ : إذا بال بعد الغسل ولم يكن قد بال قبله ، لم تجب إعادة الغسل وإن احتمل خروج شيء من المني مع البول.

مسألة ٢٠٠ : إذا دار أمر المشتبه بين البول والمني بعد الاستبراء بالبول والخرطات ، فالظاهر كفاية الوضوء وإن لم يصدر منه الحدث الأصغر بعد الغسل وقبل خروج البلل المشتبه.

مسألة ٢٠١ : يجزئ غسل الجنابة عن الوضوء لكل ما اشترط به.

مسألة ٢٠٢ : إذا خرجت رطوبة مشتبهة بعد الغسل ، وشك في أنه استبرأ بالبول ، أم لا ، بنى على عدمه فيجب عليه الغسل.

٧٠

مسألة ٢٠٣ : لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة ، بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص والاختبار ، وإن يكون لعدم إمكان الاختبار من جهة العمى ، أو الظلمة ، أو نحو ذلك.

مسألة ٢٠٤ : لو أحدث بالأصغر في أثناء الغسل من الجنابة فله أن يتمه ، والأحوط وجوباً ضم الوضوء إليه حينئذ ، وله العدول الاستئنافي من الترتيبي إلى الارتماسي وبالعكس ولا حاجة حينئذ إلى ضم الوضوء.

مسألة ٢٠٥ : إذا أحدث أثناء سائر الأغسال بالحدث الأصغر جرى عليه ما تقدم في غسل الجنابة إلا في الاستحاضة المتوسطة فإنه يجب فيها الوضوء على كل حال.

مسألة ٢٠٦ : إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل ، فإن كان مماثلاً للحدث السابق ، كالجنابة في أثناء غسلها ، أوالمس في أثناء غسله ، فلا إشكال في وجوب الاستئناف ، وإن كان مخالفاً له فالأقوى عدم بطلانه فيتمه ويأتي بالآخر ، ويجوز الاستئناف بغسل واحد لهما ، ولا يجب الوضوء بعده في غير الاستحاضة المتوسطة.

مسألة ٢٠٧ : إذا شك في غسل الرأس والرقبة قبل الدخول في غسل البدن ، رجع وأتى به ، وكذا إذا كان بعد الدخول فيه على الأحوط ، ولو شك في غسل الطرف الأيمن فاللازم الاعتناء به حتى مع الدخول في غسل الطرف الأيسر على الأقوى.

مسألة ٢٠٨ : إذا غسل أحد الأعضاء ، ثم شك في صحته وفساده فالظاهر أنه لا يعتني بالشك ، سواء كان الشك بعد دخوله في غسل العضو الآخر ، أم كان قبله.

مسألة ٢٠٩ : إذا شك في غسل الجنابة بنى على عدمه ، وإذا شك

٧١

فيه بعد الفراغ من الصلاة لم تجب إعادتها ، إلا إذا كانت موقتة وحدث الشك في الوقت وصدر منه الحدث الأصغر بعد الصلاة فإن الأحوط إعادتها حينئذ ، ويجب عليه الغسل لكل عمل تتوقف صحته أو جوازه على الطهارة من الحدث الأكبر من غير فرق بين الصلاة وغيرها حتى مثل مس كتابة القرآن وهذا الغسل يمكن أن يقع على نحوين : ( الأول ) أن يقطع بكونه مأموراً به ـ وجوبا أو استحبابا ـ كأن يقصد به غسل يوم الجمعة أو غسل الجنابة المتجددة بعد الصلاة وحينئذ فله الاكتفاء به في الإتيان بكل عمل مشروط بالطهارة سواء سبقه الحدث الأصغر أم لا. ( الثاني ) أن لا يكون كذلك بأن أتى به لمجرد احتمال بقاء الجنابة التي يشك في الاغتسال منها قبل الصلاة ، وحينئذ يكتفي به في الإتيان بما هو مشروط بالطهارة عن الحدث الأكبر فقط كجواز المكث في المساجد ، وأما ما هو مشروط بالطهارة حتى عن الحدث الأصغر فلا يكتفى فيه بالغسل بل يجب ضم الوضوء إليه إن سبقه صدور الحدث منه دون ما لم يسبقه.

مسألة ٢١٠ : إذا اجتمع عليه أغسال متعددة واجبة أو مستحبة ، أو بعضها واجب وبعضها مستحب ، فقد تقدم حكمها في شرائط الوضوء في المسألة (١٤١) فراجع.

مسألة ٢١١ : إذا كان يعلم ـ إجمالا ـ أن عليه أغسالاً لكنه لا يعلم بعضها بعينه ، يكفيه أن يقصد جميع ما عليه. وإذا قصد البعض المعين كفى عن غيره على تفصيل تقدم في المسألة ( ١٤١ ) من شرائط الوضوء ، وإذا علم أن في جملتها غسل الجنابة وقصده في جملتها أو بعينه لم يحتج إلى الوضوء ، بل الأظهر عدم الحاجة إلى الوضوء مطلقاً في غير الاستحاضة المتوسطة.

٧٢

المقصد الثاني

غسل الحيض

وفيه فصول :

الفصل الأول

في سببه

وهو خروج دم الحيض الذي تراه المرأة في زمان مخصوص غالباً ، سواء خرج من الموضع الطبيعي للنوع أو الشخص وإن كان خروجه بقطنة ، أم خرج من الموضع العارضي ولكن بدفع طبيعي لا بمثل الإخراج بالآلة. وإذا انصب من الرحم إلى فضاء الفرج ولم يخرج منه أصلاً ففي جريان حكم الحيض عليه إشكال ، وإن كان الأظهر عدمه ، نعم لا إشكال في بقاء الحدث ما دام باقيا في باطن الفرج.

مسألة ٢١٢ : إذا افتضت البكر فسال دم وشك في أنه من دم الحيض ، أومن العذرة ، أو منهما ، أدخلت قطنة وصبرت فترة تعلم بنفوذ الدم فيها ثم استخرجتها برفق فإن كانت مطوقة بالدم فهومن العذرة ، وإن كانت مستنقعة فهومن الحيض ، وهذا الاختبار واجب وجوباً طريقياً لاستكشاف حالها ، فلا يحكم بصحة صلاتها ظاهراً ولا يجوز لها الإتيان بها بقصد الأمر الجزمي إلا مع الاختبار.

مسألة ٢١٣ : إذا تعذر الاختبار المذكور فالأقوى الاعتبار بحالها السابق ، من حيض ، أو عدمه ، وإذا جهلت الحالة السابقة فالأحوط استحباباً

٧٣

الجمع بين عمل الحائض والطاهرة. والأظهر جواز البناء على الطهارة.

الفصل الثاني

يعتبر في دم الحيض أن يكون بعد البلوغ وقبل سن الستين ، فكل دم تراه الصبية قبل بلوغها تسع سنين لا يكون دم حيض ، وكذا ما تراه المرأة بعد بلوغها الستين لا تكون له أحكامه ، والأحوط الأولى في غير القرشية الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة فيما بين الخمسين والستين فيما إذا كان الدم بحيث لو رأته قبل الخمسين لحكم بكونه حيضاً كالذي تراه أيام عادتها ، وأما سن اليأس الموجب لسقوط عدة الطلاق ـ بعد انقطاع الدم وعدم رجاء عوده لكبر سن المرأة ـ فمحدد بالخمسين على الأظهر.

مسألة ٢١٤ : يجتمع الحيض مع الحمل قبل ظهوره وبعد ظهوره ، نعم يلزم على الأحوط على الحامل ذات العادة الوقتية الجمع بين تروك الحائض وأفعال المستحاضة في صورة واحدة وهي ما إذا رأت الدم بعد مضي عشرين يوماً من أول عادتها وكان الدم بصفات الحيض ، وفي غير هذه الصورة حكم الحامل وغير الحامل على حد سواء.

الفصل الثالث

أقل الحيض وأكثره

أقل الحيض ما يستمر من حين خروج الدم ثلاثة أيام ولو في باطن الفرج ، ويكفي التلفيق من أبعاض اليوم ، ولا يكفي وجوده في بعض كل يوم من الثلاثة ولا مع انقطاعه فيما يتوسطها من الليالي ، نعم الفترات اليسيرة المتعارفة ولو في بعض النساء لا تخل بالاستمرار المعتبر فيه.

٧٤

وأكثر الحيض عشرة أيام ، وكذلك أقل الطهر بين حيضتين ، وأما النقاء المتخلل بين الدمين من حيض واحد ففي كونه طهراً أو حيضاً وجهان ، فالأحوط الجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض.

وعلى ما تقدم فكل دم تراه المرأة ناقصا عن الثلاثة أو زائدة على العشرة أو قبل مضي عشرة من الحيض الأول فليس بحيض.

الفصل الرابع

تصير المرأة ذات عادة بتكرر الحيض مرتين متواليتين من غير فصل بينهما بحيضة مخالفة ، فإن اتفقا في الزمان والعدد ـ كأن رأت في أول كل من الشهرين المتواليين سبعة أيام مثلاً ـ فالعادة وقتية وعددية. وإن اتفقا في الزمان خاصة دون العدد ـ كأن رأت في أول الشهر الأول سبعة وفي أول الثاني خمسة ـ فالعادة وقتية خاصة. وإن اتفقا في العدد فقط ـ كأن رأت الخمسة في أول الشهر الأول وكذلك في آخر الشهر الثاني ـ مثلاً فالعادة عددية فقط.

مسألة ٢١٥ : ذات العادة الوقتية ـ سواء أ كانت عددية أم لا ـ تتحيض بمجرد رؤية الدم في أيام عادتها وإن كان أصفر رقيقاً ، وكذا إذا رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين أو أزيد ما دام يصدق عليه تعجيل الوقت والعادة بحسب عرف النساء ، فتترك العبادة ، وتعمل عمل الحائض في جميع الأحكام ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة مثلاً وجب عليها قضاء الصلاة.

مسألة ٢١٦ : غير ذات العادة الوقتية ـ سواء أ كانت ذات عادة عددية فقط أم لم تكن ذات عادة أصلاً كالمبتدئة ـ إذا رأت الدم وكان جامعاً

٧٥

للصفات ، مثل : الحرارة ، والحمرة أو السواد ، والخروج بحرقة ، تتحيض أيضا بمجرد الرؤية ، ولكن إذا انكشف أنه ليس بحيض لانقطاعه قبل الثلاثة ، وجب عليها قضاء الصلاة ، وإن كان فاقداً للصفات ، فلا تتحيض به إلا حين العلم باستمراره إلى ثلاثة أيام ـ ولو كان ذلك قبل إكمال الثلاثة ـ وأما مع احتمال الاستمرار فالأحوط وجوباً الجمع بين تروك الحائض وأعمال المستحاضة.

مسألة ٢١٧ : وإذا تقدم الدم على العادة الوقتية بأزيد ما يصدق عليه تعجيل الوقت بحسب عرف النساء ، أو تأخر عنها ولو قليلاً ، فحكم المرأة في التحيض به وعدمه حكم غير ذات العادة الوقتية المتقدم في المسألة السابقة.

مسألة ٢١٨ : الأقوى عدم ثبوت العادة بالتمييز ، فغير ذات العادة المتعارفة ترجع إلى الصفات مطلقاً.

الفصل الخامس

في حكم رؤية الدم مرتين في شهر واحد

إذا تخلل بين دمين لا يقل أي منهما عن ثلاثة أيام ولا يزيد على عشرة نقاءً أقل من عشرة فهنا صورتان :

الأولى : ما إذا لم يكن مجموع الدمين والنقاء المتخلل أزيد من عشرة أيام ، ففي هذه الصورة يحكم بكون الدمين حيضا سواء أ كان أحدهما أو كلاهما واقعا في أيام العادة أوما بحكمهما أم لا. وأما النقاء المتخلل بينهما فالأحوط فيه الجمع بين أحكام الحائض والطاهرة.

الثانية : ما إذا تجاوز عن العشرة ففي هذه الصورة لا يمكن أن يجعل الدمان معا من حيض واحد ، كما لا يمكن جعل كل واحد منهما حيضاً

٧٦

مستقلا ، وحينئذ فإن كان أحدهما في العادة دون الآخر كان ما في العادة حيضا والآخر استحاضة مطلقاً إلا إذا كان ما في العادة متقدماً زماناً وكان الدم الثاني متصفا بصفة الحيض فإن المقدار الذي لم يتجاوز عن العشرة يحكم بكونه من الحيضة الأولى.

وأما إذا لم يصادف شيء منهما العادة ـ ولو لعدم كونها ذات عادة ـ فإن كان أحدهما واجداً للصفات دون الآخر جعلت الواجد حيضاً والفاقد استحاضة ، وإن تساويا في الصفات فالأقوى جعل أولهما حيضا سواء أ كانا معا متصفين بصفة الحيض أم لا ، والأحوط الأولى أن تحتاط في كل من الدمين خصوصا في الصورة الثانية.

مسألة ٢١٩ : إذا تخلل بين الدمين المفروضين أقل الطهر ، كان كل منهما حيضا مستقلاً ، سواء أ كان كل منهما أو أحدهما في العادة أم لا ، وسواء أ كان كل منهما أو أحدهما واجداً للصفات أم لا على الأقوى.

الفصل السادس

في الاستبراء والاستظهار

إذا انقطع دم الحيض لدون العشرة في الظاهر ، فإن احتملت بقاءه في الرحم وجب عليها الاستبراء ولا يجوز لها ترك العبادة بدونه ، فإن خرجت القطنة ملوثة بقيت على التحيض ، كما سيأتي ، وإن خرجت نقية اغتسلت وعملت عمل الطاهرة ، ولا استظهار ـ هنا ـ حتى مع ظن العود ، إلا مع اعتياد تخلل النقاء على وجه تعلم أو تطمئن بعوده ، غير متجاوز عن العشرة فإن عليها حينئذ أن تحتاط فيه بالجمع بين أحكام الطاهرة والحائض على ما تقدم.

٧٧

وكيفية الاستبراء أن تدخل قطنة وتتركها في موضع الدم وتصبر أزيد من الفترة اليسيرة التي يتعارف انقطاع الدم فيها مع بقاء الحيض كما تقدم ، والأولى لها في كيفية إدخال القطنة أن تكون ملصقة بطنها بحائط أو نحوه ، رافعة إحدى رجليها ثم تدخلها.

وإذا تركت الاستبراء لعذر ـ من نسيان أو نحوه ـ واغتسلت ، وصادف براءة الرحم صح غسلها ، وإن تركته ـ لا لعذر ـ ففي صحة غسلها إذا صادف براءة الرحم وجهان : أقواهما ذلك أيضا.

وإن لم تتمكن من الاستبراء ، لظلمة أو عمى مثلاً فالأظهر أنها تبقى على التحيض حتى تعلم بالنقاء ، وإن كان الأحوط الأولى لها أن تجمع بين أحكام الطاهرة ـ ومنها الاغتسال للصلاة ـ وأحكام الحائض إلى أن تعلم بالنقاء فتعيد الغسل وتقضي الصوم.

مسألة ٢٢٠ : إذا استبرأت فخرجت القطنة ملوثة ولو بالصفرة ، فإن كانت مبتدئة ، أو لم تستقر لها عادة ، أو عادتها عشرة بقيت على التحيض إلى تمام العشرة ، أو يحصل لها العلم بالنقاء قبلها ، وإن شكت فيه أعادت الاستبراء ، وإن كانت ذات عادة ـ دون العشرة ـ فإن كان الاستبراء في أيام العادة ، فلا إشكال في بقائها على التحيض ، إلى أن تتمها إلا أن يحصل لها العلم بالنقاء قبله ، وإن شكت فيه أعادت الاستبراء كما تقدم ، وإن كان بعد انقضاء العادة فإن علمت انقطاع الدم قبل العشرة بقيت على التحيض إلى حين الانقطاع ، وإن علمت تجاوزه عنها اغتسلت وأتت بأعمال المستحاضة ، ومع التردد بين الأمرين فالأحوط الأولى أن تبقى على التحيض استظهاراً يوماً واحداً وتتخير بعده في الاستظهار وعدمه إلى العشرة إلى أن يظهر لها حال الدم ، وأنه ينقطع على العشرة ، أو يستمر إلى ما بعد العشرة. فإن اتضح لها الاستمرار ـ قبل تمام العشرة ـ اغتسلت وعملت عمل

٧٨

المستحاضة ، وإلا فالأحوط لها ـ استحباباً ـ الجمع بين أعمال المستحاضة ، وتروك الحائض. ثم أن ما ذكر من الاستظهار لذي العادة يختص بالحائض التي تمادى بها الدم ـ كما هو محل الكلام ـ ولا يشمل المستحاضة التي اشتبه عليها أيام حيضها بل أن عليها أن تعمل عمل المستحاضة بعد انقاضاء أيام العادة.

الفصل السابع

في حكم تجاوز الدم عن العشرة

مسألة ٢٢١ : قد عرفت حكم الدم المستمر إذا انقطع على العشرة في ذات العادة وغيرها ، وأما إذا تجاوز العشرة قليلاً كان أو كثيراً وكانت المرأة ذات عادة وقتية وعددية جعلت ما في العادة حيضا وإن كان فاقداً للصفات ، والزائد عليها استحاضة وإن كان واجداً لها ، سواء أمكن جعل الواجد أيضاً حيضا ـ منضما أو مستقلاً ـ أم لم يكن ، هذا إذا لم يتخلل نقاء في البين ـ كما هو مفروض الكلام ـ وإلا فربما يحكم بحيضية الواجد منضماً كما إذا كانت عادتها ثلاثة ـ مثلاً ـ ثم انقطع الدم ، ثم عاد بصفات الحيض ، ثم رأت الدم الأصفر فتجاوز العشرة ، فإن الظاهر في مثله جعل الدم الواجد للصفات ، مع ما في العادة حيضاً ، وأما النقاء المتخلل بين الدمين فالأحوط أن تجمع فيه بين أحكام الطاهرة والحائض.

مسألة ٢٢٢ : المبتدئة وهي : المرأة التي ترى الدم لأول مرة. والمضطربة وهي : التي رأت الدم ولم تستقر لها عادة ، إذا رأت الدم وقد تجاوز العشرة فإما أن يكون واجداً للتمييز بأن يكون الدم المستمر بعضه بصفة الحيض وبعضه بصفة الاستحاضة ، وأما أن يكون فاقداً له بأن يكون ذا لون واحد وأن اختلفت مراتبه كما إذا كان الكل بصفة دم الحيض ولكن

٧٩

بعضه أسود وبعضه أحمر أو كان الجميع بصفة دم الاستحاضة ـ أي أصفر ـ مع اختلاف درجات الصفرة.

ففي القسم الأول : تجعل الدم الفاقد لصفة الحيض استحاضة كما تجعل الدم الواجد لها حيضاً مطلقاً إذا لم يلزم من ذلك محذور عدم فصل أقل الطهر ـ أي عشرة أيام ـ بين حيضتين مستقلتين وإلا فالأقوى جعل الثاني استحاضة أيضا ، هذا إذا لم يكن الواجد أقل من ثلاثة أيام ولا أكثر من العشرة وأما مع كونه أقل أو أكثر فلا بد في تعيين عدد أيام الحيض من الرجوع إلى أحد الطريقين الآتيين في القسم الثاني بتكميل العدد من الفاقد إذا كان أقل من ثلاثة وتنقيصه من الواجد إذا كان أكثر من العشرة ولا يحكم بحيضية الزائد على العدد.

وأما في القسم الثاني : فالمبتدئة تقتدي ببعض نسائها في العدد ، ويعتبر فيمن تقتدي بها أمران :

الأول : عدم العلم بمخالفتها معها في مقدار الحيض ، فلا تقتدي المبتدئة بمن كانت قريبة من سن اليأس مثلاً.

الثاني : عدم العلم بمخالفة عادة من تريد الاقتداء بها مع عادة من يماثلها من سائر نسائها. وإذا لم يمكن الاقتداء ببعض نسائها فالظاهر أنها مخيرة في كل شهر في التحيض فيما بين الثلاثة إلى العشرة ولكن ليس لها أن تختار عدداً تطمئن بأنه لا يناسبها ، والأحوط اختيار السبع إذا لم يكن كذلك. وأما المضطربة فالأحوط لها الرجوع إلى بعض نسائها ثم الرجوع إلى العدد على النحوالمتقدم ، نعم إذا ثبت لها عادة عددية ناقصة بالنسبة إلى الأقل أو الأكثر كأن لم تر الدم أقل من خمسة أيام أو أزيد في ثمانية أيام مثلاً مراراً عديدة بحيث عد ذلك عادة لها عرفا لزمها رعايتها أيضاً كما سيأتي نظير ذلك في المسألة اللاحقة.

٨٠