منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨١

فإنه لا يلتفت ، وكذا إذا شك في صحة قراءة الكلمة أو الآية بعد الفراغ منها.

مسألة ٨٦١ : إذا أتى بالمشكوك في المحل ثم تبين أنه قد فعله أولاً لم تبطل صلاته إلا إذا كان ركناً فإنه تبطل حينئذ على ما تقدم ، وإذا لم يأت بالمشكوك بعد تجاوز المحل فتبين عدم الإتيان به فإن أمكن التدارك به فعله ، والا صحت صلاته إلا أن يكون ركناً فتبطل على ما تقدم.

مسألة ٨٦٢ : إذا شك وهو في فعل في أنه هل شك في بعض الأفعال المتقدمة أولا لم يلتفت ما لم يتيقن أنه لم يعتن بالشك على تقدير حصوله أما غفلة أو تعمداً برجاء الإتيان بالمشكوك فيه ، ولو شك في أنه هل سها أم لا وقد جاز محل ذلك الشيء الذي شك في أنه سها عنه أولا لم يلتفت ، نعم لو شك في السهو وعدمه وهو في محل يتلافى فيه المشكوك فيه ، أتى به على الأصح.

مسألة ٨٦٣ : إذا شك المصلي في عدد ركعات الصلاة واستقر الشك جاز له قطعها واستئنافها على الأظهر ، ولا يلزمه علاج ما هو قابل للعلاج إذا لم يستلزم محذور فوات الوقت والا لم يجز له ذلك ، والأحوط عدم الاستئناف قبل الإتيان بأحد القواطع كالاستدبار مثلاً ، وما يذكر في هذه المسألة والمسائل الآتية في تمييز ما يقبل العلاج من الشكوك عن غيره وفي بيان كيفية العلاج إنما يتعين العمل به في خصوص الصورة المتقدمة ، وإذا شك المصلي في عدد الركعات واستقر شكه فإن كان شكه في الثنائية أو الثلاثية أو الأوليين من الرباعية بطلت ، وإن كان في غيرها وقد أحرز الأوليين بأن دخل في السجدة الثانية من الركعة الثانية وهو يتحقق بوضع الجبهة على المسجد وإن لم يشرع في الذكر ، فهنا صور :

منها : ما لا علاج للشك فيها فتبطل الصلاة فيها.

ومنها : ما يمكن علاج الشك فيها وتصح الصلاة حينئذ وهي تسع

٢٨١

صور :

الأولى : الشك بين الاثنتين والثلاث بعد الدخول في السجدة الأخيرة فإنه يبني على الثلاث ويأتي بالرابعة ويتم صلاته ثم يحتاط بركعة قائماً على الأحوط وجوباً ، وإن لم يتمكن من القيام حال الإتيان بصلاة الاحتياط أتى بها جالساً.

الثانية : الشك بين الثلاث والأربع في أي موضع كان ، فيبني على الأربع ويتم صلاته ، ثم يحتاط بركعة قائماً أو ركعتين جالساً والأحوط استحباباً اختيار الركعتين جالساً ، وإن لم يتمكن من القيام حال الإتيان بصلاة الاحتياط احتاط بركعة جالساً.

الثالثة : الشك بين الاثنتين والأربع بعد الدخول في السجدة الأخيرة فيبني على الأربع ويتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام ، وإن لم يتمكن منه حال الإتيان بصلاة الاحتياط احتاط بركعتين من جلوس.

الرابعة : الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع بعد الدخول في السجدة الأخيرة فيبني على الأربع ويتم صلاته ثم يحتاط بركعتين من قيام وركعتين من جلوس ، والأقوى تأخير الركعتين من جلوس ، وإن لم يتمكن من القيام حال الإتيان بصلاة الاحتياط احتاط بركعتين من جلوس ثم بركعة جالساً.

الخامسة : الشك بين الأربع والخمس بعد الدخول في السجدة الأخيرة ، فيبني على الأربع ويتم صلاته ثم يسجد سجدتي السهو ، ولا يبعد جريان هذا الحكم في كل مورد يكون الطرف الأقل هو الأربع كالشك بينها وبين الست ، كما لا يبعد في كل مورد شك فيه بين الأربع والأقل منها والأزيد بعد الدخول في السجدة الثانية كفاية العمل بموجب الشكين بالبناء على الأربع والإتيان بصلاة الاحتياط لاحتمال النقيصة ثم بسجدتي السهو لاحتمال الزيادة.

٢٨٢

السادسة : الشك بين الأربع والخمس حال القيام ، فإنه يهدم وحكمه حكم الشك بين الثلاث والأربع ، فيتم صلاته ثم يحتاط ، كما سبق في الصورة الثانية.

السابعة : الشك بين الثلاث والخمس حال القيام ، فإنه يهدم وحكمه حكم الشك بين الاثنتين والأربع ، فيتم صلاته ويحتاط كما سبق في الصورة الثالثة.

الثامنة : الشك بين الثلاث والأربع والخمس حال القيام ، فإنه يهدم وحكمه حكم الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع ، فيتم صلاته ويحتاط كما سبق في الصورة الرابعة.

التاسعة : الشك بين الخمس والست حال القيام ، فإنه يهدم وحكمه حكم الشك بين الأربع والخمس ، ويتم صلاته ويسجد للسهو ، والأحوط الأولى في هذه الصور الأربع أن يسجد سجدتي السهو للقيام الزائد أيضاً.

مسألة ٨٦٤ : إذا تردد بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث ثم ضم إليها ركعة وسلم وشك في أن بناءه على الثلاث كان من جهة الظن بالثلاث أو عملاً بالشك ، فالظاهر عدم وجوب صلاة الاحتياط عليه وإن كان أحوط ، وإذا بنى في الفرض المذكور على الاثنتين وشك بعد التسليم أنه كان من جهة الظن بالاثنتين أو خطأ منه وغفلة عن العمل بالشك صحت صلاته ولا شيء عليه.

مسألة ٨٦٥ : الظن بالركعات كاليقين ، أما الظن بالأفعال فالظاهر أن حكمه حكم الشك فإذا ظن بفعل الجزء في المحل لزمه الإتيان به وإذا ظن بعدم الفعل بعد تجاوز المحل مضى وليس له أن يرجع ويتداركه ، والأحوط استحباباً إعادة الصلاة في الصورتين.

مسألة ٨٦٦ : في الشكوك المعتبر فيها الدخول في السجدة الثانية

٢٨٣

كالشك بين الاثنتين والثلاث ، والشك بين الاثنتين والأربع ، والشك بين الاثنتين والثلاث والأربع : إذا شك مع ذلك في الإتيان بالسجدتين أو واحدة فإن كان شكه حال الجلوس قبل الدخول في القيام أو التشهد ـ والأول في المثال الأول بلحاظ ما قبل القيام والثاني في المثالين الأخيرين بلحاظ حالته الفعلية ـ بطلت صلاته ، لأنه محكوم بعدم الإتيان بهما أو بإحداهما فيكون شكه قبل الدخول في السجدة الثانية ، وإن كان بعد الدخول في القيام أو التشهد لم تبطل.

مسألة ٨٦٧ : إذا تردد في أن الحاصل له شك أو ظن كما يتفق كثيراً لبعض الناس كان ذلك شكاً ، ولو حصلت له حالة في أثناء الصلاة وبعد أن دخل في فعل آخر لم يدر أنه كان شكاً أو ظناً يبنى على حالته الفعلية ويجري على ما يقتضيه ظنه أو شكه الفعلي ، وكذا لو شك في شيء ثم انقلب شكه إلى الظن ، أو ظن به ثم انقلب ظنه إلى الشك ، فإنه يلحظ الحالة الفعلية ويعمل عليها ، فلو شك بين الثلاث والأربع مثلاً فبنى على الأربع ، ثم انقلب شكه إلى الظن بالثلاث بنى عليه وأتى بالرابعة ، وإذا ظن بالثلاث ثم تبدل ظنه إلى الشك بينها وبين الأربع بنى على الأربع ثم يأتي بصلاة الاحتياط.

مسألة ٨٦٨ : الأقوى جواز ترك صلاة الاحتياط واستئناف الصلاة بعد الإتيان بالمنافي.

مسألة ٨٦٩ : يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة من الأجزاء والشرائط فلا بد فيها من النية ، والتكبير للإحرام ، وقراءة الفاتحة ، والركوع والسجود والتشهد والتسليم ، والأحوط أن يخفت في قراءة الفاتحة وإن كانت الصلاة الأصلية جهرية ، والأحوط الأولى الخفوت في البسملة أيضاً ، ولا تجب فيها سورة ، وإذا تخلل المنافي بينها وبين الصلاة فالأحوط إعادة الصلاة ولا حاجة معها إلى

٢٨٤

صلاة الاحتياط على الأظهر.

مسألة ٨٧٠ : إذا تبين تمامية الصلاة قبل صلاة الاحتياط لم يحتج إليها ، وإن كان في الأثناء جاز تركها وإتمامها نافلة ركعتين.

مسألة ٨٧١ : إذا تبين نقص الصلاة قبل الشروع في صلاة الاحتياط جرى عليه حكم من سلم على النقص من وجوب ضم الناقص والإتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط ، وإن تبين ذلك في أثناء صلاة الاحتياط ألغاها فإن كان تبين النقص قبل الدخول في الركوع أتم ما نقص متصلاً واجتزأ به ولو كان بعده فالأحوط إعادة الصلاة وعدم الاكتفاء بالتتميم ، وإذا تبين ذلك بعد الفراغ منها أجزأت إذا تبين النقص الذي كان يحتمله أولاً ، أما إذا تبين النقص أزيد مما كان محتملاً كما إذا شك بين الثلاث والأربع فبنى على الأربع وأتى بركعة واحدة قائماً للاحتياط ، ثم تبين له قبل الإتيان بالمنافي أن النقص كان ركعتين فالظاهر عدم كفاية صلاة الاحتياط ولا تتميم ما نقص متصلاً على الأحوط فتجب إعادة الصلاة ، وكذا لو تبينت الزيادة عما كان محتملاً كما إذا شك بين الاثنتين والأربع فبنى على الأربع وأتى بركعتين للاحتياط فتبين كون صلاته ثلاث ركعات.

مسألة ٨٧٢ : يجري في صلاة الاحتياط ما يجري في سائر الفرائض من أحكام السهو في الزيادة والنقيصة ، والشك في المحل ، أو بعد تجاوزه أو بعد الفراغ وغير ذلك ، وإذا شك في عدد ركعاتها لزم البناء على الأكثر إلا أن يكون مفسداً فيبني على الأقل.

مسألة ٨٧٣ : إذا شك في الإتيان بصلاة الاحتياط بنى على العدم إلا إذا كان بعد خروج الوقت ، ولو كان بعد الإتيان بما ينافي الصلاة عمداً وسهواً فالأحوط استئناف الصلاة.

مسألة ٨٧٤ : إذا نسي من صلاة الاحتياط ركناً ولم يتمكن من تداركه

٢٨٥

أعاد الصلاة ، وكذلك إذا زاد ركعة بل ركوعاً أو سجدتين في ركعة على الأحوط.

فصل

في قضاء الأجزاء المنسية

مسألة ٨٧٥ : إذا نسي السجدة الواحدة ولم يذكر إلا بعد الدخول في الركوع وجب قضاؤها بعد الصلاة ، والأحوط أن يكون بعد صلاة الاحتياط إذا كانت عليه ، وكذا يقضي التشهد إذا نسيه ولم يذكره إلا بعد الركوع على الأحوط الأولى ، ويجري الحكم المزبور فيما إذا نسي سجدة واحدة والتشهد من الركعة الأخيرة ولم يذكر إلا بعد التسليم والإتيان بما ينافي الصلاة عمداً وسهواً ، وأما إذا ذكره بعد التسليم وقبل الإتيان بالمنافي فاللازم تدارك المنسي والاتيان بالتشهد والتسليم ثم الاتيان بسجدتي السهو للسلام الزائد على الأحوط وجوباً ، ولا يقضي غير السجدة والتشهد من الأجزاء ويجب في القضاء ما يجب في المقضي من جزء وشرط كما يجب فيه نية البدلية ، ولا يجوز الفصل بالمنافي بينه وبين الصلاة على الأحوط ، وإذا فصل فالأقوى جواز الاكتفاء بقضائه ، والأحوط إعادة الصلاة أيضاً.

مسألة ٨٧٦ : إذا شك في فعله بنى على العدم ، وإن كان الشك بعد الإتيان بالمنافي عمداً وسهواً أو بعد خروج الوقت على الأحوط ، وإذا شك في موجبه بنى على العدم.

٢٨٦

فصل

في سجود السهو

مسألة ٨٧٧ : يجب سجود السهو للكلام ساهياً ، وللسلام في غير محله على الأحوط فيهما ، وللشك بين الأربع والخمس أوما بحكمه كما تقدم ، ولنسيان التشهد ، وكذا يجب فيما إذا علم إجمالاً بعد الصلاة أنه زاد فيها أو نقص مع كون صلاته محكومة بالصحة فإنه يسجد سجدتي السهوعلى الأحوط. والأحوط الأولى سجود السهو لنسيان السجدة الواحدة وللقيام في موضع الجلوس ، أو الجلوس في موضع القيام سهواً ، بل الأولى سجود السهو لكل زيادة أو نقيصة.

مسألة ٨٧٨ : يتعدد السجود بتعدد موجبه ، ولا يتعدد بتعدد الكلام إلا مع تعدد السهو بأن يتذكر ثم يسهو ، أما إذا تكلم كثيراً وكان ذلك عن سهو واحد وجب سجود واحد لا غير.

مسألة ٨٧٩ : لا يجب الترتيب فيه بترتيب أسبابه ولا تعيين السبب.

مسألة ٨٨٠ : يؤخر السجود عن صلاة الاحتياط ، وكذا عن الأجزاء المقضية على الأحوط ، ويجب المبادرة إليه بعد الصلاة ، والأحوط لزوماً عدم الفصل بينهما بالمنافي ، وإذا أخره عن الصلاة أو فصله بالمنافي لم تبطل صلاته ولم يسقط وجوبه على الأحوط فيأتي به فوراً ففوراً ، وإذا أخره نسياناً أتى به متى تذكر ، ولو تذكره وهو في أثناء صلاة أخرى أتم صلاته وأتى به بعدها.

مسألة ٨٨١ : سجود السهو سجدتان متواليتان وتجب فيه نية القربة ولا يجب فيه تكبير ، والأحوط فيه وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه والأحوط الأولى وضع سائر المساجد أيضاً ومراعاة جميع ما يعتبر في سجود

٢٨٧

الصلاة من الطهارة والاستقبال ، والستر وغير ذلك ، والأحوط استحباباً الإتيان بالذكر في كل واحد منهما ، والأولى في صورته :

« بسم الله وبالله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته » ويجب فيه التشهد بعد رفع الرأس من السجدة الثانية ، ثم التسليم ، والأحوط لزوماً اختيار التشهد المتعارف دون الطويل.

مسألة ٨٨٢ : إذا شك في موجبه لم يلتفت ، وإذا شك في عدد الموجب بنى على الأقل ، وإذا شك في إتيانه بعد العلم بوجوبه أتى به وإن كان شكه بعد فوات المبادرة على الأحوط ، وإذا اعتقد تحقق الموجب ـ وبعد السلام شك فيه ـ لم يلتفت ، كما أنه إذا شك في الموجب ، وبعد ذلك علم به أتى به على ما مر ، وإذا شك في أنه سجد سجدة أو سجدتين بنى على الأقل ، إلا إذا دخل في التشهد ، وإذا شك أنه أتى بسجدتين أو ثلاث لم يعتن به سواء أ شك قبل دخوله في التشهد أم شك بعده ، وإذا علم أنه أتى بثلاث أعاد سجدتي السهوعلى الأحوط ، ولو نسي سجدة واحدة فإن أمكنه التدارك بأن ذكرها قبل تحقق الفصل الطويل تداركها والا أتى بسجدتي السهومن جديد.

مسألة ٨٨٣ : تشترك النافلة مع الفريضة في أنه إذا شك في جزء منها في المحل لزم الإتيان به ، وإذا شك بعد تجاوز المحل لا يعتني به ، وفي أن نقصان الركن مبطل لها وفي أنه إذا نسي جزءاً لزم تداركه مع الالتفات إليه قبل الدخول في ركن بعده ، وتفترق عن الفريضة بأن الشك في ركعاتها يجوز فيه البناء على الأقل والأكثر ـ كما تقدم ـ وإنه لا سجود للسهو فيها ، وإنه لا قضاء للجزء المنسي فيها ـ إذا كان يقضى في الفريضة ـ وإن زيادة الركن سهواً غير قادحة فيها بلا إشكال ومن هنا يجب تدارك الجزء المنسي إذا ذكره بعد الدخول في ركن أيضاً.

٢٨٨

المقصد الحادي عشر

صلاة المسافر

وفيه فصول

الفصل الأول

تقصر الصلاة الرباعية بإسقاط الركعتين الأخيرتين منها في السفر بشروط :

الأول : قصد قطع المسافة ـ بمعنى إحراز قطعها ولومن غير إرادة ـ وهي ثمانية فراسخ امتدادية ذهاباً أو إياباً أو ملفقة من الثمانية ذهاباً وإياباً ، سواء اتصل ذهابه بإيابه أم انفصل عنه بمبيت ليلة واحدة أو أكثر ، في الطريق أو في المقصد الذي هو رأس الأربعة ، ما لم تحصل منه الإقامة القاطعة للسفر أو غيرها من القواطع الآتية.

مسألة ٨٨٤ : الفرسخ ثلاثة أميال ، والميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد ، وهومن المرفق إلى طرف الأصابع ، فتكون المسافة أربعاً وأربعين كيلو متراً تقريباً.

مسألة ٨٨٥ : إذا نقصت المسافة عن ذلك ولو يسيراً بقي على التمام ، وكذا إذا شك في بلوغها المقدار المذكور ، أو ظن بذلك.

مسألة ٨٨٦ : تثبت المسافة بالعلم ، وبالبينة الشرعية وبالشياع وما في حكمه مما يفيد الاطمئنان وفي ثبوتها بخبر العدل الواحد إشكال بل منع ما لم يوجب الوثوق ، وإذا تعارضت البينتان تساقطتا ووجب التمام ، ولا يجب الاختبار إذا لزم منه الحرج ، بل مطلقاً ، وإذا شك العامي في مقدار المسافة

٢٨٩

ـ شرعاً ـ وجب عليه إما الرجوع إلى المجتهد والعمل على فتواه ، أو الاحتياط بالجمع بين القصر والتمام ، وإذا اقتصر على أحدهما وإنكشف مطابقته للواقع أجزأه.

مسألة ٨٨٧ : إذا اعتقد كون ما قصده مسافة فقصر فظهر عدمه أعاد ، وأما إذا اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة أعاد في الوقت دون خارجه.

مسألة ٨٨٨ : إذا شك في كونه مسافة ، أو اعتقد العدم وظهر في أثناء السير كونه مسافة قصر وإن لم يكن الباقي مسافة.

مسألة ٨٨٩ : إذا كان للبلد طريقان ، والأبعد منهما مسافة دون الأقرب ، فإن سلك الأبعد قصر ، ، وإن سلك الأقرب أتم ، ولا فرق في ذلك بين أن يكون سفره من بلده إلى بلد آخر أومن بلد آخر إلى بلده أو غيره.

مسألة ٨٩٠ : إذا كان الذهاب خمسة فراسخ والإياب ثلاثة قصر ، وكذا في جميع صور التلفيق ، إذا كان الذهاب والإياب بمجموعهما ثمانية فراسخ.

مسألة ٨٩١ : تحتسب المسافة من الموضع الذي يعد الشخص بعد تجاوزه مسافراً عرفاً وهو آخر البلد غالباً ، وربما يكون آخر الحي أوالمحلة في بعض البلاد الكبيرة جداً.

مسألة ٨٩٢ : لا يعتبر توالي السير على النحوالمتعارف ، بل يكفي قصد السفر في المسافة المذكورة ولو في أيام كثيرة ، نعم لو كان يقطع في كل يوم شيئاً يسيراً جداً للتنزه أو نحوه فالأحوط الجمع بين القصر والتمام.

مسألة ٨٩٣ : يجب القصر في المسافة المستديرة إذا كان مجموع الذهاب والإياب ثمانية فراسخ ، ولا فرق بين ما إذا كانت الدائرة في أحد جوانب البلد أو كانت مستديرة على البلد.

٢٩٠

مسألة ٨٩٤ : لابد من تحقق القصد إلى المسافة في أول السير فإذا قصد ما دون المسافة وبعد بلوغه تجدد قصده إلى ما دونها أيضا ، وهكذا وجب التمام وإن قطع مسافات ، نعم إذا قصد ما دون المسافة عازماً على الرجوع وكان المجموع يبلغ ثمانية فراسخ لزمه التقصير ، فطالب الضالة أو الغريم أو الآبق ونحوهم يتمون ، إلا إذا حصل لهم في الأثناء قصد ثمانية فراسخ امتدادية أو ملفقة من الذهاب والإياب.

مسألة ٨٩٥ : إذا خرج إلى ما دون أربعة فراسخ ينتظر رفقة ـ إن تيسروا سافر معهم والا رجع ـ أتم ، وكذا إذا كان سفره مشروطاً بأمر آخر غير معلوم الحصول ، نعم إذا كان مطمئناً بتيسر الرفقة أو بحصول ذلك الأمر قصر.

مسألة ٨٩٦ : لا يعتبر في قصد السفر أن يكون مستقلاً ، فإذا كان تابعاً لغيره كالزوجة والخادم والأسير وجب التقصير ، إذا كان قاصداً للمسافة تبعاً لقصد المتبوع ، وإذا شك في قصد المتبوع بقي على التمام ، والأحوط ـ استحباباً ـ الاستخبار من المتبوع ، ولكن لا يجب عليه الإخبار ، وإذا علم في الأثناء قصد المتبوع ، فإن كان الباقي مسافة ولو ملفقة قصر ، والا بقي على التمام.

مسألة ٨٩٧ : إذا كان التابع عازماً على مفارقة المتبوع ـ قبل بلوغ المسافة ـ أو متردداً في ذلك بقي على التمام ، وكذا إذا كان عازماً على المفارقة ، على تقدير حصول أمر محتمل الحصول ـ سواء أ كان له دخل في ارتفاع المقتضي للسفر أو شرطه مثل الطلاق ، أم كان مانعاً عن السفر مع تحقق المقتضي له وشرطه ـ فإذا قصد المسافة واحتمل احتمالاً عقلائياً لا يطمئن بخلافه حدوث مانع عن سفره أتم صلاته ، وإن انكشف بعد ذلك عدم المانع.

مسألة ٨٩٨ : الظاهر وجوب القصر في السفر غير الاختياري كما إذا

٢٩١

ألقي في قطار أو سفينة بقصد إيصاله إلى نهاية مسافة ، وهو يعلم ببلوغه المسافة ، أما إذا كان نائماً أو مغمى عليه مثلاً وسافر به شخص من غير سبق التفات فلا تقصير عليه.

الثاني : استمرار القصد ولو حكماً فلا ينافيه إلا العدول أو التردد ، فإذا عدل ـ قبل بلوغه الأربعة ـ إلى قصد الرجوع ، أو تردد في ذلك وجب التمام ، والأحوط ـ لزوماً ـ إعادة ما صلاه قصراً إذا كان العدول قبل خروج الوقت وقضاؤه إن كان بعد خروجه والإمساك في بقية النهار وإن كان قد أفطر قبل ذلك ، وإذا كان العدول أو التردد بعد بلوغ الأربعة ، وكان عازماً على العود قبل إقامة العشرة بقي على القصر واستمر على الإفطار.

مسألة ٨٩٩ : يكفي في استمرار القصد بقاء قصد نوع السفر وإن عدل عن الشخص الخاص ، كما إذا قصد السفر إلى مكان وفي الأثناء عدل إلى غيره ، إذا كان ما مضى مع ما بقي إليه مسافة ، فإنه يقصر على الأصح ، وكذا إذا كان من أول الأمر قاصداً السفر إلى أحد البلدين ، من دون تعيين أحدهما ، إذا كان السفر إلى كل منهما يبلغ المسافة.

مسألة ٩٠٠ : إذا تردد في الأثناء ، ثم عاد إلى الجزم ، فإن كان ما بقي مسافة ولو ملفقة قصر في صلاته ، وكذا إذا لم يكن الباقي مسافة ولكنه يبلغها بضم مسيره الأول إليه ، وإن كان الأحوط في هذه الصورة أن يجمع بين القصر والإتمام.

الثالث : أن لا يكون ناوياً في أول السفر إقامة عشرة أيام قبل بلوغ المسافة ، أو يكون متردداً في ذلك ، والا أتم من أول السفر ، وكذا إذا كان ناوياً المرور بوطنه أو مقره مع النزول فيه أو كان متردداً في ذلك ، فإذا كان قاصداً السفر المستمر ، لكن احتمل احتمالاً لا يطمئن بخلافه عروض ما يوجب تبدل قصده على نحو يلزمه أن ينوي الإقامة عشرة ، أوالمرور بالوطن

٢٩٢

والنزول فيه ، أتم صلاته ، وإن لم يعرض ما احتمل عروضه.

الرابع : أن يكون السفر مباحا ، فإذا كان حراماً لم يقصر سواءاً أ كان حراماً لنفسه ، كإباق العبد ، أم لغايته ، كالسفر لقتل النفس المحترمة ، أم للسرقة ، أم للزنا أم لإعانة الظالم في ظلمه ، ونحو ذلك ، ويلحق به ما إذا كانت الغاية من السفر ترك واجب ، كما إذا كان مديوناً وسافر مع مطالبة الدائن واستحقاق الدين ، وإمكان الأداء في الحضر دون السفر ، فإنه يجب فيه التمام ، إن كان السفر بقصد التوصل إلى ترك الواجب ، أما إذا كان السفر مما يتفق وقوع الحرام أو ترك الواجب أثناءه ، كالغيبة وشرب الخمر وترك الصلاة ونحو ذلك ، من دون أن يكون الحرام أو ترك الواجب غاية للسفر وجب فيه القصر.

مسألة ٩٠١ : إذا سافر على الدابة المغصوبة مثلاً بقصد الفرار بها عن المالك أتم صلاته ، وكذا إذا سافر في الأرض المغصوبة على الأظهر.

مسألة ٩٠٢ : إباحة السفر شرط في الابتداء والاستدامة ، فإذا كان ابتداء سفره مباحاً ـ وفي الأثناء قصد المعصية ـ أتم حينئذ ، وأما ما صلاه قصراً سابقاً فلا تجب إعادته ، وإذا رجع إلى قصد المباح قصر في صلاته وإن لم يكن الباقي مسافة.

مسألة ٩٠٣ : إذا كان ابتداء سفره معصية فعدل إلى المباح ، قصر في صلاته سواء أ كان الباقي مسافة أم لا على الأظهر.

مسألة ٩٠٤ : الراجع من سفر المعصية يقصر إذا كان الرجوع مسافة ولم يكن بنفسه من سفر المعصية ، ولا فرق في هذا بين من تاب عن معصيته ومن لم يتب.

مسافة ٩٠٥ : إذا سافر لغاية ملفقة من أمر مباح وآخر حرام أتم صلاته ، إلا إذا كان الحرام تابعاً غير صالح للاستقلال في تحقق السفر فإنه يقصر.

٢٩٣

مسألة ٩٠٦ : إذا سافر للصيد ـ لهواً ـ كما يستعمله أبناء الدنيا أتم الصلاة في ذهابه ، وقصر في إيابه إذا كان وحده مسافة ولم يكن كالذهاب للصيد لهواً ، أما إذا كان الصيد لقوته وقوت عياله قصر ، وكذلك إذا كان للتجارة ، على الأظهر ، ولا فرق في ذلك بين صيد البر والبحر.

مسألة ٩٠٧ : التابع للجائر ، إذا كان مكرهاً ، أو بقصد غرض صحيح ، كدفع مظلمة عن نفسه أو غيره يقصر ، والا فإن كان على وجه يعد من أتباعه وأعوانه في جوره يتم ، وإن كان سفر الجائر مباحا فالتابع يتم والمتبوع يقصر.

مسألة ٩٠٨ : إذا شك في كون السفر معصية أولا ، مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الإباحة فيقصر ، إلا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة ، أو كان هناك أصل موضوعي يحرز به الحرمة فلا يقصر.

مسألة ٩٠٩ : إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلى الطاعة ، فإن كان العدول قبل الزوال وجب الإفطار ، وإن كان العدول بعد الزوال ، وكان في شهر رمضان فالأحوط ـ وجوباً ـ أن يتمه ، ثم يقضيه ، ولوإنعكس الأمر بأن كان سفره طاعة في الابتداء ، وعدل إلى المعصية في الأثناء فإن لم يأت بالمفطر فالأحوط ـ وجوباً ـ أن يصوم ثم يقضيه سواء أ كان ذلك قبل الزوال أم بعده ، نعم لو كان ذلك بعد فعل المفطر وجب عليه الإتمام والقضاء.

الخامس : أن لا يكون السفر إلى المسافة فما زاد عملاً له عرفاً أما باتخاذ عمل سفري مهنة له أو بتكرر السفر منه خارجاً ، فالمكاري ، والملاح والساعي ، والراعي ، والتاجر الذي يدور في تجارته ، وغيرهم ممن تكون مهنته سفرية أو يكون السفر مقدمة لمهنته يتمون الصلاة في سفرهم ، وإن استعملوه لأنفسهم ، كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى آخر ، وكما أن التاجر الذي يدور في تجارته يتم الصلاة ، كذلك العامل الذي يدور في

٢٩٤

عمله كالنجار الذي يدور في الرساتيق لتعمير النواعير والكرود ، والبناء الذي يدور في الرساتيق لتعمير الآبار التي يستقى منها للزرع ، والحداد الذي يدور في الرساتيق والمزارع لتعمير الماكينات وإصلاحها ، والنقار الذي يدور في القرى لنقر الرحى ، وأمثالهم من العمال الذين يدورون في البلاد والقرى والرساتيق للاشتغال والأعمال ، مع صدق الدوران في حقهم ، لكون مدة الإقامة للعمل قليلة غالبا ، ومثلهم الحطاب والجلاب الذي يجلب الخضر والفواكه والحبوب ونحوها إلى البلد ، فإنهم يتمون الصلاة ، وكذلك من كانت إقامته في مكان وتجارته أو طبابته أو تدريسه أو دراسته في مكان آخر فيسافر إليه يوميا أو بين يوم ويوم مثلا ، والحاصل أن العبرة في لزوم التمام بكثرة السفر ، ولكن تكفي الكثرة التقديرية في المهن السفرية كالسياقة والملاحة ونحوهما ، فالسائق ونحوه يتم الصلاة وإن لم يكثر السفر منه بعد إذا كان عازماً على ذلك ـ كما سيجيء ـ وأما في غيرها فتعتبر الكثرة الفعلية من غير فرق بين من يكون السفر مقدمة لمهنته ومن يتكرر السفر منه لغرض آخر كما سيأتي في المسألة (٩١٦).

مسألة ٩١٠ : إذا اختص عمله بالسفر إلى ما دون المسافة قصر إن اتفق له السفر إلى المسافة ، نعم إذا كان عمله السفر إلى مسافة معينة كالمكاري من النجف إلى كربلاء ، فاتفق له كري دوابه إلى غيرها فإنه يتم حينئذ.

مسألة ٩١١ : لا يعتبر في وجوب التمام على من اتخذ العمل السفري مهنة له تكرر السفر منه ثلاث مرات ، بل متى ما صدق عليه عنوان السائق أو نحوه يجب عليه التمام ، نعم إذا توقف صدقه على تكرار السفر يجب التقصير قبله.

مسألة ٩١٢ : إذا سافر من اتخذ العمل السفري مهنة له سفرا ليس من

٢٩٥

عمله ولا متعلقاً به ـ كما إذا سافر المكاري للزيارة أو الحج ـ وجب عليه القصر ، ومثله ما إذا انكسرت سيارته أو سفينته فتركها عند من يصلحها ورجع إلى أهله فإنه يقصر في سفر الرجوع ، وكذا لو غصبت دوابه أو مرضت فتركها ورجع إلى أهله ، نعم إذا لم يتهيأ له المكاراة في رجوعه فرجع إلى أهله بدوابه أو بسيارته أو بسفينته خالية من دون مكاراة فإنه يتم في رجوعه ، فالتمام يختص بالسفر الذي هو عمله ، أو متعلق بعمله ، هذا مع عدم تحقق الكثرة الفعلية في حقه والا فحكمه التمام ولو في السفر الذي لا يتعلق بعمله.

مسألة ٩١٣ : إذا اتخذ السفر عملاً له في شهور معينة من السنة أو فصل معين منها ، كالذي يكري دوابه بين مكة وجدة في شهور الحج أو يجلب الخضر في فصل الصيف جرى عليه الحكم ، وأتم الصلاة في سفره في المدة المذكورة ، أما في غيرها من الشهور فيقصر في سفره إذا اتفق له السفر.

مسألة ٩١٤ : الحملدارية الذين يسافرون إلى مكة في أيام الحج في كل سنة ، ويقيمون في بلادهم بقية أيام السنة يشكل جريان حكم من عمله السفر عليهم ، فالأحوط لزوماً لهم الجمع بين القصر والتمام ، بل لا يبعد وجوب القصر عليهم فيما إذا كان زمان سفرهم قليلاً ـ كثلاثة أسابيع مثلاً ـ ، كما هو الغالب في من يسافر جواً في عصرنا الحاضر.

مسألة ٩١٥ : الظاهر توقف صدق عنوان السائق مثلاً على العزم على مزاولة مهنة السياقة مرة بعد أخرى على نحولا يكون له فترة غير معتادة لمن يتخذ تلك المهنة عملاً له ، وتختلف الفترة طولاً وقصراً بحسب اختلاف الموارد ، فالذي يسوق سيارته في كل شهر مرة من النجف إلى خراسان يصدق أن عمله السياقة ، وأما الذي يسوق سيارته في كل ليلة جمعة من النجف إلى كربلاء فلا يصدق في حقه ذلك ، وهذا الاختلاف ناشئ من

٢٩٦

اختلاف أنواع السفر ، والمدار العزم على توالي السفر من دون تخلل فترة تضر بصدق عنوان السائق أوالملاح أو نحوهما. هذا فيمن اتخذ العمل السفري مهنة له ، وأما غيره ممن يتكرر منه السفر خارجاً لكونه مقدمة لمهنته أو لغرض آخر فتتحقق كثرة السفر في حقه إذا كان يسافر في كل يوم ويرجع إلى أهله ، أو يحضر يوماً ويسافر يوماً ، أو يحضر يومين ويسافر يومين ، أو يحضر ثلاثة أيام ويسافر ثلاثة أيام ، أو يحضر أربعة أيام ويسافر ثلاثة أيام ، وإذا كان يحضر خمسة ويسافر يومين كالخميس والجمعة فالأحوط له لزوماً الجمع بين القصر والتمام ، وأما إذا كان لا يتفق له السفر إلا مرة في الأسبوع أو الأسبوعين فوظيفته القصر لأنه لا يعد بذلك كثير السفر عرفاً.

مسألة ٩١٦ : إذا لم يتخذ العمل السفري عملاً وحرفة له ولم يكن السفر مقدمة لمهنته ولكن كان له غرض في تكرار السفر بلا فترة ـ مثل أن يسافر كل يوم من البلد للتنزه أو لعلاج مرض ، أو لزيارة إمام ، أو نحو ذلك ـ بحيث يعد كثير السفر عرفاً فالأظهر وجوب التمام عليه.

مسألة ٩١٧ : إذا أقام من عمله السفر في بلده عشرة أيام لم ينقطع حكم عملية السفر فيتم الصلاة بعده حتى في سفره الأول على الأظهر ، وكذلك إذا أقام في غير بلده عشرة منوية ، ولا يبعد جريان هذا الحكم حتى في المكاري وإن كان لا ينبغي له ترك الاحتياط بالجمع بين القصر والإتمام في سفره الأول.

السادس : أن لا يكون ممن بيته معه بأن لا يكون له مسكن يستقر فيه والا أتم صلاته ويكون بيته بمنزلة الوطن ، ولو كانت له حالتان كأن يكون له مقر في الشتاء يستقر فيه ورحلة في الصيف يطلب فيها العشب والكلأ مثلاً ـ كما هو الحال في بعض أهل البوادي ـ كان لكل منهما حكمه فيقصر لو خرج إلى حد المسافة في الحالة الأولى ويتم في الحالة الثانية. نعم إذا سافر من

٢٩٧

بيته لمقصد آخر كحج أو زيارة أو لشراء ما يحتاج من قوت أو حيوان أو نحو ذلك قصر ، وكذا إذا خرج لاختيار المنزل أو موضع العشب والماء ، أما إذا سافر لهذه الغايات ومعه بيته أتم.

مسألة ٩١٨ : السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطناً منها يتم وكذا إذا كان له وطن وخرج معرضاً عنه ولم يتخذ وطناً آخر بحيث عد ممن بيته معه ، والا وجب عليه القصر.

السابع : أن يصل إلى حد الترخص ، وهوالمكان الذي يتوارى فيه المسافر عن أنظار أهل البلد بسبب ابتعاده عنهم ، وعلامة ذلك غالباً أنه لا يرى أهل بلده ، ومثله على المشهور المكان الذي لا يسمع فيه أذان البلد ولكنه لا يخلو عن إشكال بل منع. ولا يلحق محل الإقامة والمكان الذي بقي فيه ثلاثين يوماً متردداً بالوطن ، فيقصر فيهما المسافر صلاته بمجرد شروعه في السفر ، وإن كان الأحوط فيهما ـ استحباباً ـ الجمع بين القصر والتمام فيما بين البلد وحد الترخص.

مسألة ٩١٩ : المدار في عين الرائي وصفاء الجو بالمتعارف مع عدم الاستعانة بالآلات المتداولة لمشاهدة الأماكن البعيدة.

مسألة ٩٢٠ : المشهور اعتبار حد الترخص في الإياب كما يعتبر في الذهاب ، ولكن لا يبعد عدم اعتباره فيه ، فالمسافر يقصر في صلاته حتى يدخل بلده ولا عبرة بوصوله إلى حد الترخص ، وإن كان الأولى رعاية الاحتياط بتأخير الصلاة إلى حين الدخول في البلد أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلى بعد الوصول إلى حد الترخص.

مسألة ٩٢١ : إذا سافر من بلده وشك في الوصول إلى حد الترخص بنى على عدمه فيبقى على التمام.

مسألة ٩٢٢ : إذا اعتقد الوصول إلى الحد فصلى قصراً ، ثم بان أنه

٢٩٨

لم يصل بطلت ووجبت الإعادة قبل الوصول إليه تماماً ، وبعده قصراً ، فإن لم يعد وجوب عليه القضاء ، ويلاحظ فيه وظيفته حال الفوت.

مسألة ٩٢٣ : إذا سافر من وطنه وجاز عن حد الترخص ثم في أثناء الطريق رجع إلى ما دونه لقضاء حاجة أو نحو ذلك فما دام هناك يجب عليه التمام وإذا جاز عنه بعد ذلك وجب عليه القصر إذا كان الباقي مسافة.

الفصل الثاني

في قواطع السفر

وهي أمور

الأول : الوطن ، فإن المسافر إذا مر به في سفره ونزل فيه وجب عليه الإتمام ما لم ينشئ سفراً جديداً ، وأما المرور اجتيازاً من غير نزول ففي كونه قاطعاً إشكال ، والمقصود بالوطن أحد المواضع الثلاثة :

١ ـ مقره الأصلي الذي ينسب إليه ويكون مسكن أبويه ومسقط رأسه عادة.

٢ ـ المكان الذي اتخذه مقراً ومسكناً لنفسه بحيث يريد أن يبقى فيه بقية عمره.

٣ ـ المكان الذي اتخذه مقراً لفترة طويلة بحيث لا يصدق عليه أنه مسافر فيه ويراه العرف مقرا له حتى إذا اتخذ مسكناً موقتاً في مكان آخر لمدة عشرة أيام أو نحوها ، ولا يعتبر في الأقسام الثلاثة أن يكون للشخص ملك فيه ، بل لا يعتبر إباحة المسكن فلو غصب داراً في بلد وأراد السكنى فيها بقية عمره مثلاً يصير وطناً له.

مسألة ٩٢٤ : يجوز أن يكون للإنسان وطنان كما لو اتخذ على نحو الدوام والاستمرار مسكنين لنفسه ، فيقيم في كل سنة بعضاً منها في هذا ،

٢٩٩

وبعضها الآخر في الآخر ، وكذا يجوز أن يكون له أكثر من وطنين.

مسألة ٩٢٥ : الظاهر أنه لا يكفي في ترتيب أحكام الوطن مجرد نية التوطن ، بل لابد من الإقامة بمقدار يصدق معها عرفاً أن البلد وطنه ومقره.

مسألة ٩٢٦ : ذكر بعض الفقهاء نحواً آخر من الوطن يسمى بالوطن الشرعي ويقصد به المكان الذي يملك فيه الإنسان منزلاً قد استوطنه ستة أشهر ، بأن أقام فيها ستة أشهر عن قصد ونية فقالوا : إنه يتم الصلاة فيه كلما دخله. ولكن الأظهر عدم ثبوت هذا النحو.

مسألة ٩٢٧ : يكفي في صدق الوطن قصد التوطن ولو تبعاً ، كما في الزوجة والخادم والأولاد.

مسألة ٩٢٨ : يزول حكم الوطن بالخروج معرضاً عن السكنى فيه ، وأما إذا تردد في التوطن في المكان الذي كان وطناً له ففي بقاء الحكم إشكال ، والأظهر البقاء ، بلا فرق في ذلك بين الوطن الأصلي والاتخاذي.

مسألة ٩٢٩ : تقدم أن من أقسام الوطن المكان الذي يتخذه الشخص مقراً له لفترة طويلة كما هو ديدن المهاجرين إلى النجف الأشرف أو غيره من المعاهد العلمية لطلب العلم قاصدين الرجوع إلى أوطانهم بعد قضاء وطرهم ، فإن هؤلاء يتمون الصلاة في أماكن دراستهم فإذا رجعوا إليها من سفر الزيارة مثلاً أتموا وإن لم يعزموا على الإقامة فيها عشرة أيام ، كما أنه يعتبر في جواز القصر في السفر منها إلى بلد آخر أن تكون المسافة ثمانية فراسخ امتدادية أو تلفيقية ، فلو كانت أقل وجب التمام ، وكذلك ينقطع السفر بالمرور فيها والنزول فيها كما هو الحال في الوطن الأصلي.

تنبيه : إذا كان الإنسان وطنه النجف مثلاً ، وكان له محل عمل في الكوفة يخرج إليه وقت العمل كل يوم ويرجع ليلاً ، فإنه لا يصدق عليه عرفاً ـ وهو في محله ـ أنه مسافر ، فإذا خرج من النجف قاصداً محل العمل وبعد

٣٠٠