منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨١
٢١

كتاب الطهارة

وفيه مباحث

٢٢

٢٣

المبحث الأول

أقسام المياه وأحكامها

وفيه فصول :

الفصل الأول

ينقسم ما يستعمل فيه لفظ الماء إلى قسمين :

الأول : ماء مطلق ، وهو : ما يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه ، كالماء الذي يكون في البحر ، أو النهر ، أو البئر ، أو غير ذلك فإنه يصح أن يقال له : ماء ، وإضافته إلى البحر مثلا للتعيين لا لتصحيح الاستعمال.

الثاني : ماء مضاف ، وهو : ما لا يصح استعمال لفظ الماء فيه بلا مضاف إليه ، كماء الرمان ، وماء الورد ، فإنه لا يقال له ماء إلا مجازاً ، ولذا يصح سلب الماء عنه.

الفصل الثاني

الماء المطلق إما لا مادة له ، أوله مادة.

والأول : إما قليل لا يبلغ مقداره الكر ، أو كثير يبلغ مقداره الكر.

٢٤

والقليل ينفعل بملاقاة النجس ، وكذا المتنجس على تفصيل يأتي في المسألة (٤١٥) ، نعم إذا كان متدافعا بقوة ، فالنجاسة تختص حينئذ بموضع الملاقاة والمتدافع إليه ، ولا تسري إلى المتدافع منه ، سواء أ كان جارياً من الأعلى إلى الأسفل ، كالماء المنصب من الميزاب إلى الموضع النجس ، فإنه لا تسري النجاسة إلى أجزاء العمود المنصب ، فضلاً عن المقدار الجاري على السطح. أم كان متدافعا من الأسفل إلى الأعلى ، كالماء الخارج من الفوارة الملاقي للسقف النجس ، فإنه لا تسري النجاسة إلى العمود ، ولا إلى ما في داخل الفوارة. وكذا إذا كان متدافعاً من أحد الجانبين إلى الآخر.

وأما الكثير الذي يبلغ الكر ، فلا ينفعل بملاقاة النجس ، فضلا عن المتنجس ، إلا إذا تغير بلون النجاسة ، أو طعمها ، أو ريحها تغيراَ فعلياَ أوما هو بحكمه كما سيأتي.

مسألة ٣٣ : إذا كانت النجاسة لا وصف لها ، أو كان وصفها يوافق الوصف الذي يعد طبيعيا للماء ، ينجس الماء بوقوعها فيه على الأحوط إذا كان بمقدار لو كان على خلاف وصف الماء لغيره. وكذا الحال فيما إذا كان منشأ عدم فعلية التغير عروض وصف غير طبيعي للماء يوافق وصف النجاسة ـ كما لو مزج بالصبغ الأحمر مثلا قبل وقوع الدم فيه ـ فإن الأحوط الاجتناب عنه حينئذ ، لأن العبرة بكون منشأ عدم التغير قاهرية الماء وغلبته لا أمراَ آخر.

مسألة ٣٤ : إذا فرض تغير الماء بالثقل ، أو الثخانة ، أو نحوهما من دون حصول التغير باللون والطعم والريح لم يتنجس.

مسألة ٣٥ : إذا تغير لونه ، أو طعمه ، أو ريحه بالمجاورة للنجاسة فلا يترك الاحتياط بالاجتناب عنه ، لا سيما في مثل ما إذا وقع جزء من الميتة فيه وتغير بمجموع الداخل والخارج.

مسألة ٣٦ : إذا تغير الماء بوقوع المتنجس لم ينجس ، إلا أن يتغير

٢٥

بوصف النجاسة التي تكون للمتنجس ، كالماء المتغير بالدم يقع في الكر فيغير لونه ، فيصير أصفر فإنه ينجس.

مسألة ٣٧ : يكفي في حصول النجاسة التغير بوصف النجس في الجملة ، ولو لم يكن متحداَ معه ، فإذا أصفر الماء بملاقاة الدم تنجس.

والثاني : هوما له مادة على قسمين :

١ ـ ما تكون مادته طبيعية ، وهذا إن صدق عليه ماء البئر أوالماء الجاري لم ينجس بملاقاة النجاسة وإن كان أقل من الكر ، إلا إذا تغير على النهج الذي سبق بيانه من غير فرق في الماء الجاري بين ماء الأنهار والعيون. وإن لم يصدق عليه أحد العنوانين ، كالراكد النابع على وجه الأرض ، فالأقوى انفعاله بملاقاة النجاسة إذا كان قليلاَ ما لم يجر ولو بعلاج بحيث يصدق عليه الماء الجاري.

٢ ـ ما لا تكون مادته طبيعية كماء الحمام وسيأتي بيان حكمه في المسألة ٥١.

مسألة ٣٨ : يعتبر في صدق عنوان الجاري وجود مادة طبيعية له ، والجريان ولو بعلاج ، والدوام ولو في الجملة كبعض فصول السنة. ولا يعتبر فيه اتصاله بالمادة على الأظهر ، فلو كانت المادة من فوق تترشح وتتقاطر ، كفى ذلك في عاصميته.

مسألة ٣٩ : في كون الراكد المتصل بالجاري كالجاري في عدم انفعاله بملاقاة النجس والمتنجس إشكال بل منع فالحوض المتصل بالنهر بساقية ينجس بالملاقاة إذا كان المجموع أقل من الكر ، وكذا أطراف النهر فيما لا يعد جزءَ منه عرفا.

مسألة ٤٠ : إذا تغير بعض الجاري دون بعضه الآخر فالطرف السابق على موضع التغير لا ينجس بالملاقاة وإن كان قليلاَ ، والطرف الآخر حكمه

٢٦

حكم الراكد إن تغير تمام قطر ذلك البعض ، وإلا فالمتنجس هوالمقدار المتغير فقط.

مسألة ٤١ : إذا شك في ماء جار لأن له مادة طبيعية أم لا ـ وكان قليلا ـ ينجس بالملاقاة.

مسألة ٤٢ : ماء المطر معتصم لا ينجس بمجرد ملاقاة النجس إذا نزل عليه ما لم يتغير أحد أوصافه على النهج المتقدم ، وكذا لو نزل أولاَ على ما يعد ممراَ له عرفا ـ ولو لأجل الشدة والتتابع ـ كورق الشجر ونحوه ، وأما إذا نزل على ما لا يعد ممراَ فاستقر عليه أو نزا منه ثم وقع على النجس كان محكوما بالنجاسة.

مسألة ٤٣ : إذا اجتمع ماء المطر في مكان ـ وكان قليلاَ ـ فإن كان يتقاطر عليه المطر فهو معتصم كالكثير ، وإن انقطع عنه التقاطر كان بحكم القليل.

مسألة ٤٤ : الماء النجس إذا امتزج معه ماء المطر بمقدار معتد به لا مثل القطرة ، أو القطرات طهر ، وكذا ظرفه ، إذا لم يكن من الكوز والأواني وإلا فلا يترك الاحتياط فيه بمراعاة التعدد.

مسألة ٤٥ : يعتبر في جريان حكم ماء المطر أن يصدق عرفاَ أن النازل من السماء ماء مطر ، وإن كان الواقع على النجس قطرات منه ، وأما إذا كان مجموع ما نزل من السماء قطرات قليلة ، فلا يجري عليه الحكم.

مسألة ٤٦ : الفراش المتنجس إذا تقاطر عليه المطر ونفذ في جميعه طهر الجميع ، ولا يحتاج إلى العصر أو التعدد ، وإذا وصل إلى بعضه دون بعض طهر ما وصل إليه دون غيره. وهكذا الحال في الثوب المتنجس بغير البول ، وأما المتنجس به فلا يترك مراعاة الاحتياط فيه بالتعدد. هذا إذا لم يكن فيهما عين النجاسة ، وإلا فلا بد من زوال عينها ، ويكفي التقاطر

٢٧

المزيل فيما لا يعتبر فيه التعدد على الأظهر.

مسألة ٤٧ : الأرض النجسة تطهر بوصول المطر إليها ، بشرط أن يكون من السماء ولو بإعانة الريح. وأما لو وصل إليها بعد الوقوع على محل آخر لا يعد ممراَ له عرفا ، كما إذا ترشح بعد الوقوع على مكان ، فوصل مكانا نجساَ لم يطهرها بمجرد وصوله ، بل يكون حكمه حكم الماء القليل فيعتبر فيه ما يعتبر في مطهريته ، نعم لو جرى على وجه الأرض فوصل إلى مكان مسقف حال استمرار التقاطر من السماء طهر.

مسألة ٤٨ : إذا تقاطر على عين النجس فترشح منها على شيء آخر لم ينجس ، إذا لم يكن معه عين النجاسة ولم يكن متغيراَ.

مسألة ٤٩ : في مقدار الكر بحسب المساحة أقوال ، والمشهور اعتبار أن يبلغ مكعبه ثلاثة وأربعين شبراَ إلا ثمن شبر وهو الأحوط ، وإن كان الأظهر كفاية بلوغه ستة وثلاثين شبراَ ، وأما تقديره بحسب الوزن فلا يخلو عن إشكال.

مسألة ٥٠ : لا فرق في اعتصام الكر بين تساوي سطوحه واختلافها ، ولا بين وقوف الماء وركوده وجريانه. نعم إذا كان الماء متدافعا لا تكفي كرية المجموع ، ولا كرية المتدافع إليه في اعتصام المتدافع منه ، نعم تكفي كرية المتدافع منه بل وكرية المجموع في اعتصام المتدافع إليه وعدم تنجسه بملاقاة النجس.

مسألة ٥١ : لا فرق بين ماء الحمام وغيره في الأحكام ، فما في الحياض الصغيرة ـ إذا كان متصلا بالمادة ، وكانت وحدها ، أو بضميمة ما في الحياض إليها كراَ ـ اعتصم ، وأما إذا لم يكن متصلا بالمادة ، أو لم تكن المادة ـ ولو بضم ما في الحياض إليها كراَ ـ لم يعتصم.

مسألة ٥٢ : الماء الموجود في الأنابيب المتعارفة في زماننا من قبيل ماء

٢٨

الكر ، فإذا كان الماء الموضوع في أجانة ونحوها من الأواني متنجساَ وجرى عليه ماء الأنبوب طهر ، واعتصم وجرى عليه حكم ماء الكر في تطهير المتنجس به ، هذا إذا لم ينقطع الماء عنه وإلا تنجس على الأحوط ، إلا إذا كان الإناء مسبوقاَ بالغسل مرتين ، ولو كان الماء المتنجس موضوعا في غير الأواني من الظروف فحكمه ما سبق إلا في التنجس بانقطاع ماء الأنبوب عنه.

الفصل الثالث

حكم الماء القليل

الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر طاهر ومطهر من الحدث والخبث. والمستعمل في رفع الحدث الأكبر طاهر ومطهر من الخبث ، والأحوط ـ استحباباَ ـ عدم استعماله في رفع الحدث إذا تمكن من ماء آخر ، وإلا جمع بين الغسل أو الوضوء به والتيمم ، والمستعمل في رفع الخبث نجس مطلقاَ على الأحوط حتى ماء الاستنجاء ، وما يتعقب استعماله طهارة المحل.

الفصل الرابع

حكم الماء المشتبه

إذا علم ـ إجمالا ـ بنجاسة أحد الإناءين سواء أ علم بطهارة الآخر أم شك فيها لم يجز له رفع الخبث بأحدهما ولا رفع الحدث ، ولكن لا يحكم بنجاسة الملاقي لأحدهما ، إلا إذا كانت الحالة السابقة فيهما النجاسة ، أو تحققت الملاقاة لجميع الأطراف ولو كان الملاقي متعدداَ.

وإذا اشتبه المطلق بالمضاف جاز رفع الخبث بالغسل بأحدهما ، ثم

٢٩

الغسل بالآخر ، وكذلك رفع الحدث.

وإذا اشتبه المباح بالمغصوب حرم التصرف بكل منهما ، ولكن لو غُسل نجسٌ بأحدهما طهر ، ولا يرفع بأحدهما الحدث. وإذا كانت أطراف الشبهة غير محصورة جاز استعمال بعضها دون الجميع. وضابط غير المحصورة أن تبلغ كثرة الأطراف حداَ يوجب كون احتمال النجاسة مثلاَ في كل طرف موهوما لا يعبأ به العقلاء. ولو شك في كون الشبهة محصورة ، أو غير محصورة فالأحوط ـ وجوبا ـ إجراء حكم المحصورة.

الفصل الخامس

حكم الماء المضاف

الماء المضاف ـ كماء الورد ونحوه ، وكذا سائر المايعات ـ ينجس بمجرد الملاقاة للنجاسة ولا أثر للكرية في عاصميته ، ولكن إذا كان متدافعاَ على النجاسة بقوة كالجاري من العالي ، والخارج من الفوارة ، فتختص النجاسة ـ حينئذ ـ بالجزء الملاقي للنجاسة ، ولا تسري إلى العمود. وإذا تنجس المضاف لا يطهر أصلا وإن اتصل بالماء المعتصم ، كماء المطر أو الكر ، نعم إذا استهلك في الماء المعتصم كالكر فقد ذهبت عينه. ومثل المضاف في الحكم المذكور سائر المايعات.

مسألة ٥٣ : الماء المضاف لا يرفع الخبث ولا الحدث.

مسألة ٥٤ : الأسئار كلها طاهرة ، إلا سؤر الكلب ، والخنزير والكافر غير الكتابي ، وأما الكتابي فلا يبعد طهارة سؤره وإن كان الأحوط الاجتناب عنه. ويكره سؤر غير مأكول اللحم عدا الهرة. وأما المؤمن فالظاهر استحباب سؤره ، نعم قد ينطبق عليه عنوان آخر يقتضي خلافه.

٣٠

المبحث الثاني

أحكام الخلوة

وفيه فصول :

الفصل الأول

أحكام التخلي

يجب حال التخلي بل في سائر الأحوال ستر بشرة العورة ـ وهي القبل والدبر والبيضتان ـ عن كل ناظر مميز عدا من له حق الاستمتاع منه كالزوج والزوجة ، فإنه يجوز لكل منهما أن ينظر إلى عورة الآخر.

ويحرم على المتخلي استقبال القبلة واستدبارها حال التخلي على الأحوط ، ويجوز حال الاستبراء والاستنجاء ، وإن كان الأحوط استحباباَ الترك ، ولو اضطر إلى أحدهما. فالأحوط لزوماَ اختيار الاستدبار.

مسألة ٥٥ : لو اشتبهت القبلة لم يجز له التخلي على الأحوط ، إلا بعد اليأس عن معرفتها ، وعدم إمكان الانتظار ، أو كون الانتظار حرجياَ أو ضررياَ.

مسألة ٥٦ : لا يجوز النظر إلى عورة الغير ، وإن كان كافراَ أو صبياَ مميزاَ على الأحوط ، سواء أ كان النظر مباشرة أم من وراء الزجاجة ونحوها ، أم في المرآة ، أم في الماء الصافي.

٣١

مسألة ٥٧ : لا يجوز التخلي في ملك غيره إلا بإذنه ، ولو بالفحوى.

مسألة ٥٨ : لا يجوز التخلي في المدارس ونحوها ما لم يعلم بعموم الوقف وإن لم يكن مزاحماً أو مستلزماً للضرر على الأحوط ، ولو أخبر المتولي ، أو بعض أهل المدرسة بالتعميم كفى ، بشرط حصول الاطمئنان بصدقه أو كونه ذا يد عليها ، وكذا يكفي جريان العادة به أيضا ، وهكذا الحال في سائر التصرفات فيها.

الفصل الثاني

كيفية الاستنجاء

لا يجب الاستنجاء ـ أي تطهير مخرج البول والغائط ـ في نفسه ، ولكنه يجب لما يعتبر فيه طهارة البدن. ويعتبر في الاستنجاء غسل مخرج البول بالماء ولا يجزي غيره ، والأظهر كفاية المرة الواحدة مطلقا وإن كان الأحوط في الماء القليل أن يغسل به مرتين والثلاث أفضل ، وأما موضع الغائط فإن تعدى المخرج تعين غسله بالماء كغيره من المتنجسات ، وإن لم يتعد المخرج تخير بين غسله بالماء حتى ينقى ، ومسحه بالأحجار ، أو الخرق ، أو نحوهما من الأجسام القالعة للنجاسة. والماء أفضل ، والجمع أكمل.

مسألة ٥٩ : الأحوط ـ الأولى ـ اعتبار المسح بثلاثة أحجار أو نحوها ، وأن حصل النقاء بالأقل.

مسألة ٦٠ : يجب أن تكون الأحجار أو نحوها طاهرة.

مسألة ٦١ : يحرم الاستنجاء بالأجسام المحترمة ، وأما العظم والروث ، فلا يحرم الاستنجاء بهما ، ولكن في حصول الطهارة بهما إشكال وإن كان هو الأظهر.

مسألة ٦٢ : يجب في الغسل بالماء إزالة العين والأثر ، ولا تجب إزالة

٣٢

اللون والرائحة ، ويجزئ في المسح إزالة العين ، ولا تجب إزالة الأثر الذي لا يزول بالمسح بالأحجار عادة.

مسألة ٦٣ : إذا خرج مع الغائط ، أو قبله أو بعده ، نجاسة أخرى مثل الدم ، ولاقت المحل ـ أو وصل إلى المحل نجاسة من الخارج ـ لم يجز في تطهيره إلا الماء ، نعم لا يضر في النساء تنجسه بالبول على الأقوى.

الفصل الثالث

مستحبات التخلي

يستحب للمتخلي ـ على ما ذكره العلماء رضوان الله تعالى عليهم ـ أن يكون بحيث لا يراه الناظر ولو بالابتعاد عنه ، كما يستحب له تغطية الرأس والتقنع وهو يجزئ عنها ، والتسمية عند التكشف ، والدعاء بالمأثور ، وتقديم الرجل اليسرى عند الدخول ، واليمنى عند الخروج ، والاستبراء وأن يتكئ ـ حال الجلوس ـ على رجله اليسرى ، ويفرج اليمنى.

ويكره الجلوس في الشوارع ، والمشارع ، ومساقط الثمار ، ومواضع اللعن : كأبواب الدور ونحوها من المواضع التي يكون المتخلي فيها عرضة للعن الناس ، والمواضع المعدة لنزول القوافل بل ربما يحرم الجلوس في هذه المواضع لطرو عنوان محرم ، وكذا يكره استقبال قرص الشمس ، أو القمر بفرجه ، واستقبال الريح بالبول ، والبول في الأرض الصلبة ، وفي ثقوب الحيوان ، وفي الماء خصوصاً الراكد ، والأكل والشرب حال الجلوس للتخلي ، والكلام بغير ذكر الله ، إلى غير ذلك مما ذكره العلماء رضوان الله تعالى عليهم.

مسألة ٦٤ : ماء الاستنجاء نجس على ما تقدم ، ولكن لا يجب الاجتناب عن ملاقيه إذا لم يتغير بالنجاسة ، ولم تتجاوز نجاسة الموضع عن

٣٣

المحل المعتاد ، ولم تصحبه أجزاء النجاسة متميزة ، ولم تصحبه نجاسة من الخارج أومن الداخل ، فإذا اجتمعت هذه الشروط لم يكن منجساً.

الفصل الرابع

كيفية الاستبراء

الأولى في كيفية الاستبراء من البول ، أن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثاً ، ثم منه إلى رأس الحشفة ثلاثاً ، ثم ينترها ثلاثاً ، ويكفي سائر الكيفيات المشاركة مع هذه الكيفية في الضغط على جميع المجرى من المقعدة على وجه تتوجه قطرة البول المحتمل وجودها فيه إلى رأس الحشفة وتخرج منه ، ولا يكفي في ذلك ما دون الثلاث ، ولا تقديم المتأخر.

و فائدة الاستبراء طهارة البلل الخارج بعده إذا احتمل أنه بول ، ولا يجب الوضوء منه.

ولو خرج البلل المشتبه بالبول قبل الاستبراء ـ وإن كان تركه لعدم التمكن منه ـ بنى على كونه بولاً فيجب التطهير منه والوضوء وكذا إذا كان المشتبه مرددا بين البول والمني فيما اذا لم يكن قد توضأ بعد خروج البول ، وأما اذا كان قد توضأ بعد خروجه فيلزمه الجمع بين الغسل والوضوء على الاحوط ، ويلحق بالاستبراء ـ في الفائدة المذكورة ـ طول المدة على وجه يقطع بعدم بقاء الشيء في المجرى.

ولا استبراء للنساء ، والبلل المشتبه الخارج منهن طاهر لا يجب له الوضوء ، نعم الأولى للمرأة أن تصبر قليلاً وتتنحنح وتعصر فرجها عرضاً ثم تغسله.

مسألة ٦٥ : فائدة الاستبراء تترتب عليه ولو كان بفعل غيره.

مسألة ٦٦ : إذا شك في الاستبراء أو الاستنجاء بنى على عدمه ، وإن

٣٤

كان من عادته فعله. وإذا شك من لم يستبرئ في خروج رطوبة بنى على عدمها ، وإن كان ظاناً بالخروج.

مسألة ٦٧ : إذا علم أنه استبرأ أو استنجى وشك في كونه على الوجه الصحيح بنى على الصحة.

مسألة ٦٨ : لو علم بخروج المذي ، ولم يعلم استصحابه لجزء من البول بنى على طهارته ، وإن كان لم يستبرئ.

٣٥

المبحث الثالث

الوضوء

وفيه فصول :

الفصل الأول

أجزاء الوضوء

وهي : غسل الوجه واليدين ، ومسح الرأس والرجلين ، فهنا أمور :

الأول : يجب غسل الوجه ما بين قصاص الشعر إلى طرف الذقن طولاً ، وما اشتملت عليه الإصبع الوسطى والإبهام عرضاً ، والخارج عن ذلك ليس من الوجه ، وإن وجب إدخال شيء من الأطراف إذا لم يحصل العلم بإتيان الواجب إلا بذلك ، ويجب ـ على الأحوط ـ الابتداء بأعلى الوجه إلى الأسفل فالأسفل ولا يجوز النكس ، ويكفي في ذلك الصدق العرفي ، فيكفي صب الماء من الأعلى ثم إجراؤه على كل من الجانبين على النهج المتعارف من كونه على نحو الخط المنحني ، ولو رد الماء منكوساً ونوى الوضوء بإرجاعه إلى الأسفل صح وضوؤه.

مسألة ٦٩ : غير مستوي الخلقة من جهة التحديد الطولي في ناحية الذقن يعتبر ذقن نفسه ، وفي ناحية منبت الشعر بأن كان أغم قد نبت الشعر على جبهته ـ أو كان أصلع قد انحسر الشعر عن مقدم رأسه ـ يرجع إلى

٣٦

المتعارف. وأما غير مستوي الخلقة من جهة التحديد العرضي لكبر الوجه ، أو صغره ، أو لطول الأصابع أو قصرها فيجب عليه غسل ما دارت عليه الوسطى والإبهام المتناسبتان مع وجهه.

مسألة ٧٠ : الشعر النابت فيما دخل في حد الوجه يجب غسل ظاهره ، ولا يجب إيصال الماء إلى الشعر المستور ، فضلاً عن البشرة المستورة ، نعم ما لا يحتاج غسله إلى بحث وطلب يجب غسله ، ( كما إذا كان شاربه طويلاً من الطرفين ساتراً لغير منبته ، أو كان شعر قصاصه متدلياً على جبهته فإنه يجب غسل البشرة المستورة بهما ، وكذا الحال في الشعر الرقيق النابت في البشرة فإنه يغسل مع البشرة ، ومثله الشعرات الغليظة التي لا تستر البشرة على الأحوط وجوباً.

مسألة ٧١ : لا يجب غسل باطن العين ، والفم ، والأنف ، ومطبق الشفتين ، والعينين.

مسألة ٧٢ : الشعر النابت في الخارج عند الحد إذا تدلى على ما دخل في الحد لا يجب غسله ، وكذا المقدار الخارج عن الحد ، وإن كان نابتاً في داخل الحد ، كمسترسل اللحية.

مسألة ٧٣ : إذا بقي مما في الحد شيء لم يغسل ـ ولو بمقدار رأس إبرة ـ لا يصح الوضوء ، فيجب أن يلاحظ آماق وأطراف عينيه أن لا يكون عليها شيء من القيح ، أو الكحل المانع ، وكذا يلاحظ حاجبه أن لا يكون عليه شيء من الوسخ ، وأن لا يكون على حاجب المرأة وسمة أو خطاط له جرم مانع.

مسألة ٧٤ : إذا تيقن وجود ما يشك في مانعيته عن المسح يجب تحصيل اليقين أو الاطمئنان بزواله ، وأما ما يشك في مانعيته عن الغسل فيكفي إحراز وصول الماء إلى البشرة ولومن غير إزالته. ولو شك في أصل وجود

٣٧

المانع يجب الفحص عنه إلا مع الاطمئنان بعدمه.

مسألة ٧٥ : الثقبة في الأنف ـ موضع الحلقة أو الخزامة ـ لا يجب غسل باطنها بل يكفي غسل ظاهرها ، سواء أكانت فيها الحلقة أم لا.

الثاني : يجب غسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع ، ويجب الابتداء بالمرفقين ، ثم الأسفل منها فالأسفل ـ عرفاً ـ إلى أطراف الأصابع.

والمقطوع بعض يده يغسل ما بقي ، ولو قطعت من فوق المرفق سقط وجوب غسلها.

ولو كان له ذراعان دون المرفق وجب غسلهما ، وكذا اللحم الزائد ، والإصبع الزائدة ، ولو كان له يد زائدة فوق المرفق بحيث لا يطلق عليها اليد إلا مسامحة لا يجب غسلها بل يكفي غسل اليد الأصلية. ولو اشتبهت الزائدة بالأصلية غسلهما جميعاً واحتاط بالمسح بهما.

مسألة ٧٦ : المرفق مجمع عظمي الذراع والعضد ، يجب غسله مع اليد.

مسألة ٧٧ : يجب غسل الشعر النابت في اليدين مع البشرة ، حتى الغليظ منه على الأحوط وجوبا.

مسألة ٧٨ : إذا دخلت شوكة في اليد لا يجب إخراجها إلا إذا كان ما تحتها محسوبا من الظاهر ، فيجب غسله ـ حينئذ ـ ولو بإخراجها.

مسألة ٧٩ : الوسخ الذي يكون على الأعضاء إذا كان معدوداً جزءاً من البشرة لا تجب إزالته ، وإن كان معدوداً أجنبياً عن البشرة تجب إزالته إذا كان مانعا عن وصول الماء إليها ، وإلا لم تجب إزالته ، كالبياض الذي يتبين على اليد من الجص ونحوه.

مسألة ٨٠ : ما هوالمتعارف بين العوام من غسل اليدين إلى الزندين

٣٨

والاكتفاء عن غسل الكفين بالغسل المستحب قبل الوجه ، باطل.

مسألة ٨١ : يجوز الوضوء برمس العضو في الماء من أعلى الوجه أومن طرف المرفق ، مع مراعاة غسل الأعلى فالأعلى فيهما على ما مر ، ولا فرق في ذلك بين غسل اليد اليمنى واليسرى ، فيجوز أن ينوي الغسل لليسرى بإدخالها في الماء من المرفق ولا يلزم تعذر المسح بماء الوضوء إذا لم يغسل اليمنى رمسا ـ لكفاية المسح بها حينئذ على ما سيأتي من جواز المسح بكل من اليدين على كلا القدمين ـ بل وإن غسلها رمساً لأن الماء الخارج معها يعد من توابع الغسل عرفا ، فلا يكون المسح ببلته من المسح بالماء الجديد ، وأما قصد الغسل بإخراج العضومن الماء ـ تدريجاً ـ فهو غير جائز مطلقاً.

مسألة ٨٢ : الوسخ تحت الأظفار تجب إزالته إذا كان ما تحته معدوداً من الظاهر ، وكان مانعاً عن وصول الماء إلى البشرة ، وهكذا الحال فيما إذا قص أظفاره فصار ما تحتها ظاهراً.

مسألة ٨٣ : إذا انقطع لحم من اليدين غسل ما ظهر بعد القطع ، ويجب غسل ذلك اللحم أيضاً ما دام لم ينفصل ـ وإن كان اتصاله بجلدة رقيقة ـ إذا لم يعد شيئا خارجيا ، وإلا فلا يجب غسله ، كما لا يجب قطعه ليغسل موضع اتصال الجلدة باليد ، بل يكفي غسل الجلدة عن غسل موضع اتصالها ، نعم لو عدت الجلدة شيئاً خارجياً ولم تحسب جزءاً من اليد فلا بد من إزالتها.

مسألة ٨٤ : الشقوق التي تحدث على ظهر الكف ـ من جهة البرد ـ إن كانت وسيعة يرى جوفها وجب إيصال الماء إليها ، وإلا فلا ، ومع الشك فالأحوط ـ وجوباً ـ الإيصال.

مسألة ٨٥ : ما ينجمد على الجرح ـ عند البرء ـ ويصير كالجلد لا

٣٩

يجب رفعه ، وإن حصل البرء ويجزي غسل ظاهره وإن كان رفعه سهلاً.

مسألة ٨٦ : يجوز الوضوء بماء المطر ، إذا قام تحت السماء حين نزوله فقصد بجريانه على وجهه غسل الوجه ، مع مراعاة الأعلى فالأعلى على ما تقدم. وكذلك بالنسبة إلى يديه. ولو قام تحت الميزاب ـ أو نحوه ـ ولم ينو الغسل من الأول ، لكن بعد جريانه على جميع محال الغسل مسح بيده على وجهه بقصد غسله ، وكذا على يديه ففي كفايته إشكال وإن حصل الجريان.

مسألة ٨٧ : إذا شك في شيء أنه من الظاهر حتى يجب غسله أو الباطن ، فالأحوط ـ وجوبا ـ غسله.

الثالث : يجب مسح مقدم الرأس ـ وهوما يقارب ربعه مما يلي الجبهة ـ بما بقي من بلة اليد ، ويكفي فيه المسمى طولاً وعرضاً. والأحوط ـ استحباباً ـ أن يكون العرض قدر ثلاثة أصابع مضمومة ، والطول قدر طول أصبع.كما أن الأحوط ـ استحباباً ـ أن يكون المسح من الأعلى إلى الأسفل وأن يكون بباطن الكف وبنداوة الكف اليمنى.

مسألة ٨٨ : يكفي المسح على الشعر المختص بالمقدم ، بشرط أن لا يخرج بمده عن حده.فلو كان كذلك ـ فجمع وجعل على الناصية ـ لم يجز المسح عليه.

مسألة ٨٩ : لا تضر كثرة بلل الماسح ، وإن حصل معه الغسل.

مسألة ٩٠ : الظاهر كفاية المسح بأي جزء من أجزاء اليد الواجب غسلها في الوضوء ، ولكن الأحوط استحباباً ـ كما مر ـ المسح بباطن الكف ، ومع تعذره فالأحوط الأولى المسح بظاهرها أن أمكن ، وإلا فبباطن الذراع.

مسألة ٩١ : يعتبر أن لا يكون على الممسوح بلة ظاهرة ، ولا تضر إذا كانت نداوة محضة أو مستهلكة.

مسألة ٩٢ : لو اختلط بلل اليد ببلل أعضاء الوضوء لم يجز المسح به

٤٠