منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨١

٢ ـ اذا أسر المسلم ولد الكافر فهو يتبعه في الطهارة إذا لم يكن معه أبوه أو جده ، والحكم بالطهارة ـ هنا أيضاً ـ مشروط بما تقدم في سابقه.

٣ ـ إذا انقلب الخمر خلاً يتبعه في الطهارة الإناء الذي حدث فيه الانقلاب بشرط أن لا يكون الإناء متنجساً بنجاسة أخرى.

٤ ـ إذا غسل الميت تبعه في الطهارة يد الغاسل والسدة التي يغسل عليها والثياب التي يغسل فيها والخرقة التي يستر بها عورته. وأما لباس الغاسل وبدنه وسائر آلات التغسيل فالحكم بطهارتها تبعا للميت محل إشكال.

العاشر : زوال عين النجاسة عن بواطن الإنسان غير المحضة كالفم والأنف والأذن ، وجسد الحيوان الصامت فيطهر منقار الدجاجة الملوث بالعذرة بمجرد زوال عينها ورطوبتها ، وكذا بدن الدابة المجروحة ، وفم الهرة الملوث بالدم ، وولد الحيوان الملوث بالدم عند الولادة بمجرد زوال عين النجاسة ، وكذا يطهر باطن فم الإنسان إذا أكل نجساً أو شربه بمجرد زوال العين ، وكذا باطن عينه عند الاكتحال بالنجس أوالمتنجس ، وفي ثبوت النجاسة للبواطن المحضة من الإنسان والحيوان كما دون الحلق منع ، بل وكذا المنع في سراية النجاسة من النجس إلى الطاهر إذا كانت الملاقاة بينهما في الباطن ، سواء أ كانا متكونين في الباطن كالمذي يلاقي البول في الباطن ، أو كان النجس متكونا في الباطن والطاهر يدخل إليه كماء الحقنة فإنه لا ينجس بملاقاة النجاسة في الأمعاء ، أم كان النجس في الخارج كالماء النجس الذي يشربه الإنسان فإنه لا ينجس ما دون الحلق ، وأما ما فوق الحلق فإنه ينجس ويطهر بزوال العين كما مر ، وكذا إذا كانا معاً متكونين في الخارج ودخلا وتلاقيا في الداخل ، كما إذا ابتلع شيئا طاهراً ، وشرب عليه ماءاً نجساً ، فإنه إذا خرج ذلك الطاهر من جوفه حكم عليه بالطهارة ، ولا

١٦١

يجري الحكم الأخير في الملاقاة في باطن الفم فلا بد من تطهير الملاقي.

الحادي عشر : غياب المسلم البالغ أوالمميز ، فإذا تنجس بدنه أو لباسه ونحو ذلك مما في حيازته ثم غاب يحكم بطهارة ذلك المتنجس إذا احتمل تطهيره احتمالا عقلائياً ، وإن علم أنه لا يبالي بالطهارة والنجاسة كبعض أفراد الحائض المتهمة ، ولا يشترط في الحكم بالطهارة للغيبة أن يكون من في حيازته المتنجس عالما بنجاسته ولا أن يستعمله فيما هو مشروط بالطهارة كأن يصلي في لباسه الذي كان متنجساً بل يحكم بالطهارة بمجرد احتمال التطهير كما سبق ، وفي حكم الغياب العمى والظلمة ، فإذا تنجس بدن المسلم أو ثوبه ولم ير تطهيره لعمى أو ظلمة يحكم بطهارته بالشرط المتقدم.

الثاني عشر : استبراء الحيوان الجلال ، فإنه مطهر لعرقه وبوله وخرئه من نجاسة الجلل والاستبراء هو : أن يمنع الحيوان عن أكل النجاسة لمدة يخرج بعدها عن صدق الجلال عليه والأحوط الأولى مع ذلك أن يراعى فيه مضي المدة المعينة له في بعض الأخبار ، وهي : في الإبل أربعون يوماً ، وفي البقر عشرون ، وفي الغنم عشرة ، وفي البطة خمسة ، وفي الدجاجة ثلاثة.

مسألة ٤٩٢ : الظاهر قبول كل حيوان للتذكية عدا نجس العين ، والحشرات وإن كانت ذات جلد على الأظهر ، والحيوان المذكى طاهر يجوز استعمال جميع أجزائه فيما يشترط فيه الطهارة حتى جلده ولو لم يدبغ على الأقوى.

مسألة ٤٩٣ : تثبت الطهارة بالعلم ، والبينة ، وبإخبار ذي اليد إذا لم تكن قرينة على اتهامه ، وفي ثبوتها بإخبار الثقة ما لم يوجب الاطمئنان إشكال ، وإذا شك في نجاسة ما علم طهارته سابقاً يبنى على طهارته.

١٦٢

خاتمة : يحرم استعمال أواني الذهب والفضة ، في الأكل والشرب ، بل يحرم استعمالها في الطهارة من الحدث والخبث وغيرها على الأحوط لزوماً ، ولا يحرم نفس المأكول والمشروب ، والأحوط استحباباً عدم التزين بها وكذا اقتناؤها وبيعها وشراؤها ، وصياغتها ، وأخذ الأجرة عليها ، والأقوى الجواز في جميعها.

مسألة ٤٩٤ : يعتبر في صدق الآنية على الظرف أن يكون مظروفه مما يوضع فيه ويرفع عنه بحسب العادة فلا تصدق على إطار المرآة ونحوه مما يكون مظروفه ثابتاً فيه ، كما يعتبر أن يكون محرزاً للمأكول والمشروب بأن يكون له أسفل وحواشي تمسك ما يوضع فيه منهما فلا تصدق الآنية على القناديل المشبكة والأطباق المستوية ونحوهما كما لا تصدق على رأس الغرشة ورأس الشطب وقراب السيف والخنجر والسكين وقاب الساعة ومحل فص الخاتم بل وملعقة الشاي وأمثالها ، ولا يبعد ذلك أيضا في ظرف الغالية والمعجون والتتن والترياك والبن.

مسألة ٤٩٥ : لا فرق في حكم الآنية بين الصغيرة والكبيرة كما لا فرق بين ما يكون على هيئة الأواني المتعارفة من النحاس والحديد وغيرهما وبين ما لا تكون على تلك الهيئة.

مسألة ٤٩٦ : لا بأس بما يصنع بيتاً للتعويذ من الذهب والفضة كحرز الجواد عليه‌السلام وغيره.

مسألة ٤٩٧ : يكره استعمال القدح المفضض ، والأحوط عزل الفم عن موضع الفضة عند الشرب منه ، والله سبحانه العالم وهو حسبنا ونعم الوكيل.

١٦٣

كتاب الصلاة

١٦٤
١٦٥

وفيه مقاصد

الصلاة هي إحدى الدعائم التي بني عليها الإسلام ، إن قبلت قبل ما سواها ، وإن ردت رد ما سواها.

المقصد الأول

أعداد الفرائض ونوافلها

ومواقيتها وجملة من أحكامها

وفيه فصول

الفصل الأول

الصلوات الواجبة في هذا الزمان خمس : اليومية ، وتندرج فيها صلاة الجمعة على ما هو الأقوى من أنها أفضل فردي التخيير في يوم الجمعة ، فإذا أقيمت بشرائطها أجزأت عن صلاة الظهر ، وصلاة الطواف الواجب ، وصلاة الآيات ، وصلاة الأموات التي مر بيان أحكامها في كتاب الطهارة ، وما التزم بنذر أو نحوه ، أو إجارة أو نحوها ، وتضاف إلى هذه الخمس الصلاة الفائتة عن الوالد فإن الأحوط وجوباً أن يقضيها عنه ولده الأكبر على تفصيل يأتي في محله. أما اليومية فخمس : الصبح ركعتان ، والظهر أربع ، والعصر أربع ،

١٦٦

والمغرب ثلاث ، والعشاء أربع ، وتقصر الرباعية في السفر والخوف بشروط خاصة فتكون ركعتين ، وأما النوافل فكثيرة أهمها الرواتب اليومية : ثمان للظهر قبلها ، وثمان بعدها قبل العصر للعصر ، وأربع بعد المغرب لها ، وركعتان من جلوس تعدان بركعة بعد العشاء لها ، وثمان صلاة الليل ، وركعتا الشفع بعدها ، وركعة الوتر بعدها ، وركعتا الفجر قبل الفريضة ، وفي يوم الجمعة يزاد على الست عشرة أربع ركعات قبل الزوال ، ولها آداب مذكورة في محلها ، مثل كتاب مفتاح الفلاح للمحقق البهائي قدس‌سره.

مسألة ٤٩٨ : يجوز الاقتصار على بعض أنواع النوافل المذكورة ، بل يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر ، وعلى الوتر خاصة ، وفي نافلة العصر على أربع ركعات بل على ركعتين ، وإذا أريد التبعيض في غير هذه الموارد فالأحوط الإتيان به بقصد القربة المطلقة حتى في الاقتصار في نافلة المغرب على ركعتين.

مسألة ٤٩٩ : يجوز الإتيان بالنوافل الرواتب وغيرها في حال المشي ، كما يجوز الإتيان بها في حال الجلوس اختياراً ، ولا بأس حينئذ بمضاعفتها رجاءً بأن يكرر الوتر مثلا مرتين وتكون الثانية برجاء المطلوبية.

مسألة ٥٠٠ : الصلاة الوسطى التي تتأكد المحافظة عليها ، صلاة الظهر.

الفصل الثاني

وقت صلاة الجمعة أول الزوال عرفاً من يوم الجمعة ، ووقت الظهرين من الزوال إلى المغرب ، وتختص الظهر من أوله ، بمقدار أدائها ، والعصر من آخره كذلك ، وما بينهما مشترك بينهما ، ووقت العشائين للمختار من المغرب

١٦٧

إلى نصف الليل ، وتختص المغرب من أوله بمقدار أدائها ، والعشاء من آخره كذلك ، وما بينهما مشترك أيضا بينهما ، وأما المضطر لنوم ، أو نسيان ، أو حيض ، أو غيرها فيمتد وقتهما له إلى الفجر الصادق ، وتختص العشاء من آخره بمقدار أدائها والأحوط وجوباً للعامد المبادرة إليهما بعد نصف الليل قبل طلوع الفجر من دون نية القضاء ، أو الأداء ، ومع ضيق الوقت يأتي بالعشاء ثم يقضيها بعد قضاء المغرب احتياطاً ، ووقت الصبح من طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس.

مسألة ٥٠١ : الفجر الصادق هو البياض المعترض في الأفق الذي يتزايد وضوحا وجلاءاً ، وقبله الفجر الكاذب ، وهو البياض المستطيل من الأفق صاعداً إلى السماء كالعمود الذي يتناقص ويضعف حتى ينمحي.

مسألة ٥٠٢ : الزوال هوالمنتصف ما بين طلوع الشمس وغروبها ويعرف بزيادة ظل كل شاخص معتدل بعد نقصانه ، أو حدوث ظله بعد انعدامه ، ونصف الليل منتصف ما بين غروب الشمس والفجر على الأظهر ، ويعرف الغروب بذهاب الحمرة المشرقية عند الشك في سقوط القرص واحتمال اختفائه بالجبال أو الأبنية أو الأشجار أو نحوها ، وأما مع عدم الشك فلا يترك مراعاة الاحتياط بعدم تأخير الظهرين إلى سقوط القرص وعدم نية الأداء والقضاء مع التأخير وكذا عدم تقديم صلاة المغرب على زوال الحمرة.

مسألة ٥٠٣ : المراد من اختصاص الظهر بأول الوقت عدم صحة العصر إذا وقعت فيه عمدا من دون أداء الظهر قبلها على وجه صحيح ، فإذا صلى الظهر قبل الزوال باعتقاد دخول الوقت فدخل الوقت قبل إتمامها صحت صلاته وجاز له الإتيان بصلاة العصر بعدها ولا يجب تأخيرها إلى مضي مقدار أربع ركعات من أول الزوال وكذا إذا صلى العصر في الوقت

١٦٨

المختص بالظهر ـ سهوا ـ صحت وإن كان الأحوط استحباباً أن يجعلها ظهراً ثم يأتي بأربع ركعات بقصد ما في الذمة أعم من الظهر والعصر ، وكذلك إذا صلى العصر في الوقت المشترك قبل الظهر سهواً ، سواء كان التذكر في الوقت المختص بالعصر ، أوالمشترك ، وإذا تضيق الوقت في الوقت المشترك للعلم بمفاجأة الحيض أو نحوه يجب الإتيان بصلاة الظهر ، ومما تقدم تبين المراد من اختصاص المغرب بأول الوقت.

مسألة ٥٠٤ : وقت فضيلة الظهر بين الزوال وبلوغ الظل أربعة أسباع الشاخص والأفضل ـ حتى للمتنفل ـ عدم تأخيرها عن بلوغه سبعيه ، ووقت فضيلة العصر من بلوغ الظل سبعي الشاخص إلى بلوغه ستة أسباعه ، والأفضل ـ حتى للمتنفل ـ عدم تأخيرها عن بلوغه أربعة أسباعه ، هذا كله في غير القيظ - أي شدة الحر - وأما فيه فلا يبعد امتداد وقت فضيلتهما إلى ما بعد المثل والمثلين بلا فصل ، ووقت فضيلة الغرب لغير المسافر من المغرب إلى ذهاب الشفق وهو الحمرة المغربية ، وأما بالنسبة إلى المسافر فيمتد وقتها إلى ربع الليل ، ووقت فضيلة العشاء من ذهاب الشفق إلى ثلث الليل ، ووقت فضيلة الصبح من الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ، والغلس بها أول الفجر أفضل كما أن التعجيل في جميع أوقات الفضيلة أفضل على التفصيل المتقدم.

مسألة ٥٠٥ : وقت نافلة الظهرين من الزوال إلى آخر إجزاء الفريضتين ، لكن الأولى تقديم فريضة الظهر على النافلة بعد أن يبلغ الظل الحادث سبعي الشاخص ، كما أن الأولى تقديم فريضة العصر بعد أن يبلغ الظل المذكور أربعة أسباع الشاخص ، ووقت نافلة المغرب بعد الفراغ منها إلى آخر وقت الفريضة ، وإن كان الأولى تقديم فريضة العشاء بعد ذهاب الحمرة المغربية ، ويمتد وقت نافلة العشاء بامتداد

١٦٩

وقتها ، ووقت نافلة الفجر - على المشهور - بين الفجر الأول وطلوع الحمرة المشرقية وإن كان يجوز دسها في صلاة الليل قبل الفجر ، ولكن لا يبعد أن يكون مبدأ وقتها مبدأ وقت صلاة الليل بعد مضي مقدار يفي بأدائها وامتداده إلى قبيل طلوع الشمس ، نعم الأولى تقديم فريضة الفجر عند تضيق وقت فضيلتها على النافلة ، ووقت نافلة الليل من منتصفه على المشهور ، ويستمر إلى الفجر الصادق وأفضله السحر ، والظاهر أنه الثلث الأخير من الليل.

مسألة ٥٠٦ : يجوز تقديم نافلتي الظهرين على الزوال يوم الجمعة بل وفي غيره أيضاً إذا كان له عذر - ولو عرفي - من الإتيان بهما بعد الزوال فيجعلهما في صدر النهار ، وكذا يجوز تقديم صلاة الليل على النصف للمسافر إذا خاف فوتها إن أخرها ، أو صعب عليه فعلها في وقتها ، وكذا الشاب وغيره ممن يخاف فوتها إذا أخرها لغلبة النوم ، أو طرو الاحتلام أو غير ذلك.

الفصل الثالث

إذا مضى على المكلف من أول الوقت مقدار أداء نفس الصلاة بحسب حاله في ذلك الوقت من الحضر والسفر والتيمم والوضوء والغسل والمرض والصحة ونحو ذلك ولم يصل حتى طرء أحد الأعذار المانعة من التكليف بالصلاة مثل الجنون والحيض والإغماء وجب عليه القضاء بل الأحوط وجوبه فيما إذا تمكن من الإتيان بها مع الطهارة الترابية لضيق الوقت عن الوضوء أو الغسل ، وأما مع استيعاب العذر لجميع الوقت فلا يجب القضاء في الأعذار المتقدمة ونحوها دون النوم فإنه يجب فيه القضاء ولو كان مستوعباً ، وإذا أرتفع العذر في آخر الوقت فإن وسع

١٧٠

الصلاتين مع الطهارة وجبتا جميعا ، وكذا إذا وسع مقدار خمس ركعات معها ، والا وجبت الثانية إذا بقي ما يسع ركعة معها ، والا لم يجب شيء.

مسألة ٥٠٧ : لا تجوز الصلاة قبل دخول الوقت ـ بلا لا تجزئ ـ إلا مع العلم به ، أو قيام البينة ، نعم يجتزئ بأذان الثقة العارف بالوقت وبإخباره مع حصول الاطمئنان منهما بل بكل ما يوجب الاطمئنان من سائر الأمارات الموجبة له ، وفي جواز العمل بالظن في الغيم ، وكذا في غيره من الأعذار النوعية إشكال فضلاً عن الموانع الشخصية ، فالأحوط لزوما تأخير الصلاة إلى حين الاطمئنان بدخول الوقت.

مسألة ٥٠٨ : إذا أحرز دخول الوقت بالوجدان ، أو بطريق معتبر فصلى ، ثم تبين أنها وقعت قبل الوقت لزم إعادتها ، نعم إذا علم أن الوقت قد دخل وهو في الصلاة ، فالأظهر أن صلاته صحيحة ، وإن كان الأحوط إعادتها ، وأما إذا صلى غافلاً وتبين دخول الوقت في الأثناء ، ففي الصحة إشكال ، نعم إذا تبين دخوله قبل الصلاة أجزأت ، وكذا إذا صلى برجاء دخول الوقت ، وإذا صلى وبعد الفراغ شك في دخوله أعاد على الأحوط ولا يبعد عدم وجوبها.

مسألة ٥٠٩ : يجب الترتيب بين الظهرين بتقديم الظهر ، وكذا بين العشائين بتقديم المغرب ، وإذا عكس في الوقت المشترك عمداً أعاد وإذا كان سهواً لم يعد على ما تقدم ، وإذا كان التقديم من جهة الجهل بالحكم ، فالأقرب الصحة إذا كان الجاهل معذوراً ، سواء أ كان متردداً ، أم كان جازماً.

مسألة ٥١٠ : قد يجب العدول من اللاحقة إلى السابقة كما في الأدائيتين المترتبتين ، فلو قدم العصر ، أو العشاء سهواً ، وذكر في الأثناء فإنه يعدل إلى الظهر ، أوالمغرب ـ إلا إذا لم تكن وظيفته الإتيان بها لضيق الوقت ـ ولا يجوز العكس كما إذا صلى الظهر ، أوالمغرب ، وفي الأثناء ذكر

١٧١

أنه قد صلاهما ، فإنه لا يجوز له العدول إلى العصر أو العشاء.

مسألة ٥١١ : إنما يجوز العدول من العشاء إلى المغرب إذا لم يدخل في ركوع الرابعة ، والا أتمها عشاءً ثم أتى بالمغرب على الأظهر.

مسألة ٥١٢ : يجوز الإتيان بالصلاة العذرية في أول الوقت ولومع العلم بزوال العذر قبل انقضائه إذا كان العذر هو التقية ولا يجب إعادتها حينئذ بعد زوال موجبها إلا مع الإخلال بما يضر الإخلال به ولو في حال الضرورة كما إذا اقتضت التقية ان يصلي من دون تحصيل الطهارة الحدثية ، واما اذا كان العذر غير التقية فلا يجوز البدار مع العلم بارتفاع العذر في الوقت ويجوز مع اليأس عن ذلك وهل يجتزي بها حينئذ إذا اتفق ارتفاع العذر في الوقت أم لا؟ فيه تفصيل ، وكذا في جواز البدار اليها مع رجاء ارتفاع العذر في الوقت وقد تقدم التعرض لبعض مواردها في كتاب الطهارة وتأتي جملة أخرى في المباحث الآتية.

مسألة ٥١٣ : الأقوى جواز التطوع بالصلاة لمن عليه الفريضة أدائية ، أو قضائية مالم تتضيق.

مسألة ٥١٤ : إذا بلغ الصبي في أثناء الوقت وجب عليه الصلاة إذا أدرك مقدار ركعة أو أزيد ، ولو صلى قبل البلوغ ثم بلغ في الوقت في أثناء الصلاة أو بعدها فالأقوى كفايتها وعدم وجوب الإعادة ، وإن كان الأحوط استحباباً الإعادة في الصورتين.

١٧٢

المقصد الثاني

القِبلة

يجب استقبال القبلة مع الإمكان في جميع الفرائض وتوابعها من الأجزاء المنسية بل وفي سجود السهو أيضاً على الأحوط الأولى ، وأما النوافل فلا يعتبر فيها الاستقبال حال المشي والركوب وإن كانت منذورة ، والأحوط اعتباره فيها حال الاستقرار ، والقبلة هي المكان الواقع فيه البيت الشريف ، ويتحقق استقباله بالمحاذاة الحقيقية مع التمكن من تمييز عينه والمحاذاة العرفية عند عدم التمكن من ذلك.

مسألة ٥١٥ : يجب العلم بالتوجه إلى القبلة وتقوم مقامه البينة ـ إذا كان إخبارها عن حس أوما بحكمه ـ ويكفي أيضا الاطمئنان الحاصل من المناشئ العقلائية كإخبار الثقة أو ملاحظة قبلة بلد المسلمين في صلواتهم ، وقبورهم ومحاريبهم ، ومع تعذر ذلك يبذل جهده في تحصيل المعرفة بها ، ويعمل على ما يحصل له من الظن ، ومع تعذره يكتفي بالصلاة إلى أي جهة يحتمل وجود القبلة فيها ، والأحوط استحباباً أن يصلي إلى أربع جهات مع سعة الوقت ، والا صلى بقدر ما وسع وإذا علم عدمها في بعض الجهات اجتزأ بالصلاة إلى المحتملات الأخر.

مسألة ٥١٦ : من صلى إلى جهة اعتقد أنها القبلة ، ثم تبين الخطأ فإن كان منحرفا إلى ما بين اليمين ، والشمال صحت صلاته ، وإذا التفت في الأثناء مضى ما سبق واستقبل في الباقي ، من غير فرق بين بقاء الوقت وعدمه ، ولا بين المتيقن والظان ، والناسي والغافل ، نعم إذا كان ذلك عن

١٧٣

جهل بالحكم ، فالأحوط لزوم الإعادة في الوقت ، والقضاء في خارجة ، وأما إذا تجاوز انحرافه عما بين اليمين والشمال ، أعاد في الوقت ، سواء كان التفاته أثناء الصلاة ، أو بعدها ، ولا يجب القضاء إذا التفت خارج الوقت إلا في الجاهل بالحكم فإنه يجب عليه القضاء.

١٧٤

المقصد الثالث

الستر والساتر

وفيه فصول

الفصل الأول

يجب مع الاختيار ستر العورة في الصلاة وتوابعها ـ بل وسجود السهوعلى الأحوط استحبابا ـ وإن لم يكن ناظر ، أو كان في ظلمة.

مسألة ٥١٧ : إذا بدت العورة لريح أو غفلة ، أو كانت بادية من الأول وهولا يعلم ، أو نسي سترها صحت صلاته ، وإذا التفت إلى ذلك في الأثناء وجبت المبادرة إلى سترها وصحت أيضاً على الأظهر.

مسألة ٥١٨ : عورة الرجل في الصلاة القضيب ، والانثيان ، والدبر دون ما بينهما ، وعورة المرأة في الصلاة جميع بدنها ، حتى الرأس ، والشعر عدا الوجه بالمقدار الذي لا يستره الخمار عادة مع ضربه على الجيب ـ وإن كان الأحوط لها ستر ما عدا المقدار الذي يغسل في الوضوء ـ وعدا الكفين إلى الزندين ، والقدمين إلى الساقين ، ظاهرهما ، وباطنهما ، ولابد من ستر شيء مما هو خارج عن الحدود.

مسألة ٥١٩ : الصبية كالبالغة فيما تقدم إلا في الرأس وشعره والعنق ، فإنه لا يجب عليها سترها.

مسألة ٥٢٠ : إذا كان المصلي واقفاً على شباك ، أو طرف سطح

١٧٥

بحيث لو كان ناظر تحته لرأى عورته ، فالأقوى وجوب سترها من تحته نعم إذا كان واقفا على الأرض لم يجب الستر من جهة التحت إلا مع وقوفه على جسم عاكس ترى عورته بالنظر إليه فإنه يجب حينئذ سترها من هذه الجهة أيضا.

الفصل الثاني

يعتبر في لباس المصلي أمور

الأول : الطهارة ، إلا في الموارد التي يعفى عنها في الصلاة ، وقد تقدمت في أحكام النجاسات.

الثاني : الإباحة ، فلا تصح الصلاة في المغصوب على الأحوط لزوماً فيما كان ساتراً للعورة فعلاً ، واستحباباً في غيره ، نعم إذا كان جاهلاً بالغصبية أو ناسيا لها ولم يكن هو الغاصب أو كان جاهلاً بحرمته جهلاً يعذر فيه أو ناسيا لها أو مضطراً تصح صلاته.

مسألة ٥٢١ : لا فرق في الغصب بين أن يكون عين المال مغصوباً أو منفعته ، أو كان متعلقاً لحق موجب لعدم جواز التصرف فيه ، بل إذا اشترى ثوبا بعين مال فيه الخمس كان حكمه حكم المغصوب ، وأما إذا اشتراه بعين مال فيه حق الزكاة ففي كونه كذلك إشكال بل منع ـ كما سيأتي في محله ـ وإذا كان الميت مشغول الذمة بالزكاة أوالمظالم ونحوهما من الحقوق المالية سواء أ كان مستوعباً للتركة أم لا لم يجز التصرف في تركته بما ينافي أداء الحق منها وإذا كان له وارث قاصر لم يجز التصرف في تركته إلا بمراجعة وليه الشرعي من الأب أو الجد ثم القيم ثم الحاكم الشرعي.

مسألة ٥٢٢ : لا بأس بحمل المغصوب في الصلاة إذا لم يتحرك

١٧٦

بحركات المصلي ، بل وإذا تحرك بها أيضاً على الأظهر.

الثالث : أن لا يكون من أجزاء الميتة التي تحلها الحياة ، من دون فرق بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم فيه الصلاة على الأحوط وجوباً ، والأظهر اختصاص الحكم بالميتة النجسة وإن كان الأحوط الاجتناب عن الميتة الطاهرة أيضا ، وقد تقدم في النجاسات حكم الجلد الذي يشك في كونه مذكى أولا ، كما تقدم بيان ما لا تحله الحياة من الميتة فراجع ، والمشكوك في كونه من جلد الحيوان ، أومن غيره لا بأس بالصلاة فيه.

الرابع : أن لا يكون من أجزاء السباع بل مطلق ما لا يؤكل لحمه من الحيوان على الأحوط ، والأظهر اختصاص المنع بما تتم الصلاة فيه وإن كان الاجتناب عن غيره أيضا أحوط ، كما أن الأحوط الاجتناب حتى عن الشعرة الواحدة الواقعة منه على الثوب وإن كان الأظهر عدم وجوبه ، نعم لا يبعد المنع عن روثه وبوله وعرقه ولبنه إذا كان الثوب متلطخاً به ، وأما حمل بعض أجزائه ـ كما إذا جعل في قارورة وحملها معه في جيبه ـ فلا بأس به على الأقوى.

مسألة ٥٢٣ : إذا صلى في غير المأكول جهلاً به صحت صلاته وكذا إذا كان نسياناً ، أو كان جاهلاً بالحكم ، أو ناسياً به ، نعم تجب الإعادة إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير على ما تقدم.

مسألة ٥٢٤ : إذا شك في اللباس ، أو فيما على اللباس من الرطوبة أو الشعر ، أو غيرهما في أنه من المأكول ، أومن غيره ، أومن الحيوان ، أومن غيره ، صحت الصلاة فيه.

مسألة ٥٢٥ : لا بأس بالشمع ، والعسل ، والحرير الممزوج ، ومثل البق ، والبرغوث ، والزنبور ونحوها من الحيوانات التي لا لحم لها ، وكذا لا بأس بالصدف ، ولا بأس بفضلات الإنسان كشعره ، وريقه ، ولبنه ونحوها

١٧٧

وإن كانت واقعة على المصلي من غيره ، وكذا الشعر الموصول بالشعر المسمى بـ ( الباروكة ) سواء أ كان مأخوذاً من الرجل ، أم من المرأة.

مسألة ٥٢٦ : تجوز الصلاة في جلد الخز ، والسنجاب ووبرهما ، ما لم يمتزج بوبر غيرهما من السباع بل مطلق غير مأكول اللحم على الأحوط ، وفي كون ما يسمى الآن خزاً ، هو الخز إشكال ، وإن كان الظاهر جواز الصلاة فيه ، والاحتياط طريق النجاة ، وأما السمور ، والقماقم والفنك فالأحوط الاجتناب عن الصلاة في أجزائها وإن كان الأظهر الجواز.

الخامس : أن لا يكون من الذهب ـ للرجال ـ ولو كان حلياً كالخاتم ، أما إذا كان مذهباً بالتمويه والطلي على نحو يعد عند العرف لونا فلا بأس ويجوز ذلك كله للنساء ، كما يجوز أيضا حمله للرجال كالساعة ، والدنانير.نعم الظاهر المنع عن كل ما يطلق على استعماله عنوان اللبس عرفا مثل الزناجير المعلقة والساعة اليدوية.

مسألة ٥٢٧ : إذا صلى في الذهب جاهلاً ، أو ناسيا صحت صلاته.

مسألة ٥٢٨ : لا يجوز للرجال لبس الذهب في غير الصلاة أيضاً وفاعل ذلك آثم ، والأحوط ترك التزين به مطلقاً حتى فيما لا يصدق عليه اللبس ، كجعل أزرار اللباس من الذهب أو جعل مقدم الأسنان منه ، نعم لا بأس بشدها به أو جعل الأسنان الداخلية منه.

السادس : أن لا يكون من الحرير الخالص ـ للرجال ـ ولا يجوز لهم لبسه في غير الصلاة أيضاً كالذهب ، نعم لا بأس به في الحرب والضرورة والحرج كالبرد والمرض حتى في الصلاة ، كما لا بأس بحمله في حال الصلاة وغيرها وكذا افتراشه والتغطي والتدثر به على نحولا يعد لبساً له عرفاً ، ولا بأس بكف الثوب به ، والأحوط استحباباً أن لا يزيد على أربع أصابع ، كما لا بأس بالأزرار منه والسفائف والقياطين وإن تعددت وكثرت ، وأما ما لا

١٧٨

تتم فيه الصلاة من اللباس ، فالأحوط استحباباً تركه.

مسألة ٥٢٩ : لا يجوز جعل البطانة من الحرير وإن كانت إلى النصف.

مسألة ٥٣٠ : لا بأس بالحرير الممتزج بالقطن ، أو الصوف أو غيرهما مما يجوز لبسه في الصلاة ، لكن بشرط أن يكون الخلط بحيث يخرج اللباس به عن صدق الحرير الخالص ، فلا يكفي الخلط بالمقدار اليسير المستهلك عرفا.

مسألة ٥٣١ : إذا شك في كون اللباس حريراً ، أو غيره جاز لبسه وكذا إذا شك في أنه حرير خالص ، أو ممتزج.

مسألة ٥٣٢ : يجوز للولي إلباس الصبي الحرير ، أو الذهب ، وتصح صلاته فيه على الأظهر.

الفصل الثالث

الأحوط في الساتر الصلاتي في حال الاختيار صدق عنوان ( اللباس ) عليه عرفاً ، وإن كان الأظهر كفاية مطلق ما يخرج المصلي عن كونه عارياً كالورق والحشيش والقطن والصوف غير المنسوجين ، بل الطين إذا كان من الكثرة بحيث لا يصدق معه كون المصلي عارياً ، وأما في حال الاضطرار فيجزي التلطخ بالطين ونحوه ، وإذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه فإن تمكن من الصلاة قائماً مع الركوع والسجود بحيث لا تبدو سوأته للغير المميز ـ أما لعدم وجوده أو لظلمة أو نحوها ـ فالأقوى وجوب الإتيان بها كذلك وإن كان الأحوط الجمع بينها وبين الصلاة قائماً مومياً ، ولو اقتضى التحفظ على عدم بدو سوءته ترك القيام والركوع والسجود الاختياريين صلى

١٧٩

جالساً مومياً ، ولو اقتضى ترك واحد من الثلاثة تركه وأتى ببدله فيومي بالرأس بدلاً عن الركوع والسجود ويجلس بدلاً عن القيام ، ولكن الأحوط في الفرض الأخير الجمع بينه وبين الصلاة قائما مومياً والأحوط لزوماً للعاري ستر السوأتين ببعض أعضائه كاليد في حال القيام والفخذين في حال الجلوس.

مسألة ٥٣٣ : إذا انحصر الساتر بالمغصوب أو الذهب أو الحرير أو السباع أو غيرها مما لا يؤكل لحمه فإن لم يضطر إلى لبسه صلى عارياً إلا في الأخير فيجمع بين الصلاة فيه والصلاة عارياً على الأحوط ، وإن اضطر إلى لبسه صحت صلاته فيه في حال الاضطرار وإن لم يكن مستوعباً للوقت إلا في الأخيرين فإنه لا تصح الصلاة في حال لبسهما اضطراراً ما لم يكن الاضطرار مستوعباً لجميع الوقت ، نعم لو اطمأن بالاستيعاب فصلى كذلك ثم اتفق زواله في الوقت لم يجب إعادتها على الأظهر. وإذا انحصر الساتر في النجس فالأحوط الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عارياً وإن كان الأظهر الاجتزاء بالصلاة فيه كما سبق في أحكام النجاسات.

مسألة ٥٣٤ : الأحوط لزوماً تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر واحتمل وجدانه قبل انقضائه ، نعم إذا يئس عن وجدانه في الوقت جاز له البدار إليها فإن استمر عذره إلى آخر الوقت فلا شيء عليه وكذا إن لم يستمر على الأصح.

مسألة ٥٣٥ : إذا كان عنده ثوبان يعلم إجمالاً أن أحدهما مغصوب أو حرير ، والآخر مما تصح الصلاة فيه ، لا تجوز الصلاة في واحد منهما بل يصلي عاريا ، وإن علم أن أحدهما نجس ، والآخر طاهر ، صلى صلاتين في كل منهما صلاة ، وكذا إذا علم أن أحدهما مما يؤكل لحمه والآخر من السباع أومن غيرهما مما لا يؤكل لحمه على ما تقدم.

١٨٠