منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني

منهاج الصالحين ـ العبادات - ج ١

المؤلف:

فتاوى آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني


الموضوع : الفقه
الناشر: مكتب آية الله العظمى السيد السيستاني
الطبعة: ٥
الصفحات: ٤٨١

الفرض ، وأما أن يكون نصاباً مستقلاً ، كما إذا كان عنده خمس من الإبل ، فولدت في أثناء الحول خمساً أخرى ، كان لكل منهما حول بانفراده ، ووجب عليه فريضة كل منهما عند انتهاء حوله ، وكذلك الحكم ـ على الأحوط لزوماً ـ إذا كان نصاباً مستقلاً ، ومكملاً للنصاب اللاحق كما إذا كان عنده عشرون من الإبل وفي أثناء حولها ولدت ستة ، وأما إذا لم يكن نصاباً مستقلاً ، ولكن كان مكملاً للنصاب اللاحق ، كما إذا كان عنده ثلاثون من البقر ، وفي أثناء الحول ولدت إحدى عشرة وجب عند انتهاء حول الأول استئناف حول جديد لهما معاً.

مسألة ١١٠٩ : ابتداء حول النتاج من حين ولادتها ، والأظهر احتساب مدة رضاعها من الحول وإن لم تكن أمهاتها سائمة.

٣٦١

المبحث الثاني

زكاة النقدين

مسألة ١١١٠ : يشترط في زكاة النقدين ـ مضافاً إلى الشرائط العامة ـ أمور :

الأول : النصاب ، ولكل منهما نصابان ، ولا زكاة فيما لم يبلغ النصاب الأول منهما ، وما بين النصابين بحكم النصاب السابق ، فنصابا الذهب خمسة عشر مثقالاً صيرفياً ثم ثلاثة فثلاثة ، ونصابا الفضة مائة وخمسة مثاقيل ثم واحد وعشرون فواحد وعشرون مثقالاً وهكذا ، والمقدار الواجب إخراجه في كل منهما ربع العشر ( ٥ , ٢ % ).

الثاني : أن يكونا مسكوكين بسكة المعاملة : بسكة الإسلام أو الكفر بكتابة وبغيرها ، بقيت السكة أو مسحت بالعارض ، أما الممسوح بالأصل فالأحوط لزوماً وجوب الزكاة فيه إذا عومل به ، وأما المسكوك الذي جرت المعاملة به ثم هجرت فالأظهر عدم وجوب الزكاة فيه ، وإذا اتخذ للزينة فإن كانت المعاملة به باقية وجبت فيه على الأحوط ، والا فالأظهر عدم الوجوب ، ولا تجب الزكاة في الحلي والسبائك وقطع الذهب والفضة.

الثالث : الحول ، بان يبقى في ملك مالكه واجداً للشروط تمام الحول فلو خرج عن ملكه أثناء الحول أو نقص عن النصاب أو ألغيت سكته ولو بجعله سبيكه لم تجب الزكاة فيه ، نعم إذا أبدل الذهب المسكوك بمثله أو بالفضة المسكوكة أو أبدل الفضة المسكوكة بمثلها أو بالذهب المسكوك كلاً

٣٦٢

أو بعضاً بقصد الفرار من الزكاة وبقي واجداً لسائر الشرائط إلى تمام الحول فلا يترك الاحتياط بإخراج زكاته حينئذ ، ويتم الحول بمضي أحد عشر شهراً ودخول الشهر الثاني عشر.

مسألة ١١١١ : لا فرق في الذهب والفضة بين الجيد والردئ ، ولا يجوز الإعطاء من الرديء إذا كان تمام النصاب من الجيد.

مسألة ١١١٢ : تجب الزكاة في النقدين المغشوشين وإن لم يبلغ خالصهما النصاب ، وإذا كان الغش كثيراً بحيث لم يصدق الذهب أو الفضة على المغشوش ، ففي وجوب الزكاة فيه إن بلغ خالصه النصاب إشكال بل منع.

مسألة ١١١٣ : إذا شك في بلوغ النصاب وعدمه فلا يترك الاحتياط بالفحص.

مسألة ١١١٤ : إذا كان عنده أموال زكوية من أجناس مختلفة اعتبر بلوغ النصاب في كل واحد منها ، ولا يضم بعضها إلى بعض ، فإذا كان عنده تسعة عشر ديناراً ومائة وتسعون درهماً لم تجب الزكاة في أحدهما ، وإذا كان من جنس واحد ـ كما إذا كان عنده ليرة ذهب عثمانية وليرة ذهب انكليزية ـ ضم بعضها إلى بعض في بلوغ النصاب ، وكذا إذا كان عنده روبية انكليزية وقران إيراني.

٣٦٣

المبحث الثالث

زكاة الغلات الأربع

مسألة ١١١٥ : يشترط في وجوب الزكاة فيها أمران :

الأول : بلوغ النصاب ، وهو ثلاثمائة صاع ، وهذا يقارب ـ فيما قيل ـ ثمانمائة وسبعة وأربعين كيلو غراماً ، ولا تجب الزكاة فيما لم يبلغ النصاب ، فإذا بلغه وجبت فيه وفيما يزيد عليه وإن كان الزائد قليلاً.

الثاني : الملك في وقت تعلق الوجوب ، سواء أ كان بالزرع ، أم بالشراء ، أم بالإرث ، أم بغيرها من أسباب الملك.

مسألة ١١١٦ : المشهور أن وقت تعلق الزكاة عند اشتداد الحب في الحنطة والشعير ، وعند الاحمرار والاصفرار في ثمر النخيل ، وعند انعقاده حصرما في ثمر الكرم ، لكن الظاهر أن وقته إذا صدق أنه حنطة أو شعير أو تمر أو عنب.

مسألة ١١١٧ : المدار في قدر النصاب بلوغ المذكورات حده بعد يبسها في وقت وجوب الإخراج ـ الآتي في المسألة اللاحقة ـ فإذا كانت الغلة حينما يصدق عليها أحد العناوين المذكورة بحد النصاب ولكنها لا تبلغه حينذاك لجفافها لم تجب الزكاة فيها.

مسألة ١١١٨ : وقت وجوب الإخراج حين تصفية الغلة من التبن ، واجتذاذ التمر ، واقتطاف الزبيب على النحوالمتعارف ، فإذا أخر المالك الدفع عنه ـ بغير عذر ـ ضمن مع وجود المستحق ، ولا يجوز للساعي

٣٦٤

المطالبة قبله ، نعم يجوز الإخراج قبل ذلك بعد تعلق الوجوب ، ويجب على الساعي القبول على إشكال في إطلاقه.

مسألة ١١١٩ : لا تتكرر الزكاة في الغلات بتكرر السنين ، فإذا أعطى زكاة الحنطة ثم بقيت العين عنده سنين لم يجب فيها شيء وهكذا غيرها.

مسألة ١١٢٠ : المقدار الواجب إخراجه في زكاة الغلات ، العشر ( ١٠ % ) إذا سقي سيحاً ، أو بماء السماء ، أو بمص عروقه من الأرض ، ونصف العشر ( ٥ % ) إذا سقي بالدلاء والماكينة ، والناعور ، ونحو ذلك من العلاجات ، وإذا سقي بالأمرين فإن كان أحدهما الغالب بحيث ينسب السقي إليه ولا يعتد بالآخر ، فالعمل على الغالي ، وإن كانا بحيث يصدق الاشتراك عرفاً وإن كان السقي بأحدهما أكثر من الآخر ، يوزع الواجب فيعطي ثلاثة أرباع العشر ( ٥ , ٧ % ) ، وإذا شك في صدق الاشتراك والغلبة كفى الأقل ، والأحوط ـ استحباباً ـ الأكثر.

مسألة ١١٢١ : المدار في التفصيل المتقدم على الثمر ، لا على الشجر فإذا كان الشجر حين غرسه يسقى بالدلاء ، فلما أثمر صار يسقى بالنزيز أو السيح عند زيادة الماء وجب فيه العشر ، ولو كان بالعكس وجب فيه نصف العشر.

مسألة ١١٢٢ : الأمطار المعتادة في السنة لا تخرج ما يسقى بالدوالي عن حكمه ، إلا إذا كثرت بحيث يستغنى عن الدوالي ، فيجب حينئذ العشر ، أو كانت بحيث توجب صدق الاشتراك في السقي ، فيجب التوزيع.

مسألة ١١٢٣ : إذا أخرج شخص الماء بالدوالي عبثاً ، أو لغرض فسقى به آخر زرعه ففي وجوب العشر إشكال وإن كان أحوط وجوباً ، وكذا إذا أخرجه هو عبثاً أو لغرض آخر ثم بدا له فسقى به زرعه ، وأما إذا أخرجه لزرع فبدا له فسقى به زرعاً آخر ، أو زاد فسقى به غيره فالظاهر وجوب نصف العشر.

٣٦٥

مسألة ١١٢٤ : ما يأخذه السلطان بإسم المقاسمة ـ وهو الحصة من نفس الزرع ـ لا يجب إخراج زكاته.

مسألة ١١٢٥ : المشهور استثناء المؤن التي يحتاج إليها الزرع والثمر من أجرة الفلاح ، والحارث ، والساقي ، والعوامل التي يستأجرها للزرع وأجرة الأرض ولو غصباً ، ونحو ذلك مما يحتاج إليه الزرع ، أو الثمر ، ومنها ما يأخذه السلطان من النقد المضروب على الزرع المسمى بالخراج ، ولكن الأحوط لزوماً ـ في الجميع ـ عدم الاستثناء ، نعم المؤن التي تتعلق بالزرع أو الثمر بعد تعلق الزكاة يمكن احتسابهاعلى الزكاة بالنسبة بأن يسلمه إلى مستحقه أو إلى الحاكم الشرعي وهوعلى الساق أوعلى الشجر ثم يشترك معه في المؤن.

مسألة ١١٢٦ : يضم النخل بعض إلى بعض ، وإن كانت في أمكنة متباعدة وتفاوتت في الإدراك ، بعد أن كانت الثمرتان لعام واحد ، وإن كان بينهما شهر أو أكثر ، وكذا الحكم في الزروع المتباعدة فيلحظ النصاب في المجموع ، فإذا بلغ المجموع النصاب وجبت الزكاة ، وإن لم يبلغه كل واحد منها ، وأما إذا كان نخل يثمر في العام مرتين ففي الضم فيه إشكال وإن كان الضم أحوط وجوباً.

مسألة ١١٢٧ : يجوز دفع القيمة عن الزكاة من النقدين ، وما بحكمهما من الأثمان ، كالأوراق النقدية ، وأما جواز دفعها من غيرها فلا يخلو عن إشكال.

مسألة ١١٢٨ : إذا مات المالك بعد تعلق الوجوب وجب على الوارث إخراج الزكاة ، أما لو مات قبله وإنتقل إلى الوارث ، فإن بلغ نصيب كل واحد النصاب وجبت على كل واحد منهم زكاة نصيبه ، وإن بلغ نصيب بعضهم دون نصيب الآخر ، وجبت على من بلغ

٣٦٦

نصيبه دون الآخر ، وإن لم يبلغ نصيب واحد منهم لم تجب على واحد منهم ، وكذا الحكم فيما إذا كان الانتقال بغير الإرث كالشراء أو الهبة.

مسألة ١١٢٩ : إذا اختلفت أنواع الغلة الواحدة يجوز دفع الجيد عن الأجود والرديء عن الرديء ، وفي جواز دفع الرديء عن الجيد إشكال والأحوط ـ وجوبا ـ العدم.

مسألة ١١٣٠ : الأقوى أن الزكاة حق متعلق بالعين ، لا على وجه الإشاعة ، ولا على نحو الكلي في المعين ، ولا على نحو حق الرهانة ، ولا على نحو حق الجناية ، ولا على نحو الشركة في المالية ، بل على نحو آخر ، وإذا بلغ المالك ما تعلقت به الزكاة قبل إخراجها صح البيع على الأظهر سواء وقع على جميع العين الزكوية أوعلى بعضها المعين أوالمشاع ، ويجب على البائع إخراج الزكاة ولومن مال آخر ، وأما المشتري القابض للمبيع فإن أعتقد إن البائع قد أخرجها قبل البيع أو احتمل ذلك لم يكن عليه شيء والا فيجب عليه إخراجها ، فإن أخرجها وكان مغرورا من قبل البائع جاز له الرجوع بها عليه.

مسألة ١١٣١ : لا يجوز التأخير في دفع الزكاة عن وقت وجوب الإخراج من دون عذر ، فإن أخره لطلب المستحق فتلف المال قبل الوصول إليه لم يضمن ، وإن أخره ـ مع العلم بوجود المستحق ـ ضمن ، نعم يجوز للمالك عزل الزكاة من العين أومن مال آخر مع عدم المستحق ، بل مع وجوده على الأقوى فيتعين المعزول زكاة ، ويكون أمانة في يده لا يضمنه إلا مع التفريط ، أومع التأخير مع وجود المستحق ، من دون غرض صحيح. وفي ثبوت الضمان معه ـ كما إذا أخره لانتظار مستحق معين أو للإيصال إلى المستحق تدريجاً في ضمن شهر أو شهرين أو ثلاثة ـ إشكال ، ونماء الزكاة تابع لها في المصرف ، ولا يجوز للمالك إبدالها بعد العزل.

٣٦٧

مسألة ١١٣٢ : إذا باع الزرع أو الثمر ، وشك في أن البيع كان بعد تعلق الزكاة حتى تكون عليه ، أو قبله حتى تكون على المشتري لم يجب عليه شيء ، حتى إذا علم زمان التعلق وشك في زمان البيع على الأظهر.

وإن كان الشاك هوالمشتري ، فإن علم بأداء البائع للزكاة على تقدير كون البيع بعد التعلق لم يجب عليه إخراجها ، والا وجب عليه ، حتى إذا علم زمان التعلق وجهل زمان البيع ، فإن الزكاة متعلقة بالعين على ما تقدم.

مسألة ١١٣٣ : يجوز للحاكم الشرعي ووكيله خرص ثمر النخل والكرم على المالك ، وفائدته جواز الاعتماد عليه ، بلا حاجة إلى الكيل والوزن ، والظاهر جواز الخرص للمالك ، إما لكونه بنفسه من أهل الخبرة ، أو لرجوعه إليهم.

٣٦٨

المبحث الرابع

زكاة مال التجارة

وهوالمال الذي يتملكه الشخص بعقد المعاوضة قاصداً به الاكتساب والاسترباح فيجب على الأحوط أداء زكاته وهي ربع العشر ( ٥ , ٢ % ) مع استجماع الشرائط التالية مضافاً إلى الشرائط العامة المتقدمة :

١ ـ النصاب ، وهو نصاب أحد النقدين المتقدم.

٢ ـ مضي الحول عليه بعينه من حين قصد الاسترباح.

٣ ـ بقاء قصد الاسترباح طول الحول فلو عدل عنه ونوى به القنية أو الصرف في المؤونة مثلاً في الأثناء لم تجب فيه الزكاة.

٤ ـ أن يطلب برأس المال أو بزيادة عليه طول الحول فلو طلب بنقيصة أثناء السنة لم تجب فيه الزكاة.

٣٦٩

المقصد الثالث

أصناف المستحقين وأوصافهم

وفيه مبحثان

المبحث الأول

أصنافهم

وهم ثمانية :

الأول : الفقير.

الثاني : المسكين.

وكلاهما من لا يملك مؤونة سنته اللائقة بحاله له ولعياله ، والثاني أسوأ حالاً من الأول كمن لا يملك قوته اليومي ، والغني بخلافهما فإنه من يملك قوت سنته فعلاً ـ نقداً أو جنساً ـ ويتحقق ذلك بأن يكون له مال يقوم ربحه بمؤونته ومؤونة عياله ، أو قوة : بأن يكون له حرفة أو صنعة يحصل منها مقدار المؤنة ، وإذا كان قادراً على الاكتساب وتركه تكاسلاً ، فالظاهر عدم جواز أخذه ، نعم إذا خرج وقت التكسب جاز له الأخذ.

مسألة ١١٣٤ : إذا كان له رأس مال لا يكفي ربحه لمؤونة السنة جاز له أخذ الزكاة ، وكذا إذا كان صاحب صنعة تقوم آلاتها بمؤنته ، أو صاحب ضيعة أو دار أو خان أو نحوها تقوم قيمتها بمؤونته ، ولكن لا يكفيه الحاصل منها فإن له إبقاءها وأخذ المؤونة من الزكاة.

٣٧٠

مسألة ١١٣٥ : دار السكنى والخادم وفرس الركوب المحتاج إليها بحسب حاله ـ ولو لكونه من أهل الشرف ـ لا تمنع من أخذ الزكاة ، وكذا ما يحتاج إليه من الثياب ، والألبسة الصيفية ، والشتوية ، والكتب العلمية ، وأثاث البيت من الظروف ، والفرش ، والأواني ، وسائر ما يحتاج إليه. نعم إذا كان عنده من المذكورات أكثر من مقدار الحاجة وكانت كافية في مؤونته لم يجز له الأخذ ، بل إذا كان له دار تندفع حاجته بأقل منها قيمة ، وكان التفاوت بينهما يكفيه لمؤونته لم يجز له الأخذ من الزكاة فيما إذا بلغت الزيادة حد الإسراف بإن خرج عما يناسب حاله كثيراً والا جاز له أخذها على الأظهر ، وكذا الحكم في الفرس والسيارة وغيرهما من أعيان المؤونة ، إذا كانت عنده وكان يكفي الأقل منها.

مسألة ١١٣٦ : إذا كان قادراً على التكسب بخصوص ما ينافي شأنه جاز له الأخذ ، وكذا إذا كان قادراً على الصنعة ، لكنه كان فاقداً لآلاتها.

مسألة ١١٣٧ : إذا كان قادراً على تعلم صنعة أو حرفة لم يجز له أخذ الزكاة على الأحوط ، إلا إذا خرج وقت التعلم فيجوز ، ولا يكفي في صدق الغنى القدرة على التعلم في الوقت اللاحق ، إذا كان الوقت بعيداً ، بل إذا كان الوقت قريباً ـ مثل يوم أو يومين أو نحو ذلك ـ جاز له الأخذ ما لم يتعلم.

مسألة ١١٣٨ : طالب العلم الذي لا يملك فعلاً ما يكفيه يجوز له أخذ الزكاة وإن كان قادراً على الاكتساب فيما إذا كان طلب العلم واجباً عليه عيناً وكان طلبه مانعاً عن الاكتساب والا فلا يجوز له أخذها ، هذا بالنسبة إلى سهم الفقراء ، وأما من سهم سبيل الله تعالى فيجوز له الأخذ منه بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط إذا كان يترتب على اشتغاله مصلحة عامة محبوبة لله تعالى ، وإن لم يكن المشتغل ناوياً للقربة ، نعم إذا كان ناوياً للحرام كالرئاسة المحرمة لم يجز له الأخذ.

٣٧١

مسألة ١١٣٩ : المدعي للفقر إن علم صدقه أو كذبه عومل به ، وإن جهل ذلك جاز إعطاءه إذا علم فقره سابقاً ولم يعلم غناه بعد ذلك ولو جهل حاله من أول أمره فالأحوط عدم دفع الزكاة إليه إلا مع الوثوق بفقره ، وإذا علم غناه سابقاً فلا يجوز أن يعطى من الزكاة ما لم يثبت فقره بعلم أو بحجة معتبرة.

مسألة ١١٤٠ : إذا كان له دين على الفقير جاز له احتسابه من الزكاة حياً كان أم ميتاً ، نعم يشترط في الميت أن لا يكون له مال يفي بدينه والا لم يجز ، إلا إذا تلف المال على نحولا يكون مضموناً ، وإذا امتنع الورثة من الوفاء ففي جواز الاحتساب إشكال ، وإن كان أظهر ، وكذا إذا غصب التركة غاصب لا يمكن أخذها منه ، أو أتلفها متلف لا يمكن استيفاء بدلها منه.

مسألة ١١٤١ : لا يجب إعلام الفقير بأن المدفوع إليه زكاة ، بل يجوز الإعطاء على نحو يتخيل الفقير أنه هدية ، ويجوز صرفها في مصلحة الفقير كما إذا قدم إليه تمر الصدقة فأكله.

مسألة ١١٤٢ : إذا دفع الزكاة ـ باعتقاد الفقر ـ فبان كون المدفوع إليه غنياً وجب عليه استرجاعها وصرفها في مصرفها إذا كانت عينها باقية ، وإن كانت تالفة جاز له أن يرجع ببدلها إلى القابض ، إذا كان يعلم أن ما قبضه زكاة ، وإن لم يعلم بحرمتها على الغني ، والا فليس له الرجوع إليه ويجب عليه حينئذ وعند عدم إمكان الاسترجاع في الفرض الأول إخراج بدلها وإن كان أداؤه بعد الفحص والاجتهاد أو مستنداً إلى الحجة الشرعية على الأحوط. وكذا الحكم فيما إذا تبين كون المدفوع إليه ليس مصرفاً للزكاة من غير جهة الغنى ، مثل أن يكون ممن تجب نفقته ، أو هاشمياً إذا كان الدافع غير هاشمي أو غير ذلك.

٣٧٢

الثالث : العاملون عليها.

وهم المنصبون لأخذ الزكاة وضبطها وحسابها وإيصالها إلى الإمام أو نائبه ، أو إلى مستحقها.

الرابع : المؤلفة قلوبهم.

وهم المسلمون الذين يضعف إعتقادهم بالمعارف الدينية ، فيعطون من الزكاة ليحسن إسلامهم ، ويثبتوا على دينهم ، أولا يدينون بالولاية فيعطون من الزكاة ليرغبوا فيها ويثبتوا عليها ، أو الكفار الذين يوجب إعطاؤهم الزكاة ميلهم إلى الإسلام ، أو معاونة المسلمين في الدفاع أو الجهاد مع الكفار أو يؤمن بذلك من شرهم وفتنتهم.

والأظهر أنه لا ولاية للمالك في صرف الزكاة على الصنفين الثالث والرابع بل ذلك منوط برأي الإمام عليه‌السلام أو نائبه.

الخامس : الرقاب.

وهم العبيد فإنهم يعتقون من الزكاة على تفصيل مذكور في محله.

السادس : الغارمون.

وهم الذين ركبتهم الديون وعجزوا عن أدائها ، وإن كانوا مالكين قوت سنتهم ، بشرط أن لا يكون الدين مصروفاً في المعصية ، والأحوط اعتبار استحقاق الدائن لمطالبته ، فلو كان عليه دين مؤجل لم يحل أجله لم يجز أداؤه من الزكاة وكذلك ما إذا قنع الدائن بأدائه تدريجاً وتمكن المديون من ذلك من دون حرج ، ولو كان على الغارم دين لمن عليه الزكاة جاز له احتسابه عليه زكاة ، بل يجوز أن يحتسب ما عنده من الزكاة للمديون فيكون له ثم يأخذه وفاءً عما عليه من الدين ، ولو كان الدين لغير من عليه الزكاة يجوز له وفاؤه عنه بما عنده منها ، ولو بدون إطلاع الغارم ، ولو كان الغارم ممن تجب نفقته

٣٧٣

على من عليه الزكاة جاز له إعطاؤه لوفاء دينه أو الوفاء عنه وإن لم يجز إعطاؤه لنفقته ـ كما سيأتي ـ.

السابع : سبيل الله تعالى.

و يقصد به المصالح العامة للمسلمين كتعبيد الطرق وبناء الجسور والمستشفيات والمدارس الدينية والمساجد وملاجئ الفقراء ونشر الكتب الإسلامية المفيدة وغير ذلك مما يحتاج إليه المسلمون ، وفي جواز دفع هذا السهم في كل طاعة ، مع عدم تمكن المدفوع إليه من فعلها بدونه أومع تمكنه إذا لم يكن مقدماً عليه إلا به ، إشكال بل منع.

كما أن في ثبوت ولاية المالك على صرف هذا السهم إشكالاً فلا يترك الاحتياط بالاستئذان من الحاكم الشرعي.

الثامن : إبن السبيل.

الذي نفدت نفقته ، بحيث لا يقدر على الذهاب إلى بلده ، فيدفع له ما يكفيه لذلك ، بشرط أن لا يكون سفره في معصية ، وإن لا يتمكن من الاستدانة بغير حرج بل الأحوط اعتبار أن لا يكون متمكناً من بيع أو إيجار ماله الذي في بلده.

مسألة ١١٤٣ : إذا اعتقد وجوب الزكاة فأعطاها ، ثم بان العدم جاز له استرجاعها ، وإن كانت تالفة استرجع البدل ، إذا كان الفقير عالماً بالحال ، والا لم يجز الاسترجاع.

مسألة ١١٤٤ : إذا نذر أن يعطي زكاته فقيراً معيناً انعقد نذره فإن سها فأعطاها فقيراً آخر أجزأ ، ولا يجوز استردادها ، وإن كانت العين باقية ، وإذا أعطاها غيره ـ متعمداً ـ فالظاهر الإجزاء أيضاً ، ولكن كان آثماً بمخالفة نذره ، ووجبت عليه الكفارة.

٣٧٤

المبحث الثاني

في أوصاف المستحقين

يجوز للمالك دفع الزكاة إلى مستحقيها مع استجماع الشروط الآتية :

الأول : الإيمان

فلا يعطي الكافر ، وكذا المخالف منها ، ويعطى أطفال المؤمنين ومجانينهم ، فإن كان بنحو التمليك وجب قبول وليهم ، وإن كان بنحو الصرف ـ مباشرة أو بتوسط أمين ـ فلا يحتاج إلى قبول الولي وإن كان أحوط استحباباً.

مسألة ١١٤٥ : إذا أعطى المخالف زكاته أهل نحلته ، ثم رجع إلى مذهبنا أعادها ، وإن كان قد أعطاها المؤمن أجزأ.

الثاني : أن لا يصرفها الآخذ في الحرام ، فلا تعطى لمن يصرفها فيه بل الأحوط اعتبار أن لا يكون في الدفع إليه إعانة على الإثم وإغراء بالقبيح وإن لم يكن يصرفها في الحرام ، كما أن الأحوط عدم إعطائها لتارك الصلاة أو شارب الخمر أوالمتجاهر بالفسق.

الثالث : أن لا يكون ممن تجب نفقته على المعطي.

كالأبوين والأولاد من الذكور أو الإناث وكذا الأجداد والجدات وإن علوا وأولاد الأولاد وإن سفلوا على الأحوط فيهما وكذا الزوجة الدائمة ـ إذا لم تسقط نفقتها ـ فهؤلاء لا يجوز إعطاؤهم من الزكاة للإنفاق ، ويجوز إعطاؤهم منها لحاجة لا تجب عليه ، كما إذا كان للوالد أو للولد زوجة يجب

٣٧٥

نفقتها عليه ، أو كان عليه دين يجب وفاؤه ، أو عمل يجب أداؤه بإجارة وكان موقوفاً على المال ، وأما إعطاؤهم للتوسعة زائداً على اللازمة فالأحوط ـ أن لم يكن أقوى ـ عدم جوازه إذا كان عنده ما يوسع به عليهم. ويختص عدم جواز إعطاء المالك الزكاة لمن تجب نفقته عليه بما إذا كان الإعطاء بعنوان الفقر فلا بأس بإعطائها له بعنوان آخر كما إذا كان مديوناً أو إبن سبيل.

مسألة ١١٤٦ : يجوز لمن وجبت نفقته على غيره أن يأخذ الزكاة من غير من تجب عليه ، إذا لم يكن قادراً على الإنفاق ، أو لم يكن باذلاً بل وكذا إذا كان باذلاً مع المنة غير القابلة للتحمل عادة والا فيشكل له أخذها ، بل الظاهر أنه لا يجوز للزوجة أن تأخذ من الزكاة ، مع بذل الزوج للنفقة ، بل مع إمكان إجباره ، إذا كان ممتنعاً.

مسألة ١١٤٧ : يجوز دفع الزكاة إلى الزوجة المتمتع بها ، سواء كان الدافع الزوج أم غيره ، وكذا الدائمة إذا سقطت نفقتها بالشرط ونحوه ، أما إذا كان بالنشوز ففيه إشكال.

مسألة ١١٤٨ : يجوز للزوجة دفع زكاتها إلى الزوج ، ولو كان للإنفاق عليها.

مسألة ١١٤٩ : إذا عال بأحد تبرعاً جاز للمعيل ولغيره دفع الزكاة إليه ، من غير فرق بين القريب والأجنبي.

مسألة ١١٥٠ : يجوز لمن وجب الإنفاق عليه أن يعطي زكاته لمن تجب عليه نفقته ، إذا كان عاجزاً عن الإنفاق عليه ، وإن كان الأحوط ـ استحباباً ـ الترك.

الرابع : أن لا يكون هاشمياً إذا كانت الزكاة من غير هاشمي.

وهذا شرط عام في مستحق الزكاة وإن كان الدافع إليه هو الحاكم الشرعي ولا فرق فيه بين سهم الفقراء وغيره من سائر السهام ، حتى سهم العاملين ،

٣٧٦

وسبيل الله ، نعم لا بأس بتصرفهم في الأوقاف العامة إذا كانت من الزكاة ، مثل المساجد ، ومنازل الزوار والمدارس ، والكتب ونحوها.

مسألة ١١٥١ : يجوز للهاشمي أن يأخذ زكاة الهاشمي من دون فرق بين السهام أيضاً ، كما يجوز له أخذ زكاة غير الهاشمي مع الاضطرار ، وفي تحديد الاضطرار إشكال ، وقد ذكر جماعة من العلماء أن المسوغ عدم التمكن من الخمس بمقدار الكفاية وهو أيضاً مشكل ، والأحوط لزوماً تحديده بعدم كفاية الخمس ، وسائر الوجوه والاقتصار في الأخذ على قدر الضرورة يوماً فيوماً ، مع الإمكان.

مسألة ١١٥٢ : الهاشمي هوالمنتسب ـ شرعاً ـ إلى هاشم بالأب دون الأم ، وأما إذا كان منتسباً إليه بالزنا فيشكل إعطاءه من زكاة غير الهاشمي ، وكذا الخمس وإن كان الأقرب المنع في الأول والجواز في الثاني.

مسألة ١١٥٣ : المحرم من صدقات غير الهاشمي على الهاشمي هو زكاة المال وزكاة الفطرة. أما الصدقات المندوبة فليست محرمة ، بل كذا الصدقات الواجبة كالكفارات ، ورد المظالم ، ومجهول المالك ، واللقطة ومنذور الصدقة ، والموصى به للفقراء.

مسألة ١١٥٤ : يثبت كونه هاشمياً بالعلم ، والبينة ، وباشتهار المدعي له بذلك في بلده الأصلي أوما بحكمه ولا يكفي مجرد الدعوى وفي براءة ذمة المالك ـ إذا دفع الزكاة إليه حينئذ ـ إشكال والأظهر عدم البراءة.

فصل

في بقية أحكام الزكاة

مسألة ١١٥٥ : لا يجب على المالك البسط على الأصناف الثمانية على الأقوى ولا على أفراد صنف واحد ، ولا مراعاة أقل الجمع فيجوز له

٣٧٧

إعطاؤها لشخص واحد من صنف واحد.

مسألة ١١٥٦ : يجوز نقل الزكاة من بلد إلى غيره لكن إذا كان المستحق موجوداً في البلد كانت مؤونة النقل عليه ، وإن تلفت بالنقل يضمن ، ولا ضمان مع التلف بغير تفريط ، إذا لم يكن في البلد مستحق ، كما لا ضمان إذا وكله الفقيه في قبضها عنه ، فقبضها ثم نقلها بأمره ، وأجرة النقل حينئذ على الزكاة.

مسألة ١١٥٧ : إذا كان له مال في غير بلد الزكاة جاز دفعه زكاة عما عليه في بلده ، ولومع وجود المستحق فيه ، وكذا إذا كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه عليه من الزكاة ، إذا كان فقيراً ، ولا إشكال في شيء من ذلك.

مسألة ١١٥٨ : إذا قبض الحاكم الشرعي الزكاة بعنوان الولاية برئت ذمة المالك ، وإن تلفت بعد ذلك بتفريط أو بدونه ، أو دفعها إلى غير المستحق.

مسألة ١١٥٩ : لا يجوز تقديم الزكاة قبل تعلق الوجوب ، نعم يجوز أن يعطي الفقير قرضاً قبل وقت الوجوب ، فإذا جاء الوقت احتسبه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحاق كما يجوز له أن لا يحتسبه زكاة بل يدفعها إلى غيره ، ويبقى ما في ذمة الفقير قرضاً ، وإذا أعطاه قرضاً فزاد عند المقترض زيادة متصلة أو منفصلة فهي له لا للمالك ، وكذلك النقص عليه إذا نقص.

مسألة ١١٦٠ : إذا أتلف الزكاة المعزولة أو النصاب متلف ، فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان فالضمان يكون على المتلف دون المالك وإن كان مع التأخير الموجب للضمان فكلاهما ضامن ، وللحاكم الرجوع على أيهما شاء ، فإن رجع على المالك رجع هوعلى المتلف ، وإن رجع على المتلف لم يرجع هوعلى المالك.

٣٧٨

مسألة ١١٦١ : يجب قصد القربة في أداء الزكاة حين تسليمها إلى المستحق أو الحاكم الشرعي أو العامل المنصوب من قبله ، وإن أدى قاصداً به الزكاة من دون قصد القربة فالأظهر تعينه وإجزاؤه وإن أثم.

مسألة ١١٦٢ : يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة ، كما يجوز التوكيل في الإيصال إلى المستحق ، فينوي المالك حين الدفع إلى الوكيل والأحوط استحباباً استمرارها إلى حين الدفع إلى المستحق.

مسألة ١١٦٣ : يجوز للفقير أن يوكل شخصاً في أن يقبض عنه الزكاة من شخص أو مطلقاً ، وتبرأ ذمة المالك بالدفع إلى الوكيل وإن تلفت في يده.

مسألة ١١٦٤ : الأقوى عدم وجوب دفع الزكاة الى الفقيه الجامع للشرائط في زمن الغيبة ، وإن كان هو الأحوط استحباباً ، نعم تقدم أنه لا ولاية للمالك في صرفها في جملة من مصارفها كالمصرف الثالث والرابع والسابع ، فلو كان هناك ما يوجب صرف الزكاة في شيء منها وجب أما دفعها إلى الحاكم الشرعي أو الاستئذان منه في ذلك.

مسألة ١١٦٥ : تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة ، وكذا الخمس ، وسائر الحقوق الواجبة ، وإذا كان الوارث مستحقاً جاز للوصي احتسابها عليه وإن كان واجب النفقة على الميت حال حياته.

مسألة ١١٦٦ : الأحوط استحباباً عدم نقصان ما يعطى الفقير من الزكاة عما يجب في النصاب الأول من الفضة في الفضة وهو ٦٢٥ / ٢ من المثقال وعما يجب في النصاب الأول من الذهب في الذهب ، وهو ٣٧٥ ٠/٠ من المثقال وإن كان الأقوى الجواز.

مسألة ١١٦٧ : يستحب لمن يأخذ الزكاة الدعاء للمالك ، سواء كان الآخذ الفقيه أم العامل أم الفقير ، بل هو الأحوط ـ استحباباً ـ في الفقيه الذي

٣٧٩

يأخذه بالولاية.

مسألة ١١٦٨ : يستحب تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب كما أنه يستحب ترجيح الأقارب وتفضيلهم على غيرهم ، ومن لا يسأل على من يسأل ، وصرف صدقة المواشي على أهل التجمل ، وهذه مرجحات قد تزاحمها مرجحات أهم وأرجح.

مسألة ١١٦٩ : يكره لرب المال طلب تملك ما أخرجه في الصدقة الواجبة والمندوبة ، نعم إذا أراد الفقير بيعه بعد تقويمه فالمالك أحق به ولا كراهة ، كما لا كراهة في إبقائه على ملكه إذا ملكه بسبب قهري ، من ميراث

٣٨٠