غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٣

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني

غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٣

المؤلف:

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني


المحقق: الشيخ جعفر الكوثراني العاملي
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٨

في الصيغة

قال رحمه‌الله : ولا شبهة في انعقاد النذر بالأولين ، وفي الثالث خلاف ، والانعقاد أصح.

أقول : اختلف علماؤنا في النذر المطلق غير المعلق على شرط ، مثل قوله لله عليّ أن أصوم يوما والأكثر على وقوعه وصحته ، وهو مذهب الشيخ وابن إدريس واختاره المتأخرون ، لأن النذر المطلق يصدق عليه أنه نذر فيجب عليه الوفاء ، لعموم الآيات (١) الدالة على وجوب الوفاء بالنذر ، وعموم قوله عليه‌السلام : «من نذر أن يطيع الله فليطعه» (٢) ولصحيحة أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه‌السلام : «قال سألته عن رجل قال : علي نذر؟ إنه قال : ليس النذر بشي‌ء حتى يسمي شيئا لله صياما أو صدقة أو هديا أو حجا» (٣) وقال السيد المرتضى : لا ينعقد النذر الا معلقا على شرط ، كأن يقول : لله على إن قدم فلان أو

__________________

(١) منها الحج : ٢٩ ، الإنسان : ٧ ، آل عمران : ٣٥.

(٢) المستدرك ، باب ١٢ من أبواب النذر والعهد ، حديث ٢.

(٣) الوسائل ، كتاب النذر والعهد ، باب ١ من أبواب النذر ، حديث ٢ والتهذيب ، كتاب الايمان والنذور والكفارات ، باب النذور ، حديث ٢.

٥٠١

إن كان كذا فلله علي كذا ، واحتج بالإجماع ، ولأن معنى النذر ما كان معلقا على شرط وما ليس بمعلق لا يستحق اسم النذر ، وأجيب بمنع الإجماع وبأن معنى النذر ما كان معلقا (٤) على شرط هو المتنازع فيه ، فلا يكون دليلا.

__________________

(٤) في الأصل : ما يكون مطلقا ، وفي «ن» : أن يكون معلقا.

٥٠٢

في متعلق النذر

قال رحمه‌الله : أما الحج فنقول : لو نذره ماشيا لزم ، ويتعين من بلد النذر ، وقيل من الميقات.

أقول : إذا نذر الحج ماشيا أو راكبا انعقد أصل النذر إجماعا ، وهل يلزم القيد مع القدرة؟ فيه خلاف مبني على أن المشي أفضل من الركوب أو الركوب أفضل من المشي ، وقد مضى تحقيق البحث في ذلك في باب الحج (٥). فاذا لزم قيد المشي ، هل يلزم المشي من بلد النذر أو من الميقات؟ الأول ظاهر الشيخ في المبسوط ، واختاره (المصنف و) (٦) العلامة للعرف ، والألفاظ إنما تحمل على الاصطلاح العرفي ، ونقل في المبسوط أنه يلزمه من الميقات ، والأول هو المعتمد ما لم يقصد من الميقات ، وباقي فروع هذه المسألة مذكورة في كتاب الحج فلا فائدة في الإعادة.

قال رحمه‌الله : لو نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام انصرف الى بيت الله

__________________

(٥) ج ١ ص ٣٩٨.

(٦) ليست في الأصل بل من النسخ.

٥٠٣

سبحانه بمكة ، وكذا لو قال : الى بيت الله ، واقتصر ، وفيه قول بالبطلان إلا أن ينوي الحرام.

أقول : إذا قال لله على أن أمشي إلى بيت الله ولم يقل الحرام ، للشيخ في ذلك قولان : أحدهما : ينصرف الى بيت الله الحرام ، لأن الإطلاق ينصرف اليه وهو قوله في المبسوط ، واختاره المصنف والعلامة في الإرشاد والشهيد في الدروس ، وقال في الخلاف : يبطل الا أن يقصد البيت الحرام ، واختار العلامة في المختلف عدم البطلان ، فان انصرف الى المسجد الحرام بمكة والا انصرف الى مطلق المساجد فيتخير في إتيان أي مسجد شاء ، وإذا انعقد النذر وجب الإتيان بحج أو عمرة ، لعدم جواز دخول مكة بغير إحرام فلو جاز ذلك كالمتكرر أو من دخل بعد إحرام لم يمض له شهر لم يجب النسك.

قال رحمه‌الله : ولو قال : أن أمشي إلى بيت الله لا حاجا ولا معتمرا ، قيل : ينعقد بصدر الكلام وتلغو الضميمة ، وقال الشيخ : يسقط النذر ، وفيه إشكال من كون قصد بيت الله طاعة.

أقول : المعتمد إن كان لا يجوز له الدخول بغير إحرام : بطل نذره ، لأنه نذر ترك الواجب وهو لا ينعقد ، وان جاز له الدخول بغير إحرام كمن دخل بعد إحرام لم يمض له شهر ، أو كان متكررا كالحطاب والحشاش انعقد نذره ، لأن نفس قصد البيت طاعة ، فاذا انعقد لم يلزم القيد ، وهو الدخول بغير حج ولا عمرة ، بل هو مخير إن شاء دخل محرما بحج أو عمره ، وإن شاء دخل غير محرم ، لأن الإحرام غير واجب عليه ، لان الواجب المشي الى البيت خاصة فلا يجب النسك ، ما لم يكن واجبا عليه قبل النذر أو بسبب الدخول.

فرع : إذا نذر المشي الى أحد المساجد انعقد نذره ووجب الوفاء به ، قال الشيخ : فاذا وصله لزم أن يصلي فيه ركعتين ، لأن الطاعة المقصودة من المشي الى

٥٠٤

المسجد الصلاة فيه ، لأن القصد لغير الصلاة ليس بطاعة ، وقال العلامة والشهيد : لا يلزمه فيه صلاة ، لأن نفس القصد طاعة ، لقوله عليه‌السلام : «من مشي الى المسجد لم يضع رجله على رطب ولا يابس الا سبحت له إلى الأرضين السابعة» (٧) ، ولأنه إن كان القصد طاعة انعقد ولم يجب الصلاة ، لعدم تناول اللفظ لها والأصل براءة الذمة منها ، وان لم يكن القصد طاعة فلا ينعقد النذر فلا يجب الصلاة ، وهو المعتمد.

قال رحمه‌الله : ولو نذر أن يحج ولم يكن له مال ، فحج عن غيره ، أجزأه عنهما ، وفيه تردد.

أقول : سبق البحث في هذه في باب الحج (٨) والمعتمد عدم الاجزاء ما لم يكن ذلك بنيته (٩).

قال رحمه‌الله : كما لو نذر يوم قدوم زيد ، سواء قدم ليلا أو نهارا ، أما ليلا فلعدم الشرط ، وأما نهارا فلعدم التمكن من صيام اليوم المنذور ، وفيه وجه آخر.

أقول : أما مع القدوم ليلا فلا خلاف في عدم الانعقاد لعدم حصول الشرط ، وانما الخلاف إذا قدم نهارا ، قال الشيخ وابن إدريس بعدم الانعقاد أيضا ، واختاره المصنف والعلامة في القواعد والإرشاد وفخر الدين ، لعدم التمكن من صيام اليوم المنذور ، لأنه إذا قدم في أثناء النهار فقد مضى جزء من النهار قبل حصول شرط الصوم وهو قدوم زيد وبقي بعض ، فلا يصح افراد بعض النهار

__________________

(٧) الوسائل ، كتاب الصلاة ، الباب الرابع من أبواب أحكام المساجد ، حديث ١ ، وفيه زيادة كلمة : (الأرض) بين كلمتي : (له الى).

(٨) ج ١ ص ٣٩٩.

(٩) في النسخ : (في نيته).

٥٠٥

بالصوم ، ولو سبق (١٠) الوجوب الى الجزء الماضي لزم وجوب صوم زمان بعد مضيه وفواته وهو باطل ، فلا يكون النذر صحيحا ، وقال ابن الجنيد : من نذر أن يصوم يوم يقدم فلان فقدم في بعض النهار أجزأه صوم ذلك اليوم ، وإن لم يبيت الصيام من الليل ، والاحتياط أن يصام يوم مكانه بتقدم نيته على كل حال ، ولا يختار له فطر ذلك اليوم إذا لم يكن أحدث ما يفطر الصائم وان قدم ليلا لم يلزمه النذر ، هذا آخر كلامه رحمه‌الله.

ووافقه العلامة في باب النذور من المختلف على انعقاد النذر ، ووجوب الصوم إذا قدم قبل الزوال ولم يتناول الناذر ، واختاره الشهيد ، لأنه قد يجب الصوم في زمان لا يمكنه فعله كما لو برئ المريض أو قدم المسافر قبل الزوال ولم يتناولا المفطر ، فإنه يجب عليهما إكمال الصوم وينويان حينئذ ويجزئهما ، فيكون نيتهما مؤثرة في الزمان المتقدم عليها ، وكذا لو أصبح بنية الإفطار يوم الشك ثمَّ ثبت الهلال قبل الزوال.

قال رحمه‌الله : ولو اتفق ذلك يوم عيد أفطر إجماعا ، وفي وجوب قضائه خلاف ، والأشبه عدم الوجوب.

أقول : إذا نذر صوم يوم قدوم زيد دائما ، فقدم يوم الخميس مثلا لزمه صوم كل خميس يأتي بعد يوم القدوم إجماعا ، أما الخميس الذي قدم فيه فعلى ما مر من الخلاف ، فاذا اتفق العيد يوم الخميس أفطره إجماعا ، لتحريم صوم يوم العيد.

وهل يجب القضاء فيه قولان : أحدهما : الوجوب ، وهو قول الشيخ في النهاية والمبسوط ، لرواية علي بن مهزيار (١١) عن أبي الحسن عليه‌السلام الدالة

__________________

(١٠) في «ن» و «ر ١» : سرى وفي «م» : سراء

(١١) الوسائل ، كتاب النذر والعهد ، باب ١٠ من أبواب النذر ، حديث ١.

٥٠٦

على وجوب القضاء ، الثاني عدم الوجوب ، وهو مذهب ابن البراج وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة وابنه ، لأنه نذر زمانا لا يصح صومه فلا ينعقد صومه ، كما لو نذر صوم الليل ، والجهل بكونه يوم العيد لا يخرج المحل عن عدم قبوله للصوم ، وهو المعتمد.

قال رحمه‌الله : ولو نذر الصيام في بلد معين ، قال الشيخ : صام أين شاء ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه من أنه إذا لم يوقعه في البلد المعين بالنذر لم يأت بالمنذور فلا يخرج من العهدة ، ومن أنه لا ترجيح لإيقاعه في البلد المنذور ، لأنه لم يحصل للصوم صفة زائدة لإيقاعه في ذلك المكان ، فلا ترجيح حينئذ وهو قول الشيخ في المبسوط ، واختاره العلامة في الإرشاد والتحرير ، وابنه في شرح القواعد ، وذلك إذا لم يكن للمكان المذكور مزية على غيره ، أما لو كان له مزية كصوم ثلاثة أيام للحاجة في المدينة ، فلا شك في تعينه بالنذر.

قال رحمه‌الله : إذا نذر صلاة فأقل ما يجزيه ركعتان ، وقيل : ركعة ، وهو حسن ، وكذا لو نذر أن يفعل قربة ولم يعينها.

أقول : إذا نذر صلاة وأطلق ، قال الشيخان وابنا بابويه والشهيد : أقل ما يجزيه ركعتان ، لرواية مسمع بن عبد الله (١٢) عن الصادق عليه‌السلام ، ولان المعهود من الشرع إنما هو صلاة ركعتين والركعة نادرة ، ونقل الشيخ عن بعض الجمهور وجوب ركعة لا غير ، وهو مذهب ابن إدريس واستحسنه المصنف ، واختاره العلامة في الإرشاد والتحرير والمختلف ، لأصالة براءة الذمة ، ولأنها عبادة فتكون مجزية.

__________________

(١٢) الوسائل ، كتاب النذر والعهد ، باب ٢ من أبواب النذر ، حديث ٣ لكنه نقله عن مسمع بن عبد الملك وكذلك في التهذيب.

٥٠٧

فعلى إجزاء الركعة هنا لو نذر أن يفعل قربة وأطلق ، اجتزأ بالركعة الواحدة ، ولا شك أن الأول أحوط ، للنهي عن البتراء فيقتصر بها على موضع الوفاق.

قال رحمه‌الله : ولو نذر الصلاة في مسجد معين أو مكان معين من المسجد لزم ، لأنه طاعة ، أما لو نذر الصلاة في مكان لا مزية فيه للصلاة على غيره ، قيل : لا يلزم وتجب الصلاة ، ويجزي إيقاعها في كل مكان ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه من أنه لا ترجيح في إيقاعها في المكان المعين ، لعدم المزية له على غيره فلا يلزم إيقاعها فيه ، وهو قول الشيخ في المبسوط ، ومن أنه مع عدم الإيقاع في ذلك المكان المعين لم يأت بالمنذور (على وجهه) (١٣) فلا يخرج من العهدة.

قال رحمه‌الله : ولو نذر عتق عبد كافر غير معين لم ينعقد ، وفي المعين خلاف ، والأشبه : أنه لا يلزم.

أقول : قال الشيخ في المبسوط : إذا نذر عتق رقبة فإنه يجزي أي رقبة كانت صغيرة أو كبيرة ، معيبة أو سليمة ، مؤمنة كانت أو كافرة ، ومثله قال في الخلاف ، وقال ابن البراج : إذا نذر عتق رقبة معينة أعتقها على كل حال ، سواء كانت مؤمنة أو كافرة ، وان كانت غير معينة أعتق أي رقبة بعد أن لا تكون كافرة ، وهو قول الشيخ في النهاية ، وقال ابن إدريس : لا يجوز عتق الكافرة مطلقا ، لقوله تعالى (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ) (١٤) ، والكافر خبيث واختاره المصنف.

قال رحمه‌الله : ومن نذر أن لا يبيع مملوكا لزمه النذر ، فان اضطر الى بيعه ،

__________________

(١٣) ما بين القوسين ليس في النسخ.

(١٤) البقرة : ٢٦٧.

٥٠٨

قيل : لم يجز ، والوجه الجواز مع الضرورة.

أقول : القول بعدم جواز البيع وان اضطر قول الشيخ في النهاية وتبعه ابن البراج ، لما رواه الشيخ في الضعيف ، عن الحسن بن علي ، عن أبي الحسن عليهم‌السلام : «قال : قلت له : إن لي جارية ليس لها مني مكان ولا ناحية ، وهي تحتمل الثمن الا أنى حلفت عليها يمين ، فقلت : لله على أن لا أبيعها أبدا ولى الى ثمنها حاجة مع تخفيف المونة ، فقال : ف لله بنذرك» (١٥) ، ومنع ابن إدريس من ذلك وجوز البيع مع الضرورة ، للإجماع (على جواز) (١٦) مخالفة النذر إذا كانت المخالفة أصلح دينا أو دنيا ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

فروع : الأول : لو باع ما نذر ترك بيعه من غير ضرورة بل كان الاولى ترك البيع ، هل يصح البيع؟ يحتمل عدم الصحة ، لكونه منهيا عنه ، لأنه ممنوع من البيع منعا شرعيا ، فهو كبيع المحجور عليه فلا يقع صحيحا ، ويحتمل الصحة ، لأنه بيع صدر من مالك بالغ عاقل فيكون صحيحا ، والنهي الموجب للبطلان النهي المتعلق بالعبادات لا في المعاملات ، وهو المعتمد ، فحينئذ تجب الكفارة بمخالفة النذر اختيارا ، ولو قلنا بالبطلان لم يجب الكفارة.

الثاني : إذا نذر أن يعتق عبده إن برئ المريض أو قدم المسافر ، هل يجوز له بيعه قبل حصول الشرط؟ يحتمل ذلك ، لأنه قبل حصول الشرط مالك للعبد ملكا تاما ، ولم يوجد مانع من التصرف فيه ، لأن المانع وجوب الوفاء بالنذر وهو مشروط بوقوع الشرط ، ويستحيل تقدم المشروط على شرطه ، والمقتضي لجواز البيع موجود وهو الملك التام ، والمانع وهو وجوب الوفاء بالنذر مفقود ، فيجوز

__________________

(١٥) التهذيب ، كتاب الايمان والنذور والكفارات ، باب ٥ في النذور ، حديث ٢٦. وفيه (ف لله بقولك له). والوسائل ، كتاب النذر والعهد ، باب ١٧ من أبواب النذر ، حديث ١١ (وفيه بدل ـ ف لله بنذرك ـ ف لله بقولك).

(١٦) في «ر ١» : مع.

٥٠٩

البيع. وهو مذهب ابن الجنيد وظاهر العلامة في المختلف.

ويحتمل العدم لتعلق النذر به ، ولهذا قال علماؤنا : لو حلف ليأكلن هذا الطعام غدا فأتلفه اليوم باختياره كان عليه الكفارة ، فاقتضى ذلك تعلق النذر بهذه العين قبل مجي‌ء الغد ، فلا يصح بيعه قبل حصول الشرط ، وهو اختيار فخر الدين ، لأن النذر قبل حصول الشرط له صلاحية التأثير ، وإخراجه عن ملكه يزيل صلاحية التأثير فلا يكون جائزا وهو قوي ولو نذر الصدقة بعين مشخصة عند حصول الشرط كان الحكم بجواز بيعها قبل حصول الشرط كذلك.

الثالث : ولو قلنا بجواز البيع فأعتق العبد ، المنذور عتقه عند حصول الشرط ، قبل حصوله ، (وتصدق بالعين التي نذر الصدقة بها كذلك ، صح العتق والصدقة قطعا ، ولو قلنا بالمنع من البيع فأعتق) (١٧) أو تصدق قبل حصول الشرط ، هل يقع ذلك صحيحا؟ يحتمل العدم ، لأنه ممنوع من التصرف المخرج من الملك قبل حصول الشرط ، لما في ذلك من إبطال النذر الذي ألزم بالوفاء به ، فيكون فعلا منهيا عنه ، والنهي يدل على فساد ما اشترط فيه نية القربة ، وهي مشروطة في العتق والصدقة ، فلا يقع شي‌ء من ذلك صحيحا ، ويحتمل وقوعه صحيحا ، لأنه تصرف قد صادف الملك وهو فعل مرغب فيه غير مناف لغاية النذر ، لأن الغاية فيه تحصيل العتق أو الصدقة بتلك العين ، فاذا فعل ذلك قبل الوجوب عليه كان ذلك مسارعة في الخير ومبادرة في الطاعة ، فيكون صحيحا ، لعدم منافاته لغرض الشارع وهو المعتمد.

الرابع : لو نذر عتق عبده غدا فأعتقه اليوم تبرعا ، هل يكون الحكم كذلك؟ يحتمل العدم للفرق بين المعلق على شرط والمعلق على صفة ، لتحتم وقوع

__________________

(١٧) ما بين القوسين ليس في «م».

٥١٠

الصفة والشك في حصول الشرط ، فسبب (١٨) الوجوب المعلق على صفة متحقق ، والمعلق على الشرط مشكوك فيه ، ولهذا قال علماؤنا : ولو حلف ليأكلن هذا الطعام غدا فأكله اليوم حنث ، لتحقق المخالفة ، ولو كان معلقا على شرط لم يتحقق الحنث بإتلافه قبل حصول الشرط قولا واحدا وان حرم الإتلاف ، فعلى هذا لا يصح عتقه قبل الغد.

ويحتمل الصحة وعدم الحنث ، للفرق بين العتق وأكل الطعام ، لأن أكل الطعام من باب المباح المتساوي فعله وتركه ، ولم يكن أكله في اليوم أولى من أكله في الغد والا لم يتحقق الحنث ، والعتق من باب الطاعات المندوب (١٩) إلى المسارعة إليها والمبادرة فيها (٢٠) ، وتعجيل الطاعة أولى من تأخيرها فيصح العتق ولا حنث ، لعدم المنافاة كما قلناه أولا ، وهو (فتوى ابن إدريس بجواز) (٢١) مخالفة النذر إذا كانت المخالفة أصلح دينا أو دنيا.

قال رحمه‌الله : ولو نذر الصدقة في موضع معين وجب ، ولو صرفها في غيره أعاد الصدقة بمثلها فيه.

أقول : إنما وجبت الإعادة فيه ، لأنه إذا نذر الصدقة بموضع معين أستحق النذر أهل ذلك الموضع ، فكأنه نذر الصدقة على أقوام معينين ، فاذا تصدق في غير ذلك الموضع فقد دفع النذر الى غير المنذور له ، فلا تجزيه الصدقة وتجب الإعادة على المنذور له ، فان كان المال معينا وجبت الكفارة أيضا والا اكتفى بالإعادة.

وهل تجزي الصدقة على أهل ذلك البلد المعين في غيره؟ استشكله العلامة في القواعد من أن النذر الصدقة في بلد معين ينصرف الى أهل ذلك البلد ، وقد

__________________

(١٨) في الأصل : فيثبت.

(١٩) في الأصل : المندوب.

(٢٠) في النسخ : إليها.

(٢١) في النسخ بدل ما بين القوسين : قوي لجواز.

٥١١

تصدق عليهم فيخرج من العهدة ، ومن أنه لم يأت بالمنذور فلا يخرج من العهدة ، والمعتمد إن بقي في البلد أحد وجب الصرف اليه ولا يجوز في غيره ، وإن لم يبق أحد صرف إلى أهله أين كانوا.

فروع : الأول : إذا نذر الصدقة إلى (٢٢) أقوام معينين لزم وان كانوا أغنياء أو هاشميين ، وهل يجب عليهم القبول؟ فيه إشكال ، من توهم أنه كالدين فيجب قبوله ، لأنه يجب على الديان قبول دينه عند الدفع إليه إذا كان حالا ، ومن توهم أنه كالهبة المنذورة المعينة (٢٣) ، فلا يجب القبول ، فحينئذ إذا دفعه إليهم ولم يقبلوا بطل النذر ، لتعذر مصرفه وسقط عن الناذر ، وهو مذهب العلامة وابنه ، ولا يبطل النذر على القول بوجوب قبولهم مع الرد.

الثاني : لا يملك المنذور له الإبراء إذا تعلق النذر بعين مشخصة ، لأن الإبراء يتناول ما في الذمم ، والعين ليست كذلك ، ولا يجزي القيمة ، ولو نمت العين قبل دفعها الى المنذور له كان النماء تابعا للملك ، فان قلنا بالملك القهري فهو للمنذور له ، وإن قلنا انه لا يملك الا بالاختيار فهو للناذر.

ولو كان المنذور غير مشخص بل في الذمة ملك المنذور له الإبراء ، وجاز احتساب الدين والمعاوضة ، إن كان صيغة نذره ان لفلان علي كذا ، وإن نذر الصدقة عليه أو الإهداء اليه أو الإيصال لم يجز الإبراء والاعتياض ، فلو مات أحدهما قبل الصدقة أو الإهداء أو الإيصال وكانت صيغة نذره لفلان علي كذا لم يبطل النذر بموت المنذور له وينتقل النذر الى ورثته ، ولا كفارة على الناذر ، لعدم تحقق المخالفة فإنه لم ينذر غير إثبات الشي‌ء في ذمته لزيد مثلا ، ولم ينذر دفعه اليه فصار كالدين المعلق في ذمته ، ولهذا لم يبطل بالموت من أحدهما.

__________________

(٢٢) كذا.

(٢٣) في النسخ : لمعين.

٥١٢

الثالث : ذهب الشهيد الى جواز مطالبة المنذور له للناذر بالنذر على كل تقدير ، سواء كان النذر معلقا بعين مشخصة أو بشي‌ء مقدر بالذمة ، وسواء كانت صفة النذر أن له على كذا أو أتصدق عليه أو أهدى اليه ، وهو يشكل على القول بالمواسعة وهو مذهبه ، لأن كل موضع (٢٤) لا يلزم من عليه الحق الدفع حالا ليس للغريم المطالبة ، كالدين (٢٥) المؤجل ، وقد يجاب بأن الدفع هنا واجب وان جاز التأخير ، وإذا وجب الدفع جازت المطالبة بخلاف الدين المؤجل فإن الدفع غير واجب قبل حلول الأجل ، فلهذا لم يجز المطالبة ، وقول الشهيد هو المعتمد إلا أنه مع الامتناع من الدفع لا يجوز حبسه ولا مقاصته لإباحة التأخير له.

الرابع : إذا قيد النذر بعين مشخصة أو قدر الفعل بزمان معين ، فأخر حتى تلفت العين أو فات الزمان اختيارا كان عليه القضاء والكفارة ، وإن كان غير مختار فالقضاء خاصة.

قال رحمه‌الله : ولو نذر أن يهدي واقتصر ، انصرف الإطلاق في الهدي الى النعم ، وله أن يهدي أقل ما يسمى من النعم هديا ، وقيل : كان له ان يهدي ولو بيضة ، وقيل : يلزم ما يجزي في الأضحية ، والأول أشبه.

أقول : جزم الشيخ في الخلاف بأن إطلاق الهدي ينصرف الى ما يجزي في الأضحية من النعم ، وهو الثني من الإبل والبقر والمعز ، والجذع من الضأن ، سواء نكر مثل أن قال : لله على أن أهدى هديا ، أو عرف بالألف واللام كأن يقول : لله علي أن أهدى الهدي ، واستدل بإجماع الفرقة واخبارهم ، بأنهم رووا : «أن الهدي لا يقع الا على النعم» (٢٦) ، وقوى في المبسوط أن يلزمه أقل ما يقع عليه

__________________

(٢٤) في الأصل : حق.

(٢٥) في «م» و «ر ١» : كالنذر.

(٢٦) الوسائل ، كتاب الحج ، باب ١٠ من أبواب الذبح ، حديث ١ ، ٥ ، ٩ ، ١١.

٥١٣

الاسم من تمرة أو بيضة فما فوقها ، لأن اسم الهدي يقع عليه لغة ، وشرعا ، يقال : أهدي بيضة وتمرة ، وقال تعالى (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) (٢٧) ، وقد يحكمان بقيمة عصفور أو جرادة ، وسمى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله البيضة هديا فقال : «في التكبير إلى الجمعة الا ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما أهدى بيضة» (٢٨) ، واختاره العلامة في المختلف لأصالة براءة الذمة من الزائد على ذلك ، واختاره المصنف انصراف الإطلاق إلى النعم وأجزأ أقل ما يسمى هديا ، واختاره العلامة في القواعد والإرشاد والتحرير ، وبه قال فخر الدين والشهيد وهو المعتمد.

قال رحمه‌الله : ولو نذر أن يهدي الى بيت الله سبحانه غير النعم ، قيل : بطل النذر ، وقيل : يباع ذلك ويصرف في مصالح البيت.

أقول : القول بالبطلان قول ابن الجنيد وابن البراج وابن إدريس وابن أبي عقيل ، لأصالة براءة الذمة ، ولما رواه أبو بصير في طريق ضعيف عن الصادق عليه‌السلام : «فان قال الرجل : أنا أهدي هذا الطعام ، فليس بشي‌ء إنما يهدي البدن» (٢٩) ، ولأنه لم يتعبد بالإهداء إلا في النعم فيكون نذرا لغير متعبد به.

وقيل : ينعقد النذر ويباع ذلك ويصرف في مصالح البيت ، واختاره العلامة في المختلف ، وبه قال فخر الدين والشهيد ، لأنه طاعة وقربة فيقع لمساكين تلك البقعة فينعقد ويجب الوفاء ، والخلاف أنما هو في غير النعم وغير العبد والجارية والدابة ، لإجماعهم أن من جعل عبده أو أمته أو دابته هديا لبيت الله ، بيع ذلك وصرف في مصالح البيت.

__________________

(٢٧) المائدة : ٩٥.

(٢٨) سنن البيهقي ، ج ٣ ص ٢٢٦.

(٢٩) الوسائل ، كتاب النذر والعهد ، باب ١ من أبواب النذر ، حديث ٣.

٥١٤

قال رحمه‌الله : ولو نذر نحر الهدي بمكة وجب ، وهل يتعين التفرقة بها؟ قال الشيخ : نعم عملا بالاحتياط ، وكذا بمنى ، ولو نذر نحره بغير هذين ، قال الشيخ : لا ينعقد ، ويقوى أنه ينعقد ، لأنه قصد الصرف على فقراء تلك البقعة ، وهو طاعة.

أقول : قال الشيخ في المبسوط : إذا نذر أن ينحر بمكة ولم يزد على هذا ، قال قوم : يلزمه النحر والتفرقة معا بها ، ومنهم من قال : يلزم النحر فقط ، ويفرق اللحم حيث يشاء ، والأول أقوى عندنا (٣٠) وأحوط ، فاما إن نذر بغير مكة كالبصرة والكوفة وغيرهما ، فان نذر أن ينحر ويفرق اللحم بها لزمه ذلك ، لأن نذره لمساكين تلك البقعة ، وإن أطلق ولم يذكر تفرقة اللحم ، قال قوم : إنه يلزمه النحر وتفرقة اللحم بها ، ومنهم من قال : لا ينعقد نذره أصلا ، وهو الأقوى عندي ، لأن الأصل براءة الذمة.

وقال في الخلاف : فان نذر نحره بالبصرة أو الكوفة لزمه الوفاء ، ويفرق في الموضع الذي ذكره ، واختار المصنف مذهب الخلاف ، وهو ظاهر العلامة في الإرشاد والتحرير ، فإنه اختار فيهما انعقاد النذر ولم يذكر التفرقة ، قال الشهيد في شرح الإرشاد : وهو اختيار الشيخ في الخلاف ونجم الدين ، فدل على أن مذهب الخلاف كمذهب الإرشاد والشرائع ، وهو انعقاد النذر ووجوب التفرقة في موضع النحر وإن كان بغير مكة ومنى.

وفصل الشهيد في دروسه بعد أن أوجب تفرقة اللحم بمكة ومنى إن كان النحر فيهما ، فقال : ولو نوى غيرهما وقصد الصدقة أو الإهداء للمؤمنين صحّ ، وإن قصد الإهداء للبقعة بطل ، وإن قصد مجرد الذبح فيهما فهو من باب المباح ،

__________________

(٣٠) في «ن» : عنده.

٥١٥

وهو جيد مع حصول القصد ، والاشكال انما هو مع الإطلاق واعتقاد القصد ، لأنه المبحوث عنه.

٥١٦

في اللواحق

قال رحمه‌الله : والشهر إما عدة بين هلالين أو ثلاثون يوما ، ولو صام شوالا وكان ناقصا أتمه بيوم بدلا عن العيد ، وقيل بيومين ، وهو حسن.

أقول : تردد الشيخ في المبسوط بين الإتمام بيوم أو يومين ، ففي أول بحثه حكم بالإتمام بيومين ، وفي آخره قوى الإتمام بيوم ، ووجه الإتمام بيومين : أن الشهر إما عدة بين هلالين أو ثلاثون يوما ، وهو قد أفطر يوما من شوال فصار الاعتبار بالعدد ، ووجه الإتمام بيوم واحد ، لأنه لم يفطر من الشهر الهلالي غير يوم فلا يجب عليه غيره ، والأول هو المعتمد.

قال رحمه‌الله : [الثالثة :] إذا نذر أن يصوم أول يوم من شهر رمضان لم ينعقد ، لأن صيامه مستحق بغير النذر ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه من أن صيامه مستحق بغير النذر ولا يمكن وقوع غير رمضان فيه فلا ينعقد نذره ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط وابن إدريس ، ومن انعقاد الإجماع على انعقاد النذر إذا كان المنذور طاعة ، ووجوب صومه بأصل الشرع لا ينافي الانعقاد ، لما فيه من الحث على فعل الواجب ، حذرا من لزوم

٥١٧

الكفارة معه ، لأنه مع الإخلال يلزمه كفارتان ، وقيل النذر كان يلزمه كفارة واحدة ، فيحصل تأكيد الوجوب ، وهو مذهب العلامة والشهيد وهو المعتمد.

فرع : على القول بانعقاد نذر الواجب ينبغي التعرض لنية المنذور الموكل مع الأصل مثل ان يقول : أصوم غدا لوجوبه علي بالأصل والنذر قربة الى الله ، ويجوز ترامي النذر أيضا وتعدد الكفارة بتعدده ، كما لو نذر أن يصوم شهرا مطلقا ، ثمَّ بعد انعقاد النذر نذر أن يصومه من سنة معينة ثمَّ بعد انعقاده نذره بعينه بشهر معين من تلك السنة ، فان أخل به حتى مات لزمه ثلاث كفارات وإن اتى به في غير السنة المعينة لزمه كفارتان ، وإن أتى به في تلك السنة المعينة في غير ذلك الشهر المعين منها لزمه كفارة واحدة.

قال رحمه‌الله : [الخامسة :] إذا عجز الناذر عما نذره سقط ، فلو نذر الحج فصدّ سقط النذر ، وكذا لو نذر صوما ، لكن روي في هذا : يتصدق عن كل يوم بمد من طعام.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه محمد ابن منصور ، عن الرضا عليه‌السلام ، «قال : كان يقول من عجز عن صوم نذره فمكان كل يوم مد» (٣١) ، وقد سبق البحث في ذلك في باب الكفارات (٣٢).

قال رحمه‌الله : وكفارة المخالفة في العهد كفارة يمين ، وفي رواية : كفارة من أفطر يوما من شهر رمضان (٣٣) ، وهي أشهر.

أقول : قد سبق البحث في ذلك في باب الكفارات (٣٤) ، والمعتمد أنها كفارة

__________________

(٣١) الوسائل ، كتاب الصوم ، باب ١٥ من أبواب بقية الصوم الواجب ، حديث ٢ وفيه اختلاف يسير.

(٣٢) ص ٢٨٩ لكن ليس فيه صورة العجز.

(٣٣) الوسائل ، كتاب الإيلاء والكفارات ، باب ٢٤ من أبواب الكفارات : حديث ٢.

(٣٤) ص ٢٩٠.

٥١٨

من أفطر يوما من شهر رمضان.

قال رحمه‌الله : [السابعة :] النذر والعهد ينعقدان بالنطق ، وهل ينعقدان بالضمر والاعتقاد؟ قال بعض الأصحاب : نعم ، والوجه : أنهما لا ينعقدان الا بالنطق.

أقول : الانعقاد بالضمير والاعتقاد مذهب الشيخ في النهاية ، وتبعه ابن البراج وابن حمزة ، وهو ظاهر المفيد ، لقوله عليه‌السلام : «إنما الأعمال بالنيات» (٣٥) ، وإذا انتفى العمل عند انتفاء النية وجب تحققه عند تحققها ، ولأن المناط في العبادات (٣٦) اللفظية الاعتقاد ، وهو هنا حاصل ، واللفظ انما هو لإعلام الغير بما في الضمير ، والله تعالى عالم بسرائر القلوب ، ولقوله تعالى (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ) (٣٧).

وقال ابن الجنيد : لا ينعقد الا باللفظ مع النية ، وبه قال ابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة وأبو العباس وهو المعتمد ، لان النذر إيقاع فلا يكفي فيه مجرد النية ، كاليمين والعتق ، ولأنه من الأسباب ولا يجري على ما في القلوب بل لا بد من ظهورها.

__________________

(٣٥) الوسائل ، كتاب الطهارة ، باب ٥ من أبواب مقدمة العبادات ، حديث ١٠.

(٣٦) في الأصل : الاعتقادات.

(٣٧) البقرة : ٢٨٤.

٥١٩

ملاحظة

قد تمت طريقة التحقيق في هذين الجزأين ـ أي الثالث والرابع ـ على خلاف ما قبلهما ، لتوفر نسخة مهمة لدينا تبدأ من كتاب النكاح إلى نهاية الشرح ، وقد عرّفنا بها في مقدمة التحقيق ج ١ ص ٢٠ ورمزنا لها بـ «ي» فراجع.

لذا جعلناها «أصلا» ، وما خالفها من بقية النسخ أشرنا إليه في الهامش ، إلا ما اعتقدنا خطأه في نسخة الأصل فصححناه اعتمادا على النسخ الأخرى ، مع الإشارة إلى ذلك.

٥٢٠