غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٣

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني

غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٣

المؤلف:

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني


المحقق: الشيخ جعفر الكوثراني العاملي
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٨

في العوارض

قال رحمه‌الله : واما العوارض فهي العمى ، والجذام ، والإقعاد ، وإسلام المملوك في دار الحرب سابقا على مولاه ، ودفع قيمة الوارث ، وفي عتق من مثل به مولاه تردد ، والمروي : أنه ينعتق.

أقول : منشؤه من أصالة بقاء الرق والملك ما لم يثبت المزيل المتفق عليه ، ومن الرواية الصحيحة المتضمنة للعتق بالتنكيل ، روى الصدوق في الصحيح ، عن أبي بصير ، عن الصادق عليه‌السلام «قال : قضى أمير المؤمنين عليه‌السلام فيمن نكل بمملوكه : إنه حر لا سبيل عليه» (٧٠) والمشهور العمل بمضمون الرواية ، وقال ابن إدريس : أورد شيخنا هذه الرواية في نهايته إيرادا ، وهو يدل على ضعفها عنده.

__________________

(٧٠) من لا يحضره الفقيه ، باب ٥٣ في الحرية حديث ٥ ، لكنه رواه عن أبي جعفر عليه‌السلام وكذلك الوسائل ، كتاب العتق ، باب ٢٢ ، حديث ٢.

٣٨١
٣٨٢

كتاب التدبير

٣٨٣
٣٨٤

في العبارة

قال رحمه‌الله : وفي صحة تدبيره بعد وفاة غيره كزوج المملوكة ، ووفاة من يجعل له خدمته تردد ، أظهره الجواز ، ومستنده النقل.

أقول : منشؤه من أن العتق يقبل التأخير كما أنه يقبل التنجيز ، ولا تفاوت بين الأشخاص فإذا جاز تعلقه (١) بوفاة المالك جاز تعليقه بوفاة غيره ، ولما رواه الشيخ في الصحيح ، عن يعقوب بن شعيب «قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يكون له الخادم ، فقال : هي لفلان تخدمه ما عاش ، فاذا مات فهي حرة ، فتأبق الأمة قبل أن يموت الرجل بخمس سنين أو ست سنين ثمَّ يجدها ورثته ، ألهم أن يستخدموها بقدر ما أبقت؟ فقال : إذا مات الرجل فقد عتقت» (٢) ومن أصالة بقاء الرق ، والتدبير في عرف الشرع هو عتق العبد بعد موت مولاه ، والمجعول له الخدمة غير المولى ، فلا يصح التدبير بموته ، (ولأن

__________________

(١) في النسخ : تعليقه.

(٢) التهذيب ، كتاب العتق والتدبير والمكاتبة ، باب ٢ التدبير ، حديث ٢٨. وفي الاستبصار ، كتاب العتق ، باب ١٧ من أبواب التدبير ، حديث ٢. وفي الوسائل ، كتاب التدبير باب ١١ حديث ١.

٣٨٥

التدبير) (٣) وصية وهي لا تصح معلقة بموت غير الموصي ، ولأن التدبير لو صح تعليقه على موت غير المالك لبطل بالإباق ، كما يبطل به إذا علق بموت المالك ، وهو مذهب ابن إدريس والأول مذهب الشيخ في النهاية ، وتبعه ابن حمزة وابن البراج واختاره المصنف والعلامة وابنه.

وأجاب العلامة بعدم الملازمة بين الصحة والبطلان بالإباق ، ولان حمله على تعليقه بموت المولى قياس لا نقول به ، ولحصول الفارق بينهما ، لأن الخدمة إذا جعلت للمولى ثمَّ أبق ، فقد قابل النعمة بالكفر والإباق ، فيبطل التدبير مقابلة بنقيض مقصوده ، كقاتل العمد في المنع من الإرث ، بخلاف ما إذا جعلت الخدمة للغير.

إذا عرفت هذا فالنص إنما ورد بجواز التعليق بموت من جعلت له الخدمة ، ثمَّ عداه المصنف والعلامة إلى التعليق بموت زوج الأمة للمشابهة ، قال الشهيد : ويظهر من ابن الجنيد جواز تعليقه بموت الغير مطلقا ، قلت : وهو اللازم من تعليل العلامة في المختلف ، لأنه قال : لنا أن العتق قابل للتأخير كما هو قابل للتنجيز ، ومعلوم أنه لا تفاوت بين الأشخاص في ذلك ، وهذا يدل على جواز تعليقه على موت الغير مطلقا.

فرع : على القول بجواز تعليقه بموت الغير لو مات ذلك الغير في حياة المدبر كان التدبير ماضيا من الأصل ، ولو مات المالك أولا خرج من الثلث وليس للورثة الرجوع بتدبيره ثمَّ (٤) مع خروجه من الثلث (لا بحث) (٥) ، ولو خرج بعضه من الثلث كان ذلك البعض مدبرا يتحرر بموت من علق تدبيره على موته ،

__________________

(٣) ما بين القوسين ليس في «ر ١».

(٤) هذه الكلمة ليست في النسخ.

(٥) ما بين القوسين ليس في النسخ ، وفي الأصل في نسخة دون أخرى.

٣٨٦

ثمَّ يسعى للورثة في باقيه.

قال رحمه‌الله : ولو كان المملوك لشريكين ، فقالا : إذا متنا فأنت حر ، انصرف قول كل واحد منهما الى نصيبه وصح التدبير ، ولم يكن معلقا على شرط ، وينعتق بموتهما إن خرج نصيب كل واحد منهما من ثلثه ، ولو خرج نصيب أحدهما تحرر وبقي نصيب الآخر أو بعضه رقا ، ولو مات أحدهما تحرر نصيبه وبقي نصيب الآخر حتى يموت.

أقول : أطلق المصنف صحة التدبير مع قولهما : إذا متنا فأنت حر ، ثمَّ حكم بأنه لو مات أحدهما تحرر نصيبه من ثلثه (٦) ، وبقي نصيب الآخر حتى يموت ، وهذا الذي حكاه جميعه قول الشيخ رحمه‌الله.

ونقل العلامة : في القواعد قول المصنف ، ثمَّ قال : أما لو قصدا عتقه بعد موتهما بطل التدبير ، وانما يصح لو قصدا توزيع الاجزاء على الاجزاء ، ويحمل إطلاق المصنف على هذا التفصيل ، وقال الشهيد في دروسه : ولو قال الشريكان فاذا متنا فأنت حر ، وقصدا تبعية النصيب بموت صاحبه وقع ، وإن قصدا تبعيته بموتهما بطل ، وهو موافق لمذهب القواعد ، لأن معنى قوله في القواعد : وانما يصح لو قصدا توزيع الاجزاء على الاجزاء ، وهو ما قاله الشهيد رحمه‌الله ، وهو تبعية النصيب بموت صاحبه.

وقال في التحرير ـ بعد أن نقل كلام الشيخ ـ والوجه عندي بطلان التدبير الا مع تجويز التعليق بموت الغير ، نعم لو قال كل واحد منهما : إذا مت فنصيبي حر ، كان تدبيرا صحيحا وكان الحكم فيه ما تقدم.

وقال في الإرشاد : ولو قال الشريكان : فاذا متنا فأنت حر ، لم يعتق شي‌ء بموت أحدهما حتى يموت الأخر ، وليس للورثة بيعه حتى يموت الشريك.

__________________

(٦) في «ر ١» : الثلث.

٣٨٧

فظهر من هذه العبارة أن للعلامة في هذه المسألة ثلاثة أقوال :

الأول : قوله في القواعد : وهو تقييد الصحة بقصد توزيع الاجزاء على الاجزاء ، أي (٧) قصد تبعية (٨) النصيب يموت صاحبه ، وتابعه الشهيد.

الثاني : قوله في التحرير وهو بطلان التدبير(٩) مطلقا إذا قالا : إذا متنا فأنت حر ، وانما يصح إذا قال كل منهما : إذا مت فنصيبي حر ، وبين (١٠) جوازه إذا قالا إذا متنا فأنت حر ، على القول بجواز التعليق بموت الغير ، ومراده بالغير غير المالك والزوج المجعول له الخدمة ، لأن الشريك ليس من هؤلاء ، وهذا قول نادر كما تقدم.

الثالث : قوله في الإرشاد وهو الصحة مطلقا وإن قصدا عتقه بموتهما ، بدليل قوله لم يعتق منه شي‌ء بموت أحدهما حتى يموت الآخر ، وهذا يدل على أنهما لم يقصدا عتقه الا (١١) بعد موتهما (١٢) ، إذ لو قصد تبعية النصيب بموت صاحبه تحرر بموته ، وقول الإرشاد خارج عما تقدمه من الأقوال ، ويفهم منه جواز التعليق على شرط ، لأنه إذا لم يتحرر نصيب كل واحد عند موته كان موت كل واحد شرطا في تحرير نصيب الآخر ، والمعتمد مذهب القواعد.

قال رحمه‌الله : وفي اشتراط نية القربة تردد ، والوجه أنه غير مشترط.

أقول : منشؤه من أن التدبير هل هو عتق أو وصية؟ فعلى الأول يشترط

__________________

(٧) في «ر ١» : إن.

(٨) هذا من النسخ ، وفي الأصل : بتبعية.

(٩) من النسخ وفي الأصل : التحرير.

(١٠) في النسخ : وبنى.

(١١) هذه الكلمة موجودة في النسخ ، وفي الأصل جعلت على نحو النسخة البدل.

(١٢) في هذه الكلمة من «ن» و «ر ١» وفي الأصل و «م» : موت أحدهما.

٣٨٨

نية القربة على القول باشتراطهما في العتق ، وهو مذهب ابن إدريس ، وعلى الثاني لا يشترط نية القربة ، لعدم اشتراطهما في الوصية ، وهو المشهور بين الأصحاب.

ويتفرع على القولين جوازه من الكافر (وعدمه) (١٣) ، وعلى اشتراط القربة لا يصح تدبيره ، ويصح على عدم الاشتراط ، وهو المعتمد.

قال رحمه‌الله : الشرط الثاني تجريدها عن الشرط والصفة في قول مشهور للأصحاب.

أقول : المشهور بين الأصحاب أن التدبير لا يصح (١٤) معلقا على شرط ولا صفة ، قال العلامة : للإجماع المنعقد بيننا على أن العتق بشرط باطل ، وذهب ابن البراج الى وقوعه معلقا بالشرط والصفة ، والأول هو المعتمد.

قال رحمه‌الله : ولو حملت بمملوك سواء كان عن عقد أو زنا أو شبهة كان مدبرا كأمّه ، فلو رجع المولى في تدبيرها لم يكن له الرجوع في تدبير ولدها ، وقيل : له الرجوع ، والأول مروي.

أقول : القول الأول ـ وهو عدم جواز الرجوع في تدبير الولد ـ قول الشيخ في النهاية والخلاف ، وتبعه ابن حمزة وابن البراج ، وهو ظاهر المصنف هنا وصرح به في المختصر ، لرواية أبان بن تغلب (١٥) ، عن الصادق عليه‌السلام الدالة على عدم جواز الرجوع في تدبير الولد ، ولان الرجوع انما يكون فيما دبره باختياره والولد ليس كذلك ، لان تدبيره بغير اختياره بل بالسراية فليس له الرجوع فيه.

والقول الثاني ـ وهو جواز الرجوع ـ قول ابن إدريس واختاره العلامة

__________________

(١٣) من النسخ وليست في الأصل.

(١٤) في النسخ : لا يقع ، وهو في الأصل أيضا على نحو النسخة البدل.

(١٥) الوسائل ، كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد ، باب ٧ من أبواب التدبير ، حديث ١.

٣٨٩

وابنه وأبو العباس ، لأنه مدبر (وكل مدبر) (١٦) يصح الرجوع فيه ، فعلى تجويز الرجوع في الولد يصح فيه دون الام وبالعكس ، ولا يلزم من الرجوع في أحدهما الرجوع في الأخر.

__________________

(١٦) ما بين القوسين ليس في «م».

٣٩٠

في المباشر

قال رحمه‌الله : ولا يصح التدبير الا من بالغ ، عاقل ، قاصد ، مختار ، جائز التصرف. فلو دبر الصبي لم يقع تدبيره. وروي : أنه إذا كان مميزا له عشر سنين صح تدبيره ، ولا يصح تدبير المجنون ، ولا المكره ، ولا السكران ، ولا الساهي ، وهل يصح التدبير من الكافر؟ الأشبه : نعم ، حربيا كان أو ذميا.

أقول : هنا مسألتان :

الاولى : في تدبير الصبي إذا بلغ عشر سنين ، وقد مضى البحث في تصرفات من بلغ عشر سنين مرارا متعددة (١٧).

الثانية : في تدبير الكافر ، وهو مبني على اشتراط نية القربة ، فمن اشتراطها منع تدبير الكافر ، ومن لم يشترطها لم يمنع من ذلك ، وقد مضى البحث في اشتراط نية القربة وعدمه (١٨).

قال رحمه‌الله : ولو دبر المسلم ثمَّ ارتد لم يبطل تدبيره ، ولو مات في حال

__________________

(١٧) ص ٣٥٨. وج ٢ ص ١٢.

(١٨) ص ٣٨٨.

٣٩١

ردته عتق المدبر ، هذا إذا كان الارتداد لا عن فطرة ، ولو كان عن فطرة لم يعتق المدبر بوفاة المولى لخروج ملكه عنه ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه من أن الارتداد عن فطرة موجب لخروج الملك عن المالك ، وشرط العتق بالتدبير بقاء الملك على المدبر الى حين وفاته ، فيبطل التدبير بالارتداد عن فطرة الموجب لخروج الملك عن المدبر ، ومن سبق حق العبد المدبر على حق الوارث ، فلا ينتقل الى الوارث بارتداد مدبره ، وهو مبني على القول بعدم جواز بيع (١٩) رقبة المدبر قبل الرجوع في التدبير.

لكن هنا دقيقة وهي : إذا قلنا بعدم بطلان التدبير وأنه ينعتق بموت المدبر ، لم ينعتق غير ثلاثة (٢٠) ، لأنه لا مال للمدبر سواه ، لأن ماله قد انتقل إلى الورثة بنفس الارتداد ، (ولم يبق غير العبد المدبر (لتعلق التدبير به) (٢١) فلا ينعتق جميعه بل ثلثه ، ولو قيل : ينعتق بنفس الارتداد) (٢٢) عن فطرة لإجراء الارتداد هنا مجرى الموت كان وجها.

والمعتمد بطلان التدبير ، لأن المدبر مملوك يقبل النقل على المشهور بين الأصحاب ، والارتداد عن فطرة ناقل جميع أموال المرتد (٢٣) الى ورثته وهو (٢٤) من جملتها.

قال رحمه‌الله : ولو ارتد لا عن فطرة ثمَّ دبر صح على تردد.

أقول : منشؤه من بقاء ملك المرتد عن غير فطرة عليه ، فاذا دبر صح

__________________

(١٩) هذه الكلمة ليست في الأصل.

(٢٠) كذا والظاهر كونه : ثلثه.

(٢١) ما بين القوسين من «م» و «ر ١».

(٢٢) سقط من «ر ١» من قوله : ولم يبق إلى هنا.

(٢٣) من «ن» وفي الأصل وباقي النسخ : المدبر.

(٢٤) في النسخ : والمدبر.

٣٩٢

تدبيره ، لأنه بالغ عاقل مالك ، وكل من كان كذلك صح تدبيره ، ومن أنه محجور (٢٥) عليه بالردة فلا يصح تدبيره ، والمعتمد صحة تدبيره موقوفا ، فان تاب والا بطل ، وهو فتوى القواعد.

__________________

(٢٥) كذا في الأصل والنسخ.

٣٩٣
٣٩٤

في الأحكام

قال رحمه‌الله : التدبير بصفة الوصية يجوز الرجوع فيه ، قولا ، كقوله : رجعت في هذا التدبير ، وفعلا ، كأن يهب ، أو يعتق ، أو يوقف ، أو يوصي ، سواء كان مطلقا ، أو مقيدا ، وكذا لو باعه بطل تدبيره ، وقيل : إن رجع في تدبيره ثمَّ باع صح بيع رقبته ، وكذا إن قصد ببيعه الرجوع ، وإن لم يقصد مضى البيع في خدمته دون رقيته.

أقول : إنما قال : التدبير بصفة الوصية ولم يقل وصية ، لوقوع الخلاف فيه ، فقد قيل : انه وصية بالعتق ، لأنه يعتبر من الثلث ويجوز الرجوع فيه إجماعا ، وهذا حكم الوصية ، ولأن العتق لا يقع معلقا والتدبير معلق بالموت فيكون وصية.

وقيل : هو عتق بصفة لعدم اشتراط القبول فيه ، وعدم افتقاره إلى الإعتاق بعد الموت ، وكان عتقا بصفة ، وانما جاز تعليق العتق هنا للإجماع عليه.

إذا عرفت هذا ، فالرجوع بالتدبير جائز إجماعا ، وهو قد يكون بالقول ، مثل رجعت بالتدبير ، أو أبطلته ، أو رفعته ، أو فسخته ، أو نقضته ، أو أزلته ، بأي

٣٩٥

هذه الألفاظ أتى بطل التدبير إجماعا.

وقد يكون بالفعل ، مثل الهبة ، والعتق ، والوقف ، والوصية به للغير ، وقد جزم المصنف ببطلانه في هذه الأشياء ، سواء كان مطلقا ، مثل قوله : أنت حر بعد وفاتي ، أو معلقا (٢٦) ، مثل قوله : إن مت في سنتي هذه (٢٧) أو مرضي هذا فأنت حر ، وهذا الذي صرح به المصنف هو المشهور بين الأصحاب ، وذهب ابن حمزة إلى بطلان الهبة والوقف والوصية قبل الرجوع في التدبير لفظا.

أما البيع قبل الرجوع في التدبير فقد منع منه محمد بن بابويه والحسن ابن أبي عقيل الا مع اشتراط العتق على المشتري عند موته ، فإذا أعتقه كان الولاء للمعتق.

وقال الشيخ في النهاية : ومتى أراد بيعه من غير أن ينتقض (٢٨) تدبيره لم يجز له ذلك الا أن يعلم المشتري أنه يبيعه خدمته ، وأنه متى مات هو كان حرا لا سبيل له عليه ، ومستنده الروايات (٢٩) ، فعلى هذا يتحرر بموت البائع ولا سبيل للمشتري عليه حينئذ.

وقال ابن إدريس ببطلان التدبير مع البيع ، لأن التدبير وصية ، وكل وصية تبطل بإخراج الموصى به عن ملك الموصي في حياته ، وبيع المنافع لا يصح لعدم كونها أعيانا ، وعدم العلم بها وبمقدارها ، وتحمل الأخبار (٣٠) الدالة على المنع من بيع المدبر على ما إذا كان التدبير واجبا بالنذر ، فهنا لا يجوز لما فيه من مخالفة النذر.

__________________

(٢٦) هذه الكلمة ليست في النسخ.

(٢٧) هذه الكلمة من النسخ ، وليست في الأصل.

(٢٨) في النسخ : ينقض.

(٢٩) الوسائل ، كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد ، باب ١ من أبواب التدبير.

(٣٠) الوسائل ، كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد ، باب ١ و ٣ و ٤ من أبواب التدبير.

٣٩٦

قال رحمه‌الله : ولو كان على الميت دين يستوعب التركة ، بطل التدبير ، وبيع المدبر فيه ، وإلا بيع منه بقدر الدين ، وتحرر ثلث من بقي ، سواء كان الدين سابقا على التدبير ، أو لاحقا على الأصح.

أقول : ما حكاه المصنف هو المشهور بين الأصحاب وهو المعتمد ، لأن التدبير بمنزلة الوصية ، والدين مقدم عليها فيكون مقدما على التدبير ، سواء كان سابقا على التدبير أو متأخرا عنه.

وفصل الشيخ في النهاية وابن البراج ، قالا : إن كان الدين متقدما على التدبير فهو مقدم عليه ، وإن كان متأخرا عنه فالتدبير مقدم على الدين ، ومستندهما صحيحتا أبي بصير (٣١) ، عن الصادق عليه‌السلام وعلي بن يقطين (٣٢) ، عن الكاظم عليه‌السلام.

تنبيه : إذا كان الدين بقدر نصف المدبرين مثلا ولا تركة سواهم ، كتب رقعة للدين وأخرى للتركة بعد أن يقسم العبيد قسمين ، ثمَّ يخرج رقعة على أحد القسمين ، فان خرجت رقعة الدين بيع ذلك القسم فيه ، وعتق ثلث القسم الآخر (في التدبير) (٣٣).

وإن كان الدين بقدر ثلث العبيد كتب ثلاث رقاع ، واحدة للدين واثنتين للتركة وهكذا ، وكذلك الحكم لو أعتق المريض في مرض الموت ومات وعليه دين ، واحتجنا الى بيع بعض المعتقين في الدين.

قال رحمه‌الله : لو دبر الشريكان ثمَّ أعتق أحدهما لم تقوّم عليه حصة الأخر ، ولو قيل : تقوّم ، كان وجها.

__________________

(٣١) الوسائل ، كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد ، باب ٩ من أبواب التدبير ، حديث ٢.

(٣٢) الوسائل ، كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد ، باب ٩ من أبواب التدبير ، حديث ١.

(٣٣) ما بين القوسين ليس في النسخ ، بل فيها : بالقرعة أيضا وإن خرجت رقعة التركة أعتق ثلث القسم الذي خرجت عليه ، وبيع القسم الآخر في الدين.

٣٩٧

أقول : قال الشيخ في المبسوط بعدم التقويم ، لأن حصة الشريك لها جهة يعتق بها ، والمعتمد التقويم ، لأنه عبد لم يخرج بالتدبير عن الرقية وهو مذهب المصنف والعلامة.

قال رحمه‌الله : ولو دبر أحدهما ثمَّ أعتق وجب عليه فك نصيب الأخر ، ولو أعتق صاحب الحصة القن لم يجب عليه فك الحصة المدبرة على تردد.

أقول : منشأ التردد في هذه المسألة معلوم من المسألة السابقة ، إذ لا فرق بينهما.

قال رحمه‌الله : ولمولاه أن يبيع خدمته وله أن يرجع في تدبيره ثمَّ يبيعه.

أقول : سبق البحث في هذه (٣٤) ، والمعتمد عدم جواز بيع الخدمة (كما) (٣٥) تقدم.

قال رحمه‌الله : أما لو دبره ثمَّ كاتبه كان نقضا للتدبير ، وفيه إشكال.

أقول : منشؤه من أن التدبير وصية وهي تبطل بفعل ما ينافيها ، والكتابة منافية للوصية ، لأنها تقتضي العتق في حال حياة المكاتب ، والوصية تقتضي العتق بعد موت الموصي ، وهما متنافيان ، وهو مذهب الشيخ واختاره العلامة ، ومن أصالة بقاء التدبير ما لم يعلم السبب المبطل له ، والكتابة ليست سببا مبطلا للتدبير ، لاجتماعهما في صورة تقدم الكتابة على التدبير ، فكذلك مع التأخر عنه إذ لو تنافيها لما اجتمعا في حال ، لأن المقصود من الكتابة والتدبير هو العتق فلا يتنافيان ، وهو مذهب ابن الجنيد وابن البراج واختاره الشهيد ، لصحيحة أبي بصير (٣٦).

__________________

(٣٤) تقدم عند شرح قوله التدبير بصفة الوصية.

(٣٥) في الأصل مع هذه الكلمة على نحو النسخة البدل : لما.

(٣٦) الوسائل ، كتاب التدبير والمكاتبة والاستيلاد ، باب ٤ من أبواب التدبير ، حديث ١.

٣٩٨

كتاب المكاتبة

٣٩٩
٤٠٠