غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٣

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني

غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٣

المؤلف:

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني


المحقق: الشيخ جعفر الكوثراني العاملي
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٨

حصل انكسار الشهر ، ويقال : إنها طلقت في أثنائه.

إذا عرفت هذا ، فاذا طلقت في أثناء الشهر فقد انكسر ذلك الشهر وتعتد بعده بشهرين هلاليين ، قال المصنف : وأخذت من الثالث بقدر الفائت من الشهر الأول ، أي (١٥٢) الشهر الثالث بالنسبة إلى الشهرين الهلاليين ، وهو رابع بالنسبة إلى الشهر الأول المنكسر.

وهذا مذهب أبي حنيفة ، وقواه الشيخ في المبسوط ، لأنه لو طلقت من أول الشهر اكتفت بما بين الهلالين ، فاذا كان بعد فوات بعضه أكتفت بقضاء الفائت ، وقال الشيخ في الخلاف (١٥٣): تكمل المنكسر بثلثين ، سواء كان تاما أو ناقصا ، واختاره ابن إدريس والمصنف والعلامة وهو المعتمد ، لأن الشهر إما عدة بين هلالين أو ثلاثون يوما ، والأول متعذر في المنكسر فتعين الثاني ، فعلى الأول لو مضى من الشهر عشرون يوما ثمَّ طلقها وأهل ناقصا ، اكتفت بشهرين هلاليين بعده ، وبعشرين يوما من الرابع ، وعلى الثاني تحتسب بتسعة من الأول وتأخذ من الرابع أحد وعشرين يوما وتلفق الساعات والأنصاف ، ولا عبرة بطول الأيام وقصرها.

قال رحمه‌الله : لو ارتابت بالحمل بعد انقضاء العدة والنكاح لم يبطل ، وكذا لو حدثت الريبة بالحمل بعد العدة وقبل النكاح ، أما لو ارتابت قبل انقضاء العدة لم تنكح ولو أنقضت العدة ، ولو قيل بالجواز ما لم يتيقن الحمل كان حسنا.

أقول : المرتابة بالحمل هي التي يحصل لها بعض أمارات الحمل ، بحيث يحصل مع وجود تلك الأمارة شك في الحمل ، ككبر البطن وثقلها وغير ذلك من الأمارات ، ولا يخلو إما أن يحصل الريبة في العدة ، أو بعدها. وقبل النكاح ، أو

__________________

(١٥٢) «م» : الى.

(١٥٣) في الأصل (المختلف) والظاهر أنه تصحيف وفي «ر ١» : (المبسوط).

٢٤١

بعدها أو بعد النكاح (١٥٤) ، ففي الفرضين الآخرين لا يبطل النكاح ولا يحرم للحكم بخروج العدة وصحة النكاح شرعا ، ولا (١٥٥) يقدح الإباحة الشك في الحمل ما لم يتحقق. وفي الفرض الأول ـ وهو حصول الريبة قبل انقضاء العدة.

قال الشيخ في المبسوط : لا يجوز لها ان تنكح ، فان خالفت ونكحت على تلك الحال فالنكاح باطل ، لأن النكاح مبني على الاحتياط التام ، واستحسن المصنف جواز النكاح واختاره العلامة وهو (المعتمد ، لوجود) (١٥٦) المقتضي لإباحة النكاح ، وهو خروج العدة وانتفاء الرجعة والنفقة وجواز نكاح الأخت والخامسة ، وذلك دليل على انقطاع العصمة بينهما ما لم يتحقق الحمل ، فان تحقق بعد النكاح بطل وكان نكاح شبهة.

__________________

(١٥٤) كذا في الأصل وجميع النسخ.

(١٥٥) النسخ : فلا.

(١٥٦) ما بين القوسين سقط من «ر ١».

٢٤٢

في عدة الحامل

قال رحمه‌الله : ولو طلقت (فادعت الحمل) (١٥٧) صبر عليها أقصى الحمل ، وهي تسعة أشهر ، ثمَّ لا يقبل دعواها ، وفي رواية سنة وليست مشهورة.

أقول : قد مضى تحقيق البحث في باب إلحاق الأولاد في أقصى مدة الحمل (١٥٨) ، والمعتمد أنه عشرة أشهر ، وهو اختيار المصنف (والعلامة) (١٥٩) في أكثر كتبه وأبي العباس في مقتصره ، وقال السيد المرتضى في الانتصار وأبو الصلاح : إنه سنة ، والأكثر على أنه تسعة أشهر ، واستناد الجميع الى الروايات (١٦٠).

تنبيه : إذا مضى أقصى مدة الحمل ، هل تنقضي عدتها للعلم بكذب دعواها ، أو تفتقر إلى ثلاثة أشهر بعدها؟ بالأول قال ابن إدريس ، لعدم ظهور الحمل وقد حصل ثلاثة أشهر يقين (١٦١) فتخرج العدة بانقضاء أقصى مدة الحمل ،

__________________

(١٥٧) ما بين القوسين ليس في «م».

(١٥٨) ص ١٧١.

(١٥٩) ما بين القوسين ليس في «م».

(١٦٠) الوسائل ، كتاب الطلاق ، باب ٢٥ من أبواب العدد.

(١٦١) كذا والكلمة في النسخ غير واضحة ، ولعل الصحيح (بيقين).

٢٤٣

وقال الشيخ (في النهاية) (١٦٢) بالثاني ، واختاره العلامة في المختلف وفخر الدين في شرح القواعد ، لأن الأشهر التسعة مدة الاستبراء ، فتجب العدة بعدها ، ولما رواه عبد الرحمن في الصحيح ، «قال سمعت أبا إبراهيم عليه‌السلام يقول : إذا طلق الرجل امرأته فادعت حبلا أنتظر تسعة أشهر فإن ولدت والا أعتدت بثلاثة أشهر ثمَّ بانت منه» (١٦٣).

قال رحمه‌الله : ولو كان حملها اثنين بانت بالأول ، ولم تنكح الا بعد وضع الأخير ، والأشبه أنها لا تبين الا بوضع الجميع.

أقول : الأول مذهب الشيخ في النهاية وابن البراج وابن حمزة ، لرواية عبد الرحمن بن عبد الله البصري (١٦٤) عن الصادق عليه‌السلام ، ولأن الحامل تبين من المطلق بوضع الحمل ، وهذه يصدق عليها الوضع ، وانما لم يجز نكاحها قبل وضع الثاني لاشتغال رحمها.

والثاني مذهب الشيخ في الخلاف ، وبه قال ابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة وابنه ، وهو المعتمد لقوله تعالى (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) (١٦٥) ، والحمل هو الجميع ، ويظهر فائدة الخلاف في أماكن :

الأول : جواز الرجعة فيما بين الوضعين على مذهب الخلاف دون النهاية.

الثاني : وجوب النفقة على المطلق على مذهب الخلاف (دون النهاية.

الثالث : لو مات أحد الزوجين بين الوضعين ورثه الآخر على مذهب الخلاف دون النهاية) (١٦٦) ، وبالجملة هي بينهما زوجة على مذهب الخلاف.

__________________

(١٦٢) ما بين القوسين ليس في «ن».

(١٦٣) الوسائل ، كتاب الطلاق ، باب ٢٥ من أبواب العدد ، حديث ١.

(١٦٤) الوسائل ، كتاب الطلاق ، باب ١٠ من أبواب العدد ، حديث ١.

(١٦٥) الطلاق : ٤.

(١٦٦) ما بين القوسين ليس في «ر ١».

٢٤٤

فرع : لا تنقضي العدة بانفصال بعض الولد فلو مات الزوج أو المرأة بعد خروج رأسه ورثه صاحبه ، على رأيه وورثه صاحبه ولو خرج منه قطعه كيده لم يحكم بالانقضاء ولو خرج ما يصدق عليه اسم الولد (١٦٧) ناقصا كيد علم بقاؤها (١٦٨) ، اختار (١٦٩) العلامة خروج العدة بذلك لصدق وضع الولد ، واختار فخر الدين عدم خروج العدة به ، لعدم فراغ الرحم من الحمل وهو أحوط.

قال رحمه‌الله : لو أقرت بانقضاء العدة ثمَّ جاءت بولد لستة أشهر فصاعدا منذ طلقها ، قيل : لا يلحق ، والأشبه الحاقه ما لم يتجاوز أقصى مدة الحمل.

أقول : إذا طلقها ثمَّ مضى بعد الطلاق مدة يمكن فيها انقضاء العدة ، فادعت انقضائها قبل قولها ، فإذا أتت بعد ذلك بولد لستة أشهر فصاعدا منذ طلقها ، وادعت أنه من المطلق ، قال الشيخ في المبسوط لا يحلق به ، لأن هذه الدعوى مكذبة لإقرارها (١٧٠) بانقضاء العدة ، فلا تكون مقبولة مع إمكان تجدده بعد الطلاق ، وهو ممكن بمضي ستة أشهر فصاعدا ، وقد مضت فلا يحلق الولد بالمطلق.

واختار المصنف التحاقه به ما لم يتجاوز أقصى مدة الحمل ، وذلك مع خلوها من زوج ومولى ، ووجهه : أنها كانت فراشا له وهذا الولد يمكن أن يكون منه ، وليس هنا من هو أولى منه أو (١٧١) مساو له فيلحق به ، واختاره العلامة في التحرير ، وهو المعتمد.

__________________

(١٦٧) في نسخة في الأصل : الآدمي.

(١٦٨) كذا.

(١٦٩) «م» : واختار.

(١٧٠) من النسخ ، وفي الأصل : إقراره.

(١٧١) في النسخ : ولا.

٢٤٥
٢٤٦

في عدة الوفاة

قال رحمه‌الله : وفي الأمة تردد أظهره أنه لا حداد عليها.

أقول : منشؤه من أصالة براءة الذمة من وجوب الحداد ، وما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن الباقر عليه‌السلام : «إن الحرة والأمة كلتيهما إذا مات عنهما زوجيهما سواء في العدة إلا أن الحرة تحد والأمة لا تحد» (١٧٢) ، ومن قوله عليه‌السلام : «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال الا على زوج أربعة أشهر وعشرة أيام» (١٧٣) ، ولم يفرق بين الحرة والأمة فيجب عليها (١٧٤) الحداد ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط ، واختاره ابن إدريس ، والأول مذهب الشيخ في النهاية ، واختاره ابن الجنيد وابن البراج ، واختاره المصنف والعلامة في المختلف.

قال رحمه‌الله : وان خرجت من العدة ولم تتزوج فيه روايتان ، أشهرهما

__________________

(١٧٢) الوسائل ، كتاب الطلاق ، باب ٤٢ من أبواب العدد ، حديث ٢.

(١٧٣) المستدرك : كتاب الطلاق ، باب ٢٥ من أبواب العدد ، حديث ٩.

(١٧٤) «ن» و «ر ١» : عليهما.

٢٤٧

أنه لا سبيل عليها.

أقول : إذا أعتدت زوجة المفقود بإذن الحاكم بعد البحث عنه أربع سنين ثمَّ جاء بعد انقضاء عدتها وقبل زواجها ، قال الشيخ في النهاية والخلاف : هو أولى بها ، واختاره فخر الدين ، وقال سلار وابن إدريس هي أولى بها ، واختاره المصنف والعلامة ، لأن حكم الشارع بالبينونة بمنزلة الطلاق ، وحكمه عدم الرجوع بعد المدة (١٧٥).

فروع :

الأول : ابتداء المدة المضروبة من حين رفع القضية إلى الحاكم ، ولا عبرة بالمدة السابقة على ذلك وإن طالت.

الثاني : لا بد من أمر الحاكم بالاعتداد بعد انقضاء المدة المضروبة ، فلو أعتدت بغير إذنه لم يجز ، وافتقرت الى عدة أخرى بعد الإذن ، لأن هذا الحكم منوط بالحاكم لكونه من المسائل الاجتهادية ، فلا بد من إذنه فيه ، ولا يناط باجتهاد غير الحاكم.

الثالث : هذه العدة كعدة الوفاة ، يجب فيها الحداد على الزوجة ، وإن قيل بافتقارها الى الطلاق.

الرابع : لو غلط الحاكم في الحساب فأمرها بالاعتداد قبل مضي أربع سنين ، فاعتدت وتزوجت ثمَّ ظهر الغلط ، بطل النكاح الثاني ، واستقرب العلامة في قواعده أنها تحرم على الثاني مؤبدا ، وقواه فخر الدين ، لأن مدة التربص كالعدة ، وكل من عقد على معتدة ودخل بها حرمت عليه أبدا ، ويحتمل العدم ، لأن مدة التربص ليست عدة حقيقة ، ولم يحصل من (١٧٦) زنا بذات بعل لحصول

__________________

(١٧٥) في النسخ : العدة.

(١٧٦) في النسخ : (منه).

٢٤٨

الشبهة ، ولأصالة الإباحة.

تنبيه : هل يفتقر الى الطلاق (١٧٧) بعد البحث أم لا؟ أطلق الشيخان وابن البراج وابن إدريس والمصنف القول بالاعتداد بعد مدة البحث عدة الوفاة ، ثمَّ تحل للأزواج ولم يقيدوا بالطلاق ، قال (١٧٨) ابن الجنيد : يأمر السلطان الولي بالطلاق ، فان لم يطلق أمرها بالعدة ، وقال ابن بابويه يأمر السلطان الولي بالطلاق ، فان لم يطلق طلقها الحاكم ، وبه قال ابن حمزة ، واختاره العلامة وفخر الدين وأبو العباس ، لما رواه بريد بن معاوية العجلي في الصحيح ، «قال سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن المفقود ، كيف تصنع امرأته؟ قال : ما سكتت وصبرت فخل عنها ، وإن رفعت أمرها إلى الوالي أجلها أربع سنين ثمَّ يكتب الى الصقع الذي فقد فيه. فيسأل عنه ، فإن أخبر عنه بحياة صبرت وإن لم يخبر عنه بحياة حتى يمضي أربع سنين دعا ولي الزوج المفقود ، فقيل له : هل للزوج مال؟ فان كان له مال أنفق عليها حتى يعلم حياته ، وإن لم يكن له مال قال أنفق عليها ، فان فعل فلا سبيل لها الى أن تتزوج ما أنفق عليها ، وإن أبى أن ينفق عليها أجبره الوالي أن يطلقها تطليقة في استقبال العدة. وهي طاهر ، فيصير طلاق الولي طلاق الزوج ، فان جاء زوجها قبل أن تنقضي عدتها من يوم طلقها الولي فبدا له أن يراجعها فهي امرأته ، وهي عنده على تطليقتين وإن انقضت العدة قبل أن يجي‌ء ويراجع فقد حلت للأزواج ، ولا سبيل للأول عليها» (١٧٩) ، انتهت الرواية.

وقال العلامة في قواعده والأقرب أنّ للحاكم أن يطلقها بعد مضي مدة (١٨٠) البحث ، للرواية الصحيحة وهي هذه الرواية التي ذكرناها ، وانما أسند العلامة

__________________

(١٧٧) في النسخ : (طلاق).

(١٧٨) في النسخ : (وقال).

(١٧٩) الوسائل ، كتاب الطلاق ، باب ٢٣ من أبواب أقسام الطلاق وأحكامه ، حديث ١.

(١٨٠) هذه الكلمة ليست في «ن».

٢٤٩

الطلاق الى الحاكم والرواية دالة على إيقاعه من الولي ، لأن الحاكم هو المطلق بالحقيقة ، لأن طلاق الولي موقوف على أمر الحاكم وإذنه فيه ، وهو غير واقع بغير إذن الحاكم ، فكأن الحاكم هو المطلق وإن كان المباشر غيره ، ولو لم يكن للمفقود ولي باشر الطلاق الحاكم.

قال رحمه‌الله : لا نفقة على الغائب في زمان العدة ولو حضر قبل انقضائها ، نظرا الى حكم الحاكم بالفرقة ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه من أن نفقة الزوجة تابعة للزوجية والتمكن ، وقد حكم الحاكم بالفرقة فتنقطع الزوجية فتنقطع النفقة ، ومن حيث أنه إذا حضر قبل انقضاء العدة صارت كالعدة الرجعية ، لجواز رجوعه فيها فيلزمه النفقة على مذهب الشيخ في المبسوط ، وجزم به العلامة في التحرير ، وهو اختيار فخر الدين (١٨١).

قال رحمه‌الله : إذا أتت بولد بعد مضي ستة أشهر من دخول الثاني لحق به ، ولو ادعاه الأول وذكر أنه وطأها سرا لم يلتفت الى دعواه ، وقال الشيخ : يقرع بينهما ، وهو بعيد.

أقول : بالقرعة قال الشيخ في المبسوط لكونه ممكنا ، ووجه بعده أنه قد بانت من الأول وزال فراشه وصارت فراشا للثاني ، وقال عليه‌السلام : «الولد

__________________

(١٨١) في هامش الأصل حاشية لم يعلم لمن وهي : إذ مات المفقود أو زوجته بعد الحكم بالفرقة ، فاما أن يكون موته في أثناء العدة أو بعدها قبل التزويج أو بعده ، ففي الأخير لا توارث بينها ، وكذا لو كان بعد العدة ، لانقطاع العصمة بينهما. وعلى القول بأنه لو حضر كان أحق بها يحتمل التوارث لظهور وجوده ، والأقوى عدم التوارث ، ولو مات أحدهما وهي في العدة فقولان : العدم لأن العدة عدة وفاة ، والآخر التوارث وهو الأقوى لبقاء حكم الزوجية.

٢٥٠

للفراش» (١٨٢) فيكون تابعا له وهو المعتمد.

قال رحمه‌الله : لا يرثها الزوج لو ماتت بعد العدة وكذا لا ترثه ، والتردد لو مات أحدهما في العدة ، والأشبه الإرث.

أقول : منشؤه من أنها عدة بائنة ، والبائنة لا ميراث فيها ، ومن عدم (١٨٣) انقطاع العصمة بينهما ، لأنه لو حضر في العدة كان له الرجوع فيها وكل عدة يصح الرجوع فيها يثبت فيها التوارث ، وهو مذهب المصنف والعلامة ، وهو المعتمد.

__________________

(١٨٢) الوسائل ، كتاب اللعان ، باب ٩ ، حديث ٣.

(١٨٣) هذه الكلمة ليست في «م».

٢٥١
٢٥٢

في عدة الإماء

قال رحمه‌الله : عدة الإماء في الطلاق مع الدخول قرآن وهما طهران ، وقيل : حيضتان ، والأول أشهر.

أقول : تقدم البحث (١٨٤) في تفسير القرء فلا فائدة في الإعادة.

قال رحمه‌الله : وعدة الذمية كالحرة في الطلاق ، والوفاة ، وفي رواية تعتد عدة الأمة ، وهي شاذة.

أقول : الرواية إشارة الى ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام ، «قال : سألته عن نصرانية كانت تحت نصراني فطلقها ، هل عليها عدة مثل عدة المسلمة؟ فقال : لا ، الى قوله ، فقلت : ما عدتها؟ فقال : عدتها عدة الأمة ، حيضة أو خمسة وأربعون يوما» (١٨٥) والمشهور أن عدتها عدة الحرة ، وهو المعتمد.

قال رحمه‌الله : ولو كانت أم ولد لمولاها كانت عدتها أربعة أشهر وعشرا.

__________________

(١٨٤) ص ٢٣٦.

(١٨٥) الوسائل ، كتاب الطلاق ، باب ٤٥ من أبواب العدد ، حديث ١. وفيه (حيضتان) بدل (حيضة).

٢٥٣

أقول : مراده إذا زوج السيد أمته وله منها ولد كانت عدتها من (الطلاق ووفاة) (١٨٦) الزوج كالحرة ، لأن لها تشبثا بالحرية كالمكاتبة ، ولو مات السيد عن أم ولد يطأها ، قال أبو الصلاح : أعتدت من موته كالحرة ، وهو ظاهر ابن حمزة ، واختاره أبو العباس في مهذبه لموثقة إسحاق بن عمار (١٨٧) عن أبي إبراهيم عليه‌السلام.

وقال ابن إدريس : لا عدة عليها من موت سيدها غير الاستبراء بحيضة ، لأصالة براءة الذمة من وجوب العدة ، لأنها ليست زوجة بل هي باقية على الملك والعبودية إلى حين الوفاة ، وهي (١٨٨) كسائر الإماء الموطوءات ، وجنح إليه العلامة في المختلف ، وجزم به في التحرير.

__________________

(١٨٦) ما بين القوسين ليس في نسخة في الأصل ، وما أثبتناه موافق للنسخ ولنسخة الأصل الأخرى.

(١٨٧) الوسائل ، كتاب الطلاق ، باب ٤٢ من أبواب العدد ، حديث ٤.

(١٨٨) في النسخ : فهي.

٢٥٤

في اللواحق

قال رحمه‌الله : ولو طلقت في مسكن دون مستحقها ، جاز لها الخروج عند الطلاق الى مسكن يناسبها ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه من عموم تحريم الخروج من منزل الطلاق ما لم تأت بفاحشة ، ومن حصول الغضاضة على الزوجة بلبثها في مسكن غير مناسب لحالها ، فلها الانتقال الى ما يناسب حالها ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط ، وجزم به العلامة في القواعد والتحرير ، وهو المعتمد.

وكذا يجوز نقلها من منزل الطلاق الى غيره عند الضرورة ، كما لو كان بيتها في طرف البلد وخافت من الإقامة فيه ، أو كانت بين قوم فسقة ، أو خافت انهدام المسكن.

قال رحمه‌الله : لو مات فورث المسكن جماعة لم يكن لهم قسمته إذا كان بقدر مسكنها إلا بإذنها ، أو مع انقضاء عدتها ، لأنها استحقت السكنى فيه على صفة ، والوجه أنه لا سكنى بعد الوفاة ما لم تكن حاملا.

أقول : السكنى تابعة لوجوب النفقة ، فمن لا نفقة لها لا سكنى لها ، والنفقة إنما

٢٥٥

هي للمطلقة الرجعية والبائن الحامل ، والموت مع عدم الحمل مسقط للنفقة إجماعا.

وهل يسقطها مع الحمل؟ فيه خلاف قد تقدم (١٨٩) ، وهو مبني على أن النفقة هل هي للحمل أو للحامل بشرط الحمل؟ وقد سبق تحقيقه.

قال رحمه‌الله : ولا نفقة للمتوفي عنها ولو كانت حاملا ، وروي أنه ينفق عليها من نصيب الحمل ، وفي الرواية بعد.

أقول : قد سبق البحث في هذه في باب النفقات (١٩٠).

قال رحمه‌الله : لو تزوجت في العدة لم يصح ولم تنقطع عدة الأول فإن لم يدخل الثاني بها فهي في عدة الأول ، وإن وطأها الثاني عالما بالتحريم فالحكم كذلك حملت أو لم تحمل ، ولو كان جاهلا ولم تحمل أتمت عدة الأول ، لأنها أسبق واستأنفت أخرى للثاني على أشهر الروايتين.

أقول : قد سبق البحث في هذه في باب المحرمات (١٩١) مستوفى فليطلب من هناك ، وباقي الخلاف المذكور في هذا الباب الى كتاب الخلع لا يفتقر الى الشرح لتنبيه المصنف على وجه الخلاف فيها.

__________________

(١٨٩) ص ١٨٤.

(١٩٠) ص ١٨٤.

(١٩١) ص ٦١ ـ ٦٣.

٢٥٦

كتاب الخلع

٢٥٧
٢٥٨

في الصيغة

قال رحمه‌الله : وهل يقع بمجرده؟ المروي نعم ، وقال الشيخ : لا يقع حتى يتبع بالطلاق.

أقول : قال المرتضى وابن الجنيد والمفيد وسلار ومحمد بن بابويه وابن حمزة يقع بمجرده ، واختاره العلامة في مختلفة ، وفخر الدين وأبو العباس في مقتصره ، لروايات (١) كثيرة ، منها ما رواه زرارة ومحمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام ، «قال الخلع تطليقة بائنة» (٢) ، وقال الشيخ : يفتقر إلى إتباعه بالطلاق ، واختاره ابن إدريس ، لأصالة بقاء النكاح حتى يعلم السبب المزيل له ، ولرواية موسى بن بكير عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام ، «قال : المختلعة يتبعها الطلاق ما دامت في عدتها» (٣) ، والأول هو المعتمد.

تنبيه : لا يشترط تقديم البذل على الخلع ، بل يكفي قوله خلعتك ، أو

__________________

(١) «ر ١» : والروايات.

(٢) الوسائل ، كتاب الخلع والمبارأة ، باب ٥ ، حديث ٢ مع اختلاف يسير.

(٣) الوسائل ، كتاب الخلع والمبارأة ، باب ٣ ، حديث ١.

٢٥٩

أخلعتك ، أو خلعت موكلتك فلانة على كذا ، فتقول هي أو وكيلها : قبلت ، ولا يلزم بدون القبول منها أو من وكيلها ، ولو سبق البذل منها أو من وكيلها لم يفتقر الى القبول بعد الخلع ، ولو قلنا بافتقاره الى الطلاق أو أتبعه به وإن لم يفتقر اليه ، فقال : خلعتك على كذا (وأنت) (٤) طالق ، فلم تقبل وقعت الطلقة رجعية ، إن شاء رجع وإن شاء ترك ، ولا يجب عليها القبول.

قال رحمه‌الله : وبتقدير الاجتزاء بلفظ الخلع هل يكون فسخا أو طلاقا؟ قال المرتضى رحمه‌الله : هو طلاق ، وهو المروي ، وقال الشيخ رحمه‌الله : الأولى ان يقال فسخ ، وهو تخريج.

أقول : القول بوقوع الفرقة بلفظ الخلع ، هل هو طلاق؟ بمعنى أنه (هل تعد في الثلاث) (٥)؟ قال المرتضى وابن الجنيد والعلامة في المختلف : إنه طلاق بمعنى أنه يعد في الثلاث (٦) ، واختاره فخر الدين وأبو العباس وهو المعتمد ، لما روي عن (٧) ثابت بن قيس لما خلع زوجته بين يدي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يأمره بلفظ الطلاق ، فلما خالعها قال لها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أعتدي ، ثمَّ التفت الى أصحابه وقال : هي واحدة» (٨) ، ولما رواه زرارة ومحمد بن مسلم عن الصادق عليه‌السلام : «الخلع تطليقة بائنة (وليس فيها رجعة) (٩)» (١٠) ، وفي

__________________

(٤) في النسخ : أنت.

(٥) في «م» : (يعد في الثلاث) وفي «ن» و «ر ١» : (يعد من الثلاث).

(٦) في «م» : (بمعنى أنه يعد في الثلاث).

(٧) في النسخ : (أن).

(٨) لاحظ كنز العمال ج ٣ ص ٢٢٤ ، وفي المستدرك ، كتاب الخلع والمبارأة ، باب ٣ ما يناقض ذلك مع اتحاد الحادثتين ظاهرا.

(٩) ما بين القوسين ليس في النسخ.

(١٠) تقدمت هذه الرواية في المسألة السابقة.

٢٦٠