غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٣

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني

غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ٣

المؤلف:

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني


المحقق: الشيخ جعفر الكوثراني العاملي
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٨

رواه الصدوق محمد بن بابويه في كتابه في الصحيح ، عن العلاء ، عن محمد ابن مسلم ، عن الباقر عليه‌السلام ، «قال : سألته عن الرجل كيف ينكح عبده أمته؟ قال : يجزيه ان يقول : قد أنكحتك فلانة ، ويعطيها شيئا من قبله أو من مولاه ولو مد من طعام أو درهم أو نحو ذلك» (٢٩٧) وبعدم الوجوب قال ابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، لأن مهر الأمة للمولى ، وهو لا يستحق في ذمة نفسه شيئا ولا يثبت له في ذمة عبده مال ، وحملوا الروايات (٢٩٨) الواردة بالدفع على الاستحباب جبرا لخاطر الأمة ورفعا لمنزلة العبد عندها وجبرا له أيضا.

تنبيه : صيغة العقد هنا على ما تضمنته الرواية ان يقول : (أنكحتك فلانا) أو (أنكحتك فلانة) من غير افتقار الى قبول من العبد ولا السيد ، لقوله في الرواية : «وانه يجزيه ان يقول : أنكحتك فلانة» ولم يذكر القبول ، فلو كان القبول شرطا كان ما جعله مجزيا غير مجز ، فظهر ان القبول غير شرط حيث اجتزأ بدونه.

قال العلامة في القواعد : ولو زوج عبده أمته ففي اشتراط قبول المولى أو العبد إشكال ، ينشأ من انه عقد أو إباحة ، (فعند من يقول) (٢٩٩) : انه عقد ـ كما هو المشهور بين الأصحاب ـ افتقر الى قبول ، لأن كل عقد يفتقر إلى إيجاب وقبول ، وان قيل : انه اباحة ـ كمذهب ابن إدريس ـ لم يفتقر الى قبول ، وجزم في التحرير والمختلف انه عقد ، ومنع من كونه اباحة.

وأجاب في المختلف عن حجة ابن إدريس : انه ليس عقدا ، لأنه لا يفتقر الى القبول ، ولو كان عقدا لافتقر إليه بأن القبول انما يشترط في حق من يملكه ،

__________________

(٢٩٧) الفقيه ٣ : ٢٨٤ ، حديث ١ ، ورواه في الوسائل ، باب ٤٣ من أبواب نكاح العبيد ، حديث ١ (باختلاف يسير فيهما).

(٢٩٨) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٤٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٢٩٩) «ر ١» : فإنه ان قيل.

١٠١

والعبد هنا لا يملك القبول ، سواء قلنا انه عقد أو إباحة ، لأن النكاح مبني على الاحتياط التام ، ومع احتمال اشتراط القبول وعدمه إذا اتى بالقبول صح النكاح قطعا ، وإذا لم يأت به كان مشكوكا فيه ، فالاحتياط يقتضي القول بوجوب القبول ، وهو حسن.

قال رحمه‌الله : لو تزوج أمة بين شريكين ، ثمَّ اشترى حصة أحدهما بطل العقد وحرم عليه وطؤها ، ولو امضى الشريك الآخر العقد بعد الابتياع لم يصح ، وقيل : يجوز له وطؤها بذلك ، وهو ضعيف ، ولو حللها له ، قيل : تحل ، وهو المروي ، وقيل : لا ، لأن سبب الاستباحة لا يتبعض.

أقول : إذا ملك بعض زوجته بطل عقده عليها ، لأنه لا يستقر عقد إنسان على ملكه ، ويحرم عليه وطؤها لعدم اختصاصه بملكها ، وهل هناك طريق إلى إباحتها (سوى اشترى) (٣٠٠) الباقي؟ قيل : لا ، لأن سبب الإباحة لا يتعدد ولا يتبعض ، وهو مذهب ابن الجنيد ، واختاره المصنف والعلامة وفخر الدين وأبو العباس ، وهو المعتمد.

وقال الشيخ في النهاية : إذا أمضى الشريك الآخر العقد بعد الابتياع جاز وطؤها. واستضعفه المصنف ، لأن العقد الأول قد بطل بالشراء فلا يصير صحيحا بالإجازة ، وعقد البيع أوقعه الشريك ، فلا يفتقر إلى إجازة ، فقول النهاية لا وجه له.

وقال ابن إدريس : الأولى ان يقال : أو يرضى مالك بضعها (٣٠١) ، بأن يبيحه وطي ما يملكه فيها ، ويطأها بالملكية والإباحة دون العقد ، لأن الفرج لا يتبعض ، فيكون بعضه بالملك وبعضه بالعقد. هذا مذهب ابن إدريس : ويعضده رواية محمد

__________________

(٣٠٠) كذا في «م» و «ن» وفي الأصل كلمة غير مقروءة ، وفي «ر ١» : سواء سرى.

(٣٠١) «م» و «ر ١» : نصفها.

١٠٢

بن مسلم (٣٠٢) ، عن أبي جعفر عليه‌السلام.

وفيه اشكال لتعدد الأسباب فلا طريق إلى إباحة وطئها بدون شراء للباقي.

قال رحمه‌الله : وكذا لو ملك نصفها وكان الباقي حرا لم يجز له وطؤها بالملك ولا بالعقد (٣٠٣) ، فإن هايأها على الزمان ، قيل : يجوز ان يعقد عليها متعة في الزمان المختص بها ، وهو مروي ، وفيه تردد لما ذكرناه من العلة.

أقول : قوله : (وكذا) عطف على المنع من وطي من ملك بعضها ، فاذا كان البعض الآخر حرا فهاياها مولاها على الزمان ، قال في النهاية : يجوز نكاحها متعة في أيامها ، اعتمادا على رواية محمد بن مسلم (٣٠٤) ، عن الباقر عليه‌السلام ، ولأنها في أيامها كالحرة.

ومنع المصنف والعلامة ، لأن الفرج لا يتبعض ، اما جواز متعتها لغيره بإذنه فهو جائز.

قال رحمه‌الله : فإذا أعتقت المملوكة كان لها فسخ نكاحها سواء كانت تحت حر أو عبد ، ومن الأصحاب من فرق ، وهو الأشبه ، والخيار على الفور.

أقول : لا خلاف في ثبوت الخيار لها إذا كان زوجها عبدا ، واختلفوا في ثبوت الخيار لها إذا كان زوجها حرا ، فالشيخ في النهاية والمفيد وابن البراج وابن الجنيد وابن إدريس لم يفرقوا بين الحر والعبد ، واختاره المصنف في المختصر والعلامة وابنه ، وهو المعتمد.

واختار الشيخ في المبسوط والخلاف عدم ثبوته إذا كانت تحت حر ،

__________________

(٣٠٢) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٤١ من أبواب نكاح العبيد ، حديث ١. رواه الشيخ والصدوق عن محمد بن مسلم.

(٣٠٣) في الشرائع المطبوع : بالعقد الدائم.

(٣٠٤) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٤١ من أبواب نكاح العبيد ، حديث ١. رواه الشيخ والصدوق عن محمد بن مسلم.

١٠٣

واختاره المصنف هنا ، وأصل الخلاف ينشأ من اختلاف الرواية (٣٠٥) في واقعة بريرة ، ففي بعضها : ان زوجها كان حرا ، وفي بعضها : انه كان عبدا ، وذلك ان عائشة اشترت بريرة ، وهي تحت زوج وأعتقتها ، فخيرها رسول الله.

وقد ورد في بعض (٣٠٦) روايات أصحابنا : ان زوجها كان حرا ، وكذا ورد من طريق العامة (٣٠٧) ، وروى ابن عباس : «ان زوج بريرة كان عبدا أسود اسمه مغيث ، كأني انظر اليه يطوف خلفها وهو يبكي ودموعه تجري على لحيته ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للعباس : يا عباس الا تعجب من حب مغيث بريرة ومن بغض بريرة مغيثا؟! فقال لها صلى‌الله‌عليه‌وآله : لو راجعته فإنه أبو ولدك ، فقالت : يا رسول الله أتأمرني؟ فقال : إنما اشفع ، فقالت : لا حاجة لي فيه» (٣٠٨).

احتج الشيخ على الفرق باختصاص النص بالعبد فيختص بالحكم دون الحر ، لأن العقد قد ثبت ، والخيار يحتاج الى دليل.

واحتج المثبتون بأن المقتضي للخيار في العبد موجود في الحر ، وهو ملكها نفسها لقوله عليه‌السلام لبريرة : «ملكتي بضعك ، فاختاري» (٣٠٩) ولهم عليه روايات (٣١٠) والخيار انما هو على الفور.

__________________

(٣٠٥) لاحظ باب ٥٢ من أبواب نكاح العبيد والإماء.

(٣٠٦) لم نعثر عليها ، بل يوجد روايات مطلقة مثل (كان لها زوج) أو (كانت تحت زوج لها) ولا يوجد فيها وصف الزوج بأنه حر أو عبد.

(٣٠٧) سنن البيهقي : ٧ : ٢٢٣.

(٣٠٨) مستدرك الوسائل ١٥ : ٣٢ ، حديث ٣.

(٣٠٩) هذا النص غير موجود بعينه. ومضمونه في الوسائل ، ب ٥٢ نكاح العبيد ، ح ٦ و ٩.

ومسند أحمد ١ : ٢١٥.

(٣١٠) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٥٢ من أبواب نكاح العبيد ، حديث ١١ وغيره.

١٠٤

فروع :

الأول : لو أخرت الفسخ لجهالة العتق لم يسقط خيارها لاستحالة تكليف الغافل.

الثاني : لو أخرته لجهالة ثبوت الخيار احتمل السقوط ، لأن جاهل الحكم لا يعذر ، ويحتمل عدم السقوط ، لأنه حكم خفي لا يجب معرفته على الأعيان وكان جاهله معذورا والا لزم الحرج ، وانما الحكم الذي لا يعذر جاهله الذي يجب معرفته على الأعيان ، ودقائق الفقه معرفتها واجبة على الكفاية دون الأعيان ، فيكون الجاهل بها معذورا حتى يعلم بها باجتهاد أو تقليد لأهله.

الثالث : لو علمت بالعتق والخيار وأخرته لجهلها بالفورية ، احتمل مساواته لجهل أصل الخيار لاتحاد طريق المسألتين ، لأن العلة فيهما واحدة ، وهي جهل الحكم فان عذرت هناك عذرت هنا والا فلا.

ويحتمل الفرق بين جهل أصل الخيار وجهل الفورية ، والحكم بالعذر في الأول دون الثاني ، لأنها إذا لم تعلم بأصل الخيار كان التأخير لغير الإهمال والتقصير فلا يظهر منها امارة (٣١١) الرضا ، بخلاف ما إذا علمت بثبوت الخيار لها ثمَّ أخرته ، فإن التأخير هنا أمارة دالة على الرضا وان جهلت الفورية.

الرابع : لو أعتقت في العدة الرجعية كان لها خيار الفسخ فيمتنع الرجعة حينئذ ، وتكمل عدة الحرة ، ولو اختارت البقاء على النكاح لم يصح ، لأنها جارية إلى بينونة ، ولا يسقط خيارها لو راجعها في العدة فتعتد عدة اخرى من حين الفسخ.

الخامس : لو أعتقت الصبية أو المجنونة كان لهما الخيار عند زوال العذر.

قال رحمه‌الله : ويجوز ان يجعل عتق الأمة صداقها ويثبت عقده عليها

__________________

(٣١١) «ن» زيادة : دالة على.

١٠٥

بشرط تقديم لفظ العقد على العتق ، بأن يقول : تزوجتك وأعتقتك وجعلت عتقك صداقك ، لأنه لو سبق العتق كان لها الخيار في القبول والامتناع ، وقيل : لا يشترط ، لأن الكلام المتصل كالجملة الواحدة ، وهو حسن ، وقيل : يشترط تقديم العتق ، لأن بضع الأمة يباح لمالكها فلا يستباح بالعقد مع تحقق الملك ، والأول أشبه (١).

أقول : الأصل في هذه المسألة واقعة صفية بنت حي بن اخطب من ولد هارون بن عمران عليهما‌السلام ، اصطفاها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله من الغنيمة يوم فتح خيبر ، وأعتقها وتزوجها ، جعل عتقها صداقها بعد ان حاضت حيضة» (٣١٢) وأجمعت الإمامية (أصحابنا) (٣١٣) على انها من السنن المباحة المشروعة لجميع الأمة ، فإنه يجوز لكل واحد من أمة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ان يعتق أمته ويتزوجها ويجعل عتقها صداقها ، وأكثر الجمهور جعلوا ذلك من خصائص النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فاذا ثبت ذلك ، فهل يشترط تقديم النكاح أو تقديم العتق أو لا يشترط أحدهما؟ حكى المصنف ثلاثة أقوال ، وقد أشار الى وجوهها (٣١٤) بما فيه كفاية.

أ ـ قول الشيخ في النهاية وابن البراج وابن إدريس ، واختاره المصنف.

ب ـ قول أبي الصلاح ، واختاره العلامة في المختلف وفخر الدين وأبو العباس ، وهو المعتمد.

ج ـ قول الشيخ في الخلاف.

تنبيه : هل يشترط في هذا العقد القبول؟ أطلق جميع الأصحاب صحة هذا

__________________

(١) في الشرائع المطبوع : أشهر.

(٣١٢) البحار : ٢١ : ٣٤.

(٣١٣) ليس في «م» و «ن» و «ر ١».

(٣١٤) «ن» : أجودها.

١٠٦

العقد ولم يذكروا فيه القبول تبعا لواقعة صفية المتقدم ذكرها ولم ينقل اعتبار قبولها ، ولأن (سبب حريتها تزويج السيد بها فلو اعتبرنا قبولها لزوم الدور لأن اعتبار قبولها) (٣١٥) سبب حريتها ، وحريتها متوقفة على التزويج ، فلو توقف التزويج على القبول لزم الدور فلا يفتقر الى القبول.

واستشكل العلامة في قواعده اشتراط قبولها من انه عقد نكاح (٣١٦) ، فاشترط فيه القبول كغيره من عقود النكاح ، والأول هو المعتمد ، لأن هذا العقد مخالف للأصل وانما صير إليه لأجل النص ، فيجب المتابعة على ما ورد فيه النقل.

قال رحمه‌الله : وأم الولد لا تنعتق الا بعد وفاة مولاها من نصيب ولدها ، ولو عجز النصيب سعت في المتخلف ، ولا يلزم على ولدها السعي فيه ، وقيل : يلزم ، والأول أشبه.

أقول : إلزام ولدها بالسعي في المتخلف مذهب الشيخ في المبسوط ، وبه قال ابن حمزة لرواية يونس بن يعقوب (٣١٧) ، ووجوب السعي عليها مذهب ابن إدريس والمفيد ، واختاره المصنف والعلامة لأصالة براءة ذمة الولد من وجوب السعي عليه.

قال رحمه‌الله : ويجوز بيعها (مع وجود ولدها)(*) في ثمن رقبتها.

أقول : قد سبق البحث في ذلك في باب البيع ، وقد ذكرنا جواز بيعها في اثني عشر موضعا.

قال رحمه‌الله : لو كان ثمنها دينا فتزوجها المالك وجعل عتقها مهرها ثمَّ

__________________

(٣١٥) ليس في «ر ١».

(٣١٦) في الأصل : النكاح.

(٣١٧) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ١٥ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، حديث ٢. راجع الحدائق ٢٤ : ٢٦٩.

(*) من الشرائع المطبوع.

١٠٧

أولدها وأفلس بثمنها ومات بيعت في الدين ، وهل يعود ولدها رقا؟ قيل : نعم لرواية هشام بن سالم ، والأشبه انه لا يبطل العتق ولا النكاح ولا يرجع الولد رقا لتحقق الحرية فيهما.

أقول : روى الشيخ في الصحيح ، عن هشام بن سالم ، عن أبي بصير ، «قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام وانا حاضر عن رجل باع من رجل جارية بكرا إلى سنة فلما قبضها المشتري أعتقها من الغد وتزوجها وجعل مهرها عتقها ، ثمَّ مات بعد ذلك بشهر؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : ان كان الذي اشتراها إلى سنة له مال أو عنده ما يحيط بقضاء ما عليه من ثمن (٣١٨) رقبتها كان عتقه ونكاحه جائزان ، وان لم يكن يملك ما يحيط بقضاء ما عليه من ثمن رقبتها كان عتقه ونكاحه باطلان ، لأنه عتق ما لا يملك ، وأرى أنها لمولاها الأول ، قيل له : فان كانت قد علقت من الذي أعتقها وتزوجها ، ما حال الذي في بطنها؟ قال : الذي في بطنها مع أمه كهيئتها» (٣١٩) وبمضمون هذه الرواية أفتى الشيخ في النهاية ، وابن البراج وابن الجنيد.

وقال ابن إدريس : لا يبطل العتق ولا النكاح ، لأنهما صادفا ملكا صحيحا ، والولد قد انعقد حرا فلا سبيل الى بطلان ذلك. واختاره المصنف والعلامة وفخر الدين وأبو العباس ، وهو المعتمد ، لأن هذه الرواية قد خالفت أصلين قطعيين مجمع على عدم جواز مخالفتهما : الأول : اقتضت بطلان العتق بعد وقوعه صحيحا لصدوره من مالك بالغ عاقل جائز التصرف ، مع ان العتق إذا وقع صحيحا لم يجز إبطاله قطعا. الثاني : انها اقتضت استرقاق مولود بين حرين ، وهو مجمع على بطلانه ، فلا يرجع عن الأصول القطعية إلا بأدلة قطعية مثلها ، ولم

__________________

(٣١٨) «م» و «ن» و «ر ١» : الدين في.

(٣١٩) التهذيب ٨ : ٢١٣ ، حديث ٧٦٢ ، ورواه في الوسائل ، كتاب العتق ، باب ٢٥ ، حديث ١.

١٠٨

يحصل.

وأوّل أصحابنا الرواية بتأويلات لا يخلو أحدها من ضعف ، فلا فائدة في إيرادها ، بل اما ان يرجع الى صورة النص من غير تأويل ، كمذهب الشيخ ومن تابعه ، أو الى الأصول المسلمة كمذهب ابن إدريس ومن تابعه من غير توسط تأويل.

قال رحمه‌الله : وكذا حكم العبد إذا كان تحته أمة ، ولو كان تحته حرة فبيع كان للمشتري الخيار على رواية فيها ضعف.

أقول : إذا بيعت الأمة المزوجة كان لمشتريها الخيار وان كانت تحت حر ، ولو بيع العبد المزوج كان لمشتريه الخيار إذا كانت زوجته أمة ، ولو كانت حرة هل يكون له خيار؟ قال الشيخ في النهاية والقاضي وابن حمزة : نعم ، واختاره العلامة وأبو العباس لرواية محمد بن علي (٣٢٠) ، عن أبي الحسن عليهم‌السلام ، ومنع ابن إدريس لأصالة بقاء العقد.

فرع : لو كان المشتري جماعة ، فاختار بعضهم الفسخ وبعضهم الإمضاء قدم اختيار الفاسخ.

قال رحمه‌الله : لو باعها بعد الدخول كان المهر للأول ، سواء أجاز الثاني أو فسخ ، لاستقراره في ملك الأول ، وفيه أقوال مختلفة ، والمحصل ما ذكرناه.

أقول : اختيار المصنف هو مذهب ابن إدريس ، واختاره العلامة ، وهو المعتمد.

وقال الشيخ في المبسوط : ان كان الأول قبض المهر فهو له ، فان كان بعد الدخول استقر ، وان كان قبله رد نصفه وان كان لم يقبضه فلا مهر لها لا للأول ولا للثاني ، فإن اختار المشتري الإمضاء ولم يكن قبض الأول المهر كان للثاني ، لأنه

__________________

(٣٢٠) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٦٤ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، حديث ٤.

١٠٩

تجدد في ملكه ، فان دخل بها بعد الشراء استقر الكل ، وان طلقها قبل الدخول كان عليه نصف المهر للثاني ، وان كان الأول قد قبض المهر ورضي الثاني بالعقد لم يكن له شي‌ء ، فان باعها قبل الدخول فرضي المشتري بالعقد ودخل بها الزوج بعد البيع كان نصف المهر للسيد الأول ونصفه للثاني ، وان كان قد قبض الأول بعض المهر ثمَّ باعها لم يكن له المطالبة بباقي المهر سواء دخل بها أو لم يدخل ، لأنه حال بينه وبين الاستمتاع بها ، فان كان الثاني رضي بالعقد كان له المطالبة بباقي المهر (سواء دخل بها أو لم يدخل) (٣٢١) وان لم يرض لم يكن له ذلك.

ومستنده في ذلك رواية سعدان بن مسلم (٣٢٢) ، عن ابي بصير ، عن أحدهما عليهما‌السلام.

قال رحمه‌الله : لو زوج عبده بحرة ثمَّ باعه قبل الدخول ، قيل : كان للمشتري الفسخ ، وعلى المولى نصف المهر ، ومن الأصحاب من أنكر الأمرين.

أقول : المنكر ابن إدريس فإنه أنكر ثبوت الفسخ لمشتري العبد إذا كان تحته حرة ، وقد سبق البحث في ذلك ، وعلى تقدير الفسخ أنكر تنصيف المهر ، وأوجب الجميع على السيد ، لأنه يجب الجميع بالعقد ، وانما تنصف بالطلاق ولم يحصل فلا يسقط منه شي‌ء لأصالة بقاء حق المسلم ما لم يعلم سقوطه ، وهو لا يعلم بغير الطلاق.

ووجوب النصف خاصة مذهب الشيخ رحمه‌الله وابن البراج وابن حمزة ، واختاره المصنف والعلامة وفخر الدين ، لأن البيع سبب التفريق فاذا انضم اليه فسخ المشتري كمل السبب فيسقط نصف المهر كالطلاق ، ولرواية علي بن

__________________

(٣٢١) ليس في «م» و «ن» و «ر ١».

(٣٢٢) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٨٧ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، حديث ١.

١١٠

حمزة (٣٢٣) ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، الدالة على المطلوب.

قال رحمه‌الله : لو باع أمته وادعى ان حملها منه ، وأنكر المشتري لم يقبل قوله في إفساد البيع ويقبل في التحاق الولد ، لأنه إقرار لا يتضرر به الغير ، وفيه تردد.

أقول : منشؤه من انه إقرار لا يتضرر به المشتري ، لأنه لا يخرج عن ملكه بنفس الإقرار ، بل هو وأمه باقيان على ملك المشتري وان التحق نسبه بالمقر ، ومن احتمال تطرق الضرر الى مالكه كما لو مات أبوه من غير وارث سواه ، فإنه يشتري قهرا على مالكه ، وهو عليه ضرر ، وكل إقرار يتضرر به الغير فهو غير مقبول.

قال رحمه‌الله : ولو زوجه أمته كان عقدا صحيحا لا اباحة ، وكان الطلاق بيد المولى وله ان يفرق بينهما بغير لفظ الطلاق ، مثل أن يقول : فسخت عقدكما ، أو يأمر أحدهما باعتزال صاحبه ، وهل يكون هذا اللفظ طلاقا؟ قيل : نعم حتى لو كرره مرتين وبينهما رجعة حرمت حتى تنكح غيره ، وقيل : يكون فسخا ، وهو أشبه.

أقول : إذا فرق بينهما بلفظ الطلاق كان طلاقا على القول بأن تزويج العبد بأمة مولاه عقد ، وحينئذ تفتقر الى شروط الطلاق ، وعلى القول بأنه اباحة ـ كمذهب ابن إدريس ـ لا يكون طلاقا وان فرق بينهما بالطلاق ، اما إذا فرق بينهما بغير لفظ الطلاق ، كقوله : (فسخت عقدكما) أو بأمر أحدهما باعتزال صاحبه ، فقد قيل : انه يكون طلاقا ، لأنه قائم مقام الطلاق في الفرقة وحكم احد المساويين حكم الآخر ، ولأن الفسخ انما يكون بواسطة عقد أو بيع أو عتق أو رده ، وليس هذا منها ، فيكون هذا اللفظ طلاقا.

__________________

(٣٢٣) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٧٨ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، حديث ١.

١١١

وقيل : انه فسخ لامتناع وقوع الطلاق بالكناية بإجماع الإمامية ، ولو قلنا : انه طلاق لوقع الطلاق بالكناية ، وهو خلاف إجماع الإمامية ، فلا يكون طلاقا ولا يفتقر إلى شرائط الطلاق ، وهو اختيار ابن إدريس والمصنف والعلامة ، والشهيد في شرح الإرشاد ، وهو المعتمد.

فرعان :

الأول : لو استقل العبد بالطلاق من غير اذن السيد ، هل تقع أم لا؟ (اختاره العلامة) (٣٢٤) على اشكال ، ووجه الاشكال عموم قوله عليه‌السلام : «الطلاق بيد من أخذ بالساق» (٣٢٥) غاية ما في الباب انه منهي عنه بغير اذن السيد هنا ، والنهي هنا لا يدل على الفساد.

ومن ان الطلاق بيد السيد هنا لما رواه ليث المرادي «قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن العبد يجوز طلاقه؟ قال : ان كانت أمتك فلا ان الله تعالى يقول (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ‌ءٍ) (٣٢٦) وان كانت امة غيرك أو حرة جاز طلاقه» (٣٢٧) وهذا نص على عدم صحة طلاقه ، ولأن الطلاق هنا بيد المولى ، والطلاق لا يجوز ان يكون بيد العبد (٣٢٨) ، فلو جوزنا طلاق العبد هنا بغير اذن سيده لكان الطلاق بيد العبد (٣٢٩) بالأصالة وهو غير جائز فلا يصح طلاق العبد بغير اذن السيد هنا ، وهو المعتمد.

الثاني : لو امره المولى بالطلاق ، هل يكون نفس الأمر فسخا؟ يحتمل

__________________

(٣٢٤) «م» و «ن» و «ر ١» : اختار العلامة وقوعه.

(٣٢٥) سنن البيهقي ٧ : ٣٦٠.

(٣٢٦) النمل : ٧٥.

(٣٢٧) الوسائل ، كتاب الطلاق ، باب ٤٣ من أبواب مقدماته وشرائطه ، حديث ٢.

(٣٢٨) «م» و «ن» و «ر ١» : اثنين.

(٣٢٩) «م» و «ن» و «ر ١» : اثنين.

١١٢

ذلك ، لأن الأمر بالاعتزال يتضمن الاعتزال ، وهو معنى الفسخ ، ولأن عصمة نكاح العبد أمة مولاه ضعيفة يكفي في زوالها ادنى امارة ، وقد وجدت فيوجد الفسخ.

ويحتمل العدم ، لأن الأمر بالطلاق يتوقف على بقاء الزوجية إلى حين إيقاعه ، فلو دل على فسخ العقد بنفس الأمر بالطلاق لتنافي مدلولا (٣٣٠) اللفظ ، ولأن أمر العبد بالطلاق يدل على إيراده (٣٣١) إيقاع الطلاق بفعل العبد فيتوقف على فعله فلا يحصل قبله ، وهو المعتمد.

__________________

(٣٣٠) «م» و «ن» و «ر ١» : مدلول.

(٣٣١) «ن» : إرادة.

١١٣
١١٤

في ملك المنفعة

قال رحمه‌الله : اما الصيغة فان يقول : أحللت لك وطأها أو جعلتك في حل من وطئها ، ولا يستباح بلفظ العارية ، وهل يستباح بلفظ الإباحة؟ فيه خلاف ، أظهره الجواز.

أقول : الاقتصار على لفظ التحليل مذهب الشيخ وابن حمزة (٣٣٢) ، واختاره فخر الدين لأصالة التحريم ما لم يحصل السبب المبيح بنص الشارع ، وهو لم يحصل بغير التحليل فيبقي الباقي على أصالة التحريم ، وسوغه ابن إدريس بلفظ الإباحة ، واختاره العلامة لمشاركة التحليل الإباحة في المعنى فيشتركان في الحكم ، وهو ظاهر المصنف.

فروع :

الأول : لو كانت مشتركة ووكل أحدهما الآخر في العقد أو يؤكلان ثالثا فلو باشرا فقال كل منهما : (أحللت لك وطأها) صح إذا أوقعاه دفعة ، وان كان على التعاقب لم يصح ، ولو قال كل منهما : (أحللت لك حصتي) هل يصح أم لا؟

__________________

(٣٣٢) «م» و «ن» و «ر ١» : زهرة.

١١٥

يحتمل الصحة ، لأن إباحة كل منهما انما هو لحصته وقد ثبت انهما إذا باشرا دفعة بأن قال كل منهما : (أحللت لك وطي هذه الجارية) صح لدلالة اللفظ على حصته ضمنا ، وإذا دل اللفظ على الحصة بالمطابقة كان اولى.

ويحتمل العدم ، لأن منفعة البضع واحدة فلا يصح إفراد حصة كل واحد منهما بالإباحة ، وهذا هو المعتمد ، وكما لا يصح إفرادها بالإباحة لا يصح افرادها بالعقد ، ولا يجوز لأحد الشريكين الاستمتاع بما يحرم على الأجنبي.

الثاني : هل يفتقر هذا العقد الى تعيين مدة؟ نص الشيخ في المبسوط على افتقاره إلى مدة ، قال : لأنه يجري مجرى إسكان الدار وأعمارها ، (ولأن حل) (٣٣٣) ذلك يحتاج إلى مدة (٣٣٤) ، وظاهر ابن إدريس عدم احتياجه إلى المدة ، وهو اختيار العلامة ، لأنه نوع تمليك خال عن المعاوضة فأشبه العارية ، وهذا هو المعتمد ، فحينئذ يباح الوطي حتى يحصل النهي عنه ، ولو قرنه بمدة جاز الرجوع قبل انقضائها.

الثالث : هل يفتقر هذا العقد الى قبول مقارن للإيجاب؟ أطلق أكثر الأصحاب ذلك ولم يذكروا القبول ، وقال فخر الدين : قال ابن إدريس : انه ملك منفعة ، ونقل عن المرتضى انه عقد ، ثمَّ قال : تذنيب يلزم من ذلك ذنبك (٣٣٥) اشتراط القبول عندي (٣٣٦). هذا آخر كلامه رحمه‌الله ، واختاره أبو العباس في المهذب ، وهو المعتمد.

قال رحمه‌الله : وهل هو عقد أو تمليك منفعة فيه خلاف بين الأصحاب ، منشؤه عصمة الفرج عن الاستمتاع بغير العقد أو الملك ، ولعل الأقرب هو الأخير.

__________________

(٣٣٣) «م» و «ن» و «ر ١» : ولأجل.

(٣٣٤) «م» و «ن» و «ر ١» : بزيادة معلومة.

(٣٣٥) كذا في الأصل و «م» ، أما في «ن» و «ر ١» لا توجد : ذنبك.

(٣٣٦) «م» و «ن» و «ر ١» : وهو الأقوى عندي.

١١٦

أقول : نقل ابن إدريس عن السيد المرتضى في الانتصار ان تحليل السيد جاريته لغيره عقد متعة ، والتحليل والإباحة عبارة عنه ، لأن إباحة الفروج منحصرة في العقد والملك (لا لغيرهما) (٣٣٧) ، وملك الرقبة هنا منتف فما بقي غير العقد ، ولا يجوز ان يكون عقدا دائما ، لأن رفعه لا يتوقف على اختيار الزوج الرجوع ، فيكون عقد متعة.

ونقل عن الشيخين وغيرهما من المشيخة انه تمليك منفعة مع بقاء الأصل ، كسكنى الدار وأعمارها ، ثمَّ اختار مذهب الشيخين ، وهو اختيار المصنف والعلامة.

ويتفرع على قول السيد تعيين الأجل واذن الحرة ان كانت عنده ، وكذلك إذن العمة والخالة إن كانتا عنده ، وعلى قول ابن إدريس لا يفتقر إلى شي‌ء من ذلك ، وعلى قول ابن إدريس للسيد النظر إليها ولمسها وتقبيلها بشهوة وغير شهوة ، وليس له ذلك على قول المرتضى.

قال رحمه‌الله : وفي تحليل أمته لمملوكه روايتان أحدهما المنع ، ويؤيدها انه نوع من تمليك والعبد بعيد عن التملك ، والأخرى الجواز إذا عين له الموطوءة ، ويؤيدها انه نوع من اباحة وللمملوك أهلية الإباحة ، والأخير أشبه.

أقول : المنع مذهب الشيخ في النهاية ، واختاره العلامة في المختلف ، وفخر الدين في شرحه لرواية علي بن يقطين ، عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام «انه سئل عن المملوك أيحل له ان يطأ الأمة من غير تزويج إذا أحل له مولاه؟ قال : لا يحل له» (٣٣٨) ولأنه نوع تمليك والعبد لا يملك شيئا ، والجواز مذهب ابن إدريس ، واختاره المصنف ، والعلامة في القواعد والإرشاد لعموم قوله تعالى :

__________________

(٣٣٧) «م» و «ن» و «ر ١» : لغيرهما.

(٣٣٨) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٣٣ من أبواب نكاح العبيد والإماء ، حديث ٢.

١١٧

(فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ) (٣٣٩) وعموم قوله تعالى (وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ) (٣٤٠) ولأنه نوع اباحة ، والعبد أهل لها.

والمراد بقولهم : (نوع إباحة) أي في الحكم ، لأن للمالك رفع يده في كل حين ، وعند (٣٤١) استيفاء المنفعة يحصل الملك (٣٤٢) كالعارية ، لأن الناس فريقان قائل بأنه عقد ، وقائل بأنه تمليك منفعة ، ولا قائل بأنه اباحة ، فثبت ان المراد بقولهم : (انه نوع اباحة) ما قلناه.

فرع : لو أحل أمته لمملوك غيره فان قلنا : انه عقد أفتقر إلى اذن السيد قبله أو إجازته بعده ، وان قلنا : انه تمليك لم يجز ، لأن العبد لا يملك شيئا.

قال رحمه‌الله : ولو ملك بعضها فأحلته نفسها لم تحل ، ولو كانت مشتركة فأحله الشريك ، قيل : تحل والفرق انه ليس للمرأة ان تحل نفسها.

أقول : القائل بالحل مع تحليل الشريك هو الشيخ في النهاية ، واختاره العلامة في القواعد والتحرير ، ويحتمل العدم لعدم جواز تبعيض سبب الإباحة.

والتحقيق انه ان جعلناه عقدا كمذهب السيد فالتبعيض هنا حاصل فلا يجوز ، وان جعلناه تمليكا كمذهب ابن إدريس والمصنف والعلامة كان الجواز قويا ، لان الملك له أسباب كالشراء والإرث والاتهاب والإجارة والعارية ، ومن جملتها التحليل هنا ، لأنه سبب تمليك (٣٤٣) منفعة البضع فيصير الجميع مملوكا له فلا تبعيض ، لأن تبعيض الملك غير مانع.

ويحتمل المنع ، لأنه ملك البعض تبعا للرقبة ، والبعض الآخر مجرد عن

__________________

(٣٣٩) النساء : ٢٥.

(٣٤٠) النور : ٣٢.

(٣٤١) «ن» : وعنده.

(٣٤٢) «ن» : للمالك.

(٣٤٣) «ر ١» : تمليكه.

١١٨

الرقبة فهو كالتزويج والتبعيض حاصل فيقوى المنع.

قال رحمه‌الله : ولد المحللة حر ، ثمَّ ان شرط الحرية مع لفظ الإباحة فالولد حر ولا سبيل على الأب وان لم يشترط قيل : يجب على أبيه فكه بالقيمة ، وقيل : لا يجب ، وهو أصح الروايتين.

أقول : مذهب الشيخ في النهاية أن ولد المحللة مع عدم اشتراط الحرية لمولاها ، وعلى أبيه ان يشتريه بماله ان كان له مال ، والا استسعى في ثمنه لرواية ضريس بن عبد الملك «قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الرجل يحل لأخيه فرج جاريته؟ قال : هو حلال ، فان جاءت بولد منه فهو لمولى الجارية الا ان يكون اشترط على مولى الجارية حين أحلها إن جاءت بولد فهو حر» (٣٤٤) ومثلها رواية حسين العطار (٣٤٥) ، عنه عليه‌السلام.

وقال ابن إدريس : الولد يكون حرا وليس على أبيه شي‌ء ، لأن الولد يلحق بأشرف الطرفين ، واختاره المصنف والعلامة ، وهو المعتمد ، لأن مبنى الحرية على التغليب ، ولهذا لو أعتق جزءا من مائة جزء سرى العتق الى الجميع ، ولما رواه زرارة في الحسن «قال : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : الرجل يحل جاريته لأخيه؟ قال : لا بأس ، قال : قلت : فان جاءت بولد؟ قال : يضم اليه ولده ويرد الجارية على صاحبها ، قلت له : انه لم يأذن في ذلك؟ قال : قد اذن له وهو لا يأمن ان يكون ذلك» (٣٤٦) وفي معناها رواية إسحاق بن عمار (٣٤٧).

__________________

(٣٤٤) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٣٧ من أبواب نكاح العبيد ، حديث ١.

(٣٤٥) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٣٧ من أبواب نكاح العبيد ، حديث ٢.

(٣٤٦) التهذيب ٧ : ٢٤٧ ، حديث ١٠٧٣ ، ورواه في الوسائل ، باب ٣٧ من أبواب نكاح العبيد ، حديث ٤.

(٣٤٧) الوسائل ، كتاب النكاح ، باب ٣٧ من أبواب نكاح العبيد ، حديث ٧.

١١٩
١٢٠