مركز الأبحاث العقائديّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-02-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥٢٠
والحال وفي نفس المقام لم يقيّد التطهير والعصمة من الأرجاس عن أهل البيت عليهمالسلام بشيءٍ ؛ فنستفيد بأنّ عنوان أهل البيت يختلف موضوعاً عن عنوان الأزواج.
( محمّد علي ـ ... ـ ..... )
كيفية انتشار النسل الهاشمي :
س : كلّنا يعلم بأنّ النسل الهاشمي انتشر في بقاع الأرض ، هل لنا أن نعرف بالتفصيل كيف انتشر في البلاد التي تقع شرق الجزيرة العربية؟ مع خالص الشكر.
ج : إنّ نسل الرسول صلىاللهعليهوآله قد انتشر وشاع من أولاد علي وفاطمة عليهماالسلام ، وهذا ممّا لا خلاف فيه.
وأمّا كيفية الانتشار فهي تختلف باختلاف الموارد والبقاع ، فبعضهم قد التجأ إلى مناطق نائية حذراً من بطش حكّام الجور ، وبعضهم هاجر إلى بلاد بعيدة للتبليغ والدعوة ، وحفظاً على عقيدته ونفسه وعياله ، عندما كانت تطاردهم الحكومات الأمويّة والعباسيّة وغيرهما ، وبعضهم سافر إلى بقاع كان يراها موالية لأهل البيت عليهمالسلام ، وبعضهم الأخر انتقل إلى أماكن خاصّة من البلاد الإسلامية ، في سبيل القيام بالثورة في وجه الطغيان والتعدّي الحاكم آنذاك ، لما فيها من أرضية اجتماعية مؤيّدة لها.
( أُمّ علي ـ البحرين ـ .... )
لا دليل على أنّ الانتساب يكون من طريق الأب فقط :
س : إنّ النسب للولد والبنت هو من الأب ، وليس من الأُمّ ، ونحن في المذهب الشيعيّ نقول : السادة من أبناء الرسول صلىاللهعليهوآله ، والرسول الأعظم لم يكن له أبناء.
الرجاء توضيح الأمر ، وشرح كيفية نسب الأئمّة وبني هاشم ، وإرشادي إلى مراجع ، وجزاكم الله ألف خير.
ج : لا دليل على أنّ الانتساب يكون فقط من طريق الأب ، كيف وقد نصّ القرآن الكريم بلحاق عيسى عليهالسلام عن طريق أُمّه مريم عليهاالسلام بذراري الأنبياء عليهمالسلام : ( وَمِن ذُريته داودَ وَسُلِيمانَ ... وَيَحيى وَعيسى ... ) (١).
وأيضاً قد اتفق المسلمون على أنّ المراد من ( أَبْنَاءنَا ) في آية المباهلة ( فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا ... ) (٢) ، الحسن والحسين عليهماالسلام (٣).
أضف إلى ذلك ورود روايات في كتب العامّة تصرّح ببنوّة الحسن والحسين عليهماالسلام ، وولد علي عليهالسلام ، وأولاد فاطمة عليهاالسلام للرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله (٤).
ثمّ إنّ هناك أحكام شرعية كالإرث واستحقاق سهم السادة في الخمس تختصّ بمواردها المنصوص عليها ، فلا تنفي الانتساب من جهة الأُمّ ، بل إنّها قوانين خاصّة تعبّدية لا علاقة لها بالمميّزات التكوينية.
وفي الختام : ننقل لكم مقطعاً من المناظرة التي دارت بين الإمام الكاظم عليهالسلام مع هارون الرشيد ، والتي تختصّ بموضوعنا هذا :
« ثمّ قال : ـ يعني هارون الرشيد ـ لي : لمَ جوّزتم للعامّة والخاصّة أن ينسبوكم إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ويقولوا لكم : يا بني رسول الله ، وأنتم بنو علي ،
__________________
١ ـ الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥.
٢ ـ آل عمران : ٦١.
٣ ـ ذخائر العقبى : ٢٥ ، الجامع الكبير ٤ / ٢٩٣ ، فتح الباري ٧ / ٦٠ ، معرفة علوم الحديث : ٥٠ ، تفسير القرآن ١ / ١٢٢ ، جامع البيان ٣ / ٤٠٨ ، أحكام القرآن ٢ / ١٨ ، أسباب نزول الآيات : ٦٨ ، شواهد التنزيل ١ / ١٥٦ و ١٦٣ و ١٨٢ ، زاد المسير ١ / ٣٣٩ ، الدرّ المنثور ٢ / ٣٩ ، أُسد الغابة ٤ / ٢٦ ، الإصابة ٤ / ٤٦٨ ، الجوهرة : ٦٩ ، البداية والنهاية ٥ / ٦٥ و ٧ / ٣٧٦ ، الإمامة والسياسة ١ / ٢٠٩ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ١٠٣ ، جواهر المطالب ١ / ١٧١ ، ينابيع المودّة ١ / ٤٣ و ١٣٦ و ١٦٥ و ٢ / ١٢٠ و ٤٣٢ و ٣ / ١١٨.
٤ ـ ينابيع المودة ٢ / ٤٤٦ ، كفاية الطالب : ٣٧٩ ، إحياء الميت : ٢٧.
وإنّما ينسب المرء إلى أبيه ، وفاطمة إنّما هي وعاء ، والنبيّ جدّكم من قبل أُمّكم؟
فقلت : ـ يعني الإمام موسى الكاظم عليهالسلام ـ : يا أمير المؤمنين لو أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله نُشر ، فخطب إليك كريمتك هل كنت تجيبه؟
فقال : سبحان الله ولمَ لا أجيبه؟ بل أفتخر على العرب والعجم وقريش بذلك.
فقلت له : لكنّه لا يخطب إليّ ولا أزوّجه.
فقال : ولِمَ؟
فقلت : لأنّه ولدني ولم يلدك.
فقال : أحسنت يا موسى.
ثمّ قال : كيف قلتم إنّا ذرّية النبيّ ، والنبيّ لم يعقب ، وإنّما العقب للذكر لا للأنثى ، وأنت ولد الابنة ولا يكون ولدها عقباً له؟ ....
فقلت : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ( وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ ) (١) ، مَن أبو عيسى يا أمير المؤمنين؟
فقال : ليس لعيسى أب.
فقلت : إنّما ألحقناه بذراري الأنبياء عليهمالسلام من طريق مريم عليهاالسلام ، وكذلك أُلحقنا بذراري النبيّ صلىاللهعليهوآله من قبل أُمّنا فاطمة عليهاالسلام ، أزيدك يا أمير المؤمنين؟
قال : هات.
قلت : قول الله عزّ وجلّ : ( فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ
__________________
١ ـ الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥.
فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ ) (١) ، ولم يدّع أحد أنّه أدخل النبيّ صلىاللهعليهوآله تحت الكساء عند مباهلة النصارى إلاّ علي بن أبي طالب ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ، فـ ( أَبْنَاءنَا ) : الحسن والحسين ، و ( وَنِسَاءنَا ) : فاطمة ، و ( وَأَنفُسَنَا ) : علي بن أبي طالب عليهالسلام » (٢).
( ... ـ ... ـ ..... )
والصلاة عليهم :
س : لا يجوز أن نصلّي على آل الرسول ، وإنّما نقول : رضي الله عنهم.
ج : لا مانع من ذكر الصلاة والسلام على آل الرسول صلىاللهعليهوآله ، حتّى إنّه جاء في بعض تفاسير السنّة في آية ( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) (٣) ، إنّها قرأت بصورة « آل » ـ قراءة نافع وابن عامر ويعقوب ـ والمقصود منه آل محمّد صلىاللهعليهوآله (٤).
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أنّه قال ـ في ( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) : « نحن آل محمّد آل ياسين ، وهو ظاهر في جعل « ياسين » اسماً للنبيّ صلىاللهعليهوآله » (٥).
هذا ، وقد دلّت روايات كثيرة عند الفريقين بوجوب إدخال آل الرسول صلىاللهعليهوآله في الصلاة عليه ، والنهي عن الصلاة البتراء ، أي الخالية من ذكرهم عليهمالسلام (٦).
__________________
١ ـ آل عمران : ٦١.
٢ ـ الاحتجاج ٢ / ١٦٣ ، عيون أخبار الرضا ٢ / ٨٠ ، تحف العقول : ٤٠٥.
٣ ـ الصافات : ١٣٠.
٤ ـ التفسير الكبير ٩ / ٣٥٤.
٥ ـ روح المعاني ١٢ / ١٣٥ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٢٢.
٦ ـ مسند أحمد ٣ / ٤٧ و ٤ / ٢٤١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٢٩٣ ، الجامع الكبير ١ / ٣٠١ ، سنن النسائيّ ٣ / ٤٧ ، المصنّف للصنعانيّ ٢ / ٢١٢ ، مسند ابن الجعد : ٤٠ ، المصنّف ابن أبي شيبة ٢ / ٣٩٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ١ / ٣٨٢ ، و ٦ / ١٨ ، صحيح ابن حبّان ٥ / ٢٨٧ و ٢٩٥ ، المعجم الصغير ١ / ٨٥ ، المعجم الأوسط ٣ / ٩١ و ٤ / ٣٧٨ و ٧ / ٥٧ ، المعجم الكبير ١٧ / ٢٥٠ و ١٩ / ١٢٤ و ١٥٥ ، كنز العمّال ٢ / ٢٧٥ ، جامع البيان ٢٢ / ٥٣ ، زاد المسير
فذكر الصلاة والسلام على آل الرسول صلىاللهعليهوآله منصوص ومشروع ومؤيّد عقلاً ونقلاً.
( يوسف ـ الكويت ـ .... )
وخلق السماوات :
س : هل تفسير الآية الشريفة ( وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ) (١) ، يقصد بها خلق الإمام علي عليهالسلام ، أو أهل البيت عليهمالسلام السماء؟ لأنّ الله تعالى ليس له يد.
ج : إنّ اليد في الآية بمعنى القوّة والتمكّن والسيطرة ، وليست بمعنى اليد الجارحة ، ويتضّح المعنى جليّاً عندما نرى قوله : ( وَإِنَّا ) ، فينسب البناء والتوسيع بالصراحة لنفسه عزّ وجلّ.
ومن جانب آخر : فإنّ الأدلّة العقليّة والنقليّة تفرض ـ بما لا محيص عنها ـ بأن نعتقد بعدم الجسمانية ـ أي شؤون المادّية ـ في ذاته تبارك وتعالى ، فبالنتيجة يظهر لنا معنى اليد ، بأنّها قدرة الإيجاد والتكوين لا غير ، وأمّا التعبير بهذا اللفظ فهو من باب التشبيه والاستعارة والتنزيل.
وأمّا في مورد تفسير هذه الآية ، فلم يرد حديث ، ولا دليل عقليّ في تفاسير الفريقين بما سألتموه ، فالمتّبع الظهور اللغوي بمعونة الأدلّة العقليّة والنقليّة.
( إبراهيم ـ السعودية ـ ١٧ سنة ـ طالب ثانوية )
حرّمت الصدقة عليهم :
س : لماذا حرّم النبيّ صلىاللهعليهوآله الصدقة على آل البيت؟ وجزاكم الله خيراً.
__________________
٦ / ٢١٤ ، الدرّ المنثور ٥ / ٢١٥ ، فتح القدير ٤ / ٣٠٣ ، تاريخ بغداد ٨ / ١٣٧ ، البداية والنهاية ١ / ١٩٨ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٠ ، و ١٢ / ٤٣٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٤١.
١ ـ الذاريات : ٤٧.
ج : إنّ الصدقة شرّعت لأجل تطهير الأموال وتزكيتها ، قال تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم ... ) (١) ، والتطهير يتضمّن الدنس والوسخ ، فكأنّ هذا المال عند بلوغه حدّاً معيّناً ، فإنّه كما يتكاثر من حيث المالية يتكاثر معه الدنس والوسخ ، ويصبح ملوّثاً ولا يطهر ، ولا يرتفع عنه التلوّث إلاّ بإخراج الصدقة منه ، فهذه الصدقة هي اللوث الذي عرض على مال الغني عند بلوغه حدّاً معيّناً ؛ ولأجل ذلك كرّم الله تعالى بني هاشم من أن يأخذوا هذا المال ، والعيش بهذه الأوساخ.
وهذا ملحوظ أيضاً في السياق القرآني لآية الزكاة وآية الخمس ، فنجد أنّ التعبير بلفظ التطهير ورد في آية الصدقة دون آية الخمس ، بل نجدها تشرّع الخمس والأنفال مع حفظ مقام النبوّة والإمامة بمستوى من الإجلال والتقدير.
روى الشيخ الكليني ( قدس سره ) عن سليم بن قيس قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : « نحن والله الذين عنى الله بذي القربى ، الذين قرنهم الله بنفسه ونبيّه صلىاللهعليهوآله فقال : ( مَّا أَفَاء اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى ... ) (٢) منّا خاصّة ، ولم يجعل لنا سهماً من الصدقة ، أكرم الله نبيّه وأكرمنا أن يطعمنا أوساخ ما في أيدي الناس » (٣).
وثانياً : يمكن أن يكون تحريم الصدقة على بني هاشم باعتبار شرف مقام النبيّ ، إذ إنّ النفس النبوية لها مرتبتها الخاصّة ، وقداستها المميّزة عن بقية النفوس ، كما هو الملحوظ في الروايات والزيارات ، والمعطي يكون أكمل من المعطى ، بعد ملاحظة كون الزكاة هي أوساخ ما في أيدي الناس ، وأهل البيت مطهّرون من الدنس والوسخ ، فلا يكونوا محلاً لأوساخ الناس.
وهذه المسألة من مختصّات النبيّ صلىاللهعليهوآله في ذرّيته تكريماً له ، وذلك كجعل
__________________
١ ـ التوبة : ١٠٣.
٢ ـ الحشر : ٧.
٣ ـ الكافي ١ / ٥٣٩.
نسائه أُمّهات المؤمنين من باب تحريم نكاحهن من بعده ، وذلك تكريماً للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، لأنّهن قد نسبن إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فيقال زوجات النبيّ ، وكذلك هو الأمر في ذرّيته ، حيث يقال : ذرّية الرسول صلىاللهعليهوآله.
( حسن. البحرين ـ ٢٦ سنة ـ طالب ثانوية )
لولاهم لما خلق الكون :
س : هناك بعض الأشخاص يتّهموننا بالكفر ، ويحتجّون علينا بهذا الحديث : « لولاك يا محمّد لما خلقت الأكوان ، ولولا علي لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما » (١) ، أرجو منكم أن تفسّروا لنا هذا الحديث.
ج : إنّ هذا الحديث ليس به بأس من حيث المعنى ، وإنّ الجهلة عندما لايرون مستمسكاً حقّاً يعتمدون عليه ، يتشبّثون بتفاسير لأحاديثنا لا نصيب لها من الواقع ، فمثلاً بدلاً من أن يتحققّون في معنى هذا الحديث يرموننا بما لا يليق.
وعلى أيّ حال ، فمعنى هذه الرواية هو : أنّ غاية الله تعالى من الخلق هي هدايتهم وكمالهم ، وفي هذا الطريق المستقيم لابدّ وأن ينصب للخلق علماً نبيّاً ، يكون على اتّصال مباشرة بمبدأ الخلق والوحي ؛ ولو لم يُخلَق في عالم الوجود رسولاً من جانب الباري تعالى انتفت حكمة الخلق بأسرها ، إذ لم يمكن حينئذٍ اهتداء المجموعة البشرية.
فالفقرة الأُولى من الرواية صريحة بهذا المعنى « لولاك لما خلقت الأفلاك » ، أي إن لم أخلقك لم أخلق الكون لعدم الفائدة فيه حينئذٍ.
ثمّ بما أنّ الإمامة والوصاية هي امتداد لخطّ الرسالة وتطبيقها وصيانتها ، فوجود الإمام ـ الذي باعتقادنا هو الإمام علي عليهالسلام ـ قيد لوجود الرسول صلىاللهعليهوآله ، أي إنّ الرسالة في استمراريّتها تحتاج إلى وصيّ وإمام ، فلولا وجود الإمام لم تنفع
__________________
١ ـ مجمع النورين : ١٨٧.
الرسالة النبوية لهداية الخلق ، إذ تبقى ناقصة لم يطبّقها أحد ، أو يطرأ عليها الانحراف والضياع ، فتجنّباً من هذه المحاذير ، وصيانةً للوحي الهادف ، يجب عقلاً وجود الإمام ، فلولاه لا تتمّ الحجّة على البشر ، وهذا خلاف حكمة الخالق ، وعليه فلولا وجود علي عليهالسلام كإمامٍ ، لم يخلق محمّد صلىاللهعليهوآله كنبيّ للبشر لعدم تكميل الهداية حينئذٍ.
وأمّا فاطمة عليهاالسلام فبما أنّها الواسطة في امتداد الإمامة من الإمام علي عليهالسلام حتّى الإمام المهديّ عليهالسلام ، وعلاقتها بوجود النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فالإمامة المستمرّة إلى زماننا ، مستمدّة من وجودها في عالم الخلق ، وبما أنّ الإمامة امتداد للرسالة ، فينتج : أنّ الرسالة والإمامة بمفرداتهما الوجودية رهينة بوجود الزهراء عليهاالسلام ، فلو لم تخلق هي كبنت للرسول صلىاللهعليهوآله ، وزوجةٍ لأمير المؤمنين عليهالسلام ، وأُمٍّ للأئمّة عليهمالسلام لما استمرّت خطّة الباري تعالى في هداية الخلق ، وتكميل مسيرتهم.
( موالي ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالب )
ليس جميع السادة من أهل البيت :
س : أتى سؤال من أهل السنّة يقول : لم أخرج ذرّية الحسن ، وذرّية الحسين عليهماالسلام من الآية؟ يعني أليس هذه الذرّية من أهل البيت؟
ج : قال تعالى : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١).
وقال صلىاللهعليهوآله : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (٢).
__________________
١ ـ الأحزاب : ٣٣.
٢ ـ مسند أحمد ٥ / ١٨٢ ، تحفة الأحوذيّ ١٠ / ١٩٦ ، مسند ابن الجعد : ٣٩٧ ، المنتخب من مسند الصنعانيّ : ١٠٨ ، ما روى في الحوض والكوثر : ٨٨ ، كتاب السنّة : ٣٣٧ و ٦٢٩ ، السنن الكبرى للنسائيّ ٥ / ٤٥ و ١٣٠ ، مسند أبي يعلى ٢ / ٢٩٧ و ٣٠٣ و ٣٧٦ ، المعجم
فأهل البيت إمّا أن يكونوا جميع السادة من ذرّية فاطمة عليهاالسلام ، وعددهم بالملايين ، وهذا لا يمكن لأُمور :
لأنّ الآية وصفتهم بأنّ إرادة الله تعلّقت بإذهاب الرجس عنهم ، وأنّ الله طهّرهم تطهيراً ، وهذا صريح في العصمة ، ومن المعلوم قطعاً أنّ السادة والأشراف جميعهم غير معصومين.
ولأنّ في الحديث قرنهم بالكتاب العزيز ، وأوصى بالتمسّك بهم ، وأنّه لن يضلّ من تمسّك بهم ، ونجزم بأنّ مراد الرسول صلىاللهعليهوآله لم يتعلّق بجميع السادة.
فيبقى البحث عن المراد من أهل البيت عليهمالسلام في آية التطهير ، وحديث الثقلين ، وغيرهما.
وفي الجواب نقول : إنّ الروايات الواردة في شأن نزول آية التطهير ـ كما رواها الشيعة وأهل السنّة في صحاحهم ومسانيدهم ـ تقول : إنّها نزلت في الخمسة من أصحاب الكساء : النبيّ محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام.
وضم هذه الروايات إلى الروايات الواردة في كون الأئمّة اثني عشر كلّهم من قريش ، أو كلّهم من بني هاشم ، وفي بعضها التصريح بأسمائهم ، كلّ هذا يعطينا خبراً أنّ المقصود بأهل البيت ـ الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وقرنهم رسول الله بكتابه ، ووصى أُمّته بالتمسّك بهم ، وأنّه لن يضلّ من تمسّك بهم ـ هم : النبيّ محمّد ، وفاطمة ، وعلي ، والحسن ، والحسين ،
__________________
الصغير ١ / ١٣١ ، المعجم الأوسط ٣ / ٣٧٣ ، المعجم الكبير ٣ / ٦٥ و ٥ / ١٥٤ و ١٦٦ و ١٧٠ ، نظم درر السمطين : ٢٣١ ، الجامع الصغير ١ / ٤٠٢ ، العهود المحمدية : ٦٣٥ ، كنز العمّال ٥ / ٢٩٠ و ١٣ / ١٠٤ و ١٤ / ٤٣٥ ، دفع شبه التشبيه : ١٠٣ ، شواهد التنزيل ٢ / ٤٢ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ١٢٣ ، الطبقات الكبرى ٢ / ١٩٤ ، علل الدارقطنيّ ٦ / ٢٣٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٢٠ و ٥٤ / ٩٢ ، سير أعلام النبلاء ٩ / ٣٦٥ ، أنساب الأشراف : ١١١ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٢٨ و ٧ / ٣٨٦ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٦ و ١٢ / ٢٣٢ ، ينابيع المودّة ١ / ٧٤ و ٩٧ و ١٠٠ و ١١٣ و ١١٩ و ١٢٣ و ١٣٢ و ٣٤٥ و ٣٥٠ و ٣٦٠ و ٢ / ٩٠ و ١١٢ و ٢٦٩ و ٢٧٣ و ٤٠٣ و ٤٣٧ و ٣ / ٦٥ و ١٤١ و ٢٩٤ ، لسان العرب ٤ / ٥٣٨.
والسجّاد ، والباقر ، والصادق ، والكاظم ، والرضا ، والجواد ، والهادي ، والعسكريّ ، والمهديّ المنتظر عليهمالسلام.
( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )
المقصود من آل ياسين :
س : الأساتذة والعلماء الأكارم القائمين على الموقع.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد ، سؤالي أيّها الأفاضل هو كالتالي : ( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) (١) ، من هم؟ هل هو نبيّ الله إلياس عليهالسلام؟ أم المقصود بهم هم آل محمّد عليهمالسلام؟ وإن كانوا آل محمّد ، فهل تدلّ على عصمتهم؟ وما هو قول العلاّمة الطباطبائي في تفسير الميزان؟
ج : نقل الشيخ الصدوق ( قدس سره ) بسنده عن الإمام علي عليهالسلام في قوله تعالى : ( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) قال : « ياسين محمّد صلىاللهعليهوآله ونحن آل ياسين ».
وروى أيضاً بسنده عن ابن عباس في قوله تعالى : ( سَلاَمٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ ) ، قال : على آل محمّد (٢).
إذاً ، آل ياسين : هم آل محمّد صلىاللهعليهوآله (٣).
وقال العلاّمة الطباطبائي : « إنّ قول آل ياسين هم آل محمّد مبنيّ على قراءة آل ياسين ، كما قرأه نافع وابن عامر ويعقوب وزيد » (٤).
وياسين : اسم من أسماء نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآله بلغة طي ، وبهذه اللغة نزلت الآية
__________________
١ ـ الصافّات : ١٣٠.
٢ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٥٥٨.
٣ ـ أُنظر : شواهد التنزيل ٢ / ١٦٥ و ١٦٩ ، نظم درر السمطين : ٩٤ ، روح المعاني ١٢ / ١٣٥ ، تفسير القرآن العظيم ٤ / ٢٢ ، التفسير الكبير ٩ / ٣٥٤ ، الجامع لأحكام القرآن ١٥ / ١١٩ ، الدرّ المنثور ٥ / ٢٨٦ ، فتح القدير ٤ / ٤١٢.
٤ ـ الميزان في تفسير القرآن ١٧ / ١٥٩.
( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) (١).
وهذه الآية لا تدلّ على عصمتهم عليهالسلام بالصراحة ، بل تدلّ من باب أنّ المولى عزّ وجلّ لم يسلّم إلاّ على الذوات المعصومة ، كما في قوله : ( سَلاَمٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ) (٢) ، وقوله : ( سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) (٣) ، وقوله : ( سَلاَمٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ ) (٤).
( يوسف علي ـ ... ـ ..... )
هم الثقل الأصغر :
س : ما المقصود من الثقل الأصغر؟
ج : وردت عدّة روايات تصرّح بأنّ الثقل الأكبر هو القرآن الكريم ، والثقل الأصغر هو العترة الطاهرة عليهمالسلام.
روى الشيخ الصدوق ( قدس سره ) بسنده عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : لمّا رجع رسول الله صلىاللهعليهوآله من حجّة الوداع ، ونحن معه ... قال : « وماذا صنعتم بالثقلين من بعدي ، فانظروا كيف تكونون خلفتموني فيهما حين تلقوني »؟ قالوا : وما هذان الثقلان يا رسول الله؟
قال : « أمّا الثقل الأكبر فكتاب الله عزّ وجلّ ، سبب ممدود من الله ومنّي في أيديكم ، طرفه بيد الله والطرف الآخر بأيديكم ، فيه علم ما مضى وما بقي إلى أن تقوم الساعة ، وأمّا الثقل الأصغر فهو حليف القرآن ، وهو علي بن أبي طالب وعترته ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (٥).
__________________
١ ـ يس : ١ ـ ٣.
٢ ـ الصافات : ٧٩.
٣ ـ الصافات : ١٠٩.
٤ ـ الصافات : ١٢٠.
٥ ـ الخصال : ٦٥.
( محمّد إسماعيل قاسم ـ الكويت ـ ١٦ سنة ـ طالب )
حكم الصور المنسوبة لهم :
س : ما هو رأيكم بالصور التي تنشر ، والتي يكتب تحتها اسم إمام ، أو ما شابه؟
ج : إذا كان ذلك الرسم بشكل يسيء للمعصوم فلا يجوز قطعاً ، أمّا إذا لم يكن في ذلك الرسم أي إساءة للإمامة فقد أجاب السيّد الخوئيّ رحمه الله في منية السائل على هذا السؤال. وإليك السؤال وجوابه :
السؤال : ما يقول سماحتكم في الصور المرسومة أو التشبيهات للأئمّة عليهمالسلام ورسم ما يخيل عنهم من ملامحهم وأوصافهم عليهمالسلام فهل يجوز تعليقها في المنزل ، وما الحكم في الاعتقاد بها إنها هم؟
ج : تعليقها في المنزل لا بأس به ، وأمّا الاعتقاد بها فهو مشكل.
( كميل ـ عمان ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )
رؤيتهم في المنام :
س : أُريد أن أسأل : هل كلّ من شاهد النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآله وأهل بيته في المنام تعتبر مشاهدته صحيحة؟ وكيف يمكن أن نعتبر الحلم حقيقة؟
ج : قد ورد في الحديث : « من رآني فقد رآني » (١) ، وهذا الحديث لم يثبت سنده عند العلماء ، فلا يكون حجّة ، فلا تترتّب الأحكام الشرعية عليه ، أو أخذ معالم الدين بهذا الطريق.
ويمكن أن يقال : بالأخذ بالرؤيا التي لا تثبت حكماً شرعياً ، ولا أمراًَ أو نهياً ، وإنّما يأخذ بالأحلام التي فيها الأُمور العامّة ، كالمستحبّات ، وذلك بناء على التسامح بأدلّة السنن.
__________________
١ ـ رسائل المرتضى ٢ / ١٢.
( محمّد إسماعيل قاسم ـ الكويت ـ ١٦ سنة ـ طالب )
مصادر حديث : هذا إمام ابن إمام :
س : اذكروا لي الكتب التي روت هذا الحديث : « هذا إمام ، ابن إمام ، أخو إمام ، أبو الأئمّة » من كتب السنّة؟ ودمتم سالمين.
ج : ذكرت مجموعة من علماء السنّة في مؤلّفاتهم نصّ هذا الحديث أو ما معناه ، منها :
١ ـ الخوارزمي الحنفي ـ المتوفّى ٦٥٨ هـ ـ في مقتل الحسين (١).
٢ ـ القندوزي الحنفي ـ المتوفّى ١٢٩٤ هـ ـ في ينابيع المودّة (٢).
وكلّهم يروون هذا الحديث عن سلمان الفارسي ، وأبي سعيد الخدريّ.
( أبو هاني ـ السعودية ـ .... )
معنى فقرة من زيارة الجامعة :
س : ما معنى الجملة الواردة في زيارة الجامعة : « وإياب الخلق إليكم ، وحسابهم عليكم ، وفصل الخطاب عندكم »؟
ج : إنّ لهذه العبارة شروحاً متعدّدة ، ويمكن إرجاع هذه العبارة إلى ما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله في حديث الثقلين : « إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فميزان الحساب يوم القيامة يكون على هذا الأساس ، فالتمسّك بالقرآن لوحده غير كاف ، بل لابدّ معه من التمسّك بالعترة ، فهم عليهمالسلام يكونون الأصل في كيفية حساب الخلق ، فمن تمسّك بهم نجا ، ومن لم يتمسّك بهم هلك.
__________________
١ ـ مقتل الحسين ١ / ٢١٢.
٢ ـ ينابيع المودّة ٢ / ٤٤ و ٣١٦ و ٣ / ٢٩١ و ٢٩٤.
رزقنا الله وإيّاكم شفاعتهم يوم القيامة.
( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )
مقامهم :
س : أيّها الأساتذة الكرام : عندي تساؤل عن قول الإمام الصادق عليهالسلام : « ربّ الأرض يعني إمام الأرض » ، فقلت : فإذا خرج ماذا يكون؟ قال : « إذا يستغني الناس عن ضوء الشمس ونور القمر ، ويجتزون بنور الإمام » (١) ، أرجو بيان الحديث المذكور.
ج : لقد ورد في اللغة والتفسير : أنّ الربّ له معان خمسة ، منها : الشيخ ، والمالك ، والمدبّر ، والمربّي ، وغيرها.
والمالكية والمدبّرية تارة تكون بالأصالة وبالذات ، وأُخرى بالعرض وبالإمكان ، فالمالك والمدبّر الذاتي الأصيل هو الله سبحانه ، فهو ربّ العالمين ، ومن ثمّ تتجلّى هذه الربوبية أي المالكية والمدبّرية والمربّية في غيره بإذنه وجعله سبحانه.
فالزوج يكون ربّ البيت ، والزوجة ربّة البيت ، ولبيت الله ـ أي الكعبة ـ ربّ يحميه ، كما قالها عبد المطلب في جواب أبرهة في قصّة الفيل ، فسبحانه ربّ الأرض والسماء ، إلاّ أنّه جعل الربوبية بمعنى المدبّرية والمالكية والمربّية لنبيّه ووصيه وخليفته في الأرض ، فآدم والأنبياء والأوصياء خلفاء الله في السماء والأرض ، استخلفوا الله في أسمائه الحُسنى وصفاته العُليا ، فكانوا مظاهرَ لأسمائه وصفاته ، ويتجلّى نور الله فيهم ، فإنّ الله سبحانه نور السماوات والأرض كما في آية النور وسورتها ، إلاّ أنّ النور الإلهيّ يتجلّى في رسوله وأهل بيته ( مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ... ) (٢).
__________________
١ ـ تفسير القمّيّ ٢ / ٢٥٣.
٢ ـ النور : ٣٥.
فالإمام نور كما أنّ النبيّ سراج منير ، وكذلك القرآن أنزله الله نوراً ، والعلم نور يقذفه الله في قلب من يشاء ، والنور بمعنى الظاهر بنفسه والمظهر لغيره ، يفيد الكاشفية ورفع الجهل ، وكلّ من كان من مصاديق النور فإنّه يُعطينا هذا المفهوم ، فالإمام عليهالسلام بهذا المعنى يكون نوراً يكشف الحقائق ويزيح الظلام والجهل ، كما تفعل الشمس والقمر ذلك في المادّيات والأجسام.
فربوبية الأرض وتربيتها وحكومتها باعتبار أهلها ، إنّما هي بيد الإمام عليهالسلام ، فهو ربّ الأرض ، كما أنّ الله ربّ الأرض ، إلاّ أنّ ربوبية الله أصلية وذاتية ، وربوبية الإمام فرعية وبالتبع وبالإمكان.
والإمكان في حقيقته مع الوجود الذاتيّ ـ أي واجب الوجود لذاته وهو الله سبحانه ـ يكون عدماً ولا شيء ، فربوبية الإمام في طول ربوبية الله ، بإذن من الله وبجعل منه ، فالإمام ربّ الأرض.
وإذا خرج فإنّ نوره وعلمه الذي هو من نور الله وعلمه يكفي الناس في كشف الحقائق ، ورفع ستار الظلام والجهل ، وكأنّ الناس لا تحتاج إلى الشمس والقمر في ليلها ونهارها ، وهذا من المجاز والكناية لبيان شدّة وضوح علم الإمام ونوره وربوبيّته على الأرض.
( أحمد جعفر ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )
إنّهم وجه الله وعينه ويده :
س : أيّها الأساتذة الكرام : ما معنى قول الإمام الباقر عليهالسلام : « نحن وجه الله نتقلّب في الأرض بين أظهركم ، ونحن عين الله في خلقه ، ويده المبسوطة بالرحمة على عباده » (١).
ج : لابأس أن نذكر مقدّمات :
__________________
١ ـ الكافي ١ / ١٤٣.
الأُولى : من عقائدنا الحقّة أنّ الله تعالى ليس بجسم ـ خلافاً للمجسّمة الكرامية في القديم ، والوهّابية من الحنابلة في الجديد ـ وإنّما لم يكن جسماً ، لأنّه لو كان للزم التركيب ، ولازم التركيب الاحتياج ، والاحتياج علامة الإمكان ، والله سبحانه واجب الوجود لذاته ، وليس بممكن.
فالقول بالجسمية يلزمه نواهي فاسدة : منها : احتياج الله وافتقاره ، وهو الغني في الذات ، كما يلزمه الإمكان ، وهو واجب الوجود لذاته ، وهذا ما يقول به العقل السليم ، كما عليه الأدلّة النقليّة : من الآيات والروايات الشريفة.
والثانية : لا تعارض في الواقع بين الحجّة الباطنية وهو العقل ، والحجّة الظاهرية وهو النبيّ ، فكلاهما من الواحد الأحد ، فلا يكون بينهما اختلاف ، بل أحدهما يُعاضد الآخر ، فكلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع ، ولمّا كان الشرع وهو الوحي أوسع دائرة ، فإنّه كلّما حكم به الشرع حكم به العقل إن أدركه ، وإلاّ فإنّه يسكت ولا يخالفه ، فإنّ العقل لا يدرك فلسفة صلاة الصبح لماذا تكون ركعتين؟ فحينئذ لا يخالفه ، بل يسلّم أمره إلى الوحي ويذعن به ، باعتبار أنّه الصادق الأمين.
والثالثة : إذا شاهدنا تعارضاً بين العقل والسمع ـ أي النقل من آية قرآنية أو حديث نبوي ـ في الظاهر ، أي الاختلاف كان ظاهرياً وليس في الواقع ، فحينئذ إمّا أن نقول بطرحهما ، وهذا لا يصحّ كما هو واضح ، أو نقول بحكم أحدهما فيلزم ترجيح بلا مرجّح ، كما لا يمكن الأخذ بهما أو بظاهرهما معاً ، لاختلافهما وتعارضهما ، ولا يمكن الجمع بين المتناقضين ، فلا يبقى لنا إلاّ أن نأخذ بحكم العقل وهو الحجّة الباطنية ، ونؤوّل النقل ، أي نقول بتأويل الظاهر ، وبهذا أخذنا بالعقل والنقل ، وبالحجّتين سويةً.
وحينئذٍ ، لمّا ثبت أنّ الله ليس بجسم مطلقاً ، وأنّه الوجود المجرد المحض ، لا يحيطه الإنسان بعقله وتصوّره ، فما ينسب إليه من الجوارح في القرآن الكريم ،
أو الأحاديث الشريفة ، كأن يقال : ( يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ) (١) ، ( فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) (٢) ، وغير ذلك ، فإنّه لابدّ من تأويله ، ولا يحمل على ظاهره ، بأنّ لله يداً كما كان للإنسان ، فهذا من التجسيم الباطل ، والمستلزم للكفر والنجاسة ، بل يفسّر يد الله بقدرته ، فقدرة الله فوق قدرتهم ، ( ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ ) (٣) ، أي استولى ، لا أنّه يجلس على العرش ، ويكون له أطيط كأطيط الرحل.
وكذلك باقي الأوصاف التي تدلّ بظاهرها على التجسيم ، فلابدّ من تأويلها ، وأنّها من الاستعمال المجازي والكنائي ، وبعد هذا نقول : لأسماء الله وصفاته مظاهر ، فإنّ القدرة الإلهيّة ، واليد الإلهيّة لابدّ أن تظهر ، فلها مظاهر في خلقه ، وأتمّ مظهر للقدرة هو خليفة الله في الأرض ، أي النبيّ والوصي عليهماالسلام ، فيكون كلّ واحد منهما يد الله في الأرض المبسوطة بالرحمة على عباده.
ولمّا كان الله يرى ويسمع ، أي يعلم بالمرئيّات والمسموعات ، ويشهد ذلك ، فلابدّ أن يظهر هذا العلم على مخلوقاته ، وأتمّ المخلوقات الحامل لعلم الله هو الإنسان الكامل ، أي خليفته في الأرض ، يعني النبيّ والوصي عليهماالسلام ، فيكون كلّ واحد منهما عين الله في خلقه ، وشاهداً عليهم ، ( وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) (٤) ، ورؤية الله علمه ، وأذن بل أمر نبيّه أن يكون شاهداً على خلقه ، لأنّه هو الحجّة ، فإنّ الله يحتجّ به على خلقه ، ولازم الحجّية الشهود والحضور ، كما في البيّنة الظاهرية ، لابدّ أن تكون الشهادة محسوسة.
فالإمام حمّله الله الشهادة ، وإنّه يشهد على الخلق ، فلابدّ أن يعلم بما يفعله
__________________
١ ـ الفتح : ١٠.
٢ ـ البقرة : ١١٥.
٣ ـ الأعراف : ٥٤.
٤ ـ التوبة : ١٠٥.
الخلق ، حتّى تتمّ الشهادة الحقّة ، وهذا لا يكون إلاّ أن يكون هو عين الله عليهم ، وكلّ شيء يهلك وينعدم إلاّ الشاهد ، فهو وجه الله الذي يتوجّه إليه الخلق ، فكلّ شيء هالك إلاّ وجهه ، والأئمّة المعصومون وكذلك الأنبياء عليهمالسلام هم وجه الله ، وهذا ممّا يدلّ عليه حكم العقل وعند العقلاء ، كما يدلّ عليه النقل وما جاء في الروايات الشريفة.
( رقية ـ ... ـ ..... )
من هم الآل في آية التطهير :
س : ما هو الدليل على أنّ كلمة « آل » تعني علي وفاطمة وأبنائهم عليهمالسلام؟ وجزاكم الله عن أوليائه خير الجزاء ، نسألكم الدعاء ، وفي أمان الباري.
ج : روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء » ، قالوا : وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟ قال : « تقولون : اللهم صلّ على محمّد وتسكتون ، بل قولوا : اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد » (١).
روى مسلم بسنده عن أبي مسعود الأنصاري قال : أتانا رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ونحن في مجلس سعد بن عبادة ، فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله أن نصلّي عليك يا رسول الله ، فكيف نصلّي عليك؟ قال : فسكت رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى تمنّينا أنّه لم يسأله.
ثمّ قال : « قولوا : اللهم صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على
__________________
١ ـ مسند أحمد ٣ / ٤٧ و ٤ / ٢٤١ ، سنن أبي ماجة ١ / ٢٩٣ ، الجامع الكبير ١ / ٣٠١ ، سنن النسائيّ ٣ / ٤٧ ، المصنّف للصنعانيّ ٢ / ٢١٢ ، مسند ابن الجعد : ٤٠ ، المصنّف ابن أبي شيبة ٢ / ٣٩٠ ، السنن الكبرى للنسائيّ ١ / ٣٨٢ ، و ٦ / ١٨ ، صحيح ابن حبّان ٥ / ٢٨٧ و ٢٩٥ ، المعجم الصغير ١ / ٨٥ ، المعجم الأوسط ٣ / ٩١ و ٤ / ٣٧٨ و ٧ / ٥٧ ، المعجم الكبير ١٧ / ٢٥٠ و ١٩ / ١٢٤ و ١٥٥ ، كنز العمّال ٢ / ٢٧٥ ، جامع البيان ٢٢ / ٥٣ ، زاد المسير ٦ / ٢١٤ ، الدرّ المنثور ٥ / ٢١٥ ، فتح القدير ٤ / ٣٠٣ ، تاريخ بغداد ٨ / ١٣٧ ، البداية والنهاية ١ / ١٩٨ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٠ ، و ١٢ / ٤٣٤ ، ينابيع المودّة ١ / ١٤١.
آل إبراهيم ، وبارك على محمّد وعلى آل محمّد ، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين ، إنّك حميد مجيد » (١).
وأمّا أنّ أهل البيت عليهمالسلام هم الخمسة أصحاب الكساء ، فقد روى الحاكم بسنده عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، عن أبيه أنّه قال : لمّا نظر رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى الرحمة هابطة قال : « ادعوا لي ادعوا لي » ، فقالت صفية : من يا رسول الله؟ قال : « أهل بيتي علياً وفاطمة والحسن والحسين » ، فجيء بهم ، فألقي عليهم النبيّ صلىاللهعليهوآله كساءه.
ثمّ رفع يديه ، ثمّ قال : « اللهم هؤلاء آلي ، فصلّ على محمّد وآل محمّد » ، وأنزل الله عزّ وجلّ : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (٢).
وقال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد » (٣).
وممّا يدلّ على أنّ زوجاته لسن من أهل البيت :
أوّلاً : الروايات الواردة في شأن نزول آية التطهير صريحة في الحصر بهؤلاء ، وهي روايات بلغت حدّ التواتر في حصر أهل البيت بهؤلاء ، وإدخال غيرهم يحتاج إلى دليل.
ثانياً : الكثير من هذه الروايات لمّا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اللهم هؤلاء أهل بيتي ... » ، قالت أُمّ سلمة : فأنا معهم يا نبيّ الله؟ قال : « أنت على مكانك ، وأنت على خير » (٤).
__________________
١ ـ صحيح مسلم ٢ / ١١٦.
٢ ـ الأحزاب : ٣٣.
٣ ـ المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٤٨.
٤ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٦٣ و ١١٥ ، المستدرك ٢ / ٤١٦ ، مسند أبي يعلى ١٢ / ٤٥٦ ، المعجم الكبير ٣ / ٥٣ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ١٣ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٩٨ ، مسند أحمد ٦ / ٢٩٢ و ٣٢٣.
وروى الحاكم : أنّ أُمّ سلمة قالت : يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ قال : « إنّك إلى خير ، وهؤلاء أهل بيتي ، اللهم أهل بيتي أحقّ » (١).
وفي رواية أُخرى قالت أُمّ سلمة : يا رسول الله ألستُ من أهل البيت؟ قال : « إنّك إلى خير ، إنّك إلى خير ، إنّك من أزواج النبيّ » (٢).
وروى مسلم عن زيد بن أرقم ، عندما سئل : « مَن هم أهل بيته؟ نساؤه؟ قال : لا ، وأيم الله إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها ؛ أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده » (٣).
وعن أبي سعيد الخدريّ قال : « أهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، فعدّهم في يده ، فقال : خمسة : رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين » (٤).
( هادي هادي ـ السعودية ـ .... )
منشأ ألقابهم :
س : أرغب بسرد موجز عن سبب تسمية الأئمّة عليهمالسلام بألقاب الزكي والصادق والرضا ، فليكن لجميعهم.
ج : إنّنا اتبعنا في ذلك النصّ الوارد عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ففي رواية جابر بن عبد الله الأنصاري ـ المروية في كتاب الغيبة ـ أنّه : « سمّاهم رسول الله صلىاللهعليهوآله ولقّبهم بهذه الألقاب » (٥).
أمّا لماذا اختصّ هذا الإمام بهذا اللقب ، وذاك بذاك اللقب ، مع أنّهم جميعاً
__________________
١ ـ المستدرك ٢ / ٤١٦.
٢ ـ شواهد التنزيل ٢ / ٨٦ و ١٢٤ ، الدرّ المنثور ٥ / ١٩٨ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ١٤٥.
٣ ـ صحيح مسلم ٧ / ١٢٣.
٤ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٦٥.
٥ ـ الغيبة للشيخ الطوسيّ : ١٤٣.