مركز الأبحاث العقائديّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-02-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥٢٠
الإمام الباقر عليهالسلام :
( .... ـ البحرين ـ .... )
بعض المصادر في تسميته :
س : قال ابن تيمية : « ونقل تسميته بالباقر عن النبيّ صلىاللهعليهوآله لا أصل له عند أهل العلم ، بل هو من الأحاديث الموضوعة » (١).
الرجاء إعطاء بعض المصادر عند أهل السنّة حول هذا الموضوع؟
ج : ذكرت بعض مصادر أهل السنّة تسمية الإمام محمّد بن علي عليهماالسلام بالباقر ، لتسمية النبيّ صلىاللهعليهوآله له بها ، ومن تلك المصادر : شرح نهج البلاغة (٢) ، الفصول المهمّة (٣) ، وغيرها (٤).
( .... ـ السعودية ـ .... )
بعض النصوص الواردة في إمامته :
س : ترد أحياناً بعض الشبهات حول النصوص الواردة بحقّ الأئمّة المعصومين عليهمالسلام ، فمنها ما قد يثار من قبل البعض بشأن التنصيص على إمامة كلّ واحد منهم عليهمالسلام ، وفي هذا المجال حبّذا لو تذكرون بعض الأحاديث المعتبرة على إمامة
__________________
١ ـ منهاج السنّة النبوية ٤ / ٥١.
٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٥ / ٢٧٧.
٣ ـ الفصول المهمّة : ٢١١.
٤ ـ أُنظر : تذكرة الخواص : ٣٠٢.
الإمام محمّد الباقر عليهالسلام.
ج : نعم ، هناك نصوص عامّة تذكر الأئمّة عليهمالسلام بأسمائهم ، ورغبة منّا للاختصار ، نذكر بعضها التي لا خدشة في إسنادها ، ولا مناقشة في دلالتها :
١ ـ صحيحة أبي بصير عن الإمام الصادق عليهالسلام ، التي جاء فيها ذكر الأئمّة بدءاً من أمير المؤمنين عليهالسلام حتّى الإمام الباقر عليهالسلام (١).
٢ ـ صحيحة عبد الله بن جندب عن الإمام الكاظم عليهالسلام ، التي صرّحت بأسماء جميع الأئمّة عليهمالسلام بالترتيب ، وعلى التوالي (٢).
٣ ـ صحيحة أبي هاشم الجعفريّ عن الإمام الجواد عليهالسلام ، التي جاء فيها إقرار الخضر عليهالسلام بجميع الأئمّة عليهمالسلام عند أمير المؤمنين عليهالسلام ، والإمام الحسن عليهالسلام ، وارتضاء الإمام عليهالسلام ذلك منه (٣).
هذا ، وقد وردت نصوص كثيرة في المقام تؤيّد ما ذكرناه ، فضلاً عن الصحاح المتقدّمة ، فيمكننا الاستدلال على المطلوب بالتواتر ، والاستفاضة في هذه الأحاديث.
( عبد الله ........ )
حضوره واقعة الطفّ :
س : هل إنّ الإمام الباقر عليهالسلام شهد واقعة الطفّ وحضرها؟
ج : نعم ، بما أنّ ولادة الإمام الباقر عليهالسلام كانت سنة ٥٦ هـ (٤) ، أو سنة ٥٧ هـ (٥) ، أي قبل واقعة كربلاء بثلاث سنين ، أو أربع سنين ، كما أدلى عليهالسلام هو بذلك ،
__________________
١ ـ الكافي ١ / ٢٨٦.
٢ ـ من لا يحضره الفقيه ١ / ٣٢٩.
٣ ـ المحاسن ١ / ١٩.
٤ ـ تذكرة الحفّاظ ١ / ١٢٤.
٥ ـ مسار الشيعة : ٥٦.
فقد حضر أحداث الطفّ ، وشاهد مأساة جدّه الإمام الحسين عليهالسلام وأولاده وأصحابه ، وتحمّل الأسر في ضمن الأطفال والنساء ، كما ورد ذلك في بعض الروايات عن لسانه عليهالسلام (١).
( .... ـ السعودية ـ .... )
ضرب النقود الإسلامية بأمره :
س : سمعت أنّ العملة الإسلامية هي من مقترحات الإمام الباقر عليهالسلام؟ فكيف ذلك؟
ج : نعم ، بحسب النصوص التاريخية أنّ هذا العمل الجبّار الذي منح العالم الإسلامي استقلاليّته في مجال الاقتصاد ، قد نفّذ بإشارة الإمام الباقر عليهالسلام ، ومجمل الموضوع كالآتي :
أنّ عبد الملك بن مروان قد أمر بتبديل الطراز المنقوش عليه شعار المسيحية إلى طراز منقّش بشعار التوحيد ، فغضب ملك الروم من عمله هذا ، وهدّده بضرب نقود من الدراهم والدنانير تحمل شعارات ضدّ الإسلام ونبيّه صلىاللهعليهوآله ، ولا يخفى بأنّ التعامل الدارج بين المسلمين آنذاك كان كلّه على أساس العملة الأجنبية ، أي الرومية.
فتوسّل عبد الملك إلى الإمام الباقر عليهالسلام ، وبما أنّ المسألة كانت ترتبط بأصل الدين والعقيدة ، تدخّل الإمام عليهالسلام وأبدى رأيه الشريف ، وأخذ عبد الملك برأيه ، وأمر بضرب النقود وفقاً لما خطّطه الإمام عليهالسلام ، ومن ثمّ تولّدت العملة الإسلامية ، وجرى التعامل بها ، وتحرّر النقد من التبعية للأمبراطورية الرومية (٢).
__________________
١ ـ نفس المهموم : ٣٨٦.
٢ ـ أُنظر : حياة الحيوان للدميريّ ١ / ٩١ ، المحاسن والأضداد للبيهقيّ ٢ / ١٢٩.
نعم ، قد ورد في بعض المصادر : بأنّ الذي قام بهذا العمل هو الإمام زين العابدين عليهالسلام (١).
وجاء في بعض الموسوعات الأجنبية : « إنّ أوّل من أمر بضرب السكّة الإسلامية هو الخليفة علي عليهالسلام بالبصرة ، سنة أربعين من الهجرة » (٢).
ويمكن الجمع : بأنّ الإمام علي عليهالسلام أمر بضرب السكّة في البصرة في إطار محدود ، بدون إلغاء التعامل بالنقود الأُخرى ، حتّى إذا جاء دور الإمام الباقر عليهالسلام فضربت العملات الجديدة بأمره عليهالسلام ، وأُلغيت التعامل بغيرها نهائيّاً.
( عبد الرحمن ـ .... ـ .... )
هو حسينيّ وحسنيّ :
س : نسمع كثيراً بأنّ الأئمّة عليهمالسلام من الإمام الباقر عليهالسلام فما بعد مضافاً إلى أنّهم حسينيّون يعتبرون حسنيّين أيضاً ، هل هذا صحيح؟ وكيف؟
ج : إنّ الإمام الباقر عليهالسلام كما نعلم هو ابن الإمام زين العابدين بن الإمام الحسين عليهماالسلام ، وبهذا الاعتبار فهو حسينيّ ، ومن جانب آخر فأُمّه فاطمة بنت الإمام الحسن عليهالسلام ، ولذا يعتبر عليهالسلام حسنيّ أيضاً.
فالإمام الباقر عليهالسلام أوّل من اجتمعت له ولادة الحسن والحسين عليهماالسلام ، ومن هنا يمكن أن نعرّف الأئمّة من ولد الباقر عليهالسلام بأنّهم حسنيّون وحسينيّون معاً.
__________________
١ ـ البداية والنهاية ٩ / ١٢٢.
٢ ـ أعيان الشيعة ١ / ٥٣٩ نقلاً عن دائرة المعارف البريطانية.
الإمام الصادق عليهالسلام :
( .... ـ ... ـ .... )
وأئمّة المذاهب الأربعة :
س : ما هي صلة أئمّة المذاهب الأربعة السنّية بالإمام الصادق عليهالسلام؟ فهل هم أخذوا العلم منه مباشرةً ، أو بالواسطة؟ وهل تعتبر مذاهبهم مختلفة مع مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، أو امتداداً لها؟
ج : إنّ أئمّة المذاهب المذكورة وإن كانوا عيالاً في علومهم على الإمام الصادق عليهالسلام ـ باعتبارهم من تلامذة الإمام مباشرةً ، أو بالواسطة (١) ـ ولكنّهم اختلفوا معه عليهالسلام في المباني ؛ ويشهد بذلك اختلاقهم آراءً ، وفتاوى غير معترف بها عند أهل البيت عليهمالسلام ، فمنهم من أخذ بالقياس ، ومنهم من عمل بالاستحسان والمصالح وسدّ الذرائع وغيرها ، ممّا لم ينزل الله بها من سلطان.
وهذه التصرّفات هي خير شاهد على عدم خضوعهم للحقّ ، وتباين وجهات نظرهم مع مذهب أهل البيت عليهمالسلام ، وعدولهم عن نهج الإمام الصادق عليهالسلام.
نعم ، قد يكون هناك بعض أوجه التشابه بين آرائهم وبين ما صدر عن الإمام الصادق عليهالسلام في مختلف المجالات ، وهذا بحدّ نفسه لا يشير إلى تبعيّتهم له عليهالسلام ، بل إنّهم أخذوا بعض رؤوس النقاط ، واستبدّوا بآرائهم في باقي الموارد لتشويه الحقّ.
__________________
١ ـ أُنظر : شرح نهج البلاغة ١ / ١٨.
والحال كان ينبغي عليهم أن يأخذوا بمذهب الإمام عليهالسلام في جميع الحالات ، فلا يصدر منهم ما يتناقض مع أقواله وأفعاله وسيرته عليهالسلام.
( ... ـ ... ـ ..... )
كثرة الأحاديث عنه :
س : ما هو السرّ في كثرة الروايات عن الصادقين عليهماالسلام بالنسبة إلى الأحاديث التي وردت عن باقي الأئمّة عليهمالسلام؟
ج : إنّ الفترة التي عاشها الإمامان الباقر والصادق عليهماالسلام هي فترة انهيار وضعف قوّة الأمويّين ، وعدم تثبيت الحكم العباسيّ ، فاغتنما هذه الفرصة الثمينة لبثّ الفكر والثقافة الشيعيّة ، فربّيا جيلاً واعياً ، تلقّى المعارف والعلوم الإسلامية ، وسعى في نشرها ، بحيث عرف المذهب الإماميّ الاثنا عشريّ بالمذهب الجعفريّ ، إشارةً إلى ذلك.
وأمّا الأئمّة السابقون عليهما والمتأخّرون عنهما عليهمالسلام فبما أنّ الأجواء التي كانوا يعيشونها كانت ظروف صعبة ، إذ كانوا إمّا تحت الإقامة الجبرية أو في السجن ، أو تحت مراقبة الحكّام الظالمين ، فلم يستطيعوا أن يلقوا المعارف والحقائق ، ولم يكن بإمكانهم الاتصال بالناس عامّة ، وبالمؤمنين خاصّة بصورة عادية.
أضف إلى ذلك نشوب الحروب والصراعات في زمن أمير المؤمنين عليهالسلام ، والتي كانت مانعاً قويّاً في هذا المجال ، بسبب انشغال عامّة الناس بها ، وانصراف هممهم نحوها.
وهذه كلّها وغيرها أدّت إلى عرقلة الحركة العلمية في فترات إمامتهم عليهمالسلام ، في حين أنّ الصراع القائم بين الباطلين الأمويّ والعباسيّ في عهد الصادقين عليهماالسلام صرف أنظار الظلمة عنهما إلى حدّ كبير ، فأُتيحت لهما الفرصة الذهبيّة لإيصال الفكر الدينيّ وعلوم أهل البيت عليهمالسلام إلى الناس.
( .... ـ .... ـ ... )
وجه تلقيبه بالصادق :
س : ما هي حكمة تلقيب الإمام الصادق عليهالسلام بهذا اللقب؟ والحال نعلم أنّ الأئمّة عليهمالسلام كلّهم صادقون؟
ج : ذكر بعض أصحاب السير والتاريخ وجوهاً لذلك :
منها : إنّه عليهالسلام لقّب بالصادق لصدقه في مقاله (١).
منها : إنّ المنصور الدوانيقيّ هو الذي أضفى عليه عليهالسلام هذا اللقب في قضية معيّنة يطول ذكرها.
منها : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قد كرّمه بهذا اللقب من قبل ، تمييزاً له عن جعفر الكذّاب ، الذي ظهر في الخامس من ولده عليهالسلام.
وهذا القول الأخير هو الصواب ، لما ورد الحديث بمضمونه (٢) ، وارتكز عند الشيعة.
( .... ـ ... ـ .... )
ردّ حديث منسوب إليه :
س : هناك من ينقل في كتبه مكرمة لأبي بكر عن لسان الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : « ولدني أبو بكر مرّتين » ، فما صحّة هذا القول؟
ج : لا يخفى أنّ الأصل في كلّ إنسان العقيدة والالتزام بها ، ثمّ الحسب والنسب ؛ فترى أنّ الإمام الصادق عليهالسلام هو بنفسه يقول : « ولايتي لأمير المؤمنين عليهالسلام أحبّ إليّ من ولادتي منه ، لأن ولايته له فرض ، وولادتي منه فضل » (٣).
__________________
١ ـ الأنساب ٣ / ٥٠٧ ، وفيات الأعيان ١ / ٣٠٧.
٢ ـ علل الشرائع : ٢٣٤.
٣ ـ الاعتقادات : ١١٢ ، الفضائل : ١٢٥.
وعليه فيستبعد صدور مثل هذا الحديث المزعوم منه عليهالسلام ، لأنّ الفخر ـ أوّلاً وبالذات ـ هو للدين والولاء ، لا للحسب والانتماء العائلي ، خصوصاً لو كان هذا الأخير مناقضاً للأوّل.
ثمّ على صعيد البحث السندي لم نعثر على سند شيعي ـ حتّى لو كان ضعيفاً ـ لهذا القول ، بل هو خبر نقلته مصادر أبناء العامّة ، وحتّى إنّ بعض الكتب الشيعيّة التي ذكرت هذا الخبر أخرجته بإسنادهم (١) ، أو مرسلاً وبدون سند (٢) ، وعلى هذا لا يمكن الاحتجاج أو الاعتماد على هذا الكلام المنسوب.
ويحتمل قويّاً : أن يكون الداعي لوضع هذا الكلام هو ما سمعوه من الإمام الصادق عليهالسلام بصورة متواترة ، قوله : « قد ولدني رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنا أعلم كتاب الله ... » (٣) ، فحوّروه وبدّلوه بذلك الكلام.
نعم ، لا ينكر أنّ نسب الإمام عليهالسلام يتصلّ عن طريق محمّد ، وعبد الرحمن ابني أبي بكر بأبيهما ، ولكن لا يعقل أن يفتخر الإمام عليهالسلام بأبي بكر في عمود النسب ، ويدع محمّداً ابنه الذي كان مثالاً في الولاء والتبرّي من أبيه وغيره ممّن ظلموا أهل البيت عليهمالسلام وغصبوا حقّهم.
( ... ـ .... ـ .... )
توحيد المفضّل والأهليلجة :
س : نسمع أحياناً بتوحيد المفضّل ، وحديث الإهليلجة عن الإمام الصادق عليهالسلام ، فما هو مضمونها ، وما يقصد الإمام عليهالسلام فيهما؟
ج : إنّ المفضّل بن عمر الجعفي هو أحد أصحاب الإمام عليهالسلام الذين جمعوا بين العلم والعمل ، وقد ألقى الإمام عليهالسلام عليه دروساً في التوحيد ، وهذه هي التي
__________________
١ ـ كشف الغمّة ٢ / ٣٧٤.
٢ ـ عمدة الطالب : ١٩٥.
٣ ـ الكافي ١ / ٦١ و ٢ / ٢٢٣ ، ينابيع المودّة ١ / ٨٠ و ٣ / ٣٦٢.
تسمّى بتوحيد المفضّل ، وقد أخذ منه عليهالسلام مشافهةً.
وأمّا الإهليلجة ، فهي أيضاً رسالة في التوحيد ، قد بعثها الإمام الصادق عليهالسلام للمفضّل ، ليحتجّ بها على منكري المبدأ والتوحيد.
ووجه تسميتها : إنّ الإمام عليهالسلام قد ردّ فيما قبل على مزاعم بعض الدهريّين ـ وهو طبيب هنديّ ـ وأفحمه بالأدلّة القاطعة على وجود الله تعالى ، وكان هذا الطبيب آنذاك يصنع دواءً للإمام عليهالسلام من أهليلجة ـ وهو نبت خاصّ ـ فاغتنم الإمام عليهالسلام هذه الفرصة ، فاستدلّ بهذا المخلوق الصغير وظرائف صنعه على وجود وحكمة الخالق ، ومازال الإمام يساير هذا الطبيب في الكلام ـ ومحور الكلام الإهليلجة ـ إلى أن أرغمه الدليل على الاعتراف بالصانع الواحد.
الإمام الكاظم عليهالسلام :
( حسن الحسيني ـ السويد ـ .... )
مدّة بقائه في السجن :
س : كم المدّة التي سجن فيها الإمام الكاظم عليهالسلام؟ أرجو أن تكون الإجابة دقيقة وصحيحة.
ج : لا يخفى عليكم أنّ مدّة إمامة الإمام الكاظم عليهالسلام كانت ( ٣٥ ) سنة ، عاصر فيها مجموعة من حكّام الجور من بني العباس ، آخرهم هارون الرشيد ، الذي نقله في عدّة سجون ، حتّى أمر بدسّ السمّ إليه فقتله.
ومدّة سجنه عليهالسلام غير معلومة بالدقّة ، فبعض المؤرّخين من يقول : أربع سنوات (١) ، والآخر يقول : سبع سنوات ، وثالث يقول : أربعة عشر سنة.
وعلى كلّ حال نحن نعلم أنّ الإمام عليهالسلام قد قضى فترة ليست بقليلة في السجن ، حتّى قتل مظلوماً محتسباً.
( أحمد ـ العراق ـ ٢١ سنة )
غسّله الإمام الرضا :
س : ورد في كتاب الشيعة والتشيّع لاحسان إلهي ظهير : ٢٨٨ ، ما نصّه : « في أنّ الكاظم لم يغسّله إمام كما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، لأنّ الرضا كان غائباً عندئذ ».
__________________
١ ـ فهرست أسماء مصنّفي الشيعة : ٢٧٣.
لذا أرجو الردّ على هذه الشبهة ، وشكراً جزيلاً ، ودمتم في رعاية الله.
ج : يتضمّن الردّ عدّة أُمور ، منها :
١ ـ دلّت الروايات المتضافرة ومنها الصحيحة : أنّ الإمام عليهالسلام لا يغسّله إلاّ إمام مثله ، والصدّيق لا يغسّله إلاّ صدّيق مثله.
٢ ـ وردت أخبار كثيرة أنّ الإمام الرضا عليهالسلام هو الذي غسّل والده الإمام الكاظم عليهالسلام ، كما ذكر الشيخ الصدوق ( قدس سره ) في ضمن الروايات الصحيحة الدالّة على كيفية وفاته (١).
وقد روى الشيخ الكلينيّ ( قدس سره ) بسنده عن أحمد الحلاّل أو غيره عن الإمام الرضا عليهالسلام قال : قلت له : إنّهم يحاجّونا يقولون : إنّ الإمام لا يغسّله إلاّ الإمام؟ قال : فقال عليهالسلام : « ما يدريهم من غسّله؟ فما قلت لهم »؟
قال : فقلت : جعلت فداك قلت لهم : إن قال مولاي إنّه غسّله تحت عرش ربّي فقد صدق ، وإن قال : غسّله في تخوم الأرض فقد صدق ، قال : « لا هكذا ».
فقلت : فما أقول لهم؟ قال : « قل لهم : إنّي غسّلته » ، فقلت : أقول لهم إنّك غسّلته؟ فقال عليهالسلام : « نعم » (٢).
( عيسى ـ البحرين ـ ٢٧ سنة )
تنوّع علومه :
س : هناك من يقول أنّ موسى الكاظم لم يكن أعلم الناس كما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هكذا قول؟ وجزاكم الله ألف خير وشكراً.
ج : لقد اشتهر كالشمس في رائعة النهار بين الخاصّة والعامّة سعة أُفق علم الأئمّة عليهمالسلام أجمع ، فضلاً عن الإمام الكاظم عليهالسلام بذاته.
__________________
١ ـ معجم رجال الحديث ١٨ / ١٦٢ نقلاً عن الصدوق.
٢ ـ الكافي ١ / ٣٨٤.
أمّا بالنسبة إلى الخاصّة فلا مجال للنقاش أو الشكّ بعد الإقرار بكونهم أئمّة معصومين ، وإنّ علمهم وراثي وإلهامي وتنبّؤي.
وأمّا العامّة بجميع مذاهبها فإنّها أقرّت بسعة علوم أهل البيت عليهمالسلام ، بما يميّزها عن غيرها.
هذا وقد أشاد الإمام الصادق عليهالسلام بعلم ولده الكاظم عليهالسلام ، فقال : « يا عيسى : إنّ ابني هذا الذي رأيت ، لو سألته عمّا بين دفّتي المصحف لأجابك فيه بعلم » (١) ، وقال أيضاً : « وعنده علم الحكمة والفهم ، والسخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم ».
ويكفي لمعرفة وفور علمه رواية العلماء عنه جميع الفنون من علوم الدين وغيرها ، ممّا ملأوا به الكتب ، وألّفوا المؤلّفات الكثيرة ، حتّى عرف بين الرواة بالعالم.
وقال الشيخ المفيد ( قدس سره ) : « وقد روى الناس عن أبي الحسن موسى فأكثروا ، وكان أفقه أهل زمانه » (٢).
وقد حوى عليهالسلام علوم جمّة فمنها : علمه باللغات ، وعلمه بالنجوم ، وعلمه بالتاريخ ، وعلمه بالحساب ، وعلمه بالفقه والتفسير ، وعلمه بالطبّ ، وعلمه بالمغيّبات ، وغير ذلك.
__________________
١ ـ قرب الإسناد : ٣٣٥.
٢ ـ الإرشاد ٢ / ٢٣٥.
الإمام الرضا عليهالسلام :
( إيمان ـ البحرين ـ .... )
تزويجه بنت المأمون :
س : هل صحيح أنّ الإمام الرضا عليهالسلام تزوّج بنت المأمون؟ وكيف ذلك ، والمأمون يعتبر مغتصب لحقّ الإمام عليهالسلام في الخلافة؟ ودمتم سالمين.
ج : لا ملازمة بين أن يكون المأمون مغتصباً لحقّ الإمام الرضا عليهالسلام وبين أن يتزوّج الإمام عليهالسلام ابنته ، إذ لا يشترط في البنت التي يريد أن يتزوّجها أحد أن يكون أبوها عادلاً غير غاصب للإمامة ، هذا أوّلاً.
وثانياً : فإنّ المعصوم مكلّف بالعمل بالظاهر ، وخير شاهد على ذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يعلم بمن يرتكب المعاصي من الصحابة ، فهل كان يجري عليهم الحدود والتعزيرات من دون أن تقوم عليهم بيّنة؟
ج : لا ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله والمعصوم عليهالسلام مكلّف بالعمل بالظاهر ، وما هو عليه الإنسان فعلاً ، مع غضّ النظر عن علمه بما ستكون عاقبته ، لذلك نشاهد أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله تزوّج بعائشة وحفصة ، وكذلك قال تعالى : ( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (١).
وثالثاً : كما أنّ ولاية العهد كانت مؤامرة أجبر المأمونُ الإمامَ الرضا عليهالسلام على قبولها ، كذلك تزويج المأمون ابنته أُمّ حبيب له عليهالسلام ، وضرب اسم الإمام عليهالسلام
__________________
١ ـ التحريم : ١٠.
على الدنانير والدراهم ، كلّ ذلك كان من المخطط الذي رسمه المأمون ، وأُجبر عليه الإمام عليهالسلام.
هذا ، ونعلمكم بأنّ كلّ مخطّطات المأمون باءت بالفشل ، وذلك بتدبير من الإمام الرضا عليهالسلام ، حيث كشف المأمون على حقيقته للناس.
( .... ـ .... ـ ... )
إصرار المأمون عليه بقبول ولاية العهد :
س : لماذا كان المأمون يصرّ على الإمام الرضا عليهالسلام قبوله ولاية العهد؟ فهل كان يعتقد بإمامته؟
ج : لا يعقل التزام المأمون بمبدأ الإمامة ، وإلاّ كان يجب عليه أن لا يتولّى الحكم بنفسه ابتداء ، أو تنحّيه ثانيةً ، وشيء من هذا لم يحصل ، بل كلّ ما في الأمر أنّه اقترح التنازل عن السلطة لصالح الإمام عليهالسلام ، وعندما رأى مخالفة الإمام عليهالسلام أجبره في قبول ولاية العهد ، وذلك لأسباب معيّنة ودواعي غير خفية :
منها : ـ وهو الأهمّ ـ إنّه أراد أن يحتوي الحركات الشيعيّة والموالية لأهل البيت عليهمالسلام ، فدخول الإمام عليهالسلام في السلطة يعني إعطاء الصفة الشرعية لها ـ على حدّ زعمه ـ وقد استطاع بهذا الاحتيال امتصاص نقمة الشيعة على العباسيّين إلى حدّ كبير ، فلا ترى لتلك الحركات شيء يذكر بعد هذا الحدث التاريخيّ.
ومنها : إنّ الخطّ العباسيّ ـ على نحو العموم ـ كان يميل مع محمّد الأمين ، أخ المأمون ، وبعد هزيمته وقتله بقي الحقد الدفين في نفوس بني العباس ، فأراد المأمون بتنفيذه خطّة ولاية العهد أن يكسر شوكة مناوئيه في العائلة المالكة ، ويفرض سلطته عليهم ، ويبعد العباسيّين عن دفّة الحكم بقدر الإمكان.
وقد نجح في هذا المجال ، بحيث أحدثت العملية ضجّة علنية في أوساطهم ، تنكّروا لها بين آونة وأُخرى ، وعندئذ اشترط المأمون عليهم الولاء لنفسه إزاء إرجاع الخلافة إلى مجاريها المتعارفة عندهم ، فسلّموا له الأمر ، وكان هذا أيضاً فوزاً عظيماً له في داخل الخطّ العباسيّ.
ومنها : إنّ المأمون كان يعتبر نفسه أعلم من أمثال أبي بكر وعمر وغيرهما ، فكان لا يرى لمعظم تصرّفاتهما ـ ومنها غصب الخلافة ـ وجهاً صحيحاً طالما كان المنازع لهما أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، ومن هذا المنطلق كان ينتقدهما بصراحة ، ولكن بما أنّه كان يواجه الصعوبات في هذه المواجهة اضطرّ إلى الاستمداد من الإمام عليهالسلام في المقام ، فكفاه الإمام عليهالسلام ـ وهو جدير بذلك ـ فترى أنّه كان يعقد مجالس المناظرة والبحث في سبيل إثبات أولوية أهل البيت عليهمالسلام ، والحطّ من كرامة علماء العامّة ، والنيل من التراث المصطنع عندهم.
وهذا لا يعني بالملازمة اعتقاد المأمون بإمامة أهل البيت عليهمالسلام ، بل كان يريد إثبات عدم شرعية سبق الأوّل والثاني وأتباعهما على الآخرين ، ثمّ يبرهن على أفضليّته عليهم لمعرفة هذه الحقائق وتسليمه للحقّ.
( .... ـ البحرين ـ .... )
نسب السادة الرضوية :
س : إلى من ينتسبون السادات الرضوية؟
ج : الظاهر أنّهم من أعقاب الإمام الجواد عليهالسلام ، إذ لم يكن للإمام الرضا عليهالسلام ولد غيره على المشهور.
وأمّا حكمة تسميتهم بالسادات الرضوية بدلاً من السادات الجوادية أو التقوية ، فيحتمل أن يكون بسبب شهرة الإمام الرضا عليهالسلام عند العامّة والخاصّة ، حتّى أنّ عدداً من الأئمّة عليهمالسلام من ولده كانوا يعرفون بـ « ابن الرضا » عند الناس.
( .... ـ السعودية ـ .... )
علّة استشهاده :
س : هناك من يقول بأنّ الإمام الرضا عليهالسلام مات حتف أنفه ، أو سمّه غير المأمون العباسيّ ، أو غير ذلك من العلل التي تدفع عن المأمون تهمة القتل.
وقد يؤيّد هذا البعض رأي بعض علماء الشيعة كالأربليّ صاحب كشف الغمّة ، والسيّد ابن طاووس ، والشيخ المفيد ، فما مدى صحّة هذا القول؟ وهل يوجد من أهل السنّة من يسند القتل المذكور إلى المأمون؟
ج : ممّا تسالم عليه الشيعة هو : أنّ الإمام الرضا عليهالسلام قد استشهد مسموماً على يد المأمون ، وإن نسب إلى الشيخ المفيد والسيّد ابن طاووس ما يوهم توقّفهما في ذلك ، أو أنّ الأربليّ قد مال إلى خلاف ذلك في كتابه « كشف الغمّة ».
وممّا يوهن الرأي المخالف هو : أنّ النسبة المذكورة غير ثابتة ، وأنّ الأربليّ قد أبدى استنتاجه الحدسي في الموضوع ، وهذا لا يقابل الإخبارات الحسّية عن الواقع المذكور.
( ... ـ ... ـ ..... )
ولاية عهده كانت خطّة مدروسة من قبل المأمون :
س : ما هو الدليل على أنّ المأمون لم يكن صادقاً مع الإمام الرضا عليهالسلام في ترشيحه لولاية العهد؟
ج : لا مجال لأن نتوهّم صدق المأمون مع الإمام الرضا عليهالسلام في الموضوع ، وذلك لعدّة أُمور :
منها : إنّ المأمون حاول إقناع الإمام عليهالسلام لقبول الخلافة ، وأصرّ على ذلك بشدّة ، ثمّ لمّا رأى رفض الإمام عليهالسلام عدل عن ذلك ، وطلب منه عليهالسلام قبول ولاية العهد.
فنرى أنّه يحاول بشتّى الوسائل ربط الإمام عليهالسلام بدائرة الحكم ليس إلاّ ، فإن لم يستطع ذلك بالخلافة استبدله بولاية العهد ، وهذا صريح في سوء سريرته.
منها : تهديده الإمام عليهالسلام في المسألة (١) ، فإن كان الإمام عليهالسلام هو الأولى في
__________________
١ ـ علل الشرائع ١ / ٢٣٨ ، عيون أخبار الرضا ١ / ١٥٢ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ١٢٦ ، روضة الواعظين : ٢٢٤ ، مقاتل الطالبيين : ٣٠١ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٤٧٢.
الموضوع فما معنى اجباره على ذلك ، إذ هو عليهالسلام يعرف المصلحة ويتصرّف على وفقها.
منها : ارتباكه في توضيح الهدف من عمله هذا ، فتراه تارةً يريد به مكافأة علي ابن أبي طالب عليهالسلام في ولده (١) ، وأُخرى حرصه على طاعة الله تعالى وخير الأُمّة (٢) ، وأحياناً وفاؤه بنذره في ظفره بأخيه (٣) ، بل ورابعة بأنّه أراد بذلك التشويه بسمعة الإمام عليهالسلام عند الشيعة وتمويه الأمر عندهم.
منها : إنّ خطّ السير من المدينة إلى مرو كان عن طريق المدن السنّية ، مثل البصرة ونيشابور ، ولم يتح الوفد للإمام عليهالسلام أن يمرّ بالمناطق الشيعيّة مثل قم وكاشان ، وهذا أيضاً دليل واضح على عدم حسن نوايا المأمون ، إذ كان لا يريد أن يظهر الإمام عليهالسلام لمواليه ويتّصل بهم.
ومنها : غير ذلك ممّا يجعلنا على يقين من خبث سريرة المأمون في معاملته مع الإمام عليهالسلام ، وأنّ ما تظاهر به آنذاك كان لأسباب خاصّة تصبّ جميعها في مصلحته.
( علي. البحرين ـ ٢٢ سنة ـ طالب جامعة )
كان أسمر شديد السمرة :
س : هل صحيح بأنّ الإمام الرضا عليهالسلام كان أسمر اللون؟ إن كان كذلك أو لم يكن ما هو الدليل؟ ولكم جزيل الشكر.
ج : قد ذكر المؤرّخون أنّ الإمام كان أسمر شديد السمرة.
وكان أعداء أهل البيت عليهمالسلام يشنعون على الإمام بسمرته ويصفونه بالسواد ، وقد قال ابن المعتّز مشنّعاً على الإمام عليهالسلام :
__________________
١ ـ تاريخ الخلفاء : ٣٠٨ ، تذكرة الخواص : ٣١٩.
٢ ـ البداية والنهاية ١٠ / ٢٦٩.
٣ ـ إعلام الورى ٢ / ٧٣ ، مقاتل الطالبيّين : ٣٧٥ ، الإرشاد ٢ / ٢٦١ ، كشف الغمّة ٣ / ٧٠.
وقالوا إنّه ربّ قدير |
|
فكم لصق السواد به لصوقا |
وهناك قول آخر يصف الإمام عليهالسلام بأنّه أبيض معتدل القامة ، ولا يمكن وفقاً لما موجود من الأخبار البتّ في صفة الإمام عليهالسلام الحقيقية ، ولكن أكثر المؤرّخين رجّحوا سمرة الإمام لكثرة الأخبار في ذلك دون الأخبار الأُخرى.
ولعلّ للمحيط الذي عاش به الإمام عليهالسلام في كون غالبية أهله من البيض أثر في إظهار سمرته ، ممّا أدّى بأعدائه أن لا يجدوا شيئاً يعيبون به الإمام غير ذلك ، وإلاّ فهو كأجداده ، بل وصفه بعضهم بأنّه شديد الشبه بجدّه رسول الله صلىاللهعليهوآله.