مركز الأبحاث العقائديّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-02-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥٢٠
الإمام الجواد عليهالسلام :
( صادق اللواتي ـ عمان ـ .... )
صغر السن :
س : ما هو الدليل على إمامة الإمام الجواد عليهالسلام؟ مع أنّه كان صغير السن؟
ج : إن كان الإشكال في السنّ فقد ثبت عدم دخل العمر في شرط الإمامة والقيادة عقلاً ونقلاً.
أمّا عقلاً ، فلا دليل على استحالة ذلك ، فيكون من الممكنات.
وأمّا نقلاً ، فهنالك آيات وروايات كثيرة ، ثبت من خلالها إمكان بل وقوع الإمامة والقيادة للأُمّة بسنّ صغير ، وهذا عيسى عليهالسلام يشهد له القرآن بذلك ، إذ يقول : ( قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ... ) (١) ، وكذلك تحدّث عن يحيى عليهالسلام فقال : ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (٢).
وإن كان الإشكال في شيء آخر فأخبرنا ونحن لك من الشاكرين.
( .... ـ البحرين ـ .... )
مشابهته لبعض الأنبياء :
س : لمّا ولد الإمام الجواد عليهالسلام قال الإمام الرضا عليهالسلام لأصحابه : « قد ولد لي
__________________
١ ـ مريم : ٢٩ ـ ٣٠.
٢ ـ مريم : ١٢.
شبيه موسى بن عمران فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم ... » (١).
فما هو وجه الشبه بين الإمام الجواد عليهالسلام وبين هذين النبيّين عليهماالسلام؟
ج : الظاهر أنّ الإمام الرضا عليهالسلام يقصد بكلامه هذا ـ على فرض صحّة الرواية سنداً ـ بأنّ ولده الإمام الجواد عليهالسلام قد شاءت المصلحة الإلهيّة أن لا يولد في أيّام شباب الوالد عليهالسلام ، بل ولد يوم كان عمر الإمام الرضا عليهالسلام خمسة وأربعين سنة تقريباً ، وهذا التأخير كان تمحيصاً شديداً وابتلاءً عظيماً للمؤمنين ( حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) (٢) ، بحيث إنّ البعض قد بدأ يشكّك في مصداقية إمامة الإمام الرضا عليهالسلام لعدم وجود عقب له ، فمن هذه الجهة تشابهت قصّة ولادته عليهالسلام بموسى عليهالسلام ، حيث إنّ بني إسرائيل يئسوا من ظهور المنقذ لهم من ظلم فرعون بسبب تأخيره ، حتّى أتاهم بعد فترة من الامتحان والاختبار.
وأمّا وجه الشبه بينه عليهالسلام وعيسى عليهالسلام فهو أنّ عيسى عليهالسلام آتاه الله تعالى الكتاب والنبوّة وهو طفل رضيع ، وتكلّم في المهد وهو صبيّ ، كذلك الإمام الجواد عليهالسلام آتاه الله الإمامة وهو طفل ، وكان يكلّم الناس بكلام الحكماء والعرفاء ، وهو في مرحلة الطفولة.
( .... ـ محمّد ـ .... )
إجابته على مسائل كثيرة في مجلس واحد :
س : ما تقولون في حديث ورد في بعض الكتب عن الإمام الجواد عليهالسلام ، أنّه أجاب على ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد؟ فهل هذا ممكن عقلاً؟ وهل يمكن إسناده إلى المعصوم عليهالسلام؟
ج : نعم ، جاء هذا الخبر في بعض مصادر الحديث بدون الإسناد إلى كلام
__________________
١ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ١٥ عن عيون المعجزات.
٢ ـ آل عمران : ١٧٩.
الإمام عليهالسلام ، بل إنّه من كلام إبراهيم بن هاشم راوي الواقعة (٢).
ومن هنا يجب أن نلاحظ نقطتين :
١ ـ إنّ مراجعة الأئمّة عليهمالسلام من قبل الشيعة وغيرهم أمر طبيعي ، خصوصاً عند وفاة الإمام السابق ، وابتداء إمامة اللاحق ، فكانوا يأتونه لمعرفة إمامهم والتيقّن من شخصه ، وتمييزه عن غيره في تلك الظروف الصعبة ، وعليه فالظاهر أنّ هذا الخبر ثابت من حيث المضمون.
٢ ـ ومع التسليم لأصل القضية ، يمكن توجيه مواصفاتها المذكورة بعدّة صور ، ذكر بعضها العلاّمة المجلسيّ في « بحار الأنوار » في ذيل الحديث (١).
والذي يبدو منها قريباً إلى الواقع هو : إنّ الإمام عليهالسلام قد تكلّم بقواعد عامّة تتفرّع منها مسائل كثيرة ، فيصحّ أن يعبّر في المقام : إنّه عليهالسلام أجاب على كلّ هذه الأسئلة ، والعلم عند الله تعالى.
( .... ـ السعودية ـ .... )
تولّى بنفسه تجهيز والده :
س : هل أنّ الإمام الجواد عليهالسلام قد أتى إلى طوس من المدينة بصورة غير عادية لتجهيز أبيه الإمام الرضا عليهالسلام والصلاة عليه ، كما تتحدّث بعض الأخبار بهذا؟ وهل هذا ممكن عقلاً؟ ثمّ كيف ينكره السيّد المرتضى (٢) ولا يلتزم بهذا الأمر؟
ج : أطبقت الشيعة بعلمائها وغيرهم على أنّ المتولّي لتجهيز الإمام السابق والصلاة عليه لا يكون إلاّ الإمام اللاحق ، وهذا رأيهم يعتمد على أحاديث كثيرة وردت في هذا المجال.
__________________
١ ـ الكافي ١ / ٤٩٦ ، كشف الغمّة ٣ / ١٥٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣ / ٢٩٠.
٢ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ٩٣.
٣ ـ رسائل المرتضى ٣ / ١٥٦.
ثمّ لا يخفى أنّ موضوع طيّ الأرض ليس فيه أيّ حظر عقليّ من جهة الإمكان ، فهو ممكن وواقع عقلاً ونقلاً ، كما ورد في القرآن الكريم في قصّة إحضار عرش بلقيس عند سليمان عليهالسلام.
وأمّا المحاذير التي ذكروها في المقام فليست هي إلاّ وجوه استبعادية لا تفيد الجزم بالمنع.
وأمّا إنكار السيّد المرتضى للموضوع وملازماته فهو بسبب التزامه بمبنى عدم قبول خبر الواحد في باب الأخبار ، أي أنّه لا يرى أخبار المقام في حدّ التواتر أو الاستفاضة حتّى تفيد علماً له ، وهذا المبنى مردود عند المحققّين كما قرّر في علم الأُصول.
فالنتيجة : إنّ إنكاره لا يدلّ على نفي الواقع ، بل هو رأي خاصّ به ، قد ثبت بطلانه بأدلّة وافية وشافية.
وعليه ، فالإمام الجواد عليهالسلام ـ وكذا باقي الأئمّة عليهمالسلام ـ قد حضروا وتولّوا تجهيز آبائهم والصلاة عليهم.
وأمّا ما روي من تولّي هذه المراسيم بيد الآخرين فهي ـ مع فرض صحّة أسانيدها ـ لا تنفي ما ذكرناه ، فقد يجوز أن يكون ذلك على مستوى الظاهر ولحفظ حالة التقية والكتمان.
( عبد الله ........ )
إمامته في صغر سنّه :
س : هناك من يعترض على إمامة الإمام الجواد عليهالسلام لصغر سنّه (١) ، ويؤيّد كلامه بوجود اختلاف بين الشيعة نفسهم في ذلك ، نقلاً عن كتاب فرق الشيعة (٢).
__________________
١ ـ بين الشيعة وأهل السنّة : ٥٥.
٢ ـ فرق الشيعة : ٨٨.
فإنّه يذكر : إنّ بعض الشيعة أنكروا إمامته مستدلّين بأنّ الإمام لا يجوز أن يكون إلاّ بالغاً ، ولو جاز أن يأمر الله تعالى بطاعة غير البالغ لجاز أن يكلّف الله غير البالغ ، والتالي باطل فالمقدّم مثله.
كيف نردّ عليهم هذه الدعوى والاستدلال الباطل؟
ج : نختصر الجواب في عدّة نقاط :
١ ـ صغر السنّ بما هو لا يكون مانعاً عقلاً في المقام ، فلا نرى فيه أيّ محذور كما هو واضح.
وأمّا نقلاً ، فمضافاً إلى عدم ورود منع شرعي لذلك جاء في القرآن الكريم ( وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) (١) ، فالاستبعاد في الموضوع لا يرجع إلى شيء.
٢ ـ إنّ كتاب « فرق الشيعة » للنوبختي لم يصل إلينا بطريق وسند صحيح يمكن الاعتماد عليه ، كما هو رأي المحقّقين.
نعم ثبت في محلّه بأنّ النوبختي كان له كتاب بهذا الاسم ، ولكن لا يمكننا الجزم بأنّ هذه النسخة المتداولة هي الأصل ، بل من المحتمل والمظنون قويّاً تلاعب بعض الأيدي في متنها.
٣ ـ لا ملازمة بين عدم تكليف غير البالغ وموضوع الإمامة والنبوّة ، فإنّهما رتبتان يهبهما الله تعالى حيث يشاء من عباده وفقاً للمصلحة التي يراها.
وأمّا عدم تكليف الصبي فهو امتنان وشفقة عليه ، أي إنّه من باب رفع المشقّة ، لا أنّه لا يصحّ تكليفه عقلاً ، ألا ترى صحّة عباداته ومشروعيّتها على المشهور.
وبعبارة واضحة : إنّ الصبي ـ وعلى الأخصّ المميّز منه ـ قد رفع عنه التكليف لصالحه ، ولكن النبوّة والإمامة أمران إلهيان يضعهما الله تعالى في مواضع قد قدّر استيعابهما فيها مسبقاً ، فلا امتنان في رفعهما عن تلك المواضع.
٤ ـ ولو سلّمنا أنّ بعض الشيعة أنكر إمامته لصغر سنّه فهؤلاء حينئذ لا يطلق
__________________
١ ـ مريم : ١٢.
عليهم شيعة اثنى عشرية ، فحالهم حال الشيعة الإسماعيلية حين أنكروا إمامة الإمام الكاظم عليهالسلام ، وحالهم حال الشيعة الزيدية حين أنكروا إمامة الإمام الباقر عليهمالسلام.
( حسين جبّاري ـ البحرين ـ ٢٣ سنة ـ طالب )
ردّه على ثلاثين ألف مسألة في مجلس واحد :
س : لقد قرأت كتيّب بعنوان « المسلم » للسيّد الشيرازي ، وقد لفتت انتباهي رواية عن أحد الأئمّة عليهمالسلام ، بأنّه قد ردّ على ثلاثين ألف مسألة في جلسة واحدة ، وهذا الكلام غير منطقيّ ، لأنّنا لو قلنا : إنّ الجلسة كانت مدّتها ٢٤ ساعة ، وقد تمّ طرح مسألة والإجابة عليها في كلّ دقيقة ، فأنّنا نرى أن ربع هذا الرقم لم نصل إليه ، فما هو ردّكم؟ ولكم جزيل الشكر.
ج : الظاهر أنّك تقصد الرواية التي رواها ابن شهر آشوب في « مناقب آل أبي طالب » ، عن إبراهيم بن هاشم عن مجلس اجتمع فيه الناس للاستفادة من الإمام الجواد عليهالسلام ، وهو ابن عشر سنين ، هذه الروايات إن صحّ سندها ـ كما هو غير بعيد ، يمكن توجيها بعدّة وجوه أهمّها :
١ ـ إنّ المقصود بالجلسة مجلس الاستفادة ، ولعلّه امتدّ أيّاماً وأسابيع ، وعبّر عنها بمجلس واحد ، لأجل أنّها عقدت لإثبات عظمة الإمام رغم صغر سنّه ، وعجز غيره عن مجاراته ومناظرته ، رغم كثرتهم وكبر سنّهم ، فهو مجلس واحد لأجل وحدة الغرض.
٢ ـ إنّ المقصود بالتعبير الوارد في الرواية والعدد المذكور الجزئيات والفروع التي استفيدت من القواعد التي أُسّست من قبل الإمام عليهالسلام ، وهذا مثل ما يظهر من قوله سبحانه : ( وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (١) ، وقوله :
__________________
١ ـ الأنعام : ٥٩.
( وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (١) بناء على أنّ المقصود بالكتاب هو القرآن.
فكما يمكن أن يحتوي القرآن على كلّ ما أُشير إليه رغم محدوديّته من حيث الألفاظ ، كذلك يمكن أن يحتوي كلام الإمام على أُسس وقواعد ليستخرج منها حكم فروع كثيرة.
وأيضاً قال الله سبحانه : ( ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِيَ أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٢) ، ومعلوم أنّ توراة موسى كان كتاباً محدود الكلمات ، ومع ذلك احتوى تفصيلاً لكلّ شيء.
وقال في موضع آخر : ( وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٣) ، وأشار سبحانه إلى احتواء القرآن بقوله : ( وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً ) (٤) ، وإلى هذا المعنى يشير أمير المؤمنين عليهالسلام في قوله : « علّمني رسول الله ألف باب من العلم ، فتح لي كلّ باب ألف باب » (٥).
وقد قال بعض : إنّه استنبط من قول الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله : « لا ضرر ولا ضرار » أكثر من ألف حكم.
__________________
١ ـ يونس : ٦١.
٢ ـ الأنعام : ١٥٤.
٣ ـ الأعراف : ١٤٤.
٤ ـ الإسراء : ١٢.
٥ ـ الفصول المختارة : ١٠٧ ، إعلام الورى ١ / ٢٦٧.
الإمام الهادي عليهالسلام :
( عيسى ـ الكويت ـ ٣١ سنة )
علمه وإخباره بموت الواثق :
س : هناك من يقول أنّ علي الهادي لم يكن أعلم الناس حسبما هو مشروط فيمن يتولّى الإمامة ، فكيف يكون الردّ على هذا القول؟ وجزاكم الله خيراً.
ج : لقد اشتهر كالشمس في رائعة النهار بين الخاصّة والعامّة سعة أُفق علم الأئمّة عليهمالسلام أجمع ، فضلاً عن الإمام الهادي عليهالسلام بذاته.
أمّا بالنسبة إلى الخاصّة فلا مجال للنقاش أو الشكّ بعد الإقرار بكونهم أئمّة معصومين ، وأنّ علمهم وراثي وإلهامي.
وأمّا العامّة بجميع مذاهبها فإنّها أقرّت بسعة علوم أهل البيت عليهمالسلام ، بما يميّزها عن غيرها.
ومن الأخبار التي تدلّ على سعة الإمام الهادي عليهالسلام إخباره بموت الواثق ، فعن خيران الأسباطيّ قال : « قدمت على أبي الحسن عليهالسلام المدينة فقال لي : « ما خبر الواثق عندك »؟ قلت : جعلت فداك خلّفته في عافية ، أنا من أقرب الناس عهداً به ، عهدي به منذ عشرة أيّام ، قال : فقال لي : « إنّ أهل المدينة يقولون إنّه مات » ، فلمّا أن قال لي : الناس ، علمت أنّه هو.
ثمّ قال لي : « ما فعل جعفر »؟ قلت : تركته أسوأ الناس حالاً في السجن ، فقال : « أمّا إنّه صاحب الأمر ، ما فعل ابن الزيات »؟ قلت : جعلت فداك الناس معه والأمر أمره.
فقال : « أمّا إنّه شؤم عليه » ، ثمّ سكت وقال لي : « لابدّ أن تجري مقادير الله تعالى وأحكامه ، يا خيران مات الواثق ، وقد قعد المتوكّل جعفر ، وقد قتل ابن الزيات » ، فقلت : متى جعلت فداك؟ قال : « بعد خروجك بستّة أيّام » (١).
( إبراهيم ـ كندا ـ ٢٣ سنة )
دفن في بيته :
س : لماذا دفن الإمام علي الهادي عليهالسلام في بيته؟ وشكراً لكم.
ج : السبب في دفنه عليهالسلام في بيته يعود إلى حصول ردود الفعل من الشيعة يوم استشهاده عليهالسلام ، وذلك عندما اجتمعوا لتشييعه مظهرين البكاء والسخط على السلطة ، والذي كان بمثابة توجيه أصابع الاتهام إلى الخليفة لتضلّعه في قتله.
وللشارع الذي أخرجت جنازة الإمام عليهالسلام إليه الأثر الكبير ، حيث كان محلاً لتواجد معظم الموالين لآل البيت عليهمالسلام ، أو من يحمل بين حنايا ضلوعه ولاء أهل البيت عليهمالسلام ، من الجند والقوّاد والكتّاب.
كلّ هذا أدّى إلى اتخاذ السلطة القرار بدفنه عليهالسلام في بيته ، وإن لم تظهر تلك الصورة في التاريخ بوضوح ، إلاّ أنّه يفهم ممّا تطرّق إليه اليعقوبيّ في تاريخه عند ذكر حوادث عام ( ٢٥٤ هـ ) ، ووفاة الإمام الهادي عليهالسلام حيث يقول : « وبعث المعتزّ بأخيه أحمد بن المتوكّل ، فصلّى عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد ، فلمّا كثر الناس واجتمعوا كثر بكاؤهم وضجّتهم ، فردّ النعش إلى داره ، فدفن فيها » (٢).
وتمكّنوا بذلك من إخماد لهيب الانتفاضة والقضاء على نقمة الجماهير الغاضبة.
__________________
١ ـ الكافي ١ / ٤٩٨.
٢ ـ تاريخ اليعقوبيّ ٢ / ٥٠٣.
( علي ـ العراق ـ ١٩ سنة )
حذّر من ابنه جعفر :
س : هل حذّر الإمام الهادي من ابنه جعفر الكذّاب؟ ودمتم سالمين.
ج : لقد حذّر الإمام الهادي عليهالسلام شيعته ومواليه من ابنه جعفر واتباعه ، فإنّه كان يقول لهم : تجنّبوا جعفراً فإنّه منّي بمنزلة نمرود من نوح الذي قال الله عزّ وجلّ فيه : ( فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ ) (١).
قال الله : ( قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ ) (٢).
وقد حذّر منه أيضاً الإمام العسكريّ عليهالسلام بقوله : « الله الله أن يظهر لكم أخي جعفر على سرّ ، ما مثلي ومثله إلاّ مثل هابيل وقابيل ابني آدم ، حيث حسد قابيل هابيل على ما أعطاه من الحاشية ، ولو تهيّأ لجعفر قتلي لفعل ، ولكن الله غالب على أمره » (٣).
__________________
١ ـ هود : ٤٥.
٢ ـ هود : ٤٦.
٣ ـ مدينة المعاجز ٧ / ٦٦٤.
الإمام العسكريّ عليهالسلام :
( .... ـ مسلم ـ .... )
روي عنه أحاديث قليلة :
س : لماذا معلوماتنا قليلة وشحيحة عن الإمام الحسن العسكريّ؟ على الرغم أنّه آخر الأئمّة ، وقبل الإمام المهديّ عليهالسلام ، ومن المفروض أن نكون أكثر علماً عنه ، ونقل عنه.
إلاّ أنّنا نجد النقل أكثر عن الإمام جعفر الصادق ، ونرى نهج البلاغة ، ونرى القليل عن رسول الله ، أوّل من جاء بخبر السماء ، كما أنّنا لا نرى روايات عن الإمام العسكريّ.
ج : إنّ قلّة أحاديثنا عن الإمام العسكريّ عليهالسلام ترجع إلى أمرين : قصر عمره الشريف ، وإبقائه تحت الرقابة الشديدة.
فالحقيقة إنّ الإمام عليهالسلام قد ولد في سنة ٢٣٢ هـ ، واستشهد مسموماً في سنة ٢٦٠ هـ ، فعمره الشريف يكون ٢٨ سنة.
مضافاً إلى أنّه عليهالسلام قد شخص إلى العراق مع والده عليهالسلام ، منذ سنة ٢٣٦ هـ ، وأُجبر على الإقامة في مدينة سامراء ـ عاصمة العباسيّين آنذاك ـ حتّى تكون عيون الحكومة على معرفة قريبة من شؤونه ، واتصال الشيعة به ، وفي هذه الظروف كان من الصعب الوصول إليه ، وتلقّي الأحاديث والعلوم والمعارف منه عليهالسلام.
وهذا بخلاف المقطع الذي عاشه الإمام الصادق عليهالسلام ، إذ صادف زمان انهيار
الحكم الأمويّ وظهور العباسيّين ، فاشتغال الظالمين بالظالمين قد أنتج فرصة ذهبية للإمام عليهالسلام في سبيل بثّ علوم أهل البيت عليهمالسلام وأحاديثهم ، وهذا سرّ كثرة الروايات عنه عليهالسلام.
وأمّا الرواية عن الرسول صلىاللهعليهوآله فهي أحاديث أهل البيت عليهمالسلام ، أي إنّ أحاديثهم ـ بعقيدتنا ـ هي أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوآله لا غير ، وهي ليست بالقليل كما هو واضح ، لمن راجع المجامع الحديثية للشيعة.
( محامي الشيعة ـ السعودية ـ .... )
المعتمد دسّ إليه السمّ :
س : على يد مَن قتل الإمام الحسن العسكريّ عليهالسلام؟
ج : قال ابن الصبّاغ المالكيّ في « الفصول المهمّة » ما نصّه : « ذهب كثير من الشيعة إلى أنّ أبا محمّد الحسن مات مسموماً ، وكذلك أبوه وجدّه ، وجميع الأئمّة الذين من قبلهم ، خرجوا كلّهم تغمّدهم الله برحمته من الدنيا على الشهادة ، واستدلّوا على ذلك ، بما روي عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : « ما منّا إلاّ مقتول أو شهيد » (١).
ونقل العلاّمة المجلسيّ في « بحار الأنوار » عن كتاب « المصباح » للشيخ الكفعميّ ( قدس سره ) ، أنه قال : « توفّي عليهالسلام في أوّل يوم من ربيع الأوّل » ، وقال في موضع آخر : « في يوم الجمعة ثامنه ، سمّه المعتمد » (٢).
نعم المعتمد العباسيّ ـ الحاكم آنذاك ـ دسّ السمّ إلى إمامنا العسكريّ عليهالسلام ، ومات مسموماً مظلوماً.
__________________
١ ـ الفصول المهمّة : ٢٩٠.
٢ ـ بحار الأنوار ٥٠ / ٣٣٥.
( .... ـ ... ـ .... )
مدّة إمامته :
س : إمامة أيّ من الأئمّة عليهمالسلام كانت أقصر من الآخرين؟ رجاءً مع ذكر سنين إمامته.
ج : هو الإمام الحادي عشر من أئمّة أهل البيت عليهمالسلام ، أبو محمّد الحسن بن علي العسكريّ عليهماالسلام ، فقد ولد عليهالسلام في سنة ٢٣٢ هـ ، وتولّى منصب الإمامة في سنة ٢٥٤ هـ ، واستشهد في سنة ٢٦٠ هـ ، وعليه ففترة إمامته كانت ستّ سنوات ، وبهذا تكون مدّة إمامته أقلّ فترةً من جميع آبائه المعصومين عليهمالسلام.
منع من الحج :
س : نسمع أحياناً أنّ الإمام العسكريّ عليهالسلام لم يحجّ ، فهل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحاً فما وجهه؟
ج : نعم ، بحسب النصوص الروائية والتاريخية فإنّ الإمام العسكريّ عليهالسلام لم تتح له فرصة الذهاب إلى الحجّ ، وبهذا هو الإمام الوحيد الذي منع من أداء مناسك الحجّ والعمرة ، ولتوضيح المسألة يلاحظ :
أوّلاً : إنّ الإمام العسكريّ عليهالسلام خرج من المدينة نحو العراق في سنة ٢٣٦ هـ ، مع والده الإمام الهادي عليهالسلام ؛ وبما أنّ ولادته عليهالسلام كانت في سنة ٢٣٢ هـ ، فهذا يعني أنّه عليهالسلام كان له من العمر أربع سنوات حينما اصطحبه والده في سفره إلى سامراء.
ثانياً : كما نعرف أنّ المجيء إلى سامراء كان بصورة جبرية من قبل الخليفة العباسيّ ـ المتوكّل ـ ، فمن الطبيعي أن تكون الإقامة أيضاً جبرية ، وهذا يعني عدم الخيار في الخروج منها حتّى لسفر الحجّ.
فبقي هو مع أبيه عليهماالسلام تحت الرقابة الشديدة إلى زمان استشهادهما عليهماالسلام.
ثالثاً : كلّ ما ذكرناه هنا فهو على ضوء الأدلّة الظاهرية ، وعليه فلا ننفي إمكانية خروج الإمام عليهالسلام عن البلد ، ومحلّ الإقامة الجبرية بصور الإعجاز
وخرق العادة ، إذ هذا أمر طبيعيّ بالنسبة لأئمّة أهل البيت عليهمالسلام.
ولكن على مستوى الوضع الظاهريّ كان عليهالسلام قد فرض عليه الإقامة الجبرية في سامراء من أيّام الطفولة حتّى يوم استشهاده ، فلم يمكن التخلّص من الوضع الراهن والذهاب إلى الحجّ.
( ... ـ .... ـ .... )
إمامته منصوصة :
س : ما هي الحكمة من وراء إمامة الإمام العسكريّ عليهالسلام؟ وعدم حصولها لبقية أخوته مثل سيّد محمّد ، أو جعفر أو غيرهما ، مع أنّهما كانا أكبر من الإمام العسكريّ عليهالسلام من ناحية العمر؟
ج : نلفت انتباهكم في الجواب إلى نقطتين :
الأُولى : إنّ الإمامة بحسب اعتقادنا ـ نحن الشيعة ـ أمر إلهي ، ولا تخضع لقوانين الوراثة ، أو أيّ موضوع آخر ، فيجب فيها اتّباع النصّ ، وعدم الاعتماد على الظنون والتخرّصات ، وقد وردت عدّة نصوص عامّة وخاصّة دالّة على إمامة الإمام العسكريّ عليهالسلام.
الثانية : وعلى فرض التنزّل والتسليم يمكننا البحث في الموردين المذكورين في السؤال.
ومجمل القول هو : إنّ السيّد محمّد قد توفّي في حياة والده الإمام الهادي عليهالسلام ، وبهذا قد انتفى افتراضه كإمام ، أي إنّ إمامته انتفت بانتفاء موضوعه.
ولا يخفى أنّ لهذا السيّد شأناً كبيراً ، ومقاماً عالياً عند أهل البيت عليهمالسلام ، وعند الشيعة ، ولكنّ الله تعالى شاء وقدّر ما كان وما يكون.
وأمّا جعفر ، وهو الملقّب بالكذّاب عند الشيعة ، فقد اشتهر عند الناس بالفسق والفجور ، فلم يكن فيه احتمال تصدّي مقام الإمامة حتّى على مستوى الفرض ؛ وهو أيضاً لم يدّع هذا المنصب في حياة أخيه الإمام العسكريّ عليهالسلام ،
بل مال إليه بعد استشهاده عليهالسلام ، ولكن لم يقبل منه القريب والبعيد هذا الادّعاء؛ وأمره إلى الله تعالى.
( أحمد ـ الكويت ـ ٢٠ سنة ـ طالب )
قول أبيه له أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً :
س : بعد السؤال عن صحّتكم ، في الحقيقة لقد أرسلت رسالة بموضوع قدرة الله تعالى ، ونرجو منكم الردّ ، وهذا عهدنا بكم ، عندي موضوع آخر يتعلّق حول الإمام الحسن العسكريّ عليهالسلام ، وبالأخص قضية أنّ أخيه محمّد ، وأنّه هو الوصيّ بعد أبيه الهادي عليهالسلام.
وقد قرأت حول هذا الموضوع بعض الردود ، مثل ردّ السيّد سامي البدريّ في كتاب شبهات وردود وغيرها ، وفي قسم الإجابات والأسئلة في هذا المركز ، في موضوع البداء ، إلاّ أنّه يتبادر عدّة نقاط يجب طرحها وملاحظاتها :
١ ـ ما المقصود من قول الإمام الهادي لولده الإمام العسكريّ عليهماالسلام : « يا بني ، أحدث لله شكراً فقد أحدث فيك أمراً »؟
وما المقصود من عبارة : وعلمنا أنّه أشار بالإمامة ، وأقامه مقامه؟ كما ورد في هذه الرواية : « عن جماعة من بني هاشم ، منهم الحسن بن الحسن الأفطس ، أنّهم حضروا ـ يوم توفّي محمّد بن علي بن محمّد ـ باب أبي الحسن يعزّونه ، وقد بسط له في صحن داره ، والنساء جلوس حوله ، فقالوا : قدّرنا أن يكون حوله من آل أبي طالب وبني هاشم وقريش مائة وخمسون رجلاً ، سوى مواليه وسائر الناس ، إذ نظر إلى الحسن بن علي قد جاء مشقوق الجيب ، حتّى قام عن يمينه ونحن لا نعرفه ، فنظر إليه أبو الحسن عليهالسلام بعد ساعة ، فقال : « يا بني أحدث لله عزّ وجلّ شكراً ، فقد أحدث فيك أمراً » ، فبكى الفتى وحمد الله واسترجع ، وقال : « الحمد لله ربّ العالمين ، وأنا أسأل الله تمام نعمه لنا فيك ، وإنّا لله وإنّا إليه راجعون ».
فسألنا عنه ، فقيل : هذا الحسن ابنه ، وقدّرنا له في ذلك الوقت عشرين سنة
أو أرجح ، فيومئذ عرفناه وعلمنا أنّه قد أشار إليه بالإمامة ، وأقامه مقامه » (١).
٢ ـ ما معنى قول الإمام الهادي لابنه العسكريّ عليهماالسلام : « إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفاً منه فأحمد الله ... »؟
كما ورد في هذه الرواية : عن محمّد بن يحيى بن درياب قال : دخلت على أبي الحسن عليهالسلام بعد مضي أبي جعفر فعزّيته عنه ، وأبو محمّد عليهالسلام جالس ، فبكى أبو محمّد عليهالسلام ، فأقبل عليه أبو الحسن عليهالسلام فقال له : « إنّ الله تبارك وتعالى قد جعل فيك خلفاً منه فأحمد الله » (٢).
٣ ـ هل يوجد نصّ من الإمام الهادي عليهالسلام على ولده محمّد على أنّه هو الإمام؟ وهل حصل تواتر في الروايات على ذلك؟ ولماذا لم يتداول نصّ الإمام الجواد على العسكريّ عليهماالسلام بين الشيعة؟
ج : بالنسبة إلى السؤال الأوّل نقول : المعنى أنّ الله تعالى حين قبض محمّداً إليه ، وقد كان بعض الشيعة يظنّون أنّه الإمام بعد أبيه ، فلمّا أماته الله أظهر للناس إمامة العسكريّ ، ورفع الوهم عند ذوي الفهم منهم ، وهذه نعمة بالغة تستوجب مزيد الشكر على هدايتهم إلى الحقّ.
والمقصود بالعبارة : إنّ الإمام الهادي عليهالسلام أشار إلى ابنه الحسن العسكريّ عليهالسلام بالإمامة ، وأقامه مقامه ، أي مقام نفسه من بعده ، فالضمير عائد إلى الإمام الهادي في مقامه ، لا إلى ابنه محمّد.
وبالنسبة إلى السؤال الثاني نقول : معنى قول الإمام الهادي عليهالسلام لابنه العسكريّ ـ إن صحّت الرواية ، ولا تصحّ لجهالة محمّد بن يحيى بن درياب الراوي ـ فإن المعنى هو المعنى في الجواب الأوّل.
وبالنسبة إلى السؤال الثالث نقول : لم يوجد أيّ نصّ من الإمام الهادي عليهالسلام على ولده محمّد.
__________________
١ ـ الكافي ١ / ٣٢٦.
٢ ـ المصدر السابق ١ / ٣٢٧.
ولم يصحّ خبر واحد ـ فضلاً عن التواتر ـ في ذلك. وتوجد نصوص على إمامة العسكريّ ولو لم يكن تداول بين أهل المعرفة لما وصل إلينا الخبر بذلك.
وفّقنا الله وإيّاكم إلى بلوغ الحقّ ، والصراط المستقيم.
( تسنيم الحبيب ـ الكويت ـ ١٩ سنة ـ طالبة جامعة )
رؤية نرجس له بالحلم :
س : لدي سؤال يتعلّق بالسيّدة المبجّلة والدة الإمام الحجّة عليهالسلام ـ جعلنا وإيّاكم من أنصاره ـ : قرأت في بحار الأنوار عن غيبة الشيخ الطوسيّ : « أنّها عليهاالسلام كانت تحلم بالإمام العسكريّ عليهالسلام ، ويأتي بالحلم لها ليحدّثها ويجالسها » (١).
فهل هذا ممكن وجائز؟ وهل كانت هي حليلة له؟ أم أنّ هناك مسوّغاً شرعياً آخر؟ وجزاكم الله خير الجزاء ، ودمتم موفّقين.
ج : رؤية نرجس عليهاالسلام ، أو أي امرأة أُخرى إلى رجل غريب في الحلم لا يحتاج إلى مسوّغ شرعي ، وهكذا رؤية الإمام العسكريّ عليهالسلام ، أو أي رجل آخر إلى امرأة غريبة في الحلم.
ثمّ بعد التسليم بصحّة سند الرواية ، ففي بدايتها تصريح بحصول عقد النكاح من خلال النبيّ محمّد صلىاللهعليهوآله ، وشمعون وصيّ عيسى عليهماالسلام.
__________________
١ ـ بحار الأنوار ٥١ / ٦.