مركز الأبحاث العقائديّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-02-7
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥٢٠
ودونك ما تقرأ في الجزء الثالث من كتاب « علي إمام البررة » ، فثمّة أقوال جماعة من أعلام أهل السنّة من قدامى ومحدّثين في كشف صفحات معاوية المخزية المخجلة ، وهذا الكشف لولا تسليم الإمام الحسن عليهالسلام الأمر إليه ، لما كان الناس يعرفوا حقيقة معاوية ، فهذا من أعظم المنجزات التي أنجزها الإمام الحسن عليهالسلام ، بأن كشف زيف الباطل وعرّف الناس حقيقة معاوية وبني أُمية.
الإمام الحسين عليهالسلام :
( علي سلمان ـ .... ـ .... )
أسباب ثورته :
س : ما هي أسباب قيام ثورة الإمام الحسين عليهالسلام؟
وما معنى قول زينب عليهاالسلام عندما خاطبت يزيد : « ما رأيت إلاّ جميلاً » (١)؟
ج : أحاطت بالإمام الحسين عليهالسلام عدّة من المسؤوليات الدينية والواجبات الاجتماعيّة وغيرها ، فحفّزته إلى الثورة ، ودفعته إلى التضحية والفداء ، وهذه بعضها :
١ ـ المسؤولية الدينية : لقد كان الواجب الديني يحتّم عليه القيام بوجه الحكم الأمويّ ، الذي استحلّ حرمات الله ، ونكث عهوده ، وخالف سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله.
٢ ـ المسؤولية الاجتماعيّة : كان الإمام عليهالسلام بحكم مركزه الاجتماعيّ مسؤولاً أمام الأُمّة ، عمّا منيت به من الظلم والاضطهاد من قبل الأمويّين ، ومن هو أولى بحمايتها وردّ الاعتداء عنها من غيره؟
فنهض عليهالسلام بأعباء هذه المسؤولية الكبرى ، وأدّى رسالته بأمانة وإخلاص ، وضحّى بنفسه وأهل بيته وأصحابه ، ليعيد عدالة الإسلام وحكم القرآن.
٣ ـ إقامة الحجّة عليه : قامت الحجّة على الإمام عليهالسلام لإعلان الجهاد ، ومحاربة قوى البغي والإلحاد ، فقد تواترت عليه الرسائل والوفود من أهل الكوفة ،
__________________
١ ـ لواعج الأشجان : ٢٠٩.
وكانت تحمّله المسؤولية أمام الله إن لم يستجب لدعواتهم الملحّة ، لإنقاذهم من ظلم الأمويّين وبغيهم.
٤ ـ حماية الإسلام : من الأسباب التي ثار من أجلها عليهالسلام هي حماية الإسلام من خطر الحكم الأمويّ ، الذي جهد على محوه ، وقلع جذوره ، فقد أعلن يزيد ـ وهو على كرسي الخلافة الإسلامية ـ الكفر والإلحاد بقوله :
لعبت هاشم بالملك فلا |
|
خبر جاء ولا وحي نزل (١) |
وكشف هذا الشعر عن العقيدة الجاهلية التي كان يدين بها يزيد ، فهو لم يؤمن بوحي ولا كتاب ، ولا جنّة ولا نار ، وبلغ به الاستهتار إلى الإعلان عن كفره واستهزائه بالإسلام.
٥ ـ صيانة الخلافة : من ألمع الأسباب التي ثار من أجلها عليهالسلام تطهير الخلافة الإسلامية ـ التي هي لأهل البيت عليهمالسلام من قبل الله تعالى ـ من أرجاس الأمويّين الذين نزو عليها بغير حقّ.
وقد رأى الإمام عليهالسلام أنّ مركز جدّه قد صار إلى سكّير مستهتر ، لا يعي إلاّ شهواته ورغباته ، فثار ليعيد للخلافة الإسلامية كيانها المشرق وماضيها الزاهر.
٦ ـ تحرير إرادة الأُمّة : ولم تملك الأُمّة في عهد يزيد إرادتها واختيارها ، فقد كبلت بقيود ثقيلة سدّت في وجهها منافذ النور والوعي ، وحيل بينها وبين إرادتها.
لقد هبّ الإمام عليهالسلام إلى ساحات الجهاد والفداء ، ليطعم المسلمين روح العزّة والكرامة ، فكان مقتله عليهالسلام نقطة تحوّل في تاريخ المسلمين وحياتهم.
٧ ـ تحرير اقتصاد الأُمّة : انهار اقتصاد الأُمّة الذي هو شرايين حياتها الاجتماعيّة والفردية ، فقد عمد الأمويّون بشكل سافر إلى نهب الخزينة
__________________
١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٨ / ١٨٨.
المركزية ، وقد أعلن معاوية أمام المسلمين : إنّ المال مال الله ، وليس مال المسلمين ، فهو أحقّ به.
فقد ثار عليهالسلام ليحمي اقتصاد الأُمّة ، ويعيد توازن حياتها المعيشية.
٨ ـ المظالم الاجتماعيّة : انتشرت المظالم الاجتماعيّة في أنحاء البلاد الإسلامية ، فلم يعد قطر من الأقطار إلاّ وهو يعجّ بالظلم والاضطهاد من جورهم.
فهبّ الإمام عليهالسلام في ميادين الجهاد ، ليفتح للمسلمين أبواب العزّة والكرامة ، ويحطّم عنهم ذلك الكابوس المظلم.
٩ ـ المظالم الهائلة على الشيعة : لقد كانت الإجراءات القاسية التي اتخذها الحكم الأمويّ ضدّ الشيعة من أسباب ثورته عليهالسلام ، فهبّ لإنقاذهم من واقعهم المرير ، وحمايتهم من الجور والظلم.
١٠ ـ محو ذكر أهل البيت : ومن ألمع الأسباب التي ثار من أجلها عليهالسلام ، هو أنّ الحكم الأمويّ قد جهد على محو ذكر أهل البيت عليهمالسلام ، واستئصال مآثرهم ومناقبهم ، وقد استخدم معاوية في هذا السبيل أخبث الوسائل.
وكان عليهالسلام يودّ أنّ الموت قد وافاه ، ولا يسمع سبّ أبيه على المنابر والمآذن.
١١ ـ تدمير القيم الإسلامية : عمد الأمويّون إلى تدمير القيم الإسلامية ، فلم يعد لها أيّ ظل على واقع الحياة الإسلامية.
١٢ ـ انهيار المجتمع : انهار المجتمع في عصر الأمويّين ، وتحلّل من جميع القيم الإسلامية.
وثار عليهالسلام ليقضي على التذبذب والانحراف الذي منيت به الأُمّة.
١٣ ـ الدفاع عن حقوقه : وانبرى الإمام عليهالسلام للجهاد دفاعاً عن حقوقه التي نهبها الأمويّون واغتصبوها ، وأهمّها : الخلافة ، فهو الخليفة الشرعي بمقتضى معاهدة الصلح ، التي تمّ الاتفاق عليها ـ فضلاً عن كونه الخليفة الحقيقيّ من قبل الله تعالى ـ وعلى هذا فلم تكن بيعة يزيد شرعية ، ولم يخرج الإمام عليهالسلام
على إمام من أئمّة المسلمين ، كما يذهب لذلك بعض ذوي النزعات الأمويّة ، وإنّما خرج على ظالم مغتصب لحقّه.
١٤ ـ الأمر بالمعروف : ومن أوكد الأسباب التي ثار من أجلها عليهالسلام إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنّهما من مقوّمات هذا الدين ، والإمام بالدرجة الأُولى مسؤول عنهما.
وقد أدلى عليهالسلام بذلك في وصيته لأخيه ابن الحنفية التي أعلن فيها عن أسباب خروجه على يزيد ، فقال : « وإنّي لم أخرج أشراً ، ولا بطراً ، ولا مفسداً ، ولا ظالماً ، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في أُمّة جدّي ، أُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ... » (١).
١٥ ـ إماتة البدع : عمد الحكم الأمويّ إلى نشر البدع بين المسلمين ، التي لم يقصد منها إلاّ محق الإسلام ، وإلحاق الهزيمة به ، وقد أشار عليهالسلام إلى ذلك في رسالته التي بعثها لأهل البصرة : « فإنّ السنّة قد أُميتت ، وإنّ البدعة قد أُحييت ... » (٢).
لقد ثار عليهالسلام ليقضي على البدع الجاهلية التي تبنّاها الأمويّون ، ويحيي سنّة جدّه التي أماتوها ، ونشر راية الإسلام.
١٦ ـ العهد النبوي : واستشف النبيّ صلىاللهعليهوآله من وراء الغيب ما يمنى به الإسلام من الأخطار الهائلة على أيدي الأمويّين ، وأنّه لا يمكن بأيّ حال تجديد رسالته ، وتخليد مبادئه إلاّ بتضحية ولده الحسين عليهالسلام ، فعهد إليه بالتضحية والفداء ، وقد أدلى الإمام الحسين بذلك حينما عدله المشفقون عليه من الخروج إلى العراق ، فقال عليهالسلام لهم : « ورأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله أمرني بأمر ، وأنا ماض له » (٣).
١٧ ـ العزّة والكرامة : ومن أوثق الأسباب التي ثار من أجلها عليهالسلام ، هي العزّة
__________________
١ ـ لواعج الأشجان : ٣٠.
٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٤ / ٢٦٦ ، البداية والنهاية ٨ / ١٧٠ ، انساب الأشراف : ٧٨.
٣ ـ البداية والنهاية ٨ / ١٧٦ و ١٨١.
والكرامة ، فقد أراد الأمويّون إرغامه على الذلّ والخنوع ، فأبى إلاّ أن يعيش عزيزاً ، وقد أعلن ذلك يوم الطفّ بقوله : « ألا وإنّ البغيّ ابن البغيّ قد ركز بين اثنتين ، بين السلّة والذلّة ، وهيهات منّا الذلّة ، يأبى الله لنا ذلك ورسوله ، والمؤمنون ، وحجور طابت ، وبطون طهرت ، وأنوف حمية ، ونفوس أبية ... » (١).
١٨ ـ غدر الأمويّين وفتكهم : وأيقن عليهالسلام أنّ الأمويّين لا يتركونه ، ولا تكفّ أيديهم عن الغدر والفتك به حتّى لو سالمهم وبايعهم ، وقد أعلن ذلك لأخيه محمّد ابن الحنفية : « والله يا أخي ، لو كنت في جحر هامّة من هوام الأرض لاستخرجوني منه حتّى يقتلوني » (٢).
فاختار عليهالسلام أن يعلن الحرب ، ويموت ميتة كريمة تهزّ عروشهم ، وتقضي على جبروتهم وطغيانهم.
هذه بعض الأسباب التي حفّزت الإمام الحسين عليهالسلام إلى الثورة على حكم يزيد.
وأمّا قول زينب عليهاالسلام فهو دليل على رضاها لمشيئة الله تعالى ، وإيمانها بالقضاء والقدر ، وتوكّلها على الله تعالى ، وأنّ الذي حصل ما كان إلاّ خيراً ، وما كان إلاّ جميلاً ، وذلك لأنّه لم يكن إلاّ حفظاً لأصل الإسلام ، وذهبت مخطّطات بني أُمية ـ التي رامت محو الإسلام ـ إدراج الرياح.
( حمد الهاشم ـ السعودية ـ .... )
استحباب زيارته يوم الأربعين :
س : اذكر الأدلّة على زيارة الحسين عليهالسلام يوم الأربعين؟
ج : إنّ استحباب زيارة الإمام الحسين عليهالسلام يوم الأربعين ثابت ، حتّى روي عن
__________________
١ ـ تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢١٩.
٢ ـ بحار الأنوار ٤٥ / ٩٩ ، لواعج الأشجان : ٢٥٦.
الإمام الحسن العسكريّ عليهالسلام أنّه قال : « علامات المؤمن خمس : صلاة الإحدى والخمسين ، وزيارة الأربعين ، والتختّم باليمين ، وتعفير الجبين ، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم » (١).
وأمّا بخصوص ألفاظ زيارة الإمام الحسين عليهالسلام المعروفة فهي مروية عن الإمام الصادق عليهالسلام ، حيث قال في زيارة الأربعين : « تزور عند ارتفاع النهار فتقول : السلام على وليّ الله وحبيبه ، السلام على خليل الله ونجيبه ... » (٢).
( حسين عبد الله ـ البحرين ـ .... )
الإمام السجّاد تولّى عملية دفنه :
س : من الذي دفن جسد الإمام الحسين عليهالسلام؟ وإذا كان الإمام السجّاد عليهالسلام ، فكيف يكون ذلك ، وهو أسير مع أهل بيته ، وهم مقتادون إلى الشام ، خصوصاً أنّ الدفن كان بعد ثلاثة أيّام من يوم شهادته؟ أرجو ذكر السند والمصدر.
ج : توجد قاعدة أوّلية وهي : إنّ الإمام المعصوم لا يقوم بتجهيزه والصلاة عليه إلاّ الإمام المعصوم الذي يليه.
إذا عرفت هذا ، فإنّ السيّد نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية ، والدربندي في أسرار الشهادة (٣) ، والسيّد محمّد تقي آل بحر العلوم في مقتل الحسين عليهالسلام (٤) ، نقلوا : أنّ بني أسد لمّا أرادوا دفن الأجساد الطاهرة جاءهم الإمام السجّاد عليهالسلام ، وهو الذي تولّى عملية الدفن بمساعدتهم.
وأمّا أنّ الإمام السجّاد عليهالسلام كيف جاءهم وهو أسير ، فهذا بالقدرة الإلهيّة التي يتمتّع بها المعصوم عليهالسلام.
__________________
١ ـ المزار للشيخ المفيد : ٥٣ ، تهذيب الأحكام ٦ / ٥٢ ، روضة الواعظين : ١٩٥.
٢ ـ مصباح المتهجّد : ٧٨٨ ، إقبال الأعمال ٣ / ١٠١.
٣ ـ أسرار الشهادة ٣ / ٢٢٥.
٤ ـ مقتل الحسين لبحر العلوم : ٤٦٦.
( السيّد محمّد ـ البحرين ـ .... )
فرق الجسم والجسد الواردان في زيارته :
س : ما هو الفرق بين كلمتي الجسم والجسد في زيارة وارث : « صلوات الله عليكم ، وعلى أرواحكم ، وعلى أجسادكم ، وعلى أجسامكم ... »؟
ج : الظاهر أنّ الواو في قوله : « وعلى أجسامكم » عطف بيان ، وعليه فأجسامكم وأجسادكم شيء واحد ، لا فرق بينهما.
ويؤيّد هذا ما قاله الأصمعي ، وأبو زيد في اللغة : إنّ الجسم هو الجسد (١).
وقيل : إنّ المراد من الجسم الإنساني ما يحوي الجسم المادّي بالإضافة إلى الروح ، والمراد من الجسد الإنساني هو الجسم المادّي دون الروح.
وعلى هذا يكون السلام في الزيارة على : أرواحكم وعلى أجسادكم الخالية من الروح ـ إشارة إلى حالة مماتهم ـ وعلى أجسامكم الحاوية على الجسم والروح ـ إشارة إلى حالة حياتهم ـ.
( .... ـ .... ـ ... )
ظهور الآيات الكونية عند استشهاده :
س : هل من الصحيح أنّ السماء أمطرت دماً يوم قتل الحسين؟ وانخسفت الشمس؟ ولماذا لم تمطر يوم وفاة النبيّ؟ فهل الحسين أعظم من النبيّ؟
ج : إنّ اعتمادنا في ذكر الحوادث الكونية التي أعقبت استشهاد الإمام الحسين عليهالسلام على المصادر المعترف بها عند الفريقين ، وعلى سبيل المثال : فموضوع إمطار السماء دماً يوم شهادته ، جاءت في عدّة مصادر : الصواعق المحرقة (٢) ،
__________________
١ ـ الصحاح ٥ / ١٨٨٧ ، لسان العرب ١٢ / ٩٩.
٢ ـ الصواعق المحرقة ٢ / ٥٦٩.
وذخائر العقبى للطبري (١) ، وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر (٢) ، وغيرها من المصادر (٣).
وأمّا حمرة الشمس وانخسافها وغيرها من الآيات ، فتراها أيضاً في المصادر التالية : السنن الكبرى (٤) ، مجمع الزوائد (٥) ، المعجم الكبير (٦) ، وغيرها من المصادر (٧).
فهل هذا كذب مفترى؟ أم هذه حقيقة واضحة يدلّ عليها النقل المتواتر.
وأمّا اجتهادك بمقايسة رزية السبط الشهيد عليهالسلام بجدّه صلىاللهعليهوآله ففي غير محلّه ، إذ إنّ تأبين وتكريم السبط هو لأجل تعظيم الرسالة النبوية ، فقضية كربلاء إنّما جاءت لحفظ وتشييد مباني النبوّة والدين من تلاعب أيدي الطغاة الذين كانت أزمّة الحكم بيدهم آنذاك.
فظهور الآيات الكونية المذكورة هو في الواقع تأييد لخطّ الدفاع عن آثار النبوّة والرسالة ، الذي يتمثّل في مسار أهل البيت عليهمالسلام.
( هادي هادي ـ السعودية ـ .... )
حكم من ذكر مقتله ولم ينصره :
س : ما حكم من سرد لنا مقتل الإمام الحسين عليهالسلام ، وهو موجود بالمعركة ، ولم يقم بنصرته؟
__________________
١ ـ ذخائر العقبى : ١٤٥.
٢ ـ تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢٢٧.
٣ ـ أُنظر : تهذيب الكمال ٦ / ٤٣٣ ، تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢٢٧ ، نظم درر السمطين : ٢٢٢ ، سبل الهدى والرشاد ١١ / ٨٠ ، ينابيع المودّة ٣ / ١٥ و ٨٤ و ٩١ و ١٠١.
٤ ـ السنن الكبرى للبيهقيّ ٣ / ٣٣٧.
٥ ـ مجمع الزوائد ٩ / ١٩٧.
٦ ـ المعجم الكبير ٣ / ١١٤.
٧ ـ أُنظر : تاريخ مدينة دمشق ١٤ / ٢٢٦ ، تهذيب الكمال ٦ / ٤٣٣ ، ينابيع المودّة ٣ / ١٧.
ج : طبقاً لقول الإمام الحسين عليهالسلام : « من سمع واعيتنا أهل البيت ثمّ لم يجبنا كبّه الله على وجهه في نار جهنم » (١) يكون آثماً ، إلاّ أن تكون لبعضهم ظروف خاصّة ، وهذا علمه عند الله تعالى.
نعم أثمه في عدم نصرته لا يلازم بالضرورة عداءه للإمام الحسين عليهالسلام ، إذ كثير من الناس حينما ينقل ، ينقل بتثبّت ، ولكن يفقد الشجاعة لاتّخاذ الموقف المناسب.
نعم لو ثبت أنّ الناقل معاد ، فحينئذ تسلب منه الوثاقة على رأي ، إذ لعلّه يزوّر الحقائق ، وينقل عن تصرّفات الإمام عليهالسلام أمراً غير الواقع.
ولكن طالما لم نعلم منه العداء ، فيعامل معاملة الراوي العادي ، لأنّ المطلوب في الراوي هو وثاقته لا عدالته ، ولهذا نقبل قول العامّيّ من أبناء المذاهب الأُخرى إذا ثبت لنا وثاقته ، رغم عدم استقامة عقيدته حسبما نعتقد ، ومع ذلك إذا ثبت أنّه ثقة في النقل نقبل روايته ونسمّيها موثّقة.
( أسير القلوب ـ .... ـ .... )
خروجه لا يعدّ إلقاءً في التهلكة :
س : قال تعالى : ( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ) بناء على هذه الآية الكريمة ، لماذا خرج الإمام الحسين عليهالسلام إلى كربلاء من مكّة متّجهاً إلى الموت؟ ألا يعدّ ذلك من التهلكة ، لأنّه ذهب إلى الموت بيده؟ وضّح الأمر لنا.
ج : إنّ أوّل الشبهات التي ترد على ذهن السامع أو القارئ لمصرع الإمام الحسين عليهالسلام ، هي شبهة أنّه بعمله هذا قد ألقى بنفسه إلى التهلكة التي نهى الله تعالى عنها بقوله : ( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ... ) (٢) ، والقيام بمثل
__________________
١ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٢١٩ ، ينابيع المودّة ٣ / ٦٣.
٢ ـ البقرة : ١٩٥.
ذلك العمل يعتبر غريباً من مثل الإمام الحسين عليهالسلام العارف بشريعة الإسلام ، والممثل الشرعي لنبيّ الإسلام جدّه محمّد صلىاللهعليهوآله.
والجواب عن هذه الشبهة يتوقّف على تقديم مقدّمة للبحث في الآية الكريمة ، والتعرّف على معنى التهلكة المحرّمة ، ومتى تصدق ، وهل ينطبق ذلك على عمل الإمام عليهالسلام؟ وننظر هل يصدق عليه أنّه ألقى بنفسه إلى التهلكة أم لا؟
قوله تعالى : ( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ).
التهلكة : يعني الهلاك ، وهو كلّ أمرٍ شاقٍّ ومضرٍّ بالإنسان ضرراً كبيراً ، يشقّ تحمّله عادة ، من فقر ، أو مرض ، أو موت.
والآية الكريمة أمرت ـ أوّلاً ـ بالإنفاق في سبيل الله ، أي التضحية والبذل فيما يرضي الله تعالى ، ويقرّب الإنسان إلى الله تعالى ، ثمّ نهت عن الإلقاء بالنفس إلى التهلكة ، وذلك بترك التضحية والإنفاق في سبيل الله تعالى.
ثمّ قالت : وأحسنوا ، أي كونوا محسنين في الإنفاق والبذل ، إذ إنّه ليس كل تضحية حسنة وشريفة ، ولا كل بذل هو محبوب وحسن عند الله تعالى ، وإلاّ لكانت تضحيات المجانين والسفهاء أيضاً شريفة ، وفي سبيل الله تعالى.
فالتضحية الشريفة المقدّسة والتي هي في سبيل الله تعالى تعرف بتوفّر شروط فيها ، وتلك الشروط نلخّصها فيما يلي :
الشرط الأوّل : أن تكون التضحية والبذل والإنفاق في سبيل شيء معقول محبوب عقلاً وعرفاً ، أي في سبيل غرض وهدف عقلاني ، وإلاّ خرجت عن كونها تضحية عقلائية ، ودخلت في عداد الأعمال الجنونية أو اللاإرادية.
الشرط الثاني : أن يكون المفدّى والمضحّى له أشرف وأفضل من الفداء والتضحية لدى العقلاء والعرف العام ، كأن يضحّي بالمال مثلاً ، لكسب العلم أو الصحّة ، أو يضحي بالحيوان لتغذية الإنسان ، وهكذا كلّما كانت الغاية أفضل وأثمن كانت التضحية أشرف وأكمل.
هذان العنصران هما الشرطان الرئيسيان من الشروط التي لابدّ منها في كلّ بذل وإنفاق وتضحية ، حتّى تكون حسنة وشريفة وفي سبيل الله تعالى.
وعلى هذا يظهر جلياً وبكلّ وضوح : أنّ ثورة الإمام الحسين عليهالسلام كانت في سبيل الله تعالى مائة بالمائة ، وأنّ كلّ ما قدّم فيها ، وأنفق من مال وبنين ، ونفس ونفيس ، وغال وعزيز ، كان إنفاقاً حسناً ، وبذلاً شريفاً ، وتضحية مقدّسة ، يستحقّ عليها كلّ إجلال وتقديس وشكر.
والخلاصة : إنّ آية التهلكة لا تشمل مطلق الإقدام على الخطر ، ولا تحرّم التضحية بالنفس والنفيس ، إذا كانت لغاية أعظم وأفضل ، وهدف أنبل وأشرف ، كالذي قام به الإمام الحسين عليهالسلام بثورته الخالدة ، وحيث توفّرت في تضحياته كلّ شروط التضحية الشريفة ، والفداء المقدّس على أكمل وجه ، لأنّه عليهالسلام ضحّى وفدى وبذل وأنفق في سبيل أثمن وأغلى شيء في الحياة مطلقاً ، ألا وهو الإسلام ، دين الله تعالى ، وشريعة السماء ، ونظام الخالق للمخلوق ، ودستور الحياة الدائم ، الذي لولا تضحيّاته عليهالسلام لدفن تحت ركام البدع ، والتشويهات والانحرافات ، التي خلّفتها عهود الحكم السابقة ، كما دفنت الديانات السابقة على الإسلام تحت ترسّبات البدع والتحريف ، حتّى لم يبق منها أثر حقيقي ، حيث لم يقيض لها حسين فيستخرجها ، ويزيل عنها المضاعفات ، كالذي فعله عليهالسلام بالنسبة إلى الديانة الإسلامية الخالدة.
( السيّد محمّد البحراني ـ البحرين ـ ٤١ سنة. طالب جامعة )
رأسه الشريف يقرأ القرآن :
س : في مسير ركب أسرى الطفّ إلى الشام ، ما السرّ وراء قراءة رأس الحسين الآية من سورة الكهف بالذات : ( أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ
وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا ) (١)؟
ما هو وجه الخصوصية؟ إلى ماذا يشير الإمام عليهالسلام بقراءته هذه الآية بالذات؟ ولكم الفضل ، ونسألكم الدعاء.
ج : قد سمع زيد بن أرقم الآية ـ التي ذكرتموها ـ من الرأس الشريف في الكوفة ، وناداه : « رأسك يا ابن رسول الله أعجب وأعجب » (٢).
وسمع آخرون منه في الشام آية : ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ) (٣) ؛ ولعلّ في تلاوة هذه الآيات إشارة إلى قصّة أصحاب الكهف ، إذ كان فيها إيقاظ بعد رقود ثلاثمائة وتسع سنين ، فهنا بطريق أولى يكون إنطاق الرأس الشريف أعجب ، فرأسه عليهالسلام بتلاوة هذه الآيات يظهر المعجزة الإلهيّة في نطقه.
ولا يبعد أن تكون الإشارة إلى إمكانية الهداية للناس ، أو إتمام الحجّة عليهم ، كما أنّ عودة أصحاب الكهف إلى الدنيا كان سبباً لهداية الكثير ، ورسوخ الإيمان فيهم ، وإلقاء الحجّة عليهم.
ويمكن أن تكون الإشارة إلى تحدّي أصحاب الكهف الظلم والطغيان في الفئة الحاكمة ، وعدم رضوخهم واستسلامهم لهم مع قلّة عددهم ، فكأنّما كان الإمام عليهالسلام يريد أن يلفت النظر بأنّ الانحراف السائد المتمثّل في الحكم الأمويّ لابدّ وأن يواجه ، ولو بقلّة العدد والمؤنة ، كما كانت سيرته عليهالسلام في نهضته ، والله أعلم بحقائق الأُمور.
( زينب ـ بريطانيا ـ .... )
فلسفة أخذه العيال إلى كربلاء :
س : لماذا أخذ الإمام الحسين عليهالسلام النساء والأطفال معه إلى كربلاء؟ مع أنّه
__________________
١ ـ الكهف : ٩.
٢ ـ الإرشاد ٢ / ١١٧ ، إعلام الورى ١ / ٤٧٣.
٣ ـ الكهف : ١٣.
يعلم بأنّهم سوف يسبون؟
ج : ورد عن الإمام الحسين عليهالسلام أنّه قال ـ حينما سُـئل عن أخذه العيال ـ : « شاء الله أن يراني قتيلاً ويراهنّ سبايا ».
والمتأمّل في مجريات ثورة الحسين عليهالسلام والمواقف الخالدة للسيدة زينب عليهاالسلام وما قامت به من إكمال لمسيرة الحسين عليهالسلام في ثورته ـ والتي نحسّ بآثارها ليومنا هذا ـ يعلم حكمة المشيئة الإلهيّة في أخذ الحسين عليهالسلام عياله إلى كربلاء ، فتأمل.
( أُمّ أحمد ـ البحرين ـ .... )
في الأربعين ألحق رأسه بجسده :
س : عندما سير بالسبايا إلى الشام ، كان رأس الحسين معهم ، فمتى أرجع مع الجسد؟ هل كان في العشرين من صفر؟
ج : إنّ المشهور عند الشيعة أنّ رأس الإمام الحسين عليهالسلام قد أعاده الإمام زين العابدين عليهالسلام بعد الرجوع من الأسر ، وألحقه بالجسد الشريف بعد أربعين يوماً من استشهاده ، أي يوم العشرين من صفر (١).
نعم ، قد ورد في بعض الأخبار الخاصّة بأنّ مدفن رأسه عليهالسلام هو عند أبيه أمير المؤمنين عليهالسلام (٢).
وأُوّل بأنّه بعد الدفن الأوّل أُخرج من هناك ، وأُلحق بالجسد الشريف بكربلاء ، جمعاً بين هذه الروايات ، والطائفة الأُولى التي تدلّ على اجتماع رأسه وجسده عليهالسلام والتي عليها معظم الطائفة الشيعيّة.
__________________
١ ـ أُنظر : اللهوف : ١١٤ ، مثير الأحزان : ٨٥ ، الأمالي للشيخ الصدوق : ٢٣٢ ، روضة الواعظين : ١٩٢ ، إعلام الورى ١ / ٤٤٧.
٢ ـ الكافي ٤ / ٥٧١ ، كامل الزيارات : ٨٤.
( شاهر ـ ... ـ ..... )
كنيته :
س : لماذا كنّي الإمام الحسين عليهالسلام بأبي عبد الله؟ مع أنّ الإمام زين العابدين عليهالسلام هو الأكبر من أولاده؟
ج : إنّ قولكم ـ إنّ الإمام زين العابدين عليهالسلام أكبر أولاده عليهالسلام ـ أوّل الكلام ، لأنّ المشهور أنّ أكبر أولاد الإمام الحسين عليهالسلام هو علي الأكبر الشهيد ، الذي قُتل مع أبيه في كربلاء ، وأمّا الإمام زين العابدين عليهالسلام فهو علي الأوسط .
وأمّا لماذا كنّي الإمام الحسين عليهالسلام بأبي عبد الله؟ ولم يكنّى بأبي علي ـ باعتبار أنّ علياً أكبر أولاده ـ أو بغيرها من الكنى؟
فنجيب عليه أوّلاً : إنّ أسماء الأئمّة عليهمالسلام ، وألقابهم وكناهم ، منصوص عليها ، فكنّي بأبي عبد الله لوجود نصّ عن رسول الله صلىاللهعليهوآله في ذلك.
وثانياً : كان متعارفاً عند العرب أن يكنّى الرجل بكنية ، ولم يكن له ولد بهذا الاسم ، من قبيل الإمام الجواد عليهالسلام ، يكنّى بأبي جعفر ، ولم يكن من أولاده جعفر ، والإمام المهديّ المنتظر عليهالسلام يكنّى بأبي صالح ، وبأبي القاسم ، ولم يكن عنده أولاد.
ثمّ لا يخفى أنّ بعض هذه الكنى واضح المنشأ ، ككنية الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام بأبي الحسن ، فالحسن عليهالسلام أكبر أولاده عليهالسلام ، وبعض الكنى غير واضح المنشأ ، كما في كنية الإمام الحسين عليهالسلام بأبي عبد الله ، وكما في كنية الإمام الصادق عليهالسلام بأبي عبد الله ، مع أنّ اكبر أولاده عليهالسلام إسماعيل ، ومن البعيد جدّاً أن يكنّى الإمام الصادق عليهالسلام باسم ولده عبد الله الأفطح ، لأنّه كان منحرفاً عن الجادّة الحقّة.
إذاً كنية الإمام عليهالسلام كنية منصوص عليها من قبل رسول الله صلىاللهعليهوآله.
( فاطمة الحسيني ـ إيران ـ .... )
التأكيد على زيارته في الأربعين :
س : أرجو منكم أن توضّحوا لنا لماذا الإمام الحسن العسكريّ عليهالسلام يعطي هذه الخصوصية لزيارة الأربعين ، ولا يعطي هذه الخصوصية لزيارة عاشوراء التي هي أكثر اعتباراً وشهرة؟ وشكراً لجهودكم.
ج : ليس الإمام العسكريّ عليهالسلام هنا في مقام الحصر ، فكما يقال : « إثبات الشيء لا ينفي ماعداه » ، فهنالك الكثير من الروايات التي تعدّد علامات المؤمن مثلاً ، وليس الغرض منها إلاّ التأكيد على هذه الأُمور ، ولا يفهم منها نفي غيرها ، مثل قول الإمام زين العابدين عليهالسلام : « علامات المؤمن خمس : الورع في الخلوة ، والصدقة في القلّة ، والصبر عند المصيبة ، والحلم عند الغضب ، والصدق عند الخوف » (١) ، وهناك روايات أُخرى تذكر علامات غيرها.
هذا ، وإنّ تأكيد الإمام العسكريّ عليهالسلام على زيارة الأربعين لكي يتمسّك الشيعة بهذه الزيارة ، ولا يكتفوا في إحياء أمر الإمام الحسين عليهالسلام بأيّام عاشوراء ، ولتبيين حقيقة مظلومية السبايا ، وأهمّية إحيائها.
وزيارة عاشوراء فضلها أبين من الشمس في رائعة النهار ، وقد ذكرها أهل البيت في مواطن أُخرى كثيرة.
( حسين الدرّازي ـ البحرين ـ .... )
لولاه لما بقي للدين أثر :
س : كيف يمكن أن نقول : لولا الإمام الحسين عليهالسلام لما بقي لهذا الدين من أثر؟ أُريد شرحاً لهذه العبارة من كتب السنّة إذا وجد.
وهل الأئمّة الأطهار عليهمالسلام من بعد الحسين عليهالسلام لا يشكّلون دوراً كبيراً في
__________________
١ ـ الخصال : ٢٦٩.
الخلافة؟ شاكرين لكم هذا المجهود الطيّب في إحياء المذهب الجعفريّ.
ج : المراد من العبارة هو : أنّ الإمام الحسين عليهالسلام قد أحيى أمر الدين بعد أن طمست أعلامه بيد الأمويّين ، فلولا نهضته عليهالسلام لشوّهت بني أُمية وجه الدين ، بحيث لا يبقى له عين ولا أثر ، بعد مضي سنوات قليلة من حكمهم الجائر ، ألا ترى إلى معاوية يصلّي صلاة الجمعة يوم الأربعاء ، وقتله لخيرة أصحاب الإمام علي عليهالسلام ، ووقوفه في وجه أمير المؤمنين عليهالسلام ، وادعائه الخلافة لنفسه ، وتنصيبه يزيد خليفة مع ما فيه ، من جهره بالمنكرات والموبقات و .. ، أليس هذا كلّه مؤشّراً واضحاً في هذا المجال؟
ومن جانب آخر ، ترى أنّ الأُمّة الإسلامية أصبحت آنذاك في سبات ، تحتاج إلى من يوقظها ، ويكشف زيف حكّامها الظلمة ، ويخلع عنهم ثوب الرياء والتظاهر بالإسلام ، فكان هذا دور الإمام الحسين عليهالسلام.
ثمّ إنّ هذه العبارة لا تنفي دور سائر الأئمّة عليهمالسلام في حياتهم وسيرتهم بحفظ الدين ، بل كلّ ما في الأمر أنّ الظروف السياسية والاجتماعيّة قد فرضت وظائف لكلّ إمام يقوم بأدائها ، فمثلاً لو كان أيّهم عليهمالسلام يعيش في زمن إمامة أبي عبد الله الحسين عليهالسلام لقام بنفس الدور ، ولو كان الإمام الحسين عليهالسلام في زمن إي إمام آخر ما كان يفعل أكثر مما فعل ذلك الإمام ؛ لأنهم جميعاً عليهمالسلام لم يألوا جهداً في حفظ الدين بحسب الظروف لكل إمام منهم.
( السادة ـ السعودية ـ .... )
قتلته شيعة آل أبي سفيان :
س : يتردّد من البعض : إنّ الذين قتلوا الحسين عليهالسلام هم شيعة ، فهل هم شيعة كما يقال؟ أم أنّهم غير ذلك؟ وهل كانوا من أتباع أهل البيت ثمّ انحرفوا أم ماذا؟
ج : في الواقع هذه شبهة روّج إليها البعض ، ممّن في قلبه مرض ، طعناً منه
بالمذهب الشيعيّ ، من أنّ الشيعة هم الذين قتلوا الإمام الحسين عليهالسلام! والواقع خلاف ذلك ، فإنّ الذين قتلوه عليهالسلام هم شيعة آل أبي سفيان ، بدليل خطاب الإمام الحسين عليهالسلام إليهم يوم عاشوراء : « ويلكم يا شيعة آل أبي سفيان ، إن لم يكن لكم دين ، وكنتم لا تخافون يوم المعاد ، فكونوا أحراراً في دنياكم هذه ، وارجعوا إلى احسابكم إن كنتم عرباً كما تزعمون » (١).
ثمّ لم نجد أحداً من علماء الرجال أدرج أسماء هؤلاء الذين قتلوه عليهالسلام ـ كأمثال عمر بن سعد ، وشبث بن ربعي ، وحصين بن نمير ، و .. ـ ضمن قوائم رجال الشيعة ، بل النصوص تدلّ على أنّهم من جمهور المسلمين.
وأمّا كونهم محكومين بأنّهم كانوا تحت إمرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام لا يدلّ على أنّهم شيعة علي عليهالسلام ، كما أنّه ليس كلّ من صلّى خلف علي أو قاتل في جيش علي هو شيعي بالضرورة ، لأنّ الإمام علي عليهالسلام يعتبر الخليفة الرابع للمسلمين ، فالكلّ يقبله بهذا الاعتبار ، لا باعتبار أنّه معصوم ، وأنّه الخليفة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله مباشرة.
وأمّا أنّهم كانوا ممّن أرسلوا إلى الإمام الحسين عليهالسلام برسائل تدعوه للمجيء إلى الكوفة ، لا يدلّ أيضاً على أنّهم شيعته عليهالسلام ، لأنّهم كانوا يتعاملون مع الإمام الحسين عليهالسلام باعتباره صحابي ، وسبط الرسول صلىاللهعليهوآله ، وله أهلّية الخلافة والقيادة ، لا باعتبار أنّه إمام من الأئمّة الاثني عشر ، وأنّه معصوم ، وأنّه أحقّ بالخلافة من غيره.
مضافاً إلى هذا ، فإنّ مواقفهم من الإمام الحسين عليهالسلام ومن معه يوم عاشوراء تدلّ على أنّهم ليسوا بشيعة له ، من قبيل منعهم الماء عليه ، فيخاطبهم برير الهمدانيّ بقوله : وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابه ، وقد حيل بينه وبين ابنه. فقالوا : يا برير ، قد أكثرت الكلام فاكفف ، فوالله ليعطش
__________________
١ ـ لواعج الأشجان : ١٨٥ ، تاريخ الأُمم والملوك ٤ / ٣٤٤ ، البداية والنهاية ٨ / ٢٠٣ ، مقتل الحسين لابن مخنف : ١٩٠ ، اللهوف : ٧١ ، كشف الغمّة ٢ / ٢٦٢.
الحسين كما عطش من كان قبله (١) ـ يقصد عثمان بن عفّان ـ. فهل هذا جواب شيعيّ؟!
ثمّ إنّ الشيعة في الكوفة يمثّلون سبع سكّانها ، وهم ١٥ ألف شخص ، كما نقل التاريخ ، فقسم منهم زجّوا في السجون ، وقسم منهم اعدموا ، وقسم منهم سُفّروا إلى الموصل وخراسان ، وقسم منهم شُرّدوا ، وقسم منهم حيل بينهم وبين الإمام الحسين عليهالسلام ، مثل بني غاضرة ، وقسم ضئيل منهم استطاعوا أن يصلوا إليه عليهالسلام.
إذاً شيعة الكوفة لم تقتل الإمام الحسين عليهالسلام ، وإنّما أهل الكوفة ـ من غير الشيعة ـ قتلوه عليهالسلام بمختلف قوميّاتهم ومذاهبهم.
نعم ، هذا صحيح أنّ أكثر الشيعة في الكوفة ، لكن ليس أكثر الكوفة شيعية ، والدليل على أنّ الشيعة كانوا أقلّية في الكوفة ، هو عدّة قضايا :
منها : ما ذكرته بعض المصادر : من أنّ علياً لما تولّى الخلافة أراد أن يغيّر صلاة التراويح ، فضجّ الناس بوجهه في المسجد ، وقالوا : واسنّة عمراه (٢).
ومنها : ما في الفقه الإسلاميّ ، إذا قيل هذا رأي كوفيّ ، فهو رأي حنفيّ لا رأي جعفريّ.
وللمزيد من الفائدة نذكر لكم نصّ كلام السيّد محسن الأمين في كتابه أعيان الشيعة : « حاش لله أن يكون الذين قتلوه هم شيعته ، بل الذين قتلوه بعضهم أهل طمع لا يرجع إلى دين ، وبعضهم أجلاف أشرار ، وبعضهم اتبعوا رؤساءهم الذين قادهم حبّ الدنيا إلى قتاله ، ولم يكن فيهم من شيعته ومحبيه أحد.
أمّا شيعته المخلصون فكانوا له أنصاراً ، وما برحوا حتّى قتلوا دونه ، ونصروه بكلّ ما في جهدهم إلى آخر ساعة من حياتهم ، وكثير منهم لم
__________________
١ ـ الأمالي للشيخ الصدوق : ٢٢٢ ، روضة الواعظين : ١٨٥ ، لواعج الأشجان : ١١١.
٢ ـ جواهر الكلام ١٣ / ١٤٠ و ٢١ / ٣٣٧ ، الصحيح من السيرة ٢ / ١٤٩.