لأكون مع الصّادقين

الدكتور محمّد التيجاني السماوي

لأكون مع الصّادقين

المؤلف:

الدكتور محمّد التيجاني السماوي


المحقق: مركز الأبحاث العقائديّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-15-3
الصفحات: ٤٥٥

العقائد عند الشيعة وعند أهل السنّة والجماعة

ممّا زاد قناعتي بأنّ الشيعة الإمامية هي الفرقة الناجية هو : أنّ عقائدهم سمحة وسهلة القبول لكلّ ذي عقل حكيم وذوق سليم ، ونجد عندهم لكلّ مسأله من المسائل ولكلّ عقيدة من العقائد تفسيراً شافياً كافياً لأحد أئمة أهل البيت عليهم‌السلام ، قد لا نجد لها حلاًّ عند أهل السنّة وعند الفرق الأُخرى.

وسأتتبع في هذا الفصل بعض العقائد وأهمّها عند الفريقين ، وأحاول إبراز ما اقتنعتُ به ، وأترك للقارئ حريّة الفكر والاختيار ، والنقد والتجريح.

وألفت النظر إلى أنّ العقيدة الأساسية هي بالنسبة للمسلمين كافّةً عقيدة واحدة ، وهي الإيمان باللّه تعالى وملائكته وكتبه ورسله ، لا يفرّقون بين أحد من رسله ، كما يتفقُون في أنّ النار حقّ ، والجنة حقّ ، وأنّ اللّه يبعث من في القبور ، ويحشرهم جميعاً ليوم الحساب.

٦١

كما أنّهم يتفقون على القرآن ، ويؤمنون بأنّ نبيّهم محمّد رسول اللّه ، وقبلتهم واحدة.

ولكن وقع الاختلاف في مفهوم هذه العقائد ، فأصبحت مسرحاً للمدارس الكلامية يرون فيها شتّى الآراء والمذاهب.

٦٢

العقيده في اللّه تعالى عند الطرفين

وأهمّ ما يذكر في هذا الموضوع هو رؤية اللّه تعالى ، فقد أثبتها أهل السنّة والجماعة لكلّ المؤمنين في الآخرة ، وعندما نقرأ صحاح السنّة والجماعة ـ كالبخاري ومسلم مثلاً ـ نجد روايات تؤكّد الرؤية حقيقة لا مجازاً (١) ، بل نجد فيها تشبيهاً للّه سبحانه ، وأنّه يضحك ، ويأتي ، ويمشي ، وينزل إلى سماء الدنيا ، بل ويكشف عن ساقه التي بها علامة يُعرف بها (٢) ، ويضعُ رجله في جهنّم فتمتلئ وتقول : قط قط (٣) ، إلى غير ذلك من الأشياء والأوصاف التي يتنزّه

__________________

١ ـ مسند أحمد ١ : ٣١٨ ، و ٤ : ٦٦ و ٥ : ٢٤٣ وسنن الدارمي ٢ : ١٢٦ ، سنن الترمذي ٥ : ٤٥ ، مستدرك الحاكم ١ : ٥٤٤ ، مجمع الزوائد ١ : ٢٣٧ ، عمدة القارىء في شرح صحيح البخاري ١ : ٤٠ وغيرها من المصادر.

٢ ـ صحيح البخاري ٦ : ٧١ ، كتاب التفسير ، تفسير سورة القلم ، و ٨ : ١٩٧ ، كتاب التوحيد ، باب قول اللّه ( يريدون أن يبدلوا ) و ٨ : ٢٢٦ ، كتاب المناقب ، باب مناقب الانصار.

٣ ـ صحيح البخاري ٦ : ٤٧ كتاب التفسير ، تفسير سورة : ق.

٦٣

اللّه جلّ وعلا عن أمثالها (١).

وأذكر أنّني مررت بمدينة ( لامو ) في كينيا بشرق أفريقيا ، ووجدت إماماً من الوهّابية يحاضر المصلّين داخل المسجد ، ويقول لهم بأنّ للّه يدين ورجلين وعينين ووجهاً ، ولّما استنكرتُ عليه ذلك ، قام يستدلّ بآيات من القرآن قائلاً : ( وَقَالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) (٢) ، وقال أيضاً : ( وَاصْنَعِ الفُلْكَ بِأعْيُنِنَا ) (٣) ، وقال : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَان * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ... ) (٤).

قلتُ : يا أخي ، كلّ هذه الآيات التي أدليتَ بها وغيرها إنّما هي مجازُ وليستْ حقيقة.

أجاب قائلاً : كلّ القرآن حقيقة وليس فيه مجازاً.

قلتُ : إذن ما هو تفسيركم للآية التي تقول : ( وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أعْمَى ) (٥) ، فهل تحملون هذه الآيات على

__________________

١ ـ صحيح البخاري ٦ : ٣٣ كتاب التفسير ، تفسير سورة الزمر ، وفيه إثبات الأصابع له تعالى.

٢ ـ المائدة : ٦٤.

٣ ـ هود : ٣٧.

٤ ـ الرحمن : ٢٦ ـ ٢٧.

٥ ـ الإسراء : ٧٢.

٦٤

المعنى الحقيقي ، فكلّ أعمى في الدنيا يكون أعمى في الآخرة؟

أجاب الشيخ : نحن نتكلّم عن يد اللّه وعين اللّه ووجه اللّه ، ولا دخل لنا في العميان.

قُلت : دعنا من العميان ، فما هو تفسيركم في الآية التى ذكرتَها : ( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَان * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ... )؟

إلتفت إلى الحاضرين وقال لهم : هل فيكم من لم يفهم هذه الآية؟ إنّها واضحة جليّة كقوله سبحانه : ( كُلُّ شَيْء هَالِكٌ إلاّ وَجْهَهُ ) (١).

قلتُ : أنت زدت الطين بلَّةً ، يا أخي نحن إنّما اختلفنا في القرآن : ادّعيتَ أنتَ بأنّ القرآن ليس فيه مجاز وكلّه حقيقة! وادعيتُ أَنا بأنّ في القرآن مجازاً ، وبالخصوص الآيات التي فيها تجسيم للّه تعالى أو تشبيهه ، وإذا أصررت على رأيك فيلزمك أن تقول : بأنّ كلّ شيء هالك إلاّ وجهه معناه : يداه ورجلاه وكلّ جسمه يفنى ويهلك ولا يبقى منه إلاّ الوجه ، تعالى اللّه عن ذلك علوّاً كبيراً! ثم التفتُّ إلى الحاضرين قائلاً : فهل ترضون بهذا التفسير؟

سكتَ الجميع ولم يتكلّم شيخهم المحاضر بكلمة ، فودّعتهم وخرجتُ داعياً لهم بالهداية والتوفيق.

نعم ، هذه عقيدتهم في اللّه في صحاحهم وفي محاضراتهم ، ولا

__________________

١ ـ القصص : ٨٩.

٦٥

أقول : إنّ بعض علمائنا ينكر ذلك ، ولكن الأغلبية يؤمنون برؤية اللّه سبحانه في الآخرة ، وأنّهم سوف يرونه كما يرون القمر ليلة البدر ليس دونها سحاب ، ويستدلّون بالآية : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذ نَاضِرَةٌ * إلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) (١).

وبمجرّد اطلاعك على عقيدة الشيعة الإمامية في هذا الصدد يرتاح ضميرك ، ويُسلّم عقلك بقبول تأويل الآيات القرآنية التي فيها تجسيم أو تشبيه للّه تعالى ، وحملها على المجاز والاستعارة ، لا على الحقيقة ولا على ظواهر الألفاظ ، كما توهّمه البعض.

يقول الإمام علي عليه‌السلام في هذا الصدد : « لا يدركه بعد الهمم ، ولا يناله غوص الفطن ، الذي ليس لصفته حدّ محدود ، ولا نعتٌ موجودٌ ، ولا وقتٌ محدودٌ ، ولا أجل ممدودٌ ... » (٢).

ويقول الإمام محمّد الباقر عليه‌السلام في الردّ على المشبّهة : « بل كلّ ما ميّزناه بأوهامنا في أدقّ معانيه فهو مخلوق مصنوع مثلنا مردود إلينا ... » (٣).

__________________

١ ـ القيامة : ٢٢ ـ ٢٣.

هذه الآية فَسّرها أئمة أهل البيت عليهم‌السلام بأنّ الوجوه تكون يومئذ ناضرة بمعنى الحسن والبهجة ، وإلى رحمة ربّها ناظرة ( المؤلّف ).

٢ ـ نهج البلاغة ١ : ١٤ ، الخطبة ١.

٣ ـ ورد الحديث في كتاب مشرق الشمسين للبهائي : ٣٩٨ ، وعنه في البحار

٦٦

ويكفينا في هذا ردّ اللّه سبحانه في محكم كتابه قوله : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ) (١) ، وقوله : ( لا تُدْرِكُهُ الأبْصَارُ ) (٢) ، وقوله لرسوله وكليمه موسى عليه‌السلام لمّا طلب رؤيته : ( قَالَ رَبِّ أرِنِي أنظُرْ إلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي ) (٣) ، ولن « الزمخشرية » تفيد التأبيد كما يقول النحاة (٤).

__________________

٦٩ : ٢٩٣ ، ولفظه : « كلّ ما ميّزتموه بأوهامكم في أدقّ معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم » ، ونحوه في تاريخ دمشق لابن عساكر ٦٦ : ٦٠ عن الشبلي.

١ ـ الشورى : ١١.

٢ ـ الأنعام : ١٠٣.

٣ ـ الأعراف : ١٤٣.

٤ ـ قال الشيخ السبحاني في كتابه « رؤية اللّه » ٦٦ ـ ٨٠ : « وربما نوقش في دلالة ( لن ) على التأبيد مناقشة ناشئة عن عدم الوقوف الصحيح على مقصود النحاة من قولهم » لن » موضوعة للتأبيد ، ولتوضيح مرامهم نذكر أمرين ثمّ نعرض المناقشة عليهما :

١ ـ إنّ المراد من التأبيد ليس كون المنفي ممتنعاً بالذات ، بل كونه غير واقع ، وكم فرق بين نفي الوقوع ونفي الإمكان ، نعم ربما يكون عدم الوقوع مستنداً إلى الاستحالة الذاتية.

٢ ـ إنّ المراد من التأبيد هو النفي القاطع ، وهذا قد يكون غير محدّد بشيء ، وربما يكون محدداً بظرف خاص ، فيكون معنى التأبيد بقاء النفي بحاله ما دام الظرف باقياً.

إذا عرفت الأمرين تقف على وهن ما نقله الرازي عن الواحدي من أنّه قال :

٦٧

__________________

ما نُقل عن أهل اللغة إنّ كلمة « لن » للتأبيد دعوى باطلة ، والدليل عن فساده قوله تعالى في حقّ اليهود : ( وَلَنْ يَتَمَنَّوْنَهُ أبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أيْدِيهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بالظَّالمِينَ ) ( البقرة : ٩٥ ) ، قال : وذلك لأنّهم يتمنّون الموت يوم القيامة بعد دخولهم النار ، قال سبحانه : ( وَنَادَوْا يا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلِيْنا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَاكِثُونَ ) ( الزخرف : ٧٧ ) ، فإنّ المراد من ( لِيَقْضِ عَلِيْنا ) هو القضاء بالموت.

ووجه الضعف ما عرفت من أنّ التأبيد على قسمين ، غير محدّد ومحدّد باطار خاصّ ، ومن المعلوم أنّ قوله سبحانه : ( وَلَنْ يَتَمَنَّوْنَهُ ) ناظر إلى التأبيد في الإطار الذي اتخذه المتكلم ظرفاً لكلامه وهو الحياة الدنيا ، فالمجرمون ماداموا في الحياة الدنيا لا يتمنّون الموت أبداً ، لعلمهم بأنّ اللّه سبحانه بعد موتهم يُقدّمهم للحساب والجزاء ، ولأجل ذلك لا يتمنّوه أبداً قط.

وأمّا تمنّيهم الموت بعد ورودهم العذاب الأليم ، فلم يكن داخلا في مفهوم الآية الأُولى حتى يعدّ التمنّي مناقضاً للتأبيد.

ومن ذلك يظهر وهن كلام آخر وهو : أنّه ربما يقال : إنّ « لن » لا تدلّ على الدوام والاستمرار بشهادة قوله : ( إِنِّي نَذَرْتُ لِلْرَّحْمنِ صَوْمَاً فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إِنْسِيّاً ) ، إذ لو كانت ( لن ) تفيد تأبيد النفي لوقع التعارض بينهما وبين كلمة ( اليوم ) ، لأنّ اليوم محدد معيّن ، وتأبيد النفي غير محدد ولا معيّن ، ومثله قول سبحانه على لسان ولد يعقوب : ( فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتّى يَأْذَنَ لِي أَبِي ) ( يوسف : ٨٠ ) ، حيث حدّد بقاءه في الأرض بصدور الاذن من أبيه.

وجه الوهن : أنّ التأبيد في كلام النحاة ليس مساوياً للمعدوم المطلق ، بل المقصود هو النفي القاطع الذي لا يشق ، والنفي القاطع الذي لا يكسر ولا

٦٨

__________________

يشق على قسمين :

تارةً يكون الكلام غير محدّد بظرف خاص ولا تدلّ عليه قرينة حالية ولا مقالية ، فعندئذ يساوق التأبيدُ المعدوم المطلق.

وأُخرى يكون الكلام محدّداً بزمان حسب القرائن اللفظية والمثالية ، فيكون التأبيد محدّداً بهذا الظرف أيضاً ، ومعنى قول مريم : ( فَلَنْ أُكَلِّمَ اليَوْمَ إِنْسِيّاً ) ( مريم : ٢٦ ) هو النفي القاطع في هذا الاطار ، ولا ينافي تكلّمها بعد هذا اليوم.

والحاصل : أنّ ما أُثير من الإشكال في المقام ناشئ من عدم الإمعان فيما ذكرنا من الأمرين ، فتارةً حسبوا أنّ المراد من التأبيد هو الاستحالة فأوردوا بأنّه ربما يكون المدخول أمراً ممكناً كما في قوله : ( فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أبَداً ) ( التوبة : ٨٣ ) ، وأُخرى حسبوا أنّ التأبيد يلازم النفي والمعدوم المطلق ، فناقشوا بالآيات الماضية التي لم يكن النفي فيها نفياً مطلقاً ، ولو أنّهم وقفوا على ما ذكرنا من الأمرين لسكتوا عن هذه الاعتراضات.

وبما أنّه سبحانه لم يتّخذ لنفي رؤيته ظرفاً خاصاً ، فسيكون مدلوله عدم تحقّق الرؤية أبداً لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة.

ثمّ أنّه سبحانه علّق الرؤية على استقرار الجبل وبقائه على الحالة التي كان عليها عند التجلّي وعدم تحوّله إلى ذرات ترابية صغار بعده ، والمفروض أنّه لم يبق على حالته السابقة ، وبطلت هويته وصار تراباً مدكوكاً ، فإذا انتفى المعلّق عليه ( بقاء الجبل على حالته ) ينتفي المعلّق ... واللّه سبحانه بما أنه يعلم أنّ الجبل لا يستقر في مكانه بعد التجلي ، فعلّق الرؤية على استقراره لكي يستدلّ بانتفائه على انتفائه ، كما قال سبحانه : ( وَلا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حَتّى يَلِجَ الجَمَلُ فِي سَمِّ الخِياطِ ).

٦٩

__________________

وقال الزمخشري في ردّه على من قال إنّ الرؤية لو كانت مستحيلة لما طلبها موسى ، قال : « وما كان طلب الرؤية إلاّ ليبكت هؤلاء الذين دعاهم سفهاء وضلالا وتبرأ من فعلهم ، وذلك انّهم حين طلبوا الرؤية أنكر عليهم وأعلمهم الخطأ ونبههم على الحق ، فلجّوا وتمادوا في لجاجتهم وقالوا : لابدّ ولن نؤمن حتى نرى اللّه جهرة ، فأراد أن يسمعوا النصّ من عند اللّه باستحالة ذلك وهو قوله : ( لن تراني ) ، ليتيقنوا وينزاح عنهم ما دخلهم من الشبهة ، فلذلك قال : ( رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ) » انتهى ما أوردناه من كلام الشيخ السبحاني ملخصاً.

وأمّا الآيات التي ذكرت لإثبات رؤية اللّه سبحانه وتعالى فهي لا تدلّ على ذلك.

والقرآن الكريم ينفي رؤيته سبحانه ، قال تعالى : ( لا تُدْرِكُهُ الأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ ) ( الأنعام : ١٠٣ ).

فالآية تنفي رؤية اللّه سبحانه وتعالى ، وذلك :

١ ـ إنّ الإدراك إذا أُضيف إلى الأبصار يفيد الرؤية ( مجمع البحرين : مادة درك ) ، فمعنى الآية يكون : لا تراه الأبصار وهو يرى الأبصار.

وما يقولون : من أنّ الإدراك بمعنى الإحاطة ، والصحيح أنّ اللّه سبحانه وتعالى لا يحيط به المخلوق ، فالمخلوق يرى اللّه لكن لا يحيط به ، والمنفي في الآية الإحاطة دون الرؤية؟

قلنا : تفسير الإدراك بمعنى الإحاطة غير صحيح ، إذ لم يذكر لمعنى الإدراك الإحاطة ، بحيث يفهم من عند الإطلاق ، ولم يذكر ذلك اللغويون أيضاً ، فالإحاطة غير داخلة في معنى الإدراك.

٧٠

كلّ ذلك دليل قاطع على صحة أقوال الشيعة الذين يعتمدون فيها

__________________

٢ ـ إذا فسّرنا الإدراك بالإحاطة وآمنّا بالرؤية ، فيكون معنى الآية : لا تحيط به الأبصار وهو يحيط بالأبصار ، وهذا لا معنى له؛ لأنّ اللّه سبحانه وتعالى ليس محيطاً بالأبصار فقط وإنّما هو محيط بكلّ شيء؛ البصر وصاحب البصر ، فلا وجه لأن يقيد إحاطته بالبصر.

واللّه سبحانه وتعالى لم يعلّق الرؤية على أمر ممكن ، لأنّ المعلّق عليه ليس هو استقرار الجبل كي يقال بأنّه ممكن ، وإنّما المعلّق عليه استقرار الجبل حال التجلّي ، أي شرط الرؤية أن يستقرّ الجبل حال تجلّي اللّه سبحانه وتعالى ، وقد تبيّن أنّ هذا مستحيل وغير ممكن.

وممّا يدل على أنّ رؤية اللّه سبحانه وتعالى غير ممكنة في الدنيا والآخرة قوله تعالى : ( اللّه نور السموات والأرض ) ، وقول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندما سأله أبو ذر : هل رأيت ربّك؟

قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « نورٌ أنّى أراه » صحيح مسلم ١ : ١١١.

فاللّه سبحانه وتعالى نور ، وهو نور السموات والأرض ، فلا يمكن لبشر أن يراه.

ومن أعاجيب السلفية أنّهم ينكرون تأويل الآيات القرآنية ويحملوها على ظاهرها ، إلاّ أنّهم في هذه الآية والحديث تأوّلوا فقالوا : معنى قوله : ( اللّه نور السموات والأرض ) يعني اللّه منور السموات والأرض!!

ومعنى قوله : « نورٌ أنّى أراه » ، يعني حجب بيني وبينه النور فكيف أراه!!

راجع : اجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم : ٣٥.

وهذا من تلاعبهم واضطرابهم في عقيدتهم ، وما على المسلم الباحث إلاّ النظر بعين الحقيقة ليرى الحقّ.

٧١

على أقوال الأئمة من أهل البيت ، معدن العلم وموضع الرسالة ، ومن أورثهم اللّه علم الكتاب.

ومن أراد التوسّع في هذا البحث فما عليه إلاّ الرجوع إلى الكتب المفصّلة بهذا الموضوع ، ككتاب « كلمة حول الرؤية » للسيّد شرف الدين صاحب المراجعات (١).

__________________

١ ـ كتاب المراجعات من الكتب التي يجب أن يقرأها كل من يريد التعرف على عقائد الشيعة الإمامية وأفكارهم ( المؤلّف ).

٧٢

العقيدة في النبوة عند الطرفين

والخلاف الواقع بين الشيعة وأهل السنّة في هذا الباب هو موضوع العصمة ، فالشيعة يقولون بعصمة الأنبياء عليهم‌السلام قبل البعثة وبعدها ، ويقول أهل السنّة والجماعة بأنّهم المعصومون فيما يبلّغونه من كلام اللّه فقط ، أمّا فيما عدا ذلك فهم كسائر البشر يخطئون ويصيبون.

وقد رووا في ذلك عدّة روايات في صحاحهم تثبتُ بأنّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخطأ في عدّة مناسبات ، وكان بعض الصحابة يصوّبه ويصلحه ، كما في قضية أسرى بدر التي أخطأ فيها رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصاب عمر ، ولولاه لهلك رسول اللّه ... (١).

ومنها : أنّه لما قدم المدينة وجد أهلها يُؤبرون النخل ، فقال لهم : « لا تؤبّروه وسيكون تمراً » ، ولكنّه جاء شيصاً ، فجاؤوه وشكوا له

__________________

١ ـ البداية والنهاية لابن كثير ٣ : ٢٣٤ ( في غزوة بدر ) ، عن أحمد ومسلم وأبي داود والترمذي.

٧٣

ذلك ، فقال لهم : « أنتم أعلم بأُمور دنياكم مني ».

وفي رواية أُخرى قال لهم : « إنّما أنا بشرٌ ، إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوه ، وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنّما أنا بشر » (١).

ومرّة يروون أنّه سُحِرَ وبَقيَ أياماً مسحوراً لا يدري مايفعل ، حتّى أنّه كان يخيّل إليه أنّه كان يأتي النساء ولا يأتيهنّ (٢) ، أو يخيّل إليه أنّه صنع شيئاً ولم يصنعه (٣).

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٧ : ٩٥ ، كتاب الفضائل ، باب ٣٨ في وجوب امتثال ما قاله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شرعاً ، ومسند أحمد ٣ : ١٥٣ و ٦ : ١٢٣.

٢ ـ صحيح البخاري ٧ : ٢٩ ، كتاب الطب ، كتاب الأدب ، باب السحر وقوله تعالى : ( ولكن الشياطين .. ).

٣ ـ صحيح البخاري ٤ : ٦٨ ، كتاب الجزية والموادعة ، باب هل يعفي عن الذمي إذا سحر.

لا يقال بأنّ أخبار السحر وردت عندكم أيضاً فلماذا تعترضون على أهل السنّة؟ وذلك لأنّ علماءنا تركوا تلك الروايات ولم يعوّلوا عليها :

قال الشيخ الطبرسي في مجمع البيان ١٠ : ٨٦٥ في تفسير سورة الفلق ـ بعد ذكره لبعض الروايات في هذا الباب ـ : « وهذا لا يجوز؛ لأنّ من وصف بأنّه مسحور فكأنّه قد خبل عقله ، وقد أبى اللّه سبحانه ذلك في قوله : ( وَقالَ الظّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً ) ».

وقال المجلسي في البحار ٦٠ : ٤١ : « لما عرفت أنّ السحر يندفع بالعوذ والآيات والتوكل ، وهم عليهم‌السلام معادن جميع ذلك ، فتأثيره فيهم مستبعد ،

٧٤

__________________

والأخبار الواردة في ذلك أكثرها عامية أو ضعيفة ومعارضة بمثلها ، فيشكل التعويل عليها في إثبات مثل ذلك ».

والإيمان بأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سُحر ، فيه مطعن على النبوّة وعلى الوحي الذي ينزل على الرسول ، ولا سيما إذا لاحظنا رواية البخاري : « حتى كان يخيل إليه أنّه يفعل الشي وما يفعله » ، فمن الجائز حينئذ أنّه يوصى إليه ولا يبلغ تصوراً منه أنّه بلغ ، فإنّ هذا ممكن وتشمله الرواية ، وفي هذا مطعن كبير على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والرسالة الإسلامية؟

ولأجل ذلك قال الإمام محمّد عبده : « وقال كثير من المقلّدين الذين لا يعقلون ما هي النبوّة ولا ما يجب لها : إنّ الخبر بتأثير السحر في النفس الشريفة قد صح فلزم الاعتقاد به ، وعدم التصديق من بدع المبتدعين؛ لأنّه ضرب من إنكار السحر ، وقد جاء القرآن بصحة السحر!

فانظر كيف ينقلب الدين الصحيح والحقّ الصريح في نظر المقلّدين بدعة! نعوذ باللّه!

يحتجّ بالقرآن على ثبوت السحر! ويعرض عن القرآن في نفيه السحر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعده من افتراء المشركين عليه ، ويؤول في هذه ولا يؤول في تلك! مع أنّ الذي قصده المشركون ظاهر؛ لأنّهم كانوا يقولون إنّ الشيطان يلامسه عليه‌السلام ، وملامسة الشيطان تعرف بالسحر عندهم وضرب من ضروبه ، وهو بعينه أثر السحر الذي نسب إلى لبيد ، فإنّه خالط عقله وإدراكه في زعمهم.

والذي يجب اعتقاده أنّ القرآن مقطوع به ، وأنّه كتاب اللّه بالتواتر عن المعصوم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فهو الذي يجب الاعتقاد بما يثبته وعدم الاعتقاد بما ينفيه ،

٧٥

__________________

وقد جاء ينفي السحر عنه عليه‌السلام حيث نسب القول بإثبات حصول السحر له إلى المشركين أعدائه ، ووبخهم على زعمهم هذا ، فإنّه ليس بمسحور قطعاً » تفسير جزء عم : ١٨٣.

وقال الجصاص : « وقد أجازوا من فعل الساحر ما هو أطم من هذا وأفظع ، ذلك أنهم زعموا أنّ النبي عليه‌السلام سحر وأن السحر عمل في حتى قال فيه : إنّه يتخيل لي أنّي أقول الشيء وأفعله ولم أقله ولم أفعله ... ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين تعلباً بالحشو الطغام واستجراراً لهم إلى القول بابطال معجزات الأنبياء عليهم‌السلام ، والقدح فيها ، وأنّه لا فرق بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة وأنّ جميعه من نوع واحد.

والعجب! ممّن يجمع بين تصديق الأنبياء عليهم‌السلام وإثبات معجزاتهم وبين التصديق بمثل هذا من فعل السحرة .. » ، أحكام القرآن ١ : ٥٩.

وحكى الفخر الرازي في مفاتيح الغيب ، ١١٥ عن القاضي انّه قال : « هذه الرواية باطلة ، وكيف يمكن القول بصحتها واللّه تعالى يقول ( وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ ) ، وقال : ( وَلا يُفْلِحُ السّاحِرُ حَيْثُ أَتى )؟! ولأن تجويزه يقضي إلى القدح في النبوة ، ولأنه لو صحّ ذلك لكان من الواجب أن يصلوا إلى الضرر لجميع الأنبياء والصالحين ، ولقدروا على تحصيل الملك العظيم لأنفسهم ، وكل ذلك باطل.

ولأنّ الكفّار كانوا يعيّرونه بأنّه مسحور ، فلو وقعت هذه الواقعة لكان الكفّار صادقين في تلك الدعوى ، ولحصل فيه عليه‌السلام ذلك العيب ، ومعلوم أنّ ذلك غير جائز ».

وقال الشيخ محمّد رشيد رضا في تفسير المنار ١٢٠ : « إنّ كتاب البخاري لا

٧٦

ومرةً يروون أنّه سها في صلاته ، فلم يدرِ كم صلّى من ركعة (١).

__________________

يخلو من أحاديث قليلة في متونها نظر ، قد يصدق عليه بعض ما عدوه من علامة الوضع كحديث سحر بعضهم النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي أنكره بعض العلماء كالأمام الجصاص من المفسرين المتقدّمين ، والاستاذ محمّد عبده من المتأخّرين؛ لأنّه معارض بقوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ الظّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلاّ رَجُلاً مَسْحُوراً * انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الاَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً ).

١ ـ صحيح البخاري : ( كتاب السهو ).

لا يخفى أنّ علماءنا اختلفوا في مسألة سهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى ثلاثة أقوال :

١ ـ ما ذهب إليه جمهور المتكلّمين من منع ذلك ، قال الشيخ المفيد في رسالة عدم سهو النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ٢١ ـ بعد إثبات أنّ الأخبار المثبتة للسهو أخبار أحاد لا تثمر علماً ولا توجب عملا ـ : « وإذا كان الخبر بأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله سها من أخبار الآحاد التي من عمل عليها كان بالظنّ عاملا ، حرم الاعتقاد بصحته ولم يجز القطع به ووجب العدول عنه إلى ما يقتضيه اليقين من كماله عليه‌السلام وعصمته وحراسة اللّه تعالى له من الخطأ في عمله ، والتوفيق له فيما قال وعمل به من شريعته ».

وقال العلاّمة الحلّي في كشف المراد : ٤٧٢ : « ويجب في النبي كمال العقل ... وأن لا يصحّ عليه السهو ، لئلاّ يسهو عن بعض ما أُمر بتبليغه ... ».

٢ ـ ما ذهب إليه الشيخ الصدوق وبعض الاخباريين كنعمة اللّه الجزائري ويوسف البحراني من اثبات ذلك.

٣ ـ القول بالتوقّف ، وهو قول العلاّمة المجلسي ، حيث قال في البحار ١٧ : ١١٨ : « إعلم أن هذه المسألة في غاية الإشكال ، لدلالة كثير من الآيات والأخبار على صدور السهو عنهم عليهم‌السلام ... وإطباق الأصحاب إلاّ

٧٧

وأنّه نام واستغرق في نومه حتّى سمعوا غطيطه ، ثُم استيقظ فصلّى بدون وضوء (١).

ويروون : أنّه يغضب ويسبّ ويلعنُ من لا يستحقّ ذلك ، فيقول : « اللّهم إنّما أنا بشرٌ ، فأيُّ المسلمين لعنته أو سببتُهُ فاجعله له زكاة ورحمة ... » (٢).

ويروون : أنّه كان مضطجعاً في بيت عائشة كاشفاً عن فخذيه ، ودخل عليه أبو بكر وتحدّث معه وهو على تلك الحال ، ثمّ دخل عمر وتحدّث معه وهو على تلك الحال ، ولمّا استأذن عثمان جلس وسوّى ثيابه ، ولمّا سألته عائشة عن ذلك ، قال لها : « ألا أستحي من رجُل تستحي منه الملائكة » (٣)!!.

__________________

ما شذّ منهم على عدم جواز السهو عليهم ، مع دلالة بعض الآيات والأخبار عليه في الجملة ، وشهادة بعض الدلائل الكلامية والأُصول المبرهنة عليه ، مع ما عرفت في أخبار السهو من الخلل والاضطرار ، وقبول الآيات للتأويل ، واللّه يهدي إلى سواء السبيل » ، وذكر نحوه في ٢٥ : ٣٥١ أيضاً.

١ ـ صحيح البخاري ١ : ١٦٩ ، كتاب الأذان ، باب ٥٧ و ٥٨.

٢ ـ صحيح مسلم ٨ : ٢٥ ، كتاب البرّ والصلة ، باب ٢٥ من لعنه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو سبّه.

٣ ـ صحيح مسلم ٧ : ١١٧ ، كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل عثمان.

٧٨

ويروون إنّه كان يصبح جُنباً في رمضان (١) فتفوته صلاة الفجر!! إلى غير ذلك من الأحاديث التى لا يقبلها عقل ، ولا دين ، ولا مروءة.

أمّا الشيعة ـ استناداً إلى أئمّة أهل البيت ـ فهم ينزّهون الأنبياء عن هذه الترّهات ، وخصوصاً نبيّنا محمّد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ، ويقولون بأنّه منزّه عن الذنوب والخطايا والمعاصي صغيرة كانت أم كبيرة ، وهو معصوم عن الخطأ والنسيان والسهو والسحر وكلّ ما يخالط العقل ، بل هو منزّهٌ حتى عمّا يتنافى مع المروءة والأخلاق الحميدة : كالأكل في الطريق أو الضحك بصوت عال أو المزاح بغير حقّ أو أيّ فعل يستهجنُ عمله عند العرف العام ، فضلاً عن أن يضع خده على خدّ زوجته أمام الناس ويتفرّج معها على رقص السودان (٢) ، أو أن يُخرج زوجته في غزوة فيتسابق معها فيغلبها مرّة وتغلبه أُخرى ، فيقول لها : « هذه بتيك » (٣).

والشيعة يعتبرون الروايات التي رويتْ في هذا المعنى ، والتي تتناقض مع عصمة الأنبياء كلّها ، موضوعة من قبل الأمويين

__________________

١ ـ صحيح البخاري ٢ : ٢٣٤ ، كتاب الصوم ، باب ٢٥ اغتسال الصائم ، وليس فيه : أنّ صلاته فاتته.

٢ ـ صحيح البخاري ٢ : ٣ ، كتاب العيدين ، باب ٢ الحراب والدرق يوم العيد.

٣ ـ مسند أحمد بن حنبل ٦ : ٣٩.

٧٩

وأنصارهم (١) :

أولاً : للحطّ من قيمة رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

١ ـ وقد حاول عثمان الخميس في كتابه كشف الجاني : ١٤٨ البحث في مصادر الشيعة وجمع الروايات التي تنافي عصمة الأنبياء عليهم‌السلام ومقامهم الإلهي الرفيع ، لكن ذهب بحثه أدراج الرياح ، إذ لم يحصل على روايات صحيحة يؤمن الشيعة بها وتطعن بالأنبياء عليهم‌السلام ، وكلّ ما أتى به من روايات هي كما قال عنها المؤلّف « موضوعة من قبل الأمويين » النواصب أعداء أهل البيت عليهم‌السلام ، أو هي ضعيفة جدّاً ، أو شاذة مخالفة للروايات الصحيحة الواردة بخلافها.

وسنذكر نموذجين للقارئ ليتضح له صحة كلام المؤلّف ، وعليه إن شاء مراجعة بقية الروايات :

الرواية الأُولى التي ذكرها في كتابه : ١٤٨ والتي نقلها عن عيون أخبار الرضا ، فقد قال الشيخ الصدوق بعدها : « وهذا الحديث غريب من طريق علي بن محمّد بن الجهم ، مع نصبه وبغضه وعدواته لأهل البيت عليهم‌السلام » ، عيون أخبار الرضا ١ : ١٨٢.

والرواية الثانية التي نقلها عن تفسير القمّي وعن البحار ، فإنّ لفظ : « فنظر لها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فأعجبته » غير موجود في الرواية ، وإنّما أضافها عثمان الخميس من عنده ، مضافاً إلى أنّ صاحب البحار ينقل رواية عيون أخبار الرضا عليه‌السلام المتقدّمة ، وهي التي رواها الناصبي علي بن محمّد بن الجهم.

وهكذا بقية الروايات التي أوردها ، تجدها إما مروية عن النواصب ، أو مكذوبة ، أو ضعيفة ، أو يضيف إليها عثمان الخميس من عنده كما فعل في رواية البحار وتفسير علي بن إبراهيم القمي.

٨٠