لأكون مع الصّادقين

الدكتور محمّد التيجاني السماوي

لأكون مع الصّادقين

المؤلف:

الدكتور محمّد التيجاني السماوي


المحقق: مركز الأبحاث العقائديّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-8629-15-3
الصفحات: ٤٥٥

وللتوضيح أُقدّم للقارئ الكريم بعض الأمثلة عن ذلك :

١ ـ الخلاف بين الصحابة في صحّة الحديث أو كذبه :

هذا ما وقع لأبي بكر في أوّل أيامه عندما جاءته فاطمة الزهراء تطالبه بتسليم فدك التي أخذها منها بعد وفاة أبيها ، فكذّبها في ما ادّعته من أنّ أباها رسول اللّه أنحلها إياها في حياته ، كما أنها لما طالبته بميراث أبيها ، قال لها بأنّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ».

فكذّبته هي الأُخرى في نسبة هذا الحديث لأبيها وعارضته بكتاب اللّه ، واشتدّ النزاع والخلاف حتّى ماتت وهي غاضبة عليه ، مهاجرة له لا تكلمه ، كما ورد ذلك في صحيحي البخاري ومسلم (١).

كذلك اختلاف عائشة أُمّ المؤمنين مع أبي هريرة في الذي يصبحُ

__________________

١ ـ صحيح البخاري ٤ : ٤٢ ، كتاب فرض الخمس وفيه : « فغضبت فاطمة بنت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهجرت أبا بكر ، فلم تزل مهاجرته حتى توفّيت » ، ونحوه في ٥ : ٨٣ كتاب المغازلي ، باب غزوة خيبر ، وفي ٨ : ٣ كتاب الفرائض ، باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا نورث ... ، ولفظه : « فهجرته فاطمة فلم تكلّمه حتى ماتت ».

وفي صحيح مسلم ٥ : ١٥٤ ، ( كتاب الجهاد والسير ، باب قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا نورث ... ) ، ولفظه : « فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، قال : فهجرته فلم تكلّمه حتى توفّيت ».

٢٢١

جنباً في رمضان ، فكانت ترى صحة ذلك ، بينما يرى أبو هريرة أنّ من أصبح جنباً أفطر ، وإليك القصّة بالتفصيل :

أخرح الإمام مالك في الموطأ ، والبخاري في صحيحه عن عائشه وأُم سلمه زوجي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّهما قالتا : كان رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصبح جُنباً من جماع غير احتلام في رمضان ثم يصوم.

وعن أبي بكر بن عبدالرحمن قال : كنت أنا وأبي عند مروان بن الحكم وهو أمير المدينة ، فذكر له أن أبا هريرة يقول : من أصبح جنباً أفطر ذلك اليوم ، فقال مروان : أقسمت عليك يا عبدالرحمن لتذهبن إلى أُمّ المؤمنين عائشة وأُمّ سلمة فلتسألنهما عن ذلك ، فدهب عبدالرحمن وذهبت معه حتى دخلنا على عائشة ، فسلّم عليها ثمّ قال : يا أُمّ المؤمنين إنّا كنا عند مروان بن الحكم ، فذكر له أن أبا هريرة يقول : من أصبح جنباً أفطر ذلك اليوم ، قالت عائشه : ليس كما قال أبو هريرة يا عبدالرحمن ، أترغب عمّا كان رسول اللّه يصنع؟ فقال عبدالرحمن : لا واللّه ، قالت عائشة : فأشهد على رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثمّ يصوم ذلك اليوم.

قال : ثمّ خرجنا على أُمّ سلمة فسألها عن ذلك ، فقالت مثلما قالت عائشة ، قال : فخرجنا حتى جئنا مروان بن الحكم ، فذكر له عبدالرحمن ما قالتا ، فقال مروان : أقسمت عليك يا أبا محمد لتركبن

٢٢٢

دابتي فإنّها بالباب ، فلتذهبن إلى أبي هريرة فإنّه بأرضه بالعقيق فلتخبرنه ذلك ، فركب عبدالرحمن وركبت معه حتى أتينا أبا هريرة ، فتحدّث معه عبدالرحمن ساعة ، ثُمَ ذكر له ذلك ، فقالَ له أبو هريرة : لا علم لي بذاك إنّما أخبرنيه مخبر (١).

انظر أخي القارئ إلى صحابي مثل أبي هريرة الذي هو عند أهل السنّة راوية الإسلام ، كيف يفتي بأحكام دينية على الظنّ ينسبها إلى الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو لايعلمُ حتّى من أخبره بها (٢).

__________________

١ ـ الموطأ لمالك ١ : ١٩٠ كتاب الصيام ، باب ما جاء في صيام الذي يصبح جنباً في رمضان ، صحيح البخاري ٢ : ٢٣٣ ، كتاب الصوم ، باب الصائم يصبح جنباً.

وفي سير أعلام النبلاء ٢ : ٦٠٨ ترجمة أبي هريرة ) : « قال يزيد بن هارون : سمعت شعبة يقول : كان أبو هريرة يدلّس ».

قال الحافظ ابن كثير في البداية ٨ : ١٠٩ : « وكأنّ شعبة يشير بهذا إلى حديث : « من أصبح جنباً فلا صيام له » ، فإنّه لمّا حقّق عليه قال : أخبرنيه مخبر ، ولم يسمعه من رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ».

وقد حاول الذهبي ترقيع هذا الفتق ـ وهو تدليس أبي هريرة ـ فقال في المصدر المتقدّم : « تدليس الصحابة كثير ، ولا عيب فيه ».

فاقرأ واعجب لمباني القوم وأعذارهم!!

٢ ـ كما مرّ في رواية الموطأ ، أمّا في سائر الصحاح والمسانيد فقد اضطربت الآثار ، فإنّ أبا هريرة تارة ينسبه إلى النبي ويقول : « إنّ رسول اللّه كان يأمر

٢٢٣

قصّة أخرى لأبي هريرة يتناقضُ فيها مع نفسه

روى عبداللّه بن محمّد ، حدّثنا هشام بن يوسف ، أخبرنا معمّر ، عن الزهري ، عن أبي مسلمة ، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا عدوى ولا صفر ولا هامة » ، فقال أعرابىّ : يارسول اللّه فما بالُ الإبلِ تكونُ في الرمْلِ كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجربُ فيُجربها؟ فقال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « فمنْ أعدى الأوّلَ » (١).

__________________

بالفطر ... » ، وتارة يقول : « كنت حدثتكم : من أصبح جنباً فقد أفطر ، فإنّما ذلك من كيس أبي هريرة ، فمن أصبح جنباً فلا يفطر » ، ثمّ إنّه مرّة أحال سماعه إلى الفضل بن العباس ، ومرّة إلى أسامة بن زيد ، ومرّة قال : « أخبرنيه مخبر » ، ومرة قال أيضاً : « حدّثني فلان وفلان » ، وتبعاً لهذا الاضطراب اضطربت كلمة شرّاح الحديث في تبرير موقف أبي هريرة.

انظر على سبيل المثال : فتح المالك بتبويب التمهيد لابن عبد البر على موطأ مالك ٨ : ١٣٥ كتاب الصيام ، وفتح الباري لابن حجر ٤ : ٢١٤.

ومن حُسن الصدف أنّ مروان أراد التثبّت من هذا الحديث فاتضح بسببه خطأ أبي هريرة ، وإلاّ لضلّ الناس بسبب فتواه وعملوا على غير سنّة النبي اعتماداً على أبي هريرة ، ولا ندري كم من الأحاديث التي رواها أبو هريرة خطأ ولم يكن مَنْ يرشده ويبيّن خطأه.

١ ـ صحيح البخاري ٧ : ١٩ ، كتاب الطب ، باب ٥٣ لا هامة ، صحيح مسلم ٧ : ٣١ ، كتاب السلام ، باب لا عدوى ولا طيرة ، فتح الباري ١٠ : ٢٠٧ ، هدي الساري ١٢ : ٥٧٥ ، المفهم ٣ : ٢٧٦.

٢٢٤

وعن أبي سلمة سمع أبا هريرة بعدُ يقولُ : قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لايورِدنّ ممرضُّ على مُصِحّ » ، وأنكر أبو هريرة حديثه الأوّل ، قلنا : ألم تحدّثْ أنّه لا عدْوَى ، فَرطَنَ بالحبشيِّة ، قال أبو سلمة : فما رأيته نسي حديثاً غيره ... (١).

فهذه أيّها القاري اللبيب سنّة الرسول ، أو قُلْ ما يُنسبُ للرسول ، فمرّة يقول أبو هريرة : إنّه لا علم له بحديثه الأوّل وإنّما أخبره مُخْبرٌ ، ومرّة أُخرى عندما يجابهوه بتناقضه لا يجيبهم بشي ، وإنّما يَرطنُ بالحبشية حتّى لا يفهمه أحد.

خلاف عائشة وابن عمر :

روى ابن جريج قال : سمعتُ عطاء يُخبرُ قال : أخبرني عروةٌ بن الزبير ، قال : كنتُ أنا وابن عُمرَ مستندين إلى حجرة عائشة ، وإنّا لنسمع ضربها بالسواك تستنّ ، قال : فقلت : يا أبا عبدالرحمن اعتمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رجب؟ قال : نعم ، فقلتُ لعائشة : أي أمّتاه ألا تسمعين مايقولُ أبو عبدالرحمن ، قالتْ : وما يقولُ؟ قلت : يقول : اعتمر

__________________

وانظر في المصادر المتقدّمة لترى الاضطراب في تفسير الحديثين والجمع بينهما.

وبعد كلّ هذا الاختلاف والاضطراب من قبل أبي هريرة في رواياته ، والتي يقرّ بها شرّاح الحديث من علماء أهل السنّة؛ يكون كلام صاحب كتاب ( منهج أهل البيت في مفهوم المذاهب الإسلامية ) فاقداً للاعتبار وناشئاً عن قلّة الاطلاع.

١ ـ نفس المصدر السابق.

٢٢٥

النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رجب ، فقالت : « يغفر اللّه لأبي عبدالرحمن ، لعمري ما اعتمر في رجب ، وما اعتمر من عمرة إلاّ وإنّه لَمَعهُ » قال : وابن عمر يَسْمَعُ ، فما قال لا ولا نعمْ سكتَ (١).

٢ ـ اختلاف المذاهب في السنّة النبوية :

فإذا كان عمر وأبو بكر يختلفان في سنّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٢) ، وإذا كان أبو بكر يخْتلف مع فاطمة في السنّة النبوية (٣) ، وإذا كان أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يختلفن في سنّة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤) ، وإذا كان أبو هريرة

__________________

١ ـ صحيح مسلم ٤ : ٦١ ، كتاب الحج ، باب بيان عدد عُمَر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، صحيح البخاري ٢ : ١١٩ ، كتاب العمرة ، باب كم اعتمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٢ ـ إشارة الى اختلافهما في محاربة مانعي الزكاة ، وقد أشرنا الى المصادر فارجع إليها ( المؤلّف ).

٣ ـ إشارة الى قصّة فدك وحديث نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ، أشرنا إلى المصادر ( المؤلّف ).

٤ ـ إشارة إلى قصّة رضاعة الكبير التي روتها عائشة وخالف عنها أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ( المؤلّف ).

انظر : صحيح مسلم ٤ : ١٦٩ ، كتاب الرضاع ، باب رضاعة الكبير.

٢٢٦

يتناقض ويختلف مع عائشة في السنّة النبوية (١) ، إذا كان ابن عمر يختلف مع عائشة في سنّة النبي (٢) ، وإذا كان عبداللّه بن عباس وابن الزبير يختلفان في السنّة النبوية (٣) ، وإذا كان علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان يختلفان في السنّة النبوية (٤).

وإذا كان الصحابة يختلفون فيما بينهم في السنّة النبوية (٥) حتى كان للتابعين من بعدهم أكثر من سبعين مذهباً ، فكان ابن مسعود صاحب مذهب ، وكذلك ابن عمر ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وابن عيينة ، وابن جريج ، والحسن البصري ، وسفيان الثوري ، ومالك ، وأبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وغيرهم كثير ، ولكن المتغيّرات السياسية قضت على الجميع ولم تبقى إلاّ المذاهب الأربعة المعروفة

__________________

١ ـ إشارة إلى رواية « يصبح النبي جنباً ويصوم » والذي كذّبته عائشة ( المؤلّف ).

٢ ـ إشارة إلى رواية « اعتمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعاً إحداهن في رجب » وكذّبته عائشة ( المؤلّف ).

٣ ـ إشارة إلى اختلافهما في حلّية المتعة وتحريمها ( المؤلّف ).

انظر : صحيح مسلم ٤ : ١٣٠ ، كتاب النكاح ، باب نكاح المتعة.

٤ ـ إشارة إلى اختلافهما في متعة الحج ( المؤلّف ).

انظر : البخاري ٢ : ١٥٣ ( كتاب الحج ، باب التمتع والاقران ).

٥ ـ في البسملة وفي الوضوء وفي صلاة المسافر وفي الكثير من المسائل الفقهية التي لايمكن حصرها ( المؤلّف ).

٢٢٧

عند أهل السنّة والجماعة.

ورغم قلّة عدد المذاهب ، إلاّ أنّهم يختلفون في أغلب المسائل الفقهية ، وذلك من أجل اختلافهم في السنّة النبوية ، فقد يبني أحدهم حكمه في مسألة طبق ما صحّحه من حديث الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، بينما يجتهد غيره برأيه ، أو يقيس على مسألة أُخرى لفقدان النصّ والحديث.

٣ ـ اختلاف السنّة والشيعة في السنّة النبوية :

أمّا اختلاف السنّة والشيعة في هذه المسألة فقد يكون لسببين رئيسين :

أحدهما : عدم صحة الحديث عند الشيعة إذا كان أحد الرواة من المطعون في عدالته ولو كان من الصحّابة ، إذ أنّ الشيعة لا يقولون بعدالة الصحابة أجمعين ، كما هو الحال عند أهل السنة والجماعة.

أضف إلى ذلك أنّهم يرفضون الحديث إذا تعارض مع رواية الأئمة من أهل البيت ، فهم يقدّمون رواية هؤلاء على غيرهم مهما عَلتْ مرتبتهم ، ولهم في ذلك أدلّة من القرآن والسنّة ثابتة حتى عند خصومهم ، وقد سبق الإشارة إلى بعضها.

أمّا السبب الثاني في الاختلاف بينهما فهو ناتجٌ عن مفهوم الحديث نفسه ، إذ قد يفسّره أهل السنّة والجماعة على غير تفسير

٢٢٨

الشيعة ، كالحديث الذي سبق أن أشرنا إليه وهو قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اختلاف اُمتي رحمة » (١).

إذ يفسّره أهل السنّة والجماعة بأنّ في اختلاف المذاهب الأربعة في الأُمور الفقهية رحمة للمسلمين.

بينما يفسّره الشيعة بالسفر إلى بعضهم البعض ، والاعتناء بأخذ العلم ، ونحوه من الفوائد.

أو قد يكون الاختلاف بين أهل الشيعة وأهل السنّة ليس في مفهوم الحديث النبوي ، وإنّما في الشخص أو الأشخاص المعنيين بهذا الحديث ، وذلك كقول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « عليكم بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي » (٢).

فأهل السنّة يعنون به الخلفاء الأربعة ، أمّا الشيعة فيعنون به الأئمة الإثني عشر ، ابتداء من علي بن أبي طالب وانتهاء بالمهدي محمّد بن الحسن العسكري عليه‌السلام.

أو كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الخلفاء من بعدي إثنا عشر كلّهم من قريش ».

فالشيعة يعنون به الأئمة الإثني عشر من أهل البيت عليهم‌السلام ، بينما لا يجد أهل السنّة والجماعة تفسيراً شافياً لهذا الحديث ، وقد اختلفوا

__________________

١ ـ تقدم تخريجه فيما تقدّم.

٢ ـ تقدم تخريجه فيما تقدّم.

٢٢٩

حتى في الأحداث التاريخية التي تتعلّقُ بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كما هو الحال في يوم مولده الشريف ، إذ يحتفل أهل السنّة بالمولد النبوي الشريف يوم الثاني عشر من ربيع الأول ، في حين يحتفل الشيعة في السابع عشر من نفس الشهر!!

ولعمري إنّ هذا الاختلاف في السنّة النبويّة أمر طبيعي لا مفّر منه ، إذا لم يكن هناك مرجعٌ يرجعُ إليه الجميع ويكون حكمه نافذاً ، ورأيه مقبولاً لدى الجميع كما كان الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حيث كان يقطع دابر الخلاف ، ويحسمُ النزاع ، ويحكم بما أراه اللّه ، فيسلّمون ولو كان في أنفسهم حرج.

وإنّ وجود مثل هذا الشخص ضرورىّ في حياة الأُمّة وعلى طول مداها! هكذا يحكم العقل. ولا يمكن أن يغفل رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن ذلك ، فهو يعلم بأنّ أُمتّه ستتأول كلام اللّه من بعده ، فكان لزاماً عليه أن يُحضّر لها معلّماً قادراً ليقودها إلى الجادّة إذا ما حاولتْ الانحراف عن الصراط المستقيم ، وقد هيّأ بالفعل لأُمّته قائداً عظيماً بذل كلّ جهوده في تربيته وتعليمه منذ وُلدَ إلى أنْ بلغ الكمال ، وصار منه بمنزلة هارون من موسى ، فأوكل إليه هذه المهمّة النبيلة بقوله : « أنا أقاتلُهم على تنزيل القرآن وأنتَ

٢٣٠

تقاتلهم على تأويله » (١).

__________________

١ ـ ينابيع المودة ٢ : ٢٣٥ ح ٦٥٨ عن مسند الفردوس ، وفي تاريخ دمشق ٤٢ : ٤٥٣ ومسند أحمد ٣ : ٣٣ بلفظ : « إنّ منكم من يقاتل على تأويله كما قاتلت على تنزيله ، قال : فقام أبو بكر وعمر ، فقال : لا ، ولكن خاصف النعل ، وعليّ يخصف نعله » ، وقال الشيخ أحمد شاكر محقق كتاب مسند أحمد ١٠ : ١٠٨ : « اسناده صحيح ١٠ : ١٠٨ ، ونحوه في المستدرك ٣ : ١٢٣ وقال : « صحيح على شرط الشيخين ولم يخرّجاه » ، وفي مجمع الزوائد ٥ : ١٨٦ وقال : « رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح » ، وفي ٩ : ١٣٣ رواه بلفظ أحمد وقال : « رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة » ، وأخرج الحديث الشيخ الألباني في صحيحته وأشار إلى مصادر الحديث وطرقه المتعددة ، وقال بعد ذلك : « وقد روى الحديث بلفظ آخر من طريق محمد بن جعفر الفيدي ... عن ربعي بن خراش قال : سمعت علياً يقول وهو بالمدائن : جاء سهيل بن عمرو إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إنه قد خرج إليك ناس من أرقائنا ليس بهم الدين تعبداً ، فارددهم علينا ، فقال له أبو بكر وعمر : صدق يا رسول اللّه ، فقال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لن تنتهوا يا معشر قريش حتى يبعث اللّه عليكم رجلا امتحن اللّه قلبه بالإيمان يضرب أعناقكم وأنتم مجفلون عنه إجفال النعم ، فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول اللّه؟ قال : لا ، قال له عمر : أنا هو يارسول اللّه؟ قال : لا ، ولكنه خاصف النعل ، قال : وفي كف عليّ نعل يخصفها لرسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. قلت : وإسناده حسن ... » الصحيحة : ٥ : ٦٣٩ ـ ٦٤٣ ح ٢٤٨٧.

ومن الملاحظ في هذا الحديث أنّ عبقرية عمر ظهر وهنها وخالفت الوحي؛ إذ أنّ هذا الذي وافقه ربّه في عدّة مواطن ـ كما يزعمون ـ لم يوافق ربّه في

٢٣١

وقوله : « أنت ياعليّ تبيّن لأُمّتي ما اختلفوا فيه من بعدي » (١).

فإذا كان القرآن وهو كتاب اللّه العزيز يتطلّب من يقاتل في سبيل تفسيره وتوضيحه ، لأنّه كتاب صامتٌ لا ينطق ، وهو حمّال أوجه متعدّدة ، وفيه الظاهر والباطن ، فكيف بالأحاديث النبوية؟!

وإذا كان الأمر كذلك في الكتاب والسنّة ، فلا يمكنُ للرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يترك لأُمّته ثقلين صامتين أبْكمين لا يتورّع الذين في قلوبهم زيغٌ أن يتأوّلوهما لغرض ، ويتّبعوا ما تشابه منهما ابتغاء الفتنة وابتغاء الدنيا ، ويكونوا سبباً لضلالة من يأتي بعدهم ، لأنّهم أحسنوا الظنّ بهم واعتقدوا بعدالتهم ، ويوم القيامة يندمون فيصدق فيهم قوله تعالى :

( يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَـقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أطَعْنَا اللّهَ وَأطَعْنَا الرَّسُولَ * وَقَالُوا ربَّـنَا إنَّا أطَعْنَا سَادَتَـنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأضَلُّونَا السَّبِيلَ * ربَّـنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ العَذَابِ وَالعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ) (٢).

( كُلَّمَا دَخَلَتْ اُمَّةٌ لَعَنَتْ اُخْتَهَا حَتَّى إذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ اُخْرَاهُمْ لاُولاهُمْ رَبَّـنَا هَؤُلاءِ أضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قَالَ

__________________

هذا الموطن ، وصدّق المشركين ، وشمله كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن اللّه سيبعث رجلا يضرب أعناق قريش.

١ ـ مضى تخريجه فيما تقدّم.

٢ ـ الأحزاب : ٦٦ ـ ٦٨.

٢٣٢

لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ ) (١).

وهلْ كانت الضلالة إلاّ من ذلك؟ فليس هناك أُمّة لم يبعث اللّه فيهم رسولاً أوضح لهم السبيل وأنار لهم الطريق ، ولكنّهم بعد نبيّهم راحوا يحرّفون ويتأوّلون ويبدّلون كلام اللّه!

فهل يتصوّر عاقل أنّ رسول اللّه عيسى عليه‌السلام قال للنّصارى بأنّه إله؟ حاشا وكلاّ ( ما قُلْتُ لَهُمْ إِلاّ ما أَمَرْتَنِي بِهِ ) (٢) ولكن الأهواء والأطماع وحبّ الدنيا هو الذي جرّ النصارى لذلك ، ألم يبشّرهم عيسى بمحمّد ومن قبله موسى كذلك؟ ولكنّهم تأوّلوا اسم محمّد وأحمد « بالمنقذ » وهم حتّى الآن ينتظرونه!

وهل كانت أُمّة محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على مذاهب وفرق متعدّدة إلى « ثلاث وسبعين كلّها في النار إلاّ فرقة واحدة » إلاّ بسبب التأويل؟! وها نحنُ نعيش اليوم بين هذه الفرق ، هل هناك فرقة واحدة تنسبُ لنفْسها الضلاله؟ أو بتعبير آخر : هل هناك فرقة واحدة تدّعي أنّها خالفتْ كتاب اللّه وسنّة رسوله؟ بل بالعكس كلّ فرقة تقول بأنّها هي المستمسكة بالكتاب والسنّة ، فما هو الحلّ إذاً؟

أكانَ يغيبُ الحلّ عن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو بالأحرى عن اللّه؟

__________________

١ ـ الأعراف : ٣٨.

٢ ـ المائدة : ١١٧.

٢٣٣

استغفر اللّه إنّه لطيف بعباده ، ويحبُ لهم الخير ، فلا بدَّ أن يضع لهم حلاًّ ، ليهلك من هلك على بيّنة. وليس من شأنه سبحانه إهمال مخلوقاته وتركهم بدون هداية ، اللَّهم إلاّ إذا اعتقدنا بأنّه هو الذي أراد لهم الاختلاف والفرقة والضلالة ليزجّ بهم في ناره ، وهو اعتقاد باطل فاسدٌ ، استغفره وأتوب إليه من هذا القول الذي لا يليق بجلال اللّه وحكمته وعدالته.

فقول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأنّه ترك كتاب اللّه وسنّة نبيّه ليس هو الحلّ المعقول لقضيّتنا ، بل يزيدنا تعقيداً وتأويلاً ولا يقطع دابر المشاغبين والمنحرفين ، ألا تراهم عندما خرجوا على إمامهم رفعُوا شعار : « ليس الحكم لك ياعليّ وإنّما الحكم للّه » إنّه شعار برّاقٌ يأخذُ بلبّ السامع ، فيخالُ القائلُ به حريصاً على تطبيق أحكام اللّه ، ورافضاً لأحكام غيره من البشر ، ولكنّ الحقيقة ليستْ كذلك.

قال تعالى : ( وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ ألَدُّ الخِصَامِ ) (١).

نعم ، كثيراً ما نغتَرُّ بالشعارات البرّاقة ولا نعرف ماذا تُخفي وراءهَا ، ولكن الإمام عليّاً يعرف ذلك لأنّه باب مدينة العلم ،

__________________

١ ـ البقرة : ٢٠٤.

٢٣٤

فأجابهم : « إنّها كلمة حَقّ يُراد بها باطل » (١).

نعم ، كثيرةٌ هي كلماتُ الحقّ التي يُراد بها الباطل ، كيف ذلك؟ عندما يقول الخوارج للإمام عليّ : الحكم للّه ليس لك ياعليّ ، فهل سيظهر اللّه على الأرض ويفصل بينهم فيما اختلفوا فيه؟ أم أنّهم يعلمون أنّ حكم اللّه في القرآن ، ولكنّ عليّاً تأوّله حسب رأيه؟ فما هي حجّتهم ومن يقول بأنّهم هم الذين تأوّلوا حكم اللّه ، والحال أنّه أعلم منهم وأصدق وأسبق للإسلام ، وهل الإسلام غيره؟

إذاً هو شعار برّاقٌ ليموّهوا به على بسطاء العقول ، فيكسبوا تأييدهم ليستعينوا بهم على حربه وكسب المعركة لصالحهم ، كما يقع اليوم ، فالزمان زمان ، والرجال رجال ، والدهاء والمكر لاينقطع بل يزداد وينمو؛ لأنّ دهاة هذا العصر يستفيدون من تجارب الأوّلين ، فكم من كلمة حقّ يراد بها باطل في يومنا هذا؟

شعارات برّاقة كالذي يرفعها الوهابيّون في وجه المسلمين وهو « التوحيد وعدم الشرك » فمن من المسلمين لا يوافق عليه؟ وكتسمية فرقة من المسلمين أنفسهم « بأهل السنّة والجماعة » فَمَنْ من المسلمين لا يوافق أن يكون مع الجماعة التي تتبع سنّة النبي؟ وكشعار البعثيين « أُمّةً عربيةٌ واحدة ذات رسالة خالدة » فمن من

__________________

١ ـ نهج البلاغة١ : ٨٤ ، الخطبة ٣٥.

٢٣٥

المسلمين لا يغتّر بهذا الشعار ، قبل أنّ يعرف خفايا حزب البعث ومؤسّسه النصراني ميشال عفلق؟

لك اللّه ياعليّ بن أبي طالب ، إنّ حكمتك بَقِيتْ وستبقى مدوّيةً على مسمع الدهر ، فكم من كلمة حقّ يرادُ بها الباطل. صَعد أحد العلماء إلى منصّة الخطابة وصاح بأعلى صوته : من قالَ بأنني شيعي نقول له : أنتَ كافر ، ومن قال بأنّني سنّي نقول له : أنت كافر ، نحْنُ لا نريد شيعة ولا سنّة ، وإنّما نريد إسلاماً فقط.

إنّها كلمة حقّ يراد بها باطل ، فأىّ إسلام يريده هذا العالم ، وفي عالمنا اليوم إسلام متعدّد ، بل وحتّى في القرن الأول كان الإسلام متعدّداً؟!

فهناك إسلام عليّ وإسلام معاوية ، وكلاهما له أتباع ومؤيّدون حتّى وصل الأمر إلى القتال.

وهناك إسلام الحسين وإسلام يزيد الذي قتل أهل البيت باسم الإسلام ، وادّعى أنّ الحسين خرج عن الإسلام بخروجه عليه.

وهناك إسلام أئمة أهل البيت وشيعتهم ، وإسلام الحكّام وشعوبهم ، وعلى مرّ التاريخ نجد اختلافاً بين المسلمين.

وهناك إسلام متسامح كما يسمّيه الغرب؛ لأنّ أتباعه ألقوا بالمودّة لليهود والنصارى ، وأصبحوا يركعون للقوّتين العظيمتين ، وهناك

٢٣٦

إسلام متشدّد يُسمّيه الغرْب إسلام التعصّب والتحجّر أو مجانين اللّه.

وبعد كلّ هذا لم يبق معنا مجالٌ للتصديق بحديث « كتاب اللّه وسنّتي » للأسباب التي ذُكرتُ.

تبقى الحقيقة ناصعة جليّة في الحديث الثاني الذي أجمع عليه المسلمون وهو : « كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي »؛ لأنّ هذا الحديث يُحلّ كلّ المشكلات ، فلا يبقى اختلاف في تأويل أيّة آية من القرآن أو في تصحيح وتفسير أي حديث نبوي شريف إذا مارجعنا إلى أهل البيت الذين أُمرنا بالرجوع إليهم ، وخصوصاً إذا علمنا بأنّ هؤلاء الذين عيّنهم رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم أهلٌ لذلك ، ولا يشكّ أحدٌ من المسلمين في غزارة علمهم ، وفي زهدهم وتقواهم ، وقد أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم ، وأورثهم علم الكتاب ، فلا يخالفونه ولا يختلفون فيه ، بل لا يفارقونه حتّى قيام الساعة ، قال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

« إنّي تارك فيكم خليفتين ، كتاب اللّه حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، فإنّهما لم يفترقا حتّى يردَا علىّ الحوض » (١).

__________________

١ ـ ولذا قال صاحب الصواعق ٢ : ٤٤٢ : « وفي أحاديث الحث على التمسك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهل منهم للتمسك به إلى يوم القيامة

٢٣٧

ولأكون مع الصادقين يجبُ علىَّ قول الحقّ ، لا تأخذني في ذلك لومة لائم ، وهدفي رضى اللّه سبحانه وإرضاء ضميري قبل رضى الناس عنّي.

والحقيقة في هذا البحث هي في جانب الشيعة الذين اتّبعوا وصيّة رسول اللّه في عترته ، وقدّموهم على أنفسهم ، وجعلوهم أئمتهم يتقرّبونَ ، إلى اللّه بحبّهم والاقتداء بهم ، فهنيئاً لهم بالفوز في الدنيا وفي الآخرة حيث يُحشر المرء مع من أحبّ ، فكيف بمن أحبّهم واقتدى بهديهم.

قال الزمخشري في هذا الصدد :

كثُر الشكّ والاختلاف وكلّ

يدّعي أنّه الصراط السوي

فتمسّكتُ بلا إله إلاّ اللهُ

وحبّي لأحمد وعليّ

فازَ كلبٌ بحبّ أصحاب كهف

فكيفَ أشقى بحبّ آل النبي (١)

__________________

كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض .. ».

وقال المناوي في فيض القدير ٣ : ٢٠ بعد شرحه لحديث الثقلين : « تنبيه : قال الشريف : هذا الخبر يفهم وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة في كلّ زمن إلى قيام الساعة ، حتى يتوجه الحث المذكور إلى التمسك به ، كما أنّ الكتاب كذلك ، فلذلك كانوا أماناً لأهل الأرض ، فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض ».

١ ـ ذكرها الشيخ عباس القمي في الكنى والألقاب : ٢٩٩.

٢٣٨

اللّهم اجعلنا من المتسمكين بحبل ولائهم ، والسائرين على منهاجهم ، والراكبين سفينتهم ، والقائلين بإمامتهم ، والمحشورين في زمرتهم ، إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

٢٣٩

القضاء والقدر عند أهل السنّة والشيعة

القضاء والقدر عند أهل السنّة

كان موضوع القضاء والقدر لغزاً عويصاً فيما مضى من حياتي ، إذ لم أجد فيه تفسيراً شافياً ولا كافياً يريح فكري ويقنع قلبي ، وبقيتُ محتاراً بين ما تعلّمته في مدرسة أهل السنّة من أن الإنسان مسيّرٌ في كلّ أفعاله بما يوافق : « كلّ ميسّرُ لما خلقَ له » (١) ، وأنّ اللّه سبحانه

__________________

١ ـ واتهم صاحب كتاب كشف الجاني : ١٥٦ المؤلّف بالافك والافتراء على أهل السنة في هذا الكلام وأنهم لا يقولون بهذا الكلام الذي ذكره ، ولكن عند تصفحنا لمصادر أهل السنة نجد أنّ كلام المؤلف تام ولا غبار عليه ، وأنّ عقيدة أهل السنّة في القضاء والقدر هي التسيير وليست التخيير ، وإليك كلمات بعض علمائهم :

أ ـ قال القسطلاني : « وقال أهل السنّة : إنّ اللّه سبحانه وتعالى قدّر الأشياء ، أي علم مقاديرها وأحوالها وأزمانها قبل إيجادها ، ثمّ أوجد منها ، ما سبقه في علمه ، فلا محدث في العالم العلوي والسفلي إلاّ وهو صادر عن علمه تعالى

٢٤٠