غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ١

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني

غاية المرام في شرح شرائع الإسلام - ج ١

المؤلف:

الشيخ مفلح الصّيمري البحراني


المحقق: الشيخ جعفر الكوثراني العاملي
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦

في صلاة العيدين

قال رحمه‌الله : ثمَّ يكبّر بعد القراءة على الأظهر.

أقول : قال الشيخ رحمه‌الله : يبدأ بعد تكبيرة الإحرام بالقراءة ثمَّ يكبّر بعدها للقنوت ، وفي الثانية يكبر أيضا بعد القراءة ، وهو قول ابن إدريس وابن بابويه وابي الصلاح ، ومذهب المصنف والعلامة ، وقال ابن الجنيد : والتكبير في الأولى قبل القراءة وفي الثانية بعدها ، ودليل الجميع الروايات (٨٧).

قال رحمه‌الله : وفي الأمصار عقيب عشر يقول : الله أكبر الله أكبر ، وفي الثالثة تردّد.

أقول : منشؤه اختلاف الأصحاب المستند إلى اختلاف الروايات (٨٨) ، قال ابن أبي عقيل : يقول الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، ولله الحمد على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام ، ومثله قال ابن الجنيد ، وقال ابن بابويه : «ان عليا عليه‌السلام كان يقول : الله أكبر الله

__________________

(٨٧) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١٠ من أبواب صلاة العيد.

(٨٨) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٢١ من أبواب صلاة العيد.

١٨١

أكبر ، لا إله إلا الله ، ولله الحمد (٨٩).

قال رحمه‌الله : التكبير الزائد هل هو واجب؟ فيه تردد ، والأشبه الاستحباب ، وبتقدير الوجوب ، هل القنوت واجب؟ الأظهر لا ، وبتقدير وجوبه هل يتعين فيه لفظ؟ الأظهر انه لا يتعين وجوبا.

أقول : هنا ثلاث مسائل :

الأولى : التكبير الزائد على المعتاد في سائر الصلوات ، وباستحبابه قال الشيخ في التهذيب ، واختاره المصنف ، لأصل براءة الذمة ، وبالوجوب قال أبو علي ابن الجنيد ، واختاره العلامة وأبو العباس ، لقوله عليه‌السلام :

«صلّوا كما رأيتموني أصلّي» (٩٠) ، ولأنهم عليهم‌السلام نصّوا على وجوب صلاة العيد ، وبيّنوا كيفيتها ، وذكروا التكبيرات الزائدة (٩١).

الثانية : القنوت ، قال السيد المرتضى : مما انفردت به الإمامية وجوب القنوت بين كل تكبيرتين من تكبيرات العيد ، واختاره العلامة وأبو العباس ، لقوله عليه‌السلام : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» ، والاستحباب مذهب الشيخ في الخلاف ، واختاره المصنف للأصل.

الثالثة : على تقدير وجوبه ، هل يتعين فيه لفظ؟ قال أبو الصلاح : ويلزمه أن يقنت بين كل تكبيرتين ، فيقول : «اللهم أنت أهل (٩٢) الكبرياء والعظمة» (٩٣) الى آخره ، وهو يشعر بوجوب هذا الدعاء ، والمشهور أنه يقنت

__________________

(٨٩) راجع المصدر السابق.

(٩٠) عوالي اللئالي ١ : ١٩٧ ، حديث ٨.

(٩١) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١ و ١٠ و ٢٠ و ٢١ من أبواب صلاة العيد.

(٩٢) في «م» و «ي ١» و «ر ١» : اللهم أنت أهل.

(٩٣) وهذا الدعاء موجود في المصدر السابق باب ٢٦ ، حديث ٢ و ٥.

١٨٢

بما شاء ، لأن الأصل براءة الذمة من وجوب التعيين.

فروع :

الأول : لو قنت قبل القراءة ناسيا تدارك القراءة واستأنف التكبير والقنوت الذي فعله قبلها ما لم يركع ، فان ركع مضى في صلاته وسجد للسهو.

الثاني : لو نسي التكبيرات أو بعضها ولم يذكر حتى يركع لم يكن عليه غير سجود السهو ، وقال الشيخ : يقضيه بعد الصلاة.

الثالث : لو شك في عدد التكبيرات بنى على اليقين.

الرابع : لو أدرك بعضه مع الإمام أتمه لنفسه ، فإن خاف فوات الركوع والى بين التكبيرات من غير قنوت.

الخامس : لو شك بين الركعتين بطلت صلاته.

السادس : يحرم البيع وشبهه بعد الأذان كالجمعة.

قال رحمه‌الله : إذا اتفق عيد وجمعة فمن حضر العيد كان بالخيار في حضور الجمعة ، وعلى الإمام أن يعلمهم ذلك في خطبته ، وقيل : الترخيص مختص بمن كان نائيا عن البلد ، كأهل السواد ، دفعا لمشقة العود ، وهو الأشبه.

أقول : للأصحاب هنا ثلاثة أقوال :

الأول : التخيير مطلقا ، وهو قول الشيخين واختاره العلامة ، لأن في الجمع حرجا وضررا وزيادة تكليف فيكون ساقطا.

الثاني : وجوب الحضور مطلقا ، وهو قول ابن البرّاج وأبي الصلاح ، لأن الأصل وجوب الصلاتين ، ولأن وجوب الحضور على الإمام يدل على وجوب الحضور على غيره ، وإلا لقبح تكليف الإمام لتوقفه على فعل لا يعلم إيقاعه من الغير.

١٨٣

وأجاب العلامة عن هذا بان الواجب على الإمام ليس هو صلاة الجمعة ابتداء ، بل الواجب عليه الحضور ، وهو لا يتوقف على فعل الغير ، فان اجتمع العدد لحقه وجوب آخر ، وإلا فلا.

الثالث : اختصاص التخيير بمن كان قاصي المنزل دون أهل البلد ، بل يجب عليهم الحضور ، واختاره المصنف وأبو العباس في موجزه ، لرواية إسحاق بن عمار (٩٤) ، عن جعفر ، عن أبيه عليهما‌السلام ، ولأن في عود قاصي المنزل زيادة في المشقة على أهل البلد فتختص الرخصة بذي المشقة العظيمة دون غيره ، ومذهب الشهيد كمذهب الشيخين.

قال رحمه‌الله : وفي خروجه بعد الفجر قبل طلوعها تردد ، والأشبه الجواز.

أقول : التردد نشأ من ظاهر كلام الشيخ في النهاية ، فإنه قال فيها : وإذا أراد الإنسان الشخوص من بلد فلا يخرج من بعد الفجر إلّا أن يشهد الصلاة ، فإن شخص من قبل ذلك لم يكن به بأس. وهو يدل على عدم جواز الشخوص بعد الفجر وقبل الصلاة.

ومن أصالة الجواز ، ولأن المانع هو التكليف في الصلاة ، وهو لا يتحقق قبل دخول الوقت ، وهو طلوع الشمس.

فرع : لو سافر بعد طلوع الشمس وقبل صلاة العيد مع وجوبها عليه ، وجب عليه العود للحوق بها إن أمكنه ذلك ، فان لم يمكنه لم تعتبر المسافة من البلد إلى الموضع الذي انتفى فيه إمكان العود واللحاق بالصلاة ، لكونه عاصيا في سفره ، ثمَّ تعتبر المسافة من ذلك المكان ، فإن كان الباقي مسافة وجب التقصير حينئذ وإلا فلا.

__________________

(٩٤) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١٥ من أبواب صلاة العيد ، حديث ٣.

١٨٤

وكذلك لو سافر يوم الجمعة بعد الزوال فإنه لا يجوز له صلاة الظهر ولا يعتبر المسافة ما امكنه العود واللحاق بالصلاة ، فإذا انتفى الإمكان اعتبر المسافة وصلى الظهر تماما لوجوبها عليه حالة الإقامة.

١٨٥
١٨٦

في صلاة الكسوف

قال رحمه‌الله : فتجب عند كسوف الشمس وخسوف القمر والزلزلة ، وهل تجب لما عدا ذلك من ريح مظلمة وغيرها من أخاويف السماء؟ قيل :

نعم ، وهو المروي ، وقيل : لا ، بل يستحب ، وقيل : تجب للريح المخوفة والظلمة الشديدة حسب.

أقول : قال الشيخ في النهاية والمبسوط : صلاة الكسوف والزلازل والرياح المخوفة والظلمة الشديدة فرض واجب. ولم يتعرض لأخاويف السماء ، وبه قال ابن إدريس ، لأصالة براءة الذمة ، ولأن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم ينقل عنه أنه صلى لغير ذلك. وأوجبها في الخلاف لجميع الآيات التي تظهر في السماء من الأخاويف وغيرها ، وهو اختيار العلامة وأبي العباس ، لأن المقتضي للوجوب في الكسوف موجود ، وهو أنه خارق للعادة ليحصل به تذكير العباد فيكون لطفا ، فهذه الحكمة مشتركة في الجميع ، ولما رواه زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح «قلنا لأبي جعفر عليه‌السلام هذه الرياح والظلمة التي تكون هل يصلّى لها؟ قال : كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع يصلّى

١٨٧

له صلاة الكسوف حتى يسكن» (٩٥).

قال رحمه‌الله : إذا حصل الكسوف في وقت فريضة حاضرة كان مخيرا في الإتيان بأيهما شاء ما لم تتضيق الحاضرة فتكون أولى ، وقيل : الحاضرة أولى ، والأول أشبه.

أقول : إذا اتفق الكسوف في وقت حاضرة ، فإمّا أن يتسعا أو يتضيقا أو تتسع إحداهما وتتضيق الأخرى ، فإن تضيقتا أو تضيقت الحاضرة بدئ بالحاضرة ، وإن تضيقت الكسوف بدئ بها ، وإن اتسع الفرضان تخيّر على المشهور بين الأصحاب ، لأنهما فرضان اجتمعا ووقتهما متسع فيتخيّر المكلف بينهما ، لأن تعين أحدهما وجوبا يستلزم أحد الحالين : إما ضيق وقت ما فرض اتساع وقته ، أو كون ترك العبادة الواجبة أولى من فعلها ، لأن المتعيّن فعلها وإن كان لضيق وقتها لزم الأول ، وإن كان لقبح تقديم الأخرى لزم الثاني ، وكلاهما محال.

وقال في النهاية : يبدأ بالفريضة ، وهو مذهب ابن البراج ، لأنها أهم في نظر الشرع.

فروع :

الأول : إذا قدمت الحاضرة فخرج وقت الكسوف ، فإن كان قد فرط في تأخير الكسوف أو الحاضرة مع تمكنه وجب قضاء الكسوف ، وإلا فلا.

الثاني : إذا عرض الشك ، فان تعلق بالركعات بطلت ، كما لو شك بين الخامس والسادس ، أو الخامس والعاشر ، وإن تعلق بالركوعات بنى على الأقل ، كما لو شك بين الرابع والخامس ، أو بين السادس والسابع.

__________________

(٩٥) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٢ من أبواب صلاة الكسوف والآيات ، حديث ١.

١٨٨

الثالث : لو صلّى بالتبعيض فأراد تتمة السورة في الرابع أو الخامس فنسي باقيها ، ابتدأ بالحمد ثمَّ قرأ سورة كاملة إن كان في الخامس ، وإلّا جاز تبعيضها ويكمل فيها.

الرابع : يجب تكميل السورة المبعضة في الخامس والعاشر ، لأن كل خمس ركوعات بمنزلة ركعة ، فيجب عليه الحمد وسورة.

الخامس : لو قرأ بعض سورة في الأول جاز له العدول إلى سورة أخرى في الركوع الثاني ، لكن يجب عليه الابتداء بالحمد ثمَّ يقرأ سورة كاملة أو مبعضة ، وهو اختيار الشهيد في البيان.

السادس : يجب أن يقرأ في المبعضة من حيث قطع ، فلو قرأ لا على التتالي لم يصح ، لقول الصادق عليه‌السلام : «فاقرأ من حيث قطعت» (٩٦) ، وهو يشعر بعدم جواز العدول إلى سورة أخرى.

السابع : إذا قرأ في ركوع بعض سورة ، ليس له أن يقرأ في الركوع الذي بعده بعضا من أخرى قبل أن يكمل الأولى ، وله أن يقرأ من حيث قطع من الأولى حتى يكمل ، ثمَّ يقرأ بعضا من سورة أخرى في ذلك الركوع.

الثامن : جميع الأخاويف ـ غير كسوف النيّرين ـ يجب على الفور عند حدوث أسبابها ، ويمتد وقتها مدة العمر ، بمعنى أنها تصلى أداء ولا تصير قضاء ، بخلاف النيّرين فإن وقتها من الابتداء إلى الأخذ في الانجلاء على المشهور.

وقال الشهيد في دروسه : إلى تمام الانجلاء ثمَّ تصير قضاء.

وقيل : إن وقت الرياح المظلمة الشديدة والظلمة الشديدة مدتها ، أما الزلزلة فمدتها العمر ، وكذا الصيحة ، وبالجملة كل آية يضيق وقتها عن

__________________

(٩٦) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٧ من أبواب صلاة الكسوف والآيات ، حديث ٦.

١٨٩

العبادة. وهذا مذهب أبي العباس في موجزه.

التاسع : إذا سبق المأموم بركوع فقد فاتته تلك الركعة ، فإن شاء (٩٧) صبر حتى يقوم إلى الثانية ثمَّ يحرم معه لها ، فإذا تممها الإمام وسلّم أتى هو بركعة أخرى ، وإن شاء تابعه في الأولى بنية الندب ، فإذا انتهى إلى الثانية جدد نية الوجوب ، ثمَّ يصلي بعد تسليم الإمام ركعة أخرى ، ولا يحسب ما صلى بنية الندب.

العاشر : لو اجتمع عيد وآية وجنازة قدم ما يخشى فوته ، فان اتسع الجميع قدم الجنازة ثمَّ الآية ثمَّ العيد ، وكذا لو ضاق الجميع ، ولو ضاق العيد قدم ولا يخطب له إلا بعد الفراغ من الجنازة والآية.

الحادي عشر : لو اتفقت الآية والجمعة وضاقا قدمت الجمعة ، ومع السعة تقدم الآية ، قاله في الموجز ، ولو قيل بالتخيير كالفريضة كان وجها.

تنبيه : يحصل العلم بسعة الوقت في الكسوف بقول المعصوم ، أو بغيبوبة الشمس مكسوفة ، أو طلوعها على القمر مخسوفا فهنا يحصل العلم اليقين بسعة الوقت ، ويحصل الظن بقول الرصدي إذا كان عدلا.

قال رحمه‌الله : يجوز أن يصلي صلاة الكسوف على ظهر الدابة وماشيا ، وقيل : لا يجوز ذلك إلا مع العذر ، وهو الأشبه.

أقول : بالجواز قال ابن الجنيد ، لرواية علي بن فضال الواسطي (٩٨) عن الرضا عليه‌السلام ، والمشهور عدم الجواز ، لأنها صلاة واجبة فلا تجوز راكبا ولا ماشيا مع القدرة ، كغيرها من الصلوات الواجبة.

__________________

(٩٧) من «ن».

(٩٨) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١١ من أبواب صلاة الكسوف والآيات ، حديث ١.

١٩٠

في الصلاة على الأموات

قال رحمه‌الله : والدعاء بينهنّ غير لازم ، ولو قلنا بوجوبه لم نوجب لفظا على التعيين.

أقول : يحتمل عدم وجوب الدعاء ، لأصالة براءة الذمة ، ويحتمل وجوبه للمؤمنين عقيب الثالثة ، وللميت عقيب الرابعة ، لأن المقصود من صلاة الجنازة الدعاء ، ولقوله عليه‌السلام : «صلّوا كما رأيتموني أصلّي» (٩٩) لكنّه لا يتعين لفظا ، فالمؤمن يدعو له بما شاء ، وكذا المنافق يجب أن يدعو عليه بما شاء ، وكذلك المستضعف والمجهول حاله ، ويستحب مراعاة المنقول في الجميع.

فالمؤمن ، يقول : «اللهم إن هذا عبدك النازل بك وأنت خير منزول به ، اللهم انا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا ، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه ، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه ، واحشره مع الأئمة

__________________

(٩٩) تقدم ص ١٦١.

١٩١

الطاهرين» (١٠٠).

والمنافق يقول : «اللهم املأ قلبه نارا ، وجوفه نارا ، وسلّط عليه الحيات والعقارب» (١٠١).

وروي : «أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حضر جنازة عبد الله بن أبي سلول لعنه الله ، فقيل له : يا رسول الله ألم ينهك الله أن تقوم على قبره؟! فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ويلك ، وما يدريك ما قلت؟! إني قلت : اللهم احش جوفه نارا وأذقه أشد عذابك» (١٠٢) وصلّى الحسن عليه‌السلام على منافق ، «فقال : اللهم العن عبدك وأخزه في عبادك ، وأصله نارك ، وأذقه أشد عذابك ، فإنه يوالي أعداءك ، ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيك» (١٠٣).

والمستضعف يقول : «اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك ، وقهم عذاب الجحيم».

ومجهول الحال يقول : «اللهم أنت أحييت النفوس ، وأنت أمتها ، تعلم سريرتها وعلانيتها ، أتيناك شافعين فيها فشفّعنا ، ولّها من تولّت واحشرها مع من أحبّت» (١٠٤).

__________________

(١٠٠) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٢ من أبواب صلاة الجنازة ، والمستدرك ٢ : ٢٤٧ ، باب ٢ من أبواب صلاة الجنازة.

(١٠١) الباب الثالث من المصدرين السابقين.

(١٠٢) الوسائل ، كتاب الطهارة ، باب ٤ من أبواب صلاة الجنازة ، حديث ٤ (بتفاوت).

(١٠٣) المصدر المتقدم حديث ٢ و ٦ ، (لكنه في الوسائل : «الحسين عليه‌السلام» بدل «الحسن عليه‌السلام»).

(١٠٤) راجع في المستضعف ومجهول الحال ، نفس المصدر المتقدم باب ٣.

١٩٢

والطفل ، يقول : «اللهم اجعله لنا ولأبويه فرطا ، ولا تفتنّا بعده ، ولا تحرمنا أجره» (١٠٥).

ويستحب الإسرار في صلاة الجنازة ، لأن السرّ أقرب إلى القبول لبعده عن الرياء.

قال رحمه‌الله : ويرفع يديه في أول تكبيرة إجماعا ، وفي البواقي على الأظهر.

أقول : الرفع في الأولى خاصة مذهب الشيخ في النهاية والمفيد والسيد المرتضى وابن إدريس وأبي الصلاح.

وقال الشيخ في الاستبصار : يرفع يديه في الجميع ، واختاره المصنف والعلامة ، ومستند الجميع الروايات (١٠٦).

تنبيه : أفضل الصفوف في جميع الصلوات المتقدم إلّا الجنازة فإن أفضلها المتأخر ، وسئل الصادق عليه‌السلام عن الوجه في ذلك ، «فقال : لأنه سترة في النساء» (١٠٧).

__________________

(١٠٥) المصدر المتقدم ، باب ١٢.

(١٠٦) الوسائل ، كتاب الطهارة ، باب ١٠ من أبواب صلاة الجنازة.

(١٠٧) المصدر المتقدم ، باب ٢٩.

١٩٣
١٩٤

في الصلوات المرغبات

قال رحمه‌الله : والأشهر في الروايات استحباب ألف ركعة في شهر رمضان زيادة على النوافل المرتبة.

أقول : هذا هو المشهور ، وادعى سلار عليه الإجماع ، ولأنه شهر شريف يضاعف فيه الحسنات ، فيكون زيادة الصلاة فيه مشروعة عملا بالمناسبة.

وقال محمد بن بابويه : لا نافلة زيادة فيه على غيره ، ومستنده رواية عبد الله بن سنان (١٠٨) عن الصادق عليه‌السلام ، ولأصالة براءة الذمة من شغلها بواجب أو ندب ما لم يتحقق الدليل.

قال رحمه‌الله : ثمان بعد المغرب واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء ، على الأظهر.

أقول : هذا مذهب الشيخ في المبسوط ، وبه قال المفيد والسيد وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة ، والمستند رواية مسعدة بن صدقة (١٠٩) ،

__________________

(١٠٨) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٩ من أبواب نافلة شهر رمضان ، حديث ٢.

(١٠٩) نفس المصدر السابق ، باب ٧ ، حديث ٢.

١٩٥

عن الصادق عليه‌السلام.

وخيّر في النهاية بين ثمان بعد المغرب وبين اثنتي عشرة ركعة ، والباقي بعد العشاء ، والأول أشهر.

قال رحمه‌الله : وروي أنه يقتصر في ليالي الإفراد على المئة حسب ، فيبقى عليه ثمانون.

أقول : الاقتصار على المئة مذهب الشيخ في النهاية والمبسوط ، وبه قال المفيد ، وعدم الاقتصار على المئة بل يضيفها إلى العشرين أو الثلاثين مذهب الشيخ في الخلاف ، واختاره ابن إدريس ، واستند الفريقان إلى الروايات (١١٠).

__________________

(١١٠) راجع نفس الباب المتقدم.

١٩٦

في الخلل الواقع في الصلاة

قال رحمه‌الله : وبالسجدتين حتى ركع فيما بعد ، وقيل : يسقط الزائد ويأتي بالفائت ، وقيل : يختص هذا الحكم بالأخيرتين ، ولو كان في الأوليين استأنف ، والأول أظهر.

أقول : للأصحاب هنا ثلاثة أقوال :

الأول : إن من ترك سجدتين من ركعة سهوا أعاد الصلاة ، سواء كانتا من الأوليين ، أو من الأخيرتين ، وهو المشهور بين الأصحاب ، قال به المفيد والشيخ في النهاية وابن إدريس والمصنف والعلامة ، لأن زيادة الركن أو نقصانه مبطل للصلاة ، وقد حصل أحدهما فتبطل صلاته.

الثاني : يحكم بالبطلان إن كان من الأوليين أو ثالثة المغرب ، وبالصحة ان كان من الأخيرتين من الرباعية ، ويبني على الركوع الأول ويعيد السجود ، ويغتفر زيادة الركن هنا ، وهو مذهب الشيخ في الجمل.

الثالث : قول محمد بن بابويه ، وهو البطلان ان كان في الركعة الأولى دون الثانية والثالثة.

قال رحمه‌الله : وقيل : لو شك في الركوع فركع ، ثمَّ ذكر أنه كان ركع

١٩٧

أرسل نفسه ، ذكره الشيخ وعلم الهدى ، والأشبه البطلان.

أقول : إذا شك في الركوع وهو قائم وجب ان يركع ، فان ذكر انه كان قد ركع ، فيه ثلاثة أقوال :

الأول : صحة الصلاة وإرسال نفسه من غير رفع مطلقا ، أي سواء كان من الأوليين أو من الأخيرتين ، قاله الشيخ في المبسوط والجمل ، لأن الانحناء لا بد منه فلا يكون مبطلا ، وأجيب : بأن الانحناء بنية الركوع غير الانحناء بنية السجود فيكون الأول مبطلا ، لكن بشرط ان يصل إلى حد الركوع.

الثاني : تقييد الصحة في الحكم المذكور بكون الشك في الأخيرتين ، وبطلان الصلاة ان وقع في الأوليين ، قاله الشيخ في النهاية وعلم الهدى ، وهو مذهب ابن إدريس.

الثالث : البطلان مطلقا ، وهو مذهب المصنف والعلامة وأبي العباس ، لزيادة الركن.

قال رحمه‌الله : وان كان يبطلها عمدا لا سهوا كالكلام فيه تردد ، والأشبه الصحة.

أقول : إذا ذكر نقصان صلاته بعد ان تكلم عمدا ، قال في النهاية بوجوب الإعادة ، وهو ظاهر الحسن بن ابي عقيل وابي الصلاح ، لما رواه أبو بصير «قال : سالت الصادق عليه‌السلام عن رجل صلى ركعتين ثمَّ قام فذهب في حاجته؟ قال : يستقبل صلاته» (١١١).

وقال في المبسوط : من أصحابنا من قال : إذا نقص ساهيا لم يكن عليه إعادة الصلاة ، لأن الفعل الذي يكون بعده في حكم السهو ، قال : وهو

__________________

(١١١) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ٣ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، حديث ١٠.

١٩٨

الأقرب عندي ، واختاره المصنف والعلامة ، والمستند الروايات (١١٢).

قال رحمه‌الله : ولو ترك سجدتين ولم يدر أنهما من ركعة أو ركعتين ، رجحنا جانب الاحتياط ، وان كانتا من ركعتين ولم يدر أيّهما هي ، قيل : يعيد ، لأنه لم تسلم له الأولتان يقينا والأظهر أنه لا إعادة ، وعليه سجدتا السهو.

أقول : إذا ترك المكلف سجدتين ولم يعلم أنهما من ركعة أو من ركعتين ، علمنا ان الاحتياط بإعادة الصلاة ، لأن المسقط لها في الذمة غير معلوم ، والأصل بقاء التكليف ، ويحتمل عدم الإعادة ، لأن الأصل براءة الذمة من الإعادة ، والأول أحوط ، فلهذا قال المصنف : رجحنا جانب الاحتياط ، لأنه يقابل أصلان : أصالة بقاء التكليف وأصالة براءة الذمة من الإعادة ، لكن الأول مرجح بالاحتياط.

وان تيقن انهما من ركعتين ولم يدر من الأوليين أو الأخيرتين ، قيل : يعيد ، لأنه لم تسلم له الأولتان ، وهو إشارة إلى ما ذكره الشيخ في التهذيب ، لأنه قال فيه : متى ترك سجدة من الركعتين الأوليين أعاد الصلاة وان كان من الأخيرتين لم يعد.

وقال السيد المرتضى وأبو الصلاح وابن إدريس بقضائها ويسجد سجدتي السهو ، واختاره المصنف والعلامة ، لقوله عليه‌السلام : «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» (١١٣).

قال رحمه‌الله : وكذا لو ترك السجدتين أو إحداهما أو التشهد وذكر قبل ان يركع ، رجع فتلافاه ثمَّ قام فأتى بما يلزم من قراءة أو تسبيح ثمَّ ركع ، ولا يجب في هذين الموضعين سجدتا السهو ، وقيل : يجب ، والأول أظهر.

__________________

(١١٢) راجع نفس الباب المتقدم.

(١١٣) الوسائل ، كتاب الجهاد ، باب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، حديث ١ و ٣.

١٩٩

أقول : اختلف الأصحاب في موجب سجدتي السهو ، قال ابن بابويه : لا تجبان إلا على من قعد في حال قيام أو عكس ، أو ترك التشهد ، أو لم يدر زاد أو نقص ، وقال المفيد : يوجبه ثلاثة أشياء : السهو عن سجدة حتى يفوت محلها ، ونسيان التشهد حتى يركع ، والكلام ناسيا ، وأضاف في المبسوط السلام في الأوليين ناسيا ، والشك بين الأربع والخمس ، والذي عليه عمل المتأخرين وجوبهما في كل موضع لو فعله أو تركه عمدا بطلت صلاته.

فرع : لو سهى عن اربع سجدات في أربع ركعات ، فان ذكر قبل التسليم سجد واحدة لبقاء محلّها ، ثمَّ يعيد التشهد تحصيلا للترتيب ، ويقضي باقي السجدات ولاء ولو بنية واحدة ، ويسجد سجدتين لكل سهو ، ولو ذكر بعد التسليم قضى الأربع كالأول ويسقط جبران الرابعة ، فلو اتى بسجدتي السهو للأولى عقيبها قبل قضاء الثانية وهكذا احتمل الصحة ، لاشتغال الذمة بهما ، وأصالة البراءة من الترتيب بين السجدات ، والعدم لوجوب تقديم اجزاء العبادة على جبرانها ، فإذا خالف لم يأت بالمأمور على وجهه ، فيبقى في عهدة التكليف.

قال رحمه‌الله : إذا شك في شي‌ء من أفعال الصلاة فإن كان في موضعه أتى به وأتم ، وان انتقل مضى في صلاته ، سواء كان ذلك الفعل ركنا أو غيره ، وسواء كان في الأوليين أو الأخريين ، على الأظهر.

أقول : قال الشيخ : وعن بعض علمائنا إعادة الصلاة بكل سهو يلحق الركعتين الأوليين ، سواء كان في أفعالها أو عددها (١١٤) ، وسواء كان من الأركان أو غيرها ، والمشهور التفصيل ، فان كان في العدد أعاد ، وان كان في الافعال وذكر

__________________

(١١٤) في «م» : عددهما.

٢٠٠