موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٥

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٥

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٨

بغداد وهي بيت القصيد. وتعهد بجميع الخدمات المطلوبة منه راجيا تلبية مراده. واستخدم جماعات فقاموا بكل ما يلزم من وسائل (١).

حرب سليمان باشا :

قالوا : إن مصطفى بك الميراخور برأ ساحة سليمان باشا مما نسب إليه وخطأ الوالي محمد باشا. شاع خبر ذلك فعلم محمد باشا بالأمر فبقي في اضطراب وحاول الخروج من هذا المأزق الحرج فلاحظ أن كتاب مصطفى بك لو وصل قبل أن يقهر سليمان باشا لكان من المحقق أن يتغير رأي الدولة فيه. فتغير السلطان عليه فعزله ووجه الولاية إلى سليمان باشا فجهز كتخداه محمد باشا بكافة جيوشه قبل أن ينتظر ورود القوى إليه. جعله قائدا وسيره إلى سليمان باشا للوقيعة به ... فكانت هذه الحركة خلاف رغبة السلطان. وكان قصده كسر جيش سليمان باشا والانتصار عليه. فتقدم الجيش والتقى الفريقان في محل قريب من الحلة إلا أن سليمان باشا تمكن من اتخاذ بعض التدابير الناجعة فمال إليه فريق من اللوند ومن الصنوف الأخرى من جيش محمد باشا ...

هاجم البقية الباقية وحمل عليها حملة صادقة فتيسر له التغلب. وانتصر انتصارا باهرا ...

وحينما تحرك من الحسكة وتوجه إلى الانحاء الأخرى كان ضابط الحسكة آنئذ علي آغا (٢) فاستصحبه معه ووجه إليه منصب الكتخدائية ، وسيره أمامه لإجراء بعض المصالح في الحلة ، وكان الكتخدا محمد باشا مع جيشه في الحلة فاتخذوا ذلك فرصة وألقوا القبض فأرسله القائد إلى بغداد. فلما وصل حبسه الوالي.

__________________

(١) دوحة الوزراء ص ١٢٣.

(٢) هذا هو علي باشا الوزير الذي خلف سليمان باشا.

٣٤١

سمع سليمان باشا بذلك فغضب كثيرا لما أصاب (علي آغا). وحين انتصاره في وقعته الأخيرة أسر الكتخدا المذكور مع الخازن (الخزبندار).

وحينئذ سيرهما إلى والي بغداد وقال لهما : خبرا وزير كما أن القبض يكون هكذا. وأن المهارة في هذه لا فيما فعل.

أرسلهما إلى محمد باشا الوالي. وتقدم هو بانتصار وأبهة إلى قرب الكاظمية إلى المحل المعروف ب (الشريعة البيضاء) (١) وأبدى شوكة.

ولم يكتف بذلك بل عرض القضية على دولته. وصار ينتظر التوجيهات السنية إليه. أراد أن يعلمها بأنه قهر القوة قبل أن يأتي المدد وكأنه قال : ارضخوا للأمر الواقع واقبلوا. وأنا مطيع فلم تر الدولة بدا من الموافقة طوعا أو كرها ... ومن ثم أبدت الموافقة ، وجهت التبعية على الوزير السابق وقالت : إن الميراخور قال : الحق مع سليمان باشا.

حوادث سنة ١١٦٣ ه‍ ـ ١٧٥٠ م

وزارة بغداد ـ سليمان باشا :

إن الوقائع برهنت أن محمد باشا لم يتمكن من السيطرة على الوضع. والصحيح أن الدولة لم تنجح. انكسر جيش الكتخدا فخابت الآمال. ولما وصل كتاب سليمان باشا تحقق أن المصلحة لا تقتضي دوام المشادة. بل رأت خطر النتائج لا سيما وقد وصل سليمان باشا إلى بغداد وتأخرت القوى المساعدة. ولذا عزلت محمد باشا ووجهت ولاية بغداد إلى سليمان باشا مع ابقاء ايالة البصرة في حوزته كما كانت.

__________________

(١) تلفظ (الشريعة البيضة) في أراضي المشاهدة غربي الكاظمية تبعد نحو أربع ساعات للماشي. ولا تزال معروفة.

٣٤٢

فوجهت اللوم على الوزير محمد باشا تعبيرا لخذلانها كما أنها وجهت إلى محمد باشا مشيخة الحرم بمكة المكرمة وإيالة الجيش هناك ولواء جدة. فصدرت فرامين الاثنين بهذا الوجه. ومن ثم خرج محمد باشا من بغداد فامتنع أن يذهب إلى وظيفته الجديدة. ولذا رفعت عنه الوزارة وأمر أن يقيم في گريد وعينت له ستين ألف قرش سنويا يتقاضاها من خزانة الدولة (١) ... وبهذا انتهى هذا العهد.

العشائر والإمارات

ظهرت نفسيات العشائر وقواها الكامنة ، وتبين خطرها أكثر بما حدث من صلات وحوادث ماثلة للعيان تغني عن الإعادة. والإمارات مكبرة عن إدارة العشائر مثل بابان والمنتفق واليزيدية. وفي هذا الزمن تكونت امارة الجليليين في الموصل ، وأخذت قوة المماليك وإمارتهم تبدو في اواخر هذا العهد.

ولا شك أن الحوادث كشفت عن الأوضاع. ولعل فيما عرض عن هذه الازمان كفاية. والتفصيل له محله.

الدولة العثمانية

(قائمة في سلاطينها)

تعينت لنا صلات هذه الدولة بنا. وسبق ذكر السلطان مراد الرابع. وهذه قائمة بالسلاطين التالين :

١ ـ السلطان إبراهيم بن أحمد : دام إلى ٧ رجب سنة ١٠٥٨ ه‍.

٢ ـ السلطان محمد الرابع ابن سابقه : إلى ٢ المحرم سنة ١٠٩٩ ه‍.

__________________

(١) دوحة الوزراء ص ١٢٤.

٣٤٣

٣ ـ السلطان سليمان الثاني أخو سابقه : إلى ٢٦ رمضان سنة ١١٠٢ ه‍.

٤ ـ السلطان أحمد الثاني اخو سابقه إلى ٢٢ جمادى الثانية سنة ١١٠٦ ه‍.

٥ ـ السلطان مصطفى الثاني ابن محمد الرابع : إلى ٢ ربيع الآخر سنة ١١١٥ ه‍.

٦ ـ السلطان أحمد الثالث أخو سابقه : خلع في ١٥ ربيع الأول سنة ١١٤٣ ه‍ وتوفي سنة ١١٤٩ ه‍.

٧ ـ السلطان محمود الأول ابن مصطفى الثاني إلى ٢٧ صفر سنة ١١٦٨ ه‍.

إدارة العراق

إن الدولة العثمانية ربحت الحرب على ايران سنة ١٠٤٨ ه‍. وهذا لم يعمر الخلل ، ولا جعل الإدارة أداة صالحة. وبعد وفاة السلطان مراد الرابع عادت الحالة إلى أسوأ مما كانت عليه قبله ، فلم تحصل توجيهات حقة في تجديد حياة الدولة.

ولم يكن العراق بنجوة من هذا الضعف. وإنما الحروب مع ايران أدت إلى اختلال عظيم ، فاعترى هذا القطر الخراب والدمار. وليس من الصواب أن تكون ادارة الدولة معتلة ومنحلة فيبقى العراق بعيدا عن الغوائل والانحلال.

والتشكيلات الإدارية لم تتغير إلا أن الضعف باد عليها. فالبصرة دخلت في حوزة الحكومة واستولى العراق على كرمنشاه ، وهمذان. وكانت حدود العراق ما وراء درتنك (حلوان) و(الايوان) تدخل فيه درنة ودرتنك وزهاو كذا الحويزة في بعض الأحيان.

٣٤٤

وأما الرماحية ، والمنتفق فإنها تطيع مرة وتعصي أخرى. ومثلها (شهرزور) و (إمارة البصرة) والمهم أن تعرف التبدلات ومرت بنا الحوادث المبصرة.

١ ـ الولاية

رأينا أعمال الولاة بادية للعيان ، وعرفنا ما فيهم من أوصاف وانكشف أمرهم بما حصل من مؤرخين معاصرين ووثائق وهكذا علمنا جملة من ولاة البصرة والموصل وشهرزور. والأمل أن يتجلى المبهم. والإدارة متصلة بالمركز اتصالا مكينا إلى أيام حسن باشا وأيام ابنه أحمد باشا ثم تغيرت نوعا واكتسبت نجاحا إلا أنها اضطربت بعدهما إلى آخر هذا العهد.

٢ ـ المالية

علمنا من الوقائع ما يكشف عن المالية أكثر وعرفنا مصطلحات جديدة في الرسوم والضرائب. وعلمنا عن النقود شيئا أكثر مما زاد في المعرفة وكذا وصل إلينا عن الكمرك أو ضرائب الأموال التجارية ، والضرائب الأخرى ، والفرامين ، والعلاقات الدولية ، والمناصب المالية ما يكفي للاطلاع.

وهذه تضاف إلى ما عرف عن الوثائق والمؤلفات في أصل الدولة وما كانت عليه وعندي وثائق ومجاميع في الضرائب مخطوطة توضح الوضع الاقتصادي والمالي وعلاقة الدولة به. والمقابلات بين ما في الدولة وبين ما دونه المؤرخون. وكلها تفيد أن العراق سار سيرة قانونية لا تختلف عما سارت عليه الدولة واقتصادياته ذات صلة بالمجاورين وغيرهم.

ولا شك أن مراجعة ما كتبنا من الحوادث المالية يبصر بالمعرفة ،

٣٤٥

وفي كتاب النقود العراقية وكتاب الضرائب للأموال التجارية أوضحنا أكثر.

والدفتريون لم يكونوا بثقافة أسلافهم. وإنما كان انحطاط المعرفة عاما. وما ذلك إلا لتدهور الإدارة بسبب الحروب والإدارة العسكرية المتمادية مما لم تدع مجالا للنظر في المالية وتنظيمها ولا توجيه الشؤون الاقتصادية واستغلالها بمقياس واسع.

والحوادث كشفت عن بعض الضرائب الجديدة. ولما كانت الإدارة في شطر من هذا العهد ذات علاقة بالمركز فإن جباية الضرائب تغيرت كثيرا ، فعدلت الدولة فيها فجعلتها (التزاما). وتركت طريقة (الامانة) أي الجباية المباشرة. وكان ذلك سنة ١٠٥٩ ه‍. وهكذا فعلت في (المقطوع). واستمرت على ذلك.

وبهذا تطاول الموظفون والضباط وأوغلوا في الاعتداء أملا في الربح الزائد ، والاستفادة لأقصى حد ممكن. ومن جهة أخرى أثرت هذه الطريقة تأثيرا عظيما على الواردات فقللت منها ، وعادت بالخسارة على الأهلين ولم يتحاش موظف من ظلم وقسوة.

لازمت هذه الأوضاع قلة الوارد فاضطرت قسرا إلى تنقيص في (دخل الولاة) وتقليل في المخصص لخزانة السلطان وكل هذا ذو علاقة في اختلال التشكيلات الإدارية ونطاق سلطة الحكومة فأدى إلى إلغاء بعض الألوية لأن السلطة الفعلية صارت (محدودة) جدا وهذه لها دخل في تنقيص الرواتب. فإن بابان استقلت نوعا وحاول الخزاعل التوسع والمنتفق كادوا يستقلون بالبصرة.

ذلك مما اقتضى تحديد (حرس الوالي) وإلغاء ما يسمى (عوائد المطبخ) وتقليل (القلمية) أو (مصاريف الديوان) ، وكذا التعديل في العوائد الأخرى. وهكذا تنقيص مخصصات الدفتريين. وكانت تبلغ أكثر

٣٤٦

من مائة كيس. تستوفى من (الساليانة) وهكذا العوائد التي تؤخذ لعلوفة بعض صنوف الجيش. ولعل ما مر بيانه يبصر بالحالة.

فعلت الدولة ذلك حذرا أن يؤدي التضييق إلى حوادث أمثال حادثة بكر صوباشي وعوضت ذلك ببيع الأراضي الأميرية وبتدابير أخرى نتيجة تداخل السنين المالية بالهجرية.

وفي ولاية حسن باشا وابنه تغيرت الحالة. للقدرة والتسلط ، واستحصال الضرائب ... أو سلب ممتلكات العشائر بغزو متواصل. وبذلك زادت واردات الدولة وتوسعت أمورها. وإن الاضطراب أيام الوزراء التالين لم يغير في الأوضاع ، ولم يهدم ما جرى العمل به في أيامهما.

ومن المهم ذكره أن نقود الدولة راجت في العراق أكثر ، وضربت في بغداد نقود أيضا ، كما أن النقود الأجنبية نراها تكاثرت للعلاقة. والنقود الايرانية انتشرت بزيادة بحيث صارت تؤخذ في معاملات الدولة وتحول إلى نقودها بإعادة ضربها أو بالضرب عليها ...

والنقود العراقية ضربت بكثرة للحاجة إليها. ومنها ما كان ضرب أيام السلطان إبراهيم سنة ١٠٤٩ ه‍ وهذه عثر على دراهم منها. وهكذا توالى الضرب لما بعده وفي أيام السلطان محمد الرابع سنة ١٠٥٨ ه‍ عثر على دنانير ذهبية ، ودراهم لم يظهر تاريخها. مضى من الحوادث ما يعين سعر النقود. ومن النقود ما ضرب سنة ١١٤٣ ه‍ أيام السلطان محمود الأول. وما بعد هذه السنة من دراهم مما يسمى بتلك وهو أبو خمسة قروش صحيحة. وكل هذه من ضرب بغداد.

وفي سنة ١٠٦٩ ه‍ أحدث تغير في سعر النقود. وبهذا حصل التذمر. وبسطنا القول في كتاب (النقود العراقية).

٣٤٧

٣ ـ القضاء

كنا أوضحنا عن القضاء في المجلد السابق. والآن يهمنا أن نذكر أنه لم يتغير في هذا العهد كثيرا. وهو من أهم عناصر الإدارة بل هو قوامها ولا شك أنه متأثر بالحوادث.

عثرت على اعلامات كثيرة ووقفيات تدل أحيانا على اتقان وعناية فتمثل خير العهود أو تقاربها في وضعها كما توصلت إلى معرفة ثلة من هؤلاء القضاة. أوضحت في مجلة (القضاء) العراقية لسنة ١٩٥٢ م. وأفردت ذلك في رسالة على حدة فلا أتوغل هنا إلا أني أقول كان أول قاض في هذا العهد (مصطفى مذكره جي زاده) وآخر قاض عرف (السيد أحمد مؤمن زاده). وجل ما علمناه أن القضاء لم يتدخل في المدارس العلمية ولا في الافتاء ، وأنه تكامل نوعا بالنظر لتوسع الثقافة وتمكنها.

٤ ـ الجيش أو الينگچرية

أصل الوظائف العسكرية مشتقة في الغالب من خدمة السلطان فانقلبت إلى مهمة عسكرية مثل صوباشي وبستانجي وأمير آخور أو اصطبل ... وإدارة الدولة عسكرية في غالب أحوالها إلا أن الإدارة المدنية متصلة بها في المالية والقضاء والمطالب القلمية ... والاهتمام بالجيش كبير جدا. وفي أوائل هذا العهد فقد الجيش السيطرة من قواده. فتحكم آغوات الينگچرية ، فاختلت الإدارة. ولا شك أنه اعترى من الضعف والانحلال ما اعترى وأدى الأمر إلى وقائع مؤلمة. تغلب الينگچرية. فالحكم بأيديهم. ومن صنوفهم (سرد نكيچدي) ، و(ترقي) ، و(لاوند) أو (لوند) ، و(صاروجة) أو (صاريجة) ، و(اليساقچية). وهم من الينگچرية.

مرت في حوادث سنة ١٠٨٩ ه‍ أمثلة ، ودامت الحالة إلى أيام حسن باشا وأيام ابنه أحمد باشا فتمكنا من التسلط على الينگچرية ، فصاروا

٣٤٨

أداة مفيدة ، وفي أيام الوزراء بعدهما عادوا إلى ما كانوا عليه. وبقيت مفاسدهم إلى آخر هذا العهد. و(جند بغداد) من نوع الينگچرية الأهلين.

ومن المدافع المعروفة :

١ ـ قوغوش.

٢ ـ يان صاچمة.

٣ ـ هاون أو خميرة.

٤ ـ باليمز.

٥ ـ شاهية.

٦ ـ أبو خزامة.

٧ ـ زنبرك.

٨ ـ مدافع قالعة.

ورد ذكرها خلال نصوص الكتاب. وهذه المدافع وأمثالها دخلت بدخول العثمانيين العراق ومن الضروري معرفة تاريخها في أصل موطنها. ومنها ما عليها سمتهم أو سمة ايرانية أو عمل اجانب. والموجود عندنا لا يبين المجرى التاريخي وإنما يصلح أن يكون كمثال لما ورد.

ذكرنا المدافع المعروفة أثناء الحصار والفتح العثماني على يد السلطان مراد الرابع وبعده فلا نطيل القول.

هذا. ولا يزال الجيش في هذا العهد يقوم بأمر الإدارة والشرطة أو بالتعبير الأولى أن الإدارة عسكرية وتقوم بالأمور المدنية بالاستعانة بالولاة والدفتريين والقضاة.

٣٤٩

علاقات العراق بإيران

هذه علاقة دولية بين العثمانيين والصفويين مرة ، والافغانيين أخرى. وهكذا اتصلت بالافشاريين وهي سياسية ومبناها الاطماع فأدت إلى حروب طاحنة ، ووقائع عديدة فاحترقنا بنيرانها ثم عقدت معاهدات. وجل ما نقوله إن العراق أصابه التدمير الزائد ، فانحلت ايران في أواخر الصفويين ، فبرز الافغان بقوة. أصابتهم الضربة من العثمانيين ، فسهلت لنادر شاه السيطرة فعادت السلطة إلى الصفويين وهددت كيان العثمانيين. وأرعبت العراق واضطربت حالته.

ولما لم ينل نادر شاه مأموله ولم يتمكن من اكتساح العراق ، فقد فلت هذه الحروب غربه للوقوف في وجهه مما أدى إلى ظهور اغتشاش ، وساعدت نقمة (علماء الدين) عليه من جهة تساهله الديني ، ومن جهة استخدام الافغان والأقوام الآخرين لاشتباهه من الايرانيين فاضطر إلى عقد (معاهدة) بينه وبين العثمانيين ، وسنده قوة الجيش من غير الايرانيين ، فأراد أن يصفي الحساب مع الساخطين منه أو المدبرين القيام عليه من الايرانيين.

شعر هؤلاء أيضا بالخطر ، فعجلوا بالقضاء عليه فاضطربت ايران إلى أواخر هذا العهد.

١ ـ الدولة الصفوية :

هذه الدولة اعتراها الضعف واختلفت إدارتها إلا أن العلاقات كانت جارية على ما كانت عليه أيام السلطان مراد الرابع ولم يحدث ما أخل إلا بسبب ما جرى أيام الافغان.

وهذه قائمة في ملوك الصفويين :

١ ـ الشاه صفي الأول. توفي في ١٣ صفر سنة ١٠٥٢ ه‍ ـ ١٦٤٢ م.

٣٥٠

٢ ـ الشاه عباس الثاني ابن سابقه وتوفي سنة ١٠٧٨ ه‍ ـ ١٦٦٧ م.

٣ ـ الشاه سليمان ابن سابقه وتوفي سنة ١١٠٦ ه‍ ـ ١٦٩٤ م.

٤ ـ السلطان حسين ابن سابقه. انقرضت دولته سنة ١١٣٥ ه‍ وتوفي سنة ١١٤١ ه‍.

٢ ـ الدولة الافغانية :

ظهرت بمظهر القوة. لما رأت من تضييق من الصفويين ، وأمراؤها :

١ ـ الأمير أويس. توفي سنة ١١٣٤ ه‍.

٢ ـ الأمير محمود ابن الأمير أويس (١). وتوفي سنة ١١٣٧ ه‍.

٣ ـ الأمير أشرف بن عبد الله (عبد العزيز) ابن عم سابقه. وتوفي سنة ١١٤٢ ه‍

فمن هؤلاء الأمير ويس فتح قندهار. وابنه الأمير محمود تسلط على ايران وبعده نال الإمارة الأمير أشرف وبعد حروب عقد أحمد باشا معه المعاهدة المؤرخة في ١٧ صفر سنة ١١٤٠ ه‍ (٢) ثم انقرضت على يد نادر شاه سنة ١١٤٢ ه‍.

وفي أيام نادر شاه نال الافغانيون سلطة. وبوفاته تولدت لهم آمال بالاستقلال على يد أحد قواده الأمير أحمد بن محمد زمان من قبيلة ابدالي. وكان رئيس السدزائية. وفي أيام استقلال احمد خان سميت حكومتهم ب (الدرانية) سنة ١١٦٩ ه‍. وتوالى أعقابه ، وتوسع نطاق حكمهم. وخلفهم الباركزائية وأمان الله خان من أواخرهم ثم عناية الله خان ولم يدم حكمه إلا أياما فانقرضوا. فتغلب (بچه سقا) لمدة قصيرة

__________________

(١) فتح اصفهان سنة ١١٣٥ ه‍.

(٢) نص المعاهدة في كتاب (معاهدات مجموعة سي) ج ٢ ص ٣١٢.

٣٥١

فقتل ، ومن ثم ولي ملك الأفغان (محمد نادر شاه الغازي) ، فاغتيل سنة ١٩٣٤ م ، فخلفه ابنه جلالة محمد ظاهر شاه. وقدم بغداد زائرا في ٢١ آذار سنة ١٩٥٠ م ـ ٢ جمادى الثانية سنة ١٣٦٩ ه‍.

٣ ـ عودة الدولة الصفوية :

عادت الدولة الصفوية لمدة قصيرة. و(شاهاتها) :

١ ـ الشاه طهماسب ابن السلطان حسين من سنة ١١٤٢ ه‍ إلى سنة ١١٤٥ ه‍ فخلع.

٢ ـ الشاه عباس الثالث ابن سابقه. ودام إلى أن أعلن نادر شاه سلطنته.

ففي أيام الشاه طهماسب ظهر نادر خان بصولة عظيمة ، وقوة قاهرة. والشاه طهماسب غلب في المعركة بينه وبين العراق فطلب الصلح وعقد معاهدة لم يرض نادر بها فخلع الشاه ، وأقام ابنه الشاه عباس الثالث وعمره بضعة أشهر نصبه مكان والده فصار وكيله (وصيا عليه).

٤ ـ الدولة الافشارية :

قام نادر خان أيام الشاه طهماسب ، واسمه ندر قولي أو (نادر علي) ابن إمام قلي من التركمان المعروفين ب (أفشار). قبيلة تركمانية قديمة قضى على غوائل عديدة انتابت ايران واكتسب نفوذا عظيما ، وأحبه الايرانيون. ولد سنة ١١٠٠ ه‍ في أبيورد من خراسان ، وشهد اضطراب ايران ومر ذكر حوادثه.

وفي ٢٤ شوال سنة ١١٤٨ ه‍ (١) أعلن سلطنته في صحراء مغان

__________________

(١) تاريخ ايران ص ٧٣.

٣٥٢

فقضى على دولة الصفويين .. ثم نفره الايرانيون لقيامه بالتساهل الديني ، واستخدامه جيوشا من أقوام مختلفة. وفي جمادى الآخرة سنة ١١٤٩ ه‍ عقدت معاهدة مع العثمانيين على أساس معاهدة السلطان مراد الرابع. ثم عقدت أخرى في ١٧ شعبان سنة ١١٥٩ ه‍ على الأساس المذكور (١). وفي ١١ جمادى الثانية سنة ١١٦٠ ه‍ اغتيل فاضطرب أمر ايران وعاد إلى أسوأ ما كان عليه. فتولى علي شاه بن ابراهيم ابن أخي نادر شاه ويسمى (عادل شاه) ونازعه في السلطنة شاه رخ ميرزا بن رضا قلي ميرزا بن نادر شاه واستولى سنة ١١٦١ ه‍ ولم يصف له الجو وكثرت المنازعات ودامت حتى آخر هذا العهد ...

إمارة الحويزة :

لم تهدأ هذه الإمارة من الاتصال بالعراق. استولت أحيانا على البصرة وذكرت حوادثها. وأمراؤها في هذا العهد المولى منصور استمر إلى سنة ١٠٥٣ ه‍ ثم المولى بركة دام إلى سنة ١٠٦٠ ه‍ ، ثم المولى علي ابن خلف المطلب وتوفي سنة ١٠٨٨ ه‍. وبعده المولى حيدر ابن سابقه. وتوفي سنة ١٠٩٢ ه‍ ثم صار أخوه المولى حيدر ، فالمولى فرج الله ومرت حوادثه في العراق ، وكان النزاع بينه وبين هبة الله ، وفي سنة ١١١٢ ه‍ صار المولى علي ثم عاد فرج الله ، وبعده ولي السيد عبد الله سنة ١١١٤ ه‍. ثم صار السيد علي سنة ١١٢٧ ه‍ ثم المولى محمد بن عبد الله سنة ١١٣٢ ه‍. وفي أيام الافغان صار المولى عبد الله بن هبة الله سنة ١١٣٥ ه‍. ثم عرفنا المولى مطلب ابن المولى محمد قبيل وفاة نادر شاه واستمر حتى انتهى هذا العهد (٢).

__________________

(١) نص هذه المعاهدات في كتاب (معاهدات مجموعة سي) ج ٢ ص ٢١٥ و٣١٩.

(٢) كتاب (مشعشعيان) وفيه نصوص في غلوهم من عقائد وأدعية. وبانصد ساله در خوزستان ودوحة الوزراء وحديقة الزوراء. وقويم الفرج بعد الشدة.

٣٥٣

الثقافة

الحروب والاضطرابات لم تدع مجالا للتوسع الثقافي. فالمؤسسات القديمة كادت تندثر ، فأعيد بعضها ، وأسس القليل. وهذه أصل الثقافة. كانت المخرج الوحيد للعلماء والأدباء والموظفين والتجار وسائر الصنوف. والعناية بها كبيرة جدا. ولا يخلو العهد من الاتصال بعلماء الاقطار.

وكان التوسع في التركية والفارسية بالغا حده إلا أنه لم يمنع المدارس العربية أن تقوم بمهمتها. والعلاقة مشهودة. وهذه الثقافات لا تستغني عن المدارس العربية بوجه. وفي اتصالها لم تنقطع الثقافة بل زادت وربحت كثيرا. غذتها المدارس الجديدة ، والمدارس التي أعيد احياؤها مجددا ، فأضيفت إلى ما كان موجودا عامرا من هذه المعاهد.

هذا ، والتكايا قامت بخدمات ثقافية لا تنكر لا سيما في القراءات وفي تعليم صنعة الخط ، وتعليم بعض المطالب الدينية. ومن أهم العوامل الفعالة ظهور (الطباعة) في عاصمة الدولة وتأثيرها على العراق في تسهيل المعرفة.

وإذا كان محل تكون الثقافة ونموها المدارس والجوامع والتكايا ، فلا ريب أنها يغلب عليها (كتب الجادة) وقل من مال من العلماء إلى ما هو أوسع للإنتاج الجديد. ولا تزال بقية منهم تلمّ الشعث في وقت كادت الحروب والفتن تقضي على الإنتاج في مختلف العصور.

والتوسع في التركية والفارسية لم يمنع من المدارس ولا أخل بها بل كان طريق العناية وسبب الاتصال المكين بها. تكلمنا خلال الوقائع عن بعض الادباء ، وعن وفيات بعض العلماء.

وبين علمائنا المدرسون ، والوعاظ ، وبينهم من مالوا إلى التأليف والإنتاج العلمي. والتراث القديم خير مغذّ. ولا يسع احصاء المدرسين

٣٥٤

إلا أن أهل التأليف قليلون وأشهر من عرف من الأسرات والأفراد في العلم :

(١) آل الغرابي : وأصل هذا البيت عبد الله المعروف بالغراب. من العلماء وأبناؤه محمود ، وأحمد وحسين وغيرهم من هذه الأسرة. وهم رجال علم وأدب. وبينهم من خدم اللغة التركية وله مؤلفات فيها. ولا تزال بقاياهم في بغداد.

(٢) آل نظمي البغدادي : بيت أدب وعلم. منهم نظمي أصل الأسرة. له ديوان تركي ، ومرتضى آل نظمي مؤرخ العراق وصاحب المؤلفات ، وحسين آل نظمي اللغوي العالم في التركية والعربية. وله (لغة وصاف) ، و(ترجمته). تكلمت عليهم في تاريخ الأدب التركي في العراق. ومنهم المرحوم طاهر چلبي آل محمد سليم الراضي وأولاده.

(٣) الشهابي : له في التاريخ (منظومة آل أفراسياب) ومؤلفات أخرى.

(٤) الكعبي : صاحب (زاد المسافر).

(٥) مدلج مفتي بغداد : وآل مدلج بيت علم معروف. ويسمون (المفاتي). وإلى أمد قريب منا كانت بقاياهم ، فانقرضوا بعد احتلال بغداد ببضع سنوات. ومنهم الشيخ طاهر بن مدلج مفتي بغداد. كانوا يسكنون محلة المفاتي. وهي (محلة السنك).

(٦) الشيخ داود : من العلماء. ولم يكن له اتصال بالأسرة المعروفة بهذا الاسم اليوم.

(٧) تاج العارفين البغدادي.

(٨) سعد الدين البغدادي.

(٩) الياس الكردي.

٣٥٥

(١٠) الملا محمد شريف الكوراني.

(١١) إبراهيم بن حسن الكوراني المتوفى سنة ١١٠١ ه‍.

(١٢) البرزنجي (السيد محمد بن رسول). وتوفي في غرة المحرم سنة ١١٠٣ ه‍ (١)

(١٣) الشيخ خليل الخطيب المدرس في جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني. أخذ عن الشيخ عبد القادر بن يحيى البصري الشامي. وله ثبت منه يعين صلة علمائنا بالشام والحجاز عندي مخطوطة منه.

(١٤) محمد الاحسائي في بغداد.

(١٥) محمود المفتي في الموصل.

(١٦) ياسين المفتي في الموصل. ابن سابقه وأسرتهم لا تزال معروفة في الموصل.

(١٧) عبد القادر البغدادي : الأديب صاحب الخزانة.

(١٨) آل الغلامي في الموصل : أسرة علمية معروفة إلى اليوم.

(١٩) آل العمري في الموصل : اشتهر منها علماء كثيرون.

(٢٠) آل السويدي : يأتي الكلام عليهم في المجلد السادس.

(٢١) سلطان الجبوري : أخذ عن الشيخ خليل الخطيب البغدادي.

(٢٢) آل الربتكي : منهم عبد الله رأس الأسرة. وهو المشهور بفتواه في اليزيدية. وابنه عبد الغفور المدرس. كلهم في الموصل. وعبد الغفور أجيز من سلطان الجبوري وله ثبت يعين صلات علمائنا به كما أنه أخذ عن والده. عندي مخطوطته.

__________________

(١) الكاكائية في التاريخ ص ٧٥.

٣٥٦

(٢٣) آل باش أعيان البيت العباسي. بينهم علماء كثيرون. وهم في البصرة.

(٢٤) السيد عبد الله أمين الفتوى.

(٢٥) ياسين المفتي من آل نظمي.

(٢٦) آل الطريحي في النجف. ولا تزال بقاياهم.

(٢٧) السيد نصر الله من أهل كربلاء. وأسرتهم لا تزال معروفة.

(٢٨) الحللية. مفاتي البصرة. وهم جماعة توالوا.

(٢٩) الشيخ أحمد بن علي القباني البصري. وله كتاب (فصل الخطاب) في الرد على الوهابية سنة ١١٥٥ ه‍. عندي مخطوطة منه. وهو أول رد عليهم.

(٣٠) آل الفخري في الموصل. ولا يزالون إلى اليوم.

والأدب العربي أصله المدرسة أيضا. ظهر أدباء كثيرون ، وبدت آثارهم العديدة كما أن الأدب استفاد كثيرا من مخلفات اسلافه. وكثرتها جعلتها بمأمن من عوادي الزمن لم تقض عليها كلها. فلا تزال بقاياها منتشرة في الخزائن العامة ولدى البيوت والأشخاص من أهل العلم والأدب.

ويهمنا أصحاب الآثار الأدبية أو الإنتاج الأدبي. ولكل خدمته في المجالس الأدبية ، وفي التدريس ، أو في ضروب المعرفة الأدبية. ويهمنا أرباب الشهرة الأدبية. ولا ننس أن العلماء والأدباء في هذا العهد لم يفرق بينهما وكثير من علمائنا أدباء ، فلم يتخلص فريق منهم إلى الآداب وحدها.

وأشهر من عرف بالأدب والشعر :

٣٥٧

(١) عبد القادر البغدادي.

(٢) الطريحي ـ وأبوه الشهاب الموسوي.

(٣) معتوق الشهابي.

(٤) بشارة. صاحب نشوة السلافة.

(٥) السيد نصر الله الحائري. وله ديوان شعر.

(٦) آل السويدي. داموا إلى العهد التالي.

(٧) محمود الغرابي.

(٨) السيد حسين بن مير رشيد. وله ديوان.

وآخرون عديدون. والظاهرة الأدبية في هذا العهد (البنود العراقية). وتعد تجددا في الأدب ، ولم تتكامل إلا في العهود التالية. وكتبنا في (تاريخ الأدب العربي) ، وفي (تاريخ الأدب التركي) ، وكذا في (تاريخ الأدب الفارسي) توضح الاتجاه الأدبي وتعين المصادر بتفصيل.

المؤرخون

ظاهرة أخرى هي التاريخ. نهض مؤرخون عديدون للتدوين عن أحوال القطر ، نخص بالذكر منهم (آل الغرابي) ، و(مرتضى آل نظمي) ، و(الشهابي) ، و(يوسف عزيز المولوي) ، وآل (السويدي) و(نشاطي) ... وكل هؤلاء كشفوا عن تاريخ القطر ، وأزالوا الغموض عن الكثير من مبهمات حوادثه. وفي (التعريف بالمؤرخين) ما يوضح عنهم.

الطباعة

متجددات العصر لم تقف عند الإنتاج الجديد في الآداب والعلوم. وإنما يعد من أجل ذلك (صنعة الطباعة). ولم يعرف أثرها في حين ظهورها سوى أن فائدتها بقيت محصورة فيما طبعته وتعد اليوم من أكبر

٣٥٨

الوسائل لتمكين المعرفة. فكانت أول عمل من نوعه. ومثلها صنعة (الورق) ولكنها لم تنجح ، فهما متلازمان. ولا تدرك قيمتهما إلا بالرجوع إلى ما عانته البشرية في بث ثقافتها أو تثبيتها وما اتخذته من طرق النشر للعلوم والآداب وفي تسهيل الأخذ بها.

وأول مطبعة تكونت في استنبول (مطبعة إبراهيم متفرقة). وما يقال من أن هناك مطابع سبقتها فهذه على فرض تحقق وجودها لم ينتفع منها للمصلحة العامة ، ولا للثقافة الشاملة ، ولا كان لها التأثير في تكوين الطباعة.

وهذه المطبعة قامت بطبع (كتب اللغة) و(التاريخ). ومن أهم ما طبع فيها من نتاج العراق كتاب (گلشن خلفا) في تاريخ بغداد من أول بنائها سنة ١٤٥ ه‍ إلى سنة ١١٣٠ ه‍. و(تاريخ تيمور لنك). والاثنان من تأليف مرتضى آل نظمي. وطبع فيها ترجمة (صحاح الجوهري) المعروف ب (وآن قولي). و(فرهنك شعوري) في اللغة الفارسية وهو من أجل الآثار. و(تواريخ الدولة العثمانية) لمؤرخين رسميين وكل هذه لها علاقة بوقائع العراق ، وتهم في المعرفة. أوضحت ذلك في (تاريخ الطباعة والمطبوعات) وفي (تاريخ الأدب التركي في العراق).

وكل ما أقوله هنا إن الطباعة سهلت نشر العلوم والآداب. وفي هذا تقوية للثقافة. والظاهرة الأخيرة فيها أنها صارت تطبع الآثار النفيسة المفيدة لثقافة الأمة. ولا تكون الكتب السخيفة موضوع البحث إلا من ناحية ضررها.

والحاصل أن الثقافة تمكنت منا. ولا تزال بعض وثائقها منتشرة أو موجودة بين ظهرانينا. كشفت عن غوامض علمية وأدبية وتاريخية. ولعل في الحوادث المارة ، ما يعين الحالة الأدبية. ولا تزال تحتاج إلى اثارة.

٣٥٩

خاتمة

توضحت حالة الثقافة ، والحوادث السياسية. وكانت جاءتنا مبتورة. ولعل قرب العهد منا أدى إلى التوسع ولا شك أن الوقعة المفصلة ، والحالة المبسوطة تبصر أكثر. ولما تزايدت رأينا لمّها ، والأخذ بأطرافها. فكنا نخشى أن يمل الموضوع ولا نزال في كثير من أوضاعنا نحتاج إلى ما يجلو الغامض ، أو يدعو لإثارة المجهول.

لم نضيع الفرصة ، ولم ندع التتبع ولا الإثارة أو تدوين ما نعثر عليه. والعمل الفردي مقرون بالنقص دائما ، وعمل الجماعات بطيء.قدمنا ما تمكنا ، ولم نترك إلا ما نغتنم الفرصة في أمل تدوينه ولعل الأيام تكشف عن جديد.

وهذا والأمراض الطارئة على الإدارة تعد من أكبر أسباب الانحلال في الشؤون الداخلية والخارجية. فالحكومة متأثرة بما يجري في عاصمة السلطنة أو هي إدارة مصغرة من تشكيلاتها ، ونفسيات أمرائها كما أنها ذات صلة مكينة بنا وبمجتمعنا وثقافتنا.

وفي أيام حسن باشا وابنه استقرت الأحوال نوعا ، وكأن الإدارة في أيامهما بعيدة كل البعد عن أصل الدولة. وفي أيام الوزراء التالين عادت الحالة إلى ما كانت عليه وزيادة إلا أن مدة هذا الانحلال لم تطل فتكونت (ادارة المماليك) مما نراه في بحث تال.

٣٦٠