غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٦

الميرزا أبو القاسم القمّي

غنائم الأيّام في مسائل الحلال والحرام - ج ٦

المؤلف:

الميرزا أبو القاسم القمّي


المحقق: مكتب الإعلام الإسلامي ، فرع خراسان
الموضوع : الفقه
الناشر: مركز النشر التابع لمكتب الاعلام الاسلامي
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: ١
ISBN: 964-424-679-9
الصفحات: ٤١٢

يريد قضاء تلك الأيّام يسقط عنه خطاب عموم الصيام في سائر الأيّام.

الثالث : يجوز تأخيرها اختياراً من الصيف إلى الشتاء ويكون بذلك مؤدّياً للسنّة ؛ لأخبار كثيرة ، منها : ما رواه في الفقيه في الصحيح ، عن الحسن بن محبوب ، عن الحسن بن أبي حمزة قال ، قلت لأبي جعفر أو لأبي عبد الله» : صوم ثلاثة أيّام في الشهر أُؤخّره في الصيف إلى الشتاء ، فإنّي أجده أهون عليّ ، قال : «نعم ، فاحفظها» (١).

وما رواه الكليني في الحسن لإبراهيم بن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن الحسن ابن راشد ، قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام أو لأبي الحسن عليه‌السلام : الرجل يتعمّد الشهر في الأيّام القصار يصوم لسنة ، قال : «لا بأس» (٢).

الرابع : من عجز عنها يستحب له أن يتصدّق عن كلّ يوم بدرهم ، أو بمد من الطعام لما رواه الصدوق في الصحيح ، عن العيص بن القاسم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عمّن لم يصُم الثلاثة من كلّ شهر ، وهو يشتد عليه الصيام ، هل فيه فداء؟ فقال : «مُد من الطعام في كلّ يوم» (٣).

وفي الصحيح عن ابن مسكان ، عن إبراهيم بن المثنّى ، قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّي قد اشتدّ عليّ صوم ثلاثة أيّام في كلّ شهر ، فما يجزي عنّي أن أتصدّق مكان كلّ يوم بدرهم؟ فقال : «صدقة درهم أفضل من صيام يوم» (٤).

والكليني ، عن عقبة قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك إنّي قد كبرت وضعفت عن الصيام ، فكيف أصنع بهذه الثلاثة الأيّام في كلّ شهر؟ فقال : «يا عقبة ، تصدّق بدرهم عن كلّ يوم» قال ، قلت : درهم واحد؟! قال : «لعلّها كثرت عندك ،

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٥١ ح ٢١٩ ، الوسائل ٧ : ٣١٤ أبواب الصوم المندوب ب ٩ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ١٤٥ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٣١٤ أبواب الصوم المندوب ب ٩ ح ٢.

(٣) الكافي ٤ : ١٤٤ ح ٤ ، الوسائل ٧ : ٣١٧ أبواب الصوم المندوب ب ١١ ح ١.

(٤) الفقيه ٢ : ٥٠ ح ٢١٨ ، الوسائل ٧ : ٣١٨ أبواب الصوم المندوب ب ١١ ح ٥.

٦١

وأنت تستقل الدرهم» قال ، قلت : إنّ نعم الله عزوجل عليّ لسابغة ، فقال : «يا عقبة ؛ لإطعام مسلم خير من صيام شهر» (١) إلى غير ذلك من الأخبار (٢).

الثالث : صوم أيّام البيض وهي : الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، من كلّ شهر ، وعن المنتهي والتذكرة : أنّه إجماعي العلماء (٣).

ولم نقِف على رواية في كُتب الأصحاب إلا على رواية الزهري عن علي بن الحسين» ، فإنّه جعله من الصوم الذي صاحبه بالخيار ، إن شاء صام ، وإن شاء أفطر (٤).

وما رواه الصدوق في العلل بإسناده ، عن زر بن حبيش ، عن ابن مسعود ، قال : سألت ابن مسعود عن أيّام البيض ما سببها ، وكيف سُمّيت؟ قال : سمعت النبي يقول : «إنّ آدم عليه‌السلام لما عصى ربه عزوجل ناداه مُنادٍ من لدُن العرش : يا آدم ، أُخرج من جواري ، فإنّه لا يجاورني أحد عصاني ، فبكى آدم وبكت الملائكة ، فبعث الله عزوجل إليه جبرئيل ، فأهبطه إلى الأرض مسوداً ، فلما رأته الملائكة ضجّت وبكت وانتحبت ، وقالت : يا رب ، خلقاً خلقته ، ونفخت فيه من روحك ، وأسجدت ملائكتك ؛ بذنب واحد حوّلت بياضه سواداً ، فنادى مُنادٍ من السماء : أن صُم لربك اليوم ، فصام ، فوافق يوم ثالث عشر من الشهر ، فذهب ثلث السواد ، ثمّ نودي يوم الرابع عشر : أن صُم لربك اليوم ، فصام ، فذهب ثلثا السواد ، ثم نودي في يوم خمسة عشر بالصيام ، فأصبح وقد ذهب السواد كلّه ، فسُمّيت أيّام البيض ؛ للّذي ردّ الله عزوجل فيه على آدم من بياضه ، ثمّ نادى مُنادٍ من السماء : يا آدم ، هذه الثلاثة الأيّام جعلتها لك ولولدك ، من صامها في كلّ شهر فكأنّما صام الدهر» (٥).

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٤٤ ح ٧ ، التهذيب ٤ : ٣١٣ ح ٩٤٨ ، الوسائل ٧ : ٣١٨ أبواب الصوم المندوب ب ١١ ح ٤.

(٢) الوسائل ٧ : ٣١٧ أبواب الصوم المندوب ب ١١.

(٣) المنتهي ٢ : ٦٠٩ ، التذكرة ٦ : ١٩٠.

(٤) الفقيه ٢ : ٤٨ ح ٢٠٨ ، الوسائل ٧ : ٢٧٦ أبواب الصوم المندوب ب ٥ ح ١.

(٥) علل الشرائع : ٣٧٩ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٣١٩ أبواب الصوم المندوب ب ١٢ ح ١.

٦٢

قال الصدوق : هذا الخبر صحيح ، ولكن الله تبارك وتعالى فوّض إلى نبيّه محمّدُ أمر دينه ، فقال (ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) (١) ، فسنّ رسول اللهُ مكان أيّام البيض خميساً في أول الشهر ، وأربعاءً في وسط الشهر ، وخميساً في آخر الشهر ، وذلك صوم السنة ، من صامها كمن صام الدهر ؛ لقول الله عزوجل (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (٢).

وإنّما ذكرتُ الحديث ؛ لما فيه من ذكرَ العلّة ، وليعلم السبب في ذلك ؛ لأنّ الناس أكثرهم يقولون : أيّام البيض إنّما سُمّيت بيضاً ؛ لأنّ لياليها مُقمرة من أوّلها إلى آخرها (٣) ، انتهى.

وأنت خبير بأنّ الرواية الأُولى ليست بمصرّحة بالاستحباب ، وكأنّه إشارة فيها إلى عدم التأكّد ، كما ذكره في الدروس موافقاً للشيخ في النهاية (٤) ، فإنّه عدّد الأيّام المستحبة ، ثمّ ذكر الأيّام المخيّر فيها وعدّها منها.

وأُورد عليه : بأنّ الرواية ليس فيها ذكر الصوم المستحب أصلاً ، حتى يكون جعل ذلك من المخير فيه شاهداً على عدم التأكّد ، بل إنّما ذكر الصوم الواجب والحرام والمخيّر فيه ، فلا دلالة فيها على عدم التأكّد.

أقول : والإنصاف أنّ الرواية لا تخلو عن إشعار بذلك ؛ إذ قد عدّ من جملة الصيام المخيّر فيه : صوم الاثنين ، وصوم يوم العاشوراء ، أو صوم ستة أيّام من شوال بعد العيد في كلّ منهما شي‌ء ، وكذلك صوم الجمعة والخميس ، ولعلّه ناظر إلى ما ورد من منع صوم كلّ منهما منفرداً (٥) وإن كان مهجوراً عند الأصحاب.

وقيل : إنّه من الأحاديث الموضوعة ، وكذلك أيّام البيض بالنظر إلى رواية

__________________

(١) الحشر : ٧.

(٢) الأنعام : ١٦٠.

(٣) العلل : ٣٧٩.

(٤) الدروس ١ : ٢٨١ ، النهاية : ١٤٨.

(٥) الوسائل ٧ : ٢٧٦ أبواب الصوم المندوب ب ٥.

٦٣

ابن مسعود ، مع مُلاحظة ما ذكره الصدوق ، ويُستشم من الرواية رائحة التقية ، ولذلك لم يذكر فيها استحباب صوم مثل يوم الغدير ونيروز ونحوهما ، وكذلك سائر الصيام المستحب عند الأصحاب.

وأما رواية ابن مسعود فقد عرفت ما ذكره الصدوق من حكاية النسخ ، وربما يُشعر به بعض الروايات المتقدّمة في صيام ثلاثة أيّام في كلّ شهر أيضاً.

ولذلك قال ابن أبي عقيل : فأما السنّة من الصيام فصوم شعبان ، وصيام البيض ، وهي ثلاثة أيّام في كلّ شهر متفرقة : أربعاء بين خميسين ، الخميس الأوّل من العشر الأول ، والأربعاء الأخر من العشر الأوسط ، وخميس من العشر الأخير (١).

فالعُمدة في المسألة : هي الشهرة بين الأصحاب ، والإجماع المنقول ، وكيف كان فالعمل على الاستحباب.

فائدة :

المشهور في عبارات الأصحاب استحباب صوم أيّام البيض بإضافة الأيّام إلى البيض ، وقالوا : إنّه بحذف الموصوف ، تقديره : أيّام الليالي البيض ؛ لاشتهار الليالي الثلاثة بتسميتها بالبيض عند العرب ، لكونها مقمرة من المغرب إلى طلوع الفجر غالباً (٢).

وقد عرفتَ وجه التسمية من حيث النصّ ، وتخطئة الصدوق أكثر الناس في التسمية ، وعليه فإضافة الأيّام لا تحتاج إلى تقدير الموصوف ، بأن تكون الإضافة بيانية بعزل الوصفية عن البيض ، وجعله بمنزلة الاسم ، ويشعر به قوله عليه‌السلام في رواية الزهري : «وصوم البيض» (٣) وحينئذٍ فنسبة البياض إلى الأيّام مجازية ، فيكون

__________________

(١) نقله عنه في المختلف ٣ : ٥١٢.

(٢) التذكرة ٦ : ١٩٠ ، الحدائق ١٣ : ٣٦١.

(٣) الفقيه ٢ : ٤٨ ح ٢٠٨ ، الوسائل ٧ : ٢٧٦ أبواب الصوم المندوب ب ٥ ح ١.

٦٤

يوم أبيض بمنزلة نهاره صائم لأجل بياض أعضاء آدم فيها.

ويمكن تقدير المضاف أيضاً بأن يقال : تقديره أيّام الأعضاء البيض ، أو أيّام الليالي البيض ، باعتبار أنّ بياض آدم حصل في الليالي عند إتمام الصوم.

فما وقع في بعض العبارات من توصيف الأيّام بالبيض ليس على ما ينبغي ، أما على طريقة العرب وأهل اللغة في التسمية فظاهر.

وأما على ما في النصّ ، فلما فيه من الإضافة ، وهو شاهد على كونه اسماً للأيّام على هذا الوجه ، فلا يجوز تغييره إلا مع عدم إرادة الاسم.

الرابع : يستحب صوم يوم مَولد النبي ، ويوم مَبعثه ، ويوم الغدير ، ويوم دَحو الأرض.

أما الأوّل : فالمشهور أنّه سابع عشر ربيع الأوّل (١).

وقال الكليني : ولِدَ النبي لاثنتي عشرة ليلة مضت من شهر ربيع الأوّل في عام الفيل يوم الجمعة مع الزوال ، قال : وروى أيضاً عند طلوع الفجر (٢) ، وهو المشهور عند العامة (٣) ، وعن الشهيد الثاني رحمه‌الله في حاشية القواعد أنّه قال : ولعلّه أثبت ؛ (٤).

ويدلّ على الأوّل : ما رواه الشيخ ، عن إسحاق بن عبد الله العلوي العريضي ، قال : دخل في صدري ما الأيّام التي تُصام؟ فقصدت مولانا أبا الحسن عليّ بن محمّد الهادي عليه‌السلام ، وهو بِصريا ، ولم أبدُ ذلك لأحدٍ من خلق الله ، فدخلت عليه ، فلما بصرني قال : «جئت تسألني عن الأيّام التي يُصام فيهن ، وهي أربعة : أوّلهن

__________________

(١) إعلام الورى بأعلام الهدى : ١٣ ، بحار الأنوار ١٥ : ٢٤٨ ، الدرر النجفيّة : ٦٧.

(٢) الكافي ١ : ٤٣٩.

(٣) انظر سيرة ابن هشام ١ : ١٦٧ ، وسيرة ابن كثير ١ : ١٩٩.

(٤) نسبه إليه سبطه في المدارك ٦ : ٣٦٤.

٦٥

يوم السابع والعشرين من رجب ، يوم بعث الله تعالى محمداً إلى خلقه رحمة للعالمين ، ويوم مولده ، وهو اليوم السابع عشر من ربيع الأوّل ، ويوم الخامس والعشرين من ذي القعدة فيه دُحيت الكعبة ، ويوم الغدير فيه أقام رسول اللهُ أخاه علياً علَمَاً للناس ، وإماماً من بعده» قلت : صدقت ، جعلت فداك لذلك قصدت ، أشهد أنّك حجّة الله على خلقه (١).

والرواية ضعيفة (٢) ، ولكن الشهرة تجبرها.

ولم نقف لقول الكليني على الرواية ، لكن ظاهر كلامه وجود الرواية الظاهرة ، بحيث لم يحتج عنده إلى ذكرها ، ولعلّه لذلك جعله الشهيد الثاني أثبت ؛ لضعف هذه الرواية ، ولكن العمل على المشهور.

وأما الثاني : فهو السابع والعشرون من رجب ، وتدلّ عليه الرواية المتقدّمة ، وما رواه الكليني والشيخ ، عن الحسن بن راشد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، قلت له : جعلت فداك ، للمسلمين عيد غير العيدين؟ قال : «نعم يا حسن ، أعظمهما وأشرفهما» ، قال : قلت : وأيّ يوم هو؟ قال : «يوم نُصب أمير المؤمنين عليه‌السلام فيه علماً للناس» ، فقلت : جعلت فداك ، فما ينبغي لنا أن نصنع فيه؟ قال : «تصومه يا حسن ، وتكثر فيه الصلاة على محمد وآله ، وتبرأ إلى الله عزوجل ممن ظلمهم ، فإنّ الأنبياء كانت تأمر الأوصياء باليوم الذي يُقام فيه الوصي أن يتخذ عيداً» قال ، قلت : فما لمن صامه؟ قال : «صيام ستين شهراً ، ولا تدع صيام سبعة وعشرين من رجب ، فإنّه اليوم نزلت فيه النبوة على محمّدُ ، وثوابه مثل ثواب ستين شهراً لكم» (٣).

وعن سهل بن زياد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال :

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٣٠٥ ح ٩٢٢ ، الوسائل ٧ : ٣٢٤ أبواب الصوم المندوب ب ١٤ ح ٣.

(٢) وجه الضعف : اشتمال سندها على عدّة من الضعفاء والمجاهيل ، كأبي عبد الله بن عيّاش ، وأحمد بن الليث المكي ، وأبي إسحاق بن عبد الله العلوي العريضي ، انظر معجم رجال الحديث رقم ١٤٤٧٧ ، ١١٦٥١ ، ١٣٨٩١.

(٣) الكافي ٤ : ١٤٨ ح ١ ، الفقيه ٢ : ٥٤ ح ٢٤٠ ، التهذيب ٤ : ٣٠٥ ح ٩٢١ ، الوسائل ٧ : ٣٢٣ أبواب الصوم المندوب ب ١٤ ح ٢.

٦٦

«بعث الله محمَّداً رحمة للعالمين في سبعة وعشرين من رجب ، فمن صام ذلك اليوم كتب الله عزوجل له صيام ستين شهراً ، وفي خمسة وعشرين من ذي القعدة وضع الله البيت ، وهو أوّل رحمة وضعت على وجه الأرض ، فجعله الله عزوجل مثابة للناس وأمناً ، فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهراً ، وفي أول يوم من ذي الحجة ولد إبراهيم خليل الله عليه‌السلام ، فمن صام ذلك اليوم كتب الله له صيام ستين شهراً» (١).

وأما الثالث : وهو الثامن عشر من ذي الحجة ، وتدلّ عليه روايتا الحسن بن راشد وإسحاق بن عبد الله المتقدّمتان.

وقال في المسالك : روي أنّ صومه يعدل العبادة من أوّل الدنيا إلى تقضيها (٢).

وروى العلامة المجلسي رحمه‌الله عن الصادق عليه‌السلام : «أنّ صومه يعدل صوم عمر الدنيا ، يعني لو عمّر أحد بقدر تمام الدنيا ، وصام فيها ، عدل صوم هذا اليوم ثواب ذلك ، وصومه يعدل مائة حجّ ومائة عمرة» (٣).

وروى أيضاً ، عن فياض بن محمّد بسند معتبر ، عن الرضا عليه‌السلام أيضاً رواية طويلة في فضائل اليوم ، ومنها : «أنّ صومه يعدل ثواب مَن عبد الله من أوّل الدنيا إلى آخرها ، بأن يصوم في أيّامها ، ويعبد الله في لياليها» (٤) ، والأخبار في فضائل هذا اليوم ، وعِظم بركاته ، وفضيلة عباداته ، وسيّما التصدّق فيه أكثر من أن تحصى ، وأظهر من أن تخفى (٥).

ويستحبّ صوم أوّل ذي الحجّة ، وهو مولد الخليل ؛ لمرسلة سهل بن زياد

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٤٩ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ٣٠٤ ح ٩١٩ الوسائل ٧ : ٣٣٠ أبواب الصوم المندوب ب ١٥ ح ٥ ، وب ١٨ ح ١.

(٢) المسالك ٢ : ٧٧ ، وانظر مصباح المتهجّد : ٦٩٦ ، ٧٠٢ ، والتهذيب ٣ : ١٤٣ ح ٣١٧ ، والوسائل ٧ : ٣٢٦ أبواب الصوم المندوب ب ١٤ ح ١١.

(٣) البحار ٩٥ : ٣٢١.

(٤) البحار ٩٥ : ٣٢١.

(٥) انظر الوسائل ٧ : ٣٢٣ أبواب الصوم المندوب ب ١٤ ، والبحار ٩٤ : ١١٠ ، وج ٩٥ : ٣٢١.

٦٧

المتقدّمة (١) ومرسلة الصدوق الاتية (٢).

ولكن في حسنة الوشاء الاتية : «أنّ الخامس والعشرين من ذي القعدة هو مولد إبراهيم عليه‌السلام» (٣).

قيل : ويمكن أن يكون المراد منه ابن رسول اللهُ (٤).

وكذا يستحبّ صوم باقي أيّام العشر عدا العيد ؛ لمرسلة الصدوق الاتية.

وأما الرابع : وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة ، فيدلّ عليه ما تقدّم من الأخبار ، وما رواه الكليني ، عن محمد بن عبد الله بن الصيقل قال : خرج علينا أبو الحسن يعني الرضا عليه‌السلام بمرو ، في يوم خمسة وعشرين من ذي القعدة ، فقال : «صوموا ، فإنّي أصبحت صائماً» قلنا : جعلنا فداك ، أيّ يوم هو؟ قال : «يوم نُشرت فيه الرحمة ، ودُحيت فيه الأرض ، ونُصبت فيه الكعبة ، وهبط فيه آدم عليه‌السلام» (٥).

وما رواه الصدوق في الصحيح ، عن الحسن بن عليّ الوشاء ، قال : كنت مع أبي وأنا غلام ، فتعشّينا عند الرضا عليه‌السلام ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة ، فقال له : «ليلة خمسة وعشرين من ذي القعدة ولد فيها إبراهيم عليه‌السلام ، وولد فيها عيسى بن مريم عليه‌السلام ، وفيها دحيت الأرض من تحت الكعبة ، فمن صام ذلك اليوم ، كمن صام ستين شهراً» (٦).

والمراد من دحو الأرض : بسطها.

وقال الصدوق : وروى أنّ في تسع وعشرين من ذي القعدة أنزل الله عزوجل الكعبة ، وهي أوّل رحمة نزلت ، فمن صام ذلك اليوم كان كفّارة سبعين سنة (٧).

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٤٩ ح ٢ ، التهذيب ٤ : ٣٠٤ ح ٩١٩ ، الوسائل ٧ : ٣٣٠ أبواب الصوم المندوب ب ١٥ ح ٥.

(٢) الفقيه ٢ : ٥٢ ح ٢٣٠ ، الوسائل ٧ : ٣٣٤ أبواب الصوم المندوب ب ١٨ ح ٣.

(٣) الفقيه ٢ : ٥٤ ح ٢٣٨ ، ثواب الأعمال : ١٠٤ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٣٣١ أبواب الصوم المندوب ب ١٦ ح ١.

(٤) مشارق الشموس : ٤٥١.

(٥) الكافي ٤ : ١٤٩ ح ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٠٤ ح ٩٢٠ ، الوسائل ٧ : ٣٣٢ أبواب الصوم المندوب ب ١٦ ح ٥.

(٦) تقدّم في هامش ٣.

(٧) الفقيه ٢ : ٥٤ ح ٢٣٩ ، الوسائل ٧ : ٣٣٣ أبواب الصوم المندوب ب ١٧ ح ١.

٦٨

قيل : والمراد بالكعبة في هذه الرواية ، الدرّة أو الياقوتة التي كانت هناك قبل الطوفان ، كما ورد في الأخبار (١) ، ويفهم منها أنّها الكعبة ، فلا تنافي بينهما ؛ لأنّ دحو القطعة من الأرض التي تحتها في يوم لا ينافي نزول تلك الدرة أو الجوهرة فيما بعده أو ما قبله ، وكذلك يمكن دفع الإشكال في التنافي بين ما دلّ على أنّ في ذلك اليوم دحيت الكعبة ، وما دلّ على أنّ فيه دحيت الأرض من تحتها ؛ إذ المراد بالكعبة هو موضعها.

نعم هنا إشكال آخر ، أورده الشهيد الثاني في فوائد القواعد ، وحاصله : أنّ مقتضى الروايات عد الشهور قبل الدحو ، فإنّ فيها أنّ الدحو في الخامس والعشرين ، وهو يقتضي تقدّم الأزمنة والأيّام والشهور على خلق الأرض ، ومن المعلوم أنّ الله تعالى خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيّام ، وأنّ المراد من اليوم دوران الشمس في فلكها دورة واحدة ، وهو يقتضي خلق السماوات قبل ذلك ، فلا يتمّ عدّ الأشهر في تلك المدّة (٢).

وأُجيب عنه : بأنّ القرآن ناطق بتأخّر الدحو عن خلق السموات والأرض ، والليل والنهار ، حيث قال عزوجل (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها) (٣) وعلى هذا فيمكن تحقّق الأهلّة وعدّ الأيّام قبل ذلك (٤).

الخامس : يستحب صوم يوم عرفة وعن المنتهي والتذكرة أنّه اتفاق العلماء (٥) ؛ ، وذكروا له شرطين :

__________________

(١) البحار ٢ : ٨٦ ، وج ٥٥ : ٥٧ ، وج ٩٩ : ٥٨.

(٢) نقله عنه سبطه في المدارك ٦ : ٢٦٥.

(٣) النازعات : ٢٧.

(٤) المدارك ٦ : ٢٦٦.

(٥) المنتهي ٢ : ٦٠٩ ، التذكرة ٦ : ١٩٢.

٦٩

أحدهما : أن لا يكون مُضعفاً عن الدعاء الذي هو عازم عليه في الكمية والكيفية ؛ لأنّ الجوع والعطش لا ينافيان الخشوع الذي هو روح العبادة ، سواء كان ناسكاً أو لا ؛ خلافاً لبعض العامة ، حيث أطلق الكراهة للحاج (١).

ويستفاد من ذلك : أنّ دعاء هذا اليوم أفضل من الصوم.

وثانيهما : تحقّق الهلال عنده ، فلو احتمل كون اليوم عيداً في نفس الأمر ؛ لاحتمال كون الهلال من الماضية ، فلا يستحب ؛ تحرزاً عمّا هو حرام بالذات.

وأما الأخبار الواردة فيه ، فأما في أصل الاستحباب فموثّقة عبد الرحمن ابن أبي عبد الله ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : «صوم يوم عرفة يعدل السنة» وقال : «لم يصُمه الحسن ، وصامه الحسين»» ، ورواها الشيخ (٢).

وروى الصدوق مرسلاً ، عن موسى بن جعفر عليه‌السلام ، قال : «من صام أوّل يوم من ذي الحجّة ، كتب الله له صوم ثمانين شهراً ؛ فإن صام التسع ، كتب الله عزوجل له صوم الدهر» ، قال ، وقال الصادق عليه‌السلام : «صوم يوم التروية كفّارة سنة ، ويوم عرفة كفّارة سنتين» ، ثمّ قال : وروى أنّ في أوّل يوم من ذي الحجة ولد إبراهيم خليل الرحمن عليه‌السلام ، فمن صام ذلك اليوم كان كفّارة ستّين سنة ، وفي تسع من ذي الحجة أُنزلت توبة داود عليه‌السلام ، فمن صام ذلك اليوم ، كان كفّارة تسعين سنة» (٣).

وروى الكليني في الصحيح ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما» : سئل عن صوم عرفة ، فقال : «أنا أصوم اليوم ، وهو يوم دعاء ومسألة» (٤).

وروى الشيخ في الصحيح ، عن سليمان الجعفري ، قال : سمعت أبا الحسن عليه‌السلام يقول : «كان أبي يصوم عرفة في اليوم الحارّ في الموقف ، ويأمر بظلّ مرتفع فيضرب له ،

__________________

(١) المجموع ٦ : ٣٨٠ ، المغني ٣ : ١١٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠١ ، وانظر التذكرة ٦ : ١٩٢.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٩٨ ح ٩٠٠ ، الاستبصار ٢ : ١٣٣ ح ٤٣٢ ، الوسائل ٧ : ٣٤٤ أبواب الصوم المندوب ب ٢٣ ح ٥.

(٣) الفقيه ٢ : ٥٢ ح ٢٣٠ ـ ٢٣٢ ، الوسائل ٧ : ٣٣٤ أبواب الصوم المندوب ب ١٨ ح ٣ ـ ٥.

(٤) الكافي ٤ : ١٤٥ ح ١ ، الوسائل ٧ : ٣٤٣ أبواب الصوم المندوب ب ٢٣ ح ١.

٧٠

فيغتسل مما يبلغ منه الحر» (١) ، ولا يبعد حملها على التقية ، نظراً إلى عدم جواز الصوم في السفر.

وهناك أخبار دالة على المنع ، مثل ما رواه الكليني في الموثق ، عن محمّد ابن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : «إنّ رسول اللهُ لم يصم يوم عرفة منذُ نزل صيام شهر رمضان» (٢).

ورواه الشيخ أيضاً في الموثّق ، عن محمّد بن قيس ، عنه عليه‌السلام (٣).

وعن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، وأبي عبد الله عليه‌السلام ، قالا : «لا تصُم في يوم عاشوراء ، ولا عرفة بمكة ، ولا في المدينة ، ولا في وطنك ، ولا في مصر من الأمصار» (٤).

ووجه الجمع بينهما : حمل الأخبار المرغّبة على من لا يضعفه الصوم عن الدعاء وتحقّق عنده الهلال ، والمانعة على خلافها.

ويدلّ على التفصيل المذكور : ما رواه الشيخ في الموثق بأبان بن عثمان ، عن محمّد ابن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن صوم يوم عرفة ، قال : «من قوي عليه فحسن ، إن لم يمنعك من الدعاء ، فإنّه يوم دعاء ومسألة ، فصمه ، وإن خشيت أن تضعف عن ذلك ، فلا تصمه» (٥).

وفي الموثّق عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : سألته عن صوم يوم عرفة ، فقلت : جعلت فداك ، إنّهم يزعمون أنّه يعدل صوم سنة ، قال : «كان أبي لا يصومه» ، قلت : ولم ذاك؟ قال : «إنّ يوم عرفة يوم دعاء ومسألة ، وأتخوّف أن يضعفني عن الدعاء ، وأكره أن أصوم ، وأتخوف أن يكون يوم عرفة يوم أضحى ،

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٩٨ ح ٩٠١ ، الاستبصار ٢ : ١٣٣ ح ٤٣٣ ، الوسائل ٧ : ٣٤٣ أبواب الصوم المندوب ب ٢٣ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ١٤٦ ح ٢ ، الوسائل ٧ : ٣٤٣ أبواب الصوم المندوب ب ٢٣ ح ٢.

(٣) التهذيب ٤ : ٢٩٨ ح ٩٠٢ ، الاستبصار ٢ : ١٣٣ ح ٤٣٤ ، الوسائل ٧ : ٣٤٤ أبواب الصوم المندوب ب ٢٣ ح ٧.

(٤) الكافي ٤ : ١٤٦ ح ٣ ، التهذيب ٤ : ٣٠٠ ح ٩٠٩ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٤٠ ، الوسائل ٧ : ٣٤١ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ٦.

(٥) التهذيب ٤ : ٢٩٩ ح ٩٠٤ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٣٦ ، الوسائل ٧ : ٣٤٣ أبواب الصوم المندوب ب ٢٣ ح ٤.

٧١

فليس بيوم صوم» (١).

ورواه الصدوق في الفقيه وقال ، قال مصنف هذا الكتاب : إنّ العامة غير موفقين لفطر ولا أضحى ، وإنّما كره عليه‌السلام صوم عرفة لأنّه كان يوم العيد في أكثر السنين ، وتصديق ذلك ، ما قاله الصادق عليه‌السلام : «لما قتل الحسين بن عليّ عليه‌السلام ، أمر الله عزوجل ملكاً ، فنادى : أيتها الأُمة الظالمة القاتلة عترة نبيّها ، لا وفّقكم الله تعالى لصوم ولا فطر» وفي حديث آخر : «لا وفقكم الله لفطر ولا أضحى» (٢) انتهى.

أقول : الظاهر أنّ المراد أنّ الاشتباه الحاصل غالباً في ذلك من جهة حرمانهم ، لا أنّه معلوم أنّه عيد ولكنه عرفة عندهم ، ولذلك نُهي عنه.

وهناك روايات أُخر مُشعرة بما تقدّم من الجمع ، ومنزّلة عليه ، تركناها دوماً للاختصار ، ومن جملتها رواية رواها الصدوق يفسّر ترك الحسن عليه‌السلام الصوم دون الحسين ، وفيها أنّ الراوي قال : إنّي رأيت الحسن عليه‌السلام ، غير صائم ، والحسين عليه‌السلام صائماً ، ثم رأيت الحسين عليه‌السلام غير صائم بعد وفات الحسن عليه‌السلام ، وسألته عن ذلك فقال : «إنّ الحسن عليه‌السلام كان إماماً فلم يصم لئلا يتأسى به الناس ، ويتّخذ صومه سنة ، فلما صرت إماماً بعده تركته لأجل ذلك» (٣).

ومن جميع ذلك يظهر وجه ما ورد من الأخبار من أنّ صومه مخيّر فيه ، ويتضح وجه ما قدّمنا أنّه دال على عدم تأكّده ، ولعلّه بالنظر إلى جعله سنة وطريقة مستمرة ؛ لكثرة حصول الغفلة لأكثر صلحاء العوام عن الحكمة في الشرطين المتقدّمين ، ويحرمون عن الفضيلة العظمى ، أو يقعون في المنقصة الكبرى ، فإنّهم إذا علموا أنّ الإمام يفطر فيه يحصل لهم التفطن ، فالاستحباب المقطوع به الثابت إنّما هو للعارف المتقن الضابط للشرطين في غير الإمام ؛ لئلا يغفل العوام بمتابعة الظاهر.

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٥٣ ح ٢٣٥ ، التهذيب ٤ : ٢٩٩ ج ٩٠٣ ، الاستبصار ٢ : ١٣٣ ح ٤٣٥ ، الوسائل ٧ : ٣٤٤ أبواب الصوم المندوب ب ٢٣ ح ٦.

(٢) الفقيه ٢ : ٥٤ ح ٢٣٦ ، ٢٣٧.

(٣) الفقيه ٢ : ٥٢.

٧٢

السادس : لا إشكال في أنّ صوم عاشوراء من جهة اليُمن والتبرّك به حرام ، بل قد ينتهي إلى الكفر ، والأخبار مستفيضة بأنّ من فعله كذلك فهو في مسلك آل زياد (١).

وكذلك لا إشكال في استحباب الإمساك عن الأكل والشرب حُزناً على مُصاب آلِ محمّد صلوات الله عليهم أجمعين.

إنّما الإشكال في استحباب الصوم لا بقصد التيمّن أو عدمه ، بل المستحب الإمساك إلى العصر ، ثمّ الإفطار بشربةٍ من ماء.

فالذي يظهر من المحقّق في الشرائع : هو استحباب الصوم الواقعي على سبيل الحزن (٢) ، كما فهمه صاحب المدارك (٣) ، لا كما فهمه جده ، حيث فسّر كلامه بالإمساك إلى العصر ، وجعله عبادة مغايرة للصوم محتاجة إلى النية (٤).

وهو موافق لما اختاره الشيخ في الجمع بين الأخبار (٥) موافقاً لشيخه المفيد (٦) ، ويوضّحه كلامه في المعتبر ، حيث ذكر أقسام الصوم المستحب ، إلى أن قال : ويستحب صوم عرفة لمن لم يضعفه الصوم عن الدعاء مع تحقق الهلال ، ثمّ قال : وصوم عاشوراء حُزناً لا تبرّكاً (٧) ، واستدلّ على الأول برواية مسعدة بن صدقة (٨) ، وعلى الثاني برواية جعفر بن عيسى (٩). وهو الظاهر من القواعد والتحرير (١٠).

__________________

(١) الوسائل ٧ : ٣٣٩ أبواب الصوم المندوب ب ٢١.

(٢) الشرائع ١ : ١٨٩.

(٣) المدارك ٦ : ٢٦٨.

(٤) المسالك ٢ : ٧٨.

(٥) الاستبصار ٢ : ١٣٥.

(٦) المقنعة : ٣٧٨.

(٧) المعتبر ٢ : ٧٠٩.

(٨) التهذيب ٤ : ٢٩٩ ح ٩٠٥ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٣٧ ، الوسائل ٧ : ٣٣٧ أبواب الصوم المندوب ب ٢٠ ح ٢ ، عن عليّ عليه‌السلام : صوموا العاشوراء والعاشر والتاسع فإنّه يكفّر الذنوب.

(٩) الكافي ٤ : ١٤٦ ح ٥ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ ح ٩١١ ، الاستبصار ٢ : ١٣٥ ح ٤٤٢ ، الوسائل ٧ : ٣٤٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ٣ ، عن الرضا عليه‌السلام : من صامه أو تبرّك به لقي الله تبارك وتعالى ممسوخ القلب.

(١٠) القواعد ١ : ٣٨٤ ، التحرير ١ : ٧٥.

٧٣

وربّما يدّعى أنّه لا خلاف فيه ، بل ادّعى ابن زهرة الإجماع عليه (١) ، ولعلّ ذلك بالنظر إلى ظاهر فتواهم باستحباب صومه حُزناً على مُصاب آلِ محمّدُ.

وهو مشكل ؛ إذ قد عرفت الإشكال في أنّ المراد من هذه العبادة هل هو الصوم الواقعي أو الإمساك إلى العصر.

والذي يظهر من التذكرة العدم ؛ فإنّه بعد ما أفتى باستحباب صومه حزناً لا تبرّكاً ، وذكر الأدلّة قال : إذا عرفت هذا فاعلم أنّه ينبغي أن لا يتمّ صوم ذلك اليوم ، بل يفطر بعد العصر ؛ لما روي عن الصادق عليه‌السلام : «إنّ صومه متروك بنزول شهر رمضان ، والمتروك بدعة» (٢) و (٣).

وكذا يظهر من الدروس والمسالك ، فإنّهم استحبوا الإمساك إلى العصر (٤) ، وهو الظاهر من اللمعة ، حيث لم يذكره في المستحبات من الصوم (٥).

ولا يبعد ترجيح تركه وإن لم يكن على وجه التبرّك ؛ لكثرة الأخبار المانعة على الإطلاق في غاية التأكيد (٦) ، والخوف من التشبّه بالأدعياء ، وحصول الغفلة عن قصد التحرّز ، نظير ما ذكرنا في صوم عرفة.

والأخبار الواردة فيه منها ما يدلّ على الاستحباب مطلقاً ، ومنها ما يدلّ على المنع مطلقاً.

فمما يدلّ على الاستحباب ، ما رواه الشيخ ، عن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : «إنّ علياً عليه‌السلام قال : صوموا العاشوراء التاسع والعاشر ، فإنّه يكفّر

__________________

(١) الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧٣.

(٢) الكافي ٤ : ١٤٦ ح ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ ح ٩١٠ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٤١ ، الوسائل ٧ : ٣٤٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ٥.

(٣) التذكرة ٦ : ١٩٣.

(٤) الدروس ١ : ٢٨٦ ، المسالك ٢ : ٧٨.

(٥) انظر اللمعة (الروضة البهيّة) ٢ : ١٣٤.

(٦) الوسائل ٧ : ٣٣٩ أبواب الصوم المندوب ب ٢١.

٧٤

ذنوب سنة» (١).

وفي الموثّق عن أبي همام ، عن أبي الحسن عليه‌السلام ، قال : «صام رسول اللهُ يوم عاشوراء» (٢).

وعن عبد الله بن ميمون القداح ، عن جعفر ، عن أبيه» ، قال : «صيام يوم عاشوراء كفّارة سنة» (٣).

وعن كثير النواء ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : «لزقت السفينة يوم عاشوراء على الجودي ، فأمر نوح عليه‌السلام من معه من الجن والإنس أن يصوموا ذلك اليوم».

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «أتدرون ما هذا اليوم؟ هذا اليوم الذي تابَ الله عزوجل فيه على آدم عليه‌السلام وحواء ، وهذا اليوم الذي فلق الله فيه البحر لبني إسرائيل ، فأغرق فرعون ومن معه ، وهذا اليوم الذي غلب فيه موسى فرعون ، وهذا اليوم الذي ولد فيه إبراهيم عليه‌السلام ، وهذا اليوم الذي تابَ الله فيه على قوم يونس ، وهذا اليوم الذي ولد فيه عيسى بن مريم ، وهذا اليوم الذي يقوم فيه القائم عليه‌السلام» (٤).

وعن حفص بن غياث ، عن جعفر بن محمّد عليه‌السلام ، قال : «كان رسول اللهُ كثيراً ما يتفل في يوم عاشوراء في أفواه أطفال المراضع من ولد فاطمة من ريقه ، ويقول : لا تطعموهم شيئاً إلى اللّيل ، وكانوا يروون من ريق رسول اللهُ» قال : «وكانت الوحش تصوم عاشوراء على عهد داود عليه‌السلام» (٥).

ومما يدلّ على المنع : رواية زرارة المتقدّمة في صوم عرفة (٦).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٢٩٩ ح ٩٠٥ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٣٧ ، الوسائل ٧ : ٣٣٧ أبواب الصوم المندوب ب ٢٠ ح ٢.

(٢) التهذيب ٤ : ٢٩٩ ح ٩٠٦ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٣٨ ، الوسائل ٧ : ٣٣٧ أبواب الصوم المندوب ب ٢٠ ح ١.

(٣) التهذيب ٤ : ٣٠٠ ح ٩٠٧ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٣٩ ، الوسائل ٧ : ٣٣٧ أبواب الصوم المندوب ب ٢٠ ح ٣.

(٤) التهذيب ٤ : ٣٠٠ ح ٩٠٨ ، الوسائل ٧ : ٣٣٨ أبواب الصوم المندوب ب ٢٠ ح ٥.

(٥) التهذيب ٤ : ٣٣٣ ح ١٠٤٥ ، الوسائل ٧ : ٣٣٧ أبواب الصوم المندوب ب ٢٠ ح ٤.

(٦) الكافي ٤ : ١٤٦ ح ٣ ، التهذيب ٤ : ٣٠٠ ح ٩٠٩ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٤٠ ، الوسائل ٧ : ٣٤١ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ٦.

٧٥

وما رواه الكليني ، عن جعفر بن عيسى ، أخي محمّد بن عيسى بن عبيد ، قال : سألت الرضا عليه‌السلام عن صوم يوم عاشوراء ، وما يقول الناس فيه ، فقال : «عن صوم ابن مرجانة تسألني ، ذلك يوم صامه الأدعياء من آل زياد لقتل الحسين عليه‌السلام ، وهو يوم يتشأم به آل محمّد ، ويتشاءم به أهل الإسلام ، واليوم الذي يتشأم به أهل الإسلام لا يصام ولا يتبرّك به ، ويوم الاثنين يوم نحس قبض الله فيه نبيّه ، وما أُصيب آلُ محمّد إلا في يوم الاثنين ، فتشأمنا به ، وتبرّك به عدوّنا ، ويوم عاشوراء قتل فيه الحسين عليه‌السلام ، وتبرّك به ابن مرجانة ، وتشأم به آل محمد ، فمن صامهما ، أو تبرّك بهما ، لقي الله تبارك وتعالى ممسوخ القلب ، وكان محشره مع الذين سنّوا صومهما والتبرّك بهما» (١).

وعن زيد النرسي ، قال : سمعت عبيد بن زرارة يسأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن صوم يوم عاشوراء فقال : «من صامه كان حظّه من صيام ذلك اليوم حظّ ابن مرجانة وآل زياد» قال : قلت : وما كان حظهم من ذلك اليوم؟ قال : «النار أعاذنا الله من النار ، ومن عمل يقرّب إلى النار» (٢) إلى غير ذلك من الأخبار (٣).

ويمكن الجواب عن الأخبار الأوّلة بحملها على التقية ، ومسعدة بن صدقة عامي أو تبريّ (٤) ، وكذا كثير النوّاء (٥).

وروى الكشي عن أبي بكر الحضرمي قال ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «اللهم إنّي إليك من كثير النواء بري‌ء في الدنيا والآخرة» (٦).

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٤٦ ح ٥ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ ح ٩١١ ، الاستبصار ٢ : ١٣٥ ح ٤٤٢ ، الوسائل ٧ : ٣٤٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ١٤٧ ح ٦ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ ح ٩١٢ ، الاستبصار ٢ : ١٣٥ ح ٤٤٣ ، الوسائل ٧ : ٣٤٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ٤.

(٣) الوسائل ٧ : ٣٣٩ أبواب الصوم المندوب ب ٢١.

(٤) انظر معجم رجال الحديث الرقم : ١٢٢٧٦.

(٥) انظر معجم رجال الحديث الرقم : ٩٧١٣.

(٦) رجال الكشي ٢ : ٥٠٩.

٧٦

مع أنّ روايته من حيث المضمون مُخالفة لسائر الأخبار في ولادة عيسى ، فقد مرّ أنّها أوّل ذي الحجة ، وتوبة قوم يونس ، فقد ورد أنّها كانت في شوال ، وتوبة آدم ، فقد ورد أنّها كانت في يوم الغدير ، وغير ذلك.

وأما ذكر قيام القائم ، فلعلّه من جهة تخليطه حتى لا يكذب في سائر ما ذكر.

وأما حكاية صوم رسول اللهُ ، فيمكن دفعه باحتمال نسخه ، كما تدلّ عليه روايات ، منها ما رواه الصدوق ، قال : سأل محمّد بن مسلم وزرارة أبا جعفر الباقر عليه‌السلام عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال : «كان صومه قبل شهر رمضان ، فلمّا نزل شهر رمضان ترك» (١) وسنده إلى زرارة صحيح.

وما رواه الكليني والشيخ ، عن نجية بن الحارث العطار ، قال : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن صوم عاشوراء؟ فقال : «صوم متروك بنزول شهر رمضان ، والمتروك بدعة» قال نجية : فسألت أبا عبد الله عليه‌السلام من بعد أبيه عليه‌السلام عن ذلك؟ فأجابني بمثل جواب أبيه : قال : «أما إنّه صوم يوم ما نزل به كتاب ، ولا جَرَت به سنّة ، إلا سنّة آلِ زياد ؛ لقتل الحسين بن علي عليه‌السلام» (٢).

وأما ما يدلّ على الإمساك حُزناً إلى العصر ، فهو ما رواه الشيخ في المصباح ، عن عبد الله بن سنان والظاهر أنّه صحيح قال : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام في يوم عاشوراء فلقيته كاشف اللون ظاهر الحزن ، ودموعه تنحدر من عينيه كأمثال اللؤلؤ المتساقط ، فقلت : يا ابن رسول الله ممّ بكاؤك؟ لا أبكى الله تعالى عينيك ، فقال : «أوَفي غفلة أنت؟! أما علمت أنّ الحسين أُصيب في مثل هذا اليوم؟!» فقلت : يا سيدي ، فما قولك في صومه؟ فقال : «صمه من غير تبييت ، وأفطره من غير تشميت ، ولا تجعله يوم صوم كملاً ، وليكن إفطارك بعد العصر بساعة على شربة من ماء ؛ فإنّه في ذلك الوقت

__________________

(١) الفقيه ٢ : ٥١ ح ٢٢٤ ، الوسائل ٧ : ٣٣٩ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ١.

(٢) الكافي ٤ : ١٤٦ ح ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ ح ٩١٠ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ ح ٤٤١ ، الوسائل ٧ : ٣٤٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ٥.

٧٧

من ذلك اليوم تجلّت الهيجاء عن آل رسول اللهُ ، وانكشفت الملحمة عنهم» (١).

قال في المسالك : وينبغي أن يكون الإمساك المذكور بالنية ؛ لأنّه عبادة (٢) ، وهو كما ذكره.

تنبيهات :

الأوّل : المعروف من المذهب أنّ عاشوراء هو اليوم العاشر من المحرم لأنّه يوم قتل الحسين عليه‌السلام ، ولا خلاف أنّه كان في عاشر محرّم.

وعن المنتهي : أنّ المروي عن ابن عباس أنّه تاسعه ، وليس بمعتمد (٣).

الثاني : أنّ الظاهر من الأخبار أنّه كان واجباً قبل نزول شهر رمضان ثم تُرك.

الثالث : أنّه إذا وجب صومه بسبب كقضاء رمضان ، سيّما إذا تضيّق وقته ، فلا كراهة بل قد يحرم تركه ، وكذلك النذر المطلق ، والنذر المعيّن من غير جهة أنّه عاشوراء ، كنذر الخميس إذا وقع فيه ، وأما النذر المعين من جهته فهو موقوف على رجحانه.

ويُشكل فيما لو نذر صوم محرم بتمامه ، غفلة عن حال يوم العاشوراء ، والظاهر انعقاد النذر ووجوب الإتيان به ؛ إذ ليس ذلك نذراً لخصوصية اليوم حتى يكون مرجوحاً ، بل لأنّه يوم من أيّام الله.

ولازم ذلك : أنّه إذا تفحّص الإنسان حاله ، وجزم بأنّ التبرّك والتيمّن ليس في نظره أصلاً ، ولا يختلج بخاطره قطعاً ، وصام من حيث إنّه يوم من أيّام السنة ، لأمن حيث إنّه هذا اليوم الخاص ، فلا يكون صومه مرجوحاً بالنسبة إلى إفطاره.

فالذي هو محرم هو صومه بقصد التيمّن ، والذي هو مندوب صومه من جهة أنّه يوم من أيّام الله تعالى ، ومن حيث إنّه صوم ، أو من حيث إنّه هذا اليوم بقصد التحزّن

__________________

(١) مصباح المتهجّد : ٧٢٤ ، الوسائل ٧ : ٣٣٨ أبواب الصوم المندوب ب ٢٠ ح ٧.

(٢) المسالك ٢ : ٧٨.

(٣) المنتهي ٢ : ٦١١.

٧٨

وترك اللذة فيه.

والذي هو مكروه صومه لأنّه عاشوراء ، لا لأجل التبرّك والتيمّن ، ولا لأجل التحزن ؛ لأنّه تشبه بالأدعياء وأعداء آل محمد.

ويبقى الإشكال في ترجيح الصوم الشرعي على وجه التحزن ، أو الإمساك إلى العصر ، والظاهر أنّ كليهما مرضيان ، لكن الثاني أرجح ، ولذلك لم يذكر الكليني في جوازه رواية أصلاً ، واقتصر على اختيار المنع (١) ، وكذلك كثير من الفقهاء (٢) ، ومع ذلك فلم يظهر قول بالحرمة من أحدنا إلا على وجه التيمّن والتبرّك باليوم ، كما يتيمّن به الأعداء.

تنبيه :

قد عرفت أنّ رواية جعفر بن عيسى تدلّ على المنع عن صوم يوم الاثنين (٣) ، ويظهر من العلامة المجلسي رحمه‌الله أنّ به روايات (٤) ، وقد مرّت رواية محمّد بن مروان المشعرة بنسخة (٥) ، كما هو مذهب ابن الجنيد (٦).

وأفتى العلامة في التذكرة باستحبابه (٧) ، واستدلّ عليه برواية عامية تدلّ على أنّ فيه وفي يوم الخميس ترفع أعمال العباد (٨) ، وبرواية الزهري (٩) ، وقد عرفت أنّها

__________________

(١) انظر الكافي ٤ : ١٤٥ باب صوم عرفة وعاشوراء.

(٢) انظر الحدائق ١٣ : ٣٧٥ ، والوافي ١١١ : ٧٦.

(٣) الكافي ٤ : ١٤٦ ح ٥ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ ح ٩١١ ، الاستبصار ٢ : ١٣٥ ح ٤٤٢ ، الوسائل ٧ : ٣٤٠ أبواب الصوم المندوب ب ٢١ ح ٣.

(٤) البحار ٥ : ٣٢٩ ح ٢٩ ، وج ٩٦ : ٢٦٢ ح ٢.

(٥) الكافي ٤ : ٩٠ ح ٣ ، الفقيه ٢ : ٤٨ ح ٢٠٩ ، الوسائل ٧ : ٣٠٥ أبواب الصوم المندوب ب ٧ ح ٥.

(٦) نقله عنه في المختلف ٣ : ٥٠٥.

(٧) التذكرة ٦ : ١٩٩.

(٨) سنن أبي داود ٢ : ٣٢٥ ح ٢٤٣٦ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٩٣ ، وانظر البحار ٥ : ٣٢٩ ج ٢٨ ـ ٣٠.

(٩) الكافي ٤ : ٨٣ ح ١ ، الفقيه ٢ : ٤٦ ح ٢٠٨ ، التهذيب ٤ : ٢٩٤ ح ٨٩٥ ، الوسائل ٧ : ٣٠٠ أبواب الصوم المندوب

٧٩

ليست بصريحة في الاستحباب ، بل جُعل فيها من الصيام المخيّر فيه.

وفي المختلف منع قول ابن الجنيد بنسخة ، ثم قال : نعم إن صحّت رواية جعفر بن عيسى كان صوم الاثنين مكروهاً ، وإلا فلا (١).

أقول : ولعلّ الأرجح تركه ، ويؤيده أنّه يوم قتل الحسين عليه‌السلام على المشهور.

السابع : يستحب صوم يوم المباهلة.

قال في التذكرة : وهو الرابع والعشرون من ذي الحجّة ، أمر الله تعالى رسوله بأن يباهل بأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين «نصارى نجران ، وفيه تصدّق أمير المؤمنين بخاتمه في ركوعه ، ونزلت فيه الآية ، وهو قوله تعالى (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ) (٢) لأنّه يوم شريف أظهر الله تعالى فيه نبينا على خصومه ، وحصل فيه التنبيه على قرب أمير المؤمنين عليه‌السلام من ربّه ، واختصاصه ، وعظم منزلته ، وثبوت ولايته ، واستجابة دعائه ، وذلك نعمة عظيمة تستحب مقابلتها بالشكر بالصوم (٣) ، انتهى.

ونقل عن الشيخ أنّه قال : يوم المباهلة الخامس والعشرون من ذي الحجة ، وروى أنّه يوم الرابع والعشرون ، وهو الأظهر ، وقيل : إنّه السابع والعشرون ، وقيل : إنّه الحادي والعشرون ، والأشهر الأظهر الأوّل (٤).

وكيف كان فلم نقف على رواية تدلّ على استحباب صومه ، وفتوى الفقهاء مع العلّة التي ذكرها في التذكرة والمنتهى (٥) كافية فيه.

__________________

ب ٥ ح ١ عن السجاد عليه‌السلام : الصوم الذي يكون صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة والخميس والاثنين وصوم البيض ، إن شاء صام وإن شاء أفطر.

(١) المختلف ٣ : ٥٠٦.

(٢) المائدة : ٥٥.

(٣) التذكرة ٦ : ١٩٤ ، وانظر مصباح المتهجّد : ٧٠٤.

(٤) حكاه في المسالك ٢ : ٧٨ ، وقال في المستند ١٠ : ٤٨٥ وقائله غير معروف فتأمّل.

(٥) التذكرة ٦ : ١٩٤ ، المنتهي ٢ : ٦١١.

٨٠