أقول : لا يخفى عليك أنّه قد يورد عليه : بأنّ ما استظهره أوّلا لإيجاب الحكم بعده بأنّ المسألة ذات وجهين لو علم كيفيّة العمل.
ولكنّك خبير بأنّ هذا الإيراد في غير محلّه ؛ لأنّ استظهار أحد الوجهين في المسألة لا ينافي الحكم بثبوت الوجهين لها ، وإنّما المنافي له استشكاله وعدم ٣ / ٢٠٠ ترجيحه لأحد الطّرفين بعد ترجيحه له ، والأمر ليس كذلك فيما ذكره كما لا يخفى.
ثمّ إنّ ما استظهره ( دام ظلّه ) الظّاهر أنّه في كمال الاستقامة لعدم إطلاق للأخبار الواردة في الباب بالنّسبة إلى الفرض بحيث يطمئنّ به النّفس وتركن إليه ، وإن كان بعضها ظاهرا في النّظرة الأولى في الإطلاق ، مضافا إلى ما ذكره ( دام ظلّه ) : من تقدّم قضيّة التّعليل على قضيّة المعلول ؛ حيث إنّ المعلول عموما وخصوصا تابع بحكم العرف لعموم العلّة وخصوصها كما هو ظاهر لمن له أدنى
__________________
وإن أراد بيان المراد من الشّكّ الواقع في كلمات الأصحاب عند تعرضّهم لهذا الأصل فقد أشرنا إلى أنّ كلماتهم في مجاري هذا الأصل كأغلب الأخبار ظاهرها إرادة الإطلاق فليتأمّل » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ٤٦٧ ـ ٤٦٩.
* وقال المحقق شيخ الكفاية الخراساني قدسسره :
« لا يخفى انّ مقتضى الإطلاق أن يكون المراد من الشّك مطلقا ، لا خصوص ما كان بسبب الغفلة عن صورة العمل ، والظّاهر أنّ المراد بقوله « حين يتوضّأ ... إلى آخره » هو أنّه حين الاشتغال غالبا يكون اذكر فالعلة لعدم الالتفات بالشّكّ دائما هو الأذكريّة غالبا لا أنّه حينه يكون أذكر فعلا وإلّا فالتحقيق أن يقال : « إذا كان حين يتوضّأ ... إلى آخره » كما لا يخفى على المتأمّل.
ثمّ لا يخفى عدم المناسبة بين استظهاره خصوص الشّكّ الطّاري ، وترديده بين الالتفات إلى الشكّ وعدم الالتفات إذا لم يكن الطّاري ، فتدبّر جيّدا » إنتهى. أنظر درر الفوائد : ٤٠٣.