أقول : قد يورد عليه : بأنّ طريق الجزم بنبوّة الأنبياء السّابقة لا يكون منحصرا في أخبار النّبيّ ونصّ القرآن ، بل يمكن الجزم بها من تواتر نقل دعوى نبوّته مع اقترانها بإظهار المعجزة.
ولكن يمكن أن يقال : بعدم اجتماع شروط التّواتر في جميع الطّبقات ، فلا
__________________
كسائر المتواترات من قصص القرون الخالية والأمم الماضية ، معلوم ثبوتها بالأخبار والتظافر وليست بأقلّ من شجاعة رستم وجود حاتم وعدالة أنو شيروان وسلطنة الأكاسرة والقياصرة وأمثالها من معلوماتنا المتواترة ».
وعلّق عليه مقرّر بحثه الشيخ محمد ابراهيم اليزدي قائلا :
« الإنصاف أنّ نبوّة الأنبياء السلف غير معلومة لنا من غير جهة إخبار نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن كان وجودهم ودعواهم النبوّة معلوما بالتواتر ، وذلك لأن العلم بنبوّتهم موقوف على العلم بجريان المعجزات على أيديهم وأشياء آخر غير ذلك ونحن لم نعلم بهذه الجملة من غير جهة إخبار نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ٣ / ٣١٠.
* وقال المحقق الأصولي الشيخ هادي الطهراني قدس سره :
« وفيه : ان انحصار ثبوت نبوّة عيسى في التلقّي من دين الإسلام إنّما يمنع من ركون المسلمين على استصحاب عدم نسخها والإلتزام بها وهذا لا ينافي ما هو مقصود الكتابي وهو الإفحام في مقام المناظرة ؛ فإن ثبوت حقيّة دين عيسى عليهالسلام عند المسلمين واعترافهم بها يكفي في مقام مطالبة الكتابي الدليل على النّسخ ، وكون علمهم ناشيا عن القرآن لا ينافي الالتزام بل هذا في الحقيقة إفحام المدّعي النبوّة وصاحب الشريعة لو لم تكن عنده الآيات والبيّنات الواردة على الاستصحاب ؛ ضرورة ان مدّعي النّبوّة إذا كان مرجع دعواه إلى دعوى نسخ ما يعترف بثبوته يمكن بالإستصحاب في مقام المناظرة إلى أن يأتي بالبيّنة ، ثم إن معارضة قول النّصارى بقول اليهود لا معنى لها ، والمنع من أصل النبوّة ـ مع انّه لا سبيل إليه ـ لا يتوقّف على الإستناد إلى قول اليهود » إنتهى. أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٢٩٠.