صوم الشّهر (١) ـ وإن كان خلاف الإجماع ـ كان المتعيّن حينئذ الرّجوع إلى قاعدة الاشتغال والحكم بوجوب صوم يوم الشّك ، وإن قلنا بالبراءة في الشّك في الجزئيّة في الشّبهة الحكميّة ؛ لأنّ المفروض من الشّبهة الموضوعيّة كما هو ظاهر ، وهذا ليس من الاستصحاب في شيء ، فيتعيّن حينئذ أن يكون المراد هو عدم جواز رفع اليد عن اليقين باشتغال الذّمّة بالشّك في البراءة ، بل يلزم تحصيل القطع به. وأين هذا من استصحاب الشّغل؟ وممّا ذكرنا كلّه يظهر : تطرّق المناقشة إلى استصحاب الجواز فيما تردّد بين شعبان ورمضان.
ثمّ إنّ ما ذكره الأستاذ العلّامة هنا ينافي ما ذكره في طيّ الاستدلال بالرّواية عند التّكلّم في الأخبار ، فإنّه جعلها هناك من أدلّة المختار بتقريب : كون المراد منها هو استصحاب الاشتغال لا قاعدته ، وهذا كما ترى ينافي ما ذكره في المقام. وإن أردت الوقوف على تفصيل الكلام في الرّواية فارجع إلى ما ذكره ( دام ظلّه ) وذكرناه ثمّة (٢) ، هذا مجمل القول في حكم القسم الأوّل.
وأمّا الكلام في القسم الثّاني فمجمله : أنّ حكمه حكم القسم الأوّل بالنّظر إلى الدّقة العقليّة لجريان ما عرفت من وجه المنع فيه في هذا القسم أيضا بعينه ، وأمّا بالنّظر إلى المسامحة العرفيّة فالأمر فيه أوضح لوجودها بالنّسبة إلى أكثر أمثلته ، ولا يلزم فيه التّعويل على الأصل المثبت ولا غيره من المحاذير كما لا يخفى.
__________________
(١) أنظر رسائل المرتضى : ج ٢ / ٣٥٥ وكذا الإنتصار : ٦١ والخلاف : ج ١ / ٣٧٥ مسألة ٣ وجواهر الكلام : ج ١٦ / ٢٠٠.
(٢) فرائد الأصول : ج ٣ / ٧١ ، وانظر بحر الفوائد : ج ٣ / ٣٨.